الحالة الإسرائيلية.. انظروا ماذا يفعلون بجثثنا

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0
أعلنت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أنها ستنشر في اليوم التالي تفاصيل مرعبة عن مدى انتشار ظاهرة تمثيل وعبث الضباط والجنود الإسرائيليين بجثث وأشلاء ضحاياهم الفلسطينيين، والاحتفال الشامت بالرقص عليها وحولها وشرب الأنخاب والدوس بالأقدام على جثث شهداء فلسطينيين وأخذ الصور التذكارية مع الأشلاء والجثث وبيعها للعامة!

نشرت تلك الصحيفة بالفعل تفاصيل واسعة في اليوم التالي تضمنت تحقيقات مصورة وشهادات جنود حاليين وسابقين ممن ارتكبوا بعض هذه الجرائم بأنفسهم، أو من الذين كانوا شهودا على ارتكابها، كما نشرت تخوفات مختلفة من الانعكاسات والتداعيات المدمرة المترتبة على الانتشار الواسع جدا لهذه الظاهرة في صفوف القوات المسلحة الإسرائيلية.
تتعدد جذور هذه الممارسات التي تعكس خللا قيميا وأخلاقيا مريعا رأى فيه كثير من المفكرين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين - نستعرض نماذج عديدة لاحقا- مؤشرا على انهيار مؤكداً للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ولإسرائيل بأسرها، كيانا ودولة ومجتمعا. ولكن ربما أمكن القول بأن ما زرعته تعاليم التلمود في نفوس معتنقيها اليهود أبرز جذور هذه الظاهرة.
المعروف أن التلمود، الذي وضعه أحبار يهود وزعموا له قدسية تفوق قدسية التوراة التي حرفوها وزوروها، يعج بنصوص وتعاليم تأمر بقتل غير اليهود وسرقتهم ونهبهم وإلحاق الأذى بهم، كما في ص 59 من القسم السابع في كتاب "سنهدرين"، وص 58 من الفصل السابع من كتاب "بروفس"، وص 53 من القسم السادس والستين من كتاب "إيريسو"، وصفحتي 42 و67 من كتاب سولخان أروخ، وصفحتي 119و 193 من كتاب "تايجوس"، وسوى ذلك كثير.
التعاليم التلمودية تناقض جوهر التكريم الإلهي لبني آدم، منطلقة من تمييز عنصري ضيق موغل في الحقد والإجرام، لا يكتفي بادعاء امتياز دائم وحصانة مطلقة لقلة تستبيح دماء باقي البشر وأرضهم وثرواتهم بلا حساب، وإنما يفتري على الذات الإلهية بادعاء أن هذه الاستباحة أمر إلهي وواجب ديني، كما في قول التلمود: "اقتل الصالح من غير اليهود، ومحرم على اليهودي أن ينجي أحدا من باقي الأمم من هلاك"، وقوله: "على اليهودي أن يقتل من تمكن من قتله من غير اليهود فالشفقة محرمة لهم، وإن لم يفعل يخالف الشرع" (ميما وند). بل جرى تفسير وصية "لا تقتل" الواردة ضمن وصايا التوراة العشر بالزعم أنها تنهى عن قتل شخص من بني إسرائيل، لا من سواهم (ميما وند). أكثر من هذا ادعى التلمود أنه من يقتل غير اليهودي "يكافأ بالخلود في الفردوس" أما من قتل يهوديا "فكأنما قتل العالم كله

لم تلبث التأثيرات المتعاظمة لفلسفة التلمود وتعاليمه أن عززت دوافع وعوامل أخرى تضافرت معها لإباحة هذا السلوك في مجتمعات أوربا وامتداداتها الحضارية، بعد أن استشرى تهويد الكنيسة مع تسلل تلك الفلسفة والتعاليم إليها لتخريبها والهيمنة عليها، بحيث باتت ممارسة جرائم إبادة أمم بأكملها تعتبر ضرورة حضارية!
وهكذا نشهد استثناءات صحوة وعي لدى بعض اليهود كقول الكاتب اليهودي البولوني آلان مينك: "قراءتي للتلمود تواطؤ مع الذين يعتبرون أن السكاكين يجب أن تحل محل العصافير" لقد كثرت الدراسات التي رصدت سلوك أفراد الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي عامة الذي ينضح حقدا وسادية وكراهية لكل من هم ليسوا يهودا، إضافة إلى كراهية دفينة للذات أيضا! نشير إلى دراسة بعنوان "سيكولوجيا سادية" أنجزها الباحث الإسرائيلي أشير أريان يوم 1-5-2003م استعرضت نماذج صارخة للإجرام الإفرادي والجمعي الإسرائيلي- وخاصة في صفوف القوات المسلحة -ورد الباحث هذا السلوك إلى البعد العنصري الصارخ المهيمن على المناهج التعليمية والأدب العبري الذي استقى مادته الرئيسة من الكتب الدينية اليهودية الشوهاء، مثل أسفار الخروج، وتقديس الشخصيات التاريخية التي أوغلت في الإجرام ضد الكنعانيين العرب، مثل "ديبورا" وشمشون.
وصف الحاخام العنصري عوفاديا يوسف اليهود الغربيين (الأشكناز) الذين أسسوا الحركة الصهيونية وقادوا غزوها لفلسطين، بأنهم مصدر كل شر، وخاطبهم يوم 26-11-2003 قائلاً بعد سلسلة من الشتائم لهم: "لماذا جئتم إلى هنا، بعدما كنتم في الغرب.. في الجحيم؟ " لكن هذا الاتهام لليهود الغربيين لا يكفي لتفسير الواقع الراهن في الجيش والمجتمع الإسرائيليين، وإن كان يلتقي مع ما ذهبت إليه الكاتبة جوزيت آليا- وسواها كثير- في كتابها" النجمة الزرقاء والقبعات السوداء " الصادر سنة 1999 في باريس عن تعاظم تناقضات الهوية في المجتمع الإسرائيلي"، وما قرره الكاتب الإسرائيلي توم سيجيف في كتابه "مابعد الصهيونية وأمركة إسرائيل" عن دخول مرحلة مراجعة وإعادة نظر في كثير من المسلمات التاريخة والوطنية والعقائدية ومسائل التعامل الداخلي والخارجي، بعد اضمحلال الأيدولوجيا أمام هجمة قيم العولمة الأمريكية والأصولية اليهودية، وافتضحت عدة أكاذيب شكلت في الماضي أساسا راسخا للوعي العقيدي الصهيوني وما ترتب عليه من سلوك جمعي جسدته قيم ومعتقدات أخذت تتهاوى الآن.
يلتقي هذا التفسير مع ما رآه جدعون سامت، في سياق متابعته تصاعد الجنون القيادي واستشراء سلوك العسكريين الوحشي وتجاوب معظم المدنيين معه، من أن إسرائيل باتت "دولة مريضة من دون مفهوم.. مهددة بالتفكك والانهيار"

تكرر العبث الإسرائيلي الحاقد بحياة المدنيين والجرحى والأسرى والمنكل بجثث الشهداء في آلاف الحالات على امتداد الصراع ضد الغزوة الصهيونية التي اغتصبت الوطن الفلسطيني. وقد تصاعدت نتيجة هذه الاستباحة الصهيونية شكوى مريرة في أوساط العرب والمسلمين من أن دم العربي والمسلم قد بات رخيصا لايقلق أحدا، بينما مقتل يهودي واحد يستنفر قادة حكومات الغرب والشرق ووسائل الإعلام ومنظمات ومؤسسسات دولية وإقليمية، وينددون تلقائيا بأعلى صوت وأقسى إجراءات باستخدام العنف ضد إسرائيليين. لقد صمت أولئك أنفسهم سنين إزاء سقوط عشرات آلاف الفلسطينيين شهداء وجرحى، وأغمضوا عيونهم إزاء آلاف من فلسطينيين وعرب آخرين جرت تصفيتهم جسديا على أيدي أفراد الجيش الصهيوني بعد اعتقالهم. تجاهل هؤلاء إلى حد التواطؤ الصاروخ ماعرضته شاشات التلفزة من مشاهد اغتيال أطفال فلسطينيين والتمثيل بالجثث وقتل أسرى ومعتقلين وارتكاب مذابح جماعية وتدمير آلاف المساكن والمزارع بصواريخ طائرات f-16 وعموديات أباتشي والبوارج الحربية والدبابات!
لقد نشرت وسائل النشر والإعلام الإسرائيلية آلاف الكتب والمذكرات الشخصية والمقالات التي تضمنت شهادات حية أو اعترافات بارتكاب مجازر وجرائم حرب من قبل عسكريين إسرائيليين من مختلف الرتب، يكفي كل من تلك الاعترافات لإدانة مرتكبها وإنزال أقسى العقوبات به من قبل أية محكمة تحترم نفسها في عالمنا. لكن الإرهاب الصهيوني استطاع أن يسكت معظم أصوات الاعتراض والاحتجاج والإدانة على امتداد العالم حتى الآن.
فلنأخذ مثلا صارخا: صفحات قليلة من سجل الجنرال أرئيل شارون، رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يصر الرئيس جورج بوش الابن على تبرير كل جرائمه المتجددة المستمرة وتسميته "رجل سلام"، بحيث يجد كثير من الغزاة الصهاينة مسوغا لهم للاقتداء بشارون. ألم تتحدث مثلا مذكرات ضابط المخابرات الإسرائيلي المتقاعد ألينوري مارن عن ذكريات صباه وشبابه مع أرئيل شارون، رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، مفصلة وقائع عمليات خطف شارون للأطفال الفلسطينيين وتلذذه بقتلهم بسادية مفرطة؟
ألم تتحدث تلك المذكرات عن واقعة إصرار شارون يوم الذكرى العشرين لميلاده على أن تكون هدية أصدقائه له عشرين قتيلا من أطفال الفلسطينيين، بدءا برضيع خطفه من أمه التي ردت بغرز أظفارها في وجه شارون فظل يطعنها بخنجرة حتى فصل رأسها عن جسدها، ثم أوقد نارا في كومة حطب جمعها مع رفاقه ورمى الرضيع فيها، وراحت قهقهته تتعالى كلما تعالى بكاء الرضيع وصرخات ألمه، وبعدئذ التفت إلى رفاقه قائلا: هذا واحد من العشرين، أما أمه فلا أحتسبها. بعدئذ تم "اصطياد" خمسة أطفال لم يتجاوز أكبرهم السنة السادسة من عمره، تم إحراقهم جميعا أحياء، ووصل العدد إلى خمسة عشر طفلا مع انتصاف ذلك النهار كما قالت المذكرات، ثم تابع شارون ومن لم يتعب من رفاقه اصطياد خمسة أطفال آخرين.
وصف شاهد آخر هو الصحفي الأمريكي ماينجوان ما رآه عندما ارتكب شارون ووحدته العسكرية مجزرة قرية العزازمة فأكد أن مشهد الدماء التي جعلت اللون الأحمر طاغيا على كل لون آخر لأرض الشوارع والجدران والأبواب والنوافذ لا يمكن أن يفارق ذاكرته، وكذلك مشهد تناثر أشلاء وأطراف الأطفال الفلسطيين المبتورة وأحشاؤهم تتدلى من بطونهم التي شقتها خناجر شارون ورجاله.
كتب شاهد آخر هو الضابط أندرو ليه كفيل أنه كان يرافق شارون ووحدته العسكرية، فطرق شارون بابا في قرية فلسطينية محتلة مروا بها وطلب من صاحب البيت ماء وطعاما، فاستضاف الرجل الجميع وقدم لهم ما توفر لديه من طعام، وإذ بشارون بهجم على زوجة صاحب البيت محاولا اغتصابها، فتصدى له الزوج وأربعة من أبنائه بأيديهم لمنعه، لكن شارون ورجاله أطلقوا النار عليهم فقتلوهم، بينما استطاع أبناؤه الثلاثة الباقون الهرب بأمهم.
تحدثت شاهدة أخرى هي الصحفية البريطانية إيزابيل مايدن عن مذبحة أخرى نفذها شارون في حضورها بنساء فلسطينيات بعد تعذيبهن بسادية ووحشية، وكيف أمر إحداهن أن ترمي رضيعها الذي كانت تحمله وهي تركض تنفيذا لأمر شارون أرضا وتتابع الركض عارية لأن بكاء الطفل أزعجه إلى أن مات الطفل لشدة البرد والإرهاق فرماه شارون أرضا وأطلق الرصاص على أمه فسقطت على جثة رضيعها.

