هل يمكن تطويع الطبيعة لهزيمة العدو
رادار
هل من الممكن للقوى أن تطوع الطبيعية لإلحاق أغراض تدميرية بعدو لها؟.. أو بالأحرى هل من الممكن أن يكون الزلزال أصبح سلاح وتنفرد قوى دولية بعينها بامتلاكه، وتقوم بتوجيهه صوب أعدائها بدلا من الدخول في حروب وتكبد خسائر سواء في العدة أو الأرواح؟.. بشكل واضح هل الزلزال الذي ضرب إيران من صنع أمريكا؟.. هذا ما ذكره موقع إيلاف على شبكة الإنترنت الذي أورد أيضا أن المتابع الجيد لمثل هذه الأخبار يجد أن حدوث الزلازل في إيران بات شيئا عاديا ويحدث بشكل متكرر، ومن يستعرض تاريخ هذا البلد يجد ماضي طويل لها مع الزلازل راح ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا وأشهرها زلزال «بم»، ولكن يبدو واضحا أن حدوثها أصبح متسارعا في السنوات الأخيرة مع تسارع حدة الصراع بينها وبين أمريكا. وبرغم أن الفكرة هلامية إلا أن لها أساس بالفعل، وقد راودت علماء ومتخصصين من قبل، كما أن المعلومات والحقائق في هذا المجال تثير الدهشة.
برامج سرية
بداية يدخل ذلك تحت ما يسمى الأسلحة التكنولوجية، ويمكن من خلالها كما جاء في أحد التقارير التحكم في الزلازل وتطويعها كسلاح فتاك، والمثير للدهشة وفقا لتقارير أن دول كبرى مثل الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية بدأت برامج لتطوير هذا النوع من الأسلحة منذ زمن وأحاطتها بسرية بالغة، وتم إجراء تجارب فعلية وراح ضحيتها آلاف الضحايا والجرحى في دول عديدة من جراء زلازل تسببت فيها الدولتين. والاتحاد السوفياتي شق طريقا طويلا في هذا المجال وحقق طفرة هائلة، إلا أن الأخبار عن برنامجه انقطعت مع تفككه وإن أشارت مصادر أنه كان موجودا حتى فترة «بوريس يلسن»، ولم تحدد المعلومات إذا كان البرنامج الأمريكي لايزال ساريا حتى هذه اللحظة أم توقف.
وقد بدأت أسرار البرنامج الروسي تتسرب عن طريق ضابط من أذربيجان يدعى «اكييف كازانوف» الذي أشار إلى نجاح تجارب أجراها علماء في أذربيجان في التحكم في الزلازل وإمكانية إثارتها في أي نقطة بشرط أن تكون مهيئة لذلك أو قريبة من خط حزام الزلازل، وذلك من خلال ضخ سوائل معينة في باطن القشرة الأرضية تؤدي إلى حدوث صدوع في الصفائح التكتونية المسؤولة عن حدوث الزلزال أو الهزة الأرضية. وبحسب كازانوف بدا البرنامج الروسي في السبعينات من القرن الماضي تحت اسم كودي هو «ميركوري وفولكان» بمشاركة من هيئة التصنيع الحربي السوفيتية وعلماء متخصصين من أذربيجان، مشيرا أنه عرف بهذا الموضوع بالصدفة عام 1985م عندما انتقل للعمل في جهاز الأمن القومي السوفيتي مع الكولونيل «شاميل كاسوفيتش»، وقد عرف من خلال احتكاكه بقسم المخابرات الفنية والعلمية تحديدا من العالم «اكرام كريموف» أن الجهاز توصل إلى سبب حدوث الزلازل وأصبح بإمكانيته تنشيطها من خلال أجهزة تحكم عن بعد.
وكان للاتحاد السوفيتي تجارب عديدة في هذا المجال، حيث اتهمته تقارير بأنه وراء حدوث زلزال أرمينا عام 1988م الذي راح ضحيته خمسين ألف شخص بالإضافة إلى تشريد الملايين، وساقت التقارير عدد من الأدلة منها أن الاتحاد السوفيتي منع قوات يابانية من الوصول إلى المنطقة خوفا من انكشاف الأمر، حيث حضر اليابانيون بمعدات حديثة يمكنها التمييز بين إذا الزلزال طبيعيا أو صناعي، وقد رصدت أجهزة الاستكشاف وجود ملوثات سامة في الهواء بشكل يؤكد أنه صناعيا، والغريب هو ما اعتبرته التقارير دليل على السوفييت في هذا الأمر حضور أكثر من 400 جندي سوفييتي قبل الزلزال لتأمين المنشأة العسكرية والاستراتيجية التابعة لروسيا، مما يؤكد أنه كان عندهم علم مسبق بموعد الزلزال. واتهمت التقارير أيضا الاتحاد السوفييتي بالوقوف وراء زلازل أخرى وقعن في الهند ووسط آسيا عام 1980م كانت نتاج تجارب روسية على سلاحها التكتوني.
وسائل إحداث الزلازل
علماء جيولوجيا أكدوا إمكانية حدوث الزلازل من خمسة طرق:
1- إما بحقن الأرض بسوائل معينة.
2- استخلاص سوائل من الأرض تؤثر على توازن الصفائح التكتونية.
3- الحفر أو التعدين.
4- إجراء نشاط نووي.
5- إقامة سدود.
وقد سجل العلماء زلازل نتجت عن أنشطة إنسانية مثلما حدث في «دينيفير» نتيجة حقن الأرض بسوائل عقبها حدوث زلازل. وقد تطرق مؤلف أمريكي معروف يدعى «كين فيوليت» في كتاب له ما اسماه خطة سرية لجماعة إرهابية تهدف لتسوية «سان فرانسيسكو» الأمريكية بالأرض من خلال زلزال صناعي، وبسؤال مجلة «صالون» له عن إمكانية ذلك أكد أن علماء زلازل قالوا له ممكن.
أما شرارة البرنامج الأمريكي لتطوير الأسلحة التكتونية فقد انطلقت من خلال أبحاث عالم يوغسلافي يدعى «نيكولا تيسلا»، وخصوصا كتابه الشهير «تيسلا والاختراعات المفقودة»، وقد اخترع جهاز يمكنه إثارة اهتزازات في القشرة الأرضية، ورغم قيامه بتحطيم جهازه خوفا من عواقبه الخطيرة، إلا أن أفكاره ساعدت الأمريكيين على الانطلاق في تطوير السلاح التكتوني الفتاك، وقد ربط باحثون ما بين تصريحات لـ «تيسلا» وبين ما حدث في زلزال تركيا وزلزال تشانجا الذي ضرب الصين عام 1977 وخلف ورائه خمسين ألف ضحية.
مشروع «هارب»
وبالرغم من خطورة تطوير السلاح التكتوني وفق تكنولوجيا «تيسلا»، إلا أن أمريكا ممثلة في البنتاجون أقامت أكبر مشروع من نوعه في هذا المجال تحت ستار «أبحاث الشفق» بتكلفة ثلاثين مليون دولار ويحمل أسم «هارب»، ورغم أن الهدف المعلن للمشروع هو ضخ كميات من الطاقة في الغلاف الجوي بغرض إبعاد السماوات عن الأرض باستخدام موجات لا سلكية عالية التردد، إلا أن الهدف الحقيقي منه هو تطوير سبل جديدة من تكنولوجيا الاتصالات والمراقبة ومساعدة المؤسسة العسكرية، وإرسال إشارات للغواصات النووية وكذلك لباطن الأرض، وقد تسربت معلومات من باحثين أن المشروع يقوم بأهداف سرية أخرى مثل تطوير أسلحة لتعديل الطقس والتحكم في العقل البشري، وتطوير أسلحة تكتونية أو مثيرة للزلازل، ونقلت التقارير اعتقاد بعض الخبراء أن أجهزة إرسال «هارب» تبحث في ظاهرة الكهرومغناطيسية تحرض الصخور التكتونية على الحركة والتصدع.
وقد أثار المؤلف «جميس سميث» صاحب كتاب «هارب.. سلاح المؤامرة الأخيرة» أبعاد المشروع الحقيقة مشيرا أو محذرا أن المشروع يهدف إلى إثارة الفوضى على سطح الأرض وأنه قائم على أبحاث وقد سجل لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق «ويليم كوهين» تصريح لوكالة رويتز تحدث فيه عن الاهتمام الأمريكي بتطوير الأسلحة غير التقليدية مثل الكيماوية والبيولوجية والكهرمغناطيسية التي تسبب ثقب في الأوزون، والتي تثير البراكين والزلازل حسب قوله. والواضح من تصريح كوهين أنه على معرفة بهذا السلاح التكتوني، وما يفسر الاهتمام الأمريكي به هو زيارة قام بها مجموعة من العلماء الأمريكيين لمتحف «تيسلا» في بلجراد، ويبدو أن الهدف من الزيارة وهو الوصول إلى المزيد من المعلومات في هذا المجال، ولعل ما يثبت قيام أمريكا بتطوير هذا السلاح, مقتل وزير التكنولوجيا والعلوم «هيديو موراي» بجامعة «أوم شرينكيو» اليابانية طعنا بالسكين في مؤتمر صحفي بطوكيو عام 1995م بعد لحظات قليلة من طرحه بالمؤتمر احتمالية أن يكون زلزال كوبا تم تنشيطه بواسطة قوى كهرومغناطيسية أو جهاز متصل بالقشرة الإرضية. والواضح أنه كان لديه معلومات ورأت جهات مسؤولة في موته ضمانا لسرية مشاريعها.
لعبة الرادار والطائرة
سميت الطائرة الأمريكية F-177 “الشبح” لقدرتها على التسلل في عمق أجواء العدو من دون أن يتمكن من رصدها بأجهزة راداره. والشبح هذه نموذج لجيل من الطائرات الخفية التي صممت بطريقة خاصة لتشتيت موجات الرادار وتشويهها فلا يستلمها العدو وبذلك لا يتمكن من رصدها أو تعقب حركتها. ومن أنواع طائرات هذا الجيل “F-117” و “B-2”، وحديثا المقاتلة الرابتور 22.
ومع تشكك بعض المصادر العلمية المختصة في كفاءة التقنية وقدرتها على جعل الطائرة خفية تماما، إلا أن استخدامها في حرب الخليج الثانية، وحرب كوسوفو أثبتت فاعلية غير اعتيادية في وصول الطائرة إلى أهدافها من دون خسائر تذكر. وفي الوقت الذي تستنفر فيه المنشآت العسكرية في أكثر من دولة لاستحداث وسائل مضادة لهذا السلاح الفعال، أعلن معهد روك مانور للأبحاث الإلكترونية وهو مؤسسة إنكليزية قامت على بقايا شركة “سيمنز” الألمانية للصناعات الإلكترونية، بأن مهندسيها توصلوا إلى طريقة عملية تجعل من تقنية “التخفي” في طائرة “الشبح” مجرد موضة قديمة.
