استخدام الذخائر المحرمة دولياً
اللواء الركن (م)- خضرالدهراوي
أثبتت الصراعات والحروب التي دارت في القرن الماضي والحالي استخدام الدول
المعتدية أنواعاً عديدة من الأسلحة المحظورة، مثل: القنابل العنقودية
والفوسفورية، والقنابل الارتجاجية شديدة الانفجار، وقنبلة النيترون،
والقنابل البيولوجية؛ التي تسبب عنها الخسائر في الأرواح وتدمير المنشآت.
واستخدمت هذه الذخائر بدءًا من الحرب الكورية عام 1950 1953م، واستخدمت
في منطقة الشرق الأوسط في حرب الخليج بين إيران والعراق في الثمانينيات،
وفي لبنان عام 1980م، وفي يوغوسلافيا أثناء حرب كوسوفو التي تم فيها تدمير
المدنيين، وفي الولايات المتحدة عندما ظهر شبح الإرهاب البيولوجي في بيوت
الأمريكيين لمدة عام كامل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وفي غزو
أفغانستان واستخدام القنابل الأمريكية المعروفة ب (أم القنابل) لضرب الكهوف
والأعماق، وكذا الحرب في العراق التي بدأت في 21-3-2003م، واستخدمت فيها
القنابل الفوسفورية والعنقودية في (الفلوجة) غرب بغداد، وفي البصرة، وأيضاً
في الحروب العربية الإسرائيلية أثناء حرب لبنان عام 2006م، وحرب غزة 2008
2009 المجتمع التي استخدمت فيها إسرائيل القنابل الفوسفورية
والعنقودية.
وفيما يلي بيان للذخيرة والأسلحة المحرّمة دولياً وآثارها الضارة:
القنبلة العنقودية
تتكون القنبلة العنقودية من عبوة ينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة،
ويعتمد مدى الانتشار على عدد دورات القنبلة في الجو، وتحتوي القنابل
الصغيرة على شحنات متفجرة تتفتت بعد الانفجار، ويوجد منها نوعان: النوع
الأول عبارة عن مستودع أسطواني بداخله (202) عبوة في شكل علب المياه
الغازية، وعند انفجار العبوات تنتشر في كل الاتجاهات، أما النوع الثاني فهو
المعروف باسم قذائف الأبخرة الحارقة، وأساس فكرتها قائم على انفجار الوقود
الذي تقوم بتبخيره في الهواء، وبمجرد اشتعال هذه القنابل تتحول إلى كرة من
النار، وموجة انفجار سريعة الاتساع، وتبدو فاعلية هذه القنابل في المناطق
المحصّنة.
وقد اعترف الجنرال (ريتشارد مايرز) رئيس هيئة الأركان
المشتركة بأن قوات التحالف أسقطت ما يقرب من (1500) قنبلة عنقودية خلال
الحرب على العراق من أنواع مختلفة، وبرّر ذلك بأن استخدامها يتم عندما
تكون هناك حاجة عسكرية ملحّة لذلك، كما أن هذه القنابل تكون موجهة بدقة
تجاه الأهداف المراد قصفها، وقال (مايرز) في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء
25 أبريل عام 2007م في البنتاجون إنه من بين (1500) قنبلة عنقودية تم
إسقاطها فإن (26) واحدة فقط سقطت بالقرب من المناطق المدنية.
وفي بيان
منظمة (هيومان رايتس ووتش) الأمريكية بالنسبة للقنابل العنقودية، طالبت
المنظمة الجيش الأمريكي بتوفير المعلومات حول القنابل العنقودية الأرضية
التي لم تنفجر من أجل المساعدة لإزالتها، وأكّدت أن هذه القنابل تمثّل
خطراً على أرواح المدنيين في العراق، وأوضحت في بيان لها أنه يتعيّن ضرورة
الإفصاح عن المكان والزمان الذي استخدمت فيه هذه الأسلحة. ونقل البيان عن
المدير التنفيذي للمنظمة (كينيث روث) قوله: إن الذخائر العنقودية ليست
أسلحة دقيقة التصويب وغير دقيقة، وكان من المفروض ألاّ يستخدمها الجيش
الأمريكي في المنطاق ذات الكثافة السكانية العالية، وأشار إلى أنه بسبب
معدلات الفشل لهذه القنابل، فإن الذخائر العنقودية تترك أعداداً كبيرة من
القنابل الصغيرة التي من الممكن أن تتسبب في إصابة أو قتل المدنيين بعد وقت
طويل من انتهاء الحرب، كما أشار البيان إلى أنه طبقاً للتقارير الواردة من
العراق، فإن الذخيرة العنقودية تسببت في إحداث إصابات حتى في صفوف القوات
الأمريكية.
ووصفت منظمة (هيومان رايتس) أقوال الجنرال (مايرز) بأنها غير
أمينة، وأنه لم يذكر الذخائر العنقودية التي تسببت في وقوع خسائر بشرية في
المدنيين العراقيين أثناء الحرب.
وذكرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية أن
أطفال العراق أصبحوا بعد انتهاء العمليات العسكرية للقوات الأمريكية
والبريطانية يواجهون القنابل العنقودية التي خلّفتها الحرب في العراق سليمة
دون انفجار، وقالت الشبكة إن آخر تهديدات هذه النوعية من القنابل المحرّمة
دولياً ظهر جلياً، وأكّدت أن المستشفيات العراقية أصبحت مملوءة بالمصابين
في حوادث انفجار القنابل العنقودية، في الوقت الذي تقول واشنطن إن عملية
تدمير القنابل غير المتفجرة قد تستغرق وقتاً طويلاً.
وقد استخدمت إسرائيل القنابل العنقودية في حربها مع لبنان عام 2006م، حيث ألقت هذه القنابل عند قصفها (حزب الله) في جنوب لبنان.
القنبلة الفوسفورية
هي قنبلة معبّأة بالفوسفور الأبيض، شديدة الاشتعال، مما يؤدي إلى حرق أي
شيء قابل للاشتعال على مساحات كبيرة، وتسبب حروق للبشرة من الدرجتين
الثانية والثالثة، فضلاً عن بث درجة سموم عالية في الجسم، مما يؤدي إلى
تمزّق شديد في الأطراف ينج عنه تهتّك في الأطراف. وأشار بعض الخبراء
الفنيين في مجال المفرقعات أنه في أبحاث علمية عن الحالة التي يحدثها
الفوسفور الأبيض تبيَّن أن الجسم يمتص الفوسفور عن طريق الجلد، وأن تعرُّض
الجهاز التنفسي للفوسفور يؤدي إلى ارتشاح رئوي يزداد حدّة ويحدث الهبوط في
وظائف الدورة الدموية والقلب، وتؤدي أعراض الجهاز الهضمي إلي صدمة عصبية
وفشل في وظائف الجسم المختلفة.
وقد نشرت صحيفة (التايمز) البريطانية أن
القوات الإسرائيلية تستخدم الفوسفور الأبيض في القنابل الكاشفة، وأن هذه
المقذوفات كُتب عليها (إم إيه 825)، وهي ذخائر فوسفورية تصنيع الولايات
المتحدة الأميكية، وأضافت (التايمز) أنها قامت بجمع صور فوتوغرافية عند
منطقة خزاعة قرب (خان يونس) في قطاع غزة وعرضتها على خبير عسكري أكّد أنها
فوسفورية.
وقالت متحدثة باسم منظمة حقوق الإنسان العالمية (هيومان
رايتس ووتش) إن البروتوكول الثالث الإضافي لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة
بالأسلحة التقليدية منع استخدام الفوسفور كسلاح هجومي، وأن استخدامه يُعدّ
جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كما تضمنت اتفاقية (جنيف) لعام 1980م منع
استخدام الفوسفور الأبيض لما له من آثار تدميرية على الإنسان في المناطق
التي يقطنها مدنيون.
واعترفت إسرائيل لأول مرة بأن قواتها استخدمت ذخيرة
تحتوي على الفوسفور الأبيض في غزة، إلاّ أنها نفت انتهاك القانون الدولي،
وذلك لأنها لم تطلق هذه الأسلحة داخل مناطق آهلة بالسكان، ودافع بيان
الحكومة الإسرائيلية عن الحرب التي استمرت ضد غزة باعتبارها رداً ضرورياً
على إطلاق حماس الصواريخ على إسرائيل.
كما اعترفت وزارة الدفاع
الأمريكية أن قواتها المسلحة استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض خلال حملتها ضد
المسلحين في بلدة الفلوجة العراقية في شهر نوفمبر 2004م، وقال المتحدث
باسم وزارة الدفاع إن مادة الفوسفور الأبيض تُعدّ ذخيرة تقليدية وليست
سلاحاً كيميائياً، واستخدامها ليس محرّماً دولياً، وأضاف إننا نستخدمها
بشكل أساسي للتمويه أو لتحديد الأهداف في بعض المناطق، ولكن يمكن استخدامها
كسلاح حارق ضد العدو وليس ضد المدنيين.
القنبلة الارتجاجية شديدة الانفجار (سي بي يو 72 إس)
عندما
تُلقى هذه القنبلة من ارتفاع محدد، تنثر رذاذاً من الوقود يشبه الكيروسين
يختلط بالهواء ليشكّل سحابة قطر دائرتها (50) قدماً، وكثافتها (8) أقدام
تنفجر بعد ذلك، وتحتوي القنبلة زنة (500) رطل على نحو (220) رطلاً من
الوقود، ويثير الانفجار ضغطاً يبلغ زهاء (300) رطل على القدم المربع، وهو
ما يكفي للقضاء على كل شيء داخل محيطه، وسوف ينهار على سبيل المثال قوس
من الأسمنت المسلح طوله (6) أقدام إذا تعرَّض لضغط يبلغ (70) رطلاً على كل
قدم. ويمتلئ الفراغ الناجم عن الانفجار بموجة هوائية مندفعة، مما يخلق
تأثيراً ارتجاجياً مميتاً يؤدي إلى تدمير الرئتين، وإشعال النار في الجسم،
أي أن هذه القنبلة تخنق ثم تحرق أي شخص يوجد على مسافة (50) قدماً من موقع
تفجيرها، وهذا ما ورد في صحيفة (هيرالد تريبيون) الدولية الصادرة في 7
فبراير عام 1977م.
ونظراً لأن هذه القنابل تُلقى بالمظلات، فإنها تُعدّ غير دقيقة نسبياً وتفجيرها قد يكون بعيداً عن الهدف المطلوب تدميره.
وكان
الرئيس الأمريكي (جيرالد فورد) قد وعد إسرائيل بإعطائها هذه القنابل، وذلك
في ذروة الحملة الانتخابية عندما كان المرشحان (كارتر) و (فورد) يتباريان
من أجل كسب أصوات اليهود، وحرصت حكومة الرئيس (فورد) على أن تقل قيمة
الصفقة قليلاً عن (7) ملايين دولار حتى لا يُتاح للكونجرس فرصة التصويت
عليها، لأن الكونجرس لديه الحق في أن يرفض الأنواع الجديدة من الأسلحة الذي
يزيد ثمنها عن (7) ملايين دولار، ولذا أجاز الرئيس (فورد) بيع قنابل
الارتجاج لإسرائيل.
وقد وجّه خصوم بيع قنابل الارتجاج اتهاماً بأنها
ستعمل على عدم استقرار العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، وعارض أيضاً بعض
الرسميين في البنتاجون السماح لأية دولة بالحصول على قنابل الارتجاج، لأنهم
يرغبون في أن تظل تكنولوجيا صنعها سراً وحكراً على الولايات المتحدة لأطول
فترة ممكنة، ولكن الرئيس (جيمي كارتر) بعد توليه السلطة أوضح أنه يريد
تحديد حجم جميع الأسلحة بمافيها الأسلحة غير النووية.
هذه القنبلة
استخدمتها الولايات المتحدة في حرب (فيتنام) جنباً إلى جنب مع الضربات التي
كانت توجهها طائرات (بي 52)، بغية الوصول إلى مخابئ الفيتناميين
الشماليين في التحصينات التي أقاموها، أما إسرائيل فكانت تريد الحصول على
هذه القنابل لمهاجمة الطائرات والصواريخ (سام 2) بعد حربها في أكتوبر
1973م.
مخاطر القنبلة القذرة
القنبلة
القذرة عبارة عن مواد نووية مشعّة يمكن وضعها في متفجرات تقليدية، ويؤدي
الانفجار الناتج عنها إلى انتشار الإشعاع المتولّد عن المواد النووية على
مساحات شاسعة.
وقد حذّر مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية (د.
محمد البرادعي) من أن ما يُسمَّى بالقنبلة القذرة أصبح يشكّل خطورة أكثر من
أي وقت مضي، خصوصاً وأن الساعين لتفجيرها على استعداد لقتل أنفسهم في سبيل
إسقاط أكثر عدد من الضحايا، وأضاف في كلمته أمام مؤتمر أمن العناصر المشعة
المنعقد في (فيينا) أن عائق السلامة الشخصية والخوف من حمل أي مواد
مشعة لم يعد له أي تأثير مع استعداد الإرهابيين لقتل أنفسهم في سبيل تنفيذ
عمليات إرهابية بتلك الموارد، وطالب بتطبيق مزيد من الإجراءات الأمنية لمنع
حصول الإرهابيين على المواد المشعة التي يمكن أن تستخدم في تصنيع قنابل
قذرة، وقال إنه في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول في تطبيق أنظمة مراقبة
على المصادر المشعة فإن هناك دول أخرى كثيرة تفتقر لتلك الأنظم،. مما يزيد
التهديد. وكشف (البرادعي) عن أن هناك أكثر من (280) حالة مؤكدة لتهريب
المواد المشعة، واعترف بأن العدد الحقيقي يمكن أن يكون أكثر بكثير من العدد
الذي أُخطرت به الوكالة. وأشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد
تبنّت أخيراً مشروعاً رئيساً لتطوير البنية الأساسية للحماية من الإشعاع
لمساعدة الدول الأعضاء في إنشاء البنية الأساسية لتحسين أدوات السيطرة على
المصادر المشعّة.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر أمن المصادر المشعة الذي
يُعقد تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحضره ما يقرب من (600)
خبير دولي ينتمون إلى (110) دول ، ويركّز المؤتمر على مخاطر القنبلة
القذرة.
وقد أُطلقت تحذيرات أمريكية من صعوبة حماية المدن من القنابل
القذرة، حيث حذّر مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى من أن حماية المدن
الأمريكية من خطر القنبلة القذرة لن يكون سهلاً، وشدّدوا في لقاءات مع
صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية على ضرورة إعداد برامج جديدة وتخصيص
ميزانيات لإنفاقها. جاء ذلك في أعقاب فشل تدريب أجرته أجهزة الأمن
الأمريكية منذ فترة لاختبار قدرتها على الكشف عن القنابل القذرة في حالة
زرعها في المدن الأمريكية الكبرى، وأوضحت الصحيفة أن طائرات مزوّدة بأجهزة
رصد حسّاسة للأشعة النووية تابعة لإدارة شرطة نيويورك كانت قد طافت سماء
(نيويورك) و (مانهاتن) لمدة (30) دقيقة لرصد قنابل قذرة تم زرعها في مبنى
بورصة (وول ستريت) خلال هذه التجربة، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين
أمريكيين قولهم إن الطائرات فشلت في العثور على هذه القنبلة، رغم أنها كانت
مزوّدة بأحدث التقنيات التكنولوجية.
السلاح البيولوجي
هو
سلاح غير مرئي وخفيّ لأقصى درجة، ويمكن تعبئة المواد البيولوجية في دانات
المدفعية، والقنابل، والرؤوس الحربية للصواريخ، كما أنه يمثّل سلاح رعب إذا
ما وجِّه إلى المدنيين، أو المناطق الخلفية في عمق أوضاع العدو.
اتفاقية تحريم وإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية والبيولوجية
وقَّع
هذه الاتفاقية كل من: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي،
وبريطانيا في 10 أبريل عام 1972م، ودخلت مرحلة التنفيذ الفعلي في 26 مارس
1975م، وبلغ عدد الدول المنضمَّة إليها حتى أوائل الثمانينيات (94) دولة،
وتؤكّد الديباجة على الأهمية التي يمثلها تجريد ترسانات الدول من أسلحة
الدمار الشامل ذات الطبيعة الكيميائية والبيولوجية. وهذا الاتجاه يُعدّ
تأكيداً لم نصَّ عليه بروتوكول (جنيف) المعقود في يوليو 1925م، والذي دعا
إلى حظر استخدام الغازات السامة وغيرها من وسائل الحرب البكتريولوجية، كما
أنه يُعتبر تدعيماً للاتجاه الدولي الذي جاء في التوصية التي صدرت عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1971م، والتي أدانت كل الأفعال
التي تتناقض مع المبادئ التي يضمنها بروتوكول (جنيف) المذكور.
اتفاقية حظر انتشار الأسلحة البيولوجية
تم
عقد اتفاقية لتحريم وتطوير وامتلاك الأسلحة البيولوجية في (جنيف) عام
1972م، وأقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ووافقت عليها (143) دولة من
بينها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ينقص هذه الاتفاقية تحديد الوسائل
التي تضمن تنفيذها، فكانت تفتقر لوسائل فعّالة لفرضها والتحقق من تطبيقها،
مما اضطر إلى التفكير في بروتوكول إضافي للتغلُّب على الاعتراضات لكي تكون
عالمية.
وبسبب المخاطر التي تمثّلها الأسلحة البيولوجية، حاولت الدول
الكبرى المشاركة في الاتفاقية خلال مؤتمرات مراجعة الاتفاقية التي تُعقد كل
خمس سنوات لجعل الحظر على استخدام هذه الأسلحة أكثر فعالية، وتبيّن من
المناقشات العامة للمؤتمر الرابع للمراجعة المنعقد في الفترة من 25 نوفمبر
إلى 6 ديسمبر 1996م، أن هناك خلاف بالنسبة لعمليات التفتيش؛ فالولايات
المتحدة واليابان قلقة من التجسس الاصطناعي من خلال المراقبة المستمرة،
وترغب الولايات المتحدة في عمليات التفتيش على حالة وجود شكوك واضحة لخدمة
الاتفاقية. ويدعم هذا النهج قطاع الصناعة الدوائي الأمريكي الذي يرفض أي
عمليات تفتيش روتينية، وهكذا يصبح من غير المحتمل إيجاد دعم فعّال
للاتفاقية الخاصة بالأسلحة البيولوجية، وخصوصاً أن الوثائق الحالية تتطلب
التصديق عليها من طرف كل الدول الأعضاء.
وقد رفضت واشنطن في السابق
مسودة اتفاقية دولية لمنع استخدام الأسلحة البيولوجية؛ كما رفضت مسودة
جديدة للأمم المتحدة تهدف لفرض حظر دولي شامل على استخدام الأسلحة
البيولوجية، وذكرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية مساء 26-7-2001م أن
اللجنة المكلفة بصياغة مسودة الاتفاقية كانت قد واصلت العمل على مدى سبع
سنوات ماضية من أجل البحث عن السبل الكفيلة بوضع الاتفاقية القائمة
والمبرمة عام 1972م موضع التنفيذ، وأشارت الشبكة إلى أن الولايات المتحدة
هي الدولة الوحيدة التي اعترضت على المسودة.
إسرائيل وتطوير أسلحتها البيولوجية
أقدمت
إسرائيل على تطوير وإنتاج مجموعة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وتم
تطوير هذه الأسلحة في المعهد التكنولوجي في (حيفا) (التختيون)، ومعهد
(وايزمان) للعلم في (رحوبوت)، ومعهد الأبحاث البيولوجية في (ليس تسيونا).
وذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية أن علماء معهد (وايزمان) للعلوم
في (رحوبوت) يقومون بإجراء سلسلة تجارب وأبحاث بيولوجية من أجل تطوير أسلحة
كيميائية وجرثومية لصالح وزارة الدفاع الأمريكية.
وأسفرت عمليات البحث
والتطوير عن إنتاج مواد بيولوجية ضارة بالإنسان والحيوان والنبات، وتشمل
هذه المواد: الفيروسات، والجراثيم، والفطريات. واستطاعت إسرائيل تطوير
ثمانية أنواع من الأسلحة البيولوجية يؤدي استخدامها إلى التسبب في عدة
أمراض وأوبئة، مثل: الجدري، والكوليرا، والتهاب الأمعاء، والتيفوس،
والطاعون، وداء ال***. وتم تجربة هذه الأسلحة على حيوانات وفئران حقنتها
بهذه الجراثيم ثم أنزلتها بالطائرات في مناطق معينة في منطقة الأغوار
ومنطقة قناة السويس عام 1970 1971م، وكان الهدف هو اختبار فاعلية الأسلحة
البيولوجية، وتقويم مدى الأضرار التي يمكن أن تحدث في صفوف العدو، وأشارت
مصادر إسرائيلية إلى إجراء سلسلة من المناورات العسكرية شملت تدريبات على
استخدام الأسلحة البيولوجية بواسطة وحدات تشكّلت لمثل هذه المهام، كما شملت
المناورات تدريبات على مكافحة هذه الأسلحة، وقد أقدمت إسرائيل على تطوير
وإنتاج وتخزين مجموعة من تلك الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
قذائف اليورانيوم المستنفذ
تشير
التقارير الصحفية أن القوات الأمريكية استخدمت قنابل اليورانيوم المستنفذ
في حرب الخليج الثانية، وأظهرت وثائق البنتاجون استخدام (3000) طن من
القنابل ضد القوات المسلحة العراقية في البصرة والكويت، ودعا برنامج الأمم
المتحدة للبيئة إلى إجراء دراسة علمية دولية للتأثيرات البيئية المحتملة في
المناطق التي تعرّضت للقصف باستخدام أسلحة تحتوي على اليورانيوم المستنفذ
في المدن العراقية.
وأكّد (كلاوس تويفير) المدير التنفيذي للبرنامج أن
الدراسة ستجرى بالتعاون بين البرنامج ومنظمة الصحة العالمية، والوكالة
الدولية للطاقة الذرية، وأضاف أن نتائج الدراسات التي أجراها البرنامج في
(كوسوفو) حول تأثير استخدام قذائف اليورانيوم المستنفذ تحتم إجراء دراسات
مماثلة في العراق.
وعلى ضوء ما توضّح، يمكن تسجيل النتائج التالية:
1.
استمرار الدول المعتدية في استخدام الذخائر المحرّمة دولياً من اتباع
أساليب مختلفة لتبرير موقفها في استخدام الأسلحة المحظورة، إمّا بالنفي أو
الاعتراف بأنها أطلقتها فعلاً، ولكن بعيداً عن المناطق الكثيفة بالسكان،
ومازالت التجارب مستمرة على هذه الأسلحة للتأكّد من فعالياتها.
2. تعتبر
الأسلحة البيولوجية أخطر أنواع الأسلحة وأكثرها فتكاً بالبشرية، وهي
الخطر الذي يهدد السكان المدنيين والثروات الاقتصادية في عهد الإرهاب.
3.
تعرَّضت اتفاقية تحريم وتطوير وامتلاك الأسلحة البيولوجية للجمود وعدم
التوصُّل إلى حلٍ يحقق لها التطبيق والالتزام بعد مؤتمرات مراجعة الاتفاقية
التي تُعقد كل خمس سنوات، وكان انعقاد آخر مؤتمر في ديسمبر 2008م، وبلغ
عدد الدول الموافقة على الاتفاقية (162) دولة، منها (20) دولة لم تُوقّع
ولم تصدّق. وهكذا يُصبح من غير المحتمل إيجاد دعم فعّال للاتفاقية يحقق
لها العالمية بانضمام جميع الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة
تم بحمد الله
كلية الملك خالد العسكريه
Field marshal