مظاهرة ضخمة ضد غزو العراق أمام مسرح الكولوزيوم الأثري في روما يوم 15 مايو/أيار 2003
تساءل الكاتب إيشان ثارور في مقال له بمجلة تايم الأميركية عن السبب وراء تجاهل الإدارة الأميركية الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء العالم ضد غزو العراق قبيل الغزو، رغم أنها أكبر حجما وأوسع نطاقا من الاحتجاجات التي جرت خلال السنوات الأخيرة في المنطقة العربية وأوروبا والغرب عموما.
ورغم أن الكاتب لم يعط إجابة لتساؤله، فإنه أشار بشكل غير مباشر إلى أن تلك الاحتجاجات والموقف الرسمي المتجاهل لها قد تسببت جزئيا في ما تمخضت عنه احتجاجات أقل حجما ونطاقا في العالم بعد ذلك من نتائج كبيرة، كما تسببت في تخفيف عناد الحكام ردا على الاحتجاجات عموما.
وقال إنه من الصعب فهم أن عرض القوة الشعبية الذي تم قبل عقد من الزمان على نطاق واسع في العالم يوم 15 فبراير/شباط 2003 احتجاجا على الغزو الغربي للعراق، لم يكن له تأثير على مجرى الأحداث آنذاك رغم أنها كانت الاحتجاجات الأضخم في التاريخ.
"
إيشان ثارور:
تردد الغرب حاليا في اتخاذ خطوة لإنهاء الحرب الأهلية الفظيعة في سوريا، يعود جزئيا إلى التجربة الأميركية المريرة في العراق والتي لم تعط وزنا للاحتجاجات الشعبية القوية آنذاك
"
وأعاد ثارور إلى الأذهان كبر واتساع نطاق تلك الاحتجاجات التي قال إن ما بين 10 و15 مليون شخص شاركوا فيها، وشملت أكثر من 600 مدينة في العالم من أوكلاهوما في اليابان إلى فانكوفر في كندا، وكانت تقول بصوت واحد "لا لغزو العراق".
وأشار إلى أن ثلاثة ملايين نسمة نزلوا إلى شوارع روما، وأكثر من مليون شخص تظاهروا في لندن وبرشلونة، وخرج 200 ألف في سان فرانسيسكو ونيويورك.
وأورد الكاتب أن صحيفة نيويورك تايمز قالت في ذلك الوقت في وصف كبر وقوة تلك الاحتجاجات "هناك قوتان عظميان في العالم: الولايات المتحدة الأميركية والرأي العام العالمي".
وذكر أن إدارة بوش التي ضغطت على الكونغرس ليوافق على الغزو، وتجاوزت مجلس الأمن الدولي ولم تأبه للإعلام الأميركي، تجاهلت -دون أن يطرف لها جفن- تلك الاحتجاجات الشعبية الأكبر في تاريخ البشرية.
وقال إن أميركا التي سكنتها روح الحرب في فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 فتحت الباب لغرب أكثر ضعفا، ومثقل بهزائم عسكرية عديدة وبأزمات مالية وعجز سياسي شبه دائم.
وأوضح الكاتب أن انفجار شبكات التواصل الاجتماعي الإعلامية بعد سنوات مكّن الاحتجاجات في بعض الدول العربية جزئيا من الإطاحة بحكومات، وأن الاحتجاجات ضد سياسات التقشف في أوروبا، وكذلك احتجاجات "حركة احتلوا وول ستريت" ورغم غموضها وصغر حجمها مقارنة بالاحتجاجات ضد غزو العراق، نجحت في إعادة تشكيل الحوار العالمي.
وأشار إلى الأضرار البالغة التي لحقت بالعراق وأميركا جراء ذلك الغزو، وقال إن واشنطن خسرت قرابة تريليون دولار و4804 قتلى، وفي العراق قُتل أكثر من 100 ألف وانتهى العراق بعد عشر سنوات إلى "حافة الحرب الأهلية الطائفية".
وقال الكاتب إنه من الواضح أن تردد الغرب حاليا في اتخاذ خطوة لإنهاء الحرب الأهلية الفظيعة في سوريا، يعود جزئيا إلى التجربة الأميركية المريرة في العراق والتي لم تعط وزنا للاحتجاجات الشعبية القوية آنذاك.
مصدر
http://www.aljazeera.net/news/pages/835dc2f9-79ae-4b09-8f0c-6071bb1a85fe?GoogleStatID=9