والطريقة الجديدة تعتمد على التقاط صدى إشارات التلفون الخلوي المنعكسة على جسم الطائرة وتتبعها. ويضيف المهندسون بأن طريقتهم لا تكشف عن وجود الطائرة فقط وإنما تتمكن من تحديد موقعها بالضبط وتتبع حركتها.
ترى ما هي هذه التقنية الجديدة وكيف ستغير من دور “الخفية” في طائرة الشبح؟ وقبل هذا وذاك لابد من إشارة إلى الطريقة التي يستخدمها الرادار في كشف الطائرات البعيدة.
الرادار وكيف يعمل؟
تشكلت استراتيجيات الحروب الحديثة إلى حد بعيد على دور الرادار في الكشف المبكر للخروقات الجوية للعدو، فقبل الرادار لم تكن هناك من وسيلة لكشف غارة العدو قبل وصولها إلى أهدافها. وفي الثلاثينات من القرن الماضي اخترع الإنكليز الرادار فتغيرت بذلك كفة الحرب العالمية الثانية.
ومنذ اكتشافه في نهاية هذه الحرب ابتدأت بين الرادار والطائرة لعبة القط والفأر استخدمت فيها وسائل متعددة لتمكن الطائرة من أهدافها بأقل الخسائر. ومن هذه الوسائل استخدام أسلوب التمويه (Comouflaging) اللوني الذي لم يصمد طويلاً أمام تطور الرادار ووسائل مقاومة الطائرات. وتكتيكيا قد تلجأ الطائرات المهاجمة إلى مراوغة رادارات العدو وتضليلها باعتماد ارتفاعات واطئة والاحتماء بالتضاريس الأرضية من تلال ووديان لتفاجئ العدو قبل أن يتمكن من رصدها بالرادار.
وفي عام 1958م أرسلت أمريكا طائرة التجسس U-2 المموّة عبر روسيا ولكنها فوجئت عندما تلقت مع الرد الروسي المعترض على العملية مخططا مفصلا لمسار الطائرة فوق أراضيه. وهذا كان مؤشرا كافيا لاقتناع أمريكا بعدم فعالية مبدأ التمويه وأن عليها إيجاد وسيلة أخرى للتخفي من أعين الرادار.
وبعد عقود عدة على هذه الحادثة جاء فريق من الباحثين في شركتي نورثورب ولوكهيد للطائرات بحل جديد يلغي مبدأ التمويه ويستخدم مبدأ جديدا يلغي أو يشوه ارتداد الموجات الرادارية على سطح الطائرة، وسمي هذا المبدأ بالخفية (Stealth) ويعتمد على تحويل الطائرة إلى هوائي رديء، لا يعكس الإشارة وإنما يشوّهها ويركزها في بؤر داخلية.
ويتطلب لتحقيق هذا الهدف إجراء تغييرات كبيرة في شكل الطائرة يتضمن سحب الجناح إلى الخلف لتقليل مساحته السطحية وإلغاء السطوح المحدبة واستبدالها بأخرى ذات حافات حادة طويلة إضافة إلى طلاء الجسم بمادة بلاستيكية أو دهان ماص للموجات الرادارية. وقد أفلحت هذه الإجراءات مجتمعة في جعل الطائرة التي تزن أطنانا عدة تظهر على شاشة الرادار وكأنها عصفور أو حشرة صغيرة. وعلى هذه الأسس صنعت لوكهيد أول طائراتها الخفية التي سمّتها “لوكهيد هاف بلو” (Lokheed Have Blue).
الرادار الأحادي الستاتيكية
أعتمد مصنعو لوكهيد هاف بلو في جعل طائرتهم خفية على مقاومة المبدأ الذي يستخدمه الرادار التقليدي المسمى “الأحادي الستاتيكية” (Monostaic) وهذا يعني أن الرادار يستخدم الهوائي نفسه للإرسال وللاستقبال معا وعليه صممت الطائرة بشكل سطوح حادة الحافات لتشتيت موجة الرادار بدل عكسها.
وبعد هاف بلو أنتجت لوكهيد ومشاركوها الطائرتين، المقاتلة F-117 نايت هوك والقاذفة B-2 (السبريت) في الثمانينات من القرن الماضي واعتبرتا أول طائرتي شبح تدخلان الخدمة العسكرية في تاريخ الطيران. صممت الطائرتان بشكل جناح طائر منسحب إلى الخلف تؤدي فيه السطوح حادة الزاوية واجب عكس الإشارات الرادارية إلى الأعلى والأسفل وتشتيتها بعيدا عن اتجاه استقبالها.
الرادار الثنائي الستاتيكية
ومع أن الطائرة الشبح تمكنت إلى حد كبير من خداع الرادار التقليدي أحادي الستاتيكية، إلا أنها لم تستطع أن تحقق هذا النجاح مع الرادار الجديد المسمى بالرادار ثنائي الستاتيكية (Bistatic)، ويعني بذلك أن الإشارة المرتدة التي يرسلها هوائي الرادار لا يستلمها نفس الهوائي وإنما آخر بعيد عنه. وحيث أن المرسلة والمستقبلية توجدان في موقعين مختلفين، يصبح ممكنا للمستقبلية اصطياد الموجات المنعكسة على الشبح وتحديد موقعها. ويعتقد الخبراء أن “الشبح” تبدو على شاشة الرادار الجديد أكبر وأوضح قياسا بالرادار التقليدي.
وقد طورت الولايات المتحدة نظاما يستخدم طائرة لاستكشاف مركزية تحمل مرسلة الرادار وعددا من الطائرات الصغيرة غير المأهولة (بلا طيار) تحمل مستقبلات لهذا الرادار. ويمكن للطائرات المركزية أن تطير على ارتفاع عال داخل أجواء صديقة، فيما تنتشر الطائرات غير المأهولة في أعماق الأجواء العدو لرصد أي حركة للطيران المعادي. وعلى عكس الرادار الأحادي الذي يعتمد على حساب فرق الوقت بين إرسال الموجة وتسلم صداها المنعكس لتقدير بعد الطائرة عن هوائي الرادار، يعتمد الرادار الثنائي على حاسبات متطورة في حساب الفروقات الزمنية في الارتدادات على الجسم الطائر ومواقع المستقبلات التي قد تكون متحركة هي الأخرى.
كيف يعمل نظام مانور في رصد الشبح؟
أما نظام مانور الذي يستخدم التلفون الخلوي في رصد حركة “الشبح” فيسمى بنظام الرادار ثنائي الستاتيكية السلبي (Passive Bistatic Radar) وذلك لاعتماده على الإشارات الراديوية الموجودة في الجو وليس على تلك التي يرسلها هو. فإننا اليوم كما هو معروف نعيش في بحر متلاطم من الموجات الراديوية (الميكروية) تبعث باستمرار من مرسلات الإذاعة والتلفزيون وأبراج التلفون النقال (الخلوي) وغيرها. ويستخدم هذا النظام هوائي برج الإرسال التلفوني كمرسلة ومستقبلات الهاتف الخلوي كمستقبلات، ويتحدد الصدى الناتج عن مرور الطائرة الشبح من خلالها، وباستخدام الحاسوب يتم حساب الفروقات الزمنية وتعيين موقع الطائرة. ويشبه نظام مانور،الذي طور مصادفة بعد نقاش تقني كان يدور بين منهدسيه كما يقول ستين مدير إدارة المعهد، نظاما جديدا طورته شركة لوكهي مارتن الأمريكية واسمه (Sitent Sentry) أو البوم الصامت الذي يعتمد على رصد صدى إشارات الراديو والتلفزيون المنعكسة على الطائرة وليس على إشارات التلفون النقال.
هل سيهدد نظام مانور الجديد الأمن القومي الأمريكي، ويسقط مشروع التخفي الذي تعتمده طائرة الشبح؟ أسئلة أصبحت واردة بعد الإعلان عن نظام مانور في استخدام تقنية الرادار ثنائي الستاتيكية السلبي. ويقول جون شيفر، أحد مؤسسي مبدأ الخفية ومؤلف كتاب عن الرصد الراداري: “أنه ليس أكيدا.. فالرادار ثنائي الستاتيكية يكتسب كامل فعاليته عندما تكون الطائرة بين المرسلة والستقبلة، أي عندما تكون قد تسللت فعلا إلى داخل الأجواء الوطنية، وأن الرادار القديم يستخدم إشارة قوية بشكل شعاع مركز من عدة مئات من الكيلووات فيما يرسل هوائي التلفون مئات الآلاف من الإشارات في كل الاتجاهات في آن واحد. ولا يزيد طاقة أي منها عن عشرة وات، وهي طاقة لا تكفي (لإنارة مصباح صغير). والمعروف أيضا أن موجات الراديو تفقد طاقتها بالحركة، وتتشتت عند اصطدامها بالهدف، وعليه تكون ضعيفة الواقع على المستقبلية قياسا بالرادار.
تحذيرات
ومع كل ذلك، أصدرت وكالة خفض التحدي الوقائي التابعة للبنتاجون في شهر مارس 2005 تحذيرا ضد استخدام نظام Silent Sentry الذي يستخدم إشارات التلفزيون في كشف الشبح، لكنها لم تمنع من ناحية أخرى من إعلان التقنية للجمهور. من ناحية أخرى أبقى معهد روك مانور وباحثوه تفاصيل نظامهم سرا، ولكنهم نشروا مؤخرا مخططا يوضح اعتماده على مستقبلات متعددة فقط.
تقنية روك مانور
يرى المحللون والخبراء أن نظام روك مانور يعمل كالآتي:
عندما يرسل برج هوائي الخلوي إشارة تتسلمها الهواتف المستقبلة مرتين. الأولى مصدرها البرج والثانية ناتجة عن صدى ارتطامها بجسم الطائرة. فإذا تمكن عدد من هذه المستقبلات من قياس الفرق الزمني بين الإشارتين وبالاستعانة بنظام GPS في تعيين المسافات بين المستقبلات سيصبح بالإمكان تعيين موقع الهدف. وفي الوقت الذي ينشط فيه باحثو روك مانور وجهات أخرى غيرهم في تقرير قدرة نظام الرصد الجديد، تعمل شركات إنتاج الطائرات المقاتلة على تطوير وسائل جديدة “للخفية” تجعل الطائرة تختفي من على شاشة الرادار تماما. ومن هذه الوسائل مواد كيميائية وبلاستيكية يطلى بها جسم الطائرة تقوم بامتصاص الموجات الرادارية تماما. ومن هذه الكيميائيات ما هو فعال تماما في امتصاص إشارات “الخلوي” الميكروية.
وهكذا يرى الباحثون أن لعبة القط والفأر بين الرادار والطائرة ستبقى معنا لفترة طويلة أخرى من الزمن ريثما يتطور استخدام الطائرات الفضائية المأهولة وغيرها التي تعمل خارج نطاق الرادار، لرصد واستمكان وتدمير وسائل العدو بأي موقع على الأرض وهو ما تسعى إليه أمريكا في حروبها المستقبلية كما يؤكده المراقبون العسكريون.
