الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
حلف الله فقال في كتابه (وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر) الليل والنهار اقسم بهما أن العباد خاسرون إلا من اتصف بأربع صفات (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..) (العصر:3)
وهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة وعملوا الصالحات (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3) الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله المؤلمة ، فبالأمرين الأوليين يكمل الإنسان نفسه وبالأمرين الآخرين يكمل غيره وبتكميل هذه الأربعة الأمور يكون الإنسان قد سلم من الخسارة وفاز بالربح العظيم ، إذاً نجاة الإنسان موقوفة على سعيه في نفع الآخرين ونصحهم وتوصيتهم بالحق والصبر وقد قال الله –تعالى- (.. وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج:77) وقال عن أصفيائه (.. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ..) (الأنبياء:73) .
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن فعل الخيرات نتحدث وعن النفع المتعدي نتكلم وقد اجتمعنا في هذا البلد الأمين نسأل الله أن يديم أمنه وان يجعلنا إليه آيبين وان يعيننا فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته . ومرحبا بكم مرحبا بهذه الوجوه التي نسأل الله تعالى أن يحفظها يوم الدين من نار السموم وان يجعلها نيرةً بطاعته وان يبيضها يوم تلقاه .
إخواني الفرصة طيبة والمشهد مجتمع لنتحدث عن كن نافعا أينما كنت انه شعار من شعار شباب الدين كن نافعا أينما كنت .ولقد أمر الله بالإحسان في كتابه فقال (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ ..) (النحل:90) (.. لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ..) (النحل:30) (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ ..) (الاسراء:7)
نحن يجب أن نحسن إلى الناس وان ننفعهم بشتى أنواع النفع والنبي –صلى الله عليه وسلم – اخبر أن أحب الناس إلى الله انفعهم للناس (خير الناس انفعهم للناس) انفعهم بالإحسان بالمال والجاه لأن الناس عباد الله فان نفعهم نعمة يسديها الإنسان ويدفع عنه نقمه ويرتفع شرفا وقدرا بدفع الآخرين .
قال ابن القيم – رحمه الله - : وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى و استدفعت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى واستدفعت نقمته بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه .
كل معروف تبذله يا أخي للناس فهو صدقة كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – (كل معروف صدقة ) وهذا الكلام مهم لأن كل واحد عليه في كل يوم يقوم الصباح من النوم عليه ثلاثمائة وستين صدقة مقابل ثلاثمائة وستين مفصل من مفاصله لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – اخبرنا بقوله ( كل سلامي من الناس عليه صدقة ) هذه الصدقات الكثيرة من أين نحصلها وكيف نجمعها ثلاثمائة وستين صدقة ، نفع الناس من أبواب الصدقات العظيمة التي تحصل بها يا أخي هذه الثلاثمائة والستين وزيادة لو أردت ، قال – عليه الصلاة والسلام – ( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقةٌ منه على نفسه ، قال أبو ذر : يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟ قال –عليه الصلاة والسلام - : لأن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماع زوجتك أجر ، قال أبو ذر : كيف يكون لي اجر في شهوتي ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به ؟ قلت : نعم ، قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه ، قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ، قال : فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ، قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فان شاء الله أحياه وان شاء الله أماته ولك اجر ) والحديث صححه الألباني – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة .
من أعظم الصدقات أداء حقوق الإخوة ، أداء الحقوق للإخوة (حق المسلم على المسلم رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز و إجابة الدعوة وتشميت العاطس ). يا أخي كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة . يا عبد الله إذا رفعت متاع صاحبك على سيارته وحملته عليها منفعة للآخرين فهذه صدقة .
امرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بسبع كما قال البراء بن عازب : بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس و إبرار المقسم ونصر المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي . لا ينبغي للمسلم يا إخوان أن يحتقر معروفا مهما كان قليلا لان النبي – صلى الله عليه وسلم – قال (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلقٍ ) رواه مسلم . الوجه الطلق نفع متعدي يدخل السرور على أخيك هذا صدقة في ميزانك .
والأجر في نفع المسلمين عظيم فقد جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) زاد ابن أبي الدنيا ( ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام ) وحسنة العلامة الألباني في صحيح الترغيب .
يا أخي من نَفََّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس فرج و أزال وكشف نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والجزاء من جنس العمل ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.. ستر بدنه رأيت عورة حاج نائم في المخيم مكشوفة غطيتها.. ستر بدنه رأيت امرأة شيئا من جسد أختها مكشوفا غير منتبهة إليه فغطته . من ستر مسلما سترة الله في الدنيا والآخرة سترته فلم تظهر عيبه سترته سترا معنويا سترته بثوب وقد عرى سترا ماديا سترت عيبه فلم تسمح لأحد أن يغتابه ولا أن يذمه ،من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه. من نَفَّسَ عن مسلم كربه وكربة نكرة وليست معرفه ؟ أسألكم ، نكرة والنكرة هذه في سياق ؟ ما نوعها ؟ شرطية والنكرة في سياق الشرط ماذا تفيد ؟ العموم يعني أي كربة صغيرة أو كبيرة ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) يعني من كان ساعيا في قضاء حاجة أخيه فان الله سيقضى حاجته .
في الحديث هذا كما يقول العلماء تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره و إشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية. في هذا الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك ورب رأي يساوي ملايين .أحيانا واحد يعطيك رأيا لا يقدر بثمن وهذا من النفع إذا فيه المعاونة والإشارة بالمصلحة والنصيحة وفضل الستر على المسلمين وفضل انظار المعسر وفضل المشي في حاجة الإخوان .
احب الناس إلى الله انفعهم للناس واحب الأعمال إلى الله – عز وجل – سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا (ولأن امشي مع أخي المسلم في حاجة احب إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد - أي مسجد ؟ المسجد النبوي مسجد المدينة- شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ) وقال (ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله – تعالى – قدمه يوم تزول الأقدام ويوم تزل الأقدام ) حديث حسن .
الصراط الذي سنقطعه كلنا إذا متنا على الإسلام (دحض مزلة )يروغ تنزلق عليه الأقدام أدق من الشعرة واحد من السيف هل تريد أن تثبت قدمك على الصراط ؟ امشي في حاجة أخيك المسلم حتى تنهيها له وتقضيها له وتثبتها له .
قال ابن عباس – رضى الله عنه – من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ، راجع لي مراجعة ..احضر نتيجتي .. قدمني معك في الوظيفة.. من مشى بحق أخيه ..حصل لي دين.. كل خطوة صدقة كما جاء عن ابن عباس والحديث رجال إسناده ثقات .
تصوروا أيها الإخوة أن السلف كانوا لا يرون لأنفسهم فضلا على صاحب الحاجة بل يرون الفضل لصاحب الحاجة الذي علقها بهم ، قال ابن عباس : ثلاثة لا أكافئهم رجل بدأني بالسلام ورجل وسع لي في المجلس ورجل اغبرت قدماه في المشي إلي إرادة التسليم علي فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله – عز وجل – من هو هذا الرابع ؟اسمع ..قال : رجل نزل به أمر فبات ليلته يفكر بمن ينزله ، واحد صار عنده حاجة مضطر، يطلب مِنْ مَنْ أن يقضي له هذه الحاجة ثم رآني أهلا لحاجته فأنزلها بي .
قال ابن القيم – رحمه الله – في وصف شيخ الإسلام ابن تيميه : كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس .
كان علي بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل .
ويكفينا يا شباب يا أيها الناس يا أيها الكبار والصغار والنساء والرجال والأولاد أن السعي في نفع الخلق كان من صفات النبي – صلى الله عليه وسلم – و أخلاقه ، بماذا استدلت خديجة على أن ما حصل في غار جراء لا يمكن أن يكون شرا بماذا استدلت ؟ بِخُلُقْ النبي – عليه الصلاة والسلام – قالت : كلا هذا ليس شرا ابشر فوالله لا يخزيك الله أبدا فوالله انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف . كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا سئل عن حاجة لم يرد السائل عن حاجته . قال جابر : ما سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا قط فقال : لا ، البخاري في هذا مفرد ومسلم في الفضائل .
وقد شابه الصديق نبيه في صفاته حتى وصفه بذلك رجل من المشركين وليس من المسلمين واحد من المشركين شهد للصديق بأخلاقٍ مثل أخلاق صاحبه، لما خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة حي من المشركين قال : أين تريد يا أبا بكر ،قال أبو بكر : أخرجني قومي من هذه البلد فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج ليه لماذا ؟ قال : فانك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، رواه البخاري . ألا تعجب كيف وصف ابن الدغنة أبا بكر بصفات التي وصفت بها خديجة النبي – عليه الصلاة والسلام – .
أيها الاخوة صلة الرحم معروفة الإحسان إلى الأقارب بالقول والفعل الأقارب من جهة أبيك وأمك تحمل الكَلَّ ..الكَلّ اصله الثقل وهو كل على مولاه ويدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء أم قولها وتكسب المعدوم تكسب كسبت الرجل و أكسبته مالاً لغتان تكسبه مالا تعطيه مالا تكسب المعدوم تكسب غيرك المال المعدوم أو تعطيه إياه تبرعا ويجد الناس عندك مالا يجدون عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق أو أنك تكسب المال المعدوم وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله ثم تجود به في وجوه الخير و أبواب المكارم ، يسمى الرجل المعدم الفقير كالمعدوم الميت لأنه لا يتصرف في المعيشة كتصرف غيره ، تَقْري الضيف تكرمه يقال للطعام المقدم للضيف قِراً ، وتعين على نوائب الحق جمع نائبة وهي الحادثة ما يحدث في الناس من المصائب ، قال مثلك يا أبا بكر لا يخرج باختياره لأنه صاحب نفع متعي لأهل البلد ولا يخرج بغير اختياره .
استنبط بعض العلماء من هذا لاحظ معي إذا كنت مشتغلا بالدعوة أو نشر العلم استنبط بعض العلماء من هذا الحديث أن من كانت فيه منفعة متعدية يعني للناس لا يُمَكَنْ من الانتقال عن البلد إلى غيره بغير ضرورة راجحة ، لو جاء يطلع من البلد نقوله : لا إلى أين تخرج أنت تنفع الناس ابقى في البلد إبقى هنا الناس يحتاجونك وهذا الذي استنبطوه مهم جدا في تقرير انتقال بعض الدعاة وطلبة العلم من البلدان التي صار لهم شأن فيها وتأثير قبل ما يطلع نقوله انتظر مثلك لا يَخْرُج ولا يُخْرَج .
وقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – كل مسلم يستطيع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع أن ينفعه فقال ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم . تقرأ على مريض رقية من القرآن منفعة ينفعه.. تدرسه في الامتحانات منفعة أي منفعة مباحة ، طبع المؤمن يا إخوان كالنخلة وكالنحلة بنقطة ومن غير نقطة ، نخلة لا يسقط ورقها صيفا ولا شتاءا يفيد رطب يفيد سعف يفيد بالظل يفيد صيفا شتاء، وكالنحلة أيضا متعدد المنافع آثاره فيها العلاج النافع للناس .
ثم أن السعي فيما ينفع الناس من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار فقد روى البيهقي عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال ( الإيمان بالله ، قلت : يا رسول الله إن مع الإيمان عملا ) لاحظ كيف الصحابي يفهم أن الإيمان لازم لابد له من عمل ( قال : يرضخ مما رزقه الله ) عطاء مال يعطي ( قلت: يا رسول الله أرأيت إن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ به ، قال : يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، قال : يصنع لأخرق ) وهو الجاهل الذي لا صنعة له يتكسب منها ، ( قلت : أرأيت إن كان أخرق -هو اخرق هو نفسه اخرق- لا يستطيع أن يصنع شيئا ،قال : يعين مظلوما ، قلت : أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ، قال : ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس ، فقلت : يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة قال : ما من مؤمن يطلب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة ) وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
امسك عن الشر صدقة منك على نفسك ، طيب هذه متى تكون صدقة ؟ متى يكون الإمساك عن الشر صدقة ؟ لو واحد فجأة انتبه قال : أوه أنا صار لي ثلاث ساعات ما سويت مشكلة لأحد أنا اخذ اجر... لأ لا يكون الممسك عن الشر مأجورا إلا إذا نوى الإمساك عن الشر أما واحد ناسي نفسه في البيت وقال : أنا صار لي زمان ما سويت مشكلة مع أحد ، لا يكون مأجورا حتى ينوي بإمساكه عن الشر وجه الله .
أيها الإخوة لما سُئِل النبي – عليه الصلاة والسلام – أي الأعمال افضل قال ( إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة ) حديث حسن من أسباب خيرية هذه الأمة على ما سواها من الأمم أنها انفع الأمم لغيرها فان هذه الأمة تنفع غيرها بأشياء كثيرة على رأسها هداية الأمم الأخرى إلى الإسلام وما يترتب على ذلك من دخولهم الجنة ونجاتهم من النار قال أبو هريرة في تفسير قول الله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..) (آل عمران:110) قال : خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .معناه أننا نجاهد الكفار ونأتي بهم أسرى في السلاسل ثم إذا عاشوا مع المسلمين عرفوا صحة الإسلام فدخلوا فيه طوعا فدخلوا الجنة .
وهناك في مسألة النفع موازين و أفضليات يا عباد الله فمن ذلك أن أبا ذر وأبو ذر لاحظ المواقف المتعددة له في قضية النفع وعمل الخير والأسئلة حول الموضوع سالت النبي – صلى الله عليه وسلم - أي العمل افضل قال ( إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت : فأي الرقاب افضل ، قال : أعلاها ثمنا و أنفسها عند أهلها ، قلت : فإن لم افعل ، قال : تعين ضايعا أو تصنع لأخرق ، قلت : فان لم افعل ، قال : تدع الناس من الشر فإنها صدقة تتصدق بها على نفسك ) تعين ضايعا الضائع في الضياع الذي عنده فقراء وعيال والأخرق الذي لا صنعة له .
وفي الحديث إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع مظنة الإعانة كل واحد يتصدق عليه لكن الصانع فيه ناس عنده حرفة عنده مهارة لكن ما عنده أدوات تشتري له أدوات ما عنده محل تجهز له محلا لشهرته بصنعته قد يغفل عن إعانته .
أوجه النفع كثيرة جدا وكلما كان العمل انفع للعباد كان أفضل عند الله – سبحانه وتعالى – ليه كان الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال أي الناس أفضل ( مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله ) لان الجهاد يوصل به رب العالمين إلى الآخرين الدين والدعوة ويكون سببا في فتح البلاد ودخول الإسلام فيها ودخول الناس في الدين أفواجا وإذلال الكفر وحماية حوزة الدين وحفظ حرمات المسلمين ورعاية الثغور وحراسة الحدود .
ومما يتعدى نفعه أيها الإخوة الحراسة في سبيل الله ( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ) لأنهما لا تمسهما النار حرص الصحابة على الحراسة في سبيل الله لأنه عمل متعد نفعه للمسلمين لان فيه حراسة للمسلمين وكف الشر عن المسلمين .
في غزوة من الغزوات النبي – صلى الله عليه وسلم – نزل في شعب من الشعاب وقال ( من رجلان يكلآنا في ليلتنا هذه من عدونا ، فقال رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار : نحن نكلؤك يا رسول الله ) فخرجا إلى ثَمِ الشِّعْب ثم قال الأنصاري أتكفيني أول الليل و أكفيك آخره أم تكفيني آخره و أكفيك أوله فقال المهاجري : بل اكفني أوله و أكفيك آخره ، فنام المهاجري وقام الأنصاري يصلي فافتتح سورة من القران فبينما هو يقرأ إذ جاء زوج المرأة ، من هو زوج المرأة لابد نرجع للوراء في السيرة أغار المسلمين على قوم من المشركين وواحد من المسلمين أصاب امرأة لرجل من المشركين وكان الرجل غائبا فلما رجع بعدما انتهت الغارة أُخْبِرَ بما حصل لزوجته فهذا الرجل حلف أن لا يرجع حتى يهريق في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دما ، قام الأنصاري في الليل يصلي حارس يصلي الليل حراسة وقيام ليل فجاء زوج المرأة فلما رجل قائما عرف انه الذي يريده ربيئة القوم فينتزع له بسهم فيضعه فيه وهو قائم يقرأ في السورة التي هو فيها فلم يتحرك كراهية أن يقطعها ثم عادله زوج المرأة بسهم آخر فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو قائم يصلي ولم يتحرك كراهية أن يقطعها ثم عادله زوج المرأة الثالثة بسهم فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو يصلي انتزع السهم ووضعه ثم ركع فسجد ثم قال لصاحبة اقعد فقد أوتيت فجلس المهاجري فلما رآهما صاحب المرأة هرب وعرف انه قد نذر به علم به وإذا الأنصاري يموج دما من رميات صاحب المرأة فقال له اخوة المهاجري : يغفر الله لك ألا كنت آذنتني أول ما رماك ، فقال : كنت في سورة من القرآن قد افتتحتها اصلي بها فكرهت أن اقطعها و أيم الله لولا أن أضيع ثغرا امرني به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بحفظه لقطع نفسي قبل أن اقطعها . أنا مستعد أموت ولا اقطع سورة .
من أعظم العبادات المتعدية النفع أيها الإخوة إن لم تكن أعظمها على الإطلاق تعليم الناس العلم.. الدين.. الشريعة.. وثواب من علم الناس الخير عظيم جدا ومن ذلك أن له مثل ثواب من عمل بذلك العلم كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من علم علما فله اجر من عمل به لا ينقص من اجر العامل ) رواه ابن ماجه وهو حديث حسن . في البخاري ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) الجامع بين تعلم القران وتعليمه مكمل لنفسه مكمل لغيره في نفع ذاتي ونفع متعدي ولذلك داخل في قوله – تعالى – (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) .الدعاء إلى الله يقع في أمور ومن ذلك تعليم القران .
ضرب الرسول – صلى الله عليه وسلم – مثلا جميلا لهذا الذي يعلم الناس الخير كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فقبلت الماء وانبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت المكافأة للذي يعلم الناس العلم ويعلم الناس الخير كانت المكافأة عظيمة جدا حتى أن الله تعالى جعل أهل السماوات و أهل الأرض يستغفرون لمن يعلم الناس الخير والهم الله – تعالى – أنواع الحيوان الكبير والصغير منها من النملة إلى الحوت الاستغفار للعالِم فقال – عليه الصلاة والسلام – ( أن الله وملائكته و أهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) حديث حسن .
يا أخي كم نوع من السمك في البحار ؟ كم سمكة ؟ كم نوع من البهائم كم نوع من الحيوانات ؟ كم نوعا من الطيور ؟ كم واحد ؟ كلها تدعو لمن يعلم الناس الخير ، ليه ؟ لان نفعه يصل إلى الآخرين نفع متعدي يا جماعة فكروا في هذا الأمر والله العظيم إن هذا الحديث كاف جدا لتحميس ودفع الناس لتعليم الآخرين الخير علم تَعَلَّم وَعَلِّم لماذا كان العالِم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ؟ يا أخي النبي – عليه الصلاة والسلام – قال ( وان العالم ليستغفر له – كم واحد كم بليون ؟ - من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ) حديث صحيح .
لو قال قائل لماذا تستغفر الحيوانات للعالم ؟
فالجواب
أولا : كرامة من الله لمن حمل العلم الشرعي بين جنبيه .
ثانيا : أن نفع العالم قد تعدى حتى انتفعت به الحيوانات لان العالم يقول للناس : (حد شفرتك و أرح ذبيحتك) ولا تذبحها بحضرة الأخرى واسقها ماءا وارفق بها ( وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة ) ويقول للناس (في كل ذات كبد رطبة اجر) حتى لو سقيت قطا فلك اجر ، شكرت الحيوانات هذا التعليم النافع لها لهذا المعلم فألهمها الله الاستغفار له دائما ، أهل السماوات و أهل الأرض .
ولذلك فان العلم الشرعي التعلم والتعليم من أعظم العبادات ، سُئِل النووي : هل يجوز للمعتكف أن يقرا القران ويقرئه غيره وان يتعلم العلم ويعلمه غيره ؟ أجاب عن هذا فقال : يجوز ولا كراهة في ذلك في حال الاعتكاف وذلك أفضل من صلاة النافلة لان الاشتغال بالعلم فرض كفاية فهو افضل من النفل ولأنه مصحح للصلاة وغيرها من العبادات ولان نفعه متعد إلى الناس وقد تظاهرت الأحاديث بتفضيل الاشتغال بالعلم على الاشتغال بصلاة النافلة .
حدثني كاتب للشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – أن الشيخ كان يترك صيام النافلة في بعض الأيام ويقول: لأنه يضعفني عن القيام بحوائج الناس ، لأن الشيخ يأتيه المستفتون و أصحاب الحاجات و الشفاعات وغير ذلك من الناس يأتونه ، قال : يضعفني . الصيام نفعه للشخص والأعمال الأخرى المتعدية التي تنفع الآخرين .
ولذلك أجاب العلماء في مسالة رفع الصوت بالقران أيهما أفضل الإخفاء أم الجهر ؟ إذا كان ما في رياء فان رفع الصوت أفضل لان العمل فيه أكثر وفيه نفع متعد كما قال العلماء لأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم أو غافل وينشطه وهذه النيات إذا اجتمعت في هذا الشخص فإنه سيكون له نفع متعد إلى الآخرين .
أيها الإخوة إن هذا الموضوع يجيبنا على سؤال يتردد في أذهان الكثيرين من الأخيار وخصوصا أئمة المساجد في رمضان وغيره .هل البقاء يعلم الجماعة دين الله ويصلي بهم في مسجدهم في البلد أو القرية أو القبيلة أفضل أم الذهاب إلى مكة ؟
والجواب أن النفع المتعدي مقدم بالجملة على النفع القاصر فالأفضل أن يبقى مع الناس ويكتب له اجر المسجد الحرام بالنية كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( إن في المدينة رجالا ما سلكتم واديا ولا قطعتم شعبا إلا كانوا معكم ) يعني شاركوكم في الأجر ( قالوا : كيف وهم في المدينة ؟ قال : حبسهم العذر ) وهذا عذره شرعي ، فعلى طالب العلم الذي يكون في قرية ليس غيره يُعَلِّم فيها يحتاج الناس إليه فليستمر في عمله وان ينوي بقلبه انه لولا وجود هذا الواجب لذهب إلى المسجد الحرام واعتمر واعتكف وجاور ، أما إذا وجد من ينوب عنه في هذه المهمة فله أن يذهب وخير له أن لا يطيل الغياب .
الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – سُئل هل يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء حوائج المسلمين ؟ قال : نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان التلفون في المسجد الذي هو معتكف فيه لأنه لم يخرج من المسجد .
وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنيا بها فلا يعتكف أصلا إذا كان مسئول عن مستودع خيري مثلا يعني لان قضاء الحوائج أهم من الاعتكاف لان نفعها متعد والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مُهِمات الإسلام وواجباته يعني مثلا صلاة الفجر جماعة هي نفسها أصلا صلاة الفريضة لك أنت فهذا ما يمكن تضييعه بأي عمل آخر لكن النوافل المقارنة في النوافل النفع المتعدي أفضل ولذلك قال العلماء : أن الداعية إلى الله عمله عظيم لحديث ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) ( من دعا إلى هدي كان له من الآجر مثل من تبعه ) إذا القضية كبيرة . فيا أيها المشتغل بالدعوة في المدارس في المساجد في المكتبات في المخيمات في الأحياء يا أيتها المشتغلات في الدعوة في البيوت والمدارس والكليات المسالة مسالة عظيمة لماذا ؟ لان النفع متعدي وهذه وراثة الأنبياء
من العبادات المتعدية يا إخوان الآذان ، ولذلك كان فضله عظيما ( يغفر الله للمؤذن منتهى آذانه ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته ) حديث صحيح وفي رواية أخرى صحيحة ( وله مثل اجر من صلى معه ) فكيف بالإمام والخطيب المحتسب ايضاً الذي لا يأخذ اجره .
حلف الله فقال في كتابه (وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر) الليل والنهار اقسم بهما أن العباد خاسرون إلا من اتصف بأربع صفات (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..) (العصر:3)
وهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة وعملوا الصالحات (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3) الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله المؤلمة ، فبالأمرين الأوليين يكمل الإنسان نفسه وبالأمرين الآخرين يكمل غيره وبتكميل هذه الأربعة الأمور يكون الإنسان قد سلم من الخسارة وفاز بالربح العظيم ، إذاً نجاة الإنسان موقوفة على سعيه في نفع الآخرين ونصحهم وتوصيتهم بالحق والصبر وقد قال الله –تعالى- (.. وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج:77) وقال عن أصفيائه (.. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ..) (الأنبياء:73) .
أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن فعل الخيرات نتحدث وعن النفع المتعدي نتكلم وقد اجتمعنا في هذا البلد الأمين نسأل الله أن يديم أمنه وان يجعلنا إليه آيبين وان يعيننا فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته . ومرحبا بكم مرحبا بهذه الوجوه التي نسأل الله تعالى أن يحفظها يوم الدين من نار السموم وان يجعلها نيرةً بطاعته وان يبيضها يوم تلقاه .
إخواني الفرصة طيبة والمشهد مجتمع لنتحدث عن كن نافعا أينما كنت انه شعار من شعار شباب الدين كن نافعا أينما كنت .ولقد أمر الله بالإحسان في كتابه فقال (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ ..) (النحل:90) (.. لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ..) (النحل:30) (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ ..) (الاسراء:7)
نحن يجب أن نحسن إلى الناس وان ننفعهم بشتى أنواع النفع والنبي –صلى الله عليه وسلم – اخبر أن أحب الناس إلى الله انفعهم للناس (خير الناس انفعهم للناس) انفعهم بالإحسان بالمال والجاه لأن الناس عباد الله فان نفعهم نعمة يسديها الإنسان ويدفع عنه نقمه ويرتفع شرفا وقدرا بدفع الآخرين .
قال ابن القيم – رحمه الله - : وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى و استدفعت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى واستدفعت نقمته بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه .
كل معروف تبذله يا أخي للناس فهو صدقة كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – (كل معروف صدقة ) وهذا الكلام مهم لأن كل واحد عليه في كل يوم يقوم الصباح من النوم عليه ثلاثمائة وستين صدقة مقابل ثلاثمائة وستين مفصل من مفاصله لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – اخبرنا بقوله ( كل سلامي من الناس عليه صدقة ) هذه الصدقات الكثيرة من أين نحصلها وكيف نجمعها ثلاثمائة وستين صدقة ، نفع الناس من أبواب الصدقات العظيمة التي تحصل بها يا أخي هذه الثلاثمائة والستين وزيادة لو أردت ، قال – عليه الصلاة والسلام – ( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقةٌ منه على نفسه ، قال أبو ذر : يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟ قال –عليه الصلاة والسلام - : لأن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماع زوجتك أجر ، قال أبو ذر : كيف يكون لي اجر في شهوتي ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به ؟ قلت : نعم ، قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه ، قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ، قال : فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ، قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فان شاء الله أحياه وان شاء الله أماته ولك اجر ) والحديث صححه الألباني – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة .
من أعظم الصدقات أداء حقوق الإخوة ، أداء الحقوق للإخوة (حق المسلم على المسلم رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز و إجابة الدعوة وتشميت العاطس ). يا أخي كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة . يا عبد الله إذا رفعت متاع صاحبك على سيارته وحملته عليها منفعة للآخرين فهذه صدقة .
امرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بسبع كما قال البراء بن عازب : بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس و إبرار المقسم ونصر المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي . لا ينبغي للمسلم يا إخوان أن يحتقر معروفا مهما كان قليلا لان النبي – صلى الله عليه وسلم – قال (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلقٍ ) رواه مسلم . الوجه الطلق نفع متعدي يدخل السرور على أخيك هذا صدقة في ميزانك .
والأجر في نفع المسلمين عظيم فقد جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) زاد ابن أبي الدنيا ( ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام ) وحسنة العلامة الألباني في صحيح الترغيب .
يا أخي من نَفََّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس فرج و أزال وكشف نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والجزاء من جنس العمل ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.. ستر بدنه رأيت عورة حاج نائم في المخيم مكشوفة غطيتها.. ستر بدنه رأيت امرأة شيئا من جسد أختها مكشوفا غير منتبهة إليه فغطته . من ستر مسلما سترة الله في الدنيا والآخرة سترته فلم تظهر عيبه سترته سترا معنويا سترته بثوب وقد عرى سترا ماديا سترت عيبه فلم تسمح لأحد أن يغتابه ولا أن يذمه ،من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه. من نَفَّسَ عن مسلم كربه وكربة نكرة وليست معرفه ؟ أسألكم ، نكرة والنكرة هذه في سياق ؟ ما نوعها ؟ شرطية والنكرة في سياق الشرط ماذا تفيد ؟ العموم يعني أي كربة صغيرة أو كبيرة ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) يعني من كان ساعيا في قضاء حاجة أخيه فان الله سيقضى حاجته .
في الحديث هذا كما يقول العلماء تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره و إشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية. في هذا الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك ورب رأي يساوي ملايين .أحيانا واحد يعطيك رأيا لا يقدر بثمن وهذا من النفع إذا فيه المعاونة والإشارة بالمصلحة والنصيحة وفضل الستر على المسلمين وفضل انظار المعسر وفضل المشي في حاجة الإخوان .
احب الناس إلى الله انفعهم للناس واحب الأعمال إلى الله – عز وجل – سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا (ولأن امشي مع أخي المسلم في حاجة احب إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد - أي مسجد ؟ المسجد النبوي مسجد المدينة- شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ) وقال (ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله – تعالى – قدمه يوم تزول الأقدام ويوم تزل الأقدام ) حديث حسن .
الصراط الذي سنقطعه كلنا إذا متنا على الإسلام (دحض مزلة )يروغ تنزلق عليه الأقدام أدق من الشعرة واحد من السيف هل تريد أن تثبت قدمك على الصراط ؟ امشي في حاجة أخيك المسلم حتى تنهيها له وتقضيها له وتثبتها له .
قال ابن عباس – رضى الله عنه – من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ، راجع لي مراجعة ..احضر نتيجتي .. قدمني معك في الوظيفة.. من مشى بحق أخيه ..حصل لي دين.. كل خطوة صدقة كما جاء عن ابن عباس والحديث رجال إسناده ثقات .
تصوروا أيها الإخوة أن السلف كانوا لا يرون لأنفسهم فضلا على صاحب الحاجة بل يرون الفضل لصاحب الحاجة الذي علقها بهم ، قال ابن عباس : ثلاثة لا أكافئهم رجل بدأني بالسلام ورجل وسع لي في المجلس ورجل اغبرت قدماه في المشي إلي إرادة التسليم علي فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله – عز وجل – من هو هذا الرابع ؟اسمع ..قال : رجل نزل به أمر فبات ليلته يفكر بمن ينزله ، واحد صار عنده حاجة مضطر، يطلب مِنْ مَنْ أن يقضي له هذه الحاجة ثم رآني أهلا لحاجته فأنزلها بي .
قال ابن القيم – رحمه الله – في وصف شيخ الإسلام ابن تيميه : كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس .
كان علي بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل .
ويكفينا يا شباب يا أيها الناس يا أيها الكبار والصغار والنساء والرجال والأولاد أن السعي في نفع الخلق كان من صفات النبي – صلى الله عليه وسلم – و أخلاقه ، بماذا استدلت خديجة على أن ما حصل في غار جراء لا يمكن أن يكون شرا بماذا استدلت ؟ بِخُلُقْ النبي – عليه الصلاة والسلام – قالت : كلا هذا ليس شرا ابشر فوالله لا يخزيك الله أبدا فوالله انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف . كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا سئل عن حاجة لم يرد السائل عن حاجته . قال جابر : ما سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا قط فقال : لا ، البخاري في هذا مفرد ومسلم في الفضائل .
وقد شابه الصديق نبيه في صفاته حتى وصفه بذلك رجل من المشركين وليس من المسلمين واحد من المشركين شهد للصديق بأخلاقٍ مثل أخلاق صاحبه، لما خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة حي من المشركين قال : أين تريد يا أبا بكر ،قال أبو بكر : أخرجني قومي من هذه البلد فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج ليه لماذا ؟ قال : فانك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، رواه البخاري . ألا تعجب كيف وصف ابن الدغنة أبا بكر بصفات التي وصفت بها خديجة النبي – عليه الصلاة والسلام – .
أيها الاخوة صلة الرحم معروفة الإحسان إلى الأقارب بالقول والفعل الأقارب من جهة أبيك وأمك تحمل الكَلَّ ..الكَلّ اصله الثقل وهو كل على مولاه ويدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء أم قولها وتكسب المعدوم تكسب كسبت الرجل و أكسبته مالاً لغتان تكسبه مالا تعطيه مالا تكسب المعدوم تكسب غيرك المال المعدوم أو تعطيه إياه تبرعا ويجد الناس عندك مالا يجدون عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق أو أنك تكسب المال المعدوم وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله ثم تجود به في وجوه الخير و أبواب المكارم ، يسمى الرجل المعدم الفقير كالمعدوم الميت لأنه لا يتصرف في المعيشة كتصرف غيره ، تَقْري الضيف تكرمه يقال للطعام المقدم للضيف قِراً ، وتعين على نوائب الحق جمع نائبة وهي الحادثة ما يحدث في الناس من المصائب ، قال مثلك يا أبا بكر لا يخرج باختياره لأنه صاحب نفع متعي لأهل البلد ولا يخرج بغير اختياره .
استنبط بعض العلماء من هذا لاحظ معي إذا كنت مشتغلا بالدعوة أو نشر العلم استنبط بعض العلماء من هذا الحديث أن من كانت فيه منفعة متعدية يعني للناس لا يُمَكَنْ من الانتقال عن البلد إلى غيره بغير ضرورة راجحة ، لو جاء يطلع من البلد نقوله : لا إلى أين تخرج أنت تنفع الناس ابقى في البلد إبقى هنا الناس يحتاجونك وهذا الذي استنبطوه مهم جدا في تقرير انتقال بعض الدعاة وطلبة العلم من البلدان التي صار لهم شأن فيها وتأثير قبل ما يطلع نقوله انتظر مثلك لا يَخْرُج ولا يُخْرَج .
وقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – كل مسلم يستطيع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع أن ينفعه فقال ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم . تقرأ على مريض رقية من القرآن منفعة ينفعه.. تدرسه في الامتحانات منفعة أي منفعة مباحة ، طبع المؤمن يا إخوان كالنخلة وكالنحلة بنقطة ومن غير نقطة ، نخلة لا يسقط ورقها صيفا ولا شتاءا يفيد رطب يفيد سعف يفيد بالظل يفيد صيفا شتاء، وكالنحلة أيضا متعدد المنافع آثاره فيها العلاج النافع للناس .
ثم أن السعي فيما ينفع الناس من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار فقد روى البيهقي عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال ( الإيمان بالله ، قلت : يا رسول الله إن مع الإيمان عملا ) لاحظ كيف الصحابي يفهم أن الإيمان لازم لابد له من عمل ( قال : يرضخ مما رزقه الله ) عطاء مال يعطي ( قلت: يا رسول الله أرأيت إن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ به ، قال : يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، قال : يصنع لأخرق ) وهو الجاهل الذي لا صنعة له يتكسب منها ، ( قلت : أرأيت إن كان أخرق -هو اخرق هو نفسه اخرق- لا يستطيع أن يصنع شيئا ،قال : يعين مظلوما ، قلت : أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ، قال : ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس ، فقلت : يا رسول الله إذا فعل ذلك دخل الجنة قال : ما من مؤمن يطلب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة ) وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
امسك عن الشر صدقة منك على نفسك ، طيب هذه متى تكون صدقة ؟ متى يكون الإمساك عن الشر صدقة ؟ لو واحد فجأة انتبه قال : أوه أنا صار لي ثلاث ساعات ما سويت مشكلة لأحد أنا اخذ اجر... لأ لا يكون الممسك عن الشر مأجورا إلا إذا نوى الإمساك عن الشر أما واحد ناسي نفسه في البيت وقال : أنا صار لي زمان ما سويت مشكلة مع أحد ، لا يكون مأجورا حتى ينوي بإمساكه عن الشر وجه الله .
أيها الإخوة لما سُئِل النبي – عليه الصلاة والسلام – أي الأعمال افضل قال ( إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة ) حديث حسن من أسباب خيرية هذه الأمة على ما سواها من الأمم أنها انفع الأمم لغيرها فان هذه الأمة تنفع غيرها بأشياء كثيرة على رأسها هداية الأمم الأخرى إلى الإسلام وما يترتب على ذلك من دخولهم الجنة ونجاتهم من النار قال أبو هريرة في تفسير قول الله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..) (آل عمران:110) قال : خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .معناه أننا نجاهد الكفار ونأتي بهم أسرى في السلاسل ثم إذا عاشوا مع المسلمين عرفوا صحة الإسلام فدخلوا فيه طوعا فدخلوا الجنة .
وهناك في مسألة النفع موازين و أفضليات يا عباد الله فمن ذلك أن أبا ذر وأبو ذر لاحظ المواقف المتعددة له في قضية النفع وعمل الخير والأسئلة حول الموضوع سالت النبي – صلى الله عليه وسلم - أي العمل افضل قال ( إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت : فأي الرقاب افضل ، قال : أعلاها ثمنا و أنفسها عند أهلها ، قلت : فإن لم افعل ، قال : تعين ضايعا أو تصنع لأخرق ، قلت : فان لم افعل ، قال : تدع الناس من الشر فإنها صدقة تتصدق بها على نفسك ) تعين ضايعا الضائع في الضياع الذي عنده فقراء وعيال والأخرق الذي لا صنعة له .
وفي الحديث إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع مظنة الإعانة كل واحد يتصدق عليه لكن الصانع فيه ناس عنده حرفة عنده مهارة لكن ما عنده أدوات تشتري له أدوات ما عنده محل تجهز له محلا لشهرته بصنعته قد يغفل عن إعانته .
أوجه النفع كثيرة جدا وكلما كان العمل انفع للعباد كان أفضل عند الله – سبحانه وتعالى – ليه كان الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال أي الناس أفضل ( مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله ) لان الجهاد يوصل به رب العالمين إلى الآخرين الدين والدعوة ويكون سببا في فتح البلاد ودخول الإسلام فيها ودخول الناس في الدين أفواجا وإذلال الكفر وحماية حوزة الدين وحفظ حرمات المسلمين ورعاية الثغور وحراسة الحدود .
ومما يتعدى نفعه أيها الإخوة الحراسة في سبيل الله ( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ) لأنهما لا تمسهما النار حرص الصحابة على الحراسة في سبيل الله لأنه عمل متعد نفعه للمسلمين لان فيه حراسة للمسلمين وكف الشر عن المسلمين .
في غزوة من الغزوات النبي – صلى الله عليه وسلم – نزل في شعب من الشعاب وقال ( من رجلان يكلآنا في ليلتنا هذه من عدونا ، فقال رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار : نحن نكلؤك يا رسول الله ) فخرجا إلى ثَمِ الشِّعْب ثم قال الأنصاري أتكفيني أول الليل و أكفيك آخره أم تكفيني آخره و أكفيك أوله فقال المهاجري : بل اكفني أوله و أكفيك آخره ، فنام المهاجري وقام الأنصاري يصلي فافتتح سورة من القران فبينما هو يقرأ إذ جاء زوج المرأة ، من هو زوج المرأة لابد نرجع للوراء في السيرة أغار المسلمين على قوم من المشركين وواحد من المسلمين أصاب امرأة لرجل من المشركين وكان الرجل غائبا فلما رجع بعدما انتهت الغارة أُخْبِرَ بما حصل لزوجته فهذا الرجل حلف أن لا يرجع حتى يهريق في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دما ، قام الأنصاري في الليل يصلي حارس يصلي الليل حراسة وقيام ليل فجاء زوج المرأة فلما رجل قائما عرف انه الذي يريده ربيئة القوم فينتزع له بسهم فيضعه فيه وهو قائم يقرأ في السورة التي هو فيها فلم يتحرك كراهية أن يقطعها ثم عادله زوج المرأة بسهم آخر فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو قائم يصلي ولم يتحرك كراهية أن يقطعها ثم عادله زوج المرأة الثالثة بسهم فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو يصلي انتزع السهم ووضعه ثم ركع فسجد ثم قال لصاحبة اقعد فقد أوتيت فجلس المهاجري فلما رآهما صاحب المرأة هرب وعرف انه قد نذر به علم به وإذا الأنصاري يموج دما من رميات صاحب المرأة فقال له اخوة المهاجري : يغفر الله لك ألا كنت آذنتني أول ما رماك ، فقال : كنت في سورة من القرآن قد افتتحتها اصلي بها فكرهت أن اقطعها و أيم الله لولا أن أضيع ثغرا امرني به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بحفظه لقطع نفسي قبل أن اقطعها . أنا مستعد أموت ولا اقطع سورة .
من أعظم العبادات المتعدية النفع أيها الإخوة إن لم تكن أعظمها على الإطلاق تعليم الناس العلم.. الدين.. الشريعة.. وثواب من علم الناس الخير عظيم جدا ومن ذلك أن له مثل ثواب من عمل بذلك العلم كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من علم علما فله اجر من عمل به لا ينقص من اجر العامل ) رواه ابن ماجه وهو حديث حسن . في البخاري ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) الجامع بين تعلم القران وتعليمه مكمل لنفسه مكمل لغيره في نفع ذاتي ونفع متعدي ولذلك داخل في قوله – تعالى – (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) .الدعاء إلى الله يقع في أمور ومن ذلك تعليم القران .
ضرب الرسول – صلى الله عليه وسلم – مثلا جميلا لهذا الذي يعلم الناس الخير كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فقبلت الماء وانبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت المكافأة للذي يعلم الناس العلم ويعلم الناس الخير كانت المكافأة عظيمة جدا حتى أن الله تعالى جعل أهل السماوات و أهل الأرض يستغفرون لمن يعلم الناس الخير والهم الله – تعالى – أنواع الحيوان الكبير والصغير منها من النملة إلى الحوت الاستغفار للعالِم فقال – عليه الصلاة والسلام – ( أن الله وملائكته و أهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) حديث حسن .
يا أخي كم نوع من السمك في البحار ؟ كم سمكة ؟ كم نوع من البهائم كم نوع من الحيوانات ؟ كم نوعا من الطيور ؟ كم واحد ؟ كلها تدعو لمن يعلم الناس الخير ، ليه ؟ لان نفعه يصل إلى الآخرين نفع متعدي يا جماعة فكروا في هذا الأمر والله العظيم إن هذا الحديث كاف جدا لتحميس ودفع الناس لتعليم الآخرين الخير علم تَعَلَّم وَعَلِّم لماذا كان العالِم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ؟ يا أخي النبي – عليه الصلاة والسلام – قال ( وان العالم ليستغفر له – كم واحد كم بليون ؟ - من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ) حديث صحيح .
لو قال قائل لماذا تستغفر الحيوانات للعالم ؟
فالجواب
أولا : كرامة من الله لمن حمل العلم الشرعي بين جنبيه .
ثانيا : أن نفع العالم قد تعدى حتى انتفعت به الحيوانات لان العالم يقول للناس : (حد شفرتك و أرح ذبيحتك) ولا تذبحها بحضرة الأخرى واسقها ماءا وارفق بها ( وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة ) ويقول للناس (في كل ذات كبد رطبة اجر) حتى لو سقيت قطا فلك اجر ، شكرت الحيوانات هذا التعليم النافع لها لهذا المعلم فألهمها الله الاستغفار له دائما ، أهل السماوات و أهل الأرض .
ولذلك فان العلم الشرعي التعلم والتعليم من أعظم العبادات ، سُئِل النووي : هل يجوز للمعتكف أن يقرا القران ويقرئه غيره وان يتعلم العلم ويعلمه غيره ؟ أجاب عن هذا فقال : يجوز ولا كراهة في ذلك في حال الاعتكاف وذلك أفضل من صلاة النافلة لان الاشتغال بالعلم فرض كفاية فهو افضل من النفل ولأنه مصحح للصلاة وغيرها من العبادات ولان نفعه متعد إلى الناس وقد تظاهرت الأحاديث بتفضيل الاشتغال بالعلم على الاشتغال بصلاة النافلة .
حدثني كاتب للشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – أن الشيخ كان يترك صيام النافلة في بعض الأيام ويقول: لأنه يضعفني عن القيام بحوائج الناس ، لأن الشيخ يأتيه المستفتون و أصحاب الحاجات و الشفاعات وغير ذلك من الناس يأتونه ، قال : يضعفني . الصيام نفعه للشخص والأعمال الأخرى المتعدية التي تنفع الآخرين .
ولذلك أجاب العلماء في مسالة رفع الصوت بالقران أيهما أفضل الإخفاء أم الجهر ؟ إذا كان ما في رياء فان رفع الصوت أفضل لان العمل فيه أكثر وفيه نفع متعد كما قال العلماء لأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم أو غافل وينشطه وهذه النيات إذا اجتمعت في هذا الشخص فإنه سيكون له نفع متعد إلى الآخرين .
أيها الإخوة إن هذا الموضوع يجيبنا على سؤال يتردد في أذهان الكثيرين من الأخيار وخصوصا أئمة المساجد في رمضان وغيره .هل البقاء يعلم الجماعة دين الله ويصلي بهم في مسجدهم في البلد أو القرية أو القبيلة أفضل أم الذهاب إلى مكة ؟
والجواب أن النفع المتعدي مقدم بالجملة على النفع القاصر فالأفضل أن يبقى مع الناس ويكتب له اجر المسجد الحرام بالنية كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( إن في المدينة رجالا ما سلكتم واديا ولا قطعتم شعبا إلا كانوا معكم ) يعني شاركوكم في الأجر ( قالوا : كيف وهم في المدينة ؟ قال : حبسهم العذر ) وهذا عذره شرعي ، فعلى طالب العلم الذي يكون في قرية ليس غيره يُعَلِّم فيها يحتاج الناس إليه فليستمر في عمله وان ينوي بقلبه انه لولا وجود هذا الواجب لذهب إلى المسجد الحرام واعتمر واعتكف وجاور ، أما إذا وجد من ينوب عنه في هذه المهمة فله أن يذهب وخير له أن لا يطيل الغياب .
الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – سُئل هل يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء حوائج المسلمين ؟ قال : نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان التلفون في المسجد الذي هو معتكف فيه لأنه لم يخرج من المسجد .
وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنيا بها فلا يعتكف أصلا إذا كان مسئول عن مستودع خيري مثلا يعني لان قضاء الحوائج أهم من الاعتكاف لان نفعها متعد والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مُهِمات الإسلام وواجباته يعني مثلا صلاة الفجر جماعة هي نفسها أصلا صلاة الفريضة لك أنت فهذا ما يمكن تضييعه بأي عمل آخر لكن النوافل المقارنة في النوافل النفع المتعدي أفضل ولذلك قال العلماء : أن الداعية إلى الله عمله عظيم لحديث ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) ( من دعا إلى هدي كان له من الآجر مثل من تبعه ) إذا القضية كبيرة . فيا أيها المشتغل بالدعوة في المدارس في المساجد في المكتبات في المخيمات في الأحياء يا أيتها المشتغلات في الدعوة في البيوت والمدارس والكليات المسالة مسالة عظيمة لماذا ؟ لان النفع متعدي وهذه وراثة الأنبياء
من العبادات المتعدية يا إخوان الآذان ، ولذلك كان فضله عظيما ( يغفر الله للمؤذن منتهى آذانه ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته ) حديث صحيح وفي رواية أخرى صحيحة ( وله مثل اجر من صلى معه ) فكيف بالإمام والخطيب المحتسب ايضاً الذي لا يأخذ اجره .