شرح حديث كلكم راع
-------------------------
من كمال الدين أنه اهتم بجميع مجالات الحياة التي يحتاجها الإنسان، ومن ذلك أنه أوجب على كل إنسان القيام بالمسئولية التي أنيطت به بحسب موقعه ومكانته، وقد اشتمل حديث: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) على جانب كبير من ذلك، بحيث ألقى المسئولية على كل مكلف فيما هو تحت رعايته، وبالتالي حمله إثم التقصير في رعاية ما استرعاه الله عليه.
.......................................
مسئولية الإمام عن رعيته
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وبعد: فالكلام في هذه الليلة سيكون على الحديث المشهور، الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) رواه البخاري و مسلم . فهذا الحديث المتفق عليه يعطينا أهمية هذه الرعاية، حيث بدأها بعموم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وختمها بالعموم: (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وفصل فيما بين ذلك بذكر أربعة: بذكر الإمام، والرجل على أهل بيته، والمرأة في بيت زوجها، والرجل في مال أبيه، وهذا كنموذج أو مثال لمن عليه رعاية، فيبين صلى الله عليه وسلم هذه الرعاية التي لها أهميتها. فنحب أن نذكر كلاماً على هؤلاء الأربعة الذين ذكروا في الحديث، ثم إذا كان في الوقت سعة، ذكرنا بعض من يلحق بهم ممن هم مؤتمنون على أمر من الأمور الخاصة أو الأمور العامة، حيث إنه صلى الله عليه وسلم عمم أولاً وآخراً، وذلك دليل على أن كل فرد من المسلمين ذكراً أو أنثى فإنه راع. ......
.......................................
-------------------------
من كمال الدين أنه اهتم بجميع مجالات الحياة التي يحتاجها الإنسان، ومن ذلك أنه أوجب على كل إنسان القيام بالمسئولية التي أنيطت به بحسب موقعه ومكانته، وقد اشتمل حديث: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) على جانب كبير من ذلك، بحيث ألقى المسئولية على كل مكلف فيما هو تحت رعايته، وبالتالي حمله إثم التقصير في رعاية ما استرعاه الله عليه.
.......................................
مسئولية الإمام عن رعيته
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وبعد: فالكلام في هذه الليلة سيكون على الحديث المشهور، الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) رواه البخاري و مسلم . فهذا الحديث المتفق عليه يعطينا أهمية هذه الرعاية، حيث بدأها بعموم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وختمها بالعموم: (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وفصل فيما بين ذلك بذكر أربعة: بذكر الإمام، والرجل على أهل بيته، والمرأة في بيت زوجها، والرجل في مال أبيه، وهذا كنموذج أو مثال لمن عليه رعاية، فيبين صلى الله عليه وسلم هذه الرعاية التي لها أهميتها. فنحب أن نذكر كلاماً على هؤلاء الأربعة الذين ذكروا في الحديث، ثم إذا كان في الوقت سعة، ذكرنا بعض من يلحق بهم ممن هم مؤتمنون على أمر من الأمور الخاصة أو الأمور العامة، حيث إنه صلى الله عليه وسلم عمم أولاً وآخراً، وذلك دليل على أن كل فرد من المسلمين ذكراً أو أنثى فإنه راع. ......
.......................................
معنى الرعاية
معلوم أن الراعي هو الذي عنده رعية، أي: تحت يده رعية، فيقال له: راع لهذه الرعية. وأصل الرعاية: هي رعاية البهائم وحفظها عما يفتك بها من السباع ونحو ذلك، إذا كانت ترعى من النبات ونحوه، قال الله تعالى: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ [طه:54] أي: لتذهبوا بها لترعى، أي: لتأكل من هذا النبات، ويقول الشاعر: ومن رعى غنماً في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد فالراعي هو الذي يراقب الرعية، والأصل في بهيمة الأنعام أنها تحتاج إلى من يرعاها، أي: من يحفظها، فيرسلون إليها راعياً، أي: إنساناً مؤتمناً على هذه الدواب، يرسلونه معها حتى يحفظها، فيسيمها في النبات، ويراقبها عن الضياع، ويحفظها عن السباع، ويؤتمن عليها إلى أن يردها إلى أهلها، فيسمى راعياً، ثم أطلق على كل من يؤتمن على رعية من الرعايا. وهم في هذا الحديث من البشر، أي: المسئول عنهم إنسان موكل عليهم، ورئيس يرأسهم، فيسمى راعياً، ويسمى من تحته رعية له، فأخبر صلى الله عليه وسلم من حيث العموم بأن كل إنسان لابد أنه راع ولو على نفسه أو أهله، ولو على ولده أو امرأته أو ما أشبه ذلك، وإذا كان كذلك فإن عليه حفظ هذه الرعية ومراقبتها، والإتيان بكل ما فيه مصلحتها، وكذلك -أيضاً- يشعر بأنه مسئول عن هذه الرعية، وهذا السؤال إنما يكون حقاً في الدار الآخرة، وقد تكون هناك مسئولية في الدنيا إذا كان فوقه من يناقشه ويسأله، فإن الغالب أن كل رئيس فإنه مرءوس، وفوقه من يسأله عن هذه الرعية التي استرعي عليها، فعليه أن يستحضر هذه المسئولية. والسؤال إذا كان في الآخرة فإنه يكون من الله تعالى، ولابد أن يكون ذلك السؤال سؤال مناقشة عن هذه الرعية: لماذا أهملتها؟ ولماذا أضعت من اؤتمنت عليه؟ ولماذا لم تنصح لها؟ ولماذا لم تولها حق الحفظ وحق المراقبة؟ فهذه المناقشة لابد أن يعد لها جواباً، فكل سؤال يحتاج إلى جواب، والأسئلة كثيرة، والناقد بصير.
.......................................
معنى الإمامة
فنقول أولاً: بدأ صلى الله عليه وسلم بالإمام، وكلمة (الإمام) يراد بها كل من هو قدوة مؤتم به، أي: أنه قائد لغيره، وأن الناس يقتدون به ويأتمون بأفعاله، ولذلك يسمى كل القادة أئمة، سواء كان الاقتداء بهم في الخير أو في الشر، قال الله تعالى في أهل فرعون: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص:41] فسماهم أئمة مع أنهم يقتدى بهم في النار، وقال تعالى في ذرية إبراهيم: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ [الأنبياء:73]؛ فأخبر بأنهم أئمة يقتدى بهم في الخير، وقال في بني إسرائيل: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا [السجدة:24]. وحكى الله تعالى عن المؤمنين أنهم دعوا وقالوا في دعائهم: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74] أي: قدوة في الخير يؤتم بنا فيما هو خير وما هو من أسباب التقوى، للمتقين خاصة، وقوله: (إماماً)، أي: أئمة. وكذلك قال الله تعالى لإبراهيم: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [البقرة:124]، فأخبر بأنه جعله للناس إماماً، أي: قدوة يقتدى به في الخير، ولذلك سأل ربه فقال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124]، فهكذا أخبر بأنه جعله للناس إماماً، والإمام هو القدوة، وهو معنى قوله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النحل:120] يعني: قدوة في الخير يقتدى به.
.......................................
رعاية الإمام لرعيته ومسئوليته عنهم
فالإمام في قوله صلى الله عليه وسلم: (الإمام راع، وهو مسئول عن رعيته)، يعم كل من كان إماماً، أي: قدوة يقتدى به، فإذا كان كذلك فإن عليه أن يهتم بمن هو راع عليهم، ومن هو مسئول عنهم من الرعية، فهكذا يكون الراعي. الإمام العام الذي يتولى رعية المسلمين هو خليفة المسلمين وإمام عام لهم، ولا شك أن رعايته آكد، وأن مسئوليته آكد، وأن عليه أن يحرص على الرعية الذين هم تحت ولايته وتحت مسئوليته، فيسير فيهم السيرة الحسنة التي هي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي هي سيرة الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم والسير على نهجهم في قوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ). هكذا أرشد إلى سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، واتفق الأئمة على أنهم الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وقد أكثر العلماء من ذكر سِيرهم وسَيرهم، ومن ذكر أعمالهم الصالحة التي يقتدى بها في الأعمال الخيرية، مما يدل على أنهم أسوة وقدوة لمن جاء بعدهم من الأئمة، ليقتدي بهم، ويسترشد بإرشاداتهم ويسير على نهجهم كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره هذا أمر للخاصة والعامة، وليس الأمر خاصاً بالولاة ولا بالأئمة الكبار ولا بالخلفاء ولا بالملوك، بل هو عام لكل من سمع هذا الحديث من الأمة فإنه مأمور بأن يقتدي بهم. ولا شك أن أولى من يقتدي بهم خلفاء الأمة المسلمون، ولاة أمور المسلمين، الذين ولاهم الله تعالى دولاً تفتخر بأنها مسلمة، وتدين بالإسلام، وتأتي بالشهادتين، وتقتدي ظاهراً بتعاليم الإسلام، فإن عليهم أن يكون قدوتهم محمداً صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين الذين هداهم الله تعالى وسدد خطاهم، وساروا في رعاياهم سيرة حسنة، يضرب بعدلهم المثل، فهكذا يكون الأئمة، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن من خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وإن من شرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)، نعوذ بالله أن ندرك هذه الحال! فهكذا أرشد صلى الله عليه وسلم إلى أن الإمام راع، وأنه مسئول عن رعيته.
معلوم أن الراعي هو الذي عنده رعية، أي: تحت يده رعية، فيقال له: راع لهذه الرعية. وأصل الرعاية: هي رعاية البهائم وحفظها عما يفتك بها من السباع ونحو ذلك، إذا كانت ترعى من النبات ونحوه، قال الله تعالى: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ [طه:54] أي: لتذهبوا بها لترعى، أي: لتأكل من هذا النبات، ويقول الشاعر: ومن رعى غنماً في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد فالراعي هو الذي يراقب الرعية، والأصل في بهيمة الأنعام أنها تحتاج إلى من يرعاها، أي: من يحفظها، فيرسلون إليها راعياً، أي: إنساناً مؤتمناً على هذه الدواب، يرسلونه معها حتى يحفظها، فيسيمها في النبات، ويراقبها عن الضياع، ويحفظها عن السباع، ويؤتمن عليها إلى أن يردها إلى أهلها، فيسمى راعياً، ثم أطلق على كل من يؤتمن على رعية من الرعايا. وهم في هذا الحديث من البشر، أي: المسئول عنهم إنسان موكل عليهم، ورئيس يرأسهم، فيسمى راعياً، ويسمى من تحته رعية له، فأخبر صلى الله عليه وسلم من حيث العموم بأن كل إنسان لابد أنه راع ولو على نفسه أو أهله، ولو على ولده أو امرأته أو ما أشبه ذلك، وإذا كان كذلك فإن عليه حفظ هذه الرعية ومراقبتها، والإتيان بكل ما فيه مصلحتها، وكذلك -أيضاً- يشعر بأنه مسئول عن هذه الرعية، وهذا السؤال إنما يكون حقاً في الدار الآخرة، وقد تكون هناك مسئولية في الدنيا إذا كان فوقه من يناقشه ويسأله، فإن الغالب أن كل رئيس فإنه مرءوس، وفوقه من يسأله عن هذه الرعية التي استرعي عليها، فعليه أن يستحضر هذه المسئولية. والسؤال إذا كان في الآخرة فإنه يكون من الله تعالى، ولابد أن يكون ذلك السؤال سؤال مناقشة عن هذه الرعية: لماذا أهملتها؟ ولماذا أضعت من اؤتمنت عليه؟ ولماذا لم تنصح لها؟ ولماذا لم تولها حق الحفظ وحق المراقبة؟ فهذه المناقشة لابد أن يعد لها جواباً، فكل سؤال يحتاج إلى جواب، والأسئلة كثيرة، والناقد بصير.
.......................................
معنى الإمامة
فنقول أولاً: بدأ صلى الله عليه وسلم بالإمام، وكلمة (الإمام) يراد بها كل من هو قدوة مؤتم به، أي: أنه قائد لغيره، وأن الناس يقتدون به ويأتمون بأفعاله، ولذلك يسمى كل القادة أئمة، سواء كان الاقتداء بهم في الخير أو في الشر، قال الله تعالى في أهل فرعون: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص:41] فسماهم أئمة مع أنهم يقتدى بهم في النار، وقال تعالى في ذرية إبراهيم: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ [الأنبياء:73]؛ فأخبر بأنهم أئمة يقتدى بهم في الخير، وقال في بني إسرائيل: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا [السجدة:24]. وحكى الله تعالى عن المؤمنين أنهم دعوا وقالوا في دعائهم: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74] أي: قدوة في الخير يؤتم بنا فيما هو خير وما هو من أسباب التقوى، للمتقين خاصة، وقوله: (إماماً)، أي: أئمة. وكذلك قال الله تعالى لإبراهيم: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [البقرة:124]، فأخبر بأنه جعله للناس إماماً، أي: قدوة يقتدى به في الخير، ولذلك سأل ربه فقال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124]، فهكذا أخبر بأنه جعله للناس إماماً، والإمام هو القدوة، وهو معنى قوله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً [النحل:120] يعني: قدوة في الخير يقتدى به.
.......................................
رعاية الإمام لرعيته ومسئوليته عنهم
فالإمام في قوله صلى الله عليه وسلم: (الإمام راع، وهو مسئول عن رعيته)، يعم كل من كان إماماً، أي: قدوة يقتدى به، فإذا كان كذلك فإن عليه أن يهتم بمن هو راع عليهم، ومن هو مسئول عنهم من الرعية، فهكذا يكون الراعي. الإمام العام الذي يتولى رعية المسلمين هو خليفة المسلمين وإمام عام لهم، ولا شك أن رعايته آكد، وأن مسئوليته آكد، وأن عليه أن يحرص على الرعية الذين هم تحت ولايته وتحت مسئوليته، فيسير فيهم السيرة الحسنة التي هي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي هي سيرة الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم والسير على نهجهم في قوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ). هكذا أرشد إلى سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، واتفق الأئمة على أنهم الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وقد أكثر العلماء من ذكر سِيرهم وسَيرهم، ومن ذكر أعمالهم الصالحة التي يقتدى بها في الأعمال الخيرية، مما يدل على أنهم أسوة وقدوة لمن جاء بعدهم من الأئمة، ليقتدي بهم، ويسترشد بإرشاداتهم ويسير على نهجهم كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره هذا أمر للخاصة والعامة، وليس الأمر خاصاً بالولاة ولا بالأئمة الكبار ولا بالخلفاء ولا بالملوك، بل هو عام لكل من سمع هذا الحديث من الأمة فإنه مأمور بأن يقتدي بهم. ولا شك أن أولى من يقتدي بهم خلفاء الأمة المسلمون، ولاة أمور المسلمين، الذين ولاهم الله تعالى دولاً تفتخر بأنها مسلمة، وتدين بالإسلام، وتأتي بالشهادتين، وتقتدي ظاهراً بتعاليم الإسلام، فإن عليهم أن يكون قدوتهم محمداً صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين الذين هداهم الله تعالى وسدد خطاهم، وساروا في رعاياهم سيرة حسنة، يضرب بعدلهم المثل، فهكذا يكون الأئمة، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن من خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وإن من شرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)، نعوذ بالله أن ندرك هذه الحال! فهكذا أرشد صلى الله عليه وسلم إلى أن الإمام راع، وأنه مسئول عن رعيته.