- إنضم
- 20 أكتوبر 2010
- المشاركات
- 1,732
- التفاعل
- الدولة
في أواخر شهر كانون الثاني يناير الماضي، أعلنت الهند أنها اختارت طائرة Rafale الفرنسية التي تصنعها شركة Dassault Aviation كفائزة في برنامج MRCA الذي يرمز الى عبارة طائرة قتال متعددة الأدوار. وتبلغ القيمة المفترضة للعقد نحو 4.10 مليار دولار حسب المصادر الفرنسية، وذلك لتزويد الهند ب 126 طائرة من هذا النوع على مدى السنوات المقيلة. وستسد ال Rafale حاجة القوات الجوية الهندية لمقاتلة تحل محل طائرات MiG 21 المتقادمة وطرازات أخرى تعود الى حقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وستعمل الى جانب طائرات سو - 30 أم كا آي Su - 30 MKI الروسية وLCA الخفيفة التي تطورها الصناعات الجوية الهندية بمساعدة شركات عالمية عدة.
وجاء هذا الإعلان لينهي من ناحية مبدئية سنوات من المنافسة الشرسة بين أهم شركات صناعة الطيران في العالم. فكانت ست شركات تنافست للفوز بهذا العقد شملت طائرة "MiG 35" الروسية من صنع شركة Mikoyan، وفالكون أف 16 التي تصنعها "Lockheed Martin" الأميركية، وهورنت أف 18 التي تصنعها Boeing، و"Gripen" التي تنتجها "Saab" السويدية، و"Eurofighter Typhoon" التي يصنعها كونسورسيوم أوروبي، وأخيرا طائرة "Rafale". وبعد اجراء اختبارات وتقديم عروض من الشركات المتنافسة، بقي بعد التصفية الأولى كل من طائرتيTyphoon الأوروبية وRafale الفرنسية، التي فازت كما سبق واشرنا. وتبين أن سعر الأخيرة يقل بمقدار 4 الى 5 ملايين دولار لكل طائرة بالمقارنة مع Typhoon.
وأشارت مصادر هندية ان العقد النهائي سيوقع في السنة المالية الهندية المقبلة التي تبدأ في نهاية آذار/مارس المقبل، حيث يخطط سلاح الجو الهندي لشراء ما مجموعه 126 طائرة Rafale على مدى السنوات العشر المقبلة. وستقوم Dassault Aviation بتصنيع أول 18 طائرةً في مصانع Bordeaux - Merignac في فرنسا في غضون ثلاث سنوات،على أن تصنّع ال 108 طائرات الباقية في الهند بالشراكة مع شركة Hindustan Aeronautics Ltd (HAL)كمتعاقد رئيسي الى جانب شركات هندية أخرى.
تجدر الإشارة أن القوانين الهندية الخاصة بالمشتريات العسكرية تفرض على الفائزين الأجانب في العقود العسكرية الكبيرة إعادة استثمار نصف قيمة العقد في صناعة الدفاع المحلية. وبالتالي من المتوقع ان توقع Dassault Aviation وشركات فرنسية أخرى عقود شراكة مع شركات هندية خصوصا في مجال الهياكل والمكونات الجوية والأنظمة الالكترونية تصل قيمتها الى خمس مليارات دولار، أي نصف قيمة العقد الإجمالي.
ولدى فرنسا تاريخ عريق من التعامل مع الهند، حيث سبق واشترت قواتها الجوية طائرات Jaguar وMirage 2000. وفي بداية السنة الحالية، تعاقدت الهند على شراء 490 صاروخاً جو - جو بعيدة المدى من طراز Mica تصنعها شركة MBDA الفرنسية لتسليح طائرات Mirage 2000H. وبما أن طائرات Rafale مسلحة أيضا بهذا الصاروخ، يتحقق بذلك تجانس عملاني وتدريبي بين الطرازين.
آمال جديدة في الأمارات
بعد إعلان الهند تفضيلها طائرة Rafale مباشرة، لمح وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه أن ثمة أخبارا طيبة مشابهة قادمة. وسرعان ما أشارت مصادر صحافية فرنسية أن شركة Dassault Aviation باتت قريبة من التوصل الى اتفاق آخر مع دولة الإمارات العربية المتحدة لبيع ما لا يقل عن 60 طائرة مقاتلة من طراز Rafale بقيمة 10 مليارات دولار. وجاء ذلك بعد أن بدت فرص هذه الطائرة تتضاءل عقب إعلان مسؤول إماراتي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أن السعر التي تطلبه شركة Dassault Aviation غير مناسب وغير منطقي. ونقلت صحيفة La Tribune ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيتوجه الى دولة الإمارات العربية المتحدة في مارسآذار أو أوائل ابريل نيسان لتوقيع العقد في صيغته النهائية.
جرت مفاوضات بين الطرفين الفرنسي والإماراتي حول هذه الصفقة منذ عام 2008. ومرت بمراحل عدة وعرفت مدا وجزرا، فكانت تتعثر حول مسائل متعلقة بالسعر والمواصفات المطلوبة وتاريخ التسليم. لكن يبدو أن هذه الصعوبات أزيلت في الآونة الأخيرة. وقد رفضت كل من Dassault ووزارة الدفاع الفرنسية التعليق على هذه الأنباء، إلا أنهما لم ينفياها، مما يرجح صحتها.
وفي تفاصيل المفاوضات أن الأمارات طلبت في وقت سابق تطوير نموذج أكثر قوة من محركات M88 التي تزود الطائرة، إلا أنه يبدو أنها صرفت النظر عن هذا الأمر في الوقت الحاضر. وقد يعود السبب الى كلفة هذا التعديل الذي ستتحمله الأمارات وحدها، الى جانب أن المحركات الحالية أثبتت جدارتها في الخدمة. من ناحية أخرى، قد ينص العقد الأماراتي على قيام باريس باستعادة طائرات Mirage 2000 - 9 العاملة حاليا في سلاح الجو الإماراتي، على أن تحول الى سلاح الجو الليبي الذي يعمل الآن على إعادة بنائه. تجدر الإشارة أن طائرات Mirage 2000 - 9 الإماراتية خضعت لتحديثات مهمة جعلتها من أفضل المقاتلات من هذا الطراز في العالم. واذا تمكنت ليبيا من الحصول عليها بأسعار مقبولة كونها مستعملة، فسيعزز ذلك الى درجة كبيرة سلاحها الجوي.
ولا يعرف بعد بالضبط تفاصيل الأسلحة والتجهيزات التي ستزود بها طائرات Rafale الأماراتية في حال صدقت الأخبار حول الصفقة، لكن المعلومات تشير الى أن تسليحها سيشمل صواريخ جو - جو بعيدة المدى من نوع Meteor. ولا يزال هذا السلاح قيد التطوير من قبل عدة شركات أوروبية، حيث يرتقب أن يتفوق على صواريخ AMRAAM الأميركية.
أثر ايجابي لدى صناعة الطيران الفرنسية
خلال السنوات الماضية، جهدت فرنسا في بيع طائرة Rafale في أسواق التصدير، إذ أن ذلك يخفض من الكلفة الافرادية للطائرات التي تقتنيها القوات الجوية الفرنسية، فضلا عن تحسين ميزان المدفوعات الفرنسي. وتلحظ الخطط الحالية إنتاج ما مجموعه 180 مقاتلة من هذا النوع بحلول العام 2018. هذا فيما انخفضت وتيرة الإنتاج السنوية من 14 الى 11 طائرة سنويا فقط، وهو عدد بالكاد يكفي لتشغيل المصانع المشتركة بالبرنامج بصورة مجدية اقتصاديا. لذلك، كانت فرنسا وصناعاتها الجوية بحاجة ماسة لعقود تصدير من أجل إبقاء كلفة الإنتاج المستقبلي للطائرة في حدود معقولة، علما أن إنتاجRafale قد يستمر الى ما بعد العام 2030.
تشارك العديد من الشركات الفرنسية في برنامج Rafale، وستستفيد بالتالي من الناحية المالية والصناعية من أية عقود تصدير. ومن أهمها مجموعة Safran Group التي استوعبت شركة Snecma لصناعة المحركات التي تصنع محركات M88 لدى كل طائرة محركين من هذا النوع، وشركة Messier - Bugatti - Dowty التي تصنع مجموعة الهبوط، وThales التي تصنع رادار RBY - 2 AESA والكثير من الأنظمة الالكترونية. كما من المتوقع أن مشاركة شركة MBDA من تصنيع أنظمة تسليح والكترونيات دفاعية. هذا دون نسيان شركة Martin - Baker البريطانية التي صممت المقاعد القابلة للقذف التي تنتج في فرنسا بموجب ترخيص.
عقود خليجية ودولية أخرى
تعتقد بعض الأوساط العسكرية في فرنسا أن فوز طائرة Rafale في الأمارات سيفتح الطريق أمام عقود أخرى مشابهة في منطقة الخليج، حيث تنتظر بعض الدول القرار الإماراتي قبل حسم أمرها. وتتركز الآمال الفرنسية في المدى المنظور على دولتي قطر والكويت. فقد أعربت قطر خلال العام 2011 عن رغبتها باستبدال طائرات Mirage التي تملكها بما بين 24 الى 36 طائرة Rafale. وعلى المنوال نفسه، أبدت الكويت منذ العام 2010 اهتمامها باقتناء هذا الطراز من الطائرات لتعمل الى جانب طائرات F - 18 Hornet التي تشكل عماد قواتها الجوية في الوقت الحاضر.
من ناحية أخرى، تبقى البرازيل مرشحة لاقتناء طائرات Rafale، حيث أن الرئيس السابق دا سيلفا كان اتفق مع الرئيس الفرنسي ساركوزي على عقد شراء، إلا أن البرنامج جمد بعد انتهاء ولاية دا سيلفا. وقد يطرح الموضوع من جديد في المرحلة المقبلة بعد الاتفاق على برنامج للتعويضات.
الخاتمة
إذا أثمرت الجهود الحالية في عقود تصدير مقاتلة Rafale، أمكن القول أن هذه الطائرة التي أثبتت قدرات متميزة ومرونة عملانية عالية خلال الحرب الليبية الأخيرة، قد أمنت مستقبلها في سوق الطائرات القتالية المتطورة. ويعتبر ذلك انجازا مهماً للصناعات الجوية والعسكرية الفرنسية التي ثابرت على العمل في هذا البرنامج منذ انطلاقته الأولى في الثمانينات من القرن الماضي. هذا فيما تعاونت كل من ألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا على تطوير طائرة Eurofighter Typhoon المنافسة. وهذه الأخيرة انطلقت بعدد طلبات أكبر من الدول المشاركة، أضيف اليها عقود تصدير للنمسا والسعودية. وبقيت Rafale في خدمة سلاحي الجو والبحرية الفرنسيين فقط، رغم مزاياها الكثيرة. ومع انطلاق عمليات التصدير، تكون الجهود التقنية والمالية والسياسية الفرنسية قد أثمرت بعد طول انتظار.
المصدر
