رسوم جدارية تصور فتح مايوركا
- عنوان/تعيين : رسوم جدارية تصور فتح مايوركا
- مكان الاكتشاف : قصر كالديس CALDES، متحف بيكاسو حالياً، 15 شارع مونتكادا MONTCADA، برشلونة
- تاريخ/فترة : [FONT="]أواخر القرن الثالث عشر[/FONT]
- مدينة الحفظ : برشلونة
- مكان الحفظ : المتحف الوطني للفن الكاتالوني
- رقم الجرد : 71449
في أوائل ستينات القرن الماضي، وخلال أعمال قامت بها بلدية برشلونة في بناء يقع وسط المدينة القديمة، وذلك بغية إنشاء متحف بيكاسو، اكتشف يواكيم براديل مجموعة رسومات جدارية كان لابد من نقلها على وجه السرعة نظراً لمشروع ترتيب البناء. يبدو أنه كان جرى بناء هذا القصر المديني (وكان يسمّى أحياناً "قصر برنغير داغيلار BERENGUER D' AGUILAR" باسم صاحبه في أواخر القرن الخامس عشر) ببادرة من عائلة كالديس CALDES، في النصف الثاني من القرن الثالث عشر([1]). عائلة كالديس عائلة غنية من تجار برشلونة، كانت تربطها علاقات مميزة مع الفونس الثاني الليبرالي، ملك أراغون وكونت برشلونة (1285 – 1291) ([2]).
تروي اللوحات الثلاث المحفوظة اليوم في المتحف الوطني للفن الكاتالوني، الفصول الأساسية لفتح جزيرة مايوركا التي أخذها من المسلمين ملك أراغون جاك الأول الفاتح العام 1228 – 1229. حوليتان نقلتا وقائع ما حدث: "كتاب أفعال الملك جاك الأول"([3])، وهو نص سيرة ذاتية للملك جاك الأول (1213 – 1276) و "كتاب ملك أراغون" لبرنارد دسكلو BERNARD DESCLOT (1283 – 1295). تسمح أمانة اللوحات حيال النص بالتعرف على المشاهد المختلفة التي أُنقذت في ورشة مُتحف بيكاسو، وكذلك على شخوصها.
تبدأ المجموعة باجتماع مجلس الكورتس CORTS([4]) الذي عقده الملك في برشلونة، يلي ذلك انتقال الجنود بحراً إلى مايوركا، وهي اليوم مهدمة بكاملها تقريباً، ثم معركة بورتوبي PORTOPI ، وأخيراً الحصار المفروض على المدينة والاستيلاء عليها وعلى قلعتها المدينة ALMUDAINA.
تبدو الرغبة في التمييز بين الجيشين المتحاربين واضحة من خلال التعامل مع الأشخاص حتى وإن كانوا لا يختلفون كثيراً في مظهرهم. تكفي اللحية وحدها للتعرف على وجه رجل مسلم. ملامح المسلمين هنا ليست كاريكاتورية، ويختلف لون جلدهم من شخص إلى آخر، وبالتأكيد إن الهدف من ذلك هو الرغبة بالتركيز على التنوع العرقي للسكان المسلمين في الجزيرة وكذلك التمييز بين الأفارقة والعرب والمايوركيين. في المقابل فإن ملابسهم تميّزهم تماماً عن المسيحيين. معظمهم تقريباً يرتدون سترات مرفوعة الأكمام ويضعون على رؤوسهم نوعاً من الطاقيات المستطيلة التي تصل إلى الأذن. جنودهم المشاة يسيرون حفاة، ويضع أحد فرسانهم خوذة مدببة تختلف كثيراً عن الخوذات الأنفية المكورة التي يستعملها المسيحيون. وإذا كان مقاتلو الجانبين يستعملون السيف، فإن ترس المسلمين يختلف عن ترس المسيحيين الطويل والمكوّر.
ويسمح مؤشر مهم آخر بالتمييز بين الفريقين وهو النظام الرمزي الشعائري لكل منهما. وحدهم المسيحيون يستعملون نظاماً شعارياً يتيح التعرف عليهم إفرادياً. وفي المقابل يرفع المسلمون أعلاماً ودروعاً عليها أشكال وإشارات موضوعة بطريقة غير شعارية وإنما هي رمزية بالنسبة إليهم، مثل النجمة ذات الشعب الست واليد المقطوعة وكذلك السلحفاة، إلى ذلك، فإن الشعارية مهمة جداً بالنسبة لنا لأنها تتيح التعرف على الشخصيات المسيحية في هذه الدورة. وهكذا يعقد الملك جاك الأول اجتماعاً في خيمته، محاطاً بأسقف برشلونة برنجير دي بالو، والكونت نونو سانس، وروسيلو، وجيلابير دي كروي وأحد أفراد عائلة سنتيل. كونت أمبوريس الذي انحرف جانباً في خيمته، يتحدث مع الأب ماسا، قائد الجنود الأراغونيين. وبحسب "كتاب أفعال جومي الأول"، فإن كونت أمبوريس كان يرفض المشاركة في الاجتماعات التي كان يعقدها الملك خلال الحصار، مدّعياً البقاء حتى الاستيلاء على المدينة في دهليز منجم كان أمر بحفره. وفي مكان آخر، في المشهد الذي يصور من دون شك معركة بورتوبي، كان أحد فارسين مسيحيين معزولين تصديا لفرقة كاملة من المشاة المسلمين، يحمل أسلحة مونتكادا ويرّجح أنه غيليم دي مونتكادا الذي أفادت المعلومات أنه قتل في هذه المعركة.
عندما نقارن كيفية إظهار المسلمين في زخرفة كالديس المرسومة، ونقارن بشكل عام الزخرفة التي تصور غير المسيحيين في رسوم أواخر القرن الثالث عشر، نلاحظ أن المقاتل المسلم لم يعامل بشكل كاريكاتوري كعدو وحشي قبيح وغير عادي، إنما عومل كخصم مألوف، وكمقاتل اعتادوا على مواجهته. هذا الاحترام للخصم يعود على الأرجح إلى جوار أكبر للعالم الإسلامي وبالتالي إلى معرفة أفضل به.
ومما يشهد على الاتصالات الثقافية والفنية بين هذين العالمين الضدين أو المتعارضين بسبب الانتماء الديني، تلك الإطارات الجدارية المزخرفة بخط كوفي زائف والموضوعة فوق مشاهد تأريخية، بين رافدات اللوحة.
بوفاة جاك الأول فُصلت جزيرة مايوركا عن مملكة أراغون، فاحتلها الفونس الثاني مرة أخرى من 1285 إلى 1295 على حساب عمه جاك الثاني المايوركي. ويعود تأريخ إنجاز لوحات قصر كالديس الجدارية إلى تلك الفترة التي احتل خلالها الفونس الثاني الجزيرة([5]).
ثمة إشارة إلى غزوة العام 1229 موجودة في قصر شخص قريب من الفونس الثاني تذكّر بشرعية الفتح الذي قام به هذا الأخير.
ومن المحتمل أن تكون الرسومات الجدارية في قاعة تينال "قاعة المآدب الكبرى" في القصر الملكي في برشلونة، والتي أُنشئت في نفس الوقت، فُككت حاليا ويحتفظ بها في نفس المكان، تقص علينا أعمال الغزو التي قام بها أجداد الملك ألفونس.
هامش ([1]) ثمة شعارات في زخرفة القصر تعود إلى عائلة كالديس مما يسمح بافتراض أن يكون أحد أفراد العائلة هو الشريك المتضامن.
([2]) المقصود هنا الفونس الثاني من كاتالونيا والثالث من أراغون.
([3]) في الفصل الخامس من هذا الكتاب المترجم إلى اللغة الفرنسية يمكن الإطلاع على تفاصيل فتح مايوركا.
([4]) "الكورتس" LES CORTS هي جمعيات عامة تضم ممثلين عن الدول الثلاث بغية البحث في مسائل تتعلق بحكومة كاتالونيا.
([5]) إن مقارنة بين الأساليب، وخصوصاً مع جرّة الذخائر الدينية للقديس كانديد المحفوظة في متحف كاتالونيا الوطني MNAF والتي يعود تاريخها إلى العام 1229، حسب ما هو محفور عليها، تسمح بالقول إن هذه الزخرفة قد أنجزت نحو العام 1290.