جديد نظم الاسلحة المضادة للسفن
تتطلب الحرب البحرية الحديثة جيلا جديدا من الصواريخ المضادة للسفن لتلبي حاجة العمل في المياه الساحلية المحصورة وضرب الاهداف بدقة. فالقادة العسكريون يطلبون حاليا قدرة على تحديد الاهداف بشكل اكيد قبل الاطلاق ومن ثم اصدار تعليمات اضافية للسلاح خلال انطلاقه الى الهدف. ان نشوء قواعد الاشتباك للحؤول دون اشتباك مفاجئ للسفن المدنية او القوات الصديقة تعني ان القدرة على تمييز هوية الهدف بدقة كبيرة تشكل حاليا العنصر الاساسي للاسلحة البحرية مستقبلا.
ان الجيل الحالي من الصواريخ المضادة للسفن، مثل صاروخ (Exocet) وصاروخ (Harpoon)، يعزى اصلها للحرب الباردة عندما كانت متطلبات الاشتباك (ROE) ليست بالدقة الراهنة، وكانت الاهداف تُرى على انها بعيدة جدا في البحر. وكان التوجيه الراداري هو آلية التصويب الرئيسية، الذي كان يعني بالتالي ان الاسلحة القديمة من السبعينات كانت تصنف على انها اسلحة تطلق وتنسى. وقد ادخلت بعض التعديلات على هذه الاسلحة، مثل تركيب توجيه بصري بنهاية المسار على السلاح (SLAM)، من شركة (Boeing)، لكن امكانية تحسين التوجيه البصري كانت محدودة للغاية.
هناك حاليا سوق لاسلحة جديدة يمكن ان تستوعب احدث التكنولوجيات مثل التوجيه باقمار (GPS) والدفع المتقدم والتصاميم الايروديناميكية والحمل النافع وتخطيط المهمة والعمل الجمالي والاستقلالية والتوجيه - التي تمنح القادة مرونة تكتيكية معززة كثيرا.
الاسلحة الاميركية الجديدة
شهدت السنتان الماضيتان اطلاق البحرية الاميركية مجموعة من الانشطة صممت لصياغة متطلبات قدرتها الهجومية مستقبلا في حرب مضادة لتهديدات السطح (OASuW). وقد دفعت هذه العملية بصورة طاغية عقيدة المعركة الجوية البحرية التي سيكون مسرحها المحيط الهادي الغربي. وتفرض هذه العقيدة منع الدخول وتحريم المنطقة البحرية على عدو محتمل (A2/AD). وعلى الرغم من ان الصين لا تعرف على الصعيد العام كعدو محتمل، فان دراسات الحرب المضادة لتهديدات السطح (OASuW) ركزت على التغلب على مجموعة الاجراءات السطحية التي تقيمها جارة الهند لمواجهة التهديدات (A2/AD) المستقبلية التي تكمن في تفكير المخططين في البنتاغون.
من ناحية جدول المواعيد، اطلقت البحرية الاميركية برنامجا وطنيا يحقق قدرة عملانية اولية (IOC) ليس ابعد من عام ٢٠٢٤، وابقت في الوقت نفسه الباب مشرعا على حل في الامد القريب يعتمد على برنامج تسجيل قائم يمكن نشره في اطار زمني اعتبارا من عام ٢٠١٨.
حيث ليس هناك اي برنامج ممول بعد، يُبذل مع ذلك جهد اولي متقدم قد يكون له في النهاية علاقة باستراتيجية استثمار البحرية الاميركية لقدرتها في الحرب الهجومية المضادة للسطح (OASuW) مستقبلا. واعترافا بالقيود في قدرة الصواريخ المضادة للسفن حاليا لاختراق نظم التهديدات (A2/AD) المعقدة من مسافة بعيدة، اطلقت وكالة مشاريع البحث المتقدم (DARPA) ومكتب البحث البحري (ONR) في عام ٢٠٠٨ برنامج صاروخ بعيد المدى مضاد للسفن (LRASM) كأداة لعرض قفزة مسبقة في قدرة البحرية الاميركية على الحرب المضادة للسطح.
تعتزم وكالة (DARPA) جعل الغوريتمات التوجيه المستقل - تدعم تمييز الهدف في منطقة واسعة عضويا ضمن شبكة بيئة محرمة - بحيث تتيح للصاروخ المضاد للسفن استعمال بيان تلميح عن الهدف اقل دقة، يستطيع معه تحديد اهداف محددة في مجال متنازع عليه. ويركز البرنامج ايضا على مقاربات استدامة طرفية مبتكرة وعلى فتك بدقة في وجه النظم الدفاعية المتقدمة. وما هو مهم ايضا هو ان الجهود الاولية المتقدمة الغرض منها اثبات تكامل كاف يمكّن من العبور بسرعة الى برنامج حيازة. وقد استلم مكتب التكنولوجيا التكتيكي في وكالة (DARPA) ٩ عروض مع قبول شركات (ATK) و(Boeing) و(Lockheed Martin) و(Raytheon).
مع ذلك، اتخذ برنامج الصاروخ المضاد للسفن البعيد المدى (LRASM) منحى جديدا في عام ٢٠١٢، عندما تم انهاء الجهود على صاروخ (LRASM-B). وبدلا من ذلك، قالت وكالة (DARPA)، وهي تشير للحاجة الملحة لقدرة قريبة الامد، انها توحّد الاستثمارات للتركيز فقط على التكنولوجيات المتقدمة للصواريخ المضادة للسفن البعيدة المدى (LRASM-A) لتخفيض المجازفة والتعجيل بتسليم قدرة فتاكة للاسطول الاميركي. وان اول تجربة اطلاق جوي على نموذج صاروخ تكتيكي مضاد للسفن بعيد المدى (LRASM) مقررة في مطلع عام ٢٠١٣. وقد اعلنت شركة (Lockheed Martin) في ايلول/سبتمبر ٢٠١٢ ان ثلاثة نماذج من صاروخ (LRASM) هي قيد البناء في مرفقها بولاية الاباما لاجراء تجارب اطلاق عليها من قاذفة القنابل (Lancer-B-1B) التابعة لسلاح الجو الاميركي.
اضافة لذلك، بدأت وكالة (DARPA) جهدا في دعم مكتب وزير الدفاع لتكييف السلاح للاطلاق من سفينة سطحية البدء في تطوير مهام بعيدة المدى تشمل تعديلات على الاطار الجوي للصاروخ وتصميم نظام الانفصال المعزز وتطوير مستوعب هجيني جديد لاستيعاب كل قذيفة للصاروخ LRASM. ومن المقرر ان يؤدي هذا الجهد الى اطلاق تجارب سطحية بالستية في نهاية العام ٢٠١٤.
بافتراض نجاح تجربة الاطلاق، تعتقد شركة (Lockheed Martin) ان العبور على مسار سريع لتطوير هندسي وصناعي قد يمكّن الصاروخ (LRASM) من تحقيق قدرة عملانية اولية (IOC) في عام ٢٠١٦. ويمكن ان يتبع ذلك قدرة عملانية اولية (IOC) على متون السفن بحلول العام ٢٠١٨.
لذلك، اصدرت قيادة النظم الجوية في البحرية الاميركية اعلانا في حزيران/يونيو عام ٢٠١٢ عن امكانية شرائها الصواريخ الجديدة من مصدر وحيد هو شركة (Raytheon) للنظم الصاروخية لدمج المستشعرات والغوريثمات تبادل التصويت والاسلحة القادرة على استيعاب نظم فرعية لاسلكية راديو في نظام السلاح التكتيكي (Tomahawk) من فئة (Block IV) لاطلاق قدرة حربية هجومية مؤقتة مضادة للسطح (Interim OASuW) بحلول العام ٢٠١٥.
هذا التكيّف للصاروخ (Tomahawk) المتعدد المهام مع صاروخ (Tomahawk) الحالي، فئة (Block IV)، يضيف قدرة على الحرب السطحية (OASuW)، ويحافظ في الوقت نفسه على القدرة الهجومية البرية الحالية. مثل هذه المقاربة، التي خضعت لدراسة اجراها مكتب برنامج نظام اسلحة (Tomahawk) في سلاح الجو في البحرية الاميركية (NAVAIR) وشركة (Raytheon) منذ بضع سنوات، صممت للاستفادة القصوى من المدى العملاني لفئة الصاروخ (Block IV) في القدرة على القيادة والتحكم خلال اطلاقه، وانسجام نظام الاطلاق العمودي (Mk 41)، وايضا دعم نظام التحكم باسلحة صواريخ (Tomahawk) التكتيكية الحالية والبنى التحتية لنظام القيادة والتحكم بالصاروخ (Tomahawk).
