البعض عَدَّ انزلاقه في العامية "فشلاً" وآخرون يرونه منافساً شرساً لـ "التقليدي"
"الإعلام الجديد" .. فوضى خلّاقة دون خطوط حمراء أم تصفية حسابات؟
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق- جدة: "الإعلام الجديد".. نعمة أم نقمة؟! .. جانٍ أم ضحية؟! عورة أم روعة؟! تباينت الآراء وتعدّدت الرؤى حول طبيعة وحقيقة دور هذا الإعلام: هل يمكن أن نطلق عليه بدايةً أنه إعلام، إذ إن للإعلام قواعد ومنهجية، حوّلته إلى علمٍ قائمٍ بذاته، لكن الإعلام الجديد يضرب بهذه القواعد "عرض الحائط" ويخوض في كل شيء، فلا خطوط حمراء لديه، ولا رقيب عليه.. بل إنها "الفوضى الخلّاقة" كما يسميها البعض، من هنا يأتي مكمن الخطر والخلل،
ومن هنا رأت"سبق" أهمية أن تطرح هذه القضية على أهل الرأي والاختصاص، وتتساءل: الإعلام الجديد.. روعة أم عورة؟!
استخدام خاطئ
قال المهندس فيصل عبد الله أنه ضد الاستعمال الخاطئ للإعلام الجديد حيث رأى أنه بات يستخدم لدس الشائعات، وكثير اً ما تنتقل معلوماتٌ خاطئة من خلاله، كما أنه بات من وسائل القذف والسباب المشروعة لعديدين، وطالب من خلال "سبق" بضرورة التوعية بخطورة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا والضرر الذي يعود على المجتمع من جرّاء ذلك.
كشف الفضائح
فيما اختلفت معه في الرأي أماني العتيبي، وقالت: نعيب التكنولوجيا والعيب فينا، مشيرةً إلى أن الإعلام الجديد أسهم بشكلٍ كبيرٍ في كشف الفضائح وإظهار عديدٍ من الأخطاء، بل أسهم بشكلٍ واضحٍ في إيصال صوت المجتمع للمسؤولين، حتى صار وسيلة تفاعلٍ قويةٍ بين أرجاء المجتمع كافة.
قرية صغيرة
وعن الإذاعات الجديدة والتي تعد جزءاً من الإعلام الجديد، قال سعيد عبد الرحمن: ظهر في الآونة الأخيرة عديدٌ من الإذاعات الموجهة لفئة الشباب، بيد أنه رأى أنها تباسطت وخرجت عن الشكل المعتاد، مشيراً إلى أن كثيراً من برامجها لا تنم سوى عن تفاهةٍ وسطحيةٍ، وقال: أستبعد أن تخلق تلك القنوات جيلاً جاداً مثقفاً واعياً.
فيما رأى أحد الشباب يُدعى مشاري أن الإذاعات الجديدة شيقة للغاية، وبها عديدٌ من البرامج التي خرجت عن النمطية، مما زاد من إقبال الشباب عليها، حيث بدأت تفكر بعقلهم وليس بعقلية الثمانينيات. وعن وسائل التواصل ومدى أهميتها بالنسبة للفرد، قال: لا أتخيل حياتي دون الفيس بوك أو تويتر، حيث أبدأ يومي بالاطلاع على كل ما هو جديد من خلالهما، وأتعرّف على توجهات النخبة من خلال تغريداتهم، مؤكداً أن مواقع التواصل باتت ضرورةً مجتمعيةً جعلت العالم قريةً صغيرةً تتفاعل مع بعضها، وأصبح لي قناة أستطيع من خلالها التعبير عن رأيي في شئون المجتمع كافة.
الخروج من العزلة
أكّد أستاذ الصحافة والإعلام الجديد الدكتور فايز الشهري، أن المجتمع لا يفتقد ثقافة التعامل، بيد أن الإعلام الجديد "فيس بوك وتويتر" ومختلف أشكال التواصل المجتمعية، لم تكن في بداياتها من الأدوات المستخدمة من شرائح المجتمع كافة، إذ تسلّمته يد الشباب والمراهقين ما أحدث بعض الضوضاء نظراً لطبيعة الشباب. وقال إن النظرة التشاؤمية للإعلام الجديد كانت موجودة أيضاً في الغرب في النصف الثاني من التسعينيات حين بدأ الإنترنت والخدمات المصاحبة له للشباب فقط، إلى أن تسلّمت الجامعات والمراكز العلمية الدفة، وبات الإنترنت من منافع الحياة اليومية.
ووصف الإعلام الجديد بالأداة الرائعة للتواصل والتخفيف من "عزلة الأسمنت" في الحضارة المعاصرة، حتى سمحت للفرد أن يخرج من عزلته، أما مشهد الفضائح وتعرية المجتمعات فيمكن فهمه بأن الجميع يتمتع بحق التعبير بخلاف الإعلام التقليدي، ولذا ظهرت التيارات والمجموعات من كل صنفٍ ولونٍ، مشيراً إلى أنه من السهل ضبط سلوك الفرد في معهد أو جامعة، بيد أنه من الصعوبة بمكانٍ ضبط السلوك في ساحةٍ شعبيةٍ فيها كل أصناف البشر وهذا هو حال الشبكات الاجتماعية.
الوسائل بريئة ومحايدة
ورداً على إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، أجاب الشهري بأنه لا يمكن تقسيم الموضوع بهذه الصورة، فالوسائل بريئة محايدة لا سلبيات كبرى لها فهي في النهاية ظهرت كأدواتٍ عصريةٍ للتواصل وتسهيل حياة الناس، أما عن السلبيات التي ظهرت فهي إفرازٌ لسلوكيات شخصية وجدت اليوم مجالاتها للظهور بعيداً عن نظام الضبط الاجتماعي والرسمي، محذراً من النظر لكل قادمٍ وجديدٍ بعين الريبة والشك، ما سيفقدنا التمتع بأعظم تقنيات العصر.
ورفض فرضية أن الإعلام الجديد بات مصدراً للشائعات، مؤكداً أنه أصبح يقدّم الخبر والمعلومة بشكلٍ تنافسي مع وسائل الإعلام التقليدية، ولا يمكن أن تكون سلبيات الوسائل الشخصية التي تظهر عبر الإنترنت والهواتف الذكية محسوبة على الإعلام الجديد كمفهومٍ وممارسة، مشيراً إلى أن الصحافة التقليدية كنا نتحدث فيها أيضاً عن صحفٍ صفراء.
ورأى الشهري، أن مشكلتنا الأزلية في العالم العربي تتمثّل في عمق بنيتنا الثقافية، حيث أصبحنا نحاكم الأشياء ونضع الأنظمة الصارمة والأحكام خشية الـ 5 % من المنحرفين في المجتمع، وبذلك نحوّل حياة الشريحة الأكبر 95 % من المجتمع إلى معاناةٍ خشية سوء تصرفات هذه النسبة الضئيلة التي ستظل جزءاً من تكوين المجتمع طوال التاريخ الإنساني.
تصفية حسابات
أما الباحث والناقد الصحفي الدكتور صالح الورثان، فقال لـ "سبق" إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مسرحاً لبعض الفاشلين في المجتمع والحاقدين وغير المهنيين لممارسة النقد وتصفية الحسابات بحقدٍ وكراهيةٍ، دون تحقيق أدنى مبدأ من القواعد الإعلامية، أو الالتزام بالحد الأدنى من المعايير المهنية في النقد الموضوعي، بيد أنه وعلى الجانب الآخر حقّقت مواقع التواصل قفزةً هائلة في مجال التعليم المفتوح، والتواصل مع كبريات الجامعات والأكاديميات من خلال الإنترنت للدراسة بطرق التعليم الحديثة والعالمية.
وأبدى أسفه للجوء بعض شرائح المجتمع لقذف العلماء والمفكرين والمثقفين، بذريعة حرية الرأي، مرجعاً ذلك إلى حبهم للشهرة المزيّفة، والتي تجعلهم دائماً في رغبة للتصادم مع الآخرين، دون وجود طرح حقيقي للأفكار، ووصف مَن ينتهج ذلك بالوعي الهابط، والثقافة المتدنية في التعاطي مع جميع الآراء والأفكار.
كما أسف لبعض الأطروحات في المواقع والتي أضحت عورة للمجتمعات، وصارت تطمس الحقائق، وتشوّه الثقافة العربية، مبيناً أن هؤلاء فئة مريضة تهدف إلى بث الفتنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإشعال فتيل الأزمات بين الأمم والشعوب التي تجمعهما العقيدة والدم الواحد، وتمنى أن تُسهم هذه الوسائل في الارتقاء بالوعي المدني، وتُستخدم في تقديم علمٍ نافعٍ، وطرحٍ هادفٍ، وتنويرٍ فكري يُعيد للأمة مجدها وكرامتها.
هوة العامية
ورداً على سؤالٍ حول أفكار الإذاعات الحديثة أجاب الورثان، بأن بعض هذه الإذاعات هبطت إلى مستوى "عامي وركيك" بذريعة البساطة أو السلاسة في الطرح والتناول الإعلامي؛ للوصول إلى شريحةٍ كبيرةٍ من المتلقين، معتبراً هذا إخلالاً واضحاً بأسس الإعلام ومنهجيته الصحيحة، وطالب باستخدام اللغة الإخبارية والبرامجية المعروفة في الإعلام دون تعقيدٍ أو تكلفٍ.
واعتبر الانزلاق في هوة "العامية" ضعفاً إعلامياً، وتخبطاً مهنياً يقوّض متانة العمل الإعلامي، ويجعله سطحياً وساذجاً، باستثناء بعض البرامج التي تهتم بموروثٍ معينٍ أو ثقافة خاصّة بمجتمعٍ أو شعبٍ، لافتاً إلى أنه إذا جنح الخطاب الإعلامي عن لغته الإعلامية الواضحة والمفهومة للجميع، فإنه يقدم عملاً غير إعلامي لعدم انسجامه مع المهنية في جانب التواصل والتخاطب مع المتلقي.
تهريجٌ ومضيعة للوقت
من جهته، رفض المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للإعلام الإلكتروني بالشرق الأوسط الدكتور علي الضاحي، وصف الإعلام "بالعورة"، قائلاً: لا أميل إلى هذا اللقب وإطلاقه على علاته، مبيناً أن هذا مفهومٌ شاملٌ لجميع التخصّصات ، وليس حكراً فقط على الإعلام، ورأى أن إطلاق كلمة "تعرية" على ما يُنشر في بعض الوسائل الإعلامية، كونها تدخل أحياناً في المحظور والممنوع.
واعتبر الضاحي ما يُطرح عبر الاذاعات الشبابية "تهريجاً" ومضيعةً للوقت في بعض الأحيان، منتقداً هذه البرامج، بقوله إنها تفتقد معايير الإعلام المهنية، والبرامج الهادفة، والمذيعون المؤهلون، وعدم المعرفة بأبجديات اللغة العربية، بيد أنه توجد بعض الإذاعات التي تراعي الذوق العام.
وحول إيجابيات وسلبيات الإعلام الجديد أجاب: إن أبرز الايجابيات أنه إعلامٌ "آني" يتطلب سرعة نقل الخبر، وإبراز المعلومة في وقتها، إضافة إلى كونه كسراً للروتين القديم في الطرح ومعرفة رجع الصدى لكل ما يحتويه، وهو أيضاً يتيح سرعة معرفة مصدر الخبر بالزمان والمكان، وكاتبه حيث اختصر المسافات والأزمنة.
