لقد كان العالم بداية القرن العشرين مقسماً بين كيانات كبيرة مسيطرة على شرقي أوروبا " شرقي نهر الراين " وهي أمبروطويات ألمانيا والنمسا والمجر و روسيا ، وثلاث أخرى تسيطر على العالم خارج أوربا وهي بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية.
وكان ممكنا للعالم أن يمضي هادئاً لولا الإحساس العدائي المتأصل بينهم وبروز النزعة الإستعمارية والرغبة في السيطرة على أكبر رقعة من الأرض ودون التفكير بالنتائج .
وفي هذا العدد نقدم لمحة عن أحد الحروب التي شهدت تغيرات جدرية في أسلوب ووسائل القتال لم يعرفها العالم من قبل وهي الحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى وهو الأسم الذي عرفت به هذه الحرب قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية لأنه لم يكن متوقعاً أن تنشب حرب عالمية ثانية وأخدت أسم الحرب العالمية الأولى بعد إندلاع الحرب العالمية الثانية .
الحرب العُظمى " الحرب العالمية الأولى " 1914 – 1918 "
الحرب العُظمى أو الحرب العالمية الأولى هي تلك الحرب التي قامت بين عامي 1914 و1918 والتي تم فيها إستعمال الدبابات والغواصات والطائرات والأسلحة الكيميائية كما تم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة في التاريخ .
وشهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا كما تم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا.
شملت هذه الحرب أغلب الأقطار وسببت أعظم الخسائر التي لم تسببها حرب قبلها والسبب المتفق عليه لإندلاعها يتمثل في الحادث الذي أدى لإغتيال ولي عهد أمبروطورية النمسا والمجر الأرشيدوق فرانسيس فرديناند وهو بداية المناوشات التي آدت إلى قيام الحرب ففي يوم 28 من شهر الصيف "يونيو" 1914م أطلق أحد الأرهابيين التابعين لجماعة اليد السوداء الصربية النار على الأرشيدوق أثناء جولتة في البوسنة صحبة زوجته مما أدى إلى موته هو وزوجته في الحال ، وقد أعطى هذا العمل العذر للنمسا لأعلان الحرب على عدوتها التاريخية صربيا، وكانت ألمانيا قد وعدت النمسا بمساعدتها في أي عمل تتخذه ضد صربيا ، وبالفعل أعلنت النمسا الحرب على صربيا في 28 من شهر ناصر " يوليو" عام 1914 وكانت تتوقع نصراً سهلاً وسريعاً في هذه الحرب.
وفي 30 من شهر ناصر "يوليو" من عام 1914م أعطى قيصر روسيا أوامره للجيش بالتعبئة العامة على طول حدود روسيا مع النمسا ومع ألمانيا وكان رد فعل الألمان سريعاً على موقف روسيا ففي الأول من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا رداً على التعبئة الروسية وتبعتها بإعلان الحرب على فرنسا وفي طريقه إلى فرنسا أكتسح الجيش الألماني بلجيكا وكانت مقاومة الجيش البلجيكي باسلة وقاوم الهجوم الألماني بكل ما لديه ولكن مقاومته أستمرت فترة قصيرة وفي 16 من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أستطاعت القوات الألمانية من أن تعمل طوق أرغمت به القوات الفرنسية على التقهقر إلى جنوب بلجيكا وهكذا بدآت عملية الغزو لفرنسا وكان إكتساح بلجيكا المحايدة سبباً في إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا في شهر هانيبال "أغسطس" يعني أن بداية الحرب الفعلية كانت في شهر هانيبال "أغسطس" 1914م .
وفي هذه الأثناء كان الجنرال جوزيف جوفر القائد العام لكل الجيوش الفرنسية قد وضع قواته قرب نهر المارن شرقي باريس وأستعد للمعركة ، في السادس من شهر الفاتح " سبتمبر " بدآت معركة المارن الأولى وكان فيها القتال شرسًا بدأت على أثرها القوات الألمانية في الإنسحاب وكانت معركة المارن الأولى مفاتيح النصر للحلفاء لأنها أنهت آمال ألمانيا في هزيمة فرنسا سريعاً كما كان متوقعاً .
ولم يستمر إنسحاب الجيش الألماني طويلاً حيث خاض الألمان والحلفاء سلسلة من المعارك قرب نهر آين التي أصبحت تعرف بالسباق نحو البحر.
وفي الجبهة الشرقية أستمرت تعبئة روسيا بوتيرة أسرع مما كانت تتوقع ألمانيا ففي أواخر شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أندفع جيشان روسيان بعمق في الأراضي الألمانية وعلم الألمان بأمرهم فأعدوا خطة حربية تمكنوا بها من محاصرة أحد الجيشين في معركة تاننبرج التي وقعت يوم 31 من شهر هانيبال "أغسطس " ثم تمكنوا من طرد الجيش الثاني في ما عرف بمعركة البحيرات الماسورية وكانت خسائر الروس نحو 25 ألفا مابين قتيل وجريح ومفقود في المعركتين .
أما النمسا فكان نجاحها أقل من نجاح حليفتها ألمانيا في الجبهة الشرقية ففي نهاية عام 1914م هاجمت القوات النمساوية صربيا ثلاث مرات وكانت الهزائم من نصيبها في كل مرة كما حاصرت روسيا معظم إقليم جاليسيا في النمسا "وهو الآن جزء من بولندا والاتحاد السوفييتي السابق".
أهم المعارك في الحرب العظمى
معركة فردان.
في شهر الطير"أبريل" 1916 قرر فالكنهاين رئيس أركان حرب الجيش الألماني أن يركز على تكبيد العدو أكبر عدد من القتلى أعتقاداً منه بأن الحلفاء سيدعمون قواتهم بالأفراد وهذا يتيح له إلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوفه لكنه لم يكن يعتقد أن الفرنسيين سوف يدافعون عن فردان دفاعاً مستميتاً لآخر رجل وبدأت المعركة في 21 من شهر النوار "فبراير" ، وكان الفرنسيين حريصين على عدم سقوط فردان لأن خسارتها سوف تضعف الروح المعنوية للفرنسيين .
وخلال الربيع والصيف صد الفرنسيون المهاجمين الألمان بروح قتالية لم تكن في الحسبان ، ولم يتوقع فالكنهاين أن تتكبد قواته هذه الخسائر الجسيمة في الأرواح مثلما كلفت الفرنسيين، لهذا السبب أوقف الهجوم غير الناجح في 2 من شهر ناصر "يوليو" 1916م.
أما في الجانب الفرنسي فقد أعتبر أن الجيش المدافع عن فردان أبطالاً، وأصبحت معركة فردان رمزا للدفاع الوطني وأيضاً رمزاً للتخريب المدمر في الحرب الحديثة، حيث أرتفعت خسائر الفرنسيين إلى نحو 315 ألف رجل وخسائر الألمان نحو 280 ألفا، وأما المدينة فقد دُمّرت تمامًا.
معركة السوم.
بعد أن أستنزفت معركة فردان الجيش الفرنسي أعد الحلفاء في الأول من شهر ناصر " يوليو" 1916 خطة دفاعية قوية عند نهر السوم بفرنسا وتولى آمر القيادة الجنرال البريطاني "إيرل هيج " وبدأ هجوم الحلفاء وخلال ساعات تكبدت القوات البريطانية خسائر فادحة ، وهي أسوأ خسارة تتلقاها في يوم واحد من القتال على مدار تاريخها ، وأستمر القتال الشرس طوال الخريف .
في هذه الفترة تمكنت بريطانيا من إنتاج أول دبابة ولكن الدبابات في ذلك الوقت لم يكن يُعوَّل عليها كثيراً لأنها قليلة العدد بحيث لم تؤثر تأثيراً كبيراً في مجرى المعركة .
وفي نهاية المعركة تمكن الجيش البريطاني من الحصول على نحو أحد عشر كيلومترًا، وبتكلفة كبيرة جداً للطرفين بلغت أكثر من مليون من الإصابات؛ منها حوالي 600 ألف بين صفوف الألمان و 400 ألف بين صفوف البريطانيين وحوالي 200 ألف بين صفوف الفرنسيين، ورغم الخسارة الكبرى في فردان والسوم ، فإن الجبهة الغربية ظلت متماسكة حتى نهاية عام 1916 .
يتبع ....
وكان ممكنا للعالم أن يمضي هادئاً لولا الإحساس العدائي المتأصل بينهم وبروز النزعة الإستعمارية والرغبة في السيطرة على أكبر رقعة من الأرض ودون التفكير بالنتائج .
وفي هذا العدد نقدم لمحة عن أحد الحروب التي شهدت تغيرات جدرية في أسلوب ووسائل القتال لم يعرفها العالم من قبل وهي الحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى وهو الأسم الذي عرفت به هذه الحرب قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية لأنه لم يكن متوقعاً أن تنشب حرب عالمية ثانية وأخدت أسم الحرب العالمية الأولى بعد إندلاع الحرب العالمية الثانية .
الحرب العُظمى " الحرب العالمية الأولى " 1914 – 1918 "
الحرب العُظمى أو الحرب العالمية الأولى هي تلك الحرب التي قامت بين عامي 1914 و1918 والتي تم فيها إستعمال الدبابات والغواصات والطائرات والأسلحة الكيميائية كما تم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة في التاريخ .
وشهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا كما تم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا.
شملت هذه الحرب أغلب الأقطار وسببت أعظم الخسائر التي لم تسببها حرب قبلها والسبب المتفق عليه لإندلاعها يتمثل في الحادث الذي أدى لإغتيال ولي عهد أمبروطورية النمسا والمجر الأرشيدوق فرانسيس فرديناند وهو بداية المناوشات التي آدت إلى قيام الحرب ففي يوم 28 من شهر الصيف "يونيو" 1914م أطلق أحد الأرهابيين التابعين لجماعة اليد السوداء الصربية النار على الأرشيدوق أثناء جولتة في البوسنة صحبة زوجته مما أدى إلى موته هو وزوجته في الحال ، وقد أعطى هذا العمل العذر للنمسا لأعلان الحرب على عدوتها التاريخية صربيا، وكانت ألمانيا قد وعدت النمسا بمساعدتها في أي عمل تتخذه ضد صربيا ، وبالفعل أعلنت النمسا الحرب على صربيا في 28 من شهر ناصر " يوليو" عام 1914 وكانت تتوقع نصراً سهلاً وسريعاً في هذه الحرب.
وفي 30 من شهر ناصر "يوليو" من عام 1914م أعطى قيصر روسيا أوامره للجيش بالتعبئة العامة على طول حدود روسيا مع النمسا ومع ألمانيا وكان رد فعل الألمان سريعاً على موقف روسيا ففي الأول من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا رداً على التعبئة الروسية وتبعتها بإعلان الحرب على فرنسا وفي طريقه إلى فرنسا أكتسح الجيش الألماني بلجيكا وكانت مقاومة الجيش البلجيكي باسلة وقاوم الهجوم الألماني بكل ما لديه ولكن مقاومته أستمرت فترة قصيرة وفي 16 من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أستطاعت القوات الألمانية من أن تعمل طوق أرغمت به القوات الفرنسية على التقهقر إلى جنوب بلجيكا وهكذا بدآت عملية الغزو لفرنسا وكان إكتساح بلجيكا المحايدة سبباً في إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا في شهر هانيبال "أغسطس" يعني أن بداية الحرب الفعلية كانت في شهر هانيبال "أغسطس" 1914م .
وفي هذه الأثناء كان الجنرال جوزيف جوفر القائد العام لكل الجيوش الفرنسية قد وضع قواته قرب نهر المارن شرقي باريس وأستعد للمعركة ، في السادس من شهر الفاتح " سبتمبر " بدآت معركة المارن الأولى وكان فيها القتال شرسًا بدأت على أثرها القوات الألمانية في الإنسحاب وكانت معركة المارن الأولى مفاتيح النصر للحلفاء لأنها أنهت آمال ألمانيا في هزيمة فرنسا سريعاً كما كان متوقعاً .
ولم يستمر إنسحاب الجيش الألماني طويلاً حيث خاض الألمان والحلفاء سلسلة من المعارك قرب نهر آين التي أصبحت تعرف بالسباق نحو البحر.
