العلاقة بين التكنولوجيا والحرب تاريخ بداية التكنولوجيا .. متى .. وأين ؟؟

شعلة الشهداء

صقور الدفاع
إنضم
15 يونيو 2011
المشاركات
2,710
التفاعل
415 0 0
العلاقة بين التكنولوجيا والحرب تاريخ بداية التكنولوجيا .. متى .. وأين ؟؟



Handler.ashx


الكاتب: عقيدركن / محمد حسين الغفاري


إن المعلومات المتوفرة لدى الباحثين قبل اختراع الكتابة مستقاة من البقايا التاريخية وبسبب ذلك عرفت تلك الفترات بفترات ما قبل التاريخ ... وفي تلك الأزمنة السحيقة عمد الإنسان إلى صنع أدوات ووسائل من مواد قابلة للبقاء مئات الآلاف من السنين ولما كانت المواد الحجرية أكثر المواد تأهيلاً للوفاء بذلك سادت هذه المادة تلك العصور وسميت بها العصور الحجرية وإذا كانت هنالك مواد أخرى استخدمت في تلك الحضارات القديمة لابد أن تكون مواد طبيعية لصيقة بالبيئة المحيطة وفي متناول إنسان العصور القديمة ... ويمكن القول أن التكنولوجيا التي بنيت على تلك المواد لم تكن مخصصة لأغراض عسكرية أو غير عسكرية لأن الحرب المنظمة كما نعرفها اليوم لم تكن معروفة في ذلك الوقت – فقد كانت الفؤوس الحجرية الحادة تفيد الإنسان في تقطيع الطعام وفي نفس الوقت يمكن استخدامها في قطع رأس العدو إذا ما استدعى الحال ذلك.

وفي العام 2500 قبل الميلاد استخدمت الحضارات القديمة الكبرى مثل الصينية، الهندية، السومرية، والمصرية مختلف الوسائل والأدوات المصنوعة من المواد الطبيعية ومعظمها أدوات استخدام باليد وكانت الطاقة المستخدمة في التكنولوجيا إلى جانب النار عضلات الإنسان نفسه، أما فكرة أن التكنولوجيا يمكن أن تستمد طاقتها من مصادر غير جسم الإنسان فإنها لم تأت إلاّ في العصر الحجري الحديث وخلال تلك العصور التي استخدمت فيها الحضارة التكنولوجيا في شكل أدوات بدائية انحصر استخدام الطاقة الموظفة في الحرب في عضلات الإنسان والحيوان مطبقة بواسطة أفراد وجماعات صغيرة مع تسجيل بعض الاستثناءات لهذه القاعدة ويمكن أن نقول إجمالاً أن عصر حضارة الأدوات بدأ منذ العصور القديمة وحتى عام 1500 بعد الميلاد.

وبعد عام 1500 للميلاد فإن معظم الأسلحة الموظفة في الحرب صارت لا تستمد طاقتها من مصادر بيولوجية – بل من مصادر كيميائية.
ومن هنا يمكن أن نبدأ الحديث عن عصر الآلة وظهور البنادق والبارود.
لقد أحدث استخدام الأسلحة الجديدة المعتمدة على الطاقة الكيماوية ثورة في أسلوب الحرب في جانبين :
أولاً :

ظهرت قوة أكبر.
ثانيا :

أدى دخولها إلى أرض المعركة إلى بروز مفهوم جديد وهو أن القدرة على سحق العدو ليست معتمدة على القوة الجسدية المباشرة كما كان في السابق وإنما أصبحت مسألة تدريب ومهارة مهنية.
وقد أحدث ظهور البارود تأثيراً كبيراً على عمليات الحصار والدفاع، ويمكن القول أن استخدام الأسلحة النارية في أوروبا بدأ في الربع الأول للقرن الرابع عشر وكان الأثر هائلاً من الناحية السيكولوجية والجسدية ومن أهم الآثار الناجمة عن ظهور البارود واستخدامه في الحرب هو أثره بالدرجة الأولى على التكتيك وبدرجة أقل أثر على التنظيم، الإدارة اللوجستية الاستخباراتية ، القيادة والسيطرة والإستراتيجية.
وامتاز عصر الآلة واستخدام الأدوات الفردية بغياب تكنولوجيا التنسيق فقد كانت هناك بعض الآلات والأدوات تتطلب مئات الرجال غير أنها لم تندمج في نظام معقد.
وبعد عام 1830م ظهر دمج الرجال والأجهزة والتنسيق فيما بينهما فيما عرف بعصر الأنظمة من 1830م وحتى 1945م،وربما يكون من أعظم المساهمات التي أتاحتها التكنولوجيا العسكرية أثناء الفترة من 1830م وحتى انفجار الحرب العالمية الثانية هو الاتجاه نحو زيادة قوة النيران، وهكذا تطور اتجاه إدخال الأوتوماتيكية بالحرب العالمية الثانية وحتى الآن وسادت القوة النووية وانبثق عصر الكمبيوتر والحرب المتكاملة.

منطق الحرب ومنطق التكنولوجيا

أعظم المساهمات التي أتاحتها التكنولوجيا العسكرية حتى انفجار الحرب العالمية الثانية هو الاتجاه نحو زيادة قوة النيران​
تتخلل التكنولوجيا الحرب وتمتزج بها إلى درجة أنه لا يوجد عنصراً أو عاملاً من عوامل الحرب لاتتحكم فيه التكنولوجيا أو على الأقل ترتبط به .. إن الأسباب التي تقود إلى الحرب والأهداف التي من أجلها تثار الحروب، والكوارث التي تسببها الحملات والنصر الذي يعقبها أحياناً ,العلاقة بين القوات المسلحة والمجتمع الذي تخدمه والتخطيط والتجهيز، والتنفيذ، والتقييم، العمليات والاستخبارات والتنظيم والتموين، الأهداف والأساليب، القدرات والمهمات، القيادة والإستراتيجية والتكتيك وحتى الإجراءات الذهنية التي يتبناها العقل من أجل أعمال التفكير في الحساب وسلوكياتها .. كل ذلك يتأثر بالتكنولوجيا.
فإذا صح بأن كل جزء من الحرب محسوس بوسائل التكنولوجيا فإنه ليس أقل صحة قولنا أن أي جزء من التكنولوجيا يؤثر في الحرب، ووسائل التكنولوجيا مثل الطرق، المركبات والاتصالات والساعات ليس من المألوف وضعها في إطار عسكري غير أنها قامت بأدوار هامة في تشكيل وجه الحرب مثلها مثل الأسلحة والأنظمة العسكرية وهذه التكنولوجيا تحكم وربما تؤسس البنية التحتية للحرب .
وتعبر تلك البنية التحتية طريقاً طويلاً لتفرض شخصية المنظمة والإدارة اللوجستية، الاستخبارات، الإستراتيجية وحتى مفهوم المعركة نفسه، وبدونها تكون إدارة الأزمة المسلحة مستحيلة.
إن أهمية التكنولوجيا العسكرية وغير العسكرية تعتمد على طول فترة الأزمة .. فكلما كانت الحرب قصيرة كان دور الأنشطة العسكرية فيها أكبر من القتال الصرف ويكبر أيضاً دور التكنولوجيا في توجيه تلك الأنشطة والتحكم فيها.
وأفضل فهم للتكنولوجيا ربما يكون على أنها نظام تجريدي للمعرفة و موقف تجاه الحياة وأسلوب لحل مشاكلها.. وليس هنالك من شك في أنه حتى أمم العصر الحجري كانت لها وسائلها التكنولوجية وأن إدارة الحرب فيها خضعت لاستخدام الأجهزة التقنية.
وفكرة أن الحرب مسألة تكنولوجية بشكل رئيسي، إذاً ينبغي أن يديرها الفنيون وأنه ينبغي توظيف طرف وأساليب مستمدة من التكنولوجيا وأن نلتمس تحقيق النصر باكتساب التفوق التكنولوجي ليست بالضرورة فكرة صحيحة.
ومع ذلك فإن نهوض هذه الفكرة كأحد أبرز التطورات التي جلبت بواسطة التكنولوجيا المتقدمة منذ الثورة الصناعية، وإذا ما أخذنا هذه الفكرة إلى أقصى حد فإنها تكون من أكثر الأفكار خطورة.
أما الذين ينظرون إلى العالم نظرة معقولة فإنه ليس صحيحاً أن أثر التكنولوجيا في الحرب يمكن قياسه تماماً حسب الفعل المادي الذي تحدثه ، إذ أن العلاقة بين الاثنين تتضمن جوانب إضافية غير نفعية وغير وظيفية.. ومعظم هذه الجوانب غير ملموسة ولا يمكن إخضاعها للحسابات أو تقدير التكاليف غير أنها تلعب دوراً متعاظماً في الأنشطة التي تتخللها العوامل السيكولوجية مثل الحرب .. وإن إهمال هذه الجوانب تكون عواقبه وخيمة ليس فقط في عدم فهم دور التكنولوجيا في الحرب وإنما أسوأ من ذلك ألا وهي الهزيمة.
ومهما أسهبنا في توضيح العلاقة بين التكنولوجيا والحرب فإنه من الصعب إدراك وتمييز الاتجاهات لفترة طويلة، لأن الفهم الصحيح للتكنولوجيا يتضمن بشكل دقيق إدراك أن معظم الأشياء التي يمكن أن تفعلها أو تخدم فيها الحرب متفاعلة وقابلة للتبادل..
وعلى سبيل المثال فإننا نعرف أن أشكال المواصلات يمكن أن تستبدل بعضها بالبعض.. كذلك قوة معظم الأسلحة يمكن تقييمها حسب دقتها ومداها ومعدل ميزانها وحتى أثرها الأخلاقي.
إن التحركات، الانتشار، التمويه والدروع يمكن توظيفها للحاجة وقد تشتمل التحركات على السرعة، التسارع، المدى، القدرة على عبور التضاريس، الدروع وغيرها من العناصر.
ومهما كان نوع المشكلة التي تواجه المرء فهنالك دائماً أكثر من سبيل للحصول على الهدف المنشود ولهذا السبب فإن نفس التكنولوجيا مستخدمة بأيدي مختلفة يمكن أن تستخدم بطرق مختلفة.
وبالرغم من أن الإدراك التاريخي المتأخر للأحداث وطبيعتها يكشف ضغط الأهداف نحو تبني حل دون آخر . فمما لا شك فيه أن تفاعل التكنولوجيا والحرب كان دائماً نتاجاً اعتباطياً عرضياً أكثر منه كونه حتمياً وضرورياً .. ولذلك فإنه في بعض الأحيان كلما كان فهم ذلك التفاعل أفضل وأشمل كلما كان التعرف على الاتجاهات والتنبؤ أكثر صعوبة.