رادار
هل من الممكن للقوى أن تطوع الطبيعية لإلحاق أغراض تدميرية بعدو لها؟.. أو بالأحرى هل من الممكن أن يكون الزلزال أصبح سلاح وتنفرد قوى دولية بعينها بامتلاكه، وتقوم بتوجيهه صوب أعدائها بدلا من الدخول في حروب وتكبد خسائر سواء في العدة أو الأرواح؟.. بشكل واضح هل الزلزال الذي ضرب إيران من صنع أمريكا؟.. هذا ما ذكره موقع إيلاف على شبكة الإنترنت الذي أورد أيضا أن المتابع الجيد لمثل هذه الأخبار يجد أن حدوث الزلازل في إيران بات شيئا عاديا ويحدث بشكل متكرر، ومن يستعرض تاريخ هذا البلد يجد ماضي طويل لها مع الزلازل راح ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا وأشهرها زلزال «بم»، ولكن يبدو واضحا أن حدوثها أصبح متسارعا في السنوات الأخيرة مع تسارع حدة الصراع بينها وبين أمريكا. وبرغم أن الفكرة هلامية إلا أن لها أساس بالفعل، وقد راودت علماء ومتخصصين من قبل، كما أن المعلومات والحقائق في هذا المجال تثير الدهشة.
برامج سرية
بداية يدخل ذلك تحت ما يسمى الأسلحة التكنولوجية، ويمكن من خلالها كما جاء في أحد التقارير التحكم في الزلازل وتطويعها كسلاح فتاك، والمثير للدهشة وفقا لتقارير أن دول كبرى مثل الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية بدأت برامج لتطوير هذا النوع من الأسلحة منذ زمن وأحاطتها بسرية بالغة، وتم إجراء تجارب فعلية وراح ضحيتها آلاف الضحايا والجرحى في دول عديدة من جراء زلازل تسببت فيها الدولتين. والاتحاد السوفياتي شق طريقا طويلا في هذا المجال وحقق طفرة هائلة، إلا أن الأخبار عن برنامجه انقطعت مع تفككه وإن أشارت مصادر أنه كان موجودا حتى فترة «بوريس يلسن»، ولم تحدد المعلومات إذا كان البرنامج الأمريكي لايزال ساريا حتى هذه اللحظة أم توقف.
وقد بدأت أسرار البرنامج الروسي تتسرب عن طريق ضابط من أذربيجان يدعى «اكييف كازانوف» الذي أشار إلى نجاح تجارب أجراها علماء في أذربيجان في التحكم في الزلازل وإمكانية إثارتها في أي نقطة بشرط أن تكون مهيئة لذلك أو قريبة من خط حزام الزلازل، وذلك من خلال ضخ سوائل معينة في باطن القشرة الأرضية تؤدي إلى حدوث صدوع في الصفائح التكتونية المسؤولة عن حدوث الزلزال أو الهزة الأرضية. وبحسب كازانوف بدا البرنامج الروسي في السبعينات من القرن الماضي تحت اسم كودي هو «ميركوري وفولكان» بمشاركة من هيئة التصنيع الحربي السوفيتية وعلماء متخصصين من أذربيجان، مشيرا أنه عرف بهذا الموضوع بالصدفة عام 1985م عندما انتقل للعمل في جهاز الأمن القومي السوفيتي مع الكولونيل «شاميل كاسوفيتش»، وقد عرف من خلال احتكاكه بقسم المخابرات الفنية والعلمية تحديدا من العالم «اكرام كريموف» أن الجهاز توصل إلى سبب حدوث الزلازل وأصبح بإمكانيته تنشيطها من خلال أجهزة تحكم عن بعد.
وكان للاتحاد السوفيتي تجارب عديدة في هذا المجال، حيث اتهمته تقارير بأنه وراء حدوث زلزال أرمينا عام 1988م الذي راح ضحيته خمسين ألف شخص بالإضافة إلى تشريد الملايين، وساقت التقارير عدد من الأدلة منها أن الاتحاد السوفيتي منع قوات يابانية من الوصول إلى المنطقة خوفا من انكشاف الأمر، حيث حضر اليابانيون بمعدات حديثة يمكنها التمييز بين إذا الزلزال طبيعيا أو صناعي، وقد رصدت أجهزة الاستكشاف وجود ملوثات سامة في الهواء بشكل يؤكد أنه صناعيا، والغريب هو ما اعتبرته التقارير دليل على السوفييت في هذا الأمر حضور أكثر من 400 جندي سوفييتي قبل الزلزال لتأمين المنشأة العسكرية والاستراتيجية التابعة لروسيا، مما يؤكد أنه كان عندهم علم مسبق بموعد الزلزال. واتهمت التقارير أيضا الاتحاد السوفييتي بالوقوف وراء زلازل أخرى وقعن في الهند ووسط آسيا عام 1980م كانت نتاج تجارب روسية على سلاحها التكتوني.
وسائل إحداث الزلازل
علماء جيولوجيا أكدوا إمكانية حدوث الزلازل من خمسة طرق:
1- إما بحقن الأرض بسوائل معينة.
2- استخلاص سوائل من الأرض تؤثر على توازن الصفائح التكتونية.
3- الحفر أو التعدين.
4- إجراء نشاط نووي.
5- إقامة سدود.
وقد سجل العلماء زلازل نتجت عن أنشطة إنسانية مثلما حدث في «دينيفير» نتيجة حقن الأرض بسوائل عقبها حدوث زلازل. وقد تطرق مؤلف أمريكي معروف يدعى «كين فيوليت» في كتاب له ما اسماه خطة سرية لجماعة إرهابية تهدف لتسوية «سان فرانسيسكو» الأمريكية بالأرض من خلال زلزال صناعي، وبسؤال مجلة «صالون» له عن إمكانية ذلك أكد أن علماء زلازل قالوا له ممكن.
أما شرارة البرنامج الأمريكي لتطوير الأسلحة التكتونية فقد انطلقت من خلال أبحاث عالم يوغسلافي يدعى «نيكولا تيسلا»، وخصوصا كتابه الشهير «تيسلا والاختراعات المفقودة»، وقد اخترع جهاز يمكنه إثارة اهتزازات في القشرة الأرضية، ورغم قيامه بتحطيم جهازه خوفا من عواقبه الخطيرة، إلا أن أفكاره ساعدت الأمريكيين على الانطلاق في تطوير السلاح التكتوني الفتاك، وقد ربط باحثون ما بين تصريحات لـ «تيسلا» وبين ما حدث في زلزال تركيا وزلزال تشانجا الذي ضرب الصين عام 1977 وخلف ورائه خمسين ألف ضحية.
مشروع «هارب»
وبالرغم من خطورة تطوير السلاح التكتوني وفق تكنولوجيا «تيسلا»، إلا أن أمريكا ممثلة في البنتاجون أقامت أكبر مشروع من نوعه في هذا المجال تحت ستار «أبحاث الشفق» بتكلفة ثلاثين مليون دولار ويحمل أسم «هارب»، ورغم أن الهدف المعلن للمشروع هو ضخ كميات من الطاقة في الغلاف الجوي بغرض إبعاد السماوات عن الأرض باستخدام موجات لا سلكية عالية التردد، إلا أن الهدف الحقيقي منه هو تطوير سبل جديدة من تكنولوجيا الاتصالات والمراقبة ومساعدة المؤسسة العسكرية، وإرسال إشارات للغواصات النووية وكذلك لباطن الأرض، وقد تسربت معلومات من باحثين أن المشروع يقوم بأهداف سرية أخرى مثل تطوير أسلحة لتعديل الطقس والتحكم في العقل البشري، وتطوير أسلحة تكتونية أو مثيرة للزلازل، ونقلت التقارير اعتقاد بعض الخبراء أن أجهزة إرسال «هارب» تبحث في ظاهرة الكهرومغناطيسية تحرض الصخور التكتونية على الحركة والتصدع.
وقد أثار المؤلف «جميس سميث» صاحب كتاب «هارب.. سلاح المؤامرة الأخيرة» أبعاد المشروع الحقيقة مشيرا أو محذرا أن المشروع يهدف إلى إثارة الفوضى على سطح الأرض وأنه قائم على أبحاث وقد سجل لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق «ويليم كوهين» تصريح لوكالة رويتز تحدث فيه عن الاهتمام الأمريكي بتطوير الأسلحة غير التقليدية مثل الكيماوية والبيولوجية والكهرمغناطيسية التي تسبب ثقب في الأوزون، والتي تثير البراكين والزلازل حسب قوله. والواضح من تصريح كوهين أنه على معرفة بهذا السلاح التكتوني، وما يفسر الاهتمام الأمريكي به هو زيارة قام بها مجموعة من العلماء الأمريكيين لمتحف «تيسلا» في بلجراد، ويبدو أن الهدف من الزيارة وهو الوصول إلى المزيد من المعلومات في هذا المجال، ولعل ما يثبت قيام أمريكا بتطوير هذا السلاح, مقتل وزير التكنولوجيا والعلوم «هيديو موراي» بجامعة «أوم شرينكيو» اليابانية طعنا بالسكين في مؤتمر صحفي بطوكيو عام 1995م بعد لحظات قليلة من طرحه بالمؤتمر احتمالية أن يكون زلزال كوبا تم تنشيطه بواسطة قوى كهرومغناطيسية أو جهاز متصل بالقشرة الإرضية. والواضح أنه كان لديه معلومات ورأت جهات مسؤولة في موته ضمانا لسرية مشاريعها.
لعبة الرادار والطائرة
سميت الطائرة الأمريكية F-177 “الشبح” لقدرتها على التسلل في عمق أجواء العدو من دون أن يتمكن من رصدها بأجهزة راداره. والشبح هذه نموذج لجيل من الطائرات الخفية التي صممت بطريقة خاصة لتشتيت موجات الرادار وتشويهها فلا يستلمها العدو وبذلك لا يتمكن من رصدها أو تعقب حركتها. ومن أنواع طائرات هذا الجيل “F-117” و “B-2”، وحديثا المقاتلة الرابتور 22.
ومع تشكك بعض المصادر العلمية المختصة في كفاءة التقنية وقدرتها على جعل الطائرة خفية تماما، إلا أن استخدامها في حرب الخليج الثانية، وحرب كوسوفو أثبتت فاعلية غير اعتيادية في وصول الطائرة إلى أهدافها من دون خسائر تذكر. وفي الوقت الذي تستنفر فيه المنشآت العسكرية في أكثر من دولة لاستحداث وسائل مضادة لهذا السلاح الفعال، أعلن معهد روك مانور للأبحاث الإلكترونية وهو مؤسسة إنكليزية قامت على بقايا شركة “سيمنز” الألمانية للصناعات الإلكترونية، بأن مهندسيها توصلوا إلى طريقة عملية تجعل من تقنية “التخفي” في طائرة “الشبح” مجرد موضة قديمة.
والطريقة الجديدة تعتمد على التقاط صدى إشارات التلفون الخلوي المنعكسة على جسم الطائرة وتتبعها. ويضيف المهندسون بأن طريقتهم لا تكشف عن وجود الطائرة فقط وإنما تتمكن من تحديد موقعها بالضبط وتتبع حركتها.
ترى ما هي هذه التقنية الجديدة وكيف ستغير من دور “الخفية” في طائرة الشبح؟ وقبل هذا وذاك لابد من إشارة إلى الطريقة التي يستخدمها الرادار في كشف الطائرات البعيدة.
الرادار وكيف يعمل؟
تشكلت استراتيجيات الحروب الحديثة إلى حد بعيد على دور الرادار في الكشف المبكر للخروقات الجوية للعدو، فقبل الرادار لم تكن هناك من وسيلة لكشف غارة العدو قبل وصولها إلى أهدافها. وفي الثلاثينات من القرن الماضي اخترع الإنكليز الرادار فتغيرت بذلك كفة الحرب العالمية الثانية.
ومنذ اكتشافه في نهاية هذه الحرب ابتدأت بين الرادار والطائرة لعبة القط والفأر استخدمت فيها وسائل متعددة لتمكن الطائرة من أهدافها بأقل الخسائر. ومن هذه الوسائل استخدام أسلوب التمويه (Comouflaging) اللوني الذي لم يصمد طويلاً أمام تطور الرادار ووسائل مقاومة الطائرات. وتكتيكيا قد تلجأ الطائرات المهاجمة إلى مراوغة رادارات العدو وتضليلها باعتماد ارتفاعات واطئة والاحتماء بالتضاريس الأرضية من تلال ووديان لتفاجئ العدو قبل أن يتمكن من رصدها بالرادار.
وفي عام 1958م أرسلت أمريكا طائرة التجسس U-2 المموّة عبر روسيا ولكنها فوجئت عندما تلقت مع الرد الروسي المعترض على العملية مخططا مفصلا لمسار الطائرة فوق أراضيه. وهذا كان مؤشرا كافيا لاقتناع أمريكا بعدم فعالية مبدأ التمويه وأن عليها إيجاد وسيلة أخرى للتخفي من أعين الرادار.
وبعد عقود عدة على هذه الحادثة جاء فريق من الباحثين في شركتي نورثورب ولوكهيد للطائرات بحل جديد يلغي مبدأ التمويه ويستخدم مبدأ جديدا يلغي أو يشوه ارتداد الموجات الرادارية على سطح الطائرة، وسمي هذا المبدأ بالخفية (Stealth) ويعتمد على تحويل الطائرة إلى هوائي رديء، لا يعكس الإشارة وإنما يشوّهها ويركزها في بؤر داخلية.
ويتطلب لتحقيق هذا الهدف إجراء تغييرات كبيرة في شكل الطائرة يتضمن سحب الجناح إلى الخلف لتقليل مساحته السطحية وإلغاء السطوح المحدبة واستبدالها بأخرى ذات حافات حادة طويلة إضافة إلى طلاء الجسم بمادة بلاستيكية أو دهان ماص للموجات الرادارية. وقد أفلحت هذه الإجراءات مجتمعة في جعل الطائرة التي تزن أطنانا عدة تظهر على شاشة الرادار وكأنها عصفور أو حشرة صغيرة. وعلى هذه الأسس صنعت لوكهيد أول طائراتها الخفية التي سمّتها “لوكهيد هاف بلو” (Lokheed Have Blue).
الرادار الأحادي الستاتيكية
أعتمد مصنعو لوكهيد هاف بلو في جعل طائرتهم خفية على مقاومة المبدأ الذي يستخدمه الرادار التقليدي المسمى “الأحادي الستاتيكية” (Monostaic) وهذا يعني أن الرادار يستخدم الهوائي نفسه للإرسال وللاستقبال معا وعليه صممت الطائرة بشكل سطوح حادة الحافات لتشتيت موجة الرادار بدل عكسها.
وبعد هاف بلو أنتجت لوكهيد ومشاركوها الطائرتين، المقاتلة F-117 نايت هوك والقاذفة B-2 (السبريت) في الثمانينات من القرن الماضي واعتبرتا أول طائرتي شبح تدخلان الخدمة العسكرية في تاريخ الطيران. صممت الطائرتان بشكل جناح طائر منسحب إلى الخلف تؤدي فيه السطوح حادة الزاوية واجب عكس الإشارات الرادارية إلى الأعلى والأسفل وتشتيتها بعيدا عن اتجاه استقبالها.
الرادار الثنائي الستاتيكية
ومع أن الطائرة الشبح تمكنت إلى حد كبير من خداع الرادار التقليدي أحادي الستاتيكية، إلا أنها لم تستطع أن تحقق هذا النجاح مع الرادار الجديد المسمى بالرادار ثنائي الستاتيكية (Bistatic)، ويعني بذلك أن الإشارة المرتدة التي يرسلها هوائي الرادار لا يستلمها نفس الهوائي وإنما آخر بعيد عنه. وحيث أن المرسلة والمستقبلية توجدان في موقعين مختلفين، يصبح ممكنا للمستقبلية اصطياد الموجات المنعكسة على الشبح وتحديد موقعها. ويعتقد الخبراء أن “الشبح” تبدو على شاشة الرادار الجديد أكبر وأوضح قياسا بالرادار التقليدي.
وقد طورت الولايات المتحدة نظاما يستخدم طائرة لاستكشاف مركزية تحمل مرسلة الرادار وعددا من الطائرات الصغيرة غير المأهولة (بلا طيار) تحمل مستقبلات لهذا الرادار. ويمكن للطائرات المركزية أن تطير على ارتفاع عال داخل أجواء صديقة، فيما تنتشر الطائرات غير المأهولة في أعماق الأجواء العدو لرصد أي حركة للطيران المعادي. وعلى عكس الرادار الأحادي الذي يعتمد على حساب فرق الوقت بين إرسال الموجة وتسلم صداها المنعكس لتقدير بعد الطائرة عن هوائي الرادار، يعتمد الرادار الثنائي على حاسبات متطورة في حساب الفروقات الزمنية في الارتدادات على الجسم الطائر ومواقع المستقبلات التي قد تكون متحركة هي الأخرى.
كيف يعمل نظام مانور في رصد الشبح؟
أما نظام مانور الذي يستخدم التلفون الخلوي في رصد حركة “الشبح” فيسمى بنظام الرادار ثنائي الستاتيكية السلبي (Passive Bistatic Radar) وذلك لاعتماده على الإشارات الراديوية الموجودة في الجو وليس على تلك التي يرسلها هو. فإننا اليوم كما هو معروف نعيش في بحر متلاطم من الموجات الراديوية (الميكروية) تبعث باستمرار من مرسلات الإذاعة والتلفزيون وأبراج التلفون النقال (الخلوي) وغيرها. ويستخدم هذا النظام هوائي برج الإرسال التلفوني كمرسلة ومستقبلات الهاتف الخلوي كمستقبلات، ويتحدد الصدى الناتج عن مرور الطائرة الشبح من خلالها، وباستخدام الحاسوب يتم حساب الفروقات الزمنية وتعيين موقع الطائرة. ويشبه نظام مانور،الذي طور مصادفة بعد نقاش تقني كان يدور بين منهدسيه كما يقول ستين مدير إدارة المعهد، نظاما جديدا طورته شركة لوكهي مارتن الأمريكية واسمه (Sitent Sentry) أو البوم الصامت الذي يعتمد على رصد صدى إشارات الراديو والتلفزيون المنعكسة على الطائرة وليس على إشارات التلفون النقال.
هل سيهدد نظام مانور الجديد الأمن القومي الأمريكي، ويسقط مشروع التخفي الذي تعتمده طائرة الشبح؟ أسئلة أصبحت واردة بعد الإعلان عن نظام مانور في استخدام تقنية الرادار ثنائي الستاتيكية السلبي. ويقول جون شيفر، أحد مؤسسي مبدأ الخفية ومؤلف كتاب عن الرصد الراداري: “أنه ليس أكيدا.. فالرادار ثنائي الستاتيكية يكتسب كامل فعاليته عندما تكون الطائرة بين المرسلة والستقبلة، أي عندما تكون قد تسللت فعلا إلى داخل الأجواء الوطنية، وأن الرادار القديم يستخدم إشارة قوية بشكل شعاع مركز من عدة مئات من الكيلووات فيما يرسل هوائي التلفون مئات الآلاف من الإشارات في كل الاتجاهات في آن واحد. ولا يزيد طاقة أي منها عن عشرة وات، وهي طاقة لا تكفي (لإنارة مصباح صغير). والمعروف أيضا أن موجات الراديو تفقد طاقتها بالحركة، وتتشتت عند اصطدامها بالهدف، وعليه تكون ضعيفة الواقع على المستقبلية قياسا بالرادار.
تحذيرات
ومع كل ذلك، أصدرت وكالة خفض التحدي الوقائي التابعة للبنتاجون في شهر مارس 2005 تحذيرا ضد استخدام نظام Silent Sentry الذي يستخدم إشارات التلفزيون في كشف الشبح، لكنها لم تمنع من ناحية أخرى من إعلان التقنية للجمهور. من ناحية أخرى أبقى معهد روك مانور وباحثوه تفاصيل نظامهم سرا، ولكنهم نشروا مؤخرا مخططا يوضح اعتماده على مستقبلات متعددة فقط.
تقنية روك مانور
يرى المحللون والخبراء أن نظام روك مانور يعمل كالآتي:
عندما يرسل برج هوائي الخلوي إشارة تتسلمها الهواتف المستقبلة مرتين. الأولى مصدرها البرج والثانية ناتجة عن صدى ارتطامها بجسم الطائرة. فإذا تمكن عدد من هذه المستقبلات من قياس الفرق الزمني بين الإشارتين وبالاستعانة بنظام GPS في تعيين المسافات بين المستقبلات سيصبح بالإمكان تعيين موقع الهدف. وفي الوقت الذي ينشط فيه باحثو روك مانور وجهات أخرى غيرهم في تقرير قدرة نظام الرصد الجديد، تعمل شركات إنتاج الطائرات المقاتلة على تطوير وسائل جديدة “للخفية” تجعل الطائرة تختفي من على شاشة الرادار تماما. ومن هذه الوسائل مواد كيميائية وبلاستيكية يطلى بها جسم الطائرة تقوم بامتصاص الموجات الرادارية تماما. ومن هذه الكيميائيات ما هو فعال تماما في امتصاص إشارات “الخلوي” الميكروية.
وهكذا يرى الباحثون أن لعبة القط والفأر بين الرادار والطائرة ستبقى معنا لفترة طويلة أخرى من الزمن ريثما يتطور استخدام الطائرات الفضائية المأهولة وغيرها التي تعمل خارج نطاق الرادار، لرصد واستمكان وتدمير وسائل العدو بأي موقع على الأرض وهو ما تسعى إليه أمريكا في حروبها المستقبلية كما يؤكده المراقبون العسكريون.