أما دور شارون في مجزرة بلدة قبية التي نسف بيوتها جميعا على سكانها وهم نيام فعوقب عليها شارون بغرامة بضعة قروش، وأما تصفيته مئات الأسرى المصريين المكبلين بالأغلال سنة 1956، إذا أمر الدبابات والمدرعات أن تسير فوق أجسادهم، فقد تم توثق شهادات ضباط وجنود تلقوا أوامر شارون ونفذوها أمام القاضي الإسرائيلي ماكسون، فرفعت أسهمه ليصبح لاحقا وزيرا للدفاع. كذلك كان دوره في مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان سنة 1982 التي سقط فيها آلاف النساء والأطفال والرجال العزل من فلسطينيين ولبنانيين فلم يحل تحقيق لجنة القاضي أغرونات البرلمانية معه دون أن يصبح شارون بعد عقدين رئيسا للحكومة الإسرائيلية
اعترف عسكريون إسرائيليون قبل سنوات بقتل آلاف من الأسرى المصريين بعدما ألقوا أسلحتهم ورفعوا الرايات البيض مستسلمين للقوات الإسرائيلية في سيناء لدى احتلالها في العام 1956م، وكذلك لدى إعادة احتلالها في العام 1967. نشرت الصحف الإسرائيلية تلك الاعترافات التي تباهى عبرها مرتكبو هذه الجرائم بما اقترفوه. قال الجنرال أريا بيرو مثلا إنه أمر وحدته بإبادة أكثر من تسعمئة أسير مصري في العريش ليوفر على جنوده عبء حراسة الأسرى وإطعامهم. ولدى سؤاله عما إذا كان يخشى محاكمته بعد الجهر بما فعله من انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن معاملة الأسرى أثناء الحرب، رد باستخفاف: "إذا تم تقديمي للمحاكمة بهذه التهمة فيجب تقديم نصف أفراد الجيش الإسرائيلي على الأقل إلى المحاكمة أيضاً".
لدى الاستفسار من الجنرال اسحق رابين، الذي كان رئيس الحكومة الإسرائيلية لدى نشر الاعترافات ورئيساً لأركان الجيش عندما حدثت جريمة القتل الجماعي للأسرى المصريين التي اعترف بها الجنرال أريا بيرو، قال رابين إنه كان على علم بمثل تلك" الأخطاء" عند وقوعها، لكنه رفض فتح تحقيق بشأنها أو معاقبة مرتكبيها.
توالت اعترافات أخرى بقتل أسرى فلسطينيين ولبنانيين وسوريين وغيرهم، والتمثيل بجثث بعضهم وتعذيب جرحاهم. خرج ضابط المخابرات الإسرائيلي إيهود ياتو مثلا عن صمته، وراحت ذكرياته تتداعى، فتباهى لصحيفة يديعوت أحرونوت أنه استمتع بتعذيب اثنين من الفدائيين الفلسطينيين عندما تم أسرهما بعدما أصيبا بجراح إثر معركة ضارية مع قوة من جنود الجيش والشرطة والمخابرات الإسرائيليين. قال ياتوم إنه استعمل قبضتيه وقدميه وعقب سلاحه في ضرب الجريحين أثناء نقلهما إلى المعتقل، وبلغت سعادته الذروة عندما تلقى تعليمات من رئيس (الشين بيت)، أبراهام شالوم، عبر جهاز اللاسلكي مفادها أنه "لا لزوم للأسيرين، فنحن في غنى عن عناء التحقيق والمحاكمة". عندئذ راح ياتو يضرب رأسي الأسيرين الجريحين بأرض الحافلة والقضبان المعدنية لمقاعدها، حتى تهشمت عظام الجمجمتين ولفظ الأسيران الجريحان آخر أنفاسهما. قال ياتوم أنه لدى افتضاح أمر هذه الواقعة سنة 1986م، تلقى توبيخا بسيطا لم يلبث العفو الرئاسي المعتاد أن ألغاه وأبدل به ترقية استثنائية.
هناك الآلاف من الحالات الإسرائيلية المماثلة، لكن الاستثنائي هو أن الجنرال إرئيل شارون منفذ مجزرة قبية ومجازر الدوايمة وغزة وصبرا وشاتيلا قام في حزيران (يونيو) 2001 بتعيين إيهود ياتوم هذا مستشاراً لرئيس الحكومة في شؤون مكافحة الإرهاب. كان بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، قد عين بدوره داني ياتوم، شقيق إيهود والرئيس السابق للموساد، مستشارا له لشؤون الأمن. احتفظ إيهود باراك بياتوم عندما خلف نتنياهو في رئاسة الحكومة، وأرسله مبعوثا لمقابلة بعض الرؤساء العرب. وجه شارون صفعة أخرى للعرب بتعيين إيهود ياتوم، قاتل الأسرى المكبلين -كما وصفه يوسي ساريد زعيم المعارضة البرلمانية الإسرائيلية- منسقا للعلاقات الإسرائيلية -الأردنية!
واعترف دانيالرييه سديه في حديث لصحيفة كول هعيرا في منتصف آذار (مارس) 1998، ذكرى مرور عشرين سنة على الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان، بأنه سمح لقائد سرية لديه اسمه رؤوبين بقتل شاب مقيد من عنقه إلى مجنزرة تابعة لسريته، من بين ثلاثة أسرى جاء للفرجة عليهم! واعترف دانيال فينتو الذي كان قائد سرية إسناد آنذاك أن جنوده اعتقلوا أربعة من سكان قرية عين بعل اللبنانية، منهم صبي في السادسة عشرة، فأمر بتقييد أيدي الأسرى وأرجلهم بحبال بلاستيكية، ثم راح يتلذذ بتعذيبهم إلى أن ضجر وشارف على الإعياء فراح يخنقهم واحدا بعد الآخر بحبل بلاستيكي، وأمر جنوده برمي جثث الأسرى الأربعة في بئر بساحة البيت الذي جرت حفلة التعذيب فيه. وعندما لفت جندي نظره إلى أن السكان يشربون الماء الذي يستخرجونه من ذلك البئر، ضحك قائلا: هذا أفضل، فليشربوا عصير الجثث! إن الصحف الإسرائيلية زاخرة باعترافات يتباهى أصحابها من ضباط وجنود بجرائمهم ضد الأسرى والمدنيين العرب وبتمثيلهم السادي بالجثث وبالأحياء على حد سواء.
يفسر الكاتب الصهيوني ريتشارد كوهين الأمر إذ يقول: "التاريخ يلوم إسرائيل.. إن الأماكن الوحيدة التي نجحت ثقافة غربية في زرع نفسها وقيمها فيها هي تلك الأماكن التي تم فيها استخدام الضغط السكاني الكبير (تهجير جماعي) وأساليب الإبادة الجماعية في استئصال السكان الأصليين... أليس هذا ما حدث في الولايات المتحدة أيضا؟.."
فضح يوسف نحماني، أحد قادة الغزوة الصهيونية لفلسطين، بدوره تفاصيل مجازر مروعة تم طمس وقائعها لخمسين سنة، واعترف في مذكراته التي نشرتها صحيفة معاريف في العام 2002 بأن المجازر التي قاد بعضها وشارك في سواها في الجليل، شمالي فلسطين، وخاصة في قرى الصفصاف وعيلبون والصلحة ومدينة طبريا، لترويع الفلسطينيين واقتلاعهم من بلادهم وتهجيرهم تحت ضغط القوة والرعب، قد فاقت مذابح النازية بشاعة. "ونقل نحماني عن رئيس إسرائيل السابق حاييم وايزمان تساؤله في لقاء جمعهما في فندق على شاطئ بحيرة طبريا: من أين تعلم أبناؤنا ارتكاب الأعمال الوحشية الرهيبة بحق السكان العرب، من سلب وقتل واعتصاب، وكل هذا سوف يرتد علينا؟".

لقد وصل الأمر بإسرائيليين بارزين هم البروفيسور أنان بيليتزكي وأندريه درازين وحاييم هانكبي ويهوديت هاريل ومايكل وارشوزكي وأورين ميديكس، حداً فاق قدرتهم على احتمال المزيد من الجرائم التي يراقبونها يوميا ويتمعنون في جذورها وعواقبها على مجتمعهم ومصيره، فنشروا يوم 21-7-2004م ما سميت "وثيقة أولغا" التي حذرت من استمرار الصراع مئة عام أخرى تنتهي بالإبادة ما دام المجتمع الإسرائيلي "متوحدا حول حقيقة صهيونية ترتكز في الواقع على رفض الاعتراف بشعب هذه البلاد (فلسطين) وإنكار حقوقه وطرده من أراضيه واعتماد الفصل العنصري مبدأ وأسلوب حياة". حذرت الوثيقة أيضا من أن "إسرائيل في العام 2004 دولة تسير على طريق المجهول، فبعد 56 سنة من تأسيسها، ورغم إنجازاتها في الزراعة والعلوم والتكنولوجيا، ورغم كونها قوة عسكرية إقليمية كبرى لديها أسلحة فتاكة، يعيش عدد كبير من مواطنيها في يأس وقلق وخوف دائم. اعتمدت إسرائيل منذ إنشائها على قوتها العسكرية للبقاء.. ولا تزال غارقة حتى أذنيها في احتلال الآخرين واضطهادهم وانتهاج سياسة التوسع العسكري والاستيطاني.. وتربي أجيالها على الحقد والكراهية.. وتطبق قوانين عنصرية على الفلسطييني. إن القادة الصهاينة يصورون الفلسطينيين على أنهم دون البشر.
إننا نرفض باشمئزاز هذه الغطرسة العنصرية".
لقد كرر عدد من الإسرائيليين ما كتبته الصحافية (بيلي مكسونا ليرمان) المحررة في صحيفة معاريف بعدما عرضت مشاهداتها للمجازر والجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في رفح في ربيع العام 2003، إذ قالت: "عشت أربعا وعشرين ساعة من الجنون والرعب والخوف اشتعلت فيها أعصابي وتسارعت دقات قلبي بعنف، وفهمت معنى العيش مع الموت السيئ بالبنادق والدبابات والبلدوزر الذي يدمر حجرة نومك ومطبخك، أربعا وعشرين ساعة مما يعيشه الفلسطينيون دائما وباستمرار -كل يوم- فشعرت للمرة الأولى أنني لا أريد القول إنني إسرائيلية، فالإسرائيلي يمثل أسوأ الشرور على وجه الأرض، إنه يعني هدم المنازل والقتل الوحشي وهدم البيوت بالبلدوزرات والقصف والدبابات والإذلال والإهانة والتجويع والإفقار.
قبلها كتبت صحافية اسرائيلية أخرى هي عميرة هاس عن مشاهداتها في الضفة الغربية الفلسطينية قائلة: "الانتفاضة الفلسطينية محاولة غريبة من الفلسطينيين على مرأى من العالم كله لدفع الإسرائيليين إلى النظر في المرآة حتى يروا وجوههم الحقيقية ويعرفوا أي نوع من العنصريين هم في زمن زوال العنصرية والاضطهاد في العالم كله تقريبا"
حاول قادة عسكريون إسرائيليون تفسير ظاهرة الايغال في الإجرام التي تفاقم تأثيرها على سلوك الجنود الإسرائيليين. قال الجنرال شاؤول موفاز، وزير الحرب الصهيوني، مثلا: "إن هناك أسئلة مطروحة علينا بشأن الكثير من المسائل المتصلة بالعلاقة بين الجيش والمجتمع. أعتقد أن نوعا من التصدع في تضامن المجتمع عموما قد حدث في السنوات الأخيرة، إذ أصبح هناك انحسار في النزعة الوطنية ونمو في النزعة الشخصية. نحن كجيش بحاجة إلى إيجاد الحلول الضرورية والأنماط السلوكية الملائمة... الجيش الإسرائيلي يواجه الآن تغييراً عميقاً في نمط عملياته وبناء قواته وعقيدته القتالية ونوعية أفراده وثقافته التنظيمية" قال الجنرال موفاز هذا قبل نحو ست سنوات- عندما كان رئيسا للأركان- وقد تفاقم الخلل القيمي والأمراض السلوكية في الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين، كما تفاقم اتساع الشرخ بين هذا الجيش والمجتمع الذي أفرزه.
ذكرت دراسات عدة أن ثلث المرشحين الإسرائيليين للخدمة العسكرية باتوا يتوجهون إلى الأطباء النفسيين، وأن 70% ممن يتم تسريحهم من الجيش تنهى خدماتهم بسبب مشاكل نفسية، أما الانتحار الذي تتصاعد أرقام ضحاياه من العسكريين باطراد فقد ذكرت صحيفة معاريف في تموز (يوليو) 2004 نقلا عن تقرير داخلي لقيادة الجيش الإسرائيلي أن الانتحار بات ظاهرة متزايدة في أوساط العسكريين الإسرائيليين وسببا رئيسا لموت الجنود. لقد أغمض الجيش والمجتمع الإسرائيليان الأعين وأغلقا المدارك عن الأسباب الحقيقية لهذه الظواهر تحاشيا لمواجهة مع الذات تتناول الأصول والجذور والأسس. وإذا كان وهم "الجيش الذي لا يقهر" قد سيطر طويلا على أذهان الصهاينة وحماتهم، مثلما سيطر وهم "شعب الله المختار"، فإن هذه الأوهام تعيق يقظة وعي تستجيب لدعوات تحاشي هزيمة تاريخية في غزة، وتجنيب صراع يدوم مائة عام مع الفلسطينيين {كما توقع المفكر الاستراتيجي الإسرائيلي جيفري أرونسون قبل ربع قرن} يستنفر بعد حين مشاركة مليار مسلم، أو لدعوة أوري دان إلى "محاكمة كل المسئولين عن الحقيقة المؤلمة المتمثلة بأن الجيش الإسرائيلي قد لاذ بالفرار {من لبنان}، وأن كل محاولات رئاسة الأركان لغسل أدمغتنا لا تغير الحقيقة: لقد رأينا جيوشنا تفر مثل البعوض"

لقد نقلت شاشات التلفزة مشاهد حلقات رقص إسرائيلية وتبادل التهاني وتوزيع الحلوى في الشوارع كلما سرت إشاعة عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عقب نقله للعلاج في باريس. تكررت الاحتفالات كلما ظهرت مشاهد قتل جماعي وتدمير شامل تمارسه القوات الأمريكية في الفلوجة والرمادي وبعقوبة والنجف وبغداد، بعدما وصف معظم قادة إسرائيل غزو القوات الأمريكية العراق واحتلالها إياه بأكبر انتصار استراتيجي لإسرائيل في حرب خاضها الآخرون دفاعا عنها وتثبيتا لوجودها. كان نفس الموقف الشامت السعيد بتدمير الآخرين قد جعل البرلماني السابق والصحافي الإسرائيلي أوري أفنيري يعلق على "وصول انتشاء المجتمع الإسرائيلي ذروته لتدمير العراق من قبل القوات الأمريكية" بقوله: تدل استقصاءات الرأي على أن الشعب الإسرائيلي ليس يمينيا ولا يساريا، بل هو مجنون!
قال المفكر اليهودي الأمريكي البارز نعوم تشومسكي: "المجتمع الإسرائيلي لم يقدم حتى الآن سوى هتلرات صغيرة، أما هتلر الكبير فسيولد في وقت آخر ليقيم إسرائيل الكبرى.. على أنقاض الشرق الأوسط. هذه دولة خطرة على اليهود أنفسهم.. كيف يتفاقم هذا الاستغراق في اللاعقلانية الذي يتجلى في التعامل مع الفلسطينيين الذي هم شعب ديناميكي.. كما لو أنهم كمية بشرية مهملة يمكن إلقاؤها في ذلك الوعاء الفضفاض الذي يدعى النسيان!.. الدولة العبرية تتجه في خطى ثابتة نحو العدم.."
كما كتب الصحافي الإسرائيلي - روسي الأصل- يسرائيل شامير في صحيفة هآرتس: "لقد تجاوز إجرامنا إجرام روسيا في الشيشان، وإجرام أمريكا في فيتنام، وإجرام صربيا في البوسنة، إذ يقوم جيشنا اليهودي بقتل المدنيين وهدم البيوت وتجويع الملايين ومحاصرة المدن والقرى الفلسطينية.. إن عنصريتنا ليست أقل انتشارا وأذى مما كانت عليه عنصرية الألمان، فلنعترف بصراحة أننا كنا ضد العنصرية وفرق القتل وجرائم القوات الخاصة عندما مارسها آخرون، اما فرق القتل العائدة لنا والقوات الخاصة اليهودية فتثير إعجابنا.. إن أدمغة الإسرائيليين تغسل منذ دخولهم رياض الأطفال لتلقينهم الغطرسة والتعالي على سائر البشر الآخرين واستباحة أملاكهم ودمائهم وأموالهم.. إن الدولة اليهودية هي المكان الوحيد في العالم الذي تنشط فيه وحدات قتل قانونية، والذي يجيز الاغتيالات وممارسة التعذيب بمستوى ما كان يحدث في العصور الوسطى.. إما أن نتوب، وإما أن نحترق كأهل سدوم!".
فسر البروفسور يوسي يونا، الأستاذ في كلية التربية بجامعة النقب بدوره ظاهرة تفشي العنف والجريمة في المجتمع الإسرائيلي، بحيث تصدرت إسرائيل المرتبة الأولى في سلم ممارسة العنف بين تلاميذ المدارس سنة 2001 بنسبة 24% مقابل 14% لأستراليا و 10% للولايات المتحدة و 9% لإيطاليا و8% لبلجيكا و7% لتركيا وفلندا و6% لكندا و2% لهولندا و1% لليابان، فقال: إن الأمر ناجم عن " خضوع المجتمع الإسرائيلي لمنطق القوة وممارسة العنف، وسيلةً وحيدةً لحماية وجود هذا المجتمع وبقائه،فقد بات العنف جزءا لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي ، ويتعلم المجتمع أن القوة هي السبيل الوحيد لحل المشاكل.. نريد أن يكون أولادنا عنيفين تجاه الأعداء، لكننا لانستطيع منع المسار الطبيعي الذي يجعل تلك القوة ترتد إلى داخل منظومتنا المجتمعية ذاتها".
يلتقي هذا مع ما خلصت إليه دراسة الكاتب الإسرائيلي عساف عنبري عن الفكر والثقافة في إسرائيل من أن "الجيل الإسرائيلي الحالي هو جيل الانهيار" إنه نفس موقف الوزير السابق العنصري المتطرف أفيغدور ليبرمان الذي قال يائسا في مقابلة صحفية: "إذا استمرت هذه السياسات والاوضاع الإسرائيلية فسوف تنهار الدولة خلال عشرين سنة".
مثله رأى مارتين فان كريفلد، أستاذ الدراسات العسكرية في قسم التاريخ بالجامعة العبرية في القدس المغتصبة، الهولندي المولد الذي التحق بالمشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين في العام 1950، بعد سنتين من اغتصابها وإقامة إسرائيل عليها، إذ قال في مقابلة مطولة مع الصحفي غيورا أيالون نشرت تحت عنوان "إسرائيل ستتفكك" أن الصراع الصهيوني ضد الفلسطينيين خاسر وسينهي إسرائيل في نهاية الأمر، مهما فعلوا، تماما كما لم يفلح بطش النازيين في تجنيبهم الهزيمة. هذا ما حدث للفرنسيين في الجزائر وللأمريكيين في فيتنام- الذين لم يساعدهم إلقاء ستة ملايين طن من القنابل على الفيتناميين - وللروس في أفغانستان وللجيش الإسرائيلي في لبنان، وسيتكرر للمشروع الصهيوني في مواجهة الفلسطينيين".
ساق كريفلد عدة مؤشرات على تدهور الجيش الإسرائيلي بدءا بقيادته وانتهاء بجنوده، مثل تفشي الغباء والاستهتار بين القادة، والتهرب الواسع من الخدمة العسكرية وتفشي تعاطي المخدرات وتهريبها والمتاجرة بها، وبيع أسلحة الجيش لتنظيمات المقاومة الفلسطينية، وتفكك الجيش عموما بما يشجع الصهاينة على الهجرة إلى أمريكا وأوروبا وأستراليا، واعتماد عمال أجانب مدنيين من رومانيا والفلبين وسواها لحراسة وبناء قواعد ومستودعات ومنشآت عسكرية وأمنية فائقة السرية - من الباطن- مقابل أجور زهيدة، بدلا من الجنود الإسرائيليين!..
لقد كثرت الدراسات والتحقيقات التي تبحث في أوضاع وانحرافات الشباب الإسرائيلي، خاصة في الجيش، واشتد قلق المجتمع الإسرائيلي وازداد اليائسون فيه بعدما التقت تلك الدراسات عموما على أن الشباب الاسرائيلي عنيف، يفرط في معاقرة الخمر وتعاطي المخدرات والانحلال الجنسي والدعارة، ويعاني قلقا عميقا دائما وخوفا وجوديا وافتقار إلى مبرر الحياة، مما يزيد من تفشي ظاهرة الانتحار.
لخص المؤرخ طوني جوت المسألة بشكل واضح ومباشر في مقالته المعنونة "اسرائيل: البديل"، فشدد على أن جوهر المعضلة كامن في تكوين ونشأة إسرائيل ككيان شاذ مضاد لوظيفته، فرغم تبجحها بالديمقراطية وتغني حماتها ورعاتها في الغرب بديمقراطيتها، رأى أنها تناقض عمليا على نحو جذري وسافر المبدأ الأساسي للديمقراطية، أي المساواة بين المواطنين، إذ تمارس قاعدة التمييز الصارخ بين اليهود والعرب. إن البديل هو تحويلها إلى دولة لكل مواطنيها، فلا تعود دولة يهودية كما أراد لها مؤسسوها وزارعوها فوق فلسطين.
باختصار، لا يصح آخر الأمر سوى الصحيح، مهما طال الزمن، فسرقة وطن بأكمله بالقهر والإرهاب والمجازر والتواطؤ الدولي، وتشريد معظم شعب ذلك الوطن من مدنه وقراه وأرضه بالقوة الطاغية والبطش وتحت طائلة القتل الجماعي والإبادة الشاملة، بحجة زرع كيان يهودي بديل في تلك الأرض يشكل امتداداً للحضارة الغربية، ونموذجا للتجربة الديموقراطية، ومختبرا للنجاح العلمي والتقني المدعوم بقوة عسكرية هائلة... كل ذلك هو مشروع لابد أن يتآكل من داخله بأمراضه وآثامه آخر الأمر، مثلما يتهاوى في نفس الوقت تحت وطأة المقاومة التحررية لضحاياه. إن مصيره لن يكون استثناء لما سبقه من كيانات اغتصاب عنصرية غاشمة، مهما تلقى من دعم وحماية وتواطؤ القوى التي غرسته غدرا واعتداء في فلسطين.
 
رد: الحالة الإسرائيلية.. انظروا ماذا يفعلون بجثثنا

اللعنة على اليهود ولاكن للاسف الشديد حتى العرب يفعلون هذا بأنفسهم (انظر الى مايقوم به النظام السوري بشعبه) فكيف تنتظر من اليهود والغرب ان يرحمو العرب والمسلمين
 
عودة
أعلى