هل من الممكن في الحرب التعرف على بعض العناصر التي لا تتأثر بالتغيير التكنولوجي ؟

إن الفهم الصحيح للتكنولوجيا يتضمن بشكل دقيق إدراك أن معظم الأشياء التي يمكن أن تفعلها أو تخدم فيها الحرب متفاعلة وقابلة للتبادل​
والآن يحق لنا أن نطرح هذا السؤال : هل من الممكن في الحرب التعرف على بعض العناصر التي لا تتأثر بالتغيير التكنولوجي وتبقى تبعاً لذلك ثابتةً عبر العصور؟.
للإجابة على هذا السؤال الحرج – دعونا نعرف ما قاله كلاوزفتز(Clausewitz) عن الحرب حين تم تعريف النزاع المسلح كعمل من أعمال العنف حيث كِلا الجانبين جاهز لتدمير الآخر، وهذا ما يجعل الوضع فيه كثير من الصعوبة والمعاناة والضغوط والإجهاد النفسي والخوف والألم والموت.
وعندما يزول الخطر وتنتهي الحرب ليس هناك حسابات عقلانية في العالم تستطيع أن تقنع إنساناً بالتطوع بحياته.. وعلى المستوى الفردي أو الجماعي فإن الحرب بصفة رئيسية ماهي إلاّ شئون قلبية عاطفية .. تسودها عوامل لا عقلانية مثل الشجاعة والثبات والشرف والواجب والإخلاص والتضحية بالنفس.
ولما لم يكن لأي من تلك العوامل السابق ذكرها علاقة بالتكنولوجيا سواء كانت بدائية أو معقدة ومتقدمة فقد ظلت موجودة عندما كان إنسان الكهوف يدخل في نزاعات وجهاً لوجه قبل 50.000 عام.
وستظل الحرب في عهد الأطباق الطائرة وأشعة الليزر وحتى عندما تكون الحرب بين الكواكب بعد 100 ، أو 500، أو 1000 سنة في المستقبل القريب أو البعيد.
وهناك جانب آخر من الحرب لم تغيره التكنولوجيا ولن تغيره ألاّ وهو وظائف الحرب ... فالإنسان الناقد يميز بين مفاهيم الضربة والوقاية والتحرك، بينما يضيف آخر قائمة تشمل شل العدو والإمساك به، المناورة والحماية، وكل هذه المفاهيم حيوية وهامة لمقاتل العصر الحجري كما أنها حيوية أيضاً لمقاتل العصر الحديث.
ويبدو أن منعطف الأزمة الذي يدفع المبادئ الأساسية لنتائجها ثابت ومنيع في وجه أي مقدار من التكنولوجيا المطبقة أو المستخدمة له.. وبالرغم من أن التكنولوجيا العسكرية تسببت في تغيير سلوك الحرب إلاّ أنها فيما يبدو لم تؤثر في أسباب ودوافع اشتعال الحرب والنزاعات العسكرية.. فعلى مر العصور ظلت أصول دوافع الحرب تتراوح بين بواعث الخير وبواعث الشر ومن الضغوط الموضوعية المتمثلة في التنافس الاقتصادي إلى الدوافع الهدامة الأقل موضوعية والمتواجدة أصلاً في كل نفس إنسانية.
ولهذا فالتكنولوجيا نتاج تراكمي يتبع المنطق التنبؤي . غير أن الحرب عرضة لأن تكون موضوعاً لكل أنواع الهوى الإنساني وتقلبات الطبيعة البشرية مما يجعل عملية التنبؤ بها صعبة للغاية... وبسبب هذا التفاوت غالباً ما تكون الفعالية العسكرية ضحية للبراعة التكنولوجية.

