نحو تفسير اسهل/سورة الفجر/د. عائض القرني

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,817
التفاعل
19,641 125 0
نحو تفسير اسهل

الدكتور عائض القرني

سورة الفجر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ



وَالْفَجْرِ (1)
أقسم قسما بالفجر إذا غشي العالم بضيائه، وكسا الكون بسنائه، وأشرق على الدنيا ببهائه.

وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)
وأقسم قسما بالليالي العشر من ذي الحجة؛ لشرف زمانها، وكثرة أعمال الخير فيها، وكون أيام الحج والنسك في أوقاتها.

وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)
وأقسم قسما بالزوج والفرد من كل نوع وصنف، فما تناسل كان له زوجان، وما كان جامدا ففرد واحد.

وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)
وأقسم قسما بالليل حين يمضي بظلمته، ويذهب بسواده؛ ليحل النهار محله، وفي هذا الذهاب آية انبلاج الصبح.

هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
هل في ما أقسمت به من هذه المخلوقات قسم كاف شاف لمن له عقل يرشده إلى صدق ما أقسمت عليه، وصحة ذلك.

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)
ألم تعلم ماذا فعل ربك بعاد قوم هود يوم عذبهم بالريح، وأفناهم بالهلاك وهم أقوى من كفار مكة؟ فهلاك هؤلاء أهون عليه.

إِرَمَ ذات الْعِمَادِ (7)
أهل المدينة العظيمة ذات البناء الرفيع والقصور الشاهقة، والأعمدة السامقة. قيل: إنها قريبة من عدن.

الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8)
التي لم يوجد مثل بنائها العجيب، وشكلها الغريب، وقوة أهلها، وكثرة خيراتها، وحصانة بنائها.

وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9)
وثمود أهلكناهم وكانوا يقطعون الصخور في أوديتهم ويبنون بها، فما منعتهم قوتهم منا لما دمرناهم.

وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10)
وأهلكنا فرعون وقصوره العظيمة، وجنوده العتيدة، ودمرنا مبانيه التي كأنها جبال في الثبات والطول والقوة.

الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11)
هؤلاء الأقوام أكثروا ظلم الأنام، وأسرفوا في الآثام، وسفكوا الدم الحرام، فاستحقوا هذا الانتقام.

فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)
فأكثروا في البلاد الفساد، من التكذيب والعناد، والظلم والاستبداد، والقهر والاستعباد، والإضرار بالعباد.

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)
فأرسل الله عليهم نصيبا مؤلما، وعذابا شديدا، وبأسا قويا، وبطش بهم فأبادهم ودمر ديارهم.

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)
إن ربك يرصد أعمال الفجار، ويرقب أفعال الكفار، ثم يعاقبهم في الدنيا بالدمار، وفى الآخرة بالنار.

فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بحالة الغنى فأكرمه بالمال وحسن الحال، فإنه يغتر وينخدع ويقول: هذا لمنزلتي عند ربي، ولما لي عنده من حظوة وقرب، وقد يكون هذا من الاستدراج.

وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)
وإذا ما اختبره بالفقر والعسر فضيق عليه الرزق، وقتر عليه المعيشة، ظن أنه لسوء مكانته وبعده عن ربه وحسبها هوانا من الله له.

كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)
والصحيح أنه لا هذا ولا ذاك، فليس الإعطاء تكريما، وليس المنع إهانة على الإطلاق، ولكنكم في حال الغنى لا تحسنون إلى اليتيم، ولا ترحمون ضعفه، ولا تلطفون به؛ لطغيان المال وقسوة القلوب.

وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)
ولا يحث بعضكم بعضا على إطعام المسكين وحسن ضيافته، وجميل رعايته، فالغالب على الناس الجفاء مع الفقراء.

وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا (19)
وتأكلون الميراث بنهم وشره، لا تفرقون بين حلال أو حرام، وتضمون حق الأيتام والأرامل والنساء إلى حقوقكم بلا ورع.

وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)
وتحبون جمع المال حبا شديدا، تفنون من أجله الأعمار، وتركبون في سبيله الأخطار، وتكثرون لتحصيله الأسفار، وأكثر الناس عبيد للدرهم والدينار.

كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)
انتهوا عن هذا الفعل، وتذكروا إذا زلزلت الأرض زلزالا شديدا، حتى يزول ما عليها ويخرب بنيانها، وتهدم أركانها، وتميد بأهلها، وتضطرب بسكانها.

وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)
وجاء ربك لفصل القضاء مجيئا يليق بجلاله، ومعه ملائكة السماء في صفوف وهم متراصون خاشعون لربهم مطيعون له.

وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ (23)
وبرزت النار للناظرين ، وأحضرت للمجرمين ، حينها يتذكر الإنسان ذنوبه وإهماله وتفريطه في الدنيا في وقت لاينفعه التذكر ولايفيده الندمن فقد فات الأوان ، وحان الحساب ، وحلً القضاء .

يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)
يقول هذا المذنب : ياليتني قدمت خيرا في الحياة الدانية الفانية لحياتي هذه الباقية من العمل الصالح والأفعال الحسنة .

فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)
حينها لا يُعذِبُ مثل عذاب الله لأعدائه احدٌ لشدة عذابه وقوة عقابه، وعظيم نكاله ، وقوة بطشه.

وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)
ولا يُوثِقُ أحدٌ مثل إيثاقه لأعدائه في نار جهنم ، فإنهم يُصفدون في السلاسل ويقيدون في الأغلال ، مع النكال وسوء الحال وقبح المآل.

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)
ويقال لنفس المؤمن الصالح : يا أيها النفس الراضية بدين الله وقضائه وعطائه ، المطمئنة بذكره ، المتيقنة بوعده ووعيده

ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)
عودي إلى ثواب ربكِ ورضوانه وفضله وجنانه ، وحسن عطائه وامتنانه ، راضية عنه بما منح من ثواب ، وصرف من عقاب وقد رضي هو عنها بما فعلت من هدى واجتنبت من ردى.

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)
فادخلي من بين عباد الله الصالحين ، وحزبه المفلحين ، وجنده الفائزين في النعيم الأبدي ، والخلود السرمدي

وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)
وادخلي جنتي مقر رحمتي ، فتنعمي بأنعم دار وخير جوار مع الأبرار ، في مقعد صدق ومقام آمن ومحل خلود ، نعيم لايفنى وخير لايبلى.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى