المعجبون بأنفسهم
الدكتور عثمان قدري مكانسي
الدكتور عثمان قدري مكانسي
يقول تعالى: { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا }
وهم نوعان :
1- نوعهم الأول أولئك المراءون المفاخرون بقليل ما فعلوه أو كثيره يبتغون الشهرة بين الناس بأعمالهم هذه دون الإخلاص لله تعالى فيما فعلوه ، روى الإمام أحمد :
( أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبَنَّ أجمعين فقال ابن عباس ما لكم وهذه إنما نزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون * لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } الآية ،لقد سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره ،فخرجوا قد أرَوه أنْ قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه ، وفرحوا بما كتموه ما سألهم عنه ) وهكذا رواه البخاري في التفسير ومسلم وغيرهما من سادة الحديث.
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا ،وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } –رواه البخاريّ-
وروى مسلم أنّ أبا سعيد ورافع بن خديج وزيد بن ثابت قالوا : كنا عند مروان فقال : يا أبا سعيد أرأيت قوله تعالى { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } ونحن نفرح بما أتينا ونحب أن نحمد بما لم نفعل ؟ فقال أبو سعيد : إن هذا ليس من ذاك إنما ذاك أن ناسا من المنافقين يتخلفون إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا فإن كان فيه نكبة فرحوا بتخلفهم وإن كان لهم نصر من الله وفتحٌ حلفوا لهم ليرضوهم وحمدوهم على سرورهم بالنصر والفتح . ولا منافاة بين ما ذكره ابن عباس وما قاله أبو سعيد وصاحباه لأن الآية عامة في جميع ما ذكر والله أعلم .
وقد رُوِيَ أن ثابت بن قيس الأنصاري قال : يا رسول الله والله لقد خشيت أن أكون هلكت
قال : لم ؟
قال :نهى الله المرء أن يُحِب أن يُحمَد بما لم يفعل وأجدني أحبُّ الحمد، ونهى الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ،ونهى الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهيرُ الصوت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة .
فقال : بلى يا رسول الله .
فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب .
2- ونوعهم الثاني يدلنا عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة " وفي الصحيحين أيضا " المتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبَي زور " ،
والمتشبع: من يدّعي أخذ شيئ أو فعله كذباً وزوراً ليرتفع في أعين الناس أو يغيظ غريمه . وكثير من يحب سماع حمد الناس له ،ويطرب وهو يعلم أنهم متملّقون كاذبون فيما يقولون ، فلا هو فَعل الخيرَ ، ولا فكّر به. أو فعلَ نزراً يسيراً ليصل إلى هدف رسمه ، ولولا ذلك الهدف ما قدّم شيئاً ، ولعلّنا نجد من يرشّح نفسه لعمل أو منصب يرفع رايات المديح والحمد ، ويسعى إليها .
هذان الصنفان هددهم القرآن بعذاب أليم ، إنّ عملهم صنو الكذب ، بل هو الكذبُ بعينه وهو الخداع الذي لا لبس فيه . ولعل قوله تعالى: { لا تحسبنّهم بمفازة من العذاب } نفيٌ صريح عن العفو ، ولا أمل لصاحبه بالنجاة ، وتهديد بالغ بالعقوبة حين ينفي الظن ، فما بالك بالأمل واليقين؟! ثم يثنّي بالمعقوبة الأليمة التي تناسب الموقف، بل لا بد لهم منه، فلا نجاة منه البتّة ، يقول تعالى : { ولهم عذاب أليم } ..... والله أعلم .
نسأل الله حسن العمل وحسن الختام.
وهم نوعان :
1- نوعهم الأول أولئك المراءون المفاخرون بقليل ما فعلوه أو كثيره يبتغون الشهرة بين الناس بأعمالهم هذه دون الإخلاص لله تعالى فيما فعلوه ، روى الإمام أحمد :
( أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبَنَّ أجمعين فقال ابن عباس ما لكم وهذه إنما نزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون * لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } الآية ،لقد سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره ،فخرجوا قد أرَوه أنْ قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه ، وفرحوا بما كتموه ما سألهم عنه ) وهكذا رواه البخاري في التفسير ومسلم وغيرهما من سادة الحديث.
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجالا من المنافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا ،وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } –رواه البخاريّ-
وروى مسلم أنّ أبا سعيد ورافع بن خديج وزيد بن ثابت قالوا : كنا عند مروان فقال : يا أبا سعيد أرأيت قوله تعالى { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } ونحن نفرح بما أتينا ونحب أن نحمد بما لم نفعل ؟ فقال أبو سعيد : إن هذا ليس من ذاك إنما ذاك أن ناسا من المنافقين يتخلفون إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا فإن كان فيه نكبة فرحوا بتخلفهم وإن كان لهم نصر من الله وفتحٌ حلفوا لهم ليرضوهم وحمدوهم على سرورهم بالنصر والفتح . ولا منافاة بين ما ذكره ابن عباس وما قاله أبو سعيد وصاحباه لأن الآية عامة في جميع ما ذكر والله أعلم .
وقد رُوِيَ أن ثابت بن قيس الأنصاري قال : يا رسول الله والله لقد خشيت أن أكون هلكت
قال : لم ؟
قال :نهى الله المرء أن يُحِب أن يُحمَد بما لم يفعل وأجدني أحبُّ الحمد، ونهى الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ،ونهى الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهيرُ الصوت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة .
فقال : بلى يا رسول الله .
فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب .
2- ونوعهم الثاني يدلنا عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة " وفي الصحيحين أيضا " المتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبَي زور " ،
والمتشبع: من يدّعي أخذ شيئ أو فعله كذباً وزوراً ليرتفع في أعين الناس أو يغيظ غريمه . وكثير من يحب سماع حمد الناس له ،ويطرب وهو يعلم أنهم متملّقون كاذبون فيما يقولون ، فلا هو فَعل الخيرَ ، ولا فكّر به. أو فعلَ نزراً يسيراً ليصل إلى هدف رسمه ، ولولا ذلك الهدف ما قدّم شيئاً ، ولعلّنا نجد من يرشّح نفسه لعمل أو منصب يرفع رايات المديح والحمد ، ويسعى إليها .
هذان الصنفان هددهم القرآن بعذاب أليم ، إنّ عملهم صنو الكذب ، بل هو الكذبُ بعينه وهو الخداع الذي لا لبس فيه . ولعل قوله تعالى: { لا تحسبنّهم بمفازة من العذاب } نفيٌ صريح عن العفو ، ولا أمل لصاحبه بالنجاة ، وتهديد بالغ بالعقوبة حين ينفي الظن ، فما بالك بالأمل واليقين؟! ثم يثنّي بالمعقوبة الأليمة التي تناسب الموقف، بل لا بد لهم منه، فلا نجاة منه البتّة ، يقول تعالى : { ولهم عذاب أليم } ..... والله أعلم .
نسأل الله حسن العمل وحسن الختام.
التعديل الأخير: