تستمر ألمانيا باحتلال المركز الثالث كمورّد للأسلحة على مستوى العالم خلال الفترة الممتدة بين العامين 2008 و2012 إذ حققت 7 % من حصص السوق (9 % خلال الفترة الممتدة بين العامين 2007 و2011)، ويأتي ترتيبها هذا بعد الولايات المتحدة الأميركية التي حققت 30 % وروسيا 24 %، وهي تتخطى فرنسا التي حققت 6 %، بحسب آخر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
في المقابل يظهر "التقرير حول صادرات الأسلحة للعام 2011" والصادر عام 2012 عن برلين، أنّ صادرات نظم الأسلحة الكاملة شكلت أكثر من 1.2 مليار يورو عام 2011 مقابل 2.1 مليار يورو عام 2010، محققة تراجعاً عوّضته عمليات بيع المعدات والنظم الفرعية (القطع المنفصلة، والذخائر وأجهزة الرادار وغيرها ) مما سمح للصادرات الألمانية بتحقيق مبلغ 5.41 مليار يورو عام 2011 مقابل 4.75 مليار يورو للعام 2010، ما يعادل ضعف كمية الصادرات المسجلة منذ نهاية التسعينيات.
يشار إلى أنّ قيمة الصادرات "خارج أوروبا" تبلغ من الآن وصاعداً 42 % مقابل 29 % للعام 2010 مما يؤكد على استراتيجية برلين لتوسيع مجموعة زبائنها العالميين.
يشكل الشرق الأوسط منفذاً متزايد الأهمية للصناعيين الألمان الذين يمثلون أكثر من 14 % من صادراتهم بين العامين 2008 و2012. فقد احتلت الإمارات العربية المتحدة عام 2011 المرتبة الثالثة بين عملاء ألمانيا (بعد الولايات المتحدة وهولندا) مع بلوغ قيمة العقود الموقعة معها 357 مليون يورو، كما وقع العراق أيضاً عقوداً بقيمة 244 مليون يورو.
وبحسب مصادر ألمانية، فقد زادت قيمة الصادرات إلى دول مجلس التعاون الخليجي بين العامين 2011 و2012 ثلاثة أضعاف، فارتفعت من 570 مليون لتبلغ 1.42 مليار يورو، وهي زيادة متصلة بشكل وثيق بالمملكة العربية السعودية التي وقعت عقود بقيمة 1.24 مليار يورو عام 2012.
شملت هذه العقود بشكل خاص بيع 270 دبابة قتال ليبوبارد (Leopard 2A7+) طوّرتها شركة KMW. وبحسب بعض المصادر، فإنّه من الممكن أن يشكل هذا العقد الجزء الأول من برنامج يشمل 600 إلى 800 مدرّعة.
كما تفاوض برلين أيضاً مع الرياض لبيعها مئات مركبات القتال للمشاة بوكسر (Boxer) من KMW، المصممة للحرس الملكي السعودي. وتجري البحرية السعودية أيضاً مفاوضات مع أحواض لورسن لبناء السفن لشراء سفن دورية في إطار عقد تبلغ قيمته 1.5 مليار يورو.
أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، إلى أنّ برلين تنوي دمج مسألة صادرات الأسلحة ضمن مبدأ الأمن الألماني. وقد شرحت المستشارة أنّ المملكة العربية السعودية تعتبر شريكاً وفياً وعامل استقرار في المنطقة وفي وجه إيران
http://www.defense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.com/projects/sda/uploads/rrrrrrrr.jpg
http://www.defense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.com/projects/sda/uploads/rrrrrrrr.jpg
يعتبر هذا الرأي تغيّراً في توجّه برلين التي لطالما رفضت توقيع العقود مع الرياض، إذ تعتبر أنه من الممكن أن يشكل ذلك خطراً على إسرائيل. لا يعيد هذا الموقف الجديد طرح مسألة العلاقة المميزة مع إسرائيل، فإن برلين التي كانت قد سلمت ثلاث غواصات إلى إسرائيل، ستزود البحرية الإسرائيلية ثلاثة غواصات إضافية من فئة سوبر دولفين (Super Dolphin).
كذلك فإن الجزائر أيضاً غدت زبوناً مميزاً بالنسبة للجهات الصناعية الألمانية ، فبالإضافة إلى عقد شراء أربع سفن كورفيت من نوع MEKO A-200 بمبلغ ملياري يورو الموقع مع شركة TKMS، من الممكن أن تحصل الجزائر أيضاً على 1200 مركبة مدرّعة من طراز Fuchs 2 يتم إنتاجها بموجب ترخيص.
وهكذا، فإن ترتفع قيمة صادرات نظم الأسلحة الألمانية المتكاملة ترتفع مع توقيع هذه العقود، بحسب ما يحصل في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في العام 2012 وخلال السنوات اللاحقة. وذلك على الرغم من أن وجهات النظر التجارية تبقى متعددة.
فإن القوات البحرية المصرية سرب معلومات خلال فصل الشتاء مفادها أنها تجري مفاوضات مع شركة TKMS لشراء غواصتين من فئة Type 209. كما دخلت شركة KMW أيضاً في منافسة من خلال مركبة بوكسر (Boxer) للفوز بالعقد الإماراتي لشراء 600 مركبة مدرعة. تبلغ قيمة هذا العقد 1.5 مليار يورو، والمنافسة هي بشكل خاص بين KMW و Nexter الفرنسية مع مركبتها VBCI.
وفي إطار المنافسة المستمرة، يشتبه بعض المسؤولين الفرنسيين بأن تكون برلين حاولت مؤخراً "تخريب" عملية توقيع بعض العقود الفرنسية لتسهيل بيع النظم الألمانية.
وعليه، فقد رفضت برلين في نهاية العام 2012 السماح لشركة مرسيديس (Mercedes) بتصدير شاسيه مركبات للمجموعات الفرنسية نكستر ولور (Lohr) مما أوقف عملية تسليم 350 مركبة مدرّعة إلى الحرس الوطني السعودي.
في الواقع، تم تطوير 264 ناقلة جند مدرّعة من هذه المركبات ضمن طراز آراڤي Aravis من شركة نكستر Nexter الفرنسية و68 مركبة قتال متعددة المهام (MPCV) للدفاع الجوي مجهّزة بصواريخ ميسترال من شركة إم بي دي إيه (MBDA) باستخدام شاسيه يونيموغ 5000 (Unimog 5000) من شركة Mercedes.
وقد كان تصدير هذه الشاسيه لتجهيز النظم العسكرية يتطلب الحصول على ترخيص تصدير، والغريب في الأمر أنّ برلين لم تمنحه، مما منع نكستر ولور من بدء عملية جمع المحركات بحسب ما كان متوقعاً. وقد سمحت اتصالات برلمانية وديبلوماسية بإعادة تسيير العملية والإعلان عن استئناف منح تراخيص الصادرات مع بداية العام 2013.
في غالب الأحيان، تُعد تراخيص التصدير الصادرة عن مجلس الأمن الألماني الذي يضم بشكل خاص المستشارة الألمانية ووزير الدفاع ووزير الخارجية الألماني من فئة "سري خاص بال دفاع "، مما يصعّب عملية متابعة العقود. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام غير معفي من الوقوع في الأخطاء في غياب الشفافية. فإن وجود بنادق جي36 (G36) خلال الثورة الليبية طرح مسألة احترام تراخيص التصدير.
وبحسب Heckler & Koch، فإنّ مصدر هذه الأسلحة هو حمولة تم تسليمها بشكل قانوني إلى مصر عام 2003. وقد منع وجود هذه الأسلحة في أيدي مناصري العقيد القذافي عملية التسليم الموجّهة إلى المتمردين وسلّط الضوء على غياب الشفافية الخاصة بالوجهة النهائية لبعض العقود.
في هذا الإطار، فإن السياسة التجارية الطموحة لإدارة ميركيل خلقت موجة انتقادات كبيرة في البلد لا سيما من الأحزاب اليسارية. فبحسب مصادر ألمانية، إن مجلس أمنها قد يلجأ إلى رفض قرارات سابقة تتعلق بالعديد من العقود "الحساسة" بعد الانتخابات النيابية المحددة في أيلول/ سبتمبر 2013.
في الواقع، أعلن أكثر من 70 % من الألمان عن تحفظهم تجاه سياسة الصادرات الجديدة أو معارضتهم لها، ويبدو أنّ المستشارة الألمانية تريد تفادي أن يصبح الموضوع قضية سياسية داخلية.