عائلة صواريخ Exocet
كشفت فرنسا وبريطانيا في شباط/فبراير العام ٢٠١٢ النقاب عن تكتم كان اكتنف سابقا خططا لسلاح جوال مضاد للسفن مستقبلا (FCASW) على ان يدخل الخدمة خلال الفترة الممتدة من عام ٢٠٢٥ الى عام ٢٠٣٠. وعلى رغم ان المبادرة المتعلقة بالسلاح المعني (FC ASW) انشئت في الواقع بموجب اطار عمل لاعلان بريطاني - فرنسي مشترك حول الدفاع والتعاون الامني الذي اتفق عليه في تشرين الثاني/نوفمبر عام ٢٠١٠، فقد حُجب المشروع عن الرأي العام ضمن ملحق سري، ولم يخرج وجوده للعلن الا في نص لاعلان لاحق حول الدفاع والتعاون الامني، الذي صدر في ١٧ شباط/فبراير عام ٢٠١٢ في اعقاب اجتماع قمة عقد بين رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون والرئيس الفرنسي السابق نقولا ساركوزي.
بالاضافة الى ان الاقرار في العلن عن وجود برنامج لسلاح جوال مضاد للسفن مستقبلا (FC ASW)، كشفت الحكومتان ايضا عن منح عقد اساسي لشركة (MBDA) في كانون الاول/ديسمبر عام ٢٠١١ لاجراء دراستين تمهيديتين حول مستقبل الاسلحة الجوالة والمضادة للسفن.
تتحرى الدراستان مستقبل المتطلبات الجوالة والهجوم البري والمتطلبات الموجهة بكثافة ضد السفن بالنسبة للبلدين. وتتضمن قائمة المخزون البريطاني الحالية صاروخ (Storm Shadow) البعيد المدى الذي يطلق من الجو وصاروخ (Tomahawk) الجوال الذي يطلق من الغواصات وصاروخ (Harpoon)، فئة (Block 1C)، الذي يطلق من السفينة. وتستخدم فرنسا حاليا صاروخ (Scalp EG) الجوال الذي يطلق من الجو ونماذج من صواريخ (Exocet) المضادة للسفن التي تطلقها السفن والغواصات والطائرات من الجو، وتعمل على الانتهاء من تطوير وتجربة الصاروخ البحري لاطلاقه من السفن السطحية والغواصات.
من ناحية اخرى، كشفت شركة (MBDA) خلال العام ٢٠١١ عن افكارها الخاصة حول امكانية تطوير صاروخ هجوم بري/مضاد للسفن من الجيل الجديد بموجب برنامج يرتكز مفهومه على رؤية الهدف ممولا داخليا من الشركة، اطلق عليه اسم (CVS 401 Perseus).
ورد التفكير بصاروخ (Perseus)، استنادا الى شركة (MBDA)، كسلاح هجومي ناجز ليخلف الصواريخ الثقيلة الحالية المضادة للسفن والصواريخ الجوالة. ويطلق الصاروخ من سفن سطحية او من غواصات او من الطائرات. وقد يكون قادرا على تنفيذ مهام مضادة للسفن والهجوم البري بما في ذلك الاهداف الحساسة زمنيا مثل اعادة نصب قاذفات الصواريخ في مواقع اخرى في بيئة تكتية معقدة جدا وبمجازفة قليلة للاضرار الجانبية.
اما الدوافع العملانية الرئيسية التي دعت لتطوير صاروخ (Perseus) فتقارن بشكل واسع بالدوافع التي دعت لتطوير الصاروخ المضاد للسفن (LRASM)من ناحية المدى والاستقلال والاستدامة. اما مفهوم شركة (MBDA) فيرتكز على صاروخ بعيد المدى من فئة ٣٠٠ كلم يستطيع اختراق الدفاعات الجوية المعقدة. وان العامل الرئيسي في تطويره هو اعتماده وحدة لتوليد الطاقة بمحرك نفاث ضغاطي ثوري مبني حول محرك مدمج بموجات تفجيرية متواصل (CDWE)، وذلك يشكل تقدما يفتح الامكانية على صاروخ صغير انما خفي ورشيق ويتمتع بسرعة عالية الى حد Mach 3 بمزيد من الفعالية والقوة.
الصاروخ النروجي
في الوقت الذي يجري فيه العمل في فرنسا والمملكة المتحدة واميركا لوضع اطار للمتطلبات الرئيسية والتكنولوجيات المساعدة بالنسبة للاسلحة البحرية الضاربة (NSW) من الجيل الجديد، تستطيع النروج الادعاء بانها في مقدمة اللعبة بنشر صاروخ هجوم ضارب بحري (NSM) ومواصلة تطوير صاروخ الضرب المشترك (JSM) الذي يطلق من الجو. وتزعم شركة (Kongsberg D.S.) لنظم الدفاع ان صاروخ الضرب البحري (NSM) هو فعلا الصاروخ الاول في العالم، والوحيد حتى الآن، من الاسلحة الموجهة المضادة للسفن من الجيل الجديد. وقد صممت الشركة (Kongsberg) مفهوما جديدا لسلاح مدمج يتمتع بذكاء عال ومستدام يضم خفاء فائقا مع سرعة عالية ادنى من سرعة الصوت Mach 0.95 ويتمتع بمناورة عالية وبمدى بعيد ٢٠٠ كلم وبملاحة دقيقة وبتوجيه عالي الانتقاء للاهداف.
بدأت شركة (RNoN) تتلقى تسليم انتاج صاروخ الضرب البحري (NSM) في عام ٢٠١٢. وقد حصلت شركة (Kongsberg) في اواخر العام ٢٠٠٨ على اول مبيع تصدير عندما اختارت بولندا صاروخ الضرب البحري (NSM) لتلبية حاجاتها لصاروخ دفاع ساحلي جديد.
ولد من صاروخ الضرب البحري (NSM) صاروخ الضرب المشترك (JSM). وقد منحت شركة (NDLO) في عام ٢٠٠٩ شركة (Kongsberg) عقد تصميم للمرحلة الاولى تقدر قيمته بنحو ١٦٦ مليون كرون نروجي ٢٩ مليون دولار اميركي، حيث انجز البرنامج مراجعة للتصميم الاولي (PDR) في حزيران/يونيو عام ٢٠١٠. وقد كررت الشركة، خلال هذه المرحلة، اجراء تصميم اساسي يعتمد على العديد من النظم الفرعية لصاروخ الضرب البحري (NSM)، بما في ذلك جهاز البحث (IIR) والغوريثمات (ATR) ضد الاهداف البرية والبحرية والملاحة الدقيقة بمستشعرات متعددة ورأس حربية متشظية تخترق دروعا تزن ١٢٠ كلغ من شركة (MBDA-TDW) باستعمال صمام (PIMPF) الذي يستشعر الفراغ لزيادة الفاعلية. وادخل على صاروخ الضرب المشترك (JSM) ايضا وصلة بيانات على خطين تمكّن من ربط البيانات وتدعم الاهداف الحديثة خلال الطيران واعادة التصويب وتقدير اجهاض المهمة واضرار المعركة.
مُنحت شركة (Kongsberg) في حزيران/يونيو عام ٢٠١١ عقدا بمبلغ ٥٤٣ مليون كرون نروجي لتطوير المرحلة الثانية من صاروخ الضرب المشترك (JSM). وفي حزيران/يونيو الماضي، تم الوصول الى اتفاقية بين الحكومة النروجية والحكومة الاميركية لدمج الصاروخ (JSM) على متن طائرة (F-35). وقد قدمت شركة (Kongsberg) بيانا حول صاروخ الضرب البحري (NSM) وصاروخ الضرب المشترك (JSM) لدعم الحرب المضادة للسطح الهجومية (OASuW) في البحرية الاميركية.
التوجيه الروسي بالاقمار الاصطناعية
استعملت اجهزة الاستقبال، التي بنتها روسيا لنظام الملاحة بالاقمار الاصطناعية العالمية (Glonass)، بنجاح لتعزيز التصويب والسيطرة بدقة على الهدف بصاروخ (BrahMos) الجوال المضاد للسفن، استنادا الى منظمة البحث والتطوير الدفاعي (DRDO) التي تديرها الهند. وقد سيطر الصاروخ، الذي يبلغ مداه ٢٩٢ كيلومترا، والمجهز باجهزة استقبال (Glonass)، واشتبك مع اهداف بصورة فعالة وموثوقة وثابتة. وان الصاروخ المعني (BrahMos)، الذي اشترك تالهند وروسيا بتطويره معا، هو صاروخ قادر على الاشتباك مع اهداف اختيارية بسرعة (Mach 2.8)، وقد صمم على اساس نظام الصاروخ الروسي (3M55 Oniks/Yakhont) المضاد للسفن والمتوسط المدى يحمل الرمز PJ10، وقد جُرّب نحو ٢٠ مرة منذ اواسط عام ٢٠٠١.
اسلحة المستقبل
سوق الصواريخ المضادة للسفن على وشك ان تشهد تغييرا جذريا. وان اصحاب مصانع الصواريخ الرئيسية في العالم جاهزون كلهم لطرح منتوجات جديدة في السوق خلال العقد المقبل، الذي يعد باوقات مثيرة.
تتطلب الحرب البحرية الحديثة جيلا جديدا من الصواريخ المضادة للسفن لتلبي حاجة العمل في المياه الساحلية المحصورة وضرب الاهداف بدقة. فالقادة العسكريون يطلبون حاليا قدرة على تحديد الاهداف بشكل اكيد قبل الاطلاق ومن ثم اصدار تعليمات اضافية للسلاح خلال انطلاقه الى الهدف. ان نشوء قواعد الاشتباك للحؤول دون اشتباك مفاجئ للسفن المدنية او القوات الصديقة تعني ان القدرة على تمييز هوية الهدف بدقة كبيرة تشكل حاليا العنصر الاساسي للاسلحة البحرية مستقبلا.
ان الجيل الحالي من الصواريخ المضادة للسفن، مثل صاروخ (Exocet) وصاروخ (Harpoon)، يعزى اصلها للحرب الباردة عندما كانت متطلبات الاشتباك (ROE) ليست بالدقة الراهنة، وكانت الاهداف تُرى على انها بعيدة جدا في البحر. وكان التوجيه الراداري هو آلية التصويب الرئيسية، الذي كان يعني بالتالي ان الاسلحة القديمة من السبعينات كانت تصنف على انها اسلحة تطلق وتنسى. وقد ادخلت بعض التعديلات على هذه الاسلحة، مثل تركيب توجيه بصري بنهاية المسار على السلاح (SLAM)، من شركة (Boeing)، لكن امكانية تحسين التوجيه البصري كانت محدودة للغاية.
هناك حاليا سوق لاسلحة جديدة يمكن ان تستوعب احدث التكنولوجيات مثل التوجيه باقمار (GPS) والدفع المتقدم والتصاميم الايروديناميكية والحمل النافع وتخطيط المهمة والعمل الجمالي والاستقلالية والتوجيه - التي تمنح القادة مرونة تكتيكية معززة كثيرا.
الاسلحة الاميركية الجديدة
شهدت السنتان الماضيتان اطلاق البحرية الاميركية مجموعة من الانشطة صممت لصياغة متطلبات قدرتها الهجومية مستقبلا في حرب مضادة لتهديدات السطح (OASuW). وقد دفعت هذه العملية بصورة طاغية عقيدة المعركة الجوية البحرية التي سيكون مسرحها المحيط الهادي الغربي. وتفرض هذه العقيدة منع الدخول وتحريم المنطقة البحرية على عدو محتمل (A2/AD). وعلى الرغم من ان الصين لا تعرف على الصعيد العام كعدو محتمل، فان دراسات الحرب المضادة لتهديدات السطح (OASuW) ركزت على التغلب على مجموعة الاجراءات السطحية التي تقيمها جارة الهند لمواجهة التهديدات (A2/AD) المستقبلية التي تكمن في تفكير المخططين في البنتاغون.
من ناحية جدول المواعيد، اطلقت البحرية الاميركية برنامجا وطنيا يحقق قدرة عملانية اولية (IOC) ليس ابعد من عام ٢٠٢٤، وابقت في الوقت نفسه الباب مشرعا على حل في الامد القريب يعتمد على برنامج تسجيل قائم يمكن نشره في اطار زمني اعتبارا من عام ٢٠١٨.
حيث ليس هناك اي برنامج ممول بعد، يُبذل مع ذلك جهد اولي متقدم قد يكون له في النهاية علاقة باستراتيجية استثمار البحرية الاميركية لقدرتها في الحرب الهجومية المضادة للسطح (OASuW) مستقبلا. واعترافا بالقيود في قدرة الصواريخ المضادة للسفن حاليا لاختراق نظم التهديدات (A2/AD) المعقدة من مسافة بعيدة، اطلقت وكالة مشاريع البحث المتقدم (DARPA) ومكتب البحث البحري (ONR) في عام ٢٠٠٨ برنامج صاروخ بعيد المدى مضاد للسفن (LRASM) كأداة لعرض قفزة مسبقة في قدرة البحرية الاميركية على الحرب المضادة للسطح.
