لا اعتبر ما اقصه مذكرات فانا لم اقم بعمل يستحق ان يخلد او ان يذكره تاريخ ولكن حقيقة عشتها مع ابطال ووحوش لم نبتيغى بها غير وجه الله ولا ترقى ابدا واطلاقا الى مستوى ابطال 73 العظماء الذين تتلمذنا على ايديهم
التحقت بالكلية الجوية فى نهاية عام 1986 وكان عمرى 16 عام واقتربت من السابعه عشر
كنت من الجيل الذى نشاء وتربى من صغره على عشق الجيش وقصص البطولات لابطال حرب رمضان المجيده جنودها قبل قادتها وكانت تداعب خيالاتنا منذ الصغر القصص التى كان يرويها لنا اقاربنا واصدقاء والدى الذين شاركوا فى الحرب وكان عدد من الشهداء قد سقطوا فى تللك المعركة وكان والدى رحمه الله عليه عندما يقص علينا ذكرياته مع هولاء الشهداء تفيض عينيه من الدموع لذكراهم فاثرت فى كثيرا تلك الدموع وذلك الاحترام والتبجيل الذى كان يكنه والدى لكل الشهداء الابطال
وعندما قررت الالتحاق بالكليات العسكرية كان لى هدفان اما ان اكون ضابط قوات خاصه صاعقة او مدرعات ولم يدر بخلدى يوما ان اكون طيار فكنت اراه حلم بعيد المنال واثناء عرضى على كشف الهيئة سالنى مدير مكتب التنسيق عن رغبتى فقلت له انى اريد ان اكون ضابط صاعقة فقال انت مرشح للطيران فقلت له لم اكمل الكشف بعد فقال اذهب واستكمل الكشف وان لم توفق فيه فسالحقك بالحربية وستكون فى الصاعقة ان شاء الله وبعد ان اتممت الكشوفات الطبية للجوية ونجحت ذهبت بالنتيجه لوالدى الذى سجد لله شكرا وكان رحمه الله امام فى وزارة الاوقاف وكان قوى العزيمة والايمان معتدل وسطى ذو علم غزير وكان يتمتع بمحبه جارفة من كل المحيطين به
ذهبت الى الكلية الجوية وصدمت بقسوة الحياة العسكرية منذ اول لحظة وخاصة فترة المستجدين التى تغير مسارك من الحياة المدنية وتعدك للتعامل مع الحياة العسكرية
وبدات الطيران على الطائرة الجمهورية وانطلقت باول طلعة منفرد لى بدون مدرب وعمرى 17 عام وشهر
وكم هالنى قسوة التدريب العملى واسلوب التدريب الفظ الصعب فى الجو وعلى الارض الذى لم اكن افهم فلسفته ومن الله على باحد المدربين الذى شرح لى قرب تخرجى هذه الفلسفة وقال انك لن تكون طيار فى خطوط مدنية تكون مسئول عن الطائرة والركاب وتصل بهم فى الوقت المحدد بامان وسلامة ولكنك ستقود طائرات قتال اسرع من الصوت ذات مناورات عالية ورهيبة واجهزة وتسليح معقد للغاية ولن تلعب او تلهو بطائرتك فى ارضك ولكن ستطير بها فى عمق العدو المملوء بالدفاعات الارضية المختلفة والمقاتلات الاعتراضية المعادية وستطير فى تشكيلات كبيرة وقد يسقط فى هذه الطلعه اقرب الطيارين الى قلبك شهيد نتيجه لاصابته او الاشتباك مع العدو والمطلوب منك ربطاة الجاش وسرعه البديهه والعمل تحت ضغوط رهيبة ان تذهب وتكمل المهمة حتى لا يضيع الهدف المخطط ولا يضيع دم زملاء هباءا
فوضعت تلك الكلمات كدستور لى فى حياتى ان اكمل هدفى مهما كلفنى من تضحيات
وزادت صعوبة الحياة فى الكلية ان قررت ادارة الكلية منحنا بكالوريوس الهندسة فى ميكانيكا الطيران لفرع الطيران والحواسب لفرع الملاحه ولم تالوا جهدا فى ذلك فاستعانت باعرق الجامعات العالمية لتدريس هذا البرنامج لنا الذى افادنى انا شخصيا طوال فترة خدمتى وطيرانى فى القوات الجوية والى الان وكان الثمن هو قلة الاجازات بل انعدامها وانشغال البرنامج اليومى بصورة رهيبة وضعت علينا ضغوط فوق ضغوط