وفي الجبهة الشرقية أستمرت تعبئة روسيا بوتيرة أسرع مما كانت تتوقع ألمانيا ففي أواخر شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أندفع جيشان روسيان بعمق في الأراضي الألمانية وعلم الألمان بأمرهم فأعدوا خطة حربية تمكنوا بها من محاصرة أحد الجيشين في معركة تاننبرج التي وقعت يوم 31 من شهر هانيبال "أغسطس " ثم تمكنوا من طرد الجيش الثاني في ما عرف بمعركة البحيرات الماسورية وكانت خسائر الروس نحو 25 ألفا مابين قتيل وجريح ومفقود في المعركتين .
أما النمسا فكان نجاحها أقل من نجاح حليفتها ألمانيا في الجبهة الشرقية ففي نهاية عام 1914م هاجمت القوات النمساوية صربيا ثلاث مرات وكانت الهزائم من نصيبها في كل مرة كما حاصرت روسيا معظم إقليم جاليسيا في النمسا "وهو الآن جزء من بولندا والاتحاد السوفييتي السابق".
أهم المعارك في الحرب العظمى
معركة فردان.
في شهر الطير"أبريل" 1916 قرر فالكنهاين رئيس أركان حرب الجيش الألماني أن يركز على تكبيد العدو أكبر عدد من القتلى أعتقاداً منه بأن الحلفاء سيدعمون قواتهم بالأفراد وهذا يتيح له إلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوفه لكنه لم يكن يعتقد أن الفرنسيين سوف يدافعون عن فردان دفاعاً مستميتاً لآخر رجل وبدأت المعركة في 21 من شهر النوار "فبراير" ، وكان الفرنسيين حريصين على عدم سقوط فردان لأن خسارتها سوف تضعف الروح المعنوية للفرنسيين .
وخلال الربيع والصيف صد الفرنسيون المهاجمين الألمان بروح قتالية لم تكن في الحسبان ، ولم يتوقع فالكنهاين أن تتكبد قواته هذه الخسائر الجسيمة في الأرواح مثلما كلفت الفرنسيين، لهذا السبب أوقف الهجوم غير الناجح في 2 من شهر ناصر "يوليو" 1916م.
أما في الجانب الفرنسي فقد أعتبر أن الجيش المدافع عن فردان أبطالاً، وأصبحت معركة فردان رمزا للدفاع الوطني وأيضاً رمزاً للتخريب المدمر في الحرب الحديثة، حيث أرتفعت خسائر الفرنسيين إلى نحو 315 ألف رجل وخسائر الألمان نحو 280 ألفا، وأما المدينة فقد دُمّرت تمامًا.
معركة السوم.
بعد أن أستنزفت معركة فردان الجيش الفرنسي أعد الحلفاء في الأول من شهر ناصر " يوليو" 1916 خطة دفاعية قوية عند نهر السوم بفرنسا وتولى آمر القيادة الجنرال البريطاني "إيرل هيج " وبدأ هجوم الحلفاء وخلال ساعات تكبدت القوات البريطانية خسائر فادحة ، وهي أسوأ خسارة تتلقاها في يوم واحد من القتال على مدار تاريخها ، وأستمر القتال الشرس طوال الخريف .
في هذه الفترة تمكنت بريطانيا من إنتاج أول دبابة ولكن الدبابات في ذلك الوقت لم يكن يُعوَّل عليها كثيراً لأنها قليلة العدد بحيث لم تؤثر تأثيراً كبيراً في مجرى المعركة .
وفي نهاية المعركة تمكن الجيش البريطاني من الحصول على نحو أحد عشر كيلومترًا، وبتكلفة كبيرة جداً للطرفين بلغت أكثر من مليون من الإصابات؛ منها حوالي 600 ألف بين صفوف الألمان و 400 ألف بين صفوف البريطانيين وحوالي 200 ألف بين صفوف الفرنسيين، ورغم الخسارة الكبرى في فردان والسوم ، فإن الجبهة الغربية ظلت متماسكة حتى نهاية عام 1916 .
يتبع ....
التعديل الأخير: