الإسرائيليين يخفي وقائع تكفي لدمغ تاريخ إسرائيل السياسي بأكمله وإدانته، فهو تاريخ متصل من الهمجية ومعاداة العرب واضطهادهم وتحكيم منطق القوة والاغتصاب بدلاً من منطق الحوار والتفاهم .فقد قتلت إسرائيل عبر نصف قرن مئات الآلاف من المدنيين العرب وشردت ملايين من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والمصريين، فقد اختارت إسرائيل منذ تسليم رئيس وزراء فيها / بن غوريون/ عام 1948 أهم المنطلقات الاستراتيجية لتحقيق الأهداف الصهيونية وتنفيذ برامجها التوسعية في فلسطين ، فكانت المجازر المنظمة من قبل العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي ضد أهالي القرى الفلسطينية لحمل العرب على الرحيل ، وأكبر دليل على ذلك العبارة الشهيرة التي قالها بن غوريون : ((إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية)) .وفيما يلي استعراض لبعض المجازر التي ارتكبتها إسرائيل :
بعد زيادة نسبة اليهود في فلسطين ، توجهت النشاطات الصهيونية في البلاد نحو العنف ، وإثر اصطدامات 1921 بين العرب واليهود ، تشكل جيش يهودي سري يدعي الهاغانا (الدفاع) وفي السنوات المتلاحقة أصبح الجيش أكثر وأكثر عدائياً ، كما تم إعطاؤه بعض الاعتراف الرسمي من قبل الإدارة البريطانية وتشكل منه شرطة تحت قيادة بريطانية .
وفي عام 1937 ، تشكلت ميليشيا أكثر سرية تمثل حزب الإحياء ضمن المنظمة الصهيونية العالمية وهي الآرغون (المنظمة العسكرية القومية) التي تعاونت مع الهاغانا .وفيما يلي استعراض لبعض المجازر التي ارتكبتها اسرائيل:
ـ دخلت قوة للجيش الإسرائيلي (الهاغانا في 15/7/1947 بستان حمضيات يملكه مواطن فلسطيني اسمه رشيد أبو لبن ، وهو يقع بين يافا و بتاح تكفا ووضعت القوة المهاجمة عبوات ناسفة وأطلقت النار فقتلت أحد عشر عربياً بينهم امرأة وبناتها الثلاث .
ـ هاجمت القوات الإسرائيلية في (19/9/1947 ) أيضاً سوق حيفا فدمرت متجر مواطن فلسطيني اسمه أحمد دياب الجلني بعبوات ناسفة .
* دخلت قوة من منظمة إرغون الصهيونية الإرهابية ببزات عسكرية بريطانية في (12/12/1947) بلدة الطيرة في قضاء حيفا في الساحل الفلسطيني وقتلت /12/ عربياً وجرحت /5/ آخرين .
ـ ألقت عصابة الإرغون بعد يوم من هذه المجزرة قنابل على تجمعات عربية عند باب العامود في مدينة القدس ، فقتلت /4/ من المدنيين العرب وجرحت /15/عربياً آخر.
ـ في اليوم نفسه هاجمت عصابة إرغون الصهيونية مقهى عربياً في مدينة يافا في شارع الملك جورج واستشهد إبان ذلك /6/ من العرب.( ويجب أن نشير إلى أن عصابة إرغون تطورت فيما بعد إلى حزب حيروت ثم إلى الليكود، وإن نتنياهو ينتمي إلى ذلك التاريخ الإرهابي العريق).
- استشهد في المدن الفلسطينية في يوم (13/12/1974) ، /12/ مدنياً عربياً من جراء المجازر الصهيونية المنظمة .
- ارتكبت العصابات الصهيونية الإرهابية في فترة الانتداب البريطاني /12/ مذبحة ضد المدنيين العرب العزل من السلاح ، في حين ارتكبت القوات الإسرائيلية /13/ مذبحة بعد قيام إسرائيل ضد الفلسطينيين العزل .
ـ تابعت العصابات الصهيونية مجازرها في ( كانون الثاني يناير حتى أيار مايو عام 1948) ، وقامت بتدمير المنازل والضغط على الفلسطينيين في القرى والمدن الفلسطينية جميعها، وكان الهجوم والتطويق يتم من ثلاث جهات في حين تترك الجهة الرابعة كمنفذ وحيد لهروب الفلسطينيين من المجازر الصهيونية ، ولقد كان كل ذلك في خدمة هدف الصهيونية وهو طرد الفلسطينيين من أراضيهم وممارسة سياسة ( التطهير العرقي).
ـ أدت المجازر الصهيونية إلى التهجير القسري لنحو نصف مجموع السكان الفلسطينيين خلال عامي (1948- 1949) ، ولقد كان سبب تهجير (34%) من السكان في 532 قرية يعود إلى الطرد المباشر والمجازر في حين أجبر (55% )من السكان على الهجرة من القرى الفلسطينية ، كما دمرت /400/ قرية تدميراً تاماً . أي أن الهجرة العربية تحت الضغط العسكري الصهيوني المباشر شملت (89%) من المهجرين الفلسطينيين.
- قامت عصابة إرغون في ( 18/9/1948 ) بقتل الوسيط الدولي الكونت برنادوت - مبعوث الأمم المتحدة لأنه حمل إسرائيل مسؤولية بروز قضية اللاجئين وأكد أن أية تسوية لا يمكن أن تنجح دون عودتهم إلى ديارهم ، وقد اتهمت بريطانيا في ذلك الوقت اسحق شامير بالاشتراك في هذه العملية وأصدرت مذكرة توقيف بحقه بتهمة إرهاب ، وهنا يجب أن نشير إلى نتنياهو استلم زعامة الليكود من يد شامير الملوثة بالدماء ، وبعد ذلك لا يخجل نتنياهو عن الحديث عن عمله لمكافحة الإرهاب ويشبه في حديثه هذا عن اللص الذي يتحدث عن تطبيق القانون ومكافحة السرقة .
ـ إن الهجمات العسكرية والمجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين في / دير ياسين وقبية وأم الفحم وبلد الشيخ/ هي عمليات عسكرية منظمة استهدفت الطرد الجماعي للفلسطينيين .
ـوعلى الرغم من فرض الهوية الإسرائيلية على العرب الذين صمدوا في ديارهم / عام 1948/ ، إلا أنهم لم يعاملوا معاملة الإسرائيليين ، بل عوملوا معاملة مواطنين مضطهدين من الدرجة العاشرة .
*أثناء التحضير لحرب السويس عام 1956/قامت قوات الجيش الإسرائيلي بقتل سكان قرية كفر قاسم ، وقد قتلوا العمال العائدين من عملهم في المساء ثم اتجهوا إلى القرية وأجهزوا على سكانها العزل ، وذلك بهدف إرهاب الفلسطينيين ومنعهم من التعاطف مع عبد الناصر أثناء حرب السويس .
ـ في / عام 1967/ أجبر الإسرائيليون /400000/ فلسطيني على الهجرة خارج الأراضي التي احتلتها إسرائيل في الضفة الغربية ، كما طردت إسرائيل أكثر من /130000/ من سكان الجولان في العام نفسه .
ـ قامت إسرائيل بعمليات كبيرة لقصف المدنيين في مصر /عام 1969/ أهمها قصف مدرسة ابتدائية في قرية بحر البقر التي مات منها عدد كبير من الأطفال.
ـ أدت المواجهات بين العرب والجيش الإسرائيلي في ( 03 آذار 1979) ذكرى يوم الأرض ـ إلى استشهاد /6/ فلسطينيين من سخنين و عرابة وغيرهما من القرى الفلسطينية دفاعاً عن أراضيهم وأصبح يوم الأرض يوماً وطنياً لكل الفلسطينيين أينما وجدوا .
ـ وقتلت السلطات الإسرائيلية مئات اللبنانيين أثناء احتلال جنوب لبنان ومدينة بيروت /عام1983/ وبعد انتهاء العمليات العسكرية أطلقت إسرائيل عملاءها الذين نفذوا مجازر ضد الفلسطينيين المدنيين في معسكري صبرا وشاتيلا في بيروت.
ـ قتلت السلطات الإسرائيلية في فترة الانتفاضة الفلسطينية نحو200/ فلسطيني كما جرحت عشرات الألوف ، لقد شنت حرباً حقيقية على المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال الذين كانوا يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة .
ـ صادرت إسرائيل ( 60%)من مساحة الضفة الغربية المحتل و(40%) من مساحة قطاع غزة ، وأقامت /160/ مستوطنة في الضفة وعشرة أحياء استيطانية في القدس الشرقية ، و/19/ مستوطنة في قطاع غزة .
ـ استطاعت قوة من الموساد /عام 1988/ قتل القائد الفلسطيني * أبو جهاد* في تونس ، كما استطاعت قتل القائد (أبو الهول) و(أبو إياد) عام /1991/ .
- ارتكبت السلطات الإسرائيلية / عام 1990 / مجزرة كبيرة في ساحة المسجد الأقصى ذهب ضحيتها / 13 / فلسطينياً .
ـ ارتكب مستوطن صهيوني مدفوع من الأحزاب الإسرائيلية /عام 1993 /مجزرة في الحرم الإبراهيمي ذهب ضحيتها نحو /60/ فلسطينياً مدنياً من العزل .
ـ لم تكن المجازر الإسرائيلية محصورة في فلسطين بل تعدتها إلى المناطق العربية الأخرى ، ففي لبنان قصف الطيران الإسرائيلي /عام 1996/ منطقة قانا ،استشهد إبانها /100/ من النساء والشيوخ والأطفال اللبنانيين ، وذلك في مقر لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان .
ـ ارتكب الموساد في السبعينات مجازر عديدة داخل فلسطين وخارجها أهمها : جريمة قتل الشهداء الثلاثة في بيروت ( أبو يوسف النجار - كمال عدوان - كمال ناصر) .
ـ استخدمت إسرائيل خلال نصف قرن العنف والمجازر كأداة أساسية للحفاظ على البقاء خصوصاً أن مشكلة الأمن الإسرائيلي كانت ولا تزال الشغل الشاغل لأصحاب القرار في إسرائيل .
كلمة أخيرة :
تقوم كل الدعاية الصهيونية على مذابح النازية التي نفذتها ضد اليهود ، ودون الدخول في تفاصيل هذه الأسطورة السياسية ، فإن الصهاينة الذين يدعون أنهم تعرضوا للأذى الشديد من عنصرية الألمان النازيين ، لا يستطيعون تنفيذ المجازر ضد شعب آخر لا ذنب له سوى أن بلفور وعد روتشيلد بتسليم فلسطين لإقامة وطن قومي لليهود في / عام 1917/ ، يوم لم يكن هنالك يهود أكثر من (2%) من السكان ،على الأرض الفلسطينية ،وقد جاء الصهاينة إلى فلسطين لينفذوا المجازر ضد المدنيين متبعين أساليب الاستعلاء النازية نفسها ، ضاربين بعرض الحائط التاريخ ومنطقه ،رافضين النظر إلى المستقبل بعقل مفتوح لبناء علاقات متوازنة مع الوسط العربي المحيط بها، ومع الفلسطينيين الذين عرضوا عليها دون مواربة فكرة .
المصدر موقع الملاذي