تطور الاستراتيجيات النووية لحلف الناتو (1949 - 2006م)

شعلة الشهداء

صقور الدفاع
إنضم
15 يونيو 2011
المشاركات
2,710
التفاعل
415 0 0
تطور الاستراتيجيات النووية الأطلسية(1949 - 2006م)

الكاتب: دكتور / عبد الرحمن سلطان







يعتبر حلف شمال الأطلسي (ناتو) (NATO) North Atlantic Treaty Organization أعظم قوة عسكرية واستراتيجية في عالم اليوم، وقد ظهر على المسرح الدولي في 4 أبريل (نيسان) 1949م(1). عندما تولت اثنتا عشرة دولة أوروبية وأمريكية التوقيع على ميثاق الحلف في واشنطن وهي (بلجيكا، كندا، الدانمارك، فرنسا، أيسلندا، إيطاليا، لوكسمبورج، هولندا، النرويج، البرتغال، بريطانيا، الولايات المتحدة) وقد أصبح الميثاق نافذاً اعتباراً من 24 أغسطس (آب) 1949م(2).
وبعد ذلك انضمت إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كل من تركيا واليونان عام 1952م وألمانيا الاتحادية عام 1955م وأسبانيا عام 1981م(3). ثم انضمت إليه كل من جمهورية التشيك والمجر وبولندا عام 1997م وبحيث أصبح الحلف يتكون من تسع عشرة دولة في ذلك الوقت.
وفي ضوء التحولات الكبرى التي رافقت مسيرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ عام 1991م اتجه إلى التوسع والانتشار في أوربا وأخذ يسعى إلى زيادة عدد الدول المشاركة فيه بحيث يضم دولاً في وسط وشرق أوروبا وخصص لذلك مبلغ 35 مليار دولار ساهمت فيه دول الحلف ذاتها(4)،ونتيجة لذلك انضمت سبع دول أوربية جديدة إلى حلف الناتو في 29/ مارس (أذار ) 2004م وهي (رومانيا ـ بلغاريا ـ سلوفاكيا ـ سلوفينيا ـ لتوانيا ـ ولاتيفيا ـ استونيا ) وبذلك ارتفع عدد دول حلف الناتو إلى 26 دولة.


،،،،،،،كان من أهم وأخطر التحولات الكبرى التي شهدتها الاستراتيجيات النووية الأطلسية منذ عام 1991م وحتى اليوم . تركيز محاور ثقلها الأساسية في مجال تهديد دول العالم الإسلامي ووضعها تحت رحمة السيف النووي الأطلسي وإثارة الخوف والفزع بين صفوفها,,,,,,,,,
وما يعنينا من هذا الأمر كله هو أن الاستراتيجيات النووية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)
شهدت جملة من التعديلات والتغييرات الجذرية التي أجريت عليها استجابة للتحولات والتطورات الكبرى التي شهدها المسرح الدولي منذ قيام حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 1949م مروراً بقيام حلف (وارسو) (Warso Wpact) في 14 مايو (أيار) 1955م واشتداد الحرب الباردة في العالم وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي (السابق) في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1991م وظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد.
وكان من أهم وأخطر التحولات الكبرى التي شهدتها الاستراتيجيات النووية الأطلسية منذ عام 1991م وحتى اليوم . تركيز محاور ثقلها الأساسية في مجال تهديد دول العالم الإسلامي ووضعها تحت رحمة السيف النووي الأطلسي وإثارة الخوف والفزع بين صفوفها وهذا ما يتجلى واضحاً من خلال إستقراء مسلسل التهديدات النووية الأطلسية التالية:-
1- في مارس (آذار) 2002م ، أعلنت الولايات المتحدة عن مفهومها النووي الجديد والذي يقضي بتوجيه ضربات نووية ساحقة ومدمرة ضد أربع دول عربية وإسلامية وهي العراق وسوريا وليبيا وإيران ، وذلك في حال قيامها باستخدام أسلحة الدمار الشامل (النووية والكيمائية والبيولوجية)، ضد الولايات المتحدة أو ضد أحد حلفائها في أوربا والشرق الأوسط.
2- في نفس الشهر أعلن (جيوف هورن) وزيرالدفاع البريطاني أمام لجنة الدفاع التابعة لمجلس العموم بأن بريطانيا مستعدة لاستخدام السلاح النووي ضد عدد من الدول الإسلامية وذلك في حال قيامها باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد القوات البريطانية في الميدان تحت أي ظرف من الظروف .
3- وفي الشهر ذاته دعت مجلة (ناشيونال ريفيو الأمريكية) عبر مقال أعده أحد محرريها وهو (ريتش لوري) ، إلى ضرب مكة المكرمة بقنبلة نووية ، وتحويل المسجد الحرام إلى تلال من الحطام.
4- في مارس( آذار) 2005م هددت الولايات المتحدة إستخدام السلاح النووي ضد الدول والجماعات الإرهابية المعادية لها تنفيذاً لمبدأ الحرب الوقائية.
5- وفي 19 يناير (كانون الثاني ) أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن استعداد بلاده لاستخدام السلاح النووي ضد الدول والقوى الإرهابية في حال قيامها بشن هجماتها الإرهابية فوق الأراضي الفرنسية.
6- وفي مطلع العام الحالي 2006م وحتى اليوم سعت الإدارة الأمريكية إلى التلويح باستخدام السلاح النووي ضد إيران بهدف إجبارها على إلغاء برنامجها النووي السلمي.
ومواكبة لذلك كله يمكن القول بأن حلف شمال الأطلسي (ناتو) تبنى منذ قيامه عام 1949م وحتى الوقت الراهن عدد من الاستراتيجيات النووية الهامة وكان من أهمها وأعظمها شأناً الاستراتيجيات التالية:

أولاً : استراتيجية الرد الشامل:

كانت الولايات المتحدة تظن أن بوسعها أن تحقق أهدافها السياسية والعسكرية عن طريق التهديد بشن حرب نووية عامة مفترضة أن بلدان المعسكر الشرقي لن تجرؤ على القيام بأية خطوة إلى الأمام بسبب موقفها غير المواتي بالنسبة إلى القوات النووية الهجومية​
بيد أن (مبدأ ترومان) الذي تبناه الرئيس الأمريكي السابق (هاري ترومان) في مارس (آذار) 1947م وأصبح يعرف بـ (عقيدة الاحتواء) Contan Ment Doctrine مثل النواة الأولى لقيام الاستراتيجية العسكرية لحلف شمال الأطلسي عام 1949م، وينحصر جوهر هذا المبدأ في القضاء على الحركات الثورية في بلدان أوروبا التي يقف وراءها الاتحاد السوفيتي (السابق) عن طريق استخدام المساعدات العسكرية ونشر شبكة القواعد العسكرية الأمريكية في تلك البلدان وحشد قوات أمريكية قرب الحدود السوفيتية(5).
وعندما نجح الاتحاد السوفيتي (السابق) في تفجير القنبلة النووية الأولى في 23 سبتمبر (أيلول) 1949م ومن بعدها القنبلة الهيدروجينية في 12 أغسطس (آب) 1953م اتجهت دول حلف شمال الأطلسي إلى تبني استراتيجية عسكرية حاسمة تجاه الاتحاد السوفيتي (السابق) تسمى (استراتيجية الرد الشامل) Missive Retaliaion والتي ترتكز في جوهرها على حرية الانتقام النووي العنيف ضد الاتحاد السوفيتي (السابق) في أية مواجهة عسكرية محتملة معه(6)، كما ترتكز أيضاً على الافتراض القائل بأن الولايات المتحدة تملك التفوق الطاغي على الاتحاد السوفيتي (السابق) في الأسلحة النووية والطيران الاستراتيجي(7). ولهذا فقد كانت الولايات المتحدة تظن أن بوسعها أن تحقق أهدافها السياسية والعسكرية عن طريق التهديد بشن حرب نووية عامة مفترضة أن بلدان المعسكر الشرقي لن تجرؤ على القيام بأية خطوة إلى الأمام بسبب موقفها غير المواتي بالنسبة إلى القوات النووية الهجومية(8).
وتطبيقاً لهذه الاستراتيجية كثفت الحكومة الأمريكية جهودها لتطوير الأسلحة النووية الاستراتيجية والتكتيكية في حين تخلت إلى حد ما عن تطوير القوات التقليدية ولا سيما البرية منها(9). وأدى هذا إلى نشوب خلاف حاد - في ذلك الحين - بين قيادة الجيش من ناحية وبين قيادة القوات الجوية المدعومة من قيادة القوات البحرية إلى حد ما من الناحية الأخرى(10)، ولا شك في أن هذا التطور في القوات المسلحة قد أدى إلى سخط ممثلي القوات البرية والجماعات الاحتكارية التي تزود هذه القوات بالسلاح والعتاد. وهكذا لم يكن انتصار أتباع (الرد الشامل) مجرد نصر لممثلي القوتين الجوية والبحرية فقط، وإنما مثل أيضاً فوزاً للجماعات الاحتكارية التي تعمل في صناعة أسلحة هاتين القوتين.
ولقد شرعت منظومة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ديسمبر (كانون الأول) 1954م و (لأول مرة) في إعداد المخططات الحربية التي تنطوي على استخدام الأسلحة النووية لكبح جماح الاتحاد السوفيتي (السابق) وقهره وإذلاله(11).

Handler.ashx

وكانت حرب الهند الصينية عام 1954م بمثابة الاختبار العملي لمعرفة مدى فاعلية وتأثير استراتيجية الرد الشامل على المسرح الدولي وهو الاختبار الذي أثبت بوضوح أن التهديدات الأمريكية باللجوء إلى شن حرب شاملة تستخدم فيها الأسلحة النووية على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي معاً، لم تكن إلا من قبيل التهويش والتهويل، ولا أكثر من ذلك، ومن ثم فإن هذه التهديدات لم تكن قابلة للتصديق، وهي ركيزة أساسية من ركائز الردع الفاعل من قبل الذين هدفت هذه الاستراتيجية بوسيلة التخويف إلى إرعابهم وتهديدهم ولوي أذرعة نزعاتهم وأهدافهم التصادمية(12).
وفي نفس العام صاغت إدارة الرئيس (إيزنهاور) مبدأ استراتيجية الردع النووي أي استراتيجية البقاء بعد الضربة الأولى(13) التي يكملها مذهب الانتقام الكثيف الموجه ضد المدن، والذي يسمح به التفوق النووي ويشكل نظاماً استراتيجياً دفاعياً غايته ثني العدو (المحتمل) عن العدوان المسلح بواسطة تهديده بالرد النووي، ويحسب هذا الرد عادة بطريقة تجعل إثارة مخاطره غير مقبولة.
ويستند هذا المفهوم إلى عنصر موضوعي هو (العقلانية) التي يشترك فيها جميع الخصوم ممن لديهم نفس القدرة على تقييم المخاطرة والمكاسب من الحرب، وتعتمد القضية الجوهرية في الردع على تحديد (مستوى العدوان الذي يؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية في الرد أي في القتال). وبهذا فإن (العتبة النووية) يجب أن توضع على مستوى عالٍ يحفظ مصالح الولايات المتحدة الحيوية دون أن يدفع بها إلى كارثة كبرى ولن تكون في مستوى كافٍ من الانخفاض لكي تنقذ مصالح الحلفاء الأوروبيين دون أن تجر الولايات المتحدة إلى الحرب النووية الشاملة(14)، والتي ستكون نتائجها بطبيعة الأمر نتائج قاتلة ومروعة لدى سائر الأطراف المتنازعة والمتحاربة على حد سواء.

ثانياً : استراتيجية الرد المرن :
Handler.ashx

لا شك في أن قيام الاتحاد السوفيتي (السابق) في أغسطس (آب) 1957م بإجراء أول رماية بالصواريخ الاستراتيجية عابرة القارات وقيامه في 4 أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته بإطلاق أول قمر صناعي في الفضاء سبوتنيك (Spoutnik)(15) قد أحدث نوعاً من الخوف والفزع لدى الغرب الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي جون كنيدي (1961 - 1963م) يقوم بتجميد استراتيجية الرد الشامل (Missive Retaliaion) والاستعاضة عنها باستراتيجية جديدة أطلق عليها اسم استراتيجية الرد المرن (Flexible Response)(16)، وهي الاستراتيجية التي قام ببلورتها وتطبيقها وزير الدفاع الأمريكي (الأسبق) (روبرت ماكنمار) وانتهجها حلف شمال الأطلسي كأساس لتخطيط سياسته العسكرية فيما بعد(17).
وتعني هذه الاستراتيجية مقابلة العدوان بمقدار متفاوت ومتصاعد من القوى حسب درجته ونوعيته(18). أو تعني حسب ما قاله الرئيس كندي أمام الكونجرس الأمريكي عام 1961م (الرد الانتقامي على العدو "يقصد الاتحاد السوفيتي" (السابق) بما يضمن تدميره وإلحاقه بأضرار تفوق بكثير الأضرار التي ستحيق بأمريكا من جراء ضربته الأولى).
وقال أيضاً (إذا أخفقت القوات المزودة بالأسلحة التقليدية في إنجاز المهام الموكولة إليها فإنه لن يكون ثمة ما يمنع من استخدام الأسلحة النووية في الحروب المحدودة).
 
التعديل الأخير:
رد: تطور الاستراتيجيات النووية الأطلسية(1949 - 2006م)

وأضاف (إنه يتعين دائماً الأخذ في الاعتبار احتمال تطور الحرب المحدودة إلى حرب عالمية. وإن الواجب يقتضي أن نجرب كافة الوسائل التي يمكن بواسطتها الإبقاء على الحرب في نطاقها المحدود. والحيلولة دون تصاعدها إلى مستوى الحرب النووية العامة)(19).
وقد قيل أن استراتيجية الرد المرن أو الرد المتدرج أبعدت الحد الذي عنده تبدأ الحرب النووية(20) ووضعت في يد الغرب أنواعاً من الجزاء لا يتضمن استخداماً نووياً للأسلحة النووية.
ومن المعلوم أن استراتيجية الرد المرن تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية هي :
1- القوات المسلحة الكلاسيكية(21).

2- القوات النووية المتقدمة المتمركزة خارج الولايات المتحدة الأمريكية، والمؤلفة من الأسلحة التكتيكية وأسلحة المسارح القتالية.
3- الأسلحة النووية الاستراتيجية المؤلفة من الصواريخ العابرة للقارات والوسائل المركزية الموجودة فوق الأراضي الوطنية(22).



منذ ذلك الحين بدأ حلف (الناتو) في إعداد استراتيجيته المتطورة القائمة على وجود وحدات برية وبحرية وقوات جوية تكتيكية مدربة على العمليات التقليدية، ومن ثم رفعت درجة الاستعداد بالقوات التقليدية للحلف في أوروبا حتى يتسنى لها مواجهة أي هجوم سوفيتي مباغت يقع على أوروبا بالأسلحة التقليدية​
ومن العوامل التي ساعدت على اتباع استراتيجية الرد المرن أن الحرب الكورية في مطلع الخمسينات كانت قد تمخضت عن دلالتين استراتيجيتين هامتين بالنسبة لحلف الأطلسي :
أولهما : هي أن التفوق النووي الأمريكي لا يشكل رادعاً حاسماً ضد أي هجوم قد يشنه الاتحاد السوفيتي (السابق) ضد الغرب، ومن ثم فإن احتمال وقوع حرب في أوروبا كان أكبر مما تصوره الغرب(23) عند تأسيس الحلف(24).
وثانيهما : هي أن الحرب التي تقع بين القوى النووية لم يكن شرطاً أن تستخدم فيها
الأسلحة النووية(25).
وهاتان الدلالتان الاستراتيجيتان قد قادتا سوياً إلى إعادة تقييم دور القوة التقليدية في استراتيجية (الناتو) الدفاعية عن أوروبا، وبالشكل الذي أبرز هذا الدور على نحو أكثر أهمية منه في أي وقت
مضى(26). ومنذ ذلك الحين بدأ حلف (الناتو) في إعداد استراتيجيته المتطورة القائمة على وجود وحدات برية وبحرية وقوات جوية تكتيكية مدربة على العمليات التقليدية، ومن ثم رفعت درجة الاستعداد بالقوات التقليدية للحلف في أوروبا حتى يتسنى لها مواجهة أي هجوم سوفيتي مباغت يقع على أوروبا بالأسلحة التقليدية(27)، ولكن اعتماد حلف (الناتو) على القوات التقليدية ورفع درجة استعدادها القتالي بات غير مجدي نظراً للصعوبات السياسية والاقتصادية الضخمة التي كان لا بد أن تقترن بتوفير هذا الحشد الهائل من القوات التقليدية في أوروبا(28). ونتيجة لذلك بدأ التركيز على فكرة استعمال الأسلحة التقليدية المتاحة للرد على أي هجوم سوفيتي يقع ضد أوروبا، وقد ترتب على ذلك إعادة تقدير الحجم المطلوب توفيره من القوات التقليدية، وبخاصة القوات البرية في أوروبا.
ولقد أقر حلف (الناتو) حصر الأوضاع العسكرية التي يمكنه استخدام الأسلحة النووية التكتيكية فيها حال التحام قواته بقوات حلف (وارسو) في أية جولة عسكرية قادمة بالضرورات الميدانية الآتية :
1- عندما يتضح تعذر تحقيق النجاح باستخدام الأسلحة التقليدية فقط نتيجة للخسائر الكبيرة التي تحملتها القوات في المرحلة اللانووية من الحرب.
2- عند تعثر هجوم قوات (الناتو) يصبح استخدام الأسلحة النووية الوسيلة الوحيدة لتحقيق هدف العمليات(29).
3- عندما يدفع العدو (المحتمل) قوات حلف (الناتو) المدافعة إلى خلف خط جغرافي معين، ولا يمكن استعادة الأرض المفقودة بالأسلحة التقلديية فقط.
4- عندما تشكل قوات (العدو) هدفاً نووياً ملائماً للغاية، وعندما لا يمكن منع الهزيمة إلا بتدمير تلك القوات في وقت قصير(30).
وبما أن القوات التقليدية لدى حلف وارسو (السابق) تفوق كثيراً نظيراتها لدى حلف (الناتو)(31)، فإن الشروع في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية سيكون من قبل حلف (الناتو)، وخاصة عند اختراق دفاعاته في أوروبا الغربية، وهذا ما سيؤدي بطبيعة الموقف إلى لجوء حلف وارسو (السابق) لاستخدام أسلحته النووية الاستراتيجية في إطار ضربته المضادة والتي سينجم عنها - إذا تمت - إبادة نصف سكان الولايات المتحدة بينما لن يخسر الاتحاد السوفيتي (السابق) في الضربة الأولى سوى
عشرين مليون شخص فقط وهو عدد مماثل لخسائره في الحرب العالمية الثانية تقريباً وهو شيء يستطيع تحمله أيضاً.

ثالثاً : الاستراتيجية البديلة :


