الرد علي مطاعن الكاهن زكريا بطرس
الكاتب: الدكتور خالد العبيدي
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد، فإنني في ردي هذا على من تطاول على كتاب الله تعالى إنما أرد علة كل متخرص متقول دعي يريد أن يناطح السماء وأن يتحدى رب العزة والملكوت. ففي الحقيقة أني لم اسمع بما كان من أمر التهجمات التي جاءت على لسان الكاهن زكريا بطرس مؤخراً، ولكني أعلم أنه أو غيره من المتهجمين الذين كانوا أشد ضراوة من قبل أخزاهم الله ورد كذبهم إلى نحرهم، والأمر برمته ليس بمستغرب بل هو من صلب إعجاز حقيقة هذا القرآن الكريم وهذا الدين العظيم التي ستبقى شاخصة لقيام الساعة فدعونا نتأمل في هذه الآيات الكريمات:
- (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:145).
- (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف:6).
- (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (النحل:127).
- (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (النمل:70).
لعل المحلل للأمر برمته والمتمثل بتوالي الاتهامات والتهجم على هذا الدين او شخص الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليجد أن الأمر أما أن يكون جهلاً به وبأحكامه أو عناداً وتكبراً وعجرفة والمعجز أن كل ذلك قد جاء به القرآن نفسه بقوله تعالى :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) (الحج:3)، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ) (الحج:8)، )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ)(لقمان: من الآية20)، (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) (غافر:4)، )وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14).
وهنا يشخص الكتاب الكريم أصنافاً للناس الذين يتطاولون على الله تعالى وكتابه الكريم ودينه الحنيف وصاحبنا هذا واحد من تلك الأصناف الذي امتلأت صفحات التاريخ من أمثاله ولكن أكثر الناس لا يتعظون. فالذين هم بغير علم فهؤلاء هم الجهلة، والذين هم بغير هدى فهم أهل العلم ولكنهم ضلوا لأسباب دنيوية أو فكرية أو اجتماعية كثيرة، والذين لا يملكون الدليل والحجة والكتاب المنير فهؤلاء قد يكونون علماء ولكنهم لا يتبعون دليل على ادعاءاتهم وقد يقتنعون في قرارة أنفسهم بصدق ما نزل من الحق ولكنهم يجادلون عناداً وتكبراً وهو ما وصفته الآية الأخرى بأنه ظلماً وعلواً.
لقد اطلعت على بعض الادعاءات وهي تنم عن جهل كبير في حقائق العلم وكذلك حقائق اللغة العربية. سأحاول في الأسطر القادمة أن أجمل ردود سريعة لهذا المفتري تلجمه وتعرفه أي كتاب تطاول عليه وأي دين تجرأ عليه.
سيكون ردي على هذا الدعي بثلاث محاور المحور الفلسفي الجدلي، المحور العلمي المباشر على ادعاءاته، وأخيراً المحور العلمي العددي المتعلق بمعجزة ثوابت القرآن الهندسية التي منّ الله تعالى بها عل عبده الفقير ليكتشف منها سبق القرآن لكل ثوابت المواد والظواهر التي اكتشقت بعد نزول الكتاب الكريم بأكثر من 1200 عام وأكثر.
المحور الأول: المحور الفلسفي الجدلي
أود في هذا المحور أن أناقش هذا المدعي وأمثاله بأن أطرح عليه بعض التساؤلات بعضها من بين ثنايا عهدهم القديم (التوارة) والجديد (الإنجيل):
1. رغم تحريف التوراة والإنجيل وإزالة أغلب ما جاء فيها من صفات وذكر النبي الخاتم لا يزال يذكر خاتم الأنبياء وخاتم الديانات وأصحابه وأتباعه بصفاتهم ويمتدحهم ويثني عليهم، ولعل هذا أيضاً من أسرار إعجاز هذا الدين بأن لو تكالبت وتآمرت عليه الأمم من أقطارها ما استطاعوا أن يغيروا حقيقة أمره. فهم يذكرون في أسفارهم أن أصحاب الدين الخاتم من صفاتهم أنهم يصلون متراصين كتف بكتف وأنهم يتبعون المدينة العاقر (أي مكة) ولا يتبعون المدينة الولود (أي القدس) وتلك كناية عن أن القدس الشريف كان فيها أغلب الأنبياء عليهم السلام، فهل يجد أناساً في عالمنا هذا لهم هذه الصفات غير المسلمين؟!.
2. ثم كيف يمكن كما تدعي أن سيدنا محمد قد نقل هذه الحقيقة القرآنية العلمية المعجزة من إنجيلكم كما بينت في دعواك وهو لا يعرف القراءة أصلاً وهذه من علاماته التي عرفها أجدادك من نصارى ذلك الزمان فأقروا بنبوته، فكيف له أن يدرس كتبكم ويستنبط منها ويختار منها ليجعله في قرآنه كما تدعي فاسمع لقول الله تعالى وهو يرد عليك وعلى أمثالك منذ عهد النزول وحتى قيام الساعة ()وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103)، )وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت:48).. أي أنك لو كنت تعلم القراءة والكتابة فتخط الكتاب بيدك لقال الناس أنك تنقل من كتب من قبلك ولارتابوا من قولك، بينما تقول الآية الأولى أن الله يعلم أن المتقولين والمفترين يقولون أنك يا محمد تأخذ القرآن من علم اليهود والنصارى فيجيبهم اللله تعالى بأن هؤلاء قوم لسانهم أعجمي بينما هذا لسان عربي فصيح أعجز بلغاء العرب من أن يأتوا بآية واحدة مثله.
3. أود ان أسأل هذا المسكين وأمثاله أنتم تؤمنون كما جاء في الإنجيل أن سيدنا عيسى قال وهو ينطق بالسريانية أنه سيأتي من بعدي (الفارقليطس) ومعناها بالعربية بالضبط (الكثير الحمد) أي صيغة مبالغة للحامد أي (أحمد) ثم حرفتم المعنى فادعيتم أنه المعزي وأنه سيأتي لينقذ الناس قبل نزول عيسى من السماء قبيل الساعة. بتحريفكم لكلمة الفاقليط إلى المعزي نفيتم نبوءة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فالنص الإنجيلي يقول: (أتيتكم ببعض الحق لأنكم لا تتحملون كل الحق فإذا جاء الفاقليط فسيجيئكم بالحق كله فاتبعوه) وهو أمر من سيدنا عيسى واضح باتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقبل رفعه للسماء قال يجب أن أذهب لأنه إن لم أذهب لن يأتي الفارقليط. طيب، لنفترض جدلاً أن الفارقليط أو المعزي كما تزعمون لم يأت بعد، فكيف نجمع بين ادعاءكم أن نزول سيدنا عيسى قد اقترب وأنتم تنتظرونه وتبشرون أتباعكم بقرب نزوله وبين أن نزوله سيكون بعد مجيء المعزي بزمن والمعزي لم يأت لحد اليوم؟!. راجعوا معتقداتكم وكفاكم ضحك على أنفسكم قبل أن تضحكوا على الناس البسطاء من ابتاعكم والذي ستتبرأون منهم يوم القيامة عندما يلاحقونكم ويسألونكم لماذا ضحكتم علينا وألقيتم بنا إلى النار )إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) (البقرة:166)، )وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (الأحزاب:67).
ولقد ذكرني هذا الكاهن برجل آخر كان قد أخذ عهد على نفسه أن يدرس كتاب المسلمين ليدحضه جملة جملة فبدأ بالأمر وإذا به في النهاية يعلن إسلامه لما رأى من ترابط كتب الله تعالى وإحكامه وإعجازه، فأسأل الله تعالى أن يكون يهدي هذا الكاهن وغيره لطريق الحق كي ينقذ نفسه من عذاب الله وبطشه وعقابه الي بانتظاره.
المحور الثاني: المحور العلمي المباشر لادعاءات هذا المفتري
لنبدأ بسرد ادعاءات هذا المفتري ومطاعنه:
1. يقول أن هناك تناقض فى وصف القرآن لخلق الإنسان فمرة يقول القرآن أن الإنسان خلق من ( تراب ) ومرة يقول أنه خلق من ( طين ) ومرة يقول ( من طين لازب) ومرة يقول انه خلق من ( صلصال كالفخار ).. نقول وبالله التوفيق لهذا الرجل.
نقول للرجل عندما نقول الجمل التالية واصفين مراحل عمرك يا حضرة المفتري مثل (لعب زكريا بطرس بالكرة)، (ذهب زكريا بطرس للمدرسة)، ثم (جاء زكريا بطرس من الكنيسة)، (أكمل الكاهن زكريا بطرس دراسته اللاهوتية)، فهل نحن هنا في تناقض في قولنا هذا. الأول عندما كنت صغيراً، الثاني، عندما دخلت المدرسة، الثالث، عندما أصبحت واعياً أكثر والأخير عندما أكملت دراستك، وهكذا في بقية مراحل حياتك وهي كلها تعنيك انت. ولله المثل الأعلى، يبين الله تعالى مراحل خلق الإنسان، منذ حال التراب ثم حال الطين، ثم التصاق الطين ببعضه ثم حال الفخار حتى خلق سيدنا آدم وبث الروح فيه، فهل في هذه المرحلية تناقض يا هذا؟!.. فلو كنت لا تفقه شيئاً في مرحلية الأشياء ولا في بلاغة العرب فلماذا تتهجم إذن وتعرض نفسك لهكذا مواقف؟!.
هذه المراحل أثبت فعلاً أنه لا يمكن تخليق خلية حية تحوي العناصر الكيميائية محددة إلا بالبدء بحال الطين اللازب الذي تعرض للفخر والذي يحوي مكونات هي بالضبط نفس ما تحويه الأجسام الحية، وإن رغبت أهديك كتابي (الوراثة والاستنساخ) ضمن سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية لتعلم عظمة السبق القرآني في مجال الوراثة وأحول التخلق والأجنة والتي سبقني بها كذلك علماء أجلاء كان منهم كيث مور الكندي الذي أسلم وهو متخصص في علم الأجنة لما وجد في كتاب الله من علم مبهر سابق لعلومنا الحاضرة.
2. من المطاعن : أن هناك خطأ علمي فى الآية ( ومن كل شيء خلقنا زوجين ) فيقولون أن هناك أشياء بلا ذكر وأنثى مثل كل الجمادات من أوائل ومركبات، وفى الكائنات الحية هناك وحيدات الخلية كالبكتريا والأميبا وغيرها كائنات تتكاثر بالانقسام البسيط بلا ذكورة أو أنوثة .
نجيبه بما بيناه في كتابنا (المادة والطاقة) ضمن سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية) في موضوع الزوجية في القرآن الكريم، وهو أن من ضمن تعريف الزوجية لغة واصطلاحاً علمياً أنها تقع في 7 أصناف مثل القرين، الضديد، الشبيه، المكافئ وغير ذلك، ومن ضمن تلك التعريفات زوجية الذكر والأنثى كذلك، فالذكورة والأنوثة أحد أصناف الزوجية فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
جاء مصطلح الزوجية في القرآن الكريم على عدة أصناف، فجاءت الأزواج مرتين، أزواجا 14 مرة، زوجين 4 مرات، زوجها 4 مرات... يقول تعالى: }وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً{، (الواقعة:7).. }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ{، (هود:40)..
الزوجية في كل شيء، في الجماد والحيوان والنبات والأكوان. الزوج ضد الفرد كما تعرف قواميس اللغة ذلك، ومنها تشتق كلمات تعطي معنى مقارب منها المزاوجة، الازدواج، التزاوج، فيقال للاثنين زوجان، ويقال زوج، وهما سواء، وهما سيّان، فسواء وسيّان تعني الزوجية. ويقال أيضاً البعل، وهو القرين الجنسي من أزواج البشر أي الذكر والأنثى. وعموماً الزوج هو القرين، فكل ما يقترن بمسألة فهو زوجها سواء أكان هذا القرين جنساً أم أمور أخرى.
وفي اللغة الإنجليزية نجد المقابل لهذا التعريف كلمات عدة منها (couple)، (pair)، (spouse). هذه الكلمات تعطي معاني الازدواج أو التزاوج أو الزوجية. فعندما تقول (couple of time, couple of minutes)، فإنك تعني بالمعنى الاصطلاحي زوج من الدقائق أو الوقت، وبالمعنى العام بعض الوقت. والمزدوج (couple) معروف عند أهل الهندسة والفيزياء. وفي لغة الرياضيات عندما تقرن بين متغيرين تجعلهما بين قوسين مثل (س, ص) أو (x ,y)، وهذا الزوج من المتغيرات قد يكون متناظر أو متعاكس أو ما شابه فللأزواج في الرياضيات صفات عديدة... وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون اثنين، بل هو كل ما أكثر من اثنين، وكذا الحال في لغة العرب كل ما هو أكثر من اثنين، فالزوج هو ضد الفرد...
ومن هذه المقدمة يمكننا أن نصنف الزوجية على أصناف رئيسية عدة منها:
1. التآلف والتوافق: كما هو الحال في الجنسين أو حالة البعل والقرين.
2. التضاد: مثل المادة والمادة المضادة.
3. المقارنة والاقتران: كما أن تقارن بين شيئين، أو أن تقرن شيء بآخر، كحال التوائم في المخلوقات والجمادات.
4. التناظر والتشابه: كما هو الحال بين تشابه نصفي المخ البشري أو تناظر نصفي البرتقالة عند تنصيفها.
5. التقابلات: كما هو الحال في التقابلات والتناظرات العددية، وتجد في القرآن الكريم من هذا النوع ما يطول شرحه ويعجز وصفه, فإنك تجد أن عدد مرات ورود كلمات ملائكة بعدد ورود ضدها أي الشياطين، وعدد ورود أو تكرار الجنة بعدد تكرار النار وهكذا، وكأن المسألة خاضعة لترتيب رياضي عجيب، فسبحان الله.
6. التنافس والمنافسة: كالمنافسة بين فردين أو أكثر، أو مجموعتين أو أكثر.
7. التوازي والتلاقي: كحال الأشياء المتوازية أو المتلاقية.
الأزواج لا تستقر ولا تسكن حتى تلتقي بأزواجها أو أقرانها }هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا .. {، (الأعراف: من الآية189). الأحياء مثلا لا يستقرون حتى يسكنوا لأزواجهم، والذرة فيها نواة موجبة بداخلها بروتونات موجبة الشحنة تشتاق لأن تدور حولها إلكترونات سالبة متحركة فتجذبها إليها، فإذا ما كان ذلك ودارت الإلكترونات السالبة حول النواة الموجبة حصل السكون أي التعادل بالشحنات للذرة. كذلك الحال لأزواج المخلوقات كالنبات والحيوان والإنسان } الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى{، (طـه:53).. }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{، (الروم:21).. } وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{، (فاطر:11).. }فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{، (الشورى:11).. }وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{، (الرعد:3).
لأجل ذلك قنّن الله تعالى هذه العاطفة والشحنات الناتجة من عدم الاستقرار هذا بضوابط الزواج لعد ترك المسألة على عواهنها خصوصاً لأكرم مخلوق وهو الإنسان.
هناك أيضاً في عالم الدقائق ما يعرف بالأجسام المضادة التي لها نفس الكتلة ولكن بشحنات متعاكسة كالإلكترون الموجب أو البوزوترون الذي يترك بحر الإلكترونات السالبة، وعند التقاء المتضادات يحصل الفناء أو الإبادة (Annihilation )، وهذا هو النوع الثاني من أصناف الأزواج، فهو عكس الأول الذي يؤدي تلاقيه إلى استقرار وسكن كما في أزواج المخلوقات وأزواج الجمادات غير المتضادة.
وتفصيل ذلك أن الطاقة السالبة هي الطاقة التي تبذل عكس واقع تطبيقها الفعلي، فمثلاً إذا وضعت وزن في ميزان فبدل أن يهطل بفعل الوزن يرتفع، وبدل أن ينسكب الماء إلى الأسفل يعود فيتجمع في الإناء إلى الأعلى، وبدل أن يسير الزمن للأمام يجري نحو الخلف، وهكذا. عندما ذكرها العالم ديراك في بدايات القرن العشرين الميلادي سخر منه علماء عصره، ولكنهم عندما اكتشفوا البوزوترون دعوه ليأخذ جائزة نوبل فرفض لأن تصديقهم له جاء متأخراً وبعد 7 سنوات من السخرية والاستهزاء. هذا الأمر يقود للقول بالزمن السالب أو الزوج الملاصق لزمننا الموجب، كحال الناظر للمرآة بدل أن يرى تقدمه للأمام يرى نفسه يرجع للخلف فبدل أن تذهب للمستقبل معك فإنها تعود للماضي، وكما في إرجاع الأفلام إلى الوراء رغم أنها مضحكة ولكنها مشخصة علمياً. أما من الناحية العملية فلا يوجد تطبيق لهذا الفعل حصل في أرض الواقع إلا في حالة معجزة المعراج التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك عملية الخلق بالبدء والإعادة التي صرح بها القرآن الكريم، فنقرأ في قوله تعالى }إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ{، (يونس:4).. } قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ{، (يونس:34).. } أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{، (النمل:64).. } يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ{، (الأنبياء:104).. }اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{، (الروم:11).
هذه المسألة تقودنا لنسبية آينشتاين، وعدم وجود زمن ماضي ومستقبل في الكون السحيق، فكل زمن هناك متداخل وليس حاله كما هو حال القياس عندنا. وهذا أيضاً يعني وجود الطاقة والطاقة المضادة، وكذلك الكون والكون المضاد بل والأكوان المتعددة، (multiverse)، فالثقوب السوداء مثلاً والتي تمتص الضوء وتبيده إحدى أوجه الأكوان المضادة والعوالم الأخرى. والكون الحالي بزمنه هو كالسهم الذي أسفله نهايته المدقوقة، وأعلاه الانفراج، بينما الكون الآخر والزمن المضاد عكسه عند نهايته..
لذلك نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى } قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ {، (الفلق:1)، فالله تعالى قد فلق كل شيء من الذرة إلى الأكوان، فأبعدها عن بعضها فأبقى العالم المحسوس وأخفى العالم المضاد، ولو يأتينا شيء من هذا العالم لتدمرنا بفعل التقاء الضديدين وحصول الإبادة، والله أعلم. وتأمل بسيط بالطاقة الناتجة من إبادة شخص مع ضده تنبئك أخي الكريم بهول الأمر، لأن إبادة 1 بروتون تعطيك 982 مليون إلكترون فولت من الطاقة، وعليه فإن طاقة الإبادة لشخص من عالمنا مع ضديده من العالم المخفي تقدر بـ 2200 قنبلة ذرية.. نعم، ولك أن تتخيل الأمر، فسبحان الله القوي العزيز.
إذن كل شيء على شكل أزواج من الذرة حتى المجرة } سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ{، (يّـس:36).. }وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ{، (الزخرف:12).. } وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً{، (النبأ:8).. }وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{، (الذريات:49) .
وقد يقول قائل هناك من أصناف الأحياء في النبات والحيوان أصناف أحادية الجنس، أي تحوي في داخلها أعضاء الذكورة والأنوثة معاً، فما تعليل ذلك؟. الجواب في تعريف الزوجية نفسه، فالزوج الجنسي هنا بدل أن يكون في مكانين مختلفين عند الأنثى والذكر، تراه متواجد في مكان واحد هو هذا النوع أو ذاك من أصناف النباتات أو الحشرات.
أما بقية أصناف الزوجية فالأمثلة عليها كثيرة بل وأكثر من أن تذكر، فكل شيء زوج، وصفة الزوجية تلازم الوجود بأسره إلا خالق الوجود ومبدعه ومكونه تبارك عما يصفون من الزوج والولد، فهو تعالى عن النظير والضديد والمثيل لأنه } فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{، (الشورى:11).. } قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ(4){، (الإخلاص).. فهل من دليل بعد الذي ذكرنا من أدلة؟!، فسبحان من له ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.
3. اعترض صاحبنا كذلك على قضية غروب الشمس في عين حمئة في قصة ذي القرنين من سورة الكهف من قوله تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (الكهف:86) لقد بينت تفصيل ذلك في كتابيّ (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) و(تفصيل النحاس والحديد في الكتاب المجيد)، وباختصار لو تأملت الآية ملياً وكان لديك بعض الإلمام بلغة العرب لما اعترضت، يقول تعالى )حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (الكهف:86). أنت تقول أن الآية تعني أن الشمس تغرب في العين الحمئة –وهو تفسيرك أنت طبعاً ولا دخل للحقيقة في ذلك- طيب وهل القوم الذين عندها موجودون دون ان يمسهم شيء من حرها ولفحها ؟!، تدبر يا هذا وحكّم عقلك، فآيات الشمس في القرآن كثيرة تبين أنها تسبح في فلك خاص ولا يمكن لها أو للأرض أو القمر بأي حال من الأحوال أن يدرك بعضهم بعضاً )وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الانبياء:33)، )لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّـس:40). طيب حيث أن ذلك إقرار قرآني قبل العلم الحديث بأن الأفلاك تسبح في الكون بنظام معجز دون ان تضطرب في حركتها وانتبه هنا لكلمة يسبحون، فالسباحة تقتضي مادة يتم السباحة فيها فأنت لا تسبح في فراغ وهذا سبق قرآني بإن فكرة الفراغ الكوني غير صحيحة بل هي مادة ولكن من نوع خاص وهو ماكتشف حديثاً من أن الكون يتكون من مادة تسمى مادة الظلام الكوني (dark matter).
بل إن القرآن الكريم أول كتاب في تاريخ البشرية يفرق بين الكوكب والنجم، وبين النور والضوء وهي حقائق فيزيائة لم تكتشف إلا بعد نزول القرآن بأكثر من 1300 عام. كما بين القرآن الكريم المغزى من حركات الكواكب والأفلاك وهو تحديد الوقت لمصالح العباد، يقول تعالى )هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس:5).
حسناً، اتفقنا إذن أن القرآن يبين هذه الحقائق التي لم تعرفها البشرية بل وأنكتها حتى بعد نزول القرآن كما حصل للمسكين غاليلو الذي اتهمته كنيستك المحترمة بالزندقة عندما ادعى حركة الأرض وكرويتها. فكيف إذن نفهم أن الشمس تغيب في بحيرة أو عين دون أن تحرق من عندها من قوم؟!، الواضح يا هذا أنك لو وقفت على جبل قرب بحر أو بحيرة وتأملت الغروب لوجدت أن الشمس كأنها تنزل في البحر وهو وصف لما تراه عينك. ولقد وصف العالم أبو الكلام في رحلته لكشف أسرار رحلة ذي القرنين في كتابه القيم (ويسألونك عن ذي القرنين) هذا الأمر عندما اكتشف السد في منظقة جبال القوقاز بين بحر قزوين وبحر الأسود فوقف على أعلى قمة وتأمل الغروب ليجد الوصف القرآني تماماً كما هو بالضبط شمس تغرب في البحر وفيه جزر كثيرة واضحة للعيان بسبب علو المكان وفي تلك الجزر بحيرات داخلية كأنك تتخيل الشمس تنزل في تلك البحيرات.
4. كان مما ذكره أن هناك تناقض في مراحل خلق الأرض، إذ يقول الطاعن : فى قوله سبحانه فى البقرة (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة : 29]) تدل على أن خلق الأرض قبل خلق السماء بدليل لفظة ( ثم ) التي هي للترتيب والتراخي والانفصال، وكذا في الآيات الأخرى، ولكن في النازعات قال سبحانه ( أأنتم اشد خلقا أم السماء بناها 27 * رفع سمكها فسواها 28 * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ) ثم قال ( والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها 31 ). فمرة يقول خلق الأرض أولا، وأخرى يقول:خلق السماء أولا هذا تناقض!.
نجيب الرجل: الأصل في سبق القرآن المذهل لمراحل خلق الكون هو ما جاء في سورة النازعات : ()أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا(32)).
هذه الكلمات القليلات ملخص كامل لما توصلت له كل تقنياتنا الحاضرة في علوم الرصد الفلكي والجيولوجي، فكان خلق السماوات بطبقاتها المتطابقة وتكون المادة السوداء الخاصة بالظلام الكوني وانفلاق المجرات فالمجموعات الشمسية فالشموس او النجوم وضياءها ثم تكون الكواكب ومنها كوكبنا الفريد الأرض ونزول النيازك الحيدية لتعطي للأرض 3 أضعاف كتلتها ليتكون الغلاف الجوي الذي تكثف معه الهواء ليشكل طبقات عديدة كل طبقة لها وظيفتها الخاصة في حماية الأرض ومن ثم تشكل الجبال بعد مليار ونصف من السنين وخروج الأبخرة وتشكل دورات الاستمطار لتتشكل البحار ودورات المياه. وكل تلك المواصفات الكونية للسماوات والأرض تجدها في هذه الآية وغيرها مثل (.... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد:من الآية 25)، )الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:22)،(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذريات:47)،(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق:11)، أي التي ترجع كل ما هو ضار لخارج الأرض وتعيد كل ماهو نافع لبشر فتمنعه من الهروب كالسحب وغيرها. وغير ذلك من آيات عديدة كريمة دقيقة في تبينان الحقائق للناس وكما بينت ذلك في كتبي (الفلك)، (الأرض) من سلسلة ومضات إعجازية وكذلك كتاب (تفصيل النحاس والحيد في الكتاب المجيد) الذ أتمنى أن تطلع عليها لتعلم تفاصيل عجيبة في تلك الأوصاف القرآنية الرائعة قبل أن تتهجم بهذا الشكل الفاضح وأنت ليس في جعبتك سوى الحقد والضغينة وليس الحجة والدليل.
السماء يا هذا لغة هي كل ما علاك، والأرض هي كل ما تطؤه قدمك، وما ذكرت من آيات سورة فصلت في قوله تعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُّنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ( ( سورة فصلت: 9، 10، 11) تدخل في فهمك لموضوع السماء والسماوات والفرق بينها وكذل كموضوع الأرض وطبقاتها والتي فصلتها آيات الكتاب العزيز مثل قوله تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12) وتبين دقة هذا الوصف كما أشرنا في كتبنا أعلاه. فلفظ السماء ومنها السماء الدنيا في القرآن الكريم يختلف عن لفظ السماوات, فالأول يعني الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض, وأحيانا يعني سماء المنظومة الشمسية. بينما السماوات والسماوات العلا تعني الطبقات الأعلى والأعلى.
المقصود بقول الله تعالى في آيات سورة فصلت هو أنه بعد خلق الأرض وما فيها من جبال كانت سماؤها دخان بدون غلاف جوي وهو ما أثبت فعلاً ثم نزلت تلك الأمطار النيزيكية الحديدية التي بينها القرآن الكريم في سورة الحديد لتشكل الغلاف الجوي للأرض والذي من صفاته أنه يمكن البشر وغيرهم من سكان الأرض من تمييز الألوان ورؤية طبقات السماء وكذلك تنفس الأوكسجين وكذلك حصول الأمطار وكذلك منع نزول الأجسام الكونية الضارة على الأرض وساكنيها وفوائد أخرى جمة وهو ملخص قوله تعالى )وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) (الانبياء:32) وكذلك قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق:11)، وهذه الطبقات للغلاف الجوي التي لها أدوار مختلفة تتشكل من سبعة طبقات وهي ما توصلت له أرصادنا الحديثة اليوم. فالرجع في اللغة هو إعادة الشيء إلى مكانه أو إلى ما كان عليه. ويؤكد علماء الأرصاد الجوية أن طبقة التروبوسفير (وهي الطبقة الدنيا في الغلاف الجوي، والتي تلامس سطح الأرض) ذات الرجع، إذ تعكس ما يتصاعد إليها من بخار ماء، كما أن الطبقة الأعلى منها (ستراتوسفير) أيضاً ذات رجع، ويحدث فيها معظم عمليات إنزال المطر، ويعود فيها غاز الأوزون بتأثير الأشعة فوق البنفسجية إلى غاز الأوكسجين، والطبقتان العلويتان (أيونوسفير، وسيزوسفير) ذواتا رجع أيضاً، لأنهما تعكسان وتردان موجات الراديو الطويلة، والمتوسطة وبعض الموجات القصيرة المتأينة، الصاعدة إليها من سطح الأرض.
كما تعكس هاتان الطبقتان أيضاً مثل هذه الموجات الساقطة على الغلاف الجوي من الفضاء الخارجي، وتعيدها إليه. هذه الطبقات الأربعة الرئيسية تقسم لطبقات أخرى تصل فيالمجموع إلى سبعة طبقات للغلاف الجوي كل واحدة أوحي إليها أمرها أي قانونها الخاص بها لتقوم به على أكمل وجه.
وهذا المعنى نفس ما عنته الآية الكريمة في قوله تعالى في سورة البقرة : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة : 29]). فعندما تقرأ السماء فيجب أن يتوجه ذهنك للسماء الأقرب وهي سماء الغلاف الجوي، وعندما تقرأ السماوات أو السموات العلى أو سبع سماوات طباقاً يتوجه ذهنك للطبقات الأبعد وهي سماء المجموعة الشمسية، ثم سماء مجرة درب التبانة، ثم سماء المجرات فسماء العناقيد المجرية فسماء الكون المنظور واللا منظور وهكذا سبع سماوات طباقاً كما بين القرآن العظيم.
لذلك لا تجد آية في القرآن تقول (أنزل من السماوات ماء) بل (أنزل من السماء ماء) وهي سماء الغلاف الجوي المسؤولة عن دورات الاستمطار، وأما لو جاءت مقترنة مع رؤية الزينة أي زينة السماء فذلك لأن الغلاف الجوي هو المسؤول عن الرؤيا ولولاه لما تمكنا من رؤية السموات وتفاصيلها بكل تلك الدقة.
فاستواء الله تعالى للسماء إنما استواءه لسماء الأرض وطبقات غلافها السبعة فرتبها في يومين وتلك اليومين إنما هي متداخلة مع فترة خلق الأرض أي الأيام الأربعة نفسها وليست منفصلة عنها.
هذا لو أخذنا المعنى من باب تفسير التصور التدرجي أما لو أخذنا المعنى من باب التصور الخاص بتهيئة وترتيب الأحوال المشكلة للكون وأجرامه مسبقاً فإن الآيات تعني أن مواد الأرض في كوكبنا وكل الكواكب الأخرى كانت متضمنة في خلق السماوات وما تحويه. وهذا يدخل في أصل تكون السماوات والأرض في البداية بانفلاقها بعد أن كانتا قطعة واحدة وهو ما اكتشف مؤخراً بما عرف بالانفجار الأعظم وهو معنى قوله تعالى )أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الانبياء:30)، فعليك أن تلاحظ هنا أن اللفظ جاء (السماوات) وليس السماء. والعجيب في هذه الآية الكريمة أنها موجهة لكفار بعينهم هم ليسوا من كفار عصر التنزيل لأن الآية لم تنزل بسبب ولم يسأل أحد من كفار ذلك الزمان عن أصل تكون الكون أو أصل تكون الإنسان فكأن هذه الآية والله أعلم نزلت لكفار من عصرنا هذا كفروا بوجود الخالق عندما صدقوا بنظريات نفت وجود الخالق وسمت الكون بأنه الطبيعة أمثال أتباع نظرية التطور وأصل الأنواع والماديون والوجوديون وأمثالهم. فما جاء في سورة فصلت هو يدخل ضمن مراحل هذا الفلق والفتق العظيمين.
ولكي نصل بك إلى فهم متكامل لتفصيلات القرآن الكريم في مراحل خلق الكون والأرض والإنسان أدعوك إلى القراءة المتأنية لما بيناه في كتبنا بشكل تدريجي ومرتب وواضح المذكورة أعلاه فإن أحببت أن أهديك إياها لتعلم التفاصيل فلَكَ هذا يا هذا.
5. يقول هذا المسكين : في آية السجدة (5) يقول الحق ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) ولكن في المعارج (4) يقول سبحانه (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) مرة يقدر ليوم العروج (ألف سنة ) ومرة أخرى يقدر له ( خمسين ألف سنه ) ما هذا ؟
نجيب الرجل بأنه إن كان لا يفقه في نسبية الزمان والمكان فهذه ليست مشكلتنا ولكن المشكلة لمن يتطاول على شيء لا يفقه فيه، إن هذه الآيات الكيمات هي من ضمن آيات أصناف السرع في القرآن الكريم والتي جاءت بشكل عجيب سابقة لكل ما توصلنا له اليوم من تقنيات الاتصالات وهندستها وهو ما بينته في فصل هندسة الاتصالات في كتابي (المنظار الهندسي للقرآن الكريم). فالقرآن الكريم تحدث عن سرع عديدة بدءاً من السرع العادية المعروفة في عهد النزول مروراً بسرع أخرى لم تكن معروفة حتى وقت قريب بل وسرع لم تكتشف لحد اليوم، وفي ذلك تفاصيل واسعة أود من هذا المفتري أن يعود لكتابي (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) كي يعرف تفاصيل هذا الموضوع.
ولكن عموماً أقول أن القرآن الكريم تحدث عن سرع الصوت والضوء وما هو أسرع بآلاف المرات بل وحتى السرعة المطلقة وهي سرعة الأمر الإلهي كن والذي تكون فيه السرعة لا نهائية أي بزمن قدره صفر . فتجد في آيات الكتاب المجيد سرعة قيام الساعة والأمر الإلهي (كن)، سرعة نقل الأمر من السماوات للأرض وسرعة حمل العمل وصعوده، سرعة رحلة الإسراء والمعراج، سرعة معراج الأمر والروح والملائكة وعلاقتها بسرعة الضوء، سرعة نقل عرش بلقيس وغير ذلك من تفاصيل والتي نجملها في الجدول أدناه:
جدول السرع القرآنية
تنوع السرعة خصائصها الآيات التي وردت بها 1
سرعة قيام الساعة بالأمر الإلهي (كن)
السرعة المطلقة حيث الزمن يساوي صفراً والسرعة لا نهائية.
آيات عديدة يصل عددها إلى 8 مرات.
2
سرعة البراق في رحلة المعراج الفلكية.
سرعة البراق في رحلة المعراج الفلكية.
سورة النجم ومعها أحاديث صحيحة عديدة.
3
سرعة نقل عرش بلقيس.
سرعة الضوء أو أعلى منها.
سورة النمل.
4
سرعة معراج الأمر.
سرعة الضوء أو أعلى منها والتي تشتق من معادلتها من الآيتين التي اعترض عليها الكاهن..
سورة السجدة: 5
5
سرعة معراج الروح والملائكة.
سرعة الضوء أو أعلى منها والتي تشتق من معادلتها من الآيتين التي اعترض عليها الكاهن.
سورة المعارج:4 .
6
ما ذكر من أمر البرق والبصر.
سرعة الضوء.
آيات عديدة
7
سرعة البراق في رحلة الإسراء الأرضية.
أعلى بكثير من سرعة الصوت وقد تصل إلى سرعة
سورة الإسراء ومعها أحاديث صحيحة عديدة.
8
آيات المنظومة السمعية في القرآن الكريم.
سرعة الصوت.
آيات عديدة
9
آيات الرياح والسفن في البحر.
سرع مختلفة.
آيات عديدة
10
آيات الدواب والأنعام والطير في السماء.
سرع مختلفة.
( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير),(النور:45).. وآيات عديدة
11
آيات السرعة البشرية.
سرع مختلفة: الراكض والعادي والمهرول والماشي والحابي والزاحف.
آيات وأحاديث عديدة.
12
آيات السرعة البطيئة.
السرع البطيئة ومنها ما يدخل ضمن النقطة السابقة.
(وان منكم إلا ليبطئن..), (النساء:73 ).. وآيات وأحاديث عديدة.
13
السرعة الصفرية.
السرعة تساوي صفراً أي لا حراك.
(فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون.), (يس: 50).. وآيات وأحاديث عديدة.
14
السرع السالبة والمعاكسة.
أحداث الإسراء والمعراج.
سورة الإسراء وسورة النجم ومعها أحاديث صحيحة عديدة.
فمثلاً سرعة نقل عرش الملكة بلقيس في قصة سيدنا سليمان عليه السلام تعطي حالة الوصول إلى ربع ونصف سرعة الضوء دون دخول كلمة (قبل) في قوله تعالى على لسان من عنده علم الكتاب (..قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ..) في آية سورة النمل )قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40) وذلك بحساب المسافة بين القدس وسبأ وتقسيمها على زمن ارتداد الطرف، وبإدخال كلمة قبل يمكن الوصول لسرعة الضوء وما هو أكثر منه، وهناك تفاصيل أخرى عديدة بيناها في كتابنا أعلاه.
أما من الآيتين التي اعترض عليها هذا المفتري من قوله تعالى (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (الحج:47)،(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (السجدة:5)، (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج:4)، فإنك لو تنبهت لجملة (مما تعدون ) في حالة الألف سنة وعدم وجودها في حالة الخمسين ألف سنة لما اختلط عليك الأمر هذا إن كنت قرأت قليلاً عن النسبية.
وبدون الدخول في تفاصيل قد تتعب ذهنك الرقيق نقول لك وبكل فخر واعتزاز إن الأستاذ الدكتور منصور حسب النبي رحمه الله تعالى حسب منهما معادلتين رائعتين استخرج منها سرعة الضوء بالدقة المتناهية وكذلك سرع أكبر من الضوء وعرضت ف مؤتمر الإعجاز بموسكو عام 1994م والذي حضره كبار علماء الدنيا من مختلف الجنسيات وأسلم على أثره علماء لهم باع طويل في مجالات اختصاصهم وهو مسجل على أشرطة فيديو أدعو هذا الكاهن للعودة لها إن كان عنده شك مما نقول، ولكن لماذا يا ترى أسلم أو أذعن من حضر ذلك المؤتمر!؟ لأنهم ببساطة أناس علميون يذعنون للحق إذا ما جاءهم ولا يستكبرون أو يعاندون أو يكابرون كما هو شأن صاحبنا هذا وغيره.
6. ثم ادعى أن القرآن الكريم أخذ من العهد القديم والجديد مراحل خلق الإنسان فقارن قوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما * فكسونا العظام لحما * ثم انشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . المؤمنون) ( 12- 14 ) بما لديهم من عبارات مهلهلة لا ترقى لكلام البشر فكيف بكلام الرب جل وعلا.
ثم أمسك الكاهن بكتابه المقدس وقرأ الفقرة التي ادعي ان محمد اخذها وقلدها في كتابة آيات الأجنة، ولنعلم تلفيقه وكذبه هيا بنا نقارن بين فقرة كتابه والمقابل لها من القرآن الكريم : في سفر ايوب الإصحاح العشر من الكتاب المشترك بين النصارا واليهود يقوا أيوب لربه : (لما تخاصمني . احسن عندك ان تظلم أن ترذل عمل يدك وتشرق علي مشورة الأشرار . ألك عين بشر أم كنظر الإنسان تنظر . حتى تبحث عن اسمي وتفتش عن خطيئتي . في علمك أني لست مزنبا ولا منقذ من يدك . يداك كزنتاني وصنعتاني كلي جميعا . افتبتلعني . اذكر أنك جبلتني كالطين أفتعيدوني الي التراب . ألم تصبني كاللبن وخثرتني كالجبن . كسوتني جلدا ولحما فنسجتني بعظام وعصب منحتني حياة ورحمة .... ولكنك كتمت هذا ..... إن أخطئت تلاحظني ولا تبريني من اثمي . ان اذنبت فويل لي . وان تبررت لا ارفع رأسي . اني شبعان هوانا وناظر مزلتي . وان ارتفع تصطادني كأسد ثم تعود وتتجبر علي. فلماذا اخرجتني من الرحم .......اترك كف عني).
سوف أتركك لداخلك وصوت عقلك أيها الكاهن إن كان لك بقية من عقل وإن كان الله تعالى يريد أن يهديك، فإن كنت تدعي العلمية والوصول للحقيقة فبالله عليك هل تقارن هذه الكلمات غير المؤدبة بحق الله تعالى وغير العلمية بل وغير المنتظمة التي لا ترقى لقول جاهل من جهال عصر القرون المظلمة في أوربا وبين تلك الآيات الرائعة في سبكها وبلاغتها ودقة علميتها وأدبها.
هذه العبارات القرآنية الكريمة هي بالضبط ما توصلت له بحوث علم التشريح والبيولوجيا والفسيولوجيا والوراثة والتي أنصفها العديد من المختصين في بلاد الغرب ممن لهم باع طويل في تخصصاتهم ولا يتكلمون من وحي حقدهم بل من وحي علميتهم وإنصافهم في مجال البحث العلمي الدقيق.
المحور الثالث: المحور العلمي العددي
إذا كنت لا تفقه من أمور النسبية والفيزياء الكونية والفلك أو البلاغة العربية وعلوم السياق والسباق والتشبيه وغيره من فنون البلاغة والصرف فلعلك تفقه بعضاً من أمور الحساب والرياضيات. فتدبر معي لتعلم أي كتاب تريد ان تتطاول عليه بدل أن تسجد لربك سجود اعتراف بالذنب والتذلل له على إنزال معجزة دائمة خالدة للبشر على مر عصورهم ودهورهم.
في هذا المحور فستعلم ما يجعلك تذهل تماماً فاعلم يا هذا أن من تكرار كلمات القرآن الكريم وتسلسلاتها وتسلسلات الآيات والسور مكنني الله تعالى من تثبيت منظومة الثوابت القرآنية الشاملة في السورة والآية والكلمة والتي منها استخرجت منظومة الثوابت الهندسية الموجودة في القرآن الكيم والمحفوظة بحفظ الله تعالى.
فمثلاً كلمة قطراً وهو النحاس في آية سورة الكهف في قوله تعالى )آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (الكهف:96)، لو اخذت تسلسل هذه الكلمة ضمن تلك السورة وهي ( 1418 ) وقسمتها على عدد كلمات سورة الكهف وهي ( 1583)، لحصلت على العدد (0.8957676) أو باختصار (0.896)، فما هو يا ترى؟!، إنه بالضبط كثافة النحاس (0.896 ديكاغرام/سم3) الذي اكتشف بعد نزول القرآن بعدة قرون.
نعم، لا تتعجب فهناك عشرات من هذه الأمثلة، فلو اخذنا جميع ما جاء من تكرار لكلمات (حديد)، (ذهب)، (فضة)، (نحاس) أو (قطر) لاستخرجنا منها أكثر من 100 ثابت فيزيائي وذري وكيميائي وحراري وكهربي ومغناطيسي ونووي وغير ذلك لتلك المعادن الأربعة وهو ما بينته في كتابي (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) و(تفصيل النحاس والحديد في الكتاب المجيد) وكذلك ما سينشر من سلسلتي الجديدة التي ستنجز عن جائزة دبي للقرآن الكريم قريباً بإذن الله تعالى (المدرسة الهندسية في القرآن والسنة النبوية) والمتضمنة لعشرين جزءاً تتحدث عن كل أصناف الهندسة قديمها وحديثها وكيف أن كتاب الله وسنة رسوله قد سبقت بكل تلك العلوم ولكن المقصر هو نحن حملة هذا الدين في اكتشاف تلك الكنوز العظيمة. ليس هذا حسب بل إن ثوابت كهربية وميكانيكية وذرية وضوئية أخرى مثل ثابت كولومب والقدرة الحصانية وثوابت الماء وغير ذلك الكثير استخرجتها بفضل الله تعالى من تلك التقنية التي تفضل البارئ بها على عبده الفقير ليستخرجها من هذا الكنز الثمين الذي قصرنا في حقه أيما تقصير.
أدعوك يا هذا لأن تستشير كل من حولك من شياطين الإنس والجن واستفزز من استطعت منهم وأجلب عليهم بخيلك وصوتك ورجلك واستدعي كل من تريد من علماء الإحصاء والاحتمالات في الأرض وسلهم أيمكن ان يكون كل ذلك صدفة محضة؟! فإن كانوا علميين سيقولون لك إن نظرية الاحتمالات وقوانين التوافيق والتباديل لا يمكن أن تقبل أن يكون الأمر كله صدفة بل هو حق مثلما انكم تنطقون.
وهكذا ترى أن القرآن الكريم لا يحوي بلاغة وأدب وقصص حق وعلم دقيق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حسب، بل يحوي منظومات عددية ورياضية معجزة غاية في الدقة والتنظيم تدل على أنه كون مقروء، وهو ما بينته في كتبي التي ذكرتها في هذا الرد وكذلك كتابي (رياضيات التوحيد) الذي سيصدر قريباً بإذن الله تعالى عن جائزة دبي للقرآن الكريم.
وبعد يا هذا، فكن من النصارى الممدوحين في كتاب الله الذين يجدون ما وعدهم سيدنا عيسى عليه السلام والأنبياء من قبله مشخصاً امامهم بشخص الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم فهم يعرفونه بصفاته التي بشر الأنبياء بها )الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:146)، )الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:20). فقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يستكبرون عن الحق إذا ما جاءهم )وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:199)، )لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82)، )وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83).. ولا تكن من أهل الضلالات فوصفهم الله تعالى بأنهم من الضالين )وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30)
وأخيراً أقول لك ملاحظتين:
1- كنت أتمنى ان لا أخاطبك بأسلوب (يا هذا) وما شاكل لو كنت محترماً لنفسك عارفاً لحدودك مع ديننا العظيم وشخص نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والذي لو كان سيدنا عيسى عليه السلام بين ظهرانينا ما وسعه إلا أن يتبعه، وكي تعلم أن لهذا الدين ولهذا النبي الكريم ولهذا الكتاب العزيز في قلوبنا وعقولنا وأعماق أرواحنا لشأناً وأنه يعلو ولا يعلى عليه ليس من باب التعصب الأعمى كما عندكم بل من باب الحجة البالغة الدامغة.
2- أتمنى أن تقبل مني هدايا لكتبي التي ذكرتها في جوابي لك وأن تقرأها بعقل وقلب متفتح دون تعصب علً الله تعالى يهديك للإسلام فتنقذ نفسك من النيران فإن رغبت في ذلك فعناويني متوفرة على موقعي على الشبكة، وأسأل الله لك ولأمثالك الهداية فما جاء الإسلام إلا لينقذ الناس من ضيق ضلالاتهم إلى سعة أفق الحق والنور المبين. وصدق حبيبنا رسول الله القائل في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم واللفظ للبخاري في صحيحه ( جزء 3 - صفحة 1267) عن عبادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمتة ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمين وآله وصحبه والتابعين.