كشفت مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة في دبي “اياست”، عن تبني المزيد من المشاريع الاستراتيجية، منها دبي سات-3 و4 و،5 بعد إنجازها للقمر الصناعي دبي سات ،2 بمشاركة 16 مهندساً إماراتياً، بالتعاون مع شركة “ساتريك إنيشيتف” في كوريا الجنوبية، والمتوقع إطلاقه منتصف العام الجاري، بالتعاون مع شركة الفضاء الدولية الروسية “كوزموتراس” . وأكد المهندس سالم حميد المري، مدير إدارة التسويق والعلاقات الدولية، مدير مشروع دبي سات 2 في مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة في دبي، أن تلك المشاريع لها أثر كبير في استقطاب العقول الإماراتية المتميزة، الحريصة على نهل العلوم، واكتساب الخبرات الضرورية، وسوف تركز المؤسسة على توطين التقنيات الفضائية وتصنيع الأقمار محلياً .
قال المري في تصريحات ل”الخليج”، إن الهدف من التقاط الصور عبر دبي سات ،2 لن يكون تجارياً، كما الأقمار الصناعية الأخرى، إنما التركيز فيها على البحث العلمي، ومساندة صناع القرار، بتزويدهم بمعلومات دقيقة من أقمارنا، تسهم في اتخاذ قرارات صائبة مبنية على معلومات صحيحة، وسوف تستخدم الصور في مجالات عدة، منها في إدارة الكوارث والأزمات، وفي تجديد الخرائط للتخطيط المدني وللجامعات والطلاب للدراسات العلمية المختلفة .
وأضاف أن دبي سات ،2 لديه القدرة على تصوير كل أجزاء الكرة الأرضية، وكل أنحاء العالم، ولكن تركيزنا في التصوير سوف يكون في الأماكن التي تدر المنفعة للإنسانية، وللدول التي نصورها، فعلى سبيل المثال قام قمرنا الأول “دبي سات 1”، الذي أطلق في 29 يوليو/تموز ،2009 بتصوير التسونامي والأزمة النووية في اليابان، وإن شاء الله لن تتغير استراتيجية المؤسسة في عملية التصوير مع إطلاق دبي سات ،2 المنبثقة من توجهات الدولة في مشاركات فعالة عالمياً ذات منفعة عامة، ونتمنى أن تكون أول صورة ملتقطة من القمر لدولة الإمارات أو لدولة عربية .
سفراء في الفضاء
“الخليج” التقت عدداً من المهندسين الموجودين في كوريا الجنوبية، خلال زيارتهم للدولة، لقضاء بعض الوقت مع ذويهم، حيث قال المهندس عامر الصايغ، مدير إدارة تطوير الأنظمة الفضائية، في مؤسسة الإمارات للعلوم التقنية المتقدمة في دبي، إنه يتولى قيادة الفريق إلى كوريا منذ 7 سنوات، الذي يبلغ عدد أفراده حتى الآن 16 مهندساً، للتأكد من استمرارية العمل ونجاحه، في بناء القمر الصناعي دبي سات ،2 حيث نتبع معايير عالمية تطبقها وكالة ناسا للفضاء في تطوير الأنظمة الفضائية، كما أن لدينا في الإدارة الكثير من المخاطر التي نواجهها، إذ نسعى للتقليل من تأثيرها أو إزالتها .
وأضاف أن عمله في كوريا يتضمن تطوير أنظمة التحكم في حركة القمر الصناعي، الذي يسمى بالملاحة الفضائية، التي هدفها المحافظة على ثبات القمر الصناعي، خلال التصوير لدرجة 009 .0 في الثانية الواحدة، أيضاً دقة التوجيه التي تصل إلى 1 .0 درجة، كذلك العمل كمهندس متخصص في تطوير الأنظمة المتكاملة، حيث يتمثل العمل في توزيع المتطلبات والتصاميم الكاملة للقمر على الأنظمة المختلفة فيه، والتنسيق بين جميع المهندسين خلال فترة التطوير وإجراء التجارب، إلى مرحلة تجميع هذه الأنظمة ودمجها لتمثل النظام الكامل للقمر الصناعي، إذ إن طبيعة هذا العمل تتطلب معرفة تامة بجميع تقنيات القمر وأنظمته المختلفة، إضافة إلى تقنيات التواصل مع المحطة الأرضية .
وذكر أن القمر الصناعي دبي سات ،2 في آخر مراحل الاختبار، حيث نسعى إلى إنهاء الاستعدادات تحضيراً لإطلاقه في موعده .
وقال الصايغ: نفخر بأن دبي سات ،2 تم تطويره بأيد وعقول إماراتية، بالتعاون مع الشركة الكورية “ساتريك إينيشتيف”، حيث إننا نعتبر أنفسنا سفراء الدولة في كوريا، كما نسعى لتحقيق رغبة الإماراتيين في التطور ومنافسة الدول العالمية، في تقنيات الأنظمة الفضائية، لتدعيم استقلالية الدولة، في اتخاذ القرارات المتعلقة بالفضاء .
وأكد أن جزءاً من مهامه في إدارة الفريق، يتمثل في عدم إطالة البُعد عن الوطن والمؤسسة والأهل، حيث يتم منح الأعضاء إجازة للزيارة تمتد من أسبوع إلى أسبوعين، حسب نظام المناوبات، لضمان الاستمرارية في العمل، كما أننا من ناحية اجتماعية، نسعى إلى تسهيل حياة أعضاء الفريق، حيث انه في حال رغبة أحدهم في الزواج، نوفر له البيئة المناسبة لإحضار زوجته إلى كوريا، إضافة إلى أننا لا نتوانى في المشاركة في الاحتفالات الوطنية، من خلال إحيائها ودعوة الكوريين إليها، لتعريفهم بالثقافة الإماراتية وتاريخها وحضارتها، كذلك نقوم بين فترة وأخرى بالترفيه عن روح الفريق، عبر التخييم أو الرحلات الاستكشافية، الأمر الذي يسهم في تنمية الهوايات لدى الأعضاء، وتعلم الاستقلال الذاتي، والتحاور والمشاركة مع مختلف الثقافات .
وأضاف أن بداية تكوين الفريق التقني بدأ ب 8 مهندسين، ثم ما لبث أن وصل إلى 16 مهندساً، حيث إننا نستقبل جميع المختصين، للمشاركة في البرنامج التدريبي لتطوير القمر الصناعي .
روح الفريق الواحد
من جانبه قال المهندس أحمد سالم بلال، رئيس شعبة الأنظمة الرقمية، والموجود في كوريا منذ 4 أعوام ونصف العام، إنه يتولى مسؤولية تطوير عقل الستالايت، أي كمبيوتر الستالايت الإلكتروني، الذي يتحكم في كل أجزاء القمر الصناعي، حيث إن هذه الوحدة الإلكترونية تتوافر في كل الأقمار الصناعية، غير انه تم وضع مواصفات خاصة لهذه الوحدة لغرض حماية بيانات القمر وزيادة قدراتها، وانه يعمل على تطوير وتصميم 4 ألواح إلكترونية للعقل الإلكتروني للقمر، كي يصبح من الأقمار المنافسة عالمياً، كما أن معظم أجهزة قمر دبي سات 2 لها أجهزتها البديلة، التي يتم تشغيلها في حالة عدم استطاعة هذه الأنظمة أداء عملها، فيتم التحول مباشرة للعمل بالجهاز البديل، إذ إن البرمجيات لدينا تراقب ذلك، لتفادي حدوث أي خلل، يؤثر في مهمة القمر الصناعي .
وذكر أن الفريق الكوري الجاري التعاون معه، تفاجأ بالمستوى العلمي المتقدم الذي يتميز به الفريق الإماراتي، كذلك اتخاذنا لطرق حماية متقدمة خلال تطويرنا للقمر الصناعي، حيث ننظر إلى الهدف الذي سنحققه ونحن في غربتنا، الذي بالتأكيد سيكون لمصلحة الوطن والقيادة الرشيدة، حيث نعمل على تسخير قدراتنا واستثمارها لإنجاز المهمة في تطوير دبي سات 2 .
وأوضح أن الفضاء يتميز بالبيئة الإشعاعية والحرارية الشديدة، الأمر الذي يتوجب منا العمل بإتقان، ضمن روح الفريق، خاصة أن المؤسسة تتقبل أي فكرة لتطوير القمر .
وأكد أن الدافع لبناء الأقمار الصناعية في مختلف البلدان، تجاري بحت، لكن لدينا في الإمارات يهدف إلى تعزيز قدرة الدولة على اتخاذ القرارات .
برمجة التحكم
أما المهندس إبراهيم عبدالله المدفع، باحث مساعد في أنظمة برمجيات القمر الصناعي، الذي يتواجد في كوريا منذ عامين ونصف العام، فأوضح أن دوره يتمثل في التحكم في القمر من خلال برمجته، حيث انه لدى إطلاق القمر إلى الفضاء، يصعب تغييره يدوياً، إلا انه ولدى البرمجيات التي يعمل على تطويرها، فإن التحكم فيه عن بُعد يكون سهلاً، كما أنه في حالة حدوث أي خلل أثناء وجود القمر بعيدا عن المحطة الأرضية، فإنه يمكن إصلاحه، من خلال البرمجيات، التي يتمثل دورها في حماية القمر والحفاظ عليه وعلى موقعه من دون أي تدخل، إضافة إلى البدء بالتصوير والانتهاء منه، عن طريق إرسال أوامر للقمر أثناء مروره فوق المحطة الأرضية، لتحديد الموقع والبدء بتشغيل الأجهزة للبدء بالتصوير .
مضاعفة سرعة التخزين 8 مرات
في حين أوضح المهندس سهيل بطي الظفري، رئيس قسم الأنظمة الإلكترونية، الذي يتواجد في كوريا منذ العام ،2006 كما انه أكمل دراسته العليا، وحصل على الماجستير في هندسة تقنيات الفضاء، إلى جانب مشاركته في البرنامج التدريبي لتطوير دبي سات ،2 أنه بدأ مهندساً في أجهزة التصوير بالقمر الصناعي دبي سات ،1 ثم العمل على تطوير جهاز التخزين ومعالجة المعلومات، الذي يتكون من 12 لوحة إلكترونية في نظام التصوير بدبي سات ،2 حيث إن سعة التخزين في دبي سات ،1 كانت تبلغ 32 غيغابات، وتم العمل على مضاعفتها 8 مرات في دبي سات ،2 لتصل إلى 256 غيغابات .
وأضاف أنه من خلال دبي سات ،2 يمكن تصوير مساحات أكثر من السابق (لأن المساحة التخزينية تضاعفت)، وسيتم التصوير على سرعة 7 كيلومترات في الثانية الواحدة، إذ يتطلب حينها معالجة الصور وتخزينها بنفس السرعة، كما أن دبي سات ،2 “سيتمكن من الدوران 14 مرة في اليوم الواحد، بسرعة 7 كيلومترات في الثانية الواحدة، حيث يمكن تصوير مساحات اكثر من السابق” .
333 صورة في 40 دقيقة
من جانبه أوضح المهندس محمد ناجي الحاي، باحث مساعد، ويعمل على تطوير 6 لوحات في أجهزة الاتصالات بالقمر الصناعي، ويتواجد في كوريا منذ عام ونصف العام، أنه يتم أخذ الصور من جهاز التخزين، ثم تحويلها إلى موجات مغناطيسية، وفيما بعد إرسالها إلى المحطة الأرضية في دبي، إلا أنه في القمر الذي نعمل على تطويره، ستكون مدة الاتصال قصيرة، الأمر الذي يعني زيادة سرعة تحميل الصور من 30-160 ميغابايت، أي مضاعفتها 5 مرات، حيث إننا نأخذ في الاعتبار خلال تطوير دبي سات ،2 عدم التداخل مع أماكن أخرى، وعدم تأثر موجاتنا بأخرى، كي لا تؤثر في جودة الصور .
وأضاف أن تصميم الجهاز سيكون غير قابل لحدوث أخطاء خلال نقل الصور من الفضاء إلى الأرض، كذلك عدم تعرضها إلى تشويش من أجهزة أخرى .
وذكر أنه يتم منح دبي سات ،1 20 دقيقة في اليوم الواحد، لتنزيل 257 صورة، بينما سيكون في مقدور دبي سات ،2 تنزيل 333 صورة خلال 40 دقيقة في اليوم الواحد .
توجيهات القيادة لإنجاز المهمة
قال المهندس عامر الصايغ، مدير إدارة تطوير الأنظمة الفضائية في مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة بدبي، إن تكلفة مشروع دبي سات ،2 لا تتجاوز 50 مليون دولار، تشمل إقامة أعضاء الفريق في كوريا، وتطوير القمر، الذي يتضمن التصميم والتصنيع والاختبارات والتأهيل ثم الإطلاق نحو الفضاء، ويمتاز دبي سات 2 عن غيره بوزنه وحجمه وقدراته في التصوير، التي تنافس الأقمار الكبيرة .
وأوضح أن العمر الافتراضي للأقمار الصناعية، حسبما هو متعارف عليه، يتراوح من 5-10 سنوات .
وأكد أن وجود المؤسسة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إنما يدل على النظرة الثاقبة من منطلق استراتيجي والمتمثل في الاقتصاد المبني على المعرفة، إلى جانب الاستثمار في المواطن، وتنمية قدراته وتطوير طاقاته، للحصول على أفضل النتائج .
وأضاف أن التواصل مع القيادة، التي نعمل بتوجيهات منها، يجري بشكل دائم، وعلى مختلف المستويات، حيث إننا نلتقي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد خلال زيارتنا دبي من فترة لأخرى، الأمر الذي يسهم في تحفيزنا على إنجاز العمل الذي نحن بصدده، كي تصبح الإمارات في مصاف الدول العالمية .
أهداف استراتيجية
قال المهندس سالم حميد المري، مدير إدارة التسويق والعلاقات الدولية، مدير مشروع دبي سات 2 في مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة في دبي، إن أهداف المؤسسة تشمل دعم صناع القرار في جميع القطاعات، والعمل على مشاريع مشتركة مع قطاعات محلية مختلفة، والمساهمة في صياغة وتفعيل القوانين محلياً، إقليمياً ودولياً في مجال الفضاء دعماً لسيادة الدولة في الشؤون الفضائية، كذلك تمكين الإماراتيين علمياً بالتقنيات الفضائية وتطبيقاتها وصقل مهاراتهم، ونشر التوعية المجتمعية وثقافة تقنيات الفضاء وتطبيقاته، وتهيئة بيئة صحية محفزة للأبحاث والمبادرات والعمل كمركز إبداعي علمي، بالإضافة إلى العمل كعضو دولي فعال ومهم ومساهم من خلال تطوير شبكة تعاون وعلاقات إقليمية ودولية لتقنيات الفضاء وتطبيقاتها، والتشغيل والاستخدام الكامل للقمر الاصطناعي دبي سات-1 ودبي سات-،2 وتوسيع نطاق الجهود المبذولة لاستخدام منتجاتها، وتأسيس البنية التحتية لتصميم وصناعة الأقمار الاصطناعية بالدولة .
خدمة الوطن تنسي الغربة
أكد المهندس سالم حميد المري، أن المؤسسة تهتم بعدم شعور المهندسين الإماراتيين في كوريا الجنوبية بالغربة، فهناك برنامج محفزات للعمل فيها، إضافة إلى أن كوريا بلد مفتوح كالإمارات، وعقليات متفتحة ويرضون بوجود الأجانب بينهم، حيث إن الشعور بمرارة الغربة لا بد منه، ولكن شبابنا يتناسونها عندما يعلمون أن الهدف الأسمى هو طلب العلم وخدمة الوطن، كما تقوم المؤسسة بمنح الذاهبين إلى كوريا الكثير من المحفزات التي من شأنها جعل البيئة مشجعة للعيش والعمل فيها، حيث تتم تغطية تكاليف السفر كاملة، مع المسكن والسيارة والدراسة، إن شاء أي منهم استكمالها هناك .
دار الخليــــج-تحقيقات-16 مهندساً إماراتياً يعمرون الفضاء بتطوير “دبي سات 2” في كوريا