،،،،،،،ويبدو أن الاستراتيجية البديلة ليست سوى صورة معدلة ومنقحة لاستراتيجية (الرد الشامل)، والتي تبناها حلف (الناتو) في مطلع الخمسينات، وتم تجميدها وتجاوزها بعد أن شاخت وعفى عليها الزمن، مع تعاظم المد النووي السوفيتي في ذلك الحين,,,,
في اجتماع دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي عقد في عام 1980م أقرت دول الحلف اتباع استراتيجية نووية جديدة تعرف بـ (الاستراتيجية البديلة) ويتم بمقتضاها توجيه ضربة شاملة إلى الأهداف العسكرية والصناعية في الاتحاد السوفيتي (السابق) مع تلافي ضرب التجمعات السكانية فيه وبصورة منتقاة بدلاً من الرد الجماعي باستخدام الصواريخ العابرة للقارات وليس باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية كما كان الوضع سابقاً.
ولقد أوضح (هارولد برون) وزير الدفاع الأمريكي (السابق) عن مكنون هذه
الاستراتيجية وأبعادها بقوله : (إنها تتمثل في توجيه ضربة نووية لمراكز تجمع القوات السوفيتية التقليدية وقواعد الأسلحة النووية ومراكز القيادات السوفيتية الموجودة تحت سطع الأرض)(32).
وكانت الاستراتيجية البديلة بمثابة استجابة حية لروح المتغيرات العالمية والمعطيات التي خلفتها هذه المتغيرات، وهي في جوهرها السلوك العدواني المتزايد للاتحاد السوفيتي (السابق)، واحتمال ظهور خصوم أقوياء وعدوانيين للغرب إلى جانب السوفيت، ولقد وضعت هذه الاستراتيجية نصب عينيها جدية التهديد السوفيتي لمنابع البترول في الشرق الأوسط والخليج العربي(33)، وما تتطلبه تلك التهديدات من ضرورة وجود عسكري أمريكي مباشر في المنطقة إذا ما تعرضت خطوط إمداد البترول للغرب لخطر مواجهة احتمال خوض حرب واسعة وشديدة التكلفة باستخدام الأسلحة المتطورة على مختلف الجبهات(34).
ويبدو أن الاستراتيجية البديلة ليست سوى صورة معدلة ومنقحة لاستراتيجية (الرد الشامل)، والتي تبناها حلف (الناتو) في مطلع الخمسينات، وتم تجميدها وتجاوزها بعد أن شاخت وعفى عليها الزمن، مع تعاظم المد النووي السوفيتي في ذلك الحين(35).


رابعاً : استراتيجية حرب الفضاء (حرب النجوم) :

عندما تولى (رونالد ريجان) رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981م قطع على نفسه عهداً ملزماً بضرورة استعادة تفوق أمريكا العسكري عن طريق تسريع عملية تحديث القوات الأمريكية، وخصوصاً قوات الردع الاستراتيجي وتطويرها وفقاً لبرنامج الدفاع لخمس سنوات مقبلة، وهو البرنامج الذي يقوم على نمو القدرة العسكرية الأمريكية بمقدار 35% بحيث يكون هناك توازن بين قدرتي حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحلف (وارسو)(36). ولقد تمخض هذا الاتجاه عن قيام الرئيس ريجان في 23 مارس (آذار) 1983م بالإعلان عن برنامج الدفاع الفضائي والذي يعرف باسم (مبادرة الدفاع الاستراتيجي Strategic Defence Initia “S. D. I”)(37). بعد أن تعودت الصحافة الغربية على تسميته بعدة تسميات منها (حرب النجوم) أو (حرب الفضاء) أو (حرب الكواكب)(38).
وتقوم هذه الحرب على استخدام أنظمة الليزر وأشعة الجزئيات والصواريخ الاعتراضية وكمبيوترات ومولدات الطاقة وغيرها من الأنظمة الأخرى في مجال اعتراض وتدمير الصواريخ النووية السوفيتية قبل وصولها إلى أهدافها المنتقاة داخل أراضي الولايات المتحدة والدول الأخرى في منظومة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)(39).
ومن المعروف أن الصاروخ (البالستي) يمر بأربع مراحل، ففي المرحلة الأولى وهي مرحلة الدفع يخترق الصاروخ الغلاف الجوي ويتخلص من الجاذبية الأرضية، وفي المرحلة الثانية وهي مرحلة انتهاء وقود الدفع يبدأ الصاروخ السباحة في مداره الفضائي، وفي المرحلة الثالثة يكون الصاروخ قد وصل إلى ارتفاع (1000 كم)، حيث يبدأ بتوجيه ما يحمله من رؤوس نووية إلى أهدافها المنتخبة فوق سطح الأرض، أو في باطنها، أو في قاع البحر، وفي المرحلة الرابعة تتجه الرؤوس النووية إلى الغلاف الجوي لتخترقه عائدة إلى الأرض في طريقها إلى أهدافها المحددة.
وتعتبر المرحلة الثانية حيث يكون الصاروخ في مداره الفضائي، وحيث يستعد لتوجيه حمولته من الرؤوس النووية إلى الأرض، أنسب المراحل الأربع لتتبعه واصطياده من قبل المحطات الفضائية(40).

