استخدام القوات الجوية في إطار
سياسة
الردع لتحقيق الأهداف السياسية
للدولة
إستراتيجيا
الكاتب: العميد الطيار الركن /عبدالكريم محمـد الصعــــــر
لقد بدأ الصراع منذ نشأة البشرية على الأرض وظل الإنسان يسعى لاقتناء وتطوير وسائل يؤمن بها كيانه من التهديدات والعدائيات التي تواجهه وتؤثر على استقراره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . ولقد استخدم الردع منذ وجود الإنسان كنشاط بشري يمارس عمله بصورة شاملة لتنظيم الحياة الاجتماعية كفرض غرامة لردع المواطن من القيام بأعمال غير منطقية .
تعتمد سياسة الردع على جميع القوى المتوفرة في المجتمع والمتمثلة في الوسائل الدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى القوة العسكرية .
انطلاقاً من ذلك فان أسلوب الردع هو الأمثل في الإستراتيجية الشاملة الحديثة للحصول على نتائج إيجابية تجعل الدولة تعتنق هذه السياسة لتأمين حدودها ومصالحها وأمنها لمنع أي محاولة للعدوان عليها .
لقد تزايدت أهمية القوات الجوية خلال العقود الأخيرة في حسم نتائج الصراع المسلح واهتمت معظم الدول بتطوير وتحديث قواتها الجوية وزيادة الاعتماد عليها كقوة ردع في يد القيادة السياسية لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية للدولة باعتبار القوات الجوية السلاح الذي لديه القدرة على تغيير مجرى الحروب بصورة نهائية ، وذلك للمميزات التي تتمتع بها القوات الجوية من مناورة وسرعة عالية و تحقيق المفاجأة وشدة التدمير وشمول الضربة وقدرة على اختراق أعماق كبيرة ، وهذا ما يؤكد أن القوات الجوية هي لب القوات المسلحة لتنفيذ الردع , وقد ثبت هذا واضحاً في حرب الخليج والنزاعات الموجودة على الساحة الإقليمية والدولية.
وتعتبر الأهداف السياسية للدولة من أهم الاعتبارات المؤثرة على مهام القوات الجوية في الصراع المسلح وكذا على تحديد حجم ونوعية القوات الجوية المطلوب توافرها لتحقيق هذه الأهداف وبالذات عندما يكون الهدف السياسي هو تأمين الدولة وحماية مصالحها الحيوية ضد التهديد الخارجي .
متطلبات القوات الجوية كأداة ردع
القوات الجوية هي وسيلة القيادة السياسية لتحقيق الأهداف المرسومة سواءً في الصراع المسلح على مسرح العمليات أو خارجه حين تقدم مساعدة لدولة صديقة أو شقيقة لما كانت القوات الجوية تمثل أحد مصادر القوة العسكرية والتي تلعب دورا بارزا وحاسما في الصراع المسلح فإنها قادرة على القيام بتنفيذ إستراتيجية الردع حين تنتهجها الدولة .
ومن الضروري أن نتعرف على الضوابط والشروط التي تحكم استخدامها في إطار هذه الإستراتيجية والسياسة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسة للدولة.
فالقوات الجوية هي وسيلة القيادة السياسية لتحقيق الأهداف المرسومة سواءً في الصراع المسلح على مسرح العمليات أو خارجه حين تقدم مساعدة لدولة صديقة أو شقيقة.
كلنا يعلم أنه بعد اقل من عشرة سنوات من اختراع الطائرة في سنة 1903م تم استخدامها لأغراض عسكرية في حرب البلقان سنة1912م .
ولقد لعب سلاح الطيران خلال الحرب العالمية الأولى دورا متواضعا حيث لم يؤثر على مجرى الحرب وجود النظرية العلمية لحسن استخدام هذا السلاح.
ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا تضاعف دور الطيران بشكل كبير ولعب دوراً حاسماً في الحروب، فخلال الحرب العالمية الثانية في أوروبا والباسفيك قام الطيران بتدمير المصانع والمنشات الحيوية, و تم إسقاط قنبلتين ذريتين على "هيروشيما" "ونجازاكى" بواسطة الطائرات القاذفة ب -29 و التي أنهت الحرب العالمية الثانية ، كما استخدمت القوات الجوية في حرب الخليج الأولى والثانية وكان لها تأثير واضح على سير المعارك .
أجمعت النظريات العسكرية على أن التعامل مع الأهداف العسكرية يأتي في المرتبة الأولى لضمان نجاح الحروب ، ثم يأتي في مراتب متأخرة ومراحل لاحقة التعامل مع الأهداف التي تمد ميدان القتال بالصناعات العسكرية اللازمة لاستمرار القتال ولقد اتبع التحالف الدولي منهجاً آخر ارتكز على نظرية تسمى "مراكز الثقل " .
نظرية مراكز الثقل
تهدف هذه النظرية في أساسها إلى إفقاد العدو الرغبة والقدرة على شن الحرب ، وهي تتضمن أهدافاً على المستوى الاستراتيجي والتعبوي ذات ثقل سياسي واقتصادي ومعنوي كبير ، بما يضع القائد المعادي تحت ضغط كبير لإجباره على تقديم التنازلات المطلوبة ، أو قد تصل الضغوط إلى الحد من قدرته الكلية على القيام بأي أعمال عدائية .
لقد حددت نظرية مراكز الثقل فكرتها الأساسية في خمسة دوائر تتحد في المركز وتتسع إلى الخارج وهذه الدوائر تتمثل في القيادة ، والمراكز الصناعية الكبرى والبنية الأساسية ، وشبكة المواصلات الإستراتيجية والقواعد والمطارات الهامة ، و السكان والموارد الغذائية ، والقوات المسلحة .
تعتبر الدائرة المركزية المتمثلة في القيادة ، هي الأهم والأسرع في الوصول إلى الهدف المراد تحقيقه ، وهي تعني إما عزل القائد أو خلعه أو وضعه تحت ضغط شديد للوصول إلى التنازلات المطلوبة .
تأتي الدائرة الثانية بما تحويه من مراكز ثقل صناعية وبنية تحتية هامة ومؤثرة في هذه المرتبة نظراً لتأثيرها الشديد على الاتزان الكلي للدولة ، وبالتالي الإرادة السياسية للدولة المتمثلة قي القائد وعلى قدرته في ممارسة سلطاته بنجاح .
أما الدائرة الثالثة فهي تتعامل مع شبكة المواصلات الإستراتيجية البرية والبحرية والجوية ، لتأثيرها المباشر على اقتصاد الدولة ، بالإضافة إلى قطع خطوط الإمدادات سواء للجهات المدنية أو العسكرية .
ويحتل السكان ومواردهم الغذائية المرتبة الرابعة لما يشوبها من جوانب أخلاقية ، قد تحد من القدرة على التعامل المؤثر في هذه الدائرة ، مما قد يجعل متخذ القرار يتراجع عن قراراته ، أو تحدث اضطرابات وقلاقل داخلية تؤثر على النظام الحاكم ككل .
وبالنسبة للقوات المسلحة فهي الدائرة الأخيرة في أولويات التعامل وذلك لإيمان واضع النظرية بأن القوات المسلحة هي أحد أدوات القائد في فرض إرادته السياسية إلا أن حرمانه منها أو إحداث خسائر جسيمة سيجبر القائد على تقديم التنازلات المطلوبة .
لم تغفل هذه النظرية الجانب الاقتصادي من الحملة الجوية إذ أن حجم ومساحة انتشار الأهداف التي يجب أن يتعامل معها في كل دائرة يتنامى بشكل ملحوظ مما يؤثر طردياً على تكلفة الحملة الجوية ومدتها .
لهذا أصبحت الأهداف الرئيسية للقوات الجوية ليست هي الأهداف الصغيرة بل هي المناطق الصناعية والأهداف الحيوية والسكنية ومناطق تجمع القوات البرية و المطارات والقواعد البحرية. ًُ
وتعتبر القوات الجوية لب القوات المسلحة في عصرنا هذا حيث تلعب المعركة الجو برية دورا حاسما في الحرب الحديثة وتُكلف القوات الجوية في هذا النوع من المعارك بما يتراوح بين 75-80% من أهدافها ويتحدد دور القوات الجوية في الدفاع على الدولة وحماية مصالحها الحيوية و أمن حدودها الوطنية وردع العدو الذي يهددها وكذلك تلك المهام التي تكلف بها لتحقيق الأهداف السياسية العسكرية للدولة.
وهذه المهام تقسم إلى قسمين :
- مهام خارج الصراع المسلح وتتمثل في ردع العدوان عن الوطن والدول الصديقة والمتحالفة والنقل الجوي للقوات والعتاد لدعم الدول الشقيقة خلال الكوارث الطبيعية أو للوقوف بجانبها عند الحاجة لها حيث تكون هناك اتفاقيات دفاعية أو مصالح مشتركة تنظم ذلك .
- مهام في إطار الصراع المسلح في ردع الدفاع عن الوطن وحماية المصالح والأهداف الحيوية للدولة .
أسس بناء وتكوين القوات الجوية
من بين الإجراءات المعقدة في الإستراتيجية العسكرية هو بناء وتشكيل القوات الجوية وجعلها وسيلة فعالة في تحقيق الأهداف ، وهو ما يستلزم تخطيط طويل المدى ، مع العلم أن هذا التخطيط لبناء وتطوير هذه القوة يتأثر بعدة عوامل وهي :
إستراتيجية الدولة وتأثيرها على بناء وتكوين القوات الجوية :
إذا كانت الدولة تعتنق إستراتيجية مبنية على العمل داخل الإطار القومي ستزداد التزامات الدولة السياسية والعسكرية بينما تقل أعبائها الاقتصادية نتيجة مشاركة الأطراف الأخرى في تكاليف الاحتفاظ بقوات مسلحة قوية لخدمة الأهداف القومية .
فعند العمل في الإطار القومي تحتاج لأعداد كبيرة من وحدات النقل الجوي مجهزة بنوعيات خاصة من الطائرات ذات المدى البعيد والحمولات الكبيرة المتنوعة لنقل القوات واحتياجات الدعم إلى الدول الصديقة عند الحاجة وعند العمل في إطار الانعزالية أو العمل الفردي فان الدولة ستحتاج إلى أعداد كبيرة من الوحدات المقاتلة لعدم وجود دعم من دول أخرى بينما تقل الحاجة إلى أعداد كبيرة من النقل الجوي .
إن الدولة التي تعتنق سياسة الردع لتحقيق أهدافها الإستراتيجية فإن عليها أن تحتفظ بقوات جوية قوية وقادرة على اختراق دفاعات الخصم والوصول إلى الأهداف التي تريد مهاجمتها .
طبيعة وحجم العدائيات والتهديدات التي تواجهها الدولة :
حين تواجه الدولة تهديدا واحدا من أحد الاتجاهات الإستراتيجية لمسرح عملياتها فإنها تبني وتعد قواتها الجوية لمواجهة العدائيات في ذلك الاتجاه المهدد نظرا للتكاليف الباهظة لبناء قوات جوية حديثة .
إذا كان التهديد من أكثر من اتجاه استراتيجي أو أكثر من دولة مع احتمال نشاط هذه التهديدات في وقت واحد فيجب أن يكون للدولة في هذه الحالة قوات جوية قادرة على تدمير القوات المهاجمة في الاتجاهات المهددة بالتعاون مع باقي أفرع القوات المسلحة أو على الأقل تقوم بصد وتدمير القوات المعادية في الاتجاه الاستراتيجي الأكثر خطورة مع صد وتثبيت الاتجاهات الأخرى الأقل خطورة .
يجب ألا تقل نسبة التفوق للقوات الجوية اللازمة لتحقيق الدفاع الاستراتيجي عن نسبة 1:1بالنسبة لطيران العدو الذي تواجهه و ألا تقل هذه النسبة عن 1:1,2 في حالة قيام الدولة بعمليات هجومية إستراتيجية .
حجم المهام وطبيعتها المنتظرة للقوات الجوية :
يتحدد عدد ونوعية الوحدات الجوية وكذا الطائرات والمعدات التي تجهز بها تبعا لطبيعة المهام المنتظرة وطبقا للسياسة العسكرية والظروف التي سيتم فيها تنفيذ المهام .
و تؤثر عدد ونوعية الأهداف المنتظر التعامل معها على نوع الطائرات والأسلحة والمعدات فنوعية الطائرات اللازمة والتسليح اللازم لمواجهة التهديدات البحرية المعادية يختلف عن تلك اللازمة لمواجهة التهديدات البرية ، وكذلك الحال بالنسبة لنوع الطائرات والتسليح اللازم للتفوق على طيران العدو وتحقيق السيطرة الجوية وكل هذا يختلف عن نوعية الطائرات والمعدات في حالة الاحتياج لنقل أو إبرار قوات داخل أو خارج حدود الدولة .
سياسة
الردع لتحقيق الأهداف السياسية
للدولة
الكاتب: العميد الطيار الركن /عبدالكريم محمـد الصعــــــر
لقد بدأ الصراع منذ نشأة البشرية على الأرض وظل الإنسان يسعى لاقتناء وتطوير وسائل يؤمن بها كيانه من التهديدات والعدائيات التي تواجهه وتؤثر على استقراره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . ولقد استخدم الردع منذ وجود الإنسان كنشاط بشري يمارس عمله بصورة شاملة لتنظيم الحياة الاجتماعية كفرض غرامة لردع المواطن من القيام بأعمال غير منطقية .
تعتمد سياسة الردع على جميع القوى المتوفرة في المجتمع والمتمثلة في الوسائل الدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى القوة العسكرية .
انطلاقاً من ذلك فان أسلوب الردع هو الأمثل في الإستراتيجية الشاملة الحديثة للحصول على نتائج إيجابية تجعل الدولة تعتنق هذه السياسة لتأمين حدودها ومصالحها وأمنها لمنع أي محاولة للعدوان عليها .
لقد تزايدت أهمية القوات الجوية خلال العقود الأخيرة في حسم نتائج الصراع المسلح واهتمت معظم الدول بتطوير وتحديث قواتها الجوية وزيادة الاعتماد عليها كقوة ردع في يد القيادة السياسية لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية للدولة باعتبار القوات الجوية السلاح الذي لديه القدرة على تغيير مجرى الحروب بصورة نهائية ، وذلك للمميزات التي تتمتع بها القوات الجوية من مناورة وسرعة عالية و تحقيق المفاجأة وشدة التدمير وشمول الضربة وقدرة على اختراق أعماق كبيرة ، وهذا ما يؤكد أن القوات الجوية هي لب القوات المسلحة لتنفيذ الردع , وقد ثبت هذا واضحاً في حرب الخليج والنزاعات الموجودة على الساحة الإقليمية والدولية.
وتعتبر الأهداف السياسية للدولة من أهم الاعتبارات المؤثرة على مهام القوات الجوية في الصراع المسلح وكذا على تحديد حجم ونوعية القوات الجوية المطلوب توافرها لتحقيق هذه الأهداف وبالذات عندما يكون الهدف السياسي هو تأمين الدولة وحماية مصالحها الحيوية ضد التهديد الخارجي .
متطلبات القوات الجوية كأداة ردع
القوات الجوية هي وسيلة القيادة السياسية لتحقيق الأهداف المرسومة سواءً في الصراع المسلح على مسرح العمليات أو خارجه حين تقدم مساعدة لدولة صديقة أو شقيقة
ومن الضروري أن نتعرف على الضوابط والشروط التي تحكم استخدامها في إطار هذه الإستراتيجية والسياسة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسة للدولة.
فالقوات الجوية هي وسيلة القيادة السياسية لتحقيق الأهداف المرسومة سواءً في الصراع المسلح على مسرح العمليات أو خارجه حين تقدم مساعدة لدولة صديقة أو شقيقة.
كلنا يعلم أنه بعد اقل من عشرة سنوات من اختراع الطائرة في سنة 1903م تم استخدامها لأغراض عسكرية في حرب البلقان سنة1912م .
ولقد لعب سلاح الطيران خلال الحرب العالمية الأولى دورا متواضعا حيث لم يؤثر على مجرى الحرب وجود النظرية العلمية لحسن استخدام هذا السلاح.
ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا تضاعف دور الطيران بشكل كبير ولعب دوراً حاسماً في الحروب، فخلال الحرب العالمية الثانية في أوروبا والباسفيك قام الطيران بتدمير المصانع والمنشات الحيوية, و تم إسقاط قنبلتين ذريتين على "هيروشيما" "ونجازاكى" بواسطة الطائرات القاذفة ب -29 و التي أنهت الحرب العالمية الثانية ، كما استخدمت القوات الجوية في حرب الخليج الأولى والثانية وكان لها تأثير واضح على سير المعارك .
أجمعت النظريات العسكرية على أن التعامل مع الأهداف العسكرية يأتي في المرتبة الأولى لضمان نجاح الحروب ، ثم يأتي في مراتب متأخرة ومراحل لاحقة التعامل مع الأهداف التي تمد ميدان القتال بالصناعات العسكرية اللازمة لاستمرار القتال ولقد اتبع التحالف الدولي منهجاً آخر ارتكز على نظرية تسمى "مراكز الثقل " .
نظرية مراكز الثقل
لقد حددت نظرية مراكز الثقل فكرتها الأساسية في خمسة دوائر تتحد في المركز وتتسع إلى الخارج وهذه الدوائر تتمثل في القيادة ، والمراكز الصناعية الكبرى والبنية الأساسية ، وشبكة المواصلات الإستراتيجية والقواعد والمطارات الهامة ، و السكان والموارد الغذائية ، والقوات المسلحة .
تعتبر الدائرة المركزية المتمثلة في القيادة ، هي الأهم والأسرع في الوصول إلى الهدف المراد تحقيقه ، وهي تعني إما عزل القائد أو خلعه أو وضعه تحت ضغط شديد للوصول إلى التنازلات المطلوبة .
تأتي الدائرة الثانية بما تحويه من مراكز ثقل صناعية وبنية تحتية هامة ومؤثرة في هذه المرتبة نظراً لتأثيرها الشديد على الاتزان الكلي للدولة ، وبالتالي الإرادة السياسية للدولة المتمثلة قي القائد وعلى قدرته في ممارسة سلطاته بنجاح .
أما الدائرة الثالثة فهي تتعامل مع شبكة المواصلات الإستراتيجية البرية والبحرية والجوية ، لتأثيرها المباشر على اقتصاد الدولة ، بالإضافة إلى قطع خطوط الإمدادات سواء للجهات المدنية أو العسكرية .
ويحتل السكان ومواردهم الغذائية المرتبة الرابعة لما يشوبها من جوانب أخلاقية ، قد تحد من القدرة على التعامل المؤثر في هذه الدائرة ، مما قد يجعل متخذ القرار يتراجع عن قراراته ، أو تحدث اضطرابات وقلاقل داخلية تؤثر على النظام الحاكم ككل .
وبالنسبة للقوات المسلحة فهي الدائرة الأخيرة في أولويات التعامل وذلك لإيمان واضع النظرية بأن القوات المسلحة هي أحد أدوات القائد في فرض إرادته السياسية إلا أن حرمانه منها أو إحداث خسائر جسيمة سيجبر القائد على تقديم التنازلات المطلوبة .
لم تغفل هذه النظرية الجانب الاقتصادي من الحملة الجوية إذ أن حجم ومساحة انتشار الأهداف التي يجب أن يتعامل معها في كل دائرة يتنامى بشكل ملحوظ مما يؤثر طردياً على تكلفة الحملة الجوية ومدتها .
لهذا أصبحت الأهداف الرئيسية للقوات الجوية ليست هي الأهداف الصغيرة بل هي المناطق الصناعية والأهداف الحيوية والسكنية ومناطق تجمع القوات البرية و المطارات والقواعد البحرية. ًُ
وتعتبر القوات الجوية لب القوات المسلحة في عصرنا هذا حيث تلعب المعركة الجو برية دورا حاسما في الحرب الحديثة وتُكلف القوات الجوية في هذا النوع من المعارك بما يتراوح بين 75-80% من أهدافها ويتحدد دور القوات الجوية في الدفاع على الدولة وحماية مصالحها الحيوية و أمن حدودها الوطنية وردع العدو الذي يهددها وكذلك تلك المهام التي تكلف بها لتحقيق الأهداف السياسية العسكرية للدولة.
وهذه المهام تقسم إلى قسمين :
- مهام خارج الصراع المسلح وتتمثل في ردع العدوان عن الوطن والدول الصديقة والمتحالفة والنقل الجوي للقوات والعتاد لدعم الدول الشقيقة خلال الكوارث الطبيعية أو للوقوف بجانبها عند الحاجة لها حيث تكون هناك اتفاقيات دفاعية أو مصالح مشتركة تنظم ذلك .
- مهام في إطار الصراع المسلح في ردع الدفاع عن الوطن وحماية المصالح والأهداف الحيوية للدولة .
أسس بناء وتكوين القوات الجوية
إستراتيجية الدولة وتأثيرها على بناء وتكوين القوات الجوية :
فعند العمل في الإطار القومي تحتاج لأعداد كبيرة من وحدات النقل الجوي مجهزة بنوعيات خاصة من الطائرات ذات المدى البعيد والحمولات الكبيرة المتنوعة لنقل القوات واحتياجات الدعم إلى الدول الصديقة عند الحاجة وعند العمل في إطار الانعزالية أو العمل الفردي فان الدولة ستحتاج إلى أعداد كبيرة من الوحدات المقاتلة لعدم وجود دعم من دول أخرى بينما تقل الحاجة إلى أعداد كبيرة من النقل الجوي .
إن الدولة التي تعتنق سياسة الردع لتحقيق أهدافها الإستراتيجية فإن عليها أن تحتفظ بقوات جوية قوية وقادرة على اختراق دفاعات الخصم والوصول إلى الأهداف التي تريد مهاجمتها .
طبيعة وحجم العدائيات والتهديدات التي تواجهها الدولة :
إذا كان التهديد من أكثر من اتجاه استراتيجي أو أكثر من دولة مع احتمال نشاط هذه التهديدات في وقت واحد فيجب أن يكون للدولة في هذه الحالة قوات جوية قادرة على تدمير القوات المهاجمة في الاتجاهات المهددة بالتعاون مع باقي أفرع القوات المسلحة أو على الأقل تقوم بصد وتدمير القوات المعادية في الاتجاه الاستراتيجي الأكثر خطورة مع صد وتثبيت الاتجاهات الأخرى الأقل خطورة .
يجب ألا تقل نسبة التفوق للقوات الجوية اللازمة لتحقيق الدفاع الاستراتيجي عن نسبة 1:1بالنسبة لطيران العدو الذي تواجهه و ألا تقل هذه النسبة عن 1:1,2 في حالة قيام الدولة بعمليات هجومية إستراتيجية .
حجم المهام وطبيعتها المنتظرة للقوات الجوية :
و تؤثر عدد ونوعية الأهداف المنتظر التعامل معها على نوع الطائرات والأسلحة والمعدات فنوعية الطائرات اللازمة والتسليح اللازم لمواجهة التهديدات البحرية المعادية يختلف عن تلك اللازمة لمواجهة التهديدات البرية ، وكذلك الحال بالنسبة لنوع الطائرات والتسليح اللازم للتفوق على طيران العدو وتحقيق السيطرة الجوية وكل هذا يختلف عن نوعية الطائرات والمعدات في حالة الاحتياج لنقل أو إبرار قوات داخل أو خارج حدود الدولة .