حروب القرن العشرين 2 ...

Nbn-4

عضو
إنضم
4 أبريل 2012
المشاركات
418
التفاعل
111 0 0
لقد كان العالم بداية القرن العشرين مقسماً بين كيانات كبيرة مسيطرة على شرقي أوروبا " شرقي نهر الراين " وهي أمبروطويات ألمانيا والنمسا والمجر و روسيا ، وثلاث أخرى تسيطر على العالم خارج أوربا وهي بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية.
وكان ممكنا للعالم أن يمضي هادئاً لولا الإحساس العدائي المتأصل بينهم وبروز النزعة الإستعمارية والرغبة في السيطرة على أكبر رقعة من الأرض ودون التفكير بالنتائج .
وفي هذا العدد نقدم لمحة عن أحد الحروب التي شهدت تغيرات جدرية في أسلوب ووسائل القتال لم يعرفها العالم من قبل وهي الحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى وهو الأسم الذي عرفت به هذه الحرب قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية لأنه لم يكن متوقعاً أن تنشب حرب عالمية ثانية وأخدت أسم الحرب العالمية الأولى بعد إندلاع الحرب العالمية الثانية .

images


الحرب العُظمى " الحرب العالمية الأولى " 1914 – 1918 "

الحرب العُظمى أو الحرب العالمية الأولى هي تلك الحرب التي قامت بين عامي 1914 و1918 والتي تم فيها إستعمال الدبابات والغواصات والطائرات والأسلحة الكيميائية كما تم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة في التاريخ .
وشهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا كما تم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا.
شملت هذه الحرب أغلب الأقطار وسببت أعظم الخسائر التي لم تسببها حرب قبلها والسبب المتفق عليه لإندلاعها يتمثل في الحادث الذي أدى لإغتيال ولي عهد أمبروطورية النمسا والمجر الأرشيدوق فرانسيس فرديناند وهو بداية المناوشات التي آدت إلى قيام الحرب ففي يوم 28 من شهر الصيف "يونيو" 1914م أطلق أحد الأرهابيين التابعين لجماعة اليد السوداء الصربية النار على الأرشيدوق أثناء جولتة في البوسنة صحبة زوجته مما أدى إلى موته هو وزوجته في الحال ، وقد أعطى هذا العمل العذر للنمسا لأعلان الحرب على عدوتها التاريخية صربيا، وكانت ألمانيا قد وعدت النمسا بمساعدتها في أي عمل تتخذه ضد صربيا ، وبالفعل أعلنت النمسا الحرب على صربيا في 28 من شهر ناصر " يوليو" عام 1914 وكانت تتوقع نصراً سهلاً وسريعاً في هذه الحرب.


images


images


وفي 30 من شهر ناصر "يوليو" من عام 1914م أعطى قيصر روسيا أوامره للجيش بالتعبئة العامة على طول حدود روسيا مع النمسا ومع ألمانيا وكان رد فعل الألمان سريعاً على موقف روسيا ففي الأول من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا رداً على التعبئة الروسية وتبعتها بإعلان الحرب على فرنسا وفي طريقه إلى فرنسا أكتسح الجيش الألماني بلجيكا وكانت مقاومة الجيش البلجيكي باسلة وقاوم الهجوم الألماني بكل ما لديه ولكن مقاومته أستمرت فترة قصيرة وفي 16 من شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أستطاعت القوات الألمانية من أن تعمل طوق أرغمت به القوات الفرنسية على التقهقر إلى جنوب بلجيكا وهكذا بدآت عملية الغزو لفرنسا وكان إكتساح بلجيكا المحايدة سبباً في إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا في شهر هانيبال "أغسطس" يعني أن بداية الحرب الفعلية كانت في شهر هانيبال "أغسطس" 1914م .
وفي هذه الأثناء كان الجنرال جوزيف جوفر القائد العام لكل الجيوش الفرنسية قد وضع قواته قرب نهر المارن شرقي باريس وأستعد للمعركة ، في السادس من شهر الفاتح " سبتمبر " بدآت معركة المارن الأولى وكان فيها القتال شرسًا بدأت على أثرها القوات الألمانية في الإنسحاب وكانت معركة المارن الأولى مفاتيح النصر للحلفاء لأنها أنهت آمال ألمانيا في هزيمة فرنسا سريعاً كما كان متوقعاً .
ولم يستمر إنسحاب الجيش الألماني طويلاً حيث خاض الألمان والحلفاء سلسلة من المعارك قرب نهر آين التي أصبحت تعرف بالسباق نحو البحر.
وفي الجبهة الشرقية أستمرت تعبئة روسيا بوتيرة أسرع مما كانت تتوقع ألمانيا ففي أواخر شهر هانيبال "أغسطس" 1914م أندفع جيشان روسيان بعمق في الأراضي الألمانية وعلم الألمان بأمرهم فأعدوا خطة حربية تمكنوا بها من محاصرة أحد الجيشين في معركة تاننبرج التي وقعت يوم 31 من شهر هانيبال "أغسطس " ثم تمكنوا من طرد الجيش الثاني في ما عرف بمعركة البحيرات الماسورية وكانت خسائر الروس نحو 25 ألفا مابين قتيل وجريح ومفقود في المعركتين .


images


images


images


images


أما النمسا فكان نجاحها أقل من نجاح حليفتها ألمانيا في الجبهة الشرقية ففي نهاية عام 1914م هاجمت القوات النمساوية صربيا ثلاث مرات وكانت الهزائم من نصيبها في كل مرة كما حاصرت روسيا معظم إقليم جاليسيا في النمسا "وهو الآن جزء من بولندا والاتحاد السوفييتي السابق".
أهم المعارك في الحرب العظمى
معركة فردان.
في شهر الطير"أبريل" 1916 قرر فالكنهاين رئيس أركان حرب الجيش الألماني أن يركز على تكبيد العدو أكبر عدد من القتلى أعتقاداً منه بأن الحلفاء سيدعمون قواتهم بالأفراد وهذا يتيح له إلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوفه لكنه لم يكن يعتقد أن الفرنسيين سوف يدافعون عن فردان دفاعاً مستميتاً لآخر رجل وبدأت المعركة في 21 من شهر النوار "فبراير" ، وكان الفرنسيين حريصين على عدم سقوط فردان لأن خسارتها سوف تضعف الروح المعنوية للفرنسيين .
وخلال الربيع والصيف صد الفرنسيون المهاجمين الألمان بروح قتالية لم تكن في الحسبان ، ولم يتوقع فالكنهاين أن تتكبد قواته هذه الخسائر الجسيمة في الأرواح مثلما كلفت الفرنسيين، لهذا السبب أوقف الهجوم غير الناجح في 2 من شهر ناصر "يوليو" 1916م.
أما في الجانب الفرنسي فقد أعتبر أن الجيش المدافع عن فردان أبطالاً، وأصبحت معركة فردان رمزا للدفاع الوطني وأيضاً رمزاً للتخريب المدمر في الحرب الحديثة، حيث أرتفعت خسائر الفرنسيين إلى نحو 315 ألف رجل وخسائر الألمان نحو 280 ألفا، وأما المدينة فقد دُمّرت تمامًا.
معركة السوم.


images


images


images


بعد أن أستنزفت معركة فردان الجيش الفرنسي أعد الحلفاء في الأول من شهر ناصر " يوليو" 1916 خطة دفاعية قوية عند نهر السوم بفرنسا وتولى آمر القيادة الجنرال البريطاني "إيرل هيج " وبدأ هجوم الحلفاء وخلال ساعات تكبدت القوات البريطانية خسائر فادحة ، وهي أسوأ خسارة تتلقاها في يوم واحد من القتال على مدار تاريخها ، وأستمر القتال الشرس طوال الخريف .
في هذه الفترة تمكنت بريطانيا من إنتاج أول دبابة ولكن الدبابات في ذلك الوقت لم يكن يُعوَّل عليها كثيراً لأنها قليلة العدد بحيث لم تؤثر تأثيراً كبيراً في مجرى المعركة .
وفي نهاية المعركة تمكن الجيش البريطاني من الحصول على نحو أحد عشر كيلومترًا، وبتكلفة كبيرة جداً للطرفين بلغت أكثر من مليون من الإصابات؛ منها حوالي 600 ألف بين صفوف الألمان و 400 ألف بين صفوف البريطانيين وحوالي 200 ألف بين صفوف الفرنسيين، ورغم الخسارة الكبرى في فردان والسوم ، فإن الجبهة الغربية ظلت متماسكة حتى نهاية عام 1916 .


images


images


يتبع ....
 
التعديل الأخير:
رد: حروب القرن العشرين 2 ...

الجبهة الإيطالية.

ظلت إيطاليا خارج الحرب رغم أنها كانت عضوا في التحالف الثلاثي مع النمسا وألمانيا، وادعت إيطاليا بأنها ليست ملتزمة بالانضمام للحرب ولكن بعد إبرام إتفاق سري بين إيطاليا وبين الحلفاء ألتزم الحلفاء بأن يعطوا إيطاليا بعض أراضي النمسا بعد الحرب ، ووعدت إيطاليا أنها سوف تهاجم النمسا.
وفي شهر الماء"مايو" 1915م دخلت إيطاليا الحرب إلى جانب الحلفاء، وكان الجيش الإيطالي بقيادة الجنرال لويجي كادورنا، قد أندفع بعمق في سلسلة من المعارك على طول نهر إيسونزو في النمسا ، وخلال المعارك التي خاضها الجيش الإيطالي تكبّدت إيطاليا خسائر كبيرة ومريرة ، مقابل سيطرتها على بعض الأراضي القليلة و كان تقدمهما ضئيلاً ولكنهم ساهموا في أنهاك الجيش النمساوي و كان الحلفاء يأملون أن تساعد الجبهة الإيطالية روسيا بأن تدفع النمسا إلى سحب بعض قواتها بعيدًا عن الجبهة الشرقية.


getimagezl1.jpg


القتال في الدردنيل.

عندما بدأت الحرب العالمية الأولى، أعلنت الإمبراطورية العثمانية إغلاق الطريق المائي بين بحر إيجة والبحر الأسود، وبذلك سدت طريق البحر إلى جنوب روسيا.
وخلال شهر النوار"فبراير" والربيع"مارس" من عام 1915م، هاجمت السفن الحربية الروسية والفرنسية والإنجليزية مضيق الدردنيل، وكان الحلفاء يأملون في إيجاد طريق إمداد لروسيا، ولكن الألغام كانت لهم بالمرصاد وأوقف الهجوم.
وفي شهر الطير "أبريل" 1915م أنزل الحلفاء قواتهم في شبه جزيرة جاليبولي على الشاطئ الغربي للدردنيل، وأدت قوات من أستراليا ونيوزيلندا دورا رئيسيا في هذا الإنزال، وسرعان ما أصبحت القواتان العثمانية والحليفة متورطة في حرب خنادق، وفشل أيضاً هذا الهجوم الذي وقع في آخر شهر هانيبال" أغسطس" عند خليج سوفلا في إنهاء الجمود على هذه الجبهة ، وخلال شهر الكانون " ديسمبر" بدأ الحلفاء في إجلاء قواتهم، بعد أن خسروا حوالي 250 ألفا من ضحاياهم في الدردنيل.
الجبهة الشرقية

في شهر الماء"مايو" من عام 1915، أخترقت جيوش ألمانيا والنمسا الخطوط الروسية في جاليسيا الواقعة في النمسا، وهي المقاطعة التي غزتها روسيا سنة 1914م، وبفعل هذا الإختراق أنسحب الروس نحو 480 كم قبل أن يكوِّنوا خط دفاع جديد .
وعلى الرغم من هذا التقهقر فإن قيصر روسيا نيقولا الثاني شن هجومين وكان الفشل من نصيب الهجوم الروسي الأول ولكن في الهجوم الثاني من شهر الربيع مارس من عام 1916 أستطاع أن يدفع بالقوات الألمانية بعيدا ، وبدأ الهجوم الروسي الثاني في يونيو 1916م تحت قيادة الجنرال ألكسي بروسيلوف، وأجبر قوات النمسا على التقهقر 80 كم ، وخلال أسبوع واحد أسر الروس 200 ألف جندي وكان على النمسا لإيقاف هذا الهجوم أن تسحب قواتها من الجبهة الإيطالية إلى الجبهة الشرقية، وهكذا أخرج الهجوم الروسي النمسا من الحرب، ولكنه أرهق روسيا، وأصيب الجانبان بخسائر فادحة.


getimage1ky9.jpg


getimagebp3.jpg

من أعلى قمة صخرية تستعد القوات الإيطالية لبدء معركة على حدود النمسا ـ المجر وكان عليهم أولاً أن يرفعوا المدفعية إلى أعلى وقد أعاقت جبال الألب الوعرة تقدم الإيطاليين إلى داخل النمسا ـ المجر.
كان الحلفاء يأملون أن تساعد الجبهة الإيطالية روسيا بأن تدفع النمسا ـ المجر إلى سحب بعض قواتها بعيدا عن الجبهة الشرقية وإن كان هذا السحب قد حدث فإنه لم يساعد روسيا .

الحرب في البحر.

سببت سيطرة بريطانيا على البحار أثناء الحرب العالمية الأولى مشاكل جسيمة لألمانيا، فقد سد الأسطول البريطاني مياه ألمانيا، ومنع المدد من الوصول إلى الموانئ الألمانية مما سبب في معناة كبيرة لألمانيا بسبب نقص الطعام والبضائع الأخرى، في هذه الأثناء أدخلت المانيا قوارب اليو" (U)" وهي غواصات أنتجتها الترسانة الحربية الألمانية آملة أن تضيف شيئاً لمقوقفها القتالي في البحر وحاربت ألمانيا القوة البحرية البريطانية بضراوة وخاصة أثناء الحصار البحري على الجزر البريطانية خلال شهرالنوار" فبراير" من عام 1915 ومحذرة بأنها ستهاجم أية سفينة تحاول أن تخترق هذا الحصار، وبالفعل دمرت الغواصات الألمانية العديد من بواخر الغداء والبضائع المختلفة المتجهة إلى بريطانيا.
وفي 7 من شهر الماء"مايو" 1915 ضربت غواصة ألمانية سفينة الركاب البريطانية لوسيتانيا على ساحل أيرلندا، وقتل نتيجة لذلك 1198 راكباً منهم 128 راكباً أمريكيًا ، وكان لغرق لوسيتانيا دافعاً قوياً للرئيس الأمريكي ودرو ولسون لكي يضغط على ألمانيا للكف عن إستعمال الغواصات في الحرب وخاصة أن هجماتها لم تفرق بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية ، ووافقت ألمانيا على عدم مهاجمتها لسفن الركاب المدنية ، ولكن هذا التعهد الألماني لم يمنع المعارك البحرية من الإستمرار فخلال يومي 31 من شهر الماء " مايو " والأول من شهر الصيف يونيو تقابل فيها الأسطولان البريطاني والألماني في معركة جتلاند التي دارت قبالة الساحل الدنماركي وكان الأدميرال السير جون جليكو يقود الأسطول البريطاني المكون من 150 سفينة حربية وتقابل مع أسطول ألماني مكون من 99 سفينة حربية تحت قيادة الأدميرال راينهارد شير وعلى الرغم من تفوق بريطانيا فإن جليكو كان حذراً، وخشى أن يخسر الحرب لأن خسارة بريطانيا لأسطولها سوف تعطي ألمانيا السيطرة على البحار وبعد نهاية هذه المعركة أدعى كل طرف أنه المنتصر في معركة جتلاند، ورغم أن بريطانيا خسرت سفنا أكثر من ألمانيا، فقد ظلت مسيطرة على البحار طيلة فترة الحرب.


getimagegq2.jpg



الحرب الجوية


حدث تقدم كبير في الطيران في ذلك الوقت وكان كل جانب يسعى لصنع طائرات ذات قدرة أعلى من الآخر وكان الإستخدام الأول للطائرات مركزاً على مراقبة أنشطة العدو وكان التسليح في تلك الطائرات يعتمد على المدافع الرشاشة التي يحملها الطيارون بأنفسهم لضرب الطائرات المعادية؛ ولكن الطائرات في ذلك الوقت لم تكن مجهزة بوسائل الأمان التي تحمي الطيار فقد كان الرصاص يرتد عليهم في بعض الأحيان بفعل مراوح طائراتهم ولكنهم قبلوا المجازفة وأستمروا في القتال بهذه الصورة .
وفــي عــام 1915 وفــي المراحــل الأولى من الحرب العظمى بدأت ألمانيا قذف لندن وبعض المدن البريطانية الأخرى من " المناضيد الهوائية " لكن القذف كان قليل التأثير على المدن المستهدفة .


getimage1pt5.jpg


المرحله الاخيرة

هزائم الحلفاء


في مارس 1917م كان القادة العسكريون الفرنسيون والإنجليز ما يزالون يعتقدون أن هجوما ناجحا قد يكسب الحرب، لكن القادة الألمان استغلوا الجمود على الجبهة الفرنسية ليحسنوا من دفاعاتهم.
وفي شهر الربيع "مارس" 1917م تقهقرت القوات الألمانية إلى خط معركة جديد محصن بقوة أكبر في شمال فرنسا أطلق عليه الألمان خط سيجفريد ، وأطلق عليه الحلفاء خط هندنبرج ونجح خط سيجفريد من حصار الجبهة الفرنسية ووضع المدفعية الألمانية في وضع المُسيطر وأدى هذا إلى فشل الهجوم الذي نظمه الفرنسيون.


getimagedm8.jpg

جنود روس أنهكتهم الحرب يتراجعون في صيف عام 1917م بعد أن علموا بأن الألمان قد سحقوا جبهتهم الحربية. وقد توقفت روسيا عن المعارك في أواخر تلك السنة.

وفي 16 من شهر الطير "أبريل" من عام 1917 شن الفرنسيون هجوما كبيراً أخراً ولكنه فشل مثل سابقيه ومع هذه استمر القتال وفي نفس الوقت ظهر شئ من التمرد بين القوات الفرنسية بعد فشل الهجوم الفرنسي والذي تكبد فيه الفرنسيين خسائر فادحة في الأرواح ونزفت القوات دماء كثيرة لا حد لها وظهر بعض العصيان في صفوف الرجال الذين قاتلوا بشجاعة معظم السنوات الثلاث ورفضوا الإستمرار في الحرب وفي أواخر شهر الماء " مايو" من عام 1917 تحسنت الظروف المعيشية للجيش وأعيد تنظيمه بعد أن ساهم تحسن الظروف المعيشية للجنود من أرتفاع المعنويات، ووعود قائد الجيش الفرنسي بأن تظل فرنسا في وضع دفاعي إلى أن تصبح مستعدة لكي تقاتل مرة أخرى ، وظل دور الدفاع على الجبهة الغربية مسؤولية قوات الحلفاء ، وكان الجنرال هيج يأمل أن يؤدي الهجوم البريطاني قرب إيبرو إلى نصر حاسم ، وفي 31 من شهر ناصر"يوليو" 1917 بدأت معركة باشندال في إيبرو واستمرت القوات البريطانية وقوة فرنسية صغيرة تضرب الألمان في معركة رهيبة لأكثر من ثلاثة أشهر، ولقد كان للطقس دوراً في وقف هذه المجزرة فالمطر الغزير جعل من الأرض مستنقع غرق فيه آلاف من الجنود الإنجليز، ثم جاء البرد الشديد وتساقط الثلوج لكي ينهي المعركة نهائيا في 10 من شهر الحرث "نوفمبر".
وفي أواخر الشهر نفسه استخدمت بريطانيا الدبابات لاختراق خط سيجفريد، لكن الفشل عند إيبرو أنهك القوات التي كانت بريطانيا تحتاج إليها لمتابعة النجاح.
في عام 1917 كانت بريطانيا وفرنسا تنظر إلى أمالهم في النصر تتحطم أمام أعينهم وكان إجلاء الإيطاليين عن الآراضي النمساوية وقيام الثورة في روسيا سبب إنخفاض في الروح المعنوية للجيش المحارب .


الثورة الروسية.

عانى الشعب الروسي كثيرًا خلال الحرب العالية الأولى، وخلال سنة 1917م لم يعد كثير منهم قادرًا على تحمل الخسائر العديدة، والنقص الخطير في الطعام، وأخذوا ينحون باللائمة على القيصر ومستشاريه في كل ما يتعلق بمشاكل البلاد.
وفي أوائل 1917 أطاحت ثورة في بتروغراد (بيترسبيرج حاليًا) بقيصر روسيا ولكن الحكومة الجديدة أستمرت في الحرب، وبعد سبعة أشهر قاد لينين ثورة تمَّكن بها من السيطرة على الحكم في روسيا، وطالب بإبرام معاهدة سلام مع ألمانيا وأستجابت ألمانيا على الفور نظراً للفائدة الكبيرة التي ستجنيها من حياد روسيا كما شجع خروج روسيا من الحرب القيادة الألمانية على الاستفادة من 400 ألف جندي ألماني كانوا على الجبهة الروسية وتوجيههم لقتال الإنجليز والفرنسيين، وكان قائد الجيوش الألمانية إريك لودندورف قد خطط بأن يقوم بضربة ساحقة ضد الحلفاء قبل أن تصل القوات الأمريكية إلى الجبهة .

يتبع
 
رد: حروب القرن العشرين 2 ...

الولايات المتحدة الأمريكية تدخل الحرب

أعلن الرئيس ولسون رئيس الولايات المتحدة حياد الولايات المتحدة في بداية الحرب ، فقد عارض معظم الأمريكيين تورط أمريكا في حرب أوروبية، لكن موت 128 أمريكيًا غرقوا مع سفينة لوسيتانيا وبعض الأعمال الرهيبة التي قام بها الجيش الألماني ضد المدنيين في أوروبا أحدث تعاطفا من قبل الأمريكيين مع الحلفاء.
وفي هذا الصدد دعا الرئيس الأمريكي ولسون في الثاني من شهر الطير"ابريل"من عام 1918 للدخول في الحرب وبالفعل أعلن الكونجرس الأمريكي الحرب على ألمانيا في السادس من شهرالطير" أبريل". ولم يتوقع المراقبين أن تفعل أمريكا الكثير من أجل إنهاء الحرب.


المعارك الأخيرة

أرتفعت معنويات الألمان بعد إنتهاء العمليات الحربية في الجبهة الشرقية وأصبحوا متفائلين ومنتظرين النصر الحاسم وفي أوائل 1918 كانت القوات الألمانية تتفوق عل الحلفاء في الجبهة الغربية وكان القائد الألماني لودندورف قد خطط بأن يقوم بضربة ساحقة على الحلفاء قبل أن تصل القوات الأمريكية إلى الجبهة واعتمد على عنصر السرعة والمفاجأة ، وكانت الضربة التي قام بها الجيش الألماني في الحادي والعشرين من شهر الربيع " مارس" 1918 قرب سان كنتان، وهي مدينة في وادي نهر السوم قد زادت من معنويات الجيش الألماني .
أجتمع قادة الحلفاء لوضع خطة دفاعية جديدة وذلك بعد الهزائم المتكررة التي لحقت بهم و في شهر الطير" أبريل " تم تعيين قائداً فرنسياً كقائداً أعلى للقوات المتحالفة الذي تصدى للهجوم الألماني الذي وقع في التاسع من شهر الطير" أبريل" على طول نهر لي في بلجيكا، وقاومت قوات الحلفاء وأوقف الهجوم بصعوبة وعانى الحلفاء من خسائر كبيرة في هذا الهجوم، كما تكبد الألمان خسائر فادحة بل كانت خسائر الألمان أكبر وأشد .
شنت ألمانيا هجوما ثالثا في 27 مايو قرب نهر آين وفي 30 مايو وصلت القوات الألمانية إلى نهر المارن ، ودخلت القوات الأمريكية لمساعدة فرنسا لوقف التقدم الألماني عند مدينة شاتو تييري، وهي على بعد أقل من 80 كم شمال شرق باريس. وخلال شهر الصيف "يونيو" طردت الولايات المتحدة الألمان من غابة بيلو قرب المارن، وعبرت القوات الألمانية المارن في 15 من شهر ناصر "يوليو" وقامت قوات التحالف بشن هجوم مضاد قرب مدينة سواسون.
وأستمرت المعركة الثانية من 15 من شهر الصيف "يوليو" إلى 6 من شهر هانيبال "أغسطس" ، وقد مثلت هذه المعارك نقطة تحول في الحرب إذ تعرض الألمان لهزائم كبيرة أمام الحلفاء، وبدأت ألمانيا في الانهيار وتم أُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثلاثة شهور، كما هاجمت بريطانيا وفرنسا القوات الألمانية قرب آميان وتمكنت من أكتساح كل خطوط الألمان، إلى أن وصلت إلى شمال فرنسا .
وفي 26 من شهر الفاتح " سبتمبر" بدأ الهجوم الأخير وأشتركت فيه قوات أمريكية في قتال شرس بين غابة أرجون ونهر الميوز وهنا تحقق عدم مقدرة ألمانيا من التغلب على قوات الحلفاء الأكثر عـدد والأكثر تجهيزاً و قوة.
وتمكن الحلفاء في ذات القوت من تحقيق انتصارات على الجبهات الأخرى في خريف 1918 وفي 29 من شهر الفاتح " سبتمبر " أستسلمت بلغاريا كما أنتصرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال أللنبي على الجيش العثماني في فلسطين و سوريا.
في آخر شهر التمور"أكتوبر" بدأت المعركة الأخيرة بين إيطاليا والنمسا وتمكنت القوات الإيطالية من هزيمة القوات النمساوية بمساعدة من فرنسا وبريطانيا.
بعد تلك الهزائم طلبت ألمانيا في شهر التمور" أكتوبر" إبرام هدنة دون قيد أو شرط فرفض الحلفاء التفاوض مع حكومة القيصر القائمة ، لذلك لم يكن هناك من حل إلاَّ أن يتخلى القيصر فلهيلم الثاني عن عرشه وكان ذلك في 9 من شهر الحرث نوفمبر 1918 وغادر ألمانيا متجهاً إلى هولندا وفي نفس الوقت قامت الجمهورية في ألمانيا، وتقابل وفد من الحلفاء مع ممثلين عن الحكومة الألمانية الجديدة في عربة سكة حديدية في غابة كومبيين شمال فرنسا.
وفي الحادي عشر من شهرالحرث "نوفمبر" قبل الألمان بتوقيع هدنة نهائية وبشروط وضعها الحلفاء المنتصرين ، حيث رضخت ألمانيا لكل الشروط المذلة التي فرضت عليها وتتمثل في التخلي عن جميع الأراضي التي أحتلتها خلال الحرب، وتسليم ما بحوزتها من معدات حربية ، وأن تسمح قوات الحلفاء بأن تسيطر على أراضي ألمانية على طول نهر الراين.


نتائج الحرب


الدمار والإصابات :


سببت الحرب العالمية الأولى دمارًا كبيرًا إذ مات نحو 10ملايين جندي نتيجة للحرب وهو رقم يزيد عن عدد الذين ماتوا خلال المائة سنة السابقة للحرب وجرح نحو 21 مليون رجل.
أما الخسائر المالية فقد نجمت عن القوى التدميرية للأسلحة الجديدة خاصة المدافع الآلية وساهم القادة العسكريون في هذه المذابح لفشلهم في التَكيف مع الظروف المتغيرة للحرب.
خسرت كل من ألمانيا وروسيا نحو مليون وثلاثة أرباع المليون قتيل خلال الحرب العالمية الأولى وهو أكثر مما عاناه أي قطر آخر وكانت نسبة الموتى في فرنسا أعلى بالمقارنة بعدد جنودها الكلي.
فلقد خسرت نحو مليون وثلث المليون جندي؛ أي 16% من كل قواتها العاملة.
ولا أحد يعرف كم عدد المدنيين الذين ماتوا من المرض والجوع والأسباب الأخرى المتعلقة بالحرب ويعتقد بعض المؤرخين أن عدد المدنيين الذين ماتوا كان يساوي عدد الموتى من الجنود.
أما الخسائر المادية في الحرب العالمية الأولى فكانت أكثر في فرنسا وبلجيكا فقد خربت الجيوش المزارع والقرى بمرورها فيها وحفر الخنادق للقتال وخربت الحرب المصانع والجسور وقضبان السكك الحديدية أما جرارات المدفعية والمواد الكيميائية فقد خربت الأرض على طول الجبهة الغربية.


النتائج الاقتصادية :

كبدت الحرب العالمية الأولى الأمم المتقاتلة نحو 337 بليون دولار أمريكي. وفي سنة 1918م كانت الحرب تكلف 10 ملايين دولار كل ساعة.
ورفعت الأمم المتحاربه ضرائب الدخل والضرائب الأخرى من أجل تمويل الحرب.
ولكن معظم الأموال جاءت من القروض التي أوجدت ديونا ضخمة واستدانت الحكومات من المواطنين ببيع سندات حربية واستدان الحلفاء كثيراً من الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك طبعت معظم الحكومات أوراقاً مالية إضافية لمواجهة حاجاتها ولكن الزيادة في النقود سببت تضخما ماليا قاسيا بعد الحرب.
سخرت دول أوروبا مواردها في الحرب العالمية الأولى وخرجت من الحرب منهكة ففرنسا على سبيل المثال فقدت عُشر قوتها العاملة ولم يجد كثير من الجنود العائدين في معظم أقطار أوروبا وظائف لهم وبالإضافة إلى ذلك خسرت أوروبا كثيرا من منتجات أسواقها عندما كانت تنتج مواد للحرب ورغم ذلك خرجت الولايات المتحدة بقوة اقتصادية متزايدة.


النتائج السياسية:

هزت الحرب العالمية الأولى دعائم حكومات كثيرة وتصدت الحكومات الديمقراطية في بريطانيا وفرنسا لضغط الحرب لكن أربع ملكيات سقطت وكانت أول ملكية تسقط هي ملكية القيصر نيقولا الثاني في روسيا عام 1917م وتخلى القيصر ولهلم الثاني في ألمانيا والإمبراطور شارل من النمسا - المجر عن عرشيهما في سنة 1918م وسقط السلطان العثماني محمد السادس في عام 1922م.
أدى سقوط الإمبراطوريات القديمة إلى إيجاد أقطار جديدة في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وتكون من أرض النمسا ـ المجر قبل الحرب جمهوريات النمسا والمجر وتشيكوسلوفاكيا وأجزاء من إيطاليا وبولندا ورومانيا ويوغوسلافيا.
وتنازلت روسيا وألمانيا عن أراضٍ لبولندا وفنلندا وحصلت دول البلطيق: أستونيا ولاتفيا ولتوانيا على استقلالها من روسيا ووضعت معظم الأراضي العربية في الإمبراطورية العثمانية تحت سيطرة فرنسا وبريطانيا.
وتكونت تركيا من باقي الإمبراطورية العثمانية ووضع قادة أوروبا في حسابهم المجموعات القومية لإعادة رسم خريطة أوروبا وبذلك رسخوا دواعي قضية القومية وأعطت الحرب العالمية الأولى الشيوعية الفرصة لتولي السلطة في أوروبا وتوقع بعض الناس أن تقوم ثورات شيوعية في أماكن أخرى في أوروبا وقويت الحكومات الثورية بعد الحرب لكن لم تقم حكومات شيوعية.


أوروبا والشرق الأوسط بعد الحرب

getimagegd9.jpg


ابتهاج بانتهاء الحرب العالمية الأولى
getimageoy5.jpg

حشد مبتهج يملأ شوارع إحدى المدن الفرنسية في 11 نوفمبر 1918م

النتائج الاجتماعية :

أحدثت الحرب العالمية الأولى تغييرات عدة في المجتمع فقد أثر موت كثير من الشباب على فرنسا أكثر مما أثر على أي قطر آخر وانخفض سكان فرنسا خلال العشرينيات من القرن العشرين بسبب انخفاض المواليد واجتثت الحرب الملايين من أبناء الشعب وهرب بعضهم من مناطق مزقتها الحرب ليجدوا بيوتهم ومزارعهم وقراهم خربة وصار بعضهم الآخر لاجئين نتيجة للتغيرات في الحكومات والحدود السياسية خاصة وسط وشرق أوروبا.

فضل كثير من الناس أن يستأنفوا سيرتهم الأولى بعد الحرب العالمية الأولى ونمت المناطق الحضرية بسبب تفضيل الفلاحين الإقامة في المدن بدلا من العودة إلى مزارعهم.

وملأت النساء الوظائف والمصانع بعد ذهاب الرجال للحرب وكن حريصات على أن يرسخن استقلالهن الجديد وأعطت أقطار كثيرة المرأة حق التصويت بعد الحرب وبدأ التباين بين الطبقات الاجتماعية يظهر نتيجة للحرب العالمية الأولى وأصبح المجتمع أكثر ديمقراطية، وفقدت الطبقات العليا الحاكمة بعضا من نفوذها وامتيازاتها بعد أن قادت العالم إلى حرب ضروس.

وواجه الرجال بكل طبقاتهم نفس الخطر والفزع في الخنادق وأخيرا صاغت الحرب العالمية الأولى اتجاهات جديدة وفقدت الطبقات الوسطى والعليا الأوروبية الثقة والتفاؤل اللذين كانت تشعر بهما قبل الحرب وبدأ كثيرٌ من الناس يعيدون النظر في بعض المفاهيم التي كانت راسخة لديهم مثال ذلك تغير الفكرة القائلة بتفوق الثقافة والحضارة الأوروبية على العالم كله وكل ذلك بسبب الخراب والدمار الذي أحدثته الحرب


مؤتمر باريس للسلام


اجتمع ممثلو القوى المنتصرة في يناير 1919م في باريس لوضع أسس التسوية السلمية جاءوا من 32 قطرا.

وأعدت اللجان مقترحات تفصيلية لمؤتمر باريس للسلام لكن القرارات وضعها رؤساء أربع حكومات سموا الأربعة الكبار وكان الأربعة الكبار هم: ودرو ولسون رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد لويد جورج، ورئيس وزراء فرنسا جورج كليمنصو، ورئيس وزراء إيطاليا فيتوريو أورلاندو.


getimagett4.jpg


الأربعة الكبار المجتمعون وهم من اليسار فيتوريو أورلاندو رئيس وزراء إيطاليا وديفيد لويد جورج رئيس الوزراء البريطاني وجورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا والرئيس الأمريكي ودرو ولسون.

تجاهل مؤتمر الصلح إلى حد كبير المبادئ الرئيسية في النقاط الأربع عشرة فقد ضحى الحلفاء الأوروبيون الكبار أكثر من الأمريكيين فأرادوا أن يحصلوا على تعويض أما ولسون فقد ركز جهوده على إيجاد عصبة الأمم واستجاب ولسون لفرنسا وبريطانيا حول كثير من القضايا.

وفي مايو 1919م وافق مؤتمر الصلح على المعاهدة وقدمها إلى ألمانيا ولم توافق ألمانيا عليها إلا بعد تهديد من الحلفاء بغزوها وإثر شكوك كبيرة وقع ممثلو ألمانيا على معاهدة الصلح في قصر فرساي قرب باريس في 28 يونيو 1919م.

وبالإضافة إلى معاهدة فرساي مع ألمانيا وقع صانعو السلام معاهدات منفصلة مع دول الوسط الأخرى فوقعت معاهدة سان جرمان مع النمسا في سبتمبر 1919م ومعاهدة نويي مع بلغاريا في يونيو 1920م ومعاهدة تريانون مع المجر في يونيو 1920م ومعاهدة سيفر مع الإمبراطورية العثمانية في أغسطس 1920م.
 
التعديل الأخير:
رد: حروب القرن العشرين 2 ...

موضوع شيق ورائع ومختصر
هل تنوي أكمال الموضوع لتغطية جميع حروب القرن العشرين أم ستكتفي بسرد احداث الحرب العالمية الأولى فقط ؟؟

+


تقبل تقيمي
 
عودة
أعلى