كريم حكيموف... اول سفير سوفيتي لدى المملكة العربية السعودية
تعتبر المملكة العربية السعودية قلب العالم العربي. وكان الاتحاد السوفيتي اول دولة غير عربية اعترفت بها. واقدمت الدولة السوفيتية على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة واشادت بدورالسعودية بصفتها موطنا للحرمين الشريفين.
طبعا هناك علاقات اقدم واعمق بين الدولتين والشعبين . علما ان آلاف من الحجاج كانوا يقومون كل سنة باداء فريضة الحج الى مكة المكرمة قادمين من روسيا . وكان طريق الحريرالمشهور يمر باراضي كل من روسيا والسعودية. لكن بالرغم من كل تلك العوامل فان العلاقات الروسية السعودية شهدت في بعض الاحيان مراحل صعبة ومعقدة. وكان كريم حكيموف رجلا اسهم كثيرا في تطوير تلك العلاقات في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين اذ انه شارك بصفته سفيرا مفوضا للاتحاد السوفيتي في قيام الدولة السعودية. وكان صديقا حميما للملك عبد العزيز آل لسعود مؤسس المملكة العربية السعودية، الامر الذي جعله شخصا محترما لدى النخبة السياسية السعودية والشعب السعودي.
ولد حكيموف عام 1892 في مقاطعة اوفا البشكيرية في عائلة اسلامية. وتلقى اول تعليم له في المدرسة الاسلامية المعروفة الواقعة في بلدة قرغله بمقاطعة اورينبورغ. ثم انتقل الى مدينة اوفا حيث التحق بمدرسة "غالية" الاسلامية. واكمل الدراسة في مدينة تومسك بسيبيريا حيث انهى المدرسة الثانوية الكلاسيكية.
بعد قيام الثورة في روسيا انتقل حكيموف الى معسكر الثوار وكان في عامي 1918 – 1919 عضوا في اللجنة الاسلامية الثورية العسكرية بمدينة اورينبورغ بجنوب شرق روسيا . وفي عام 1920 تم ترشيحه للعمل في السلك الدبلوماسي وتعيينه ممثلا مفوضا لجمهورية روسيا الاتحادية في بخارى. ثم انتخب سكرتيرا للجنة المركزية في الحزب الشيوعي في بخارى. وشغل حكيموف في اعوام 1921 – 1924 منصب القنصل العام لروسيا والاتحاد السوفيتي في مدينة مشهد الايرانية.
اعلن وزير الخارجية السوفيتي غيورغي تشيتشيرين عام 1922 ان الاتحاد السوفيتي اتفق مع ملك الحجاز على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقام كريم حكيموف في 9 اغسطس/آب عام 1924 بتسليم اوراق الاعتماد الى ملك الحجاز لكونه قنصلا عاما ومبعوثا دبلوماسيا للاتحاد السوفيتي في المملكة. وقام حكيموف عام 1924 باداء العمرة مما ساعده في كسب الثقة لدى النخبة السياسية السعودية.
وقام حكيموف عام 1927 بتنظيم توريد السكر والطحين من ميناء اوديسا السوفيتي الى جدة . واطلق اهالي المملكة على المواد الغذائية الواردة من الاتحاد السوفيتي تسمية "الموسكوبي" (اي من موسكو) لجودتها العالية.
في اعوام 1929 – 1932شغل منصب المبعوث المفوض للاتحاد السوفيتي في المملكة اليمنية ، ثم عاد الى موسكو ليدرس في معهد الاساتذة الحمر. وبعد انهاء المعهد عام 1935 تم تعيينه مبعوثا مفوضا للاتحاد السوفيتي في المملكة العربية السعودية. وقبل ذلك قام حكيموف بالتعاون مع نظير تورياكولوف سفير الاتحاد السوفيتي في السعودية آنذاك بتنظيم زيارة ولي العهد السعودي الامير فيصل بن عبد العزيز آل سعود لموسكو.
في يوليو/تموز عام 1937 تم اعتقال صديقه نظير تورياكولوف الذي اعدم فيما بعد في موسكو. وفي 6 سبتمبر/ايلول استدعي حكيموف الى موسكو حيث اعتقل ايضا، ثم اعدم رميا بالرصاص في 10 يناير/كانون الثاني عام 1938.
يذكر ان الملك عبد العزيز آل سعود اقترح على حكيموف منحه اللجوء السياسي في السعودية بعد تلقيه برقية من موسكو تطلب عودته الفورية الى الاتحاد السوفيتي . لكن حكيموف رفض هذا الاقتراح.
وفي عام 1938 اتخذ ملك السعودية قرارا بعدم استقبال سفيرسوفيتي جديد وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي احتجاجا على اعدام صديقيه كريم حكيموف ونظير تورياكولوف.
اما ستالين فقام في 13 ابريل/نيسان عام 1938 ردا على ذلك باغلاق البعثة الدبلوماسية السوفيتية في جدة.
الجدير بالذكر ان الملك عبد العزيز وجه عام 1943 مستشاره الى القاهرة حيث افتتحت سفارة الاتحاد السوفيتي ليتأكد من مصير صديقيه حكيموف ونظير تورياكولوف. ومستشارالملك هو المستشرق البريطاني جون فيلبي والد كيم فيلبي العميل الاستخباراتي السوفيتي المعروف.
التعديل الأخير: