[FONT="]صناعة الأسلحة في العصر الإسلامي وصناعة السيوف العربية وتاريخها - نافذ سويد[/FONT]
[FONT="]صناعة الأسلحة في العصر الإسلامي:[/FONT]
منقول
[FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]أ- مقدمة:[/FONT]
[FONT="]قيل: من أراد السلم فليستعد للحرب. وقال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يُوَفّ إليكم وأنتم لا تظلمون"(1).[/FONT]
[FONT="]والسلاح بيد المسلم ليس للتعدي أبداً، وإنما هو وقاية من العدو فالعدو عندما يدرك قوة جيش عدوه ويعلم مدى استعداداته تقع الرهبة في قلبه فيخافه، ويخشى خوض غمار الحرب، وبهذا يصبح السلاح لرهبة العدو أولاً وليس لقتاله، وهي قاعدة إسلامية سليمة تصلح لكل زمان ومكان، وحض الإسلام الإنسان على العمل والتفكير والإبداع في كل شيء، وإذا أشاد الباري بالسلاح وغرضه والتنبيه إليه إنما قصد سبحانه أن يوجه المسلمين إلى الإبداع والابتكار وصناعة نظائر الأدوات المستخدمة.[/FONT]
[FONT="]عرف العرب في الجاهلية أنواعاً كثيرة من الأسلحة المعدنية، وفي العصر الإسلامي فرضت الظروف السياسية والعسكرية تطوير الأسلحة والإكثار منها والبحث عن وسائل جديدة وأهم هذه الأسلحة السيوف والرماح، والدروع، والقسي، والسهام والتروس، كما استخدموا ما يسمى اللتوت(2)، وهي رؤوس حديدية مستطيلة ومضمرّسة، والطبر أو"الطبرزين" وهي الفأس، والدرق(اللمطية)(3) لاتقاء ضربات العدو وسهامه(وهي مغطاة بجلد اللمط، وهو نوع من الحيوانات تعيش في الصحراء)، كما استخدموا الخوذات، أو البيضات الحديدية لحماية رؤوسهم وارتدوا"الجواشن"(4) لحماية صدورهم، ونظراً لأن الحصان كان يعد من أسلحة الجيش الهامة لهذا فقد اهتموا به، بتربيته وإعداده وحمايته وسلامته كانت من سلامة فارسه، ولهذا كان يُغطى جسمه بدروع فولاذية أو جلدية تسمى التجافيف.[/FONT]
[FONT="]كما استخدم العرب المسلمون أسلحة الحصار الثقيلة، كالمنجنيقات المدمِّرة للحصون، والدبابات، والكباش لثقب الأسوار والحصون، والمنجنيق: وهي آلة تُرمى بها الحجارة على الأعداء من بعيد، ويورد ابن هشام أن النبي(ص) كان أول من رمى في الإسلام بالمنجنيق، وحدث ذلك حين حصار الطائف، ومطاردة فلول قبيلة ثقيف، الذين اعتصموا بحصونهم، ورموا المسلمين من فوقها بنبالهم، مما اضطر أصحاب الرسول(ص) لنصب المنجنيق ورميهم به.[/FONT]
[FONT="]وعرف العرب الدبابة، واستخدم المسلمون في حروبهم ضد المشركين"الصنبور"(5)، وهي دبابة من الخشب المغطى بالجلد، يكمن الجنود في داخلها ليتقوا النبال الموجهة إليهم من حصون الأعداء، ويهاجموا بها جدران الحصون محاولين ثقبها وتدميرها، والدبابات كانت تصنع من الخشب الثمين، وتغلَّف باللبابيد المنقوعة في الخل لدفع النار، وتركب على عجلة وتحرك فيدفعها الرجال"وهي أقدم من المنجنيق استخدمها المصريون القدماء ثم الآشوريون فاليونان فالرومان فالفرس فالعرب، وهي قلعة سائرة على عجل، يهجمون بها على الأسوار(6) لمحاربة المحاصرين من أعلى السور، واستخدمها العرب كثيراً في حروبهم ضد البيزنطيين واستخدمت أثناء فتح المعتصم لعمورية، وقد حرص كل من الطولونيين والأخشيديين على إيجاد قوة عسكرية تخدم مشاريعهم