عشرون طائرة بدون طيار أميركية تحلق في سماء ليبيا
في مدينة بنغازي شرقي ليبيا يستمع السكان إلى أزيز طائرات من غير طيار مجهولة الهوية طيلة الأيام الماضية ولا يعرفون ما يجري، لكن أنباء تسربت إلى وسائل الإعلام تتحدث عن تحليق عشرين طائرة من دون طيار أميركية فوقهم على مدار الأربعة والعشرين ساعة. وتقول مصادر إن الطائرات ترصد وتصور "المتطرفين".
تراقب القاعدة
ولمعرفة هوية الطائرات اتصلت الجزيرة نت بمسؤول كبير في سلاح الجو الليبي فقال إنه بعد مغادرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) أجواء البلاد عقب انتصار الثورة، اتفقت وزارة الدفاع الليبية مع الملحق العسكري الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 على استمرار العمليات في سماء ليبيا، مضيفا أن الأخير نقل رسالة لهم من الرئيس باراك أوباما مفادها بأن الولايات المتحدة تحترم الشعب والسيادة الليبية.
وأضاف أنه بعد تأسيس رئاسة الأركان -التي لا تعلم بتحليق الطائرات الأميركية الآن، بحسب مسؤول فيها خلال حديثه مع الجزيرة نت- منح وزير الدفاع أسامة الجويلي الأذن للناتو عن طريق الملحق العسكري الأميركي بالتحليق بشرط تقديم عدد الطلعات وأماكن وجودها وزمن الدخول والخروج، مؤكدا أن الطائرات على اتصال بمركز السيطرة في قاعدة بنينا الجوية.
ازدادت الطلعات الأميركية فوق ليبيا بعد حرق القنصلية في بنغازي (الجزيرة نت-أرشيف)
غطاء الناتو
والطائرات أميركية تعمل تحت غطاء الناتو، حسب المسؤول الليبي الذي يؤكد أن واشنطن ترسل للطرف الليبي نتائج التصوير بدقة، قائلا إن اهتمام أميركا بالدرجة الأولى ينصب على مراقبة القاعدة وتهريب السلاح والهجرة غير الشرعية والحركات الهدامة خاصة في محاور الجنوب وخصوصا سبها والكفرة المتوقع "دخول أزلام" العقيد الليبي الراحل معمر القذافي أيضا منها.
ونفى المسؤول استباحة السماء الليبية، وقال إن أميركا كثفت طلعاتها الاستطلاعية بعد مقتل سفيرها كريستوفر ستيفنس الأسبوع الماضي في بنغازي، مضيفا أن الطلعات تخدم المصالح الأميركية والليبية معا.
أصدقاء ليبيا
وليس لدى المؤتمر الوطني أي معلومات عن التحليق حسب ما يقول عضو المجلس صالح أجعودة موضحا في تصريح للجزيرة نت أن أحد أعضاء المجلس تساءل عن هوية الطائرات وطلب استدعاء المسؤولين العسكريين والأمنيين لمعرفة هل كانت الطائرات تجوب سماء ليبيا بعلمهم أو بدون علمهم؟
وقال أجعودة إن الرد مسؤولية وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، لكنه أضاف أن لدى الجيش الليبي طائرتين من غير طيار بمطار معيتيقة بطرابلس، وهي تحت تصرف رئاسة الأركان، مشيرا في حديثه إلى اتفاقية "أصدقاء ليبيا" التي وقعها في الدوحة رئيس المجلس الوطني سابقا المستشار مصطفى عبد الجليل.
ويلفت أجعودة إلى أنه لم يجر الاطلاع على أرشيف الاتفاقية بشكل كامل لمعرفة حيثياتها، وقال إنه لا يعرف إلى أي مدى منح عبد الجليل والوفد المرافق له الصلاحيات لأصدقاء ليبيا.
وما يتمسك به أجعودة أنه من المفترض حتى وإن كانت الطائرات تجوب السماء الليبية وفق قرار مجلس الأمن 1973 الصادر في مارس/آذار 2001 فينبغي إخطار مراكز قيادات هذه الطائرات لرئاسة الوزراء أو وزارة الدفاع الليبية وتحديد المهام والأهداف، متوقعا تبعات سياسية "إذا لم تحصل هذه الطائرات على إذن من الدولة الليبية"، وقد تعقد الأزمة بشكل أكبر، حسب قوله.
صالح أجعودة: ليس لدينا علم بالطائرات (الجزيرة نت)
ومن جهته قال القائد العسكري حامد الحاسي إنه عند سؤال جهات الاختصاص عن هوية الطائرات، أخبرتهم بأنها تحلق بموجب اتفاقية "أصدقاء ليبيا"، مؤكدا أنه قبل مقتل السفير الأميركي جرت العادة على التحليق بصورة دائمة، لكنها ازدادت بعد الحادثة.
وأكد الحاسي في حديثه للجزيرة نت أن العشرين طلعة الأخيرة التقطت صورا لمواقع الجماعات الإسلامية "المتشددة" ولا يعلم إن كان الغرض قصفها أو لأغراض أخرى، مؤكدا أن دولتهم تستحسن هذا الإجراء.
شأن انتخابي
وأعرب القيادي في حزب الجبهة الوطنية مفتاح الطيار عن أمله في أن ينظر حلفاء ليبيا إليها بأنها بلد مستقل وذات سيادة، رافضا اختراق سيادة البلاد، مؤكدا أن ليبيا و"إن لم يكن لديها القوة في الوقت الراهن لحماية أجوائها سيأتي الوقت لترد على مثل هذه الاختراقات".
وبالإمكان وفق حديث الطيار للجزيرة نت حل المسائل العالقة بالحوار والاتصالات الدبلوماسية، وفي تصوره أن الانتخابات الأميركية على الأبواب، ومن المتوقع أن يجد الرئيس أوباما نفسه في زاوية ضيقة من الجمهوريين، والمزايدة عليه بالقول إنه رجل ضعيف، مؤكدا ربط الصلة بين استعراض القوة والانتخابات، قائلا إنها شأن انتخابي أميركي.
وقال القيادي في حزب الجبهة الوطنية إن ليبيا ستدفع ثمن الانتخابات الأميركية، وهي لا تريدها، مؤكدا أن الجمهوريين سوف يقولون لأوباما إنه ضعيف، وفي عهده قتل دبلوماسي أميركي ببنغازي، وجنود من المارينز وحرقت سفارة بلادهم. وقال الطيار مخاطبا أميركا "إن عليها معرفة أن مصالحهم في ليبيا عرضة لإعادة النظر إذا استمرت مثل هذه الاستفزازات".
"
مفتاح الطيار:
ليبيا ستدفع ثمن الانتخابات الأميركية
"
رسالة أميركية
من جهته ذهب رئيس تجمع "ليبيا الديمقراطية" يونس فنوش إلى أنه "علينا ترتيب أمورنا، وخلق دولتنا حتى نتطلع لأن تكون لنا سيادة على أرضنا وسمائنا". وأكد أنه "طالما أننا لا نملك دولة تفرض سلطتها على تراب ليبيا وسمائها، فلا حيلة لنا للحيلولة دون اضطلاع الآخرين بذلك".
ودافع فنوش في تصريح للجزيرة نت عن مصلحة دولتهم، وقال إنهم بحاجة إلى مساعدة أميركا وغيرها لمراقبة ما يجري على الأرض "فقد باتت التشكيلات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة تمثل خطرا محدقا بوجود بلادنا كله، ومن حقنا الاستعانة بمن يمكن أن يساعدنا في هذا الشأن".
أما الناشط السياسي إبراهيم المقصبي فقد رأى في حديثه مع الجزيرة نت أن تحليق الطائرات الأميركية على ارتفاعات منخفضة يوصل ضجيجها "رسالة أميركية للجماعات التي توصف بالمتطرفة"، والتي تشير إليها أصابع الاتهام في قضية مقتل السفير وثلاثة من مرافقيه، مؤكدا أن التطورات تضع الحكومة المقبلة في موقع حرج بين الجماعات "المتطرفة" ومسائل السيادة الوطنية.
المصدر http://aljazeera.net/news/pages/dca86027-a12d-42b2-9170-1ca58b6c4dad?GoogleStatID=9