وبعد 3 سنوات ترات للقياده العامة ان هذا البرنامج وان كان مفيد من الناحية العلمية ولكنة سيوثر على اعداد الطيارين المتخرجين سنويا نظرا لجديته الشديدة وتقصير اعداد كبيرة سنويا من الدفعات وهو ما سيضعف اعداد الطيارين والملاحين المتخرجين سنويا فى وقت جلبت القياده اعداد كبيرة من ف 16 وميراج 2000 وهى فى حاجة للطيارين
وعشنا احلى ايام العمر مع احلى دفعه رغم قسوة الحياة الا اننا كننا نضحك من قلوبنا ونتحين كل ثانية ولحظة حتى نضحك ونمرح
وقررت القياده تخريج دفعتنا فى يناير على عكس باقى الدفعات وبدانا التدريبات وقبل تخرجنا باسبوع سقطت من دفعتنا اول زهرة من باقة الورود فكان الشهيد طيار وائل احمد على حيدر اول شهيد فى دفعتنا يوم 29 يناير 1990 وسقط امام اعيننا فى ساحة التدريب بالكلية وانفجرت طائرته وقمنا بجمع اشلائه وسط انهيار البعض منا وتماسك الباقيين ولكن كان جرح فى القلب غائر فقد كان رحمه الله من امهر طيارى دفعتنا وذو روح مرحه وحبوب لجميع من يعرفه ووقفنا يوم التخرج امام الرئيس مبارك وتلى مدير شئون الضباط قرار التعيين وسط زغاريد وفرحه اهالينا وكل الحضور واذا به يقرا قرار الرئيس بمنح الشهيد وائل حيد رتبه الملازم طيار ومعاملته معاملة الشهداء فانهمرت ىدموعنا انهارا ونحن واقفون مثل الصخر وصمتت المنصة وانفجر كل اهلونا بالبكاء فقد كانوا جميعا يعرفونه كما يعرف كل اهالي الدفعه باقى الدفعه
وتغلبنا على احزاننا سريعا وذهبنا الى وحداتنا المقاتله
https://www.facebook.com/photo.php?...28945.132160780185897&type=1&relevant_count=1
وكان شرف لى ان التحق باحد اعرق الوية القتال ذات السمعه الرهيبة فى مصر واسرائيل اللواء الجوى 102 وكان يتمتع بوجود عدد كبير من خيرة طيارى القتال الذين جعلوا ليل اسرائيل نهارا فى حرب 73 وكان كل كلامهم وحكاياتهم عن بطولاتهم فى الحرب وفلان استشهد وفلان اسقط كام طيارة وفلان طيارته انفجرت وانا بجواره وكانوا يقصون هذه الحكايات بروح من المرح لا يخفى حزن فى القلب على كل من راح ولكن كانت هذه النخبه ذات تاثير رهيب وكبير فى تكوين شخصياتنا القتالية فكنت لم اصل بعد الى عامى الواحد والعشرون واحتضننى هولاء الابطال بالتدريب الشاق بدون قيود رغم حداثة سنى وخبرتى بكل انواع التدريب القتالى وكان قائد اللواء اعقيد طيار احمد السعدونى ومعه الشهيد البطل هلال حسنى حسين سليمان وحسن عزيز حسن يوسف وعاطف الشرقاوى
ونشات علاقة روحية بينى وبين الشهيد العقيد هلال حسنى سليمان فتعهدنى بالتدريب والاعمال الادارية وكان دائما يكلفنى رغم حداثة سنى ورتبتى باعمال من هم اقدم منى بكثير
وكان مصدر الفخر لنا والسعاده عندما نقوم بالطيران على القتال الجوى المتلاحم وانجح فى اصابه هيكلية لاحد قاده التشكيل رغم خبراتهم الكبيرة واهبط فاجدهم سعداء بما تحقق من تدريبهم لى
فى تلك الفترة توالت الازهار سقوطها من دفعتنا فكان سقوط الشهيد خالد سعد خطاب رحمه الله اثر سقوط ارتطام طائرته ببحيرة ناصر خلف السد وذهبنا الى والده فى السنبلاوين وانهمرت دموعنا ولكنا وقفنا بثبات بعده نتذكر كل كلمة وكل ضحكة ضحكناها سويا فقد كان من المحبوبين فى دفعتنا
وبعد ذلك جاء سقوط الشهيد ملازم طيار محمد على موسى كامل بطائرته فى رمضان وهو صاءم قرب المنصورة وبالصدفه كان اليوم الذى ساذهب لشراء الشبكة لخطيبتى ونطرا لضيق الوقت لالغاء الميعاد اشتريت الشبكة وقلبى ينزف وجريت الى بيت والده وحضرت العزاء وهو يحتضننى حتى نهاية العزاء فقد كنا من المقربين الى بعضنا البعض
استمررنا فى التدريب فى وحداتنا وكنا نتلاقى فى اجازاتنا ونسخر من كل شى ونضحك من قلوبنا ورغم سخرية حديثنا الا انه لم يكن يخلو من الحديث عن البلد والوطنية والفداء وما قصه فلان عن تجاربه فى الحرب وما قاله فلان فى الوحده كذا
وفى يوم 5 اكتوبر اثناء طلعه تدريب بثلاثة طائرات فوق ارض سيناء الحبيبة خرجت خارج التشكيل من اجل العوده للاشتباك ثانيا واثناء عودتى تعطل محرك الطائرة الميج 21 الصينية ((( كان احد مهنديى القوات الجوية قد اكتشف عيب خطير فى احد اجزاء المحرك وتم تشكيل لجنه قررت تغيير هذا الجزء ببديل مصرى وفعلا تم تغيير عدد كبير من الطائرات ولم يتبقى الا طائراتن فقط كنت على احدهما وحدث ما توقعه هذا المهندس العبقرى الذى اجهل اسمه الى الان ربنا يبارك فيه)) حاولت ادارة الطائرة اكثر من مرة فى الجو ولكن لم تفلح المحاولة وكنت على اتصال بقائد السرب فى المراقبة الارضية المقد عوض حمزة واقتربت كثيرا من الارض وكانت الطائرة ستتجه الى مدينة الاسماعيلية فادرتها بعيدا فى الصحراء فى اتجاه جزيرة البلاح على القناة وعند اقترابى كثيرا من الارض اخذت قرار القفز بالمظلة واصبت اثناء القفز باصابات خفيفة فى الوجه والقدم وهبطت على ارض سيناء الحبيبة ووجدت احد الاعراب ومعه جملين وجائ الى وحملنى على احدهم والاخر وضعت عليه المظله وذهبت الى وحد حرس حدود قريبة وفرشت المظله واخرجت جهاز الاتصال وحققت اتصال بطائرة البحث والانقاذ والتى جاء على متنها اللواء طيار نبيل عزت كامل رئيس اركان القوات الجوية فيما بعد ليطمئن على ابنائه وكانت سعادته غامرة بى رغم حداثة سنى ورتبتى بتنفيذ كل الاجراءات الصحيحة والعجيب فى الامر ان الطائرة لم تنفجر فقد سقطت فى احد المزارع السمكية فى طريق القنطرة شرق وحزنت كثيرا لان الوقود المتبقى فى الطائرة قضى على كل الاسماك الموجوده فى المزرعه وتم انتشال الطائرة ووضعت فى احد الميادين الرئيسية لاحدى المحافظات حتى الان
بعد ذلك وجدت نظرة تقدير ومحبه من كل زملائى فى القوات الجوية وبعد فترة قرر قائد اللواء العقيد هلال ترشيحى للعمل فى طائرات الاف 16 واخبرنى بذلك وقال يعز على ان اتركك تذهب من هذا اللواء ولكن مصلحتك ان تطير على طائرات متقدمة واريدك ان تكون سفير لطيارى الميج فى عالم الطائرات المتقدمة المعقدة وتاثرت كثيرا بكلامه وو عدته ببذل كل جهدى لاكون نموذج جيد وبعد عده ايام سقط الشهيد هلال حسنى بطائرته ومعه النقيب طيار هشام عباس حلمى اثناء التدريب الليلى فى رمضان بعد الافطار
وذهبت الى اللواء 242 ف16 بعد ترقى الى رتبة الملازم اول باشهر قليلة ووجدت نظام حياة مختلف وطائرة صعبه ومعقده وكان معى فى تحويل على الطائرة العميد احمد ماهر وياسر زكى واخرون من النسور الابطال واحتاجت منا الطائرة المجهود الجبار علما وتدريبا وطيران عملى حتى نستطيع ان نكون ماهرين عليها وكان معنا العميد على سعودى قائد للواء وكان عنيف جدا ولكن طيب القلب ومن مقاتلى حرب اكتوبر
وكنا نكره النزول الى الاجازات اذا كان هناك مشروع او طيران تدريبى فى الاجازة ونتخنق مين هيقعد علشان ينفذ الطلعات
واكرمنى الله بالحصول على فرقة التدريب على الطائرة فى زمن قياسى بفضل الله
فى يوم 13ابريل عام 1996 كان هناك عرض جوى كبير بمناسبة تولى الفريق احمد شفيق قياده القوات الجوية وهذا عرف سائد عند تولى اى قائد لاى قوة سواء بحرية جوية او برية ان يتم عمل طابور عرض كبير يتفقد فيه القائد الجديد القوات التابعه له ويكون بمثابه شكر للقائد السابق وفى القوات الجوية لا يتم استعراض القوات على الارض ولكن بعرض جوى كبير يحتوى على فكرة قتالية يتم تنفيذها باعداد كبيرة من الطائرات تصل الى 200 طائرة من مختلف الطرازات وتحمل فى طياتها رساله قوية الى اعدائنا المتربصين بنا لاظهار مدى قوة وقدرة ما وصلت اليه قواتنا الجوية من تسليح وتدريب مهارى عالى لاطقمنا الجوية
وطبعا يقوم الملحقين العسكريين الاجانب المدعوون للاحتفال بنقل هذه الرسالة الى دولهم ويتطوع بعض هذه الدول بنقلها الى حليفتهم اسرائيل وكل هذه الامور تكون مدروسة بعناية فائقة وخاصة التركيز على مضمون الرسالة التى نريد ايصالها الى عدونا الرئيسى اسرائيل فيكون نوع من الردع النفسى قبل ان تفكر فى تغامر وتستفز نسور الجو وجميع اسلحة القوات المسلحه
https://www.facebook.com/photo.php?...28945.132160780185897&type=1&relevant_count=1
واثناء طيرانى فى تشكيل من طائرات اف16 بقيادة المقدم طارق فوزى ومعه هشام خليل وانا حدث لى حريق كبير فى محرك الطائرة
المهم اكرمنى الله تعالى بانطفاء الحريق ولكنى وجدت الطائرة تقوم بعمل مناورات غير محسوبة واشياء خارجة عن السيطرة عند زيادة او تقليل قدرة المحرك وعلى الفور ابلغت قائد التشكيل فقام بارسال احد طيارى التشكيل خلف طائرتى لاستطلاع الامر وكنا قد خرجنا للتو من منطقة تنفيذ المناورة المكتظة بالعشرات من مختلف انواع الطائرات وكنا نطير على ارتفاع منخفض جدا وبسرعه عالية
فجاءه التقرير من هشام خليل ان الحريق انطفأ وقد تخلف عن الحريق وجود ثقب فى الجانب الايسر لفتحة خروج العادم قطره تقريبا خمسون سم وهو الامر الذى يعمل على تشتيت عادم المحرك وفور ارتفاعنا بالتشكيل زادت الحركات الغير محسوبة والخارجة عن تحكمى فى الطائرة وعلى الفور اصدر قائد التشكيل اوامره لى بالاستعداد لترك الطائرة والقفز بالكرسى المنطلق من الطائرة لو وجدت ان المناورات خارجه تماما عن السيطرة واعطيته تمام لاستلام الامر وانى جاهز للتنفيذ مع رجاء باعطائى مهلة لمحاولة السيطرة على المناورات الجنونية للطائرة
واقسم بالله انى فى ثوانى معدوده قمت بحساب ثمن الطائرة فى هذا الوقت وكان اربعين مليون دولار اى مائتين مليون جنيه وهى تكفى مصر من الخبز لاشهر عديدة وتذكرت ان شعب مصر والبسطاء من هذا البلد هم من دفعوا ثمن هذه الطائرة لتظل قواتنا الجوية على أهبة الاستعداد لدرء اى خطر قد يهددنا فى يوم من الايام
وقررت انى ساحاول الهبوط بالطائرة ولو كلفنى ذلك حياتى وبدأت فى كسب ارتفاع بمعدل بسيط ومع المحاولة المستميته فى السيطرة على الطائرة
وبعد ارتفاعى الى ارتفاع امن قمت بتقليل القدرة على اقل وضع والهبوط بما يشبه الطيران الشراعى والاف 16 من المقاتلات القليلة فى العالم التى يمكن تنفيذ هذا الاسلوب من الطيران فيها