السياسية ولهذا اهتموا بالجيش وتسليحه والعناية به، كما لم يكن سيف الدولة الحمداني بأقل عناية من هؤلاء فقد حرص أن يشكل قوة عسكرية تقف سداً منيعاً في وجه أكبر إمبراطورية في تلك الفترة، وهو لهذا دعم الثغور وحصنها وأشاد القلاع والحصون وعبأها بالجنود والمقاتلين وكانت حروبه مع الروم من العوامل المساعدة على تطوير الصناعات الحربية التي استهلكت مجهودات هذا القائد وهكذا فقد تفنن الحلبيون بصنع الخوذ المصنوعة من صفائح معدنية والأقواس المرنة ذات الأحجام الكبيرة والتي لا يخشى استعمالها إلاّ الرجل العملاق، وقد اهتم سيف الدولة الحمداني بجمع العمال الفنيين، وكان يعاملهم كالمحاربين العظماء الذي كان يقدسهم، ولهذا فقد تقدمت حلب في عهده في مختلف الفنون والصناعات العسكرية وغيرها(7).[/FONT]
[FONT="]لابد من التذكير ونحن بصدد صناعة الأسلحة إلى أن العرب توصلوا إلى اختراع أسلحة متطورة، كالقدور الكفيات"وهي قدور خزفية بحجم الرمانة محشوة بالنشادر والجير والبول"، وتلقى على العدو باليد، كما تلقى القنابل اليدوية الآن، فإذا ما اصطدمت بجسمه المدرع بالحديد فإنها تنكسر وتخرج منها رائحة النشادر الكريهة فتدخل خياشيمه وتسبب له الاختناق.(8) ولهذا وجه العرب اهتمامهم نحو استغلال آبار النفط التي كانت تكثر في إيران والعراق وصقلية، وظهر اهتمامهم بهذه المادة منذ القرن الرابع الهجري حيث يذكر الرحالة أبو دلف الخزرجي أن عيون النفط في إقليم طبرستان محط اهتمام، وكيف أن قبالة(ضمان) كل عين منها بلغ ألف درهم في اليوم(9) كما يصف لنا في القرن السابع الهجري ابن الشياط النوشي طريقة استخراج زيت النفط من الآبار القريبة من سرقوسة على الساحل الشرقي لصقلية والإجراءات التي يتخذها العمال الذين ينزلون إلى هذه الآبار.(10)[/FONT]
[FONT="]كما قام العرب وطوروا أنواعاً من المركبات المحرقة مع الأسلحة القاذفة وفي الوقت نفسه أتقنوا وسائل إطفاء النيران والحريق والوقاية منها، وعرفوا في أيام الحروب الصليبية البارود واستخدموه كمادة منفجرة ثم قاذفة محرقة.(11)[/FONT]
[FONT="]وتوصل العرب المسلمون في بلاد المغرب والأندلس، منذ القرن السابع الهجري، إلى اكتشاف واستخدام الأسلحة النارية من خلط النفط بملح البارود، ويذكر ابن خلدون أن سلطان المغرب يعقوب المريني عندما هاجم مدينة سلجماسة(نافيلالت الحالية في الجنوب) سنة 672 هـ/ 1272 م، ونصب عليها آلات الحصار من المجانيق والعرادات، هندم"آلة النفط" القاذف بحصى الحديد ينبعث من خزانة أمام النار الموقدة في البارود بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها(12).[/FONT]
[FONT="]كما استخدم هذا السلاح في بلاد المغرب بمعارك عديدة... ومن هنا يتضح أن العرب المسلمين في المشرق والمغرب توصلوا إلى استخدام الأسلحة النارية قبل ظهورها في أوروبا والتي ظهرت لأول مرة في موقعة كريس([/FONT]Greese) سنة 1342م في حرب المائة عام بين إنكلترا وفرنسا، وكان نصر إنكلترا فيها يعود إلى توصلها لهذا الاختراع، كما استعمل العرب النفط بمعنى النار الإغريقية الحارقة واستعملوها بمعنى المدفع المدمر الهادم الذي يحدث أصواتاً قوية كالصواعق السماوية.
[FONT="]ب- صناعة السيوف العربية وتاريخها:[/FONT]
[FONT="]السيف من أشهر أدوات الحرب في الجاهلية والإسلام، وهو السلاح الرئيسي في القتال، استعمل في الهجوم والدفاع، ويكون ذا حد واحدة أو ذا حدين وربما يكون رأسه مدبباً حاداً يستعمل للطعن. والسيف الجيد هو المصنوع من الحديد النقي ومن الفولاذ وفي العربية لفظ فولاذ أي نوع مميز من أنواع الحديد، يعني أنه مُصاص الحديد المنقى خبثه(13).[/FONT]
[FONT="]ويقال لحديد السيف"النصل" أما حدّه فيقال له"ظبة" وجمعها ظبي"الظباء حد السيف" ومنذ العصر الجاهلي تم إتقان صناعة السيف، وعمل أصحاب حرفة صناعة السيوف على توشيتها وتحليتها بالذهب والفضة- والسؤال الذي يطرح نفسه هل تذكر المصادر أول من قام بتوشية السيف بالذهب والفضة.[/FONT]
[FONT="]وتذكر المصادر: أن سعد بن سيل، جد قصي بن كلاب لأمه، كان أول من حلى السيوف بالفضة والذهب، وكان هذا أهدى إلى"كلاب" والد قصي مع ابنته(فاطمة) والدة قصي، سيفين محليين فجعلا في خزانة الكعبة(14).[/FONT]
[FONT="]هذا الخبر حول توشية السيف يدل على أن حرفة وصناعة السيوف كانت حرفة محلية متقنة في الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى أن العرب عرفوا صناعة الذهب، وثراء قصي الذي يملك الذهب والفضة لتوشية السيف. ومن جهة ثالثة تسعفنا المصادر في رسم شجرة نسب لهذا السعد بن سيل، فيما يلي:[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]عرف من قصي أنه تولى أمر الكعبة بعد طرده قبيلتي بني بكر وخزاعة من مكة، وأنه جمع شتات القبائل المبعثرة في شعاب مكة وبطاحها تحت زعامته، وأطلق على التجمع اسم قريش، قريش هو التجمّع من قول ابن إسحق إنما سميت قريش قريشاً لتجمعها بعد تفرّقها. ويقال للتجمع التقرش(15)ولمّا تزوج قصي من حُبي بنت خليل الخزاعي، وكان له أولاد ومال، عظم شرفه وجمع قومه وتملك عليهم فكانت إليه ستة أمور الحجابة والقيادة والسقاية والرفادة والندوة واللواء، توزعها أبناؤه من بعده بالتساوي(16).[/FONT]
[FONT="]ولكن هل كان العرب يستوردون السيوف من الخارج؟ للإجابة عن هذا السؤال تسعفنا أشعار الخنساء والأعشى التي ذكرت أن العرب كانوا يستوردون السيف من الهند، وربما لأن السيف الهندي كانت صناعته أفضل من السيوف العربية المصنوعة في الجزيرة العربية(17).[/FONT]
[FONT="]من هم أصحاب حرفة صناعة السيف في الوطن العربي؟ وأين كانت تصنع السيوف؟ تذكر المصادر أن سيوف اليمن من أشهر السيوف المصنوعة في الجزيرة العربية، كما اشتهرت مكة بصنع السيوف أيضاً، ويؤكد ذلك أن(خباب بن الأرث) كان يعمل بحرفة صناعة السيوف في الجاهلية. وخباب هذا صار صحابياً من أصحاب الرسول(ص) ومن المسلمين الأوائل الذين عذبوا في مكة(18). كما صنعت السيوف في نجد ومن قبل القبائل العربية المنتشرة فيها"كقبائل عدوان وسليم"، يؤكد صناعتها إذا تطرقنا لأنواعها والمشهور منها والتي غالباً ما تنسب إلى مكان صنعها أو إلى صانعها.[/FONT]
[FONT="]أنواع السيوف:[/FONT]
[FONT="]تذكر المصادر أن أهم السيوف المشهورة هي:[/FONT]
[FONT="]1- الأريحية: وأريح موضع بالشام.[/FONT]
[FONT="]ويقول الأزهري: أريح حي من اليمن، لكن معجم البلدان(19) يذكر أن أريح بلد بالشام وهو لغة أريحا.[/FONT]
[FONT="]2- السيوف البصرية: [/FONT]
[FONT="]عرفت سوق"بصرى" بالجودة كذلك ويقال لسيفها"بصري"، وورد في المعجم بصرى في موضعين بالضم والقصر إحداهما بالشام من أعمال دمشق وهي قصبة كورة حوران مشهورة قديماً وحديثاً. وبصرى من قرى بغداد قرب عكبراء، كما تشير بعض المصادر لشهرة بلاد الروم والفرس بصناعة السيوف.[/FONT]
[FONT="]3- السيوف السريجية: [/FONT]
[FONT="]وهي المنسوبة إلى سريج رجل من بني أسد، ذكر محمد بن حبيب: هو أحد بني معرض بن عمرو بن أسد بن خزيمة وكانوا قيوناً(20).[/FONT]
[FONT="]4- السيوف اليمنية القلعية: [/FONT]
[FONT="]نسبة إلى القلعة وهي موضع باليمن بواد ظهرية معدن الحديد.[/FONT]
[FONT="]ومن أنواع السيوف المشهورة الشرقية التي ورد ذكرها في الشعر الجاهلي ويورد ابن رشيق:[/FONT]
[FONT="]5- السيف المشرفي: [/FONT]
[FONT="]منسوب: منسوب إلى مشرف، وهي قرية باليمن عملت السيوف فيها. وهذا القول يعارض ما قيل أنها تنسب إلى مشارف الشام أو مشارف الريف، وذكر ياقوت. والمشرفي منسوب إلى المشارف، وهي قرى للعرب تدنو من الريف، وقال أبو ابن الكلبي: هو المشرف بن مالك بن دعر بن يعرب بن قحطان(21).[/FONT]
[FONT="]وورد في اللسان"والمشارف قرى من أرض اليمن ومتل من أرض العرب تدنو من الريف، والسيوف المشرفية منسوبة إليها. يقال سيف مشرفي وفي حديث سطيح، يسكن مشارف الشام، وهي كل قرية بين الريف وجزيرة العرب قيل لها ذلك لأنها أشرفت على الواد، وقيل هي التي تقرب من المدن(22).[/FONT]
[FONT="]ومن السيوف اليمانية والتي اشتهرت في أرجاء الجزيرة العربية وجميع السيوف المشهورة نسبت إلى مناطق يمنية وأشهر السيوف في الجاهلية والتي استمرت شهرتها في الإسلام.[/FONT]
[FONT="]أ- سيف عمرو بن معد يكرب وعرف هذا باسم الصمصامة.[/FONT]
[FONT="]ب- سيف عُرف(بذي الفقار) وارتبط اسمه بالإمام علي بن أبي طالب، الذي حصل عليه في معركة بدر وأخذه من العاص بن أمية(23).[/FONT]
[FONT="] وقيل إنه واحد من سبعة سيوف أهدتها بلقيس، الملكة المذكورة في القرآن، إلى سليمان ثم وصل إلى العاص. ولكن لم أجد كيف وصل هذا السيف من سليمان إلى العاص ومنه إلى علي بن أبي طالب وأيضاً من صنع هذا السيف الذي أصبح رمزاً حتى الآن إلى من وصل؟ ومع من هو الآن. وقيل إنه سيف"مرثد بن سعد" عم عمرو بن قميئة. [/FONT]
[FONT="]جـ- قيل إنه كان للرسول(ص) سيف يقال له"رسوب" أي يمضي في الضريبة ويغيب فيها، وكان لخالد بن الوليد سيف سماه مرسباً(24).[/FONT]
[FONT="]أسماء السيف:[/FONT]
[FONT="]جاءت المصادر بالعديد من الأسماء للسيف منها: المرهف، والعضيب والصارم، والباتر، والقصال، والمقصل، والمفضل، والمحراز، والغاضب، والهدام، وكلها تعبير عن مضائه، ومن أسمائه الذكر والحسام والمهند... الخ.[/FONT]
[FONT="]والسيف الرقيق دليل على أنه من معدن صلب ممتاز من الفولاذ ويدل على تقدم في صناعة المعادن.[/FONT]
[FONT="]السيوف الشامية:[/FONT]
[FONT="]والحديث عن السيوف وشهرتها وأهميتها في حياة العربي يدفعنا إلى الحديث عن السيوف الشامية حيث من المعلوم أن بلاد الشام اشتهرت بصناعة الأسلحة عموماً وبخاصة السيوف. وهي حرفة قديمة حافظت الشام عليها رغم عوائد الأيام، واستمرت دمشق تحتل مكان الصدارة حتى غزاها تيمورلنك وأخذ معظم صناعها في سنة(801هـ / 1400م) قاصداً إحياء هذه الصناعة في بلاده وإضعافها في الشام وأدى ذلك إلى إضعافها فعلاً.[/FONT]
[FONT="]ويذكر ابن خلدون أن دمشق ازدهرت بصناعة السيوف والتي يعود تاريخها إلى ما قبل القرن الثالث الميلادي، واستمرت هذه الصناعة فيما بعد نتيجة لأهمية السيوف ودورها الحربي، وذكر الكندي أنواعاً عديدة للسيوف. وعدَّ منها خمسة وعشرين نوعاً، تتبع تسميتها لنوع الفولاذ المستعمل فيها، أو المكان الذي صنعت فيه السيوف: كاليمانية والهندية، والدمشقية والمصرية، والكوفية وغيرها، وكان ينقش على السيف الأشعار والآيات القرآنية والعبارات الإسلامية بماء الذهب(25).[/FONT]
[FONT="]واشتهرت بعض مدن الشام بصناعة السيوف ومنها(سيوف مؤاب، والإيله)، وكان لكل نوع من أنواع السيوف شكل مخصوص أو علامة يمتاز بها ويمكن أن يميز عن غيره، والسيف العربي مختلف القياس بحسب الأقاليم التي انتشر فيها العرب ولم يكن له صفات موحدة، غير أنه يمكن تمييزه عن السيوف الساسانية والبيزنطية والهندية والرومية(26).[/FONT]
[FONT="]تعد سيوف دمشق من أجمل ما كان يصنع في بلاد الشام وأفضلها، وغدا لها شهرة وامتياز بهذه الصناعة، وازدهرت هذه الصناعة بعد القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي وكانت صناعتها تتم وفق أسلوب خاص أطلق عليه اسم الدمشقية، ويتحدث الكندي عن السيوف الدمشقية ويصفها بالجودة، ويقول إن سقايتها أصيلة، وامتازت نصالها بقطعها الجيد، ولا يمكن أن يجد لها مثيلاً لإرهاف حدها ولطف فرندها(27). وبلغ لمعانها حداً كبيراً من إتقان الصنعة بحيث يمكن أن يتخذ الإنسان السيف الدمشقي كمرآة لتصليح هندامه. واحتفظ الفولاذ الدمشقي، المطعم بأشكال هندسية أو نباتية من الذهب أو الفضة وغيرها من المعادن، احتفظ بشهرته طوال قرون عديدة، ويذكر الكندي أيضاً في رسالته سيوف الشراة في البلقاء في جنوب بلاد الشام، ونصالها من الحديد الأنيث وهي رقيقة وطويلة، ويعدد أنواعها، ويذكر منها السيوف الديافية نسبة إلى دياف في جنوب البتراء، وتعد هذه من أهم أنواع السيوف المعروفة في بلاد الشام حتى زمن الكندي(185هـ- 257هـ)(801-870م).[/FONT]
[FONT="]لقد انتقلت السيوف الدمشقية إلى الأندلس، واهتم عبد الرحمن الثاني بتشجيع صناعتها في طليطلة وغيرها، كما برزت مزايا السيف الدمشقي خلال الحروب الصليبية، وأخذ المحاربون الصليبيون يبحثون عن سر هذه الحرفة وخصائصها، وكانت المادة الأساسية التي تصنع منها هذه السيوف الدمشقية هي الفولاذ الجوهر الدمشقي، وقد تحدث عنه المؤرخون وبينوا الفرق بينه وبين الفولاذ الهندي، وهذا ما يؤكد أصالة هذه الصناعة في دمشق، وقد انتقل السيف الدمشقي إلى الغرب عن طريق الصليبيين، واشتهرت صناعة السيوف الدمشقية تحت اسم [/FONT]Damascin.
[FONT="]وتذكر بعض المصادر أن فرنجياً سأل حرفياً في صناعة السيوف وهو دمشقي المولد لماذا تتقن صناعة السيوف؟[/FONT]
[FONT="]- أجاب صانع السيف: يا رجل(المرء لا يصحبه إلا العمل) فقال الفرنجي الآن عرفت سر نصر صلاح الدين العمل والسيف، قال أبو تمام:[/FONT]
[FONT="]السيف أصدق أنباء من الكتب في حدِّه الحدُّ بين الجد واللعب[/FONT]
[FONT="]ج- الخاتمة معاني السيف:[/FONT]
[FONT="]وقال الإمام علي كرم الله وجهه في السيف: السيف: (الحق سيف قاطع، والعقل حسام، والسيف فاتق والدين راتق، فالدين يأمر بالمعروف والسيف ينهى عن المنكر).[/FONT]
[FONT="]وقال تعالى: {ولكم في القصاص حياة" ثم قال علي بن أبي طالب عليه السلام: "اجعل الدين كهفك، والعدل سيفك، تنج من كل سوء، وتظفر على كل عدو}(28).[/FONT]
[FONT="]وهنا تأتي ضمانة للإنسان من أعدائه، لذلك كانت صناعة السيف ومازالت تزدهر لكثرة استعمالاته في العصر الحديث وخاصة بدمشق وأهم استعمالاته وأسباب ازدهار هذه الحرفة:[/FONT]
[FONT="]1- إن السيف يستعمل للزينة: كان المقاتل الفارس يعلقه عل الخصر أما الآن فأًصبح يعلق على الصدر، من الشاب والصبية، كرمز للحرية. وفي صدر كل منزل دمشقي، وخاصة في منازل الضباط، كرمز للحمية والعزة، وحب الدفاع عن الوطن... ورمز للفتوة وحماية الأهل والبيت(القوم والوطن).[/FONT]
[FONT="]2- يستعمله الرؤساء والقادة: هدايا للضيوف والزوار، لذلك دخلت حرفة صناعة السيوف إلى التلفاز والسينما لكثرة الأفلام والمسلسلات التي أخذت تحتاج إلى صناعة السيف لحث الناس على الفروسية، وبإحياء الماضي نستمد منه قوة الحاضر.[/FONT]
[FONT="]وخير مقولة في معاني السيف وخاتمة هذه المقالة ما قاله أحد المؤرخين بعد معركة بدر[/FONT]
[FONT="](إن علياً(ع) كان في كل الحروب السيف الأول الذي وتر القريب والبعيد).(29)[/FONT]
[FONT="]المصادر والمراجع[/FONT]
[FONT="]1- قرآن كريم.[/FONT]
[FONT="]2- جرجي زيدان: تاريخ التمدين الإسلامي، ج1- 5(أجزاء: مراجعه حسين مؤنس دار الهلال القاهرة 1968 وطبعة 1926م. ص190.[/FONT]
[FONT="]3- كمال الدين أبي القاسم المعروف بابن العديم، (ت660هـ/ 1262م بغية الطلب في تاريخ حلب، نشر وتحقيق سهيل زكار، مقدمة 56/85/86/91 كنار أخبار سيف الدولة.[/FONT]
[FONT="]4- شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب 722هـ/ 1322م المعروف بالنويري اسكندري: الإلمام لما جرت به الأحكام المقضية في وقعة الإسكندرية ورقة 206 مخطوط.[/FONT]
[FONT="]5- أبو دلف الخزرجي: الرسالة الثانية ص12.[/FONT]
[FONT="]6- ابن الشياط: وصف الأندلس ص185- العبادي مقال.[/FONT]
[FONT="]7- أحمد مختار العبادي: الحضارة الإسلامية، ص350.[/FONT]
[FONT="]8- عبد الرحمن بن محمد(ت 808هـ/ 1405م كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر"7 أجزاء" طبعة بولاق. وطبعة القاهرة 1274هـ وطبعة بيروت 1886، ج7، ص188.[/FONT]
[FONT="]9- اللسان، ج3.[/FONT]
[FONT="]10- جواد علي: الموصل ج4- انظر البلاذري: أنساب ج1 485 انظر واضح الصمدة الصناعات الحرفية، ص126.[/FONT]
[FONT="]11- البلاذري: أنساب، ج1.[/FONT]
[FONT="]12- واضح العمدة: الصناعات الحرفية بلا تاريخ.[/FONT]
[FONT="]13- السيرة النبوية لابن هشام، تقديم طه عبد الرؤوف سعد، 4 أجزاء، دار الجيل، بيروت 1975، ص1/1987.[/FONT]
[FONT="]14- ديوان الخنساء[/FONT]
[FONT="]15- ديوان الأعشى[/FONT]
[FONT="]16- الكتاني: التراتيب، ج4[/FONT]
[FONT="]17- ياقوت: معجم البلدان، ج1- ج5[/FONT]
[FONT="]18- ابن رئيف: العمدة، ج2، ط4، بيروت.[/FONT]
[FONT="]19- ديوان زهير[/FONT]
[FONT="]20- ديوان الحطيئة[/FONT]
[FONT="]21- ديوان ابن الإبر[/FONT]
[FONT="]22- الكندي: رسالة السيوف وأجناسها، طبعة لندن نشرت مع التحقيق في نشرة كلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة مجلد 214 مقال لعبد الرحمن زكي سنة 1955-1956.[/FONT]
[FONT="]23- د. محمد أحمد زيود: التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي الإسلامي منشورات جامعة دمشق 1414- 1415/ 1993- 1994م.[/FONT]
[FONT="]24- عبد الواحد الأمدي التميمي: غرر الحكم ودر الكلم مجموعة من كلمات الإمام علي عليه السلام، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. بيروت لبنان ج1.[/FONT]
[FONT="]25- علي بن أبي طالب: نظرة عصرية جديدة بأقلام محمد عمارة، محمد أحمد خلف الله عبد العزيز، حافظ ريتا، حسين كروم، ومحمد الطيب، أحمد الوائل.، محمد قاسم، محمود إسماعيل، مصطفى كمال وصفي المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الثالثة كانون الثاني 1980 بيروت.[/FONT]
[FONT="]________________________________________[/FONT]
[FONT="](1) قرآن كريم- الأنفال(61).[/FONT]
[FONT="](2) اللت: هو الدقّ والشدّ.[/FONT]
[FONT="](3) درق لمطية: ترس تنسب للمطْة، وهي أرض لقبيلة بالبربر ينسب إليها الدَرَق، لأنهم ينقعون الجلود في الحليب سنة فينبو عنها السيف القاطع، وقيل لَمْط اسم أمّة من الأمم(القاموس المحيط).[/FONT]
[FONT="](4) الجوشن: الصدر، أو درع يوضع على الصدر.[/FONT]
[FONT="](5) الصنبور: أصل النخلة.[/FONT]
[FONT="](6) جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي، ج1، (5 أجزاء): مراجعة حسين مؤنس- دار الهلال القاهرة- 1968 طبعة 1926. ص190.[/FONT]
[FONT="](7) كمال الدين بن قاسم المعروف بابن العديم، (ت 660 هـ/ 1262 م بغية الطلب في تاريخ حلب، نشر وتحقيق سهيل زكار ص35 مقدمة 56/85/86/91- كتار: أخبار سيف الدولة ص 95- 96- 108.[/FONT]
[FONT="](8) شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب 722هـ/ 1322م المعروف بالنويري الاسكندري: الإلمام لما جرت به الأحكام المقضية في وقعة الاسكندرية ورقة 206 مخطوط.[/FONT]
[FONT="](9) أبو دلف الخزرجي: الرسالة الثانية ص12 ابن الشياط: وصف الأندلس ص185- العبادي مقال.[/FONT]
[FONT="](10) أحمد مختار العيادي: الحضارة الإسلامية، ص350.[/FONT]
[FONT="](11) ابن خلدون، تاريخ العبر، ج7، ص188.[/FONT]
[FONT="](12) عبد الرحمن بن محمد(ت 808 هـ / 1405م كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر"7 أجزاء" طبعة بولاق. وطبعة القاهرة 1274هـ وطبعة بيروت 1886، ج7، ص188.[/FONT]
[FONT="](13) اللسان، ج3، ص503 .[/FONT]
[FONT="](14) جواد علي: الموصل ج4، ص38 -انظر البلاذري: أنساب ج1 485 انظر واضح الصمدة الصناعات الحرفية، ص126.[/FONT]
[FONT="](15) السيرة النبوية لابن هشام، تقديم طه عبد الرؤوف سعد، 4 أجزاء، دار الجيل بيروت، بيروت 1975، ص1/1987.[/FONT]
[FONT="](16) سيرة ابن هشام 1/115.[/FONT]
[FONT="](17) انظر ديوان الخنساء ص53 الأعشى، ص147.[/FONT]
[FONT="](18) جواد علي: المفصل، ج7، ص556- الكتاني: التراتيب، ج2، ص165.[/FONT]
[FONT="](19) ياقوت: معجم البلدان ج1 ص165/ 441.[/FONT]
[FONT="](20) ابن رشيق: العمدة، ج2، ص232، طبعة 4، بيروت واضح العمد المرجع ص128.[/FONT]
[FONT="](21) ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج5، ص132.[/FONT]
[FONT="](22) اللسان ج2، ص147 ديوان الخنساء، ص38 ديوان زهيرص33. ديوان الحطيئة ص140.[/FONT]
[FONT="](23) جواد علي: المفصل، ج5، ص423- عن تاج العروس، ج3، ص474.[/FONT]
[FONT="](24) اللسان ج12 ص168- ديوان عبيد بن الأبرص 123/127 ديوان الخنساء ص55.[/FONT]
[FONT="](25) ابن خلدون: العبر، ج1، ص211- رسالة الكندي السيوف وأجناسها ص1- 26- طبعة لندن نشرت مع التحقيق في نشرة كلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة مجلد 214، مقال لعبد الرحمن زكي سنة 1955- 1956م.[/FONT]
[FONT="](26) رسالة الكندي السيوف وأجناسها ص 1-36 انظر(محمد زيود التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي الإسلامي ص106.[/FONT]
[FONT="](27) الكندي: المصدر السابق ص1-36.[/FONT]
[FONT="](28) عبد الواحد الأموي التميمي: (غرر الحكم ودرر الكلم) مجموعة من كلمات الإمام علي عليه السلام، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان، ص721، ج 1، ص 31- 42- 116- 117- 119.[/FONT]
[FONT="](29) علي بن أبي طالب: نظرة عصرية جديدة بأقلام محمد عمارة، د. محمد أحمد خلف الله عبد العزيز حافظ رتيا، حسين كروم، محمد الطيب، أحمد الوائل، د. محمود قاسم، د. محمود إسماعيل، د. مصطفى كمال وصفي: المؤسسة العربية للدراسات والنشر والطبعة الثالثة كانون الثاني 1980- بيروت ص100 [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 75 - السنة 19 - نيسان "إبريل" 1999 - ذو الحجة 1419[/FONT]