 
رد: تطور الاستراتيجيات النووية الأطلسية(1949 - 2006م)

ولقد تكونت الأسلحة الفضائية الاستراتيجية عام 1961م عندما اقترح د. والتر دورنبجر في كتابه (الفضاء ساحة صراع عسكري) Space as Military Arena أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق عدة مئات من القنابل النووية إلى مدارات حول الأرض تمر بسماء الاتحاد السوفيتي (السابق) والدول الاشتراكية الأخرى، وإبقائها في هذه المدارات في حالة استعداد لتوجيه ضربات نووية إلى الأهداف الموجودة بأراضي هذه الدول وبذلك يمكن نقل ميدان الأعمال القتالية من الأرض إلى الفضاء الخارجي(41)، ثم تلا ذلك قيام الولايات المتحدة بإنشاء شبكة من الصواريخ المضادة للصواريخ بهدف حماية المستودعات النووية والمدن الرئيسية فيها. ولما كان التقدم التقني قد تخطى هذه الشبكات، وأصبح من الضروري تحديث الأنظمة الدفاعية فقد جاءت مبادرة الدفاع الاستراتيجية لتعطي البعد السياسي لخطط التطوير هذه.
ولكن بعد أن ظلت مبادرة الدفاع الاستراتيجي Strategic Devence Initia "S. D. I” تمثل مربط الفرس بالنسبة للأداة العسكرية الاستراتيجية الأمريكية طوال عشرة أعوام شهدت المبادرة في عهد إدارة الرئيس (بيل كلينتون) تراجعاً واضحاً وانكماشاً كبيراً حيث تم تقليص ميزانية مشروع الدفاع الوطني بالصواريخ لعام 1993م من 17 إلى 12 بليون دولار، وتم تخفيض تكاليف مشروع تطوير نظام الاعتراض بالصواريخ في الفضاء للسنة المالية لعام 1994م من 220 إلى 75 مليون دولار(42).

خامساً : استراتيجية الدفاع المتقدم أو الاستجابة المتدرجة :


ظلت الاستراتيجية العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ إنشائه في 14 أبريل (نيسان) 1949م وحتى عام 1991م تقوم على مفهوم الدفاع عن دول الغرب بزعامة الولايات المتحدة ضد أي عدوان أو تهديد محتمل عليها من جانب الاتحاد السوفيتي (السابق) ومنظومته الاشتراكية​
لقد ظلت الاستراتيجية العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ إنشائه في 14 أبريل (نيسان) 1949م وحتى عام 1991م تقوم على مفهوم الدفاع عن دول الغرب بزعامة الولايات المتحدة ضد أي عدوان أو تهديد محتمل عليها من جانب الاتحاد السوفيتي (السابق) ومنظومته الاشتراكية، ولكن بعد أن تفكك الاتحاد السوفيتي (السابق) وانتهت الشيوعية كقوة سياسية واستراتيجية في أوروبا، وتحلل حلف (وارسو) وسقط سور برلين، وتوحدت ألمانيا واتجهت دول شرق أوروبا صوب آليات السوق وأنظمة الحكم الديمقراطية ونزع التسلح النووي الكيميائي والتقليدي - بعد ذلك - عكفت دول حلف (الناتو) على صياغة الاستراتيجية العسكرية الجديدة للحلف وبحيث يتوافق تطبيقها التدريجي مع المتغيرات الجارية والتطورات المستقبلية في النظام الدولي(43). وتعمل على تحقيق الأهداف التالية :
1- منع ظهور أوضاع معاكسة للأوضاع القائمة وقطع الطريق أمام أي احتمالات لبزوغ أشكال أو تكتلات مناوئة لخطط وبرامج حلف (الناتو) في أوروبا وتعزيز القدرة الدفاعية للحلف في مواجهة الأزمات والاضطرابات الإقليمية في أي مكان من العالم.
2- ترسيخ النظام الأمني الجديد في أوروبا، والذي يرتكز على استمرارية التعاون بين الأجهزة الأمنية والعسكرية لحلف (الناتو) وبين مجموعة الدول الأوروبية من خلال منظور تكميلي للنهوض بدور هذه المؤسسات وتعميق إمكاناتها لتتفق ومتطلبات النظام الدولي الجديد(44).
3- الانتقال بأوروبا من حالة المواجهة إلى التعاون ومن النطاق العسكري إلى الإطار السياسي ومن الردع إلى الحماية ضد الأخطار ومن الحفاظ على السلام إلى بناء السلام ومن وضعية الشريك الأمريكي الأكبر إلى وضعية الإسهام الفاعل من جانب كافة الحلفاء(45).
ومن هنا تبنى حلف (الناتو) استراتيجية جديدة أطلق عليها اسم (استراتيجية الدفاع المتقدم أو الانتشار المتقدم) (Forward Deployment) والذي يرافق مفهومه ومدلوله مفهوماً استراتيجياً آخر، هو الارتباط المستمر (Continued Engagement) وقد وضع لبناته الأولى (بول ولفووتز) (Paul Wolfowitz) وكيل وزارة الدفاع الأمريكية في أغسطس (آب) 1990م(46). ويعتمد مفهوم الدفاع المتقدم على مبدأ التواجد العسكري المتقدم للقوات والمعدات متعددة القوميات في شتى مسارح العمليات المحتملة، والتي تمتد من سواحل الولايات المتحدة الشرقية، إلى الخليج العربي، مروراً بأوروبا، والشرق الأوسط، والبحر الأبيض المتوسط، وجنوبي غربي آسيا. مما يعني أن المساحة المخصصة لعمل هذه الاستراتيجية، أصبحت أوسع مما كان محدداً لها أثناء الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي خلال الحرب الباردة.

وترتكز الاستراتيجية الجديدة على ثلاثة أنظمة جوهرية وهي :

1- القوة النووية

والتي تمثل بطبيعة الحال أداة الردع النووي الإيجابي تجاه التركة النووية السوفيتية والتي ما زالت تشكل تهديداً واضحاً للحلفاء وتجاه التحديات النووية المحتملة من قبل بعض الدول النامية وتجاه الاضطرابات الإقليمية المتفجرة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وشرق آسيا ... الخ، والتي قد تقتضي رداً نووياً لضرب أهداف عسكرية ذات أولوية خاصة داخل الأراضي المعادية.
2- القوة التقليدية
والتي أبرزت حرب الخليج الثانية قيمتها العملياتية الفعلية وقدرتها الفائقة على التعامل الحاسم مع طائفة واسعة من الأزمات الدولية وعلى دعم الاستقرار السياسي للنظام العالمي الجديد.
3- التكنولوجيا العسكرية المتطورة،
والتي تمثل الخيار الذي ارتضته دول حلف (الناتو) وأقرته من أجل التغلب على التفوق العددي المعادي، وذلك عن طريق خلق فجوة تكنولوجية واسعة لصالحها تشمل التكنولوجيات الكهرومغناطيسية والبصرية والفضائية.

سادساً : استراتيجية الحرب المفتوحة :

،،،،،،،،يمكن القول أن الاستراتيجية النووية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مرت بسلسلة متواصلة من التعديلات والتنقيحات التي لازمتها منذ إنشاء الحلف عام 1949م وحتى اليوم، وذلك نتيجة لطبيعة الأحداث والتطورات التي شهدها المسرح الدولي منذ قيام الحرب الباردة مروراً بعهد التعايش السلمي وعهد الوفاق الدولي وحتى قيام النظام الدولي الجديد,,,,,,,,


في الذكرى الخمسين لإنشاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) انعقدت في واشنطن قمة الدول
الـ 19 الأعضاء في الحلف خلال الفترة ما بين 23 - 25 أبريل (نيسان) 1999م والتي حضرتها ثلاث دول جديدة لأول مرة وهي جمهورية التشيك والمجر وبولندا وذلك في إطار خطة توسيع الحلف وزيادة عدد أعضاءه.
وفي هذه القمة التاريخية تبنت دول حلف (الناتو) استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي ستواجهها خلال النصف الأول من القرن الحادي والعشرين والمتمثلة بالتحديات التالية :
1- انتشار أسلحة الدمار الشامل.
2- انتشار الإرهاب الدولي.
3 - انقطاع وصول الموارد الحيوية.
4- انتشار الحروب والأزمات الإقليمية ... الخ.

وتقوم الاستراتيجية الجديدة لحلف (الناتو) على جملة من المبادئ والأساليب الهامة منها :
1- استخدام الوسائل العسكرية بحرية مطلقة للدفاع عن دول الحلف والدفاع عن مصالحها المشتركة في جميع أوروبا والشرق الأوسط والعالم العربي وبعض دول العالم الأخرى.
2- حيازة الأسلحة النووية الحديثة وامتلاك القدرة على استخدامها لتوجيه الضربة النووية الأولى ضد القوى المناوئة والمعادية في أي مكان من العالم.
3- وقف انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية التي تهدد أمن الدول الأعضاء في الحلف والدول الصديقة في العالم وكذا مكافحة الإرهاب الدولي والعصابات المنظمة.
4- التحكم بمصادر الطاقة في الشرق الأوسط والعالم العربي وبحر قزوين وإحكام السيطرة الكاملة عليها.
5- تطوير القدرات العسكرية والاستراتيجية لدول حلف (الناتو) والحفاظ على تفوقها النوعي والتقني وخاصة في مجال استخدام الأسلحة الذكية ومجال الطيران والتدريب العالي ومجال القيادة والسيطرة عبر الأقمار الاصطناعية وغير ذلك.

وفي قمة دول الاتحاد الأوروبي المنعقدة في هلسنكي يوم 10 ديسمبر (كانون أول) 1999م تقرر إنشاء قوة عسكرية أوروبة مشتركة ومؤهلة للعمل خارج إطار حلف (الناتو) وتعنى بحماية الأمن الأوروبي الجماعي وتتألف من فيلق مدعم يضم (50 - 60) ألف جندي ومساندة (200 - 300) طائرة مقاتلة وسينتهي بناؤها عام 2003م وبحيث يصبح لأوروبا حرية العمل على المسرح الدولي بعيداً عن الارتباط المباشر بالولايات المتحدة، الدولة الكبرى في حلف الناتو(47).
وفي ضوء أحداث الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول) 2001م، وتحت تأثير أهواله الجهنمية والرهيبة. قامت الإدارة الأمريكية بالإعلان عن المفهوم النووي الأمريكي الجديد، والذي يقوم على أساس توجيه هجمات نووية مدمرة ضد كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران والعراق وسوريا وليبيا وذلك في حال قيامها بشن الهجمات الواسعة ضد الولايات المتحدة وضد حلفائها في أوربا والشرق الأوسط وذلك باستخدام أسلحة الدمار الشامل (النووية أو الكيميائية أو البيولوجية).
وفي مارس(آذار) 2005م أماط (البينتاجون ) اللثام عن الاستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة والتي تعتمد على مبدأ استخدام السلاح النووي ضد عدد من الدول والجماعات الإرهابية التي تقوم بتطوير أسلحة الدمار الشامل (النووية والكيمائية والبيولوجية) وتنوي إستخدامها ضد الولايات المتحدة. كما تعتمد أيضاً على مفهوم الإعتماد على أنواع متقدمة من الأسلحة النووية الصغيرة ذات الأضرار النووية المحدودة والقدرة التدميرية العالية كالقدرة على اختراع المخابئ والأنفاق والتحصينات المتواجدة تحت الأرض.
 
