غدا العراق مسربلاً بالدم والقتل، يرزح تحت نار الفتنة والتقسيم، ويعيش أبناؤه ما بين نازح ومهجر، ومعتقل في سجون الاحتلال، وفي غمرة الأحداث وتكالب الأعداء والخصوم والمتنافسين على هذا البلد تم إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ليطووا بذلك سيرة مليئة بالأسرار والحقائق.
وصدام حسين ليس مجرد رئيس دولة، فسيبقى اسم هذا الزعيم الراحل خالدا في التاريخ، كما أن شخصيته وسيرته الذاتية ستبقيان مصدر جدل بين مؤيد ومعارض له الى ان تكشف قابل الأيام المزيد من الأسرار.
والرئيس الراحل ومنذ ان تولى منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس الراحل احمد حسن البكر وحتى قبل ذلك بسنوات منذ ان شارك ففي محاولة اغتيال الرئيس عبدالكريم قاسم في العام 1959م، وما تلا تلك الحقبة من أحداث، كان فيها له نصيب كبير من قرارات الحرب والسلم، وكانت الحقبة التي حكم فيها العراق، تشتهر بالأزمات الدولية، والاقليمية التي تصدى لها لما عرفف عنه من قوة الشكيمة والقدرة على الصمود في وجه الصعاب والأزمات، وكانت تعرف فترة حكمه ب "حقبة الأزمات"، إلا أنه لم يسعفه الحظ ولم يناصره أحد في مواجهته لأقوى قوة دولية في العالم ورغم ذلك بقي صامداً ورفض المساومة على مصيره ومصير بلاده وواجه الغزو بشجاعة، وبقي متمسكا بمبدئه، حتى وهو واقف على منصة الإعدام عندما قال لجلاديه "لا تنتظروا مني رجائي اياكم".
وصدام يعد مرحلة تاريخية بعينها، لما شكله من ارث سياسي وفكري لفترة من الزمن، حيث قاد العراق الى عدة حروب ومواجهات ومغامرات وسط تحديات اقليمية ودولية، ودخل حروب كر وفر، وتعرض لعدة محاولات اغتيال وتهديد ومجازفات، وظل محافظا على وحدة العراق حتى الغزو الأمريكي البريطاني للعراق في ابريل عام 2003م.
ورغم اقصائه عن السلطة واحتلال بلاده إلا أنه كان يراهن على المقاومة للصمود بوجه الغزاة الطامعين حتى وشى به أحد مرافقيه وتم القاء القبض عليه ومحاكمته وتنفيذ حكم الإعدام عليه في يوم عيد الأضحى المبارك الماضي.
ومع هذه الضبابية في المشهد العراقي الحالي، كانت "الرياض" سباقة الى ولوج اسرار وخبايا العراق، والحصول على وثائق لم تظهر للعلن، بالحديث مع أحد الرموز العشائرية ذات المصداقية في رواية الأحداث من دون أي توليف أو تجيير لأحد، خاصة انها مقربة من دوائر صنع القرار لفترة طويلة، وهو الشيخ علي الندا، شيخ عشيرة "البيجات" التي ينتمي اليها صدام حسين، وهم (التكارتة) من العرب السنة ويقطنون محافظة صلاح الدين (تكريت) والتي تبعد عن العاصمة العراقية (بغداد) 80كيلومترا شمالا، وهي مدينة صلاح الدين الأيوبي، وقاطنوها من العرب السنة وهم عشائر عراقية معروفة وقد حكموا العراق (أهل تكريت) والذين يعرفون باسم "البيجات" ومنهم احمد حسن البكر وصدام حسين وعدنان خير الله وعلي حسن المجيد وحسين كامل وبرزان ووطبان وسبعاوي وحردان التكريتي وآخرون سوف يأتي ذكرهم بهذا الحوار المطول مع شيخ عشيرة صدام حسين وأخي زوجة الرئيس العراقي الأسبق احمد حسن البكر الشيخ علي الندا حسين العمر شيخ عشيرة البو ناصر وهو من مواليد 1953، من سكنة العوجة في تكريت، وتحدث عن عشيرته وعن أهل تكريت وعائلة صدام حسين والبكر والطريقة التي تم بها صعودهم الى الحكم حتى استلام جثة صدام حسين وأخيه وأبنائه وتفاصيل اخرى بهذا اللقاء الموسع التي تنشره "الرياض" في جزأين، فإلى الحوار:
تحدث الشيخ علي الندا شيخ عشيرة البيجات ل"الرياض" عن القيادات العراقية من تكريت وتاريخ هذه القيادات في العمل السياسي والأمني في العراق..
@ ينتسب عدد كبير من عشائر منطقة تكريت الى لقب "التكريتي" فمن أين جاءت التسمية؟ أم هي مرتبطة بمدينة تكريت نفسها؟
- الانتساب الى مدينة تكريت مجرد لقب، ولا توجد عشيرة اسمها تكريتي، بل هو اسم المدينة، وجميع العشائر المجاورة لها يسمون بالتكارتة، مثل الجبور والدليم والبو ناصر وعوائل أخرى وهو لقب وليس أصلا ونسبا، ومعظم سكان المدينة حالياً ليسوا أصلا تكريتيين "تكارتة".
وتكريت مدينة معروفة منذ آلاف السنين، وهي التي أنجبت البطل المعروف صلاح الدين الأيوبي، كما ان اقدم كنيسة في العراق هي الكنيسة الخضراء في تكريت، وسبب تسمية المدينة بهذا الاسم ليس مؤكداً إلا أنه يقال ان هذه المنطقة حكمتها امرأة نصرانية وكانت تدعى ب (تك رئه) أي نصف رئة، فكان يقال تك رئة حتى تحولت بعد ذلك الى تكريت.
@ ومن هم أهلها الأصليون إذن؟
- السكان الأصليون هم عشائر البو ثويني وباقي العشائر وبعض العوائل هم من مدينة حديثة مثل عشيرة الشيايشة وهم ينسبون الى الشيشان جنوب روسيا، وقسم يعود الى قبيلة عنزة المعروفة وقسم من قبيلة طي الكبيرة والتي منها قبيلة شمر، والمدينة جمعت الكثير منهم، وعائلة البو ناصر التي انتسب لها وينتسب الرئيس العراقي الراحل احمد حسن البكر وكذلك الشهيد صدام حسين هي من اليمن، ثم انتقلوا الى حلب وحران تحديدا ومن ثم انتقلنا الى العراق في عهد العثمانيين وتولى كبير عشيرتنا الحكم في تكريت.
@ من أول من حكم تكريت من عائلتكم؟
- ناصر الدين الذي نحن لقبنا باسمه البو ناصر والتي تعود للإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهذا موثق ومعروف بالوثائق الرسمية والكتب التاريخية.
@ أسماء عائلات "التكارتة" أو "البيجات" أو "البو ناصر" ممكن توضح لنا هذه التسميات وما هو الفرق بينها؟
- "البيجات" هم جزء من عشيرة البو ناصر، يعني مثلاً كما يقال آل محمد الجربان من شمر أو المصطفى من العبيد، والبيجات البو ناصر كذلك هي نسبة الى التسمية العثمانية وهي (البيك)، وهي نسبة الى جدنا الثالث عمر بيك وهو لقب معنوي واسم شرفي لرفع المقام، مثل لقب (الياور أي حافظ الأسرار أو المؤتمن أو الرجل المخلص)، وأنا اسمي علي الندا حسين العمر ومن لقبه (عمر بيك) جاء لقبنا "البيجات"، ومن هنا جاءت التسمية.
@ إذا أنتم عرب اقحاح ولستم كما ادعى البعض انكم كرد متعربون، وتنتمون الى المذهب السني أليس كذلك؟
- نعم نحن عرب من اليمن، ومذهبنا سني، ولو أنه يؤسفني أن اضطر لتعريف نفسي هذه الأيام بذلك، لأننا في السابق لم نكن نعرف بالتسميات المذهبية، أو الطائفية إلا ان الحال تغير بعد احتلال العراق وأتت التسميات الجديدة والتقسيمات المناطقية والفئوية، نعم نحن عائلة عربية ومسلمون سنة.
@ كم يقدر عدد أفراد عشيرة "التكارتة"؟
- البيجات بحدود 7آلاف والبو ناصر 35ألفا، ويوجد لدينا احصائية للموجودين في العراق، اما عن البو ناصر الموجودين في سوريا والمناطق الأخرى فلا توجد احصائية رسمية بذلك، ولكن هؤلاء حالهم حال العشائر الأخرى ولم يكونوا في السلطة.
@ هل هناك خاصية من بعض العادات والتقاليد التي تميزتم بها سواء في العادات الاجتماعية أو الدينية أو السلوكية أو ما الى ذلك من أعراف أو خصائل؟
- الحقيقة نحن عشيرة البو ناصر أو بالأحرى سكنة تكريت نحمل نفس العادات والتقاليد والدين والمذهب وهي متقاربة مع قبيلة شمر أو العبيد والدليم والجبور في المناسبات الدينية والاجتماعية ونفس السلوك والطباع وحتى التقارب بالمفردات واللغة وكذلك اللباس والأعراف والعادات الاجتماعية الأخرى، ولذلك تجد من ينسبون صدام حسين "رحمه الله" الى هذه القبيلة أو الأخرى لأنه يحمل نفس الصفات والطباع واللهجة والخصائل.
@ هل صحيح أنكم تتزوجون نساء من بعض العوائل والعشائر، ولكنكم ترفضون تزويج بناتكم ممن يطلب منكم الزواج ويقتصر زواج نسائكم فيما بينكم فقط؟
- نعم كنا نأخذ من نساء العوائل المعروفة ولا نعطي نساءنا لأحد غير أقاربنا، وهذه عاداتنا وتقاليدنا.
@ كنتم متزمتين في هذه الحالة الاجتماعية فيما يخص هذا الشأن؟
- أنا بصفة شخصية لا أعتقد انها عادة سوية في عشيرتنا، وفيها (تخلف)، لأن العرف جرى على أن في تصاهر العرب تقربا وتوادا، ولكننا كنا متشددين في هذه المسألة، مع اننا نقبل أن نتزوج من بنات العشائر الأخرى. وقد يكون هناك سبب لرفضنا تزويج بناتنا من العشائر الأخرى، هو ان نساءنا لا يظهرن على أحد ونحن ملتزمون في هذه المسألة كما انهن يرتدين اللباس الكامل والعباءة، ووالدة صدام حسين كانت حتى رحيلها تلبس عباءتين عباءة على كتفها وعباءة على رأسها و(البيجيات) كان يطلق عليهن لقب أمهات العباءتين!
ومشهور عنا نحن "البيجات" ان نساءنا اذا اضطررن للخروج فلا يكون ذلك الا بعد أن يتسترن بعتمة الليل ولا يرحن أو يغدين الا بمحرم ونكفيهن حاجتهن ولا يضطررن الى العمل.
@ في التركيبة الاجتماعية للمجتمع العراقي تصنيفات منها (أبناء المدينة - الريف - والبادية) أنتم تصنفون أنفسكم من أي شريحة اجتماعية من هذه التسميات؟
- بالنسبة لي شخصيا فأبي كان يعيش حياة البادية (راعي بعير) ويسكن بيت الشعر ويملك الإبل والماشية وبيوت الشعر، وانا ولدت على ظهر الجمل حيث جاء الطلق لوالدتي مريم النجرس وهي على ظهر الإبل، كما ان احد اصدقاء والدي هو الشيخ مشعان الفيصل الجربا.
@ احيانا ينسبون الى الرئيس الراحل صام حسين انه من قبيلة شمر، فلماذا جاء هذا الخلط، هل لأنكم تجاورونهم أم أن لكم نفس العادات والتقاليد أم أنه يحمل صفات عشائرية بدوية متشددة؟
- علاقتنا القوية مع قبيلة شمر المعروفة ونحن معهم أهل بيت واحد نشاركهم الكثير من الأفراح والأحزان من قديم الزمان وهم أبناء خؤولة وعمومة لنا، وعلاقتنا مع بيت الشيخ عجيل الياور الجربا من قديم الزمان، وكذلك مع بيت فرحان باشا ومنهم سعود الباشات وأولاده وعلاقتنا عائلية واجتماعية وتاريخية معهم.
@ بما أنك تطرقت إلى هذه النقطة أيزمن العثمانيين مناطق شاسعة من بغداد إلى الموصل، ويقال انه لم يأخذ منكم الضريبة (الأتاوة) أسوة بباقي العشائر، فهل هذا صحيح؟
- نعم لم يكن يأخذ من كل منطقتنا، وكان من يأتي إلى منطقة البوناصر أو البيجات فهو معفي من الضريبة (الخاوة) وهذا سرى كعرف منذ زمن الشيخ عبدالكريم الجربا.
@ لا يأخذون منكم (الخاوة) أو الضريبة كما يقال، بسب بتقديره لمكانتكم الاجتماعية أو رفض من جانبكم وعدم الاعتراف بتلك السلطة؟
- بطبيعة الحال هي تحمل وجهين، فمسألة الاحترام أقوى من مسألة العنف، والاحترام اعتبره في كل وقت أفضل من العنف، لأن مثل ما قلت أن علاقتنا بقبيلة شمر هي علاقة جيرة واخوة وعلاقات قوية وأزلية ولها جذورها وكل منا يحترم الآخر ويقدر قوته ونفوذه واحترامه ومكانته.
@ يقال إن "البيجات" حكموا وأن أول من حكم منهم هو المرحوم أحمد حسن البكر ولكن هناك من حكم العراق أو تكريت قبله؟
- نعم، هو ناصر الدين وهو جدنا الأول واسمه أحمد، وبعد ذلك شبيب الناصر وبعده عمر بيك، وم حكموا تكريت وليس العراق وقاتلوا الصفويين في سلمان باك جنوب بغداد، ومناطق أخرى مثلاً عندما حاول الصفويون أن يحتلوا مكتبة الشيخ عبدالقادر الجيلاني (الكيلاني) بعث والدي ستين خيالاً لحمايتها، وأخيراً أحمد الحسن البكر وصدام حسين (رحمهما الله) اللذان حكما العراق خلال 35عاماً.
@ بعد الله، من الذي له الفضل في تبوء عشيرة البيجات المركز الاجتماعي الذي أوصاكم أن تحكموا كامل العراق من بعد حكم تكريت؟
- بأمانة شديدة الفضل بعد الله يعود إلى العراقيين الأحرار أولاً ثم المرحوم أحمد حسن البكر وليس فقط للعائلة، لأنه في زمن البكر كان بداية العصر الذهبي للعراق وكان رجلاً عادلاً ونزيهاً ومتواضعاً، وليس له أي طموح على المستوى الشخصي لا بالمال ولا بالجاه أو النفوذ، وأقول هذا الكلام للأمانة والتاريخ وليس لأنه قريبي أو لأني خال أولاده، فهو زوج شقيقتي غيداء الندا، وللامانة التاريخية أقولها، لأن البكر لم يدون مذكراته وحتى يحفظ حقه في التاريخ، فإن هذا الرجل الذي ولد في العام 1914في تكريت والتحق بمدرسة دار المعلمين الفدائية وتخرج منها إلى العمل في مهنة التدريس المقدسة في العراق، ليتركها إلى الكلية العسكرية عام 1938في بغداد ليخوض بعد ذلك بمعاونة رفاقه من حزب "البعث" العراقي مقاومة مشرفة ضد بريطانيا زمن المملكة العراقية، واستطاع بعد ذلك بسنوات طويلة الإطاحة بنظام عبدالرحمن عارف في 17يوليو 1968ليغادر عارف العراق، وفي مساء ذلك اليوم انتخب البكر رئيساً للعراق ليكون رابع رئيس للجمهورية بعد عبدالكريم قاسم وبعدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف.
كما كان البكر قبل ذلك قد نجح في الإطاحة بنظام عبدالكريم قاسم في العام 1963، وتولى منصب رئيس الحكومة.
وتوفي في 4أكتوبر 1982، من دون أن يترك سوى راتبه الخاص، وكان لا ينفق على نفسه أي مبلغ من أموال الدولة، نعم كان يكرم الشيوخ وكبار السن أو المحتاجين بمبالغ قليلة نسبياً، من راتبه الخاص.
وعندما حاول (ناظم كزار) مدير الأمن العام في العراق، الانقلاب على البكر في عام 1973، كان الرئيس أحمد حسن البكر خارج العراق وتأخرت طائرته لمدة ساعة، لان رئيس بلغاريا المرافق له طلب أن تلحق الطائرة فوق بغداد فتأخرت الطائرة عن موعدها مدة ساعة واحدة، فقام (ناظم كزار) باستدعاء عدد من المسؤولين ومنهم حماد شهاب وزير الدفاع ووزير الداخلية في الدائرة بحجة دواعي أمنية لأنه كان يخشى من تحركهم إذا قام بمحاولة الانقلاب واغتيال الرئيس أحمد حسن البكر، وكي يضمن نجاح عملية الانقلاب على السلطة، وبعد أن وصل الرئيس أحمد حسن البكر إلى المطار سأل عن الفريق حماد شهاب، وزير الدفاع، والآخرين وإذا بهم مخطوفين!
@ وصدام حسين الذي كان نائب أحمد حسن البكر أين كان؟
- كان في المطار لاستقبال الرئيس البكر.
@ وكيف انتهى الحادث؟
- انتهى بعد كشف خطة (ناظم كزار) واللحاق به بواسطة الطائرات وهو هارب باتجاه إيران في منطقة (باسمية) وهي منطقة ما بين العراق وإيران.
@ هل طلبوا منه العودة أو الاستسلام؟
- نعم طلبت منه السلطة آنذاك الاستسلام ولكنه رفض فحصل تبادل لإطلاق النار وقتل حماد شهاب وآخرون معه، وأنا شاهدته عندما أتوا به من الطائرة وكان حياً ومقيد اليدين برباط العنق (الكرافة) وكان لونها أزرق.
@ هل اعترف بمحاولة الانقلاب وما كان مطلبه بتلك العملية؟
- نعم اعترف وكانت حجته هو انحراف حزب البعث عن مساره الصحيح ويظهر أنه كانت هناك انقسامات فئوية داخل الحزب، لأن ناظم كزار كان بعثياً ولم يكن هناك أي تدخل خارجي لا من إيران ولا من أطراف أخرى، وإنما خلاف وانقسام داخل الحزب كما ذكرت.
@ هل اتهم أحد بالاشتراك معه في محاولة الانقلاب؟
- حصل لغط من هذا الشيء، ولكن لا أذكر كل شيء بالتفصيل الدقيق، وقد نسي الموضوع ومشت الأمور بشكل سلس وطبيعي.
@ هل شكلت له محكمة قبل إعدامه؟
- أعدم ولا أعرف أين بالتحديد.
@ هل أعدم معه آخرون؟
- نعم أعدم معه آخرون لأنه لا يستطيع أن يقوم بالعملية لوحده.
@ هل هنالك محاولة اغتيال أخرى لأحمد حسن البكر؟
- لا شك هي المحاولة الجدية الوحيدة.
@ كي نتسلسل في سيناريو الأحداث، من الذين خطفهم غير الفريق حماد شهاب؟
- نعم حماد شهاب، وعدنان الشريف، ومنذر رحمن المطلق، وسعدون غيدان، ورجل آخر اسمه يونس..، وكي نعود إلى نزاهة أحمد حسن البكر وحرصه على الدولة، بعد هذه الحادثة كلفت من قبل أخي الكبير بحماية بيت الرئيس لكوني من العائلة، وكان سلاحي رشاش كلاشنكوف وكنت أحمل (جعبة) مخازن الرصاص وهي فارغة فجاءني ابن أحمد حسن البكر (محمد) وقال لي أرى أن حقيبتك فارغة ولم تظهر مملوءة بالعتاد هل لديك ذخيرة كافية؟ فقلت لا.. إن حقيبة الذخيرة فارغة فأعطاني ثلاثة مخازن مملوءة وأعطيته ثلاث مخازن فارغة، وبعد انتهاء الحدث، ذهبت إلى البيت للراحة لان الأمور عادت طبيعية حيث لم يكن في محيط القصر الا سرية دبابات، وهي بقيادة أخي حسن ندى وكان ضابطا وهو مازال على قيد الحياة، وبينما كنت في فراشي للنوم رن جرس الهاتف وإذا بأمي تقول تعال يا علي (الرئيس البكر) على الهاتف، لأني لم أره بعد عودته من السفر فسلّم عليّ قلت وأنا مستغرب أهلاً سيدي الحمد لله على السلامة، فقال سمعت أن ابني محمد قد أعطاك حقيبة بثلاثة مخازن رشاش كلاشنكوف وأنت كما تعلم أنها من أموال الدولة فأرجو أن تعذرني ولا تزعل (وليدي) وتعيدها فلو كانت لي والله ما أخذتها منك، فذهبت وأرجعتها له. وقال الرئيس البكر لي أيضاً: "هل تقبل أن أحاسب أمام ربي بأني أتصرف بأموال الغير"، فقلت له سوف أحضرها حالاً، وفعلاً أحضرتها له.
وقام وأخرج (الدزدان) المحفظة من جيب البنطلون وأعطاني عشرين ديناراً وكانت له قيمتها في وقتها.
@ هل كانت العشرين ديناراً في ذلك الوقت ذات قيمة؟
- نعم كانت ذات قيمة فانا أذكر أن أعضاء القيادة والوزراء عندما كانوا يأتون ليسلموا على البكر في العيد كان يعطيهم عشرة دنانير عيدية وكانوا يسمونها عيدية (الشايب)!
أما أبو عُدي (صدام حسين) رحمه الله، في ذلك الوقت كان الذي يذهب لمعايدته يعطيه خمسمائة وستمائة دينار، وهو نائب أحمد حسن البكر الذي يعطي عشرة دنانير!والأمر الثاني أن أخي محمود الندى خطب امرأة من كركوك، ونحن لدينا سيارتان سيارة (بيك أب وسيارة صالون) يعني تكريت كانت فيها أربع سيارات أو ست فقط وكانت معروفة سيارات ندى بك في المنطقة.وكان محمود الندى أثناء خطبته قريب من الرئيس الراحل أحمد حسن البكر واستقل إحدى سيارات الدولة (سيارة جديدة) وذهب إلى كركوك للاستعراض أمام انسبائه الجدد رغم أن محمود كانت لديه سيارة في ذلك الوقت "بونتياك" ما زلت أذكرها، وهي موديل 1963وهي جديدة، ولما علم البكر في وقتها أصدر قرارا بمنع استغلال سيارات الدولة للأغراض الخاصة.
@ ما هي صلة القرابة بينك وبين أحمد حسن البكر؟
- أولاً هو أحمد حسن البكر العمر وأبي ندى حسين العمر يعني نحن أبناء عمومة، وثانياً أبي كان خاله أي انه ابن عمتي ونحن أخوال أولاده فإنا شقيق زوجته يعني خال هيثم ومحمد وسلام أبناء أحمد حسن البكر.
@ ومن هو الذي توفي من أبنائه في الحادث الشهير في السبعينات؟
- محمد أحمد حسن البكر.
@ هل كان حادثاً عادياً أم غامضاً؟
- كان حادثاً فيه نوع من الغموض!.
@ هل كان متزوجاً؟
- نعم كان متزوجاً وله بنت وكان عمرها شهر ووزجته توفيت معه في الحادث وهي ابنة عبدالكريم الندى، وتوفي معه في الحادث شقيقات زوجته الثلاث وكانت الطفلة الناجي الوحيد من الحادث.
حيث اعترض طريقهم نساف "قلاب" محملاً بالحصى فصدموا به وكان على ما أذكر في العام 1975م.
وكان محمد أحمد حسن البكر "رحمه الله" متديناً جداً، وذكي إلى حد بعيد وكان محباً لوالده كثيراً، وكان يشغل منصب مستشار والده الصحفي، وكان البكر يعول عليه كثيراً.
@ هل كان أحمد البكر عسكرياً؟
- نعم كان عسكرياً من الطراز الأول ويحمل رتبة مهيب ركن.
@ هل تزوج بزوجة أخرى غير شقيقتك؟
- لا لم يتزوج وزوجته هي شقيقتي غيدا الندى.
@ الآن أولاد البكر هم خارج العراق؟
- نعم عبدالسلام يقيم حالياً في الامارات، وأنا على اتصال دائم معه وهيثم يعمل محامياً وعبدالسلام رجل أعمال.
@ نعود إلى عزل أحمد حسن البكر من السلطة وتركه الحكم هل هو رغبة منه، أم أقيل من السلطة؟
- نحن سنتكلم عن سبب الخروج من السلطة حسب ما سمعته فأنا لم أكن بعثياً ولست موظفاً حكومياً أبداً، ولكني مقرب من السلطة كوني من نفس العائلة "البيجات" كما أعرف أنا انه وبعد اتفاقية الجزائر في مارس 1975، حدثت مشاكل حدودية مع إيران، وقد استفزت إيران العراق لاستدراجها للحرب، واجتمعت القيادة وقررت صد العدوان وإيقاف الهجمات الإيرانية وخوض الحرب للجم السلوك الإيراني العدائي واحتلالها بعض مراكز الشرطة الحدودية ودعم المتمردين الأكراد، وكان موقف الرئيس أحمد حسن البكر رافضاً لذلك، وقال إن إيران جارة ولم يرغب بأن تنساق البلاد إلى الحروب بسبب التعديات الإيرانية، وغلب رأي الحلول الدبلوماسية، واعتبر ان إعلان الحرب مجازفة وخسارة كبيرة، فقام أحد القادة وقال أعطني لواء واحد وأنا أسقط إيران، وهذا الكلام فيه مبالغة وتهور طبعا.
@ هل تذكر اسم الضابط الذي اطلق هذا الكلام؟
- لا لا أذكر اسمه، لكني اذكر ان البكر قال، وهو يمسك بسيجارته، وبطبعه الهادئ "وليدي" على كيفك وإذا كنتم مصممون على الحرب أعطوني فرصة ندرس الموضوع" وفي الاجتماع الآخر طلب البكر من وزير الدفاع وقائد القوة الجوية والاستخبارات والمخابرات والمختصين العسكريين والمدنيين في القضايا الحربية، لاجتماع طارئ.
@ من هو وزير الدفاع العراقي في تلك الفترة؟
- الفريق حماد شهاب فقال له أريد أن تقول لي كم نملك من الطائرات وكم تستطيع أن تجند من الشعب للدفاع عن الوطن وكم من الوقت تحتاج وأريد أن تقدم لي مقارنة بين ما يملك الإيرانيون وبين ما نملك نحن من قدرات عسكرية، وفي الاجتماع الآخر قال: "تفضل يا وزير الدفاع فقال الوزير نحن نملك ثلاث مئة طائرة وهم لديهم أربعة آلاف طائرة ولدينا خمسمائة دبابة وهم لديهم أثنا عشر ألف دبابة، يستطيعون خلال أربعة وعشرين ساعة تجنيد مليونين متطوع ونحن نجمع خلال شهرين مائتين وخمسين ألف متطوع فالمعركة غير متكافئة على الاطلاق، ولكن "خوينا" الأخير - الله يرحمه - "صدام حسين" كان مصراً على ردع الإيرانيين، ولما رأى الإصرار قال انتظروني حتى تموز "يوليو" القادم من العام 1979و"أرمي ملابسي" في اشارة للتخلي عن كرسي الحكم، وفي يوليو 1979قدم أحمد حسن البكر استقالته للقيادة معتذراً عن الاستمرار على هرم السلطة.
@ هل قدم استقالته للقيادة أم لنائبه في ذلك الوقت؟
- لا.. قدمها إلى القيادة العامة في العراق.
@ ظروف وفاته، هل لديك معلومات عنها وهل كانت طبيعية أم هناك ملابسات أخرى تشوب ظروف الوفاة كما اشيع عن حالة وفاة البكر؟
- نعم هو توفي وفاة طبيعية، غير انه كان يشكو من مرض السكري وكان يأخذ الإبر وكان دكتوره الخاص الطبيب المرافق له، فيقال انه اعطاه الإبرة "الحقنة" الخاصة بمرضه وحقيقة لم نكن نعرف ما كان بداخلها سوى ان الغلاف كان الإبرة لمرض السكر اما ماذا في داخلها "الله أعلم".. وبعد ربع ساعة ذهب إلى الحمام وسقط وقد فارق الحياة.
@ هل تذكر اسم طبيبه الخاص الذي أعطاه الإبرة؟
- نعم اذكره وهو الدكتور فائق الجبوري وكان قبل ذلك يعمل في صحة تكريت ثم سحب بعد ذلك إلى المخابرات في بغداد.
@ أي انه كان طبيبا ويعمل في المخابرات؟
- نعم كان طبيبا ويعمل في المخابرات.
@ هل تعرف أين ذهب بعد ذلك؟
- لا أعرف ولم نتابع أخباره.
@ بعد استقالة البكر متى توفاه الله؟
- توفي بعد استقالته بثلاث سنوات.
@ هل خرج من منزله، أم صحيح انه فرضت عليه الاقامة الجبرية وهل صرح بعد الاستقالة بأي تصريحات عن النظام؟
- لم يخرج ولم يصرح أي تصريح سوى انه سافر إلى الخارج للعلاج لمدة اسبوع تقريبا ولم يغادر منزله بعدها وكانت جنازته رمزية وجنازة عادية جداً مثله مثل وفاة أي مواطن عادي.
@ هل أفهم انه كان تحت الاقامة الجبرية في منزله؟
- تستطيع أن تقول شبه الاقامة الجبرية.
@ هل كان يملك شيئاً من الأموال أو العقارات والمزارع والممتلكات؟
- لا أبداً لم يكن يملك أي شيء لا بيت ولا مزرعة.
@ ولا حتى رصيد مالي؟
ولا رصيد أبداً سوى راتبه بعد ذلك عطف عليه صدام حسين وأعطاه بيتاً من بيوت الدولة وسجله باسمه وباسم أولاده.
@ هل تذكر آخر راتب تقاضاه؟، وهل صدر له كتاب أو كتبت عنه مذكرات؟
- لا لم يصدر أي كتاب وكان من حرصه، كانت أم هيثم "زوجته" عندما تأتي إلى قرية العوجي كانت تأتي في سيارة أجرة "تكسي" ولا يرسلها بسيارات الدولة، حتى صارت عليه انتقادات فكان حريصاً على المال العام وسمعة النظام وتطبيقه العدالة، ويقول أنا موظف وهذا مال الشعب وأبي كان جندرمة "قوجي، وشاويش أو حارس أسواق" ولم يورث لي شيء.
@ هل كان متديناً وملتزماً لهذا الحد ويخشى على سمعة النظام ومكانته بين العراقيين، ليكون بهذا الحد من التقشف؟
- نعم كان متديناً وملتزماً بالصوم والصلاة وتقياً ومعتدلاً، وغير مسرف.
@ ما التركة التي خلفها البكر وراءه في الحكم؟
- في عهد البكر، ومن دون تزلف، أؤكد على انه كان حريصاً على الشعب العراقي وعلى تحسين أحواله المعيشية، وكان يؤمن بالمساواة ومن المعروف انه في عهده أصدر قرار 11مارس 1970الذي منح الأكراد حكماً ذاتياً، وسمحت بتوليهم مناصب في الدولة، وتكوين جمعيات محلية لاصدار قوانين محلية في أربيل والسليمانية، وتضمن الدستور في عهده الحقوق القومية للأكراد واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية، وتخصيص ميزانية أكبر لتنمية مناطقه، وصدر الدستور المؤقت في العام 1971والذي نص على كفالة الحقوق الكردية.
؟ في يوليو 1979، تولى صدام رسمياً زعامة الدولة وحزب البعث، فما صلة القرابة التي كانت تربط البكر بصدام حسين؟
- كان من أخوال صدام حسين ولأن أم صدام وهي صبحة طلفاح كانت من ألبو مسلط، ومسلط عم أحمد حسن البكر، فكانا رفاق درب في الحزب والنضال والمصير.
@ فما إذاً صلة القرابة بين الرئيس الراحل صدام وعائلتكم؟
- نحن من يقال لنا الندا والبكر ومنهم أحمد حسن البكر والغفور التي منها صدام حسين والبو مسلط ومنها خاله خير الله طلفاح.
@ وحردان التكريتي ما هي صلته بكم؟
- حردان عبدالغفار التكريتي لم يكن من (البيجات) غير انه تربطه بنا خؤولة، وهو كان من الكرابلة أصلاً.
@ ماذا تعرف عنه وعن أسرار وفاته؟
- كان حردان التكريتي رجلاً قوياً، ولم أرَ من الرجال بشجاعته وجرأته وقيافته، وحسن هندامه وهو ضابط طيار وبطل وكان قريباً جداً من أحمد حسن البكر، ويثق به لما يتمتع به من قوة شخصية وحضور قوي وفطنة وقوة شكيمة، وصاحب قرار نافذ وقوي.
@ يقال انه كان قريباً جداً من أحمد حسن البكر؟
- نعم كان (مدلل) ولو سمع أحمد حسن البكر نصائح حردان التكريتي لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، حتى إنه قال له في إحدى المرات، إذا تسمح لي يابوهيثم أن ألقي بهم (بالمسحاة، أي الرفش)، وهو مثل عربي غير أن المرحوم أحمد حسن البكر قال: لا.. (وليدي) إحنا حزب وقيادة ودولة مؤسسات ونريد أن نبني الدولة برؤية وتأنٍ وعلى طريق صحيح و(هالحكي ما يصير)!.
@ ولكنه مقرب منكم وكانت زوجته من عائلتكم أليس كذلك؟
- زوجته كانت من الجعافرة أي الجعفر وهم من قبيلة شمر، وليس من عائلتنا، وكانوا كل المقربين له وحمايته من قبيلة شمر.
@ هل تعرف عن وفاته شيئاً؟
- كان مسافراً إلى الكويت بمهمة أوكل بها، وبعد ذلك قيل له أن لا يعود، وكان على خلاف مع صدام حسين ويبدو أن هناك من سمم أفكار أحمد حسن البكر وحرضه على التخلص من حردان التكريتي والذي كان قائد القوة الجوية، وتم تصفيته بالكويت بالطريقة المعروفة للجميع.
@ حردان التكريتي هل له أولاد وما دورهم؟.
- نعم له أولاد وكلهم خارج العراق وهم (سعد وأركان) وهناك ثالث لا أذكر اسمه وقد خرجوا من العراق منذ زمن بعيد.
@ بعد الفريق حماد شهاب من تسلم وزارة الدفاع في العراق؟
- عدنان خير الله طلفاح وهو ابن خال الرئيس صدام حسين.
@ ومن الذي عينه في هذا المنصب؟
- أحمد حسن البكر، وليس صدام كما يظن البعض، ولكنه من الكفاءات العسكرية المتمكنة والقيادات المحنكة، ويتمتع بسمعة طيبة وأخلاق دمثة، وسيرة نظيفة.
@ ما صلته بأحمد حسن البكر؟
- كانت زوجته بنت أحمد حسن البكر وأخته زوجة صدام حسين أم عدي (ساجدة) وهو كما يقال من (أين ما يميل يغرف) وهو ضابط جيد خريج كلية عسكرية، محبوب من كل العراقيين ومن جميع فئات الشعب نظراً لاستقامته وعدالته وشخصيته الفذة المحببة عند الجميع، وعسكري ملتزم وسيرته نظيفة وخلوق جداً وهو قريب من صفات البكر.
@ ظروف وملابسات وفاته بالحادث ما هي كما تعرفها أنت؟
- هم كانوا في سفرة جماعية، هو والرئيس الراحل صدام حسين وعائلته في شمال العراق وأثناء عودته إلى بغداد كانت هناك عاصفة رملية، لم تكن في الحسبان أدت إلى انعدام الرؤية وتدهور الطائرة السمتية وتحطمها.
@ هل كان هناك ملابسات أو اتهامات في إحداث خلل ما في الطائرة كما روج من إشاعات؟
- كان هناك كلام من هذا القبيل، غير أنه لم يثبت شيء مجرد كلام وكان لعدنان (رحمه الله) مكانة خاصة عند صدام حسين، وكان عدنان خير الله محبوباً لدى الجيش وكانت تربطه بأفراد القوات المسلحة والذي خاض معهم معارك شرف ضد إيران طوال ثمانية أعوام، علاقة قوية، وكذلك كانت تربطه بالكويت وأبناء منطقة الخليج صداقات قوية وعلاقات واسعة وروابط اجتماعية وثيقة ومتميزة جداً.
@ عدنان خير الله هل له أبناء كبار؟
- نعم له أربعة أولاد وهم (علي وحمزة ومحمد وصدام).
@ هل صرح والده خير الله طلفاح بعد الحادث بشيء حول وفاة ولده؟
- ذهبنا أنا وأخي عبدالكريم وأخي محمود إلى بيت الحاج خير الله في يوم الحادث على بغداد بحي الدورة وكان الحاج خير الله قادماً من الموصل وبعد أن رآنا قال عفية ولدي عدنان اللي جمعت ولد عمك ولم يصرح بشيء!، مشيراً إلى أن هناك بوادر خلافات شخصية دبت بين عوائل (البيجات) بعضهم البعض.
@ هل لديك أي شيء تذكره عن البكر أو عدنان أو حردان؟
- لا ليس لدي شيء إلا أنهم من خيرة رجال العراق ويقال ان أهل العراق لم يلبسوا السواد إلا في وفاة اثنين الملك فيصل الأول وعدنان خير الله (رحمهما الله).
@ بعد ذلك بزغ نجم حسين كامل وإلى أي عائلة كان ينتمي حسين كامل؟
- كان ينتمي لنفس عائلة صدام حسين المجيد البو غفور.
@ هل كان ضابطاً متمرساً؟
- كان جندياً ودخل دورة نواب ضباط درجة خامسة وتدرج إلى أن وصل إلى ما وصل إليه.
@ وماذا عن صعود علي حسن المجيد، وتوليه مناصب عليا في الدولة، فما تعليقك على هذا؟
- علي حسن المجيد، كان بعثياً في التنظيم العسكري للحزب، ليس بريئاً من مسألة دخول الكويت، وهي مسألة فاجأت الجميع ولم تكن بالحسبان وأعتقد ان الخلاف لم يكن يستحق كل هذه التضحيات، ولا نبرئ أطرافاً أخرى من جر العراق واستفزازه لدخول المعركة من العام 1990م إلى الآن..!
@ هل أخذ صدام حسين رأيكم في غزو الكويت؟
- لا لم يأخذ رأينا بالتأكيد، فنحن لا نتدخل في شؤون الدولة وأذكر أن عوائل كويتية جاءتني في البيت وأنا لا أعرفهم وأذكر أن أحدهم كان معوقاً وكانت لديهم سيارة حمراء وكانت مع ذلك المعوق بنت هي التي تسوق السيارة، واستضفتهم لمدة ثلاثة أسابيع، ومن ثم أمