أقدم محارب سودانى على قيد الحياة

إنضم
20 أكتوبر 2010
المشاركات
52
التفاعل
8 0 0
الجمل الاعتراضية التي باللون الاحمر من اضافتي للمقال الاصلي لشرح العامية السودانية التي يتحدث بها المحارب
أقدم محارب سودانى على قيد الحياة
(1-2)الشاويش عوض: مائة عام وثلاث اعوام من الحياة
على باب منزلهم العامر بمدينة امدرمان،استقبلنى الشاويش عوض بسنوات عمره المائة وثلاثة(مولود فى العام 1909) ،فى جلباب ناصع بياضه،وابتسامه صافية لم تشوش عليها اسنان سقطت بفعل الزمان،بحزم قال :كنت ماشى مشوار لو اتأخرت دقيقة ما كان لقيتنى،انه ضبط العسكرية الذى مازال ملتزما به،كما لازال فى تمام صحته يزاور الاهل والعشيرة لا ينقطع عنهم،عاد لصحن البيت ولحديث وذكريات عمرها مائة عام من الشجاعة،فالشاويش عوض ادريس محمد احمد هو اخر من تبقى من قوة دفاع السودان على قيد الحياة.
نبدأ من هناك؟ *ميلادك بقرية جلاس بالولاية الشمالية،
اعتدل فى جلسته وقال ،الحرب لخبطت لى رأسى،أعذرنى إن سهوت او قدمت و أخرت فى سردى،أنا أبوى مات قبل ميلادى بشهر،ماشفتو يعنى،ربانى عمى اسمو محمد بابكر،ومن ثم تزوجت أمى من صديق لوالدى،تزوجها برا بصداقته لوالدى،فقام بتربيتى فيما بعد، رحلنا للخرطوم سنة 1910 تقريبا،زوج أمى اسمه محمد عمر.
*ألم تدرس خلوة،كتاب أو ...؟
لا ، مادرست،جينا الخرطوم بحري وسكنا فى أحد أحيائها،بعدين بحرى الزمن داك بيوتها تنحسب بالعدد ، كان عندى اهلى ساكنين فيها جينا رحلنا جنبهم ، البيوت كلها كان على البحر أشبه بقرية وليست هناك ملامح مدينة،زوج أمى قال لأهلى الولد دا انا سوف اقوم بتربيته زى ولدى ما تخافوا عليهو،هو كان مفكر يشتغل فى الابيض (كبرى مدن غرب السودان) لأن الخرطوم بحرى ماكان فيها متسع للرزق،وفعلا سافرت معاهم الابيض سكنا فى محطة اسمها العين تبعد حوالى كيلو متر من مدينة الابيض عمل خلالها زوج أمى فى تقطيع الأخشاب لمصلحة السكة حديد حيث كان القطار يشتغل بالفحم،وأنا ذاتى اشتغلت فى تقطيع الأخشاب فى بواكير حياتى،كانت تشكل لنا مصدرا مهما للدخل.
*ماقريت (درست) يعنى؟
لا درستنى الدنيا ، بعدين أنا جاييك فى النضم (الكلام).
*إتفضل.
بدرى قبل الخشب اشتغلت بيع تمر فى جلاس ،عندى فكرة فى التجارة،فقررت ان أعمل تاجرا،والدتى كانت تفضل ان اتجه للدراسة فكلمت زوجها انو نرحل الابيض عشان أدرس،هو قال ليها عندى صاحبى هناك اقعدوا مع أسرته،فرفضت ان نكون ضيوفا عند آخرين فمكثنا فى العين زمنا طويلا ، وكان بعد فترة وافق نرحل الابيض،أحس بانى هنا بضيع فى الخلاء (عكس المدينة) دا ساى(بدون فائدة) وفعلا رحلنا الابيض والوقت داك كبرتا خلاص.
*أين سكنتم فى الأبيض وهل عملت بالتجارة؟
أجرنا بيت بالقرب من سوق الابيض وبديت أفرش البضائع بالقرب من احدى قرى الابيض،لحدى ماعملت دكان كان مشهور باسم دكان الشايقى (اسم قبيلة في شمال السودان) ،الوقت داك لم أفكر بالعسكرية ،ولكن حدث أمر ما جعلنى اتجه للجيش،واسمه قوات دفاع السودان حينها وذلك فى منتصف الثلاثينيات.
*حصل شنو؟
فى الدكان ،كانن بنات الحى بيجن يشترن حاجاتهن،ومن ضمنهن كانت تأتى (بلولة) فتاة فى كامل حسنها وهيبتها ووقارها،عشقها قلبى فى صمت،ودخلت فى نفيستى،لكن نظرا للتقاليد لم أفاتحها فى الأمر،لمن البنات المعاها شعرن بالموضوع،وبقن يكاونها بالغناء ويرددن:
الشايقى شقى حالو
يابلولة كفى مالو
انتى جنيتى ودرب العشرة فاتح ليكى.
وكانت بلولة تجاريهن بالرد قائلة:
الشايقى شقى حالو
نحنا جميع قبلانين
عوازلى تعبان مالو
*وعقب؟
الاغنية انتشرت وبقت حديث البلد،وأهلها ماقبلوا اشتكونى للعمدة وجاء اتكلم معاى قال لى النضم (الكلام) دا حدو هنا ما يزيد ،انا بقلبى قلت الله فكانى (تخلص) ، ما كنت داير (عايز) أسوى مشاكل وأركز على دكانى وبس.
?وبعدين؟
البنات بقن يستفزن فى بلولة، واذكر انو كان عندهم مناسبة فى البيت ،وقد شغفنا حبا ،فقام رسلت لى (رحط)(الرحط قطعة ملابس مثل الاسكيرت تلبسنها البنات قبل الزواج) مع صاحبتها وقالت ليها قولى للشايقى كان ما جيت مناسبتنا ألبس الهدم دا، الموضوع استفزانى شديد وبى هناك محذرنى رسمى ما أجى جنب حلتهم ساكت ،غايتو يوم المناسبة دا انسحبت بالليل شلت سكينى وعكازى وفجيت القش (فتحت طريق) ودخلت بيت اللعبة (الرقص في غرب السودان يسمونه اللعب) ، الحفلات زمان بسموها اللعبة ما زى زمنكم الحسى (الان) دا،البنات بيقيفن صف والرجال قصادهن وكل زول بيدى زولو شبال (طريقة معينة لتحية البنت للشاب اثناء الرقصة بشعرها) ،غايتو دخلت وبلولة شافتنى قام قالت لى اختها امسكى الدلوكة (الطبلة ) وغنى،اختها رفضت،قامت بقت تغنى براها (لوحدها) وانا نزلت الدارة (ساحة الرقص)،هزيت فوق الجماعة ،لما شافتنى جات أدتنى الشبال وقالت لى انت جيت للموت وأنا جاهزة للموت ،طوالى مرقت (اخرجت)سكينتى وقطعت يدى تلاتة قطعات وكنت مفكر ابعج (اطعن)بطنى لكن ابوها جاء مسكنى وودانى لى العمدة،العمدة رسل ليها قال ليها جيبى بارود وختى ليهو فى الجرح طبعا كان عندو فهم.
*والبارود فى الجرح أحر من الجرح ذاته؟
طبعا،داير يشوفنى راغب بالجد وللا ساى،انا بعاين وهى تدعك فى الجرح،امانة عليك ماشعرت بى شئ،منها شلت عكازى ومشيت البيت،لكن قررت تانى ما أمشى ،عشان ما أحرجها،وقررت أدخل الجيش ،الزول وقت يبقى عسكرى مافى عوجة بتجيهو تانيا قلت أبعد من المشاكل.
*ومشيت بارا(مدينة شمال الابيض)؟
ايوه اتجندت هناك،المعسكر سنة كان ماسكنا ضابط اسمو عبد الله بابكر سنة 1934 واتخرجت جندى بالنمرة 12080 ببلوك (اعتقد سرية او كتيبة) هجانة (راكبي الجمال) ،ومنها اخذت فترة فى الابيض وبارا قبل ان تندلع الحرب العالمية .
*قبل ان ندخل فى أجواء الحرب،علمت انك تزوجت بلولة فيما بعد؟
فعلا،شاءت الاقدار ان تصبح زوجتى الاولى،تزوجت بعدها مرتين،ولم أنجب منها ،لقد توفيت بعد ست سنوات من زواجى بها، يا ولدى كلما ذكرتها بتجينى شحة فى قلبى..رحم الله بلولة.
*إذا.. فلنعد للحرب والقتال؟
جاتنا تعليمات بالسفر الى كرن (مدينة في غرب اثيوبيا) ،كان الطليان ، حاجة اسمها الطليان بتعرفها.

في الحلقة الثانية يتحدث عن تجربته في الحرب العالمية الثانية
 
رد: أقدم محارب سودانى على قيد الحياة - الجزء الثاني

الجزء الثاني:
أقدم محارب سودانى على قيد الحياة (2-2)«... » هكذا قتلت الضابط البريطاني والجاسوس اليهودي
01051433113258IBR_9032_fmt.gif
حوار:حسام الدين ميرغني - تصوير:ابراهيم حامدعلى باب منزلهم العامر بمدينة امدرمان،استقبلنى الشاويش عوض بسنوات عمره المائة وثلاثة(مولود فى العام 1909) ،فى جلباب ناصع بياضه،وابتسامه صافية لم تشوش عليها اسنان سقطت بفعل الزمان،بحزم قال :كنت ماشى مشوار لو اتأخرت دقيقة ما كان لقيتنى،انه ضبط العسكرية الذى مازال ملتزما به،كما لازال فى تمام صحته يزاور الاهل والعشيرة لا ينقطع عنهم،عاد لصحن البيت ولحديث وذكريات عمرها مائة عام من الشجاعة،فالشاويش عوض ادريس محمد احمد هو اخر من تبقى من قوة دفاع السودان على قيد الحياة.*نعم..القوات الايطالية تقصد؟ايوه،كانوا بيهجموا، فكرتهم يدخلوا السودان من الحدود الشرقية،اتحركنا بالعربات من بارا ووصلنا بعد ثلاثة ايام ،جبال وصحارى وتعب شديد،الماهية كانت 120 (قرش) لكنها كتيرة كنت بخليها يصرفوها ناس أمى هنا،مشيت الحرب ،كنت متخصص فى الاستكشاف وهو بلغة اليوم الاستخبارات والتنشين والمدفع المورتر، لما وصلنا القائد أدانى عشرين عسكرى بى ضباطهم انا مسؤول منهم ،انكبسنا فى كوبرى وقمنا بطردهم من المنطقة فى بسالة نادرة،باختصار لما الحرب انتهت رجعت بى خمسة نياشين وانواط جدارة( (نجمة أفريقيا وميدالية الحرب وميدالية الدفاع وميدالية الخدمة الطويلة الممتازة وميدالية الخدمة السودانية وميدالية حسن السلوك ونيشان الصليب الأحمر).*وانفض الصراع الى مطاردة على ساحل البحر الاحمر؟قال ضاحكا..انت كنت معانا؟ ويصل حديثه،فعلا استمرينا فى مطاردتهم هم بالبحر ونحنا بالبر لحدى ما وصلنا الحدود المصرية لفينا جيناهم بساحل ابوقير قبل ما يدخلوا البحر المتوسط ويمشوا روما،هناك استطعنا نأسرهم ونستحوذ على الباخرة والمؤن وتم ترحيل الاسرى والغنائم الى الخرطوم،منها جاتنا تعليمات نجى عن طريق ليبيا ،بعدين اقول ليك حاجة.?قول؟الدنيا دى كلها كان واحد لا فى حدود لا حاجة،تمشى محل ما داير التقسيم دا جاء لاحقا،عشان كدا فى تداخل وتقارب بين شعوب ليبيا ومصر والسودان ،كل زول تلقى عندو باقى اهل فى البلد التانية.*ومشيتوا ليبيا؟مشينا بداية سنة 41 لنمر عبرها الى بارا،المسافة اقرب بى هناك،اثناء تحركنا وجدنا جلبة فى مدينة بنغازى،وباعتبارى مسؤول الاستخبارت وقفت القوة قلت ليهم أمشى أشوف ليك الحاصل شنو وارجع.*العم عوض،قيل ان فنانين مثل حسن عطية والفلاتية واحمد المصطفى شاركوا سنة 40 فى رفع الروح المعنوية للجنود قبل معركة كرن؟انا ماشفتهم يمكن يكونوا فى الخطوط الخلفية نحنا كنا قدام،بعدين داك ما وقت فنانين.احتمال يكونوا جو لانو بعد وصولنا طلعت اغانى زى كرن السلاح رطن وابقى قمره فى القطر قالوا دي غنوها ناس الفلاتية لناس الجيش جنب كرن.*حدثت اثناء وجودكم فى ليبيا ،بطولة لازال يذكرها لك اهل ليبيا،قتلك للضابط الانجليزى ؟لما مشيت اشوف اللمة الحاصلة شنو لقيت خيمة بتاعت عرس،والنسوان بدل ما يزغردن لقيتهن بيبكن،عملت نفسى داير اسأل من دكان،قامت واحدة كبيرة فى السن جاطت فوقى قالت انتو ياسوادنة فالحين تسألوا الدكان وين وين وانخرطت فى بكاء حاد،اقتربت منها،ما أدس عليك كلامها زعلنى شديد لكن قلت برضو افهم الحاصل فعرفت انه ضابط انجليزى برتبة بريقدار جاء الخيمة وساق ابنتها العروس من حفل حنتها وهددهم بالسلاح ودخل بها الخيمة،وقالت انه قال الداير يموت يجى لاحقنى،فقلت لها :انتى ياحاجة عمرك كم،فقالت كتير قلت ليها من الله خلقك سمعت بى انجليزى ساق سودانية قالت لا ،قلت ليها انا بدخل ليهو وزول يجى وراى مافى.*وماذا بعد؟للامانة لما دخلت وجدت العروس تقاوم فى الضابط بشدة وحتى لاويه ليهو يدو ،طوالى خبطتوا بى ثلاث طلقات ارديته قتيلا،طلبت من النساء عدم الدخول ،العساكر سمعوا الضرب جوا هاجمين النساء وروهم الحصل شنو،فقام قائدى يلومنى كيف تقتل انجليزى وضابط كمان..فاخبرته بما حدث وشكلت لى محكمة فى طرابلس.*................؟اثناء المحكمة تم اخذ شهادة النساء الليبيات والعروس فحكين ماحدث وبررت فعلتى باني (أنا سوداني أفريقي عربي مسلم وهذه الفتاة أختي في العروبة والدين) واخبرت القاضى العسكرى بان والدى كان حرسا لجاكسون باشا وقتل بسببه فى شمال السودان وان السلوك الذى جاء به الضابط لا يشبه الانجليز فنحن نعرفهم جيدا ..ما يفعلونه ولا يفعلونه.التحريات اثبتت ان الضابط المقتول هو جاسوس يهودى فى الجيش الانجليزى وتمت تبرئتى ومنحى شهادة شجاعة وعرفان (نيشان شرف)من انجلترا والصحافة صورتنى واحتفلت بى فى انجلترا.*عم عوض لماذا تركت الجيش والتحقت بمصلحة الفنادق؟تركت الجيش قبل الاستقلال ،وعملت بالزراعة فى قريتى قبل ان التحق بمصلحة الفنادق والسياحة وعملت فى فندق السودان وصادف ان جاء العقيد على عبد الله صالح الرئيس اليمنى السابق حينها فى زيارة رسمية للسودان وطلب من ناس المراسم ترشيح سودانى للعمل معه فى قصره بصنعاء ،ورشحونى ليهو لخلفيتى العسكرية وانضباطى كنت مسؤولا عن ملبسه ومشربه ومأكله من سنة 77 الى 1979 كان لا يثق فى المقربين منه لذا طلبنى للعمل منه،وحتى لفترة قريبة كنت على تواصل معه،بالمناسبة هو تربى فى بورتسودان وحكى لى كثيرا عن تفاصيل حياته ودراسته بابوحشيش وهو رجل لا ينسى الناس مهما طال الزمن.وبعدها؟تفرغت لتربية اولادى والعمل بطاحونتى فى حى البنك العقارى بامدرمان،طبعا بعد بلولة تزوجت مرة ثانية والزواج الاخير كان من زوجتى الراحلة فاطمة محمد صالح والدة ابنائى الثمانية ،عبد اللطيف واخوانه واحمد الله احفاد احفادى شفتهم .*تكريم القوات المسلحة لك فى مناسباتها ومنحك معاشا مؤخرا بتوجيه من وزير الدفاع؟انا علاقتى بالجيش لم تنقطع،ولو عندى حيل برجع تانى اشتغل فى الجيش،العسكرية فخر لا يضاهى،ناس الحرس الجمهورى بدعونى دائما لاحتفالتهم ويكرمونى،واشكر القوات المسلحة ووزير الدفاع بمنحى معاشا باعتبارى من قدامى المحاربين وآخر مقاتل على قيد الحياة من الذين شاركوا فى الحرب العالمية الثانية ضمن قوات دفاع السودان.
 
عودة
أعلى