رد: تطور الاستراتيجيات النووية الأطلسية(1949 - 2006م)

ومن أجل تنفيذ الاستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة وإخراجها إلى حيز الواقع تقرر القيام بتطوير الأسلحة النووية وتخفيض عدد الرؤوس النووية من حوالي 6000 رأس إلى ما بين 1700-2200 راس بحلول عام 2012م والقيام باستخدام السلاح النووي في الحرب الوقائية وبناء منظومة جديدة للدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ البالستية وتطوير كفاءة القيادة والسيطرة العسكرية.
وفي 19 يناير (كانون الثاني) 2006م أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك أن بلاده مستعدة لتوجيه ضربة نووية ضد أي دولة أو منظمة إقليمية تشن هجوماً إرهابياً على الأراضي الفرنسية وقد جاء هذا الإعلان ليؤكد على مدى تصاعد موجات العداء والصدام المتبادل بين العالمين الغربي والإسلامي في ضوء تداعيات أحداث 11 سبتمبر 2001م كما جاء هذا الإعلان ليؤكد أيضاً على حدوث تغير جوهري في العقيدة النووية الفرنسية والتي ترسخت معالمها الأولى مع حصول فرنسا على السلاح النووي عام 1960م وتبدلت أحوالها مع نهاية الحرب الباردة عام 1991م وحصول كل من الهند وباكستان على السلاح النووي عام 1998م وظهور ما يسمى بالإرهاب الإسلامي .
ومنذ بداية العام الحالي (2006م) وحتى اليوم سعت الإدارة الأمريكية إلى تعبئة الرأي العام الأمريكي والدولي وتطويعه لقبول مبدأ استخدام السلاح النووي ضد المنشأت النووية الإيرانية بهدف تدميرها والقضاء عليها .
وتزامن ذلك مع قيام الإدارة الأمريكية بالترويج للقنبلة النووية الجديدة التي تعرف بإسم (b-11-16) وبمقدروها إصابةأهداف تحت الأرض بعمق 7 أمتار وتبلغ قوتها القصوى 34كيلو طن ويبلغ طولها 3.59 متر وعرضها 34 سم ووزنها 3.15 كيلو جرام وقد انضمت إلى الترسانة النووية الأمريكية في سبتمبر 2001م.
واستخلاصاً لذلك يمكن القول أن الاستراتيجية النووية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مرت بسلسلة متواصلة من التعديلات والتنقيحات التي لازمتها منذ إنشاء الحلف عام 1949م وحتى اليوم، وذلك نتيجة لطبيعة الأحداث والتطورات التي شهدها المسرح الدولي منذ قيام الحرب الباردة مروراً بعهد التعايش السلمي وعهد الوفاق الدولي وحتى قيام النظام الدولي الجديد.

المراجع 1- د. بطرس بطرس غالي، و د. محمود خيري عيسى - المدخل في علم السياسة - القاهرة - مكتبة الإنجلو المصرية - الطبعة الخامسة 1976م، ص (365).
2- إسماعيل صبري مقلد - الاستراتيجية والسياسة الدولية - بيروت - مؤسسة الأبحاث العربية - الطبعة الثانية 1985م، ص (268).
3- ج. ل. ليدل هارت - الاختيار الصعب بين الهجوم والدفاع - ترجمة أكرم ديري - بيروت - دار الطليعة للطباعة والنشر - الطبعة الثانية 1970م، ص (163).
4- محمد عثمان محمد - صراع في حلف الأطلسي - مجلة القوات الجوية - أبو ظبي - عدد 108 مايو (آيار) 1998م، ص (12).
5- الكييف. سفيتلوف - الروح العسكرية الأمريكية - ترجمة محمد شفيق شعبان - دمشق - مطبعة الشام 1988م، ص (86).
6- د. إسماعيل صبري مقلد - المصدر السابق، ص (216).
7- منير شفيق - علم الحرب - بيروت - المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1980م، ص (64).
8- أمين النفوري - مفهوم التوازن الاستراتيجي من منظور تاريخي عسكري - طرابلس - ليبيا - معهد الإنماء العربي 1981م، ص (83).
9- د. إسماعيل صبري مقلد - المرجع السابق، ص (217).
10- ماكسويل تايلور وآخرون - الاستراتيجية الأمريكية العليا في الثمانين

 
عودة
أعلى