شيمون بيريز..حرباء تتلون !!
16 يونيو 2008 - 11:19 صباحا
الحلقة الخامسة والعشرون من كتاب " زعماء صهيون"بقلم الكاتب الصحفي الكبير/ مجدي كامل
كان أحد مخططي العدوان الثلاثي ضد مصر عام 1956 ، و كان من مؤيدي اجتياح لبنان عام 1982 ، وهو أيضا الأب الروحي للمستوطنات في الضفة الغربية ، وهو صاحب فكرة الحزام الحدودي الأمني في جنوب لبنان أثناء الثمانينيات والتسعينيات !!يتفق مؤرخون كثيرون على أن شيمون بيريز الذي نجح في أوقات كثيرة – بدهاء - في الترويج لنفسه كـ " حمامة سلام " ، ليس سوى صقر صهيوني كبير ، إرهابي مثله مثل غيره ممن شاركوا في ذبح العرب و الفلسطينيين ، و أن كل ما يميزه عن الآخرين هو قدرته الرهيبة على التلون كالحرباء !!
وُلد شمعون بيرس - وهو موظّف في الخدمة المدنية، عضو في البرلمان الإسرائيلي ورئيس الوزراء الثامن لدولة إسرائيل - في بيلوروس في 1923 وهاجر إلى فلسطين مع عائلته عندما كان يبلغ من العمر أحد عشر عامًا. ونشأ بيرس في تل أبيب وتعلّم في المدرسة الثانوية الزراعية في بن شِيمن. وقضى بيرس بضع سنوات في كيبوتس غِيفَاع وكيبوتس ألُوموت، والذي كان من بين مؤسّسيه، وفي 1943 انتُخب سكرتيرًا لحركة الشبيبة التابعة لتيار الصهيونية العُمّالية.
كانت لشمعون بيرس علاقة وثيقة بتطوير القدرات الدفاعية. وفي أواخر الأربعينات انضم إلى الهاغانا وتولّى المسؤولية عن الطاقة البشرية والأسلحة. وخلال حرب الاستقلال وبعدها كان بيرس قائدًا للقوات البحرية ، ثم انضم الى وفد وزارة الدفاع إلى الولايات المتحدة. في 1952 انضمّ بيرس إلى وزارة الدفاع حيث عُيّن بعد ذلك بعام عندما كان يبلغ من العمر 29 عامًا فقط مديرًا عامًا وتولّّى مهام هذا المنصب حتى 1959.
في 1959 انتُخب بيرس عضوًا في الكنيست وظلّ عضوًا فيها منذ ذلك الحين. ومن بين إنجازاته: إقامة الصناعات العسكرية الجوية ودفع العلاقات الإستراتيجية مع فرنسا والتي وصفت ب"صداقة مميّزة" وبلغت ذروتها في تعاون إستراتيجي خلال حملة سيناء في 1956. وكان بيرس مخطّطًا لهذه العملية كما كان مسؤولا عن البرنامج النووي الإسرائيلي.
اكتسب شمعون بيرس شهرته كشخصية سياسية في الحلبة السياسية الداخلية أيضًا. ففي 1965 اعتزل صفوف حزب مباي الحاكم إلى جانب بن غوريون وأصبح سكرتيرًا عامًا لحزب رافي؛ وبعد ذلك بثلاث سنوات كان من بين الشخصيات التي دفعت إلى إعادة توحيد الفصائل العمّالية. في 1969 عُيّن بيرس وزيرًا للاستيعاب، وفي الفترة ما بين 1970 و 1974 شغل منصب وزير المواصلات والاتصالات، كما كان وزيرًا للاعلام خلال 1974.
وعقب حرب يوم الغفران (1973) وخلال ثلاث سنوات، كان بيرس يلعب دورًا مركزيًا في مجال أمن إسرائيل عندما كان وزيرًا للدفاع. وقام بإعادة إحياء جيش الدفاع وتعزيز قوته ولعب دورًا هامًا في مفاوضات فك الارتباط والتي تمخضت عن الاتفاقية الانتقالية مع مصر في 1975.
وكان من مخطّطي عملية عَنِْتيبي لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا على متن طائرة إير فرانس التي اختطفها مخرّبون إلى أوغندا. كما كان يقف وراء فكرة "الجدار الطيّب"، التي كانت تسعى إلى تشجيع علاقات حسن الجوار مع مواطني جنوب لبنان.
كان بيرس قائمًا بأعمال رئيس الوزراء لفترة وجيزة بعد استقالة رئيس الوزراء رابين في 1977.
في أعقاب هزيمة حزب العمل في الانتخابات العامة في 1977 بعد بقاء هذا الحزب في سدة الحكم خلال ثلاثين عامًا، انتُخب شمعون بيرس رئيسًا للحزب وتولّّى هذا المنصب حتى 1992. كما انتُخب بيرس خلال هذه الفترة نائبًا لرئيس الاشتراكية الدولية.
شغل شمعون بيرس منصب رئيس الوزراء خلال فترتين غير متتاليتين. كانت أولاهما من 1984 وحتى 1986 في حكومة الوحدة الوطنية والتي تم تشكيلها على أساس التناوب بين بيرس و بين زعيم الليكود يتسحاق شامير. ومن 1986 وحتى 1988، كان بيرس نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للخارجية واعتبارًا من تشرين الثاني نوفمبر 1988 وحتى حلّ حكومة الوحدة الوطنية في 1990 كان نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للمالية. وكرّس بيرس جلّ وقته للاقتصاد المتردّي وللأوضاع المعقَّدة نتيجة الحرب في لبنان في 1982.
وتمكّن بيريز من حشد تأييد الهستدروت لاتخاذ اجراءات صارمة كانت حيوية لكبح جماح التضخم المالي وخفض نسبته السنوية من 400% إلى 16%. كما كان بيرس نشيطًا في سحب القوات الإسرائيلية من لبنان وإقامة المنطقة الأمنية الضيّقة في جنوب لبنان.
بعد عودة حزب العمل لتولّي الحكم في أعقاب الانتخابات في 1992، عُيّن بيريز مجددًا وزيرًا للخارجية. وبادر إلى الشروع في المفاوضات التي تمخضت عن توقيع إعلان المبادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر 1993 وكان بيرس يدير دفّة هذه المفاوضات عن الجانب الإسرائيلي. وفي أعقاب هذه المفاوضات فاز بيرس بجائزة نوبيل للسلام إلى جانب اسحاق رابين وعرفات.
وأدت المفاوضات التي جرت لاحقًا مع الفلسطينيين إلى انسحاب إسرائيلي من غزة وأجزاء من يهودا والسامرة وإقامة حكم ذاتي فلسطيني محدود بناء على الاتفاقية الانتقالية. وفي أكتوبر 1994 تم توقيع معاهدة السلام مع الأردن. وكان بيرس يسعى لاحقًا إلى دفع العلاقات مع دول عربية أخرى في شمال إفريقيا والخليج في إطار رؤيته حول"الشرق الأوسط الجديد".
تولّى بيرس رئاسة الوزراء ثانية غداة اغتيال اسحاق رابين في 4 من تشرين الثاني نوفمبر 1995. وانتخب حزب العمل بيرس خلفًا لرابين وصادقت الكنيست على ذلك من خلال التصويت لإبداء الثقة بتأييد أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء. وأشغل بيرس منصب رئيس الوزراء خلال سبعة أشهر، حتى الانتخابات العامة التي جرت في مايو 1996.
واصل شمعون بيرس أداء منصب رئيس حزب العمل لمدّة عام بعد هزيمة الحزب في الانتخابات. وفي يونيو 1997 انتُخب رئيس الأركان سابقًا وعضو الكنيست عن حزب العمل إهود براك رئيسًا لحزب العمل.
في أكتوبر 1997 أسّس شيمون بيريزمركز بيرس للسلام بهدف دفع مشاريع عربية إسرائيلية مشتركة.
شغل بيريز منصب وزير التعاون الإقليمي من تموز يوليو 1999 وحتى آذار مارس 2001، حيث عُيّن وزيرُا للخارجية ونائبًا لرئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة أريئل شارون. وتولّى هذا المنصب حتى أكتوبر 2002 حيث استقال مع باقي وزراء حزب العمل.
في يناير 2005 عُيّن بيرس في منصب النائب الأول لرئيس الوزراء.
قبل الانتخابات للكنيست الـ 17 ترك شيمون بيرس حزب العمل لينضم إلى حزب كاديما الذي أسسه شارون. في شهر مايو 2006 عين شمعون بيرس في منصب نائب رئيس الوزراء والوزير المسؤول عن تطوير منطقتي النقب والجليل.
وفي 13 يونيو عام 2007 ، انتخبت الكنيست شمعون بيرس في منصب الرئيس التاسع لدولة إسرائيل.
و حتى نتعرف أكثر على شخصية هذا الصهيوني ، أنقل هنا نص المقال الذي كتبه يوري أفينيري و هو أحد نشطاء السلام ورئيس حركة السلام الإسرائيلية والكاتب الصحفي الإشرائيلي المعروف .. كتب إفنيري يقول تحت عنوان : تلون بكل الالوان على مدى حياته السياسية .. بيريز يحتفل بعيد ميلاده الثمانين :
" احتفل شيمون بيريز بذكرى ميلاده الثمانين. فمن هو شيمون بيريز؟، حسنا لقدبلغ الرجل الثمانين من عمره. إنه سن محترم. وأنا لا يمكن أن أحسده عليه.
فرغم كل شيء فقد بلغت أنا أيضا الثمانين من عمري وقد احتفلت توا بهذه المناسبة، عندما يصل أي إنسان إلى الثمانين من عمره فإنه من المعتاد أن يدعو بعض أصدقائه إلى الاحتفال معه بهذه المناسبة، وقد دعا بيريز عدداً من أصدقائه أيضا من بينهم الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف ورئيس جنوب إفريقيا السابق فريدريك دي كليرك ووزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشر ورؤساء سلوفينيا وألمانيا ومالطا وحتى رئيس كوت ديفوار طبعا إلى جانب عدد من المليارديرات ومجموعة من الوزراء من مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى مجموعة من الممثلين والمطربين .
وقد تم تخصيص فندق فخم جدا للضيوف الذين وصل عددهم إلى 400 شخصية، وتم حشد أكثر من 1200 رجل شرطة لتأمين الاحتفال وتم إغلاق الشوارع في مدينتين، حسنا، إن الأمر كان أشبه باحتفال أحد أباطرةالرومان القدماء بالانتصار عند عودته منتصرا من الحروب، ولكنه في الوقت نفسه نذير شؤم، فبأي شيء نحتفل رغم كل ذلك؟ فشيمون بيريز هو رئيس حزب العمل، وحزب العمل حاليا عبارة عن أطلال، فقد انتهى دور الحزب حاليا كحزب فعال وتشتت زعماؤه كأشباح في الطرقات، وقد تحولت فروعه إلى خرائب.
ولم يعد للحزب أي برامج ولا خطط، ولا يعرف أحد ماذا يريد هذا الحزب، ولا يعلم أحد لماذا يوجد هذا الحزب الآن هذا إذا كان له وجود من الأساس. بالتأكيد لا يتحمل بيريز مسئولية انهيار الحزب وحده، ولكن الشخص الأول الذي يتحمل هذه المسئولية هو الرئيس الأسبق للحزب إيهود باراك بطل الكوارث الذي روج لأكذوبة عدم وجود شريك للسلام على الجانب الفلسطيني، فبهذه الأكذوبة فتح باراك الطريق أمام أرييل شارون للوصول إلى السلطة، ولكن شيمون بيريز انضم إلى حكومة شارون وخدمه بولاء تام ونشر حول العالم اسطورة أن شارون رجل سلام ومهد له الطريق إلى واشنطن وساعده بكل قوة في كل الفظاعات التي ارتكبها مثل عمليات اغتيال النشطاء الفلسطينيين فيما يسمى بالقتل المستهدف وكذلك سياسة هدم منازل الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات بسرعة هائلة.
والآن وصل حزب العمل إلى حالة مزرية لدرجة جعلت شارون لا يهتم بضمه إلى حكومته الائتلافية الحالية، وقد أصبح بيريز رئيسا للحزب بالأمر الواقع بسبب عدم وجود منافس ذي مصداقية على منصب الرئاسة وتحول الحزب إلى ما يشبه المقبرة.
من وقت لآخر تخصص بعض القنوات التلفزيونية دقائق قليلة لإحدى لجان حزب العمل من باب الشفقة. والحقيقة أن شيمون بيريز ليس لديه وقت لمعالجة أمور الحزب لأنه مشغول بالحفلات، فعمله الأساسي حاليا هو حضور تلك الحفلات في حين أن رئاسته لحزب العمل ليست أكثر من عمل إضافي، وهذا أيضا كارثة أخرى.
فقد أدى غياب حزب العمل إلى إيجاد فجوة سوداء في النظام السياسي الإسرائيلي. فالحقيقة أنه لا يمكن أن تكون هناك ديموقراطية فعالة بدون وجود حزب معارض قوي وطموح.
فرغم كل شيء لا يريد بيريز أكثر من مقعد وزاري في أي حكومة وبخاصة لو كانت حكومة شارون ولماذا لا؟ ثم ما هو الفرق بين شارون وبيريز بعيدا عن كون شارون يتمتع بشخصية زعامية أو كاريزمية في حين أن بيريز حقق رقما قياسيا في الفشل والسقوط؟ هل بيريز يعارض اغتيال القادة الفلسطينيين؟ لا، هل يعارض «إبعاد» ياسر عرفات؟ أجاب الرجل عن هذا السؤال في أحد حواراته الصحفية معارضا هذه الخطوة لكنه في الوقت نفسه لم يحشد حزبه لمواجهة الكارثة القادمة التي يمكن أن ينطوي عليها إبعاد عرفات. فماذا عن موقفه من هدم منازل الفلسطينيين؟
فعندما يتولى شخص مثل أرييل شارون رئاسة الحكومة في إسرائيل ويقود هذه الدولة نحو كارثة فإن غياب المعارضة يمثل جريمة وطنية. ولكن بيريز لا يعتقد هذا، فقد قال في أحد حواراته الصحفية التي لا تحصى «لماذا نحتاج إلى المعارضة»؟
وماذا عن موقفه من اقتلاع أشجار الزيتون في الأراضي المحتلة؟ إنه الصمت الرهيب في أفضل الأحوال، الحقيقة أن بيريز تلون بكل الألوان على مدى حياته السياسية. فقد كان صقرا متطرفا ثم حمامة سلام. كما كان الأب الروحي للبرنامج النووي الإسرائيلي والقنبلة النووية الإسرائيلية بعد ذلك. كما أنه حاصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أحد مخططي حرب السويس ضد مصر عام 1956 أو ما تعرف بالعدوان الثلاثي بالتعاون مع أثنين من أشد الأنظمة الاستعمارية حماقة في ذلك الوقت وهما بريطانيا وفرنسا، ثم هو شريك رئيسي في اتفاقات أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993، وهو أيضا الأب الروحي للمستوطنات في الضفة الغربية وهو صاحب فكرة الحزام الحدودي الأمني في جنوب لبنان أثناء الثمانينيات والتسعينيات.
وقد كان من مؤيدي اجتياح لبنان عام 1982 وبعد ذلك بأيام قليلة وقف يخطب في مظاهرة حاشدة لحركة السلام الآن ضد هذا الاجتياح، فهو يدعم كل شيء، ففي وقت من الأوقات يعلن أن إسرائيل ليست دولة شرق أوسطية ولكنها دولة بحر متوسطية، وعلى مدى سنوات يتبنى «الخيار الأردني» لتسوية القضية الفلسطينية عبر ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن مع ضم مساحات من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن وإقامة دولة أردنية فلسطينية مشتركة متجاهلا وجود الشعب الفلسطيني، ثم بعد ذلك نراه يصافح ياسر عرفات زعيم الشعب الفلسطيني ويدعو إلى شرق أوسط جديد، وعلى مدى سنوات عمله السياسي لم يكسب بيريز أي انتخابات سياسية، فبأي شيء يحتفل إذن؟ فبيريز يتحمل جانباً كبيراً من المسئولية عن الحالة المأساوية التي وصلت إليها إسرائيل بسبب استمرار الصراع مع الفلسطينيين وتدمير معسكر السلام في إسرائيل ودعم قبضة حب الليكود المتطرف على السلطة وتمهيد الطريق أمام شارون الذي يستطيع ببساطة كبيرة أن يجلب الدمار لإسرائيل، للأسف فإنه في إسرائيل فقط لا يوجد من هو أنجح من الفاشل " .. انتهى مقال إفنيري !!
و قد روى الجاسوس المصري المزدوج " أحمد الهوان " الشهير بـ " جمعة الشوان "، والذي مثل الفنان عادل إمام دوره في المسلسل التلفزيوني الشهير " دموع في عيون وقحة "، أنّ شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، قام بتلميع حذائه في أحد المرّات عندما التقيا في تل أبيب قبل عودته لمصر، بعد أن خدع المخابرات الإسرائيلية، واقتنص منها جهازي إرسال تجسسي، ما أدى لانتحار ستة من ضباط الموساد حينئذ!، حسب الرواية.
وقال " الهوان "، في تصريحات نقلتها جريدة ط الوفد " المصرية ، أنه في آخر مرة سافر فيها إلى الدولة العبرية، بصفته جاسوساً لها، لإحضار جهاز الإرسال الأخير، الذي يرسل الرسالة من القاهرة إلى تل أبيب خلال 6 دقائق، واستولت عليه المخابرات المصرية، أنه زاره ليلة عودته إلى القاهرة شمعون بيريز، وكان في ذلك الوقت أحد قيادات جهاز الموساد، ويرتبط بأحمد الهوان بصداقة وطيدة.
وأضاف أنّ بيريز قال للهوان، عندما رأي الجهاز مخبأ تحت شعيرات فرشاة أحذية جديدة "مين الحمار اللي وضع الجهاز هكذا؟ فرد عليه الهوان "حمار من عندكم"، وضحك الاثنان، ثم أخذ شمعون بيريز بعض "الورنيش" ووضعه على الفرشاة، وقام بتلميع حذاء الهوان قائلا: "هكذا تبدو الفرشاة مستعملة، ولا يشك فيك مأمور الجمارك بالقاهرة لأن مفيش حد بيشتري فرشة جزم جديدة من أوروبا ويحملها إلى مصر"!.
وأشار الهوان إلى أنه كان يعرف كل القيادات الإسرائيلية الحالية، ومن بينهم شيمون بيريز، وعيزرا وايزمان، مشدداً على قوله "صدقوني إحنا نستطيع عمل المعجزات بقوة الإيمان بقضيتنا ".
وكشف الهوان عن قيامه بتجنيد فتاة المخابرات الإسرائيلية "جوجو"، التي ارتبطت معه بقصة حب بناء على طلب المخابرات المصرية، وقال إنها أعطت لمصر معلومات خطيرة من داخل الموساد. وأوضح الهوان أنّ "جوجو"، التي ظهرت بالاسم نفسه في المسلسل التلفزيوني المصري، تعيش حاليا في مصر باسم "فاطمة الزهراء" بعد أن أسلمت وأشهرت إسلامها، وأنها اتصلت به مؤخرا للاطمئنان عليه، وأنه كذلك دائم السؤال عنها.
وقال الهوان "أعرف أنّ إسرائيل تريد رأسي ورأس جوجو منذ سنوات، لكني لا أخاف من إسرائيل، طالما أنني بين أهلي في مصر لذلك قمت بشراء شقة اسكن فيها حاليا بجوار السفارة الإسرائيلية!، مشيرا إلى أنه كان يمتلك شقة في شارع "ديزنجوف"، أهم شوارع تل أبيب، ولكن الإسرائيليين استولوا عليها الآن "الله يخرب بيوتهم"!، حسب قوله.
وأضاف الهوان "إنّ إسرائيل كانت تريد معرفة كل شيء عن مصر حتى النكت"، مشيراً إلى أنه كان يبيع النكتة للموساد بـ 250 دولاراً!.
و مما يجدر بنا التوقف عنده هو ما أشار إليه بيريز من أسرار تتعلق بخطة " عملية "قادش" أو " الهجوم على سيناء " ، و كيف كان دوره فيها . و كان بيريز هنا يعلق على اصدار أرشيف الجيش الاسرائيلي لوثيقة متعلقة بعملية سيناء.
قال بيريز : "ما ترون هو نسخة - الاصل كان على علبة سجائر" . والوثيقة عبارة عن كروكي (رسم تصوري) رسمه موشي ديان رئيس اركان الجيش أنذاك لشبه جزيرة سيناء حيث تظهر ثلاثة اسهم لتوضيح محاور تقدم القوات الاسرائيلية. وسيتم نشر الوثيقة على موقع الأرشيف إحياءاً للذكرى الخمسين لما يعرف بعملية سيناء عام 1956.
"الخريطة، والتي تمت وفقاً لها مناقشة التخطيط للعملية في الدقائق الاخيرة. رسمها موشي ديان". هذا هو التعليق الذي حملته الوثيقة. وقد قام بيريز باقناع ديفيد بن جوريون رئيس وزراء ووزير دفاع اسرائيل أنذاك بتوقيع الخطة ثم قام بيريز بتوقيعها بدوره. وتحمل الوثيقة تاريخ 24 اكتوبر 1956، اي قبل الحرب بستة ايام. وقد بدأت الحرب بعملية اسقاط للقوات الاسرائيلية على ممر متلا على بعد 60 كم من قناة السويس.
وكان الكروكي قد رسم في اليوم الثالث والاخير مما عرف فيما بعد بمؤتمر "سيفرس" نسبة الى اسم الفيلا التي تم فيها الاجتماع في احدى ضواحي باريس، حيث اجتمع ممثلون من فرنسا وانجلترا واسرائيل للتخطيط سراً للحرب.
يقول بيريز والذي كان يحتل وقتها منصب مدير عام لوزارة الدفاع، "في اليوم السابق للإجتماع قام بن جوريون بإعطائنا 10 اسئلة. لم يكن يريدنا ان نظهر في شكل مرتزقة. كان على استعداد للتعاون مع الفرنسين والانجليز من ناحية توقيت العملية الا انه لم يرد لنا ان نظهر في صورة شركائهم (مما يتيح لهم فرصة التحكم في اتخاذ القرار). لذا فقد كان متردداً واراد منا اجوبة على أسئلته".
ووفقاً لبيريز فقد قام هو وديان بمغادرة الفيلا الى الفندق حيث عملا طوال الليل لإعداد الاجابات.
و يشرح بيريز قصة الوثيقة قائلاً: " عندما رجعنا الى الفيلا اردنا ان نري بن جوريون خريطة لسيناء الا اننا لم نجد واحدة لذا اخرجت انا (بيريز) علبة الكنت (سجائر) التي كنت ادخنها وقمت بخلع ورقة الفويل الفضية منها وقام ديان برسم الخريطة عليها والاسهم على الوجه الاخر ... يمتد السهم الاوسط ليمثل ممر متلا. وكانت الخطة هي انزال القوات بالباراشوت على متلا والتحرك من هناك الى الخلف بإتجاه الحدود".
ويقول بيريز انه قام بإعطاء الوثيقة الاصلية الى متحف الجيش الاسرائيلي الا انه لا يعرف ماذا حدث لها بعد ذلك وهو نفس ما يؤكده حافظ الارشيف ميكال تسور. الا ان تسور يعتقد ان الوثيقة الاصلية خرجت من مكتب وزير الدفاع عام 1982.
وتعتبر الوثيقة ضمن عدد من الوثائق التي تم رفع السرية عنها وكانت تحمل اسم "لقاءات الضباط بوزير الدفاع".
وتصف وثيقة اخرى لقاءاً عقد عشية الخامس من نوفمبر عام 1956 بين دايان والعقيد ارييل شارون قائد القوات الخاصة واللواء حاييم لاسكوف ونائب وزير الخارجية ياكوف هيرزوج والذي وصل بمفرده الى شقة بن جوريون المطلة على شارع كيرين كايميث (المعروف الان بشارع بن جوريون) في تل أبيب.
خلال هذا الاجتماع لخص الحاضرون نجاح الحرب لبن جوريون الذي كان مريضاً. وكانت الأمم المتحدة تناقش وقفاً لاطلاق النار فيما كان الاسرائليون يحاولون التوصل الى طريقة لتعطيل ذلك مما يسمح للانجليز والفرنسيين بالسيطرة على قناة السويس وفقا لما اتفق عليه في مؤتمر "سيفريس" بباريس.
من ضمن الحاضرين كان سكرتير بن جوريون العسكري نحيمة ارجوف وسكرتيره الشخصى ايزاك نافون كما حضر شارون برفقة زوجته الاولى مارجاليت.
قام ديان بتزويد بن جوريون بأخبار الحرب قائلاً: "في التاسعة والنصف صباحاً دخلت جميع الوحدات الى شرم الشيخ متممةً بذلك اخضاع سيناء ... من ضمن الأسرى ضابط مصري اثار حيرة الجميع حيث سبق له ان حارب في الفالوجا. قال الضابط ان الامر ليس هاماً حيث اننا استعنا بالانجليز والفرنسيين هذه المرة. كان الضابط على علم بالحرب وكان يعرف ان ايريك (شارون) قام بإنزال قواته بالباراشوت".
يضيف دايان ان بن جوريون كان مهتماً بأسماء الاماكن وكيفية نطقها بالعبرية بشكل خاص. قال بن جوريون "سنستكمل هذه الاسماء العربية فيما بعد".
وكان بن جوريون متحمساً للغاية بالرغم من الحمى التي عانى منها حيث قال: "لو كان لدينا جيش مثل هذا عام 1948 لتمكنا من احتلال العالم العربي كلياً ... لقد تغيرت الاوضاع. سيناء بحوزتنا الان".
واضاف بن جوريون ان سيناء "يجب ان تقع تحت سيطرة اسرائيل. حتى البريد يجب ان يكون اسرائيلياً".
واقترح بن جوريون عمل ممر سياحي بحري بين ايلات وشرم الشيخ. "الكثير من الناس سيرغبون في السياحة وسيدفعون الثمن المطلوب".
وعن ذلك سأل بن جوريون لاسكوف والذي كان قد شارك في القتال على خط غزة-رفح-العريش قائلاً: "ألست راضياً؟" وهنا اجاب لاسكوف بالنفي قائلاً: "هناك العديد من اوجه المخاطر لهذا العمل. فهناك اعمال النهب وهي ليست بالجيدة".
وأجابه بن جوريون قائلاً: "ماذا نهبوا؟"
لاسكوف: "سجاد، علب سجائر بولاريس وبسكويت!!"
وقد تم مناقشة البترول في منطقة الطور بسيناء حيث قال بن جوريون: "بإمكاننا جلب سفن محملة بالبترول الى حيفا. بإمكاننا التحرر من الدول الاجنبية. أصبح لدينا بترول!!"
و عندما وافق شيمون بيريز - الرئيس المرتقب لحزب العمل على الانضمام لحكومة رئيس الوزراء الليكودي الإرهابي المتطرف إريل شارون ، في عام 2001 ، قال إسحق نافون رئيس دولة إسرائيل الأسبق وهو يعلق على هذا التحالف : ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. إن حلم عمر "بن جوريون" رئيس وزراء إسرائيل الأول كان هو أن يتولى الثنائي شيمون بيريز وإريل شارون قيادة الدولة، بحيث يكون الأول رئيسا للوزراء والثاني وزيرا للدفاع.
وحسب نافون فقد كان "بن جوريون" معجبًا إلى حد كبير بشخصية كل من بيريز وشارون، الأول لقدراته الذهنية الكبيرة ونظرته السياسية الثاقبة على حد قول نافون، والثاني بسبب نظرته الأمنية وشخصيته القوية.
وعلى الرغم من أن بيريز كان مجرد موظف في مكتب "بن جوريون" عند تشكيل أول حكومة في إسرائيل، بينما كان شارون ضابطًا برتبة رائد في قوات المظليين في الجيش الإسرائيلي، إلا أن "بن جوريون" كان يقضي معهما الكثير من الوقت.
وهذا الأسبوع تحقق حلم "بن جوريون" ولكن بشكل مغاير؛ فشارون سيكون رئيسا للوزراء وبيريز سيكون وزيرا للخارجية في إسرائيل ".
وعلى الرغم من الفروق الحزبية التي كانت تفصل بيريز عن شارون فإن هناك تراثًا كبيرًا من العمل المشترك على جميع الأصعدة وفي كل مستويات، إلى جانب الصداقة الشخصية التي كانت تربط الاثنين منذ عشرات السنين ، فعندما كان بيريز مديرا عاما لوزارة الدفاع في إسرائيل في الخمسينيات كان مسؤولا عن قناة الاتصال مع قادة الجيش.
وحسب أحد مساعدي شارون فقد كان بيريز الذي أبلغ وحدة المظليين 101 التي كان يقودها شارون أن المستوى السياسي قد أعطى الضوء الأخضر لتأديب سكان القرى الفلسطينية في الضفة الغربية ؛ وبالتالي قام شارون على رأس الوحدة بتنفيذ مجزرة "قبية" عام 54 والتي راح ضحيتها العشرات من الأطفال والشيوخ والأطفال الفلسطينيين على أيدي قوات شارون.
كما أن شارون كان يذكر لبيريز دوره الكبير في بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ حيث إن بيريز عندما كان وزيرا للدفاع في حكومة رابين عام 74 كان هو المسؤول عن إصدار التصاريح لبناء أوائل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد حدث أن وبخ شارون – ذات مرة - النائب الليكودي "يسرائيل كاتس" عندما اعترض على ضم بيريز للحكومة ، حيث اعتبر كاتس ذلك خطرًا قد يؤدي إلى المساس ببقاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، فرد عليه شارون أن التاريخ سيحفظ لبيريز دوره الكبير في إرساء دعائم الوجود اليهودي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكثر ما يجمع شارون ببيريز من ناحية التفكير السياسي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هو ما صرح به بيريز عشية الانتخابات التي شكلا الحكومة بعدها ،عندما قال " أنا وإريل نتفق على وجوب حل الصراع مع الفلسطينيين على مراحل، لكننا نختلف على توقيت هذه المراحل كل على حدة".
ويقول النائب العربي في البرلمان الإسرائيلي " عزمي بشارة ": إن أكثر ما يميز شارون وبيريز هو الاتفاق على ضرورة "مرحلة الحل" مع الفلسطينيين.
و لبيان مدى التحالف الشيطاني بين بيريز و شارون ، و كيف أسفر عن مذابح رهيبة للفلسطينيين و العرب ، نشير إلى يومين من أيام هذا التحالف .. يوم 18 ابريل عام 1996 حيث مذبحة قانا الاولى .. ويوم 30 يوليو سنة 2006 حيث مذبحة قانا الثانية .. و كلتا المذبحتين كانتا ضد المدنيين العزل القابعين في مخيمات قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني في بلدة قانا !!
في هذين اليومين سلب بيريز و شارون هؤلاء الأبرياء حقهم الأساسي بالحياة على يد القوات الاسرائيلية .. نعم هكذا كان شيمون بيريز الذي كان بعض العرب يعتقدون انه الوحيد الذى يمكن الحديث معه عن أى سلام بالشرق الاوسط !!
شيمون بيريز ليس سوى أحد السفاحين الذي جعل من الشرق الاوسط منطقة للقتل والحقد بحق المدنيين الأبرياء. . شيمون بيريز ليس فرداً انه منظومة فكر ونسق من القيم المعادية للبشرية و ها هي المجازر البشرية ، التي نفذها المجرم بيريز ، و شريكه في الحكم الإرهابي شارون !!
و الغريب أن قاتل الأبرياء شيمون بيريز لا يزال يتباهي بـ " دولة اسرائيل الديمقراطية القائمة وسط كيانات تحكمها نظم ديكتاتورية ، الغنية وسط مجتمعات فقيرة، المثقفة وسط جيران من الجهلة ، المتقدمة تقنياً وسط مجموعة من أهل الكهف " !!