وأضاف أما بالنسبة للسلبيات فهو بيئة خصبة للشائعات غير الصحيحة، لافتاً إلى طرحه قضايا تُصنَّف على أنها خطوطٌ حمراء في العُرف الإعلامي كقضايا الدين والطائفية، وسهولة الكذب في محتوياته، وارتفاع معدلات الانتقام الشخصي بين الأفراد ونشر الأخبار المدسوسة.
رؤية عصرية
من جانبه، رفض مدير اذاعة "مكس إف إم" أحمد طعيمة، وصف الإذاعات الحديثة بالسطحية، وقال لـ "سبق": تنطلق رؤية الإذاعة من تقديم المعلومة في قالب ترفيهي عصري، مشيراً إلى تنوع البرامج من ديني، وتوعوي، وتطوير الذات، تكنولوجي، وأكد مواكبة الإذاعة للأحداث المحلية، ومراعاتها طبيعة المجتمع السعودي.
ورداً على اتهام الإذاعة بسطحية الفكر أجاب طعيمة: إن الإذاعة تستهدف فئة الشباب من سن (15 - 35 عاماً) ، ولذا يتم تقديم المعلومة بلغةٍ بسيطة، تناسب العصر، بعيدة عن التعقيد، تراعي الذوق العام، بعيدة عن الإسفاف، مؤكدا حرص الإذاعة على التفاعل مع الشباب، ومنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم، عن طريق تقديم جرعة من البرامج المنوعة بين الجانب المعرفي والترفيهي.
وأوضح أن 90 % من العاملين بالإذاعة شبابٌ سعودي محترم، يعمل لأول مرة في الحقل الإعلامي بعد اجتيازه مرحلة التدريب، وهو يسعى لتقديم رؤية عصرية وفقاً لتقاليد مجتمعه، مؤكداً أن نجاح القناة عمل على جذب الجهات المعلنة، للترويج لمنتجاتها الدعائية.
"الإعلام الجديد" .. فوضى خلّاقة دون خطوط حمراء أم تصفية حسابات؟
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق- جدة: "الإعلام الجديد".. نعمة أم نقمة؟! .. جانٍ أم ضحية؟! عورة أم روعة؟! تباينت الآراء وتعدّدت الرؤى حول طبيعة وحقيقة دور هذا الإعلام: هل يمكن أن نطلق عليه بدايةً أنه إعلام، إذ إن للإعلام قواعد ومنهجية، حوّلته إلى علمٍ قائمٍ بذاته، لكن الإعلام الجديد يضرب بهذه القواعد "عرض الحائط" ويخوض في كل شيء، فلا خطوط حمراء لديه، ولا رقيب عليه.. بل إنها "الفوضى الخلّاقة" كما يسميها البعض، من هنا يأتي مكمن الخطر والخلل،
ومن هنا رأت"سبق" أهمية أن تطرح هذه القضية على أهل الرأي والاختصاص، وتتساءل: الإعلام الجديد.. روعة أم عورة؟!
استخدام خاطئ
قال المهندس فيصل عبد الله أنه ضد الاستعمال الخاطئ للإعلام الجديد حيث رأى أنه بات يستخدم لدس الشائعات، وكثير اً ما تنتقل معلوماتٌ خاطئة من خلاله، كما أنه بات من وسائل القذف والسباب المشروعة لعديدين، وطالب من خلال "سبق" بضرورة التوعية بخطورة الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا والضرر الذي يعود على المجتمع من جرّاء ذلك.
كشف الفضائح
فيما اختلفت معه في الرأي أماني العتيبي، وقالت: نعيب التكنولوجيا والعيب فينا، مشيرةً إلى أن الإعلام الجديد أسهم بشكلٍ كبيرٍ في كشف الفضائح وإظهار عديدٍ من الأخطاء، بل أسهم بشكلٍ واضحٍ في إيصال صوت المجتمع للمسؤولين، حتى صار وسيلة تفاعلٍ قويةٍ بين أرجاء المجتمع كافة.
قرية صغيرة
وعن الإذاعات الجديدة والتي تعد جزءاً من الإعلام الجديد، قال سعيد عبد الرحمن: ظهر في الآونة الأخيرة عديدٌ من الإذاعات الموجهة لفئة الشباب، بيد أنه رأى أنها تباسطت وخرجت عن الشكل المعتاد، مشيراً إلى أن كثيراً من برامجها لا تنم سوى عن تفاهةٍ وسطحيةٍ، وقال: أستبعد أن تخلق تلك القنوات جيلاً جاداً مثقفاً واعياً.
فيما رأى أحد الشباب يُدعى مشاري أن الإذاعات الجديدة شيقة للغاية، وبها عديدٌ من البرامج التي خرجت عن النمطية، مما زاد من إقبال الشباب عليها، حيث بدأت تفكر بعقلهم وليس بعقلية الثمانينيات. وعن وسائل التواصل ومدى أهميتها بالنسبة للفرد، قال: لا أتخيل حياتي دون الفيس بوك أو تويتر، حيث أبدأ يومي بالاطلاع على كل ما هو جديد من خلالهما، وأتعرّف على توجهات النخبة من خلال تغريداتهم، مؤكداً أن مواقع التواصل باتت ضرورةً مجتمعيةً جعلت العالم قريةً صغيرةً تتفاعل مع بعضها، وأصبح لي قناة أستطيع من خلالها التعبير عن رأيي في شئون المجتمع كافة.
الخروج من العزلة
أكّد أستاذ الصحافة والإعلام الجديد الدكتور فايز الشهري، أن المجتمع لا يفتقد ثقافة التعامل، بيد أن الإعلام الجديد "فيس بوك وتويتر" ومختلف أشكال التواصل المجتمعية، لم تكن في بداياتها من الأدوات المستخدمة من شرائح المجتمع كافة، إذ تسلّمته يد الشباب والمراهقين ما أحدث بعض الضوضاء نظراً لطبيعة الشباب. وقال إن النظرة التشاؤمية للإعلام الجديد كانت موجودة أيضاً في الغرب في النصف الثاني من التسعينيات حين بدأ الإنترنت والخدمات المصاحبة له للشباب فقط، إلى أن تسلّمت الجامعات والمراكز العلمية الدفة، وبات الإنترنت من منافع الحياة اليومية.
ووصف الإعلام الجديد بالأداة الرائعة للتواصل والتخفيف من "عزلة الأسمنت" في الحضارة المعاصرة، حتى سمحت للفرد أن يخرج من عزلته، أما مشهد الفضائح وتعرية المجتمعات فيمكن فهمه بأن الجميع يتمتع بحق التعبير بخلاف الإعلام التقليدي، ولذا ظهرت التيارات والمجموعات من كل صنفٍ ولونٍ، مشيراً إلى أنه من السهل ضبط سلوك الفرد في معهد أو جامعة، بيد أنه من الصعوبة بمكانٍ ضبط السلوك في ساحةٍ شعبيةٍ فيها كل أصناف البشر وهذا هو حال الشبكات الاجتماعية.
الوسائل بريئة ومحايدة
ورداً على إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، أجاب الشهري بأنه لا يمكن تقسيم الموضوع بهذه الصورة، فالوسائل بريئة محايدة لا سلبيات كبرى لها فهي في النهاية ظهرت كأدواتٍ عصريةٍ للتواصل وتسهيل حياة الناس، أما عن السلبيات التي ظهرت فهي إفرازٌ لسلوكيات شخصية وجدت اليوم مجالاتها للظهور بعيداً عن نظام الضبط الاجتماعي والرسمي، محذراً من النظر لكل قادمٍ وجديدٍ بعين الريبة والشك، ما سيفقدنا التمتع بأعظم تقنيات العصر.
ورفض فرضية أن الإعلام الجديد بات مصدراً للشائعات، مؤكداً أنه أصبح يقدّم الخبر والمعلومة بشكلٍ تنافسي مع وسائل الإعلام التقليدية، ولا يمكن أن تكون سلبيات الوسائل الشخصية التي تظهر عبر الإنترنت والهواتف الذكية محسوبة على الإعلام الجديد كمفهومٍ وممارسة، مشيراً إلى أن الصحافة التقليدية كنا نتحدث فيها أيضاً عن صحفٍ صفراء.
ورأى الشهري، أن مشكلتنا الأزلية في العالم العربي تتمثّل في عمق بنيتنا الثقافية، حيث أصبحنا نحاكم الأشياء ونضع الأنظمة الصارمة والأحكام خشية الـ 5 % من المنحرفين في المجتمع، وبذلك نحوّل حياة الشريحة الأكبر 95 % من المجتمع إلى معاناةٍ خشية سوء تصرفات هذه النسبة الضئيلة التي ستظل جزءاً من تكوين المجتمع طوال التاريخ الإنساني.
تصفية حسابات
أما الباحث والناقد الصحفي الدكتور صالح الورثان، فقال لـ "سبق" إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مسرحاً لبعض الفاشلين في المجتمع والحاقدين وغير المهنيين لممارسة النقد وتصفية الحسابات بحقدٍ وكراهيةٍ، دون تحقيق أدنى مبدأ من القواعد الإعلامية، أو الالتزام بالحد الأدنى من المعايير المهنية في النقد الموضوعي، بيد أنه وعلى الجانب الآخر حقّقت مواقع التواصل قفزةً هائلة في مجال التعليم المفتوح، والتواصل مع كبريات الجامعات والأكاديميات من خلال الإنترنت للدراسة بطرق التعليم الحديثة والعالمية.
وأبدى أسفه للجوء بعض شرائح المجتمع لقذف العلماء والمفكرين والمثقفين، بذريعة حرية الرأي، مرجعاً ذلك إلى حبهم للشهرة المزيّفة، والتي تجعلهم دائماً في رغبة للتصادم مع الآخرين، دون وجود طرح حقيقي للأفكار، ووصف مَن ينتهج ذلك بالوعي الهابط، والثقافة المتدنية في التعاطي مع جميع الآراء والأفكار.
كما أسف لبعض الأطروحات في المواقع والتي أضحت عورة للمجتمعات، وصارت تطمس الحقائق، وتشوّه الثقافة العربية، مبيناً أن هؤلاء فئة مريضة تهدف إلى بث الفتنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإشعال فتيل الأزمات بين الأمم والشعوب التي تجمعهما العقيدة والدم الواحد، وتمنى أن تُسهم هذه الوسائل في الارتقاء بالوعي المدني، وتُستخدم في تقديم علمٍ نافعٍ، وطرحٍ هادفٍ، وتنويرٍ فكري يُعيد للأمة مجدها وكرامتها.
هوة العامية
ورداً على سؤالٍ حول أفكار الإذاعات الحديثة أجاب الورثان، بأن بعض هذه الإذاعات هبطت إلى مستوى "عامي وركيك" بذريعة البساطة أو السلاسة في الطرح والتناول الإعلامي؛ للوصول إلى شريحةٍ كبيرةٍ من المتلقين، معتبراً هذا إخلالاً واضحاً بأسس الإعلام ومنهجيته الصحيحة، وطالب باستخدام اللغة الإخبارية والبرامجية المعروفة في الإعلام دون تعقيدٍ أو تكلفٍ.
واعتبر الانزلاق في هوة "العامية" ضعفاً إعلامياً، وتخبطاً مهنياً يقوّض متانة العمل الإعلامي، ويجعله سطحياً وساذجاً، باستثناء بعض البرامج التي تهتم بموروثٍ معينٍ أو ثقافة خاصّة بمجتمعٍ أو شعبٍ، لافتاً إلى أنه إذا جنح الخطاب الإعلامي عن لغته الإعلامية الواضحة والمفهومة للجميع، فإنه يقدم عملاً غير إعلامي لعدم انسجامه مع المهنية في جانب التواصل والتخاطب مع المتلقي.
تهريجٌ ومضيعة للوقت
من جهته، رفض المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للإعلام الإلكتروني بالشرق الأوسط الدكتور علي الضاحي، وصف الإعلام "بالعورة"، قائلاً: لا أميل إلى هذا اللقب وإطلاقه على علاته، مبيناً أن هذا مفهومٌ شاملٌ لجميع التخصّصات ، وليس حكراً فقط على الإعلام، ورأى أن إطلاق كلمة "تعرية" على ما يُنشر في بعض الوسائل الإعلامية، كونها تدخل أحياناً في المحظور والممنوع.
واعتبر الضاحي ما يُطرح عبر الاذاعات الشبابية "تهريجاً" ومضيعةً للوقت في بعض الأحيان، منتقداً هذه البرامج، بقوله إنها تفتقد معايير الإعلام المهنية، والبرامج الهادفة، والمذيعون المؤهلون، وعدم المعرفة بأبجديات اللغة العربية، بيد أنه توجد بعض الإذاعات التي تراعي الذوق العام.
وحول إيجابيات وسلبيات الإعلام الجديد أجاب: إن أبرز الايجابيات أنه إعلامٌ "آني" يتطلب سرعة نقل الخبر، وإبراز المعلومة في وقتها، إضافة إلى كونه كسراً للروتين القديم في الطرح ومعرفة رجع الصدى لكل ما يحتويه، وهو أيضاً يتيح سرعة معرفة مصدر الخبر بالزمان والمكان، وكاتبه حيث اختصر المسافات والأزمنة.
وأضاف أما بالنسبة للسلبيات فهو بيئة خصبة للشائعات غير الصحيحة، لافتاً إلى طرحه قضايا تُصنَّف على أنها خطوطٌ حمراء في العُرف الإعلامي كقضايا الدين والطائفية، وسهولة الكذب في محتوياته، وارتفاع معدلات الانتقام الشخصي بين الأفراد ونشر الأخبار المدسوسة.
رؤية عصرية
من جانبه، رفض مدير اذاعة "مكس إف إم" أحمد طعيمة، وصف الإذاعات الحديثة بالسطحية، وقال لـ "سبق": تنطلق رؤية الإذاعة من تقديم المعلومة في قالب ترفيهي عصري، مشيراً إلى تنوع البرامج من ديني، وتوعوي، وتطوير الذات، تكنولوجي، وأكد مواكبة الإذاعة للأحداث المحلية، ومراعاتها طبيعة المجتمع السعودي.
ورداً على اتهام الإذاعة بسطحية الفكر أجاب طعيمة: إن الإذاعة تستهدف فئة الشباب من سن (15 - 35 عاماً) ، ولذا يتم تقديم المعلومة بلغةٍ بسيطة، تناسب العصر، بعيدة عن التعقيد، تراعي الذوق العام، بعيدة عن الإسفاف، مؤكدا حرص الإذاعة على التفاعل مع الشباب، ومنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم، عن طريق تقديم جرعة من البرامج المنوعة بين الجانب المعرفي والترفيهي.
وأوضح أن 90 % من العاملين بالإذاعة شبابٌ سعودي محترم، يعمل لأول مرة في الحقل الإعلامي بعد اجتيازه مرحلة التدريب، وهو يسعى لتقديم رؤية عصرية وفقاً لتقاليد مجتمعه، مؤكداً أن نجاح القناة عمل على جذب الجهات المعلنة، للترويج لمنتجاتها الدعائية.