تعتزم وكالة (DARPA) جعل الغوريتمات التوجيه المستقل - تدعم تمييز الهدف في منطقة واسعة عضويا ضمن شبكة بيئة محرمة - بحيث تتيح للصاروخ المضاد للسفن استعمال بيان تلميح عن الهدف اقل دقة، يستطيع معه تحديد اهداف محددة في مجال متنازع عليه. ويركز البرنامج ايضا على مقاربات استدامة طرفية مبتكرة وعلى فتك بدقة في وجه النظم الدفاعية المتقدمة. وما هو مهم ايضا هو ان الجهود الاولية المتقدمة الغرض منها اثبات تكامل كاف يمكّن من العبور بسرعة الى برنامج حيازة. وقد استلم مكتب التكنولوجيا التكتيكي في وكالة (DARPA) ٩ عروض مع قبول شركات (ATK) و(Boeing) و(Lockheed Martin) و(Raytheon).
مع ذلك، اتخذ برنامج الصاروخ المضاد للسفن البعيد المدى (LRASM) منحى جديدا في عام ٢٠١٢، عندما تم انهاء الجهود على صاروخ (LRASM-B). وبدلا من ذلك، قالت وكالة (DARPA)، وهي تشير للحاجة الملحة لقدرة قريبة الامد، انها توحّد الاستثمارات للتركيز فقط على التكنولوجيات المتقدمة للصواريخ المضادة للسفن البعيدة المدى (LRASM-A) لتخفيض المجازفة والتعجيل بتسليم قدرة فتاكة للاسطول الاميركي. وان اول تجربة اطلاق جوي على نموذج صاروخ تكتيكي مضاد للسفن بعيد المدى (LRASM) مقررة في مطلع عام ٢٠١٣. وقد اعلنت شركة (Lockheed Martin) في ايلول/سبتمبر ٢٠١٢ ان ثلاثة نماذج من صاروخ (LRASM) هي قيد البناء في مرفقها بولاية الاباما لاجراء تجارب اطلاق عليها من قاذفة القنابل (Lancer-B-1B) التابعة لسلاح الجو الاميركي.
اضافة لذلك، بدأت وكالة (DARPA) جهدا في دعم مكتب وزير الدفاع لتكييف السلاح للاطلاق من سفينة سطحية البدء في تطوير مهام بعيدة المدى تشمل تعديلات على الاطار الجوي للصاروخ وتصميم نظام الانفصال المعزز وتطوير مستوعب هجيني جديد لاستيعاب كل قذيفة للصاروخ LRASM. ومن المقرر ان يؤدي هذا الجهد الى اطلاق تجارب سطحية بالستية في نهاية العام ٢٠١٤.
بافتراض نجاح تجربة الاطلاق، تعتقد شركة (Lockheed Martin) ان العبور على مسار سريع لتطوير هندسي وصناعي قد يمكّن الصاروخ (LRASM) من تحقيق قدرة عملانية اولية (IOC) في عام ٢٠١٦. ويمكن ان يتبع ذلك قدرة عملانية اولية (IOC) على متون السفن بحلول العام ٢٠١٨.
لذلك، اصدرت قيادة النظم الجوية في البحرية الاميركية اعلانا في حزيران/يونيو عام ٢٠١٢ عن امكانية شرائها الصواريخ الجديدة من مصدر وحيد هو شركة (Raytheon) للنظم الصاروخية لدمج المستشعرات والغوريثمات تبادل التصويت والاسلحة القادرة على استيعاب نظم فرعية لاسلكية راديو في نظام السلاح التكتيكي (Tomahawk) من فئة (Block IV) لاطلاق قدرة حربية هجومية مؤقتة مضادة للسطح (Interim OASuW) بحلول العام ٢٠١٥.
هذا التكيّف للصاروخ (Tomahawk) المتعدد المهام مع صاروخ (Tomahawk) الحالي، فئة (Block IV)، يضيف قدرة على الحرب السطحية (OASuW)، ويحافظ في الوقت نفسه على القدرة الهجومية البرية الحالية. مثل هذه المقاربة، التي خضعت لدراسة اجراها مكتب برنامج نظام اسلحة (Tomahawk) في سلاح الجو في البحرية الاميركية (NAVAIR) وشركة (Raytheon) منذ بضع سنوات، صممت للاستفادة القصوى من المدى العملاني لفئة الصاروخ (Block IV) في القدرة على القيادة والتحكم خلال اطلاقه، وانسجام نظام الاطلاق العمودي (Mk 41)، وايضا دعم نظام التحكم باسلحة صواريخ (Tomahawk) التكتيكية الحالية والبنى التحتية لنظام القيادة والتحكم بالصاروخ (Tomahawk).
عائلة صواريخ Exocet
كشفت فرنسا وبريطانيا في شباط/فبراير العام ٢٠١٢ النقاب عن تكتم كان اكتنف سابقا خططا لسلاح جوال مضاد للسفن مستقبلا (FCASW) على ان يدخل الخدمة خلال الفترة الممتدة من عام ٢٠٢٥ الى عام ٢٠٣٠. وعلى رغم ان المبادرة المتعلقة بالسلاح المعني (FC ASW) انشئت في الواقع بموجب اطار عمل لاعلان بريطاني - فرنسي مشترك حول الدفاع والتعاون الامني الذي اتفق عليه في تشرين الثاني/نوفمبر عام ٢٠١٠، فقد حُجب المشروع عن الرأي العام ضمن ملحق سري، ولم يخرج وجوده للعلن الا في نص لاعلان لاحق حول الدفاع والتعاون الامني، الذي صدر في ١٧ شباط/فبراير عام ٢٠١٢ في اعقاب اجتماع قمة عقد بين رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون والرئيس الفرنسي السابق نقولا ساركوزي.
بالاضافة الى ان الاقرار في العلن عن وجود برنامج لسلاح جوال مضاد للسفن مستقبلا (FC ASW)، كشفت الحكومتان ايضا عن منح عقد اساسي لشركة (MBDA) في كانون الاول/ديسمبر عام ٢٠١١ لاجراء دراستين تمهيديتين حول مستقبل الاسلحة الجوالة والمضادة للسفن.
تتحرى الدراستان مستقبل المتطلبات الجوالة والهجوم البري والمتطلبات الموجهة بكثافة ضد السفن بالنسبة للبلدين. وتتضمن قائمة المخزون البريطاني الحالية صاروخ (Storm Shadow) البعيد المدى الذي يطلق من الجو وصاروخ (Tomahawk) الجوال الذي يطلق من الغواصات وصاروخ (Harpoon)، فئة (Block 1C)، الذي يطلق من السفينة. وتستخدم فرنسا حاليا صاروخ (Scalp EG) الجوال الذي يطلق من الجو ونماذج من صواريخ (Exocet) المضادة للسفن التي تطلقها السفن والغواصات والطائرات من الجو، وتعمل على الانتهاء من تطوير وتجربة الصاروخ البحري لاطلاقه من السفن السطحية والغواصات.
من ناحية اخرى، كشفت شركة (MBDA) خلال العام ٢٠١١ عن افكارها الخاصة حول امكانية تطوير صاروخ هجوم بري/مضاد للسفن من الجيل الجديد بموجب برنامج يرتكز مفهومه على رؤية الهدف ممولا داخليا من الشركة، اطلق عليه اسم (CVS 401 Perseus).
ورد التفكير بصاروخ (Perseus)، استنادا الى شركة (MBDA)، كسلاح هجومي ناجز ليخلف الصواريخ الثقيلة الحالية المضادة للسفن والصواريخ الجوالة. ويطلق الصاروخ من سفن سطحية او من غواصات او من الطائرات. وقد يكون قادرا على تنفيذ مهام مضادة للسفن والهجوم البري بما في ذلك الاهداف الحساسة زمنيا مثل اعادة نصب قاذفات الصواريخ في مواقع اخرى في بيئة تكتية معقدة جدا وبمجازفة قليلة للاضرار الجانبية.
اما الدوافع العملانية الرئيسية التي دعت لتطوير صاروخ (Perseus) فتقارن بشكل واسع بالدوافع التي دعت لتطوير الصاروخ المضاد للسفن (LRASM)من ناحية المدى والاستقلال والاستدامة. اما مفهوم شركة (MBDA) فيرتكز على صاروخ بعيد المدى من فئة ٣٠٠ كلم يستطيع اختراق الدفاعات الجوية المعقدة. وان العامل الرئيسي في تطويره هو اعتماده وحدة لتوليد الطاقة بمحرك نفاث ضغاطي ثوري مبني حول محرك مدمج بموجات تفجيرية متواصل (CDWE)، وذلك يشكل تقدما يفتح الامكانية على صاروخ صغير انما خفي ورشيق ويتمتع بسرعة عالية الى حد Mach 3 بمزيد من الفعالية والقوة.
الصاروخ النروجي
في الوقت الذي يجري فيه العمل في فرنسا والمملكة المتحدة واميركا لوضع اطار للمتطلبات الرئيسية والتكنولوجيات المساعدة بالنسبة للاسلحة البحرية الضاربة (NSW) من الجيل الجديد، تستطيع النروج الادعاء بانها في مقدمة اللعبة بنشر صاروخ هجوم ضارب بحري (NSM) ومواصلة تطوير صاروخ الضرب المشترك (JSM) الذي يطلق من الجو. وتزعم شركة (Kongsberg D.S.) لنظم الدفاع ان صاروخ الضرب البحري (NSM) هو فعلا الصاروخ الاول في العالم، والوحيد حتى الآن، من الاسلحة الموجهة المضادة للسفن من الجيل الجديد. وقد صممت الشركة (Kongsberg) مفهوما جديدا لسلاح مدمج يتمتع بذكاء عال ومستدام يضم خفاء فائقا مع سرعة عالية ادنى من سرعة الصوت Mach 0.95 ويتمتع بمناورة عالية وبمدى بعيد ٢٠٠ كلم وبملاحة دقيقة وبتوجيه عالي الانتقاء للاهداف.
بدأت شركة (RNoN) تتلقى تسليم انتاج صاروخ الضرب البحري (NSM) في عام ٢٠١٢. وقد حصلت شركة (Kongsberg) في اواخر العام ٢٠٠٨ على اول مبيع تصدير عندما اختارت بولندا صاروخ الضرب البحري (NSM) لتلبية حاجاتها لصاروخ دفاع ساحلي جديد.
ولد من صاروخ الضرب البحري (NSM) صاروخ الضرب المشترك (JSM). وقد منحت شركة (NDLO) في عام ٢٠٠٩ شركة (Kongsberg) عقد تصميم للمرحلة الاولى تقدر قيمته بنحو ١٦٦ مليون كرون نروجي ٢٩ مليون دولار اميركي، حيث انجز البرنامج مراجعة للتصميم الاولي (PDR) في حزيران/يونيو عام ٢٠١٠. وقد كررت الشركة، خلال هذه المرحلة، اجراء تصميم اساسي يعتمد على العديد من النظم الفرعية لصاروخ الضرب البحري (NSM)، بما في ذلك جهاز البحث (IIR) والغوريثمات (ATR) ضد الاهداف البرية والبحرية والملاحة الدقيقة بمستشعرات متعددة ورأس حربية متشظية تخترق دروعا تزن ١٢٠ كلغ من شركة (MBDA-TDW) باستعمال صمام (PIMPF) الذي يستشعر الفراغ لزيادة الفاعلية. وادخل على صاروخ الضرب المشترك (JSM) ايضا وصلة بيانات على خطين تمكّن من ربط البيانات وتدعم الاهداف الحديثة خلال الطيران واعادة التصويب وتقدير اجهاض المهمة واضرار المعركة.
مُنحت شركة (Kongsberg) في حزيران/يونيو عام ٢٠١١ عقدا بمبلغ ٥٤٣ مليون كرون نروجي لتطوير المرحلة الثانية من صاروخ الضرب المشترك (JSM). وفي حزيران/يونيو الماضي، تم الوصول الى اتفاقية بين الحكومة النروجية والحكومة الاميركية لدمج الصاروخ (JSM) على متن طائرة (F-35). وقد قدمت شركة (Kongsberg) بيانا حول صاروخ الضرب البحري (NSM) وصاروخ الضرب المشترك (JSM) لدعم الحرب المضادة للسطح الهجومية (OASuW) في البحرية الاميركية.
التوجيه الروسي بالاقمار الاصطناعية
استعملت اجهزة الاستقبال، التي بنتها روسيا لنظام الملاحة بالاقمار الاصطناعية العالمية (Glonass)، بنجاح لتعزيز التصويب والسيطرة بدقة على الهدف بصاروخ (BrahMos) الجوال المضاد للسفن، استنادا الى منظمة البحث والتطوير الدفاعي (DRDO) التي تديرها الهند. وقد سيطر الصاروخ، الذي يبلغ مداه ٢٩٢ كيلومترا، والمجهز باجهزة استقبال (Glonass)، واشتبك مع اهداف بصورة فعالة وموثوقة وثابتة. وان الصاروخ المعني (BrahMos)، الذي اشترك تالهند وروسيا بتطويره معا، هو صاروخ قادر على الاشتباك مع اهداف اختيارية بسرعة (Mach 2.8)، وقد صمم على اساس نظام الصاروخ الروسي (3M55 Oniks/Yakhont) المضاد للسفن والمتوسط المدى يحمل الرمز PJ10، وقد جُرّب نحو ٢٠ مرة منذ اواسط عام ٢٠٠١.
اسلحة المستقبل
سوق الصواريخ المضادة للسفن على وشك ان تشهد تغييرا جذريا. وان اصحاب مصانع الصواريخ الرئيسية في العالم جاهزون كلهم لطرح منتوجات جديدة في السوق خلال العقد المقبل، الذي يعد باوقات مثيرة.