المراجع - مخطوطة دار الكتب المصرية المنسوخة عن مصورة اسطنبول.
- كتاب : Technolgy and war للكاتب Martin Van creveld
 
رد: العلاقة بين التكنولوجيا والحرب تاريخ بداية التكنولوجيا .. متى .. وأين ؟؟

موضوع مميز كالعادة أخي الشعلة
في موضوع سابق عن البحث العلمي في الجيش كنت طرحت سؤال فضلت عدم الإجابة عليه حتى لا يعتقد أحد أنني أسيء لأي كان و أظن أن الفرصة الآن مواتية هل تعلم أخي أن نسبة البحث العلمي في الجيش الأمريكي تعادل 20% من الميزانية العامة للجيش و بعملية بسيطة نجد أنها تفوق 120 مليار دولار أي أنها أكبر أو تساوي ميزانية الجيش الصيني و تضاعف ميزانية الجيش الروسي و تعمدت المقارنة مع الجيشين لأنهم حسب التريبهم 2 و 3 على التوالي هذا يثبت قيمة التكنولوجيا و البحث العلمي في الجيوش الحديثة

لي عودة بعد الجمعة إن شاء الله
 
رد: العلاقة بين التكنولوجيا والحرب تاريخ بداية التكنولوجيا .. متى .. وأين ؟؟

موضوع مميز كالعادة أخي الشعلة
في موضوع سابق عن البحث العلمي في الجيش كنت طرحت سؤال فضلت عدم الإجابة عليه حتى لا يعتقد أحد أنني أسيء لأي كان و أظن أن الفرصة الآن مواتية هل تعلم أخي أن نسبة البحث العلمي في الجيش الأمريكي تعادل 20% من الميزانية العامة للجيش و بعملية بسيطة نجد أنها تفوق 120 مليار دولار أي أنها أكبر أو تساوي ميزانية الجيش الصيني و تضاعف ميزانية الجيش الروسي و تعمدت المقارنة مع الجيشين لأنهم حسب التريبهم 2 و 3 على التوالي هذا يثبت قيمة التكنولوجيا و البحث العلمي في الجيوش الحديثة

لي عودة بعد الجمعة إن شاء الله
شكرا على مرورك أخي المستقبل
أزيد على هذه المعلومة بأن أول ثلاث دول تصرف على البحث العلمي وهي أمريكا اليابان ألمانيا هي أول ثلاث دول من الناتج المحلي الصافي وهنا تظهر العلاقة الوثيقة .....
أما في موضوعنا عن دور التكنولوجيا في الحروب خاصة الحديثة
فالمنجنيق فاز بالحروب حين كان حصرا والبارود والمدفع فتح الطريق للخلافة العثمانية لتسيطر على أوروبا والقطار فتح الطريق لبريطانيا وألمانيا لفرض منطقهما والطائرة انهت الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء في اوروبا والقنبلة النووية أجبرت اليابان على الاستسلام ......
وتبقى التكنولوجيا المتفوقة من أهم مفاتح الفوز بالحروب....
 
عودة
أعلى