واكرمنى الله بالهبوط بها بسلام وفور رؤيتى للثقب فى جسم الطائرة سجدت لله شكرا على ان اكرمنى وهبطت بها
وقامت أطقم من المهندسين والفنيين المصريين بالعمل على ازاله اثار الحريق واصلاح الطائرة وهم مجموعه من امهر مارايت فى حياتى واصلوا العمل ليلا ونهارا حتى تم اصلاح العطب فى اقل من اسبوع وقمت بالطيران على الطائرة لاختبار صلاحيتها وفعلا كنت اتعجب من قدرة رجال القوات الجوية من المهندسين والفنين على اصلاح ما ظننت انه من المستحيلات ان تعود كما كانت
وتم تكريمى فى هذا الوقت بمنحنى مكافأة ماليه قدرها مائتين جنية مصرى فقط لا غير وقد يسخر البعض من هذا المبلغ ولكن كان أكبر تكريم لى ان طائرتى سليمة وانها عادت للعمل بفضل الله حتى الان
ومر على قاده كبار وعظماء امثال العقيد طيار احمد مسلم الرجل العاشق لطيران القتال وللاف 16 اكثر من اهله وكان طيب القلب بطريقة غريبة رغم شدته كطيار قتال شارك فى حرب 73 وهو برتبة الملازم
وايضا العميد طيار علاء فهمى الرجل الهادىء المقاتل المتواضع وفى الفترات السابقة استشهد النقيب طيار عبد العظيم الجوهرى على الاف 16 اثناء التدريب ولحقة بفترة الشهيد مدحت قرطام وله ذكرى وقصة عجيبة فقد ذهب قبل استشهاده باسبوع الى مقابر الشهداء وجلس مع مندوبى المراسم فى المقابر واحد الحراس واخرج من جيبة عشرون جنيه وهو يشرب معه الشاى وقال له اذا جئت اليك فعاوزك تظبطنى وتختار لى مقبرة حلوة وضحكوا معا ووجاء الى المطار وقص على ما حدث فضحكنا ايضا وبعد اسبوع سقط شهيدا اثناء التدريب وذهب الى نفس الرجل فعندما علم اسمه بكى بكاء شديد وعجيب وقص علينا القصة التى كنت سمعتها منه شخصيا رحمه الله
واستمررنا فى التدريب واعداد طيارين جدد كل عام يلتحقوا بالتشكيل
وفى 30 يونية 2001 طلب منى قائد السرب ان اقوم باجراء اختبار جوى لطائرة بعد صيانتها وعدم طيرانها لمده اكثر من شهرين تقريبا وكنا بعد الظهر فطرت بالطائرة وعلى ارتفاع اربعون الف قدم وجدت الضغط فى الكابينة ينهار بصورة سريعه ثم يعاود الزياده بطريقة جنونية وتكرر الموضوع عده مرات فى ثوان معدودة ووجدت اذن تكاد تنفجر وراسى قد ينخلع من مكانه وكنت شمال بنى سويف والطائرة تطير فى اتجاة القاهرة وفجاءة سقطت فى اغماءة وافقت ببطء ونظرت لارتفاعى فوجدته تقريبا 32 الف قدم والطائرة تهبط فى اتجاه حلوان وسمعت صوت ضعيف فى اذنى وكان صراخ من قائد السرب فى اللاسلكى بالنداء خوفا على لانى لم اقم بالرد عليه واخبره التوجيه بانى خارج منطقة التدريب واتجه للقاهرة وافقد ارتفاع فرددت عليه ببطء شديد بما حدث وبدات استجمع قواى وادرت الطائرة فى اتجاه المطار ووضعت الاوكسجين على ضغط عال وبدات رويدا رويدا اتمالك اعصابى كلما فقدت ارتفاع وعند ارتفاع 10000 قدم فتحت ماسك الاكسجين فاذا به مملوء عن اخره بالدم نتيجة نزيف من الانف وهذا من فضل الله فقد اخبرنى الطبيب بعد ذلك بانه لو لم يحدث هذا النزيف من الانف لكان من الجائز حدوثه فى المخ
اكرمنى الله بعد معاندة كبيرة مع نفسى ان اهبط بالطائرة واتركها على الممر وحضر عند الطائرة قائد اللواء احمد راغب وطارق فوزى والطبيب وحمدوا الله على هبوطى سالما واخبرونى بضرورة الراحه وانا كنت شبه المغيب عن الوعى وبعد عده ساعات وكنت لا ادرى ما بى تحديدا جلست امام التلفزيون وبجوارى العميد الحضرى وايمن عباس وباقى الرجال لنشاهد مبارة مصر والمغرب وكنت مجهد وتعبان ولا ادرى ما بى واقول للحضرى بضحك انا تعبان انا لسانى تقيل انا رجل مش حاسس بيها وطبعا الكل اعتقد انى اضحك والكل مشغول وانا معهم بمتابعه المبارة وفجاءة سقطت فى غيبوبة وافقت بشبه شلل نصفى وتم نقلى الى المستشفى فورا للرعاية المركزة والموسف ان القاءد مجدى شعراوى وقتها يسخر مما حدث ويقول اللى حصل له ده بسبب مشاهدة المبارة وخاصة ان مصر انهزمت من المغرب وخرجت من تصفيات كاس العالم وهذا الكلام اصابنى باحباط شديد ولم يربط احد بين ما حدث فى الطائرة وبين حالتى الصحية
وكان اصعب قرار بعد ذلك هو عد لياقتى الطبية للطيران على طائرات القتال وبكيت بكاءا مريرا لحرمانى رغما عنى من استكمال مسيرتى على طائرات القتال لامر خارج عن اراده الجميع ووقف معى اللواء حسن محمد حسن وامام ابو امين ونجحوا فقط فى استصدار قرار بعودتى للطيران المزدوج وكان من الرجال القلائل اللواء طبيب اشرف القاضى الذى تابع حالتى الصحية بمنتهى الاهتمام حتى عدت للطيران على الطائرة سى 130 بعد ذلك
حصلت على دورة اركان حرب من مصر وبدات علاقتى العلمية مع واحد من منابر العلم فى القوات الجوية وهو اللواء طيار صلاح عارف استاذ الفنون الاستراتيجية والتعبوية فى تاريخ القوات الجوية وتشرفت بالتتلمذ على يديه وتوطدت علاقتنا بعد ذلك والى الان لامتنانى له بفضله على فى العلوم العسكرية الاستراتيجية
سافرت بعد ذلك لاركان حرب فى الصين وحصلت على ماجستير فى العلوم العسكرية تخصص قوات جوية وكنت الاول على الدارسين من 48 دولة والاول فى المباريات الحربية والبحوث العسكرية والبحوث الخاصة وكل انواع النشاطات مما جعل ادارة الاكاديمية تقيم لى حفل تكريم خاص بفضل الله وطبعا عندما عدت كان الرد من احد القاده ماشى ارجع على وحدتك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فقط بدون حتى كلمة شكر
وبدات مرحلة طيران النقل على مدرسة النقل سى 130 وبعد وصولى بفترة بسيطة تم ترشيحى من اللواء طيار محمد حمزة احد علامات النقل الجوى فى مصر والقائد المحترم وذلك للعمل فى قياده فرقة النقل واستمريت فيها حتى تركتها وكنت اقوم بالطيران والعمل فى الفرقة على التوازى وشرفت بالعمل مع اللواء هشام زهير واللواء نبيل عبد القادر الذى ولانى رعايه خاصة وكذلك الواء عصام عبد الغنى الذى رشحنى للقيام بالسفر الى امريكا واحضار احدث طائرة فى هذا الوقت وهى السيسنا سيتيشن سوفرين
وبعد ذلك خرجت من الخدمة لاسباب طبية كانت فى الاساس موضوع الاغماء الذى حدث لى فى الاف 16 سنة 2001 وكان التشخيص قصور فى الدورة الدموية المخية لحظيا وترك ضعف فى الجانب الايمن
ما قصصته قد لا يهم الكثييرين ولكنها حياتى التى افتخر بها كجندى لوطنى يحزننى ويدمى قلبى ان اسمع من يقول يسقط العسكر بعد كل ما بذلناه وبذله ابناء القوات المسلحه وكل ما قصصته لا ياتى ذرة او صفر على الشمال بجوار ما تحملة قادتنا واساتذتنا ابطال ونسور الجو فى حرب الاستنزاف وطوال تاريخ القوات الجوية
طيار محمود سعد
https://www.facebook.com/photo.php?...28945.132160780185897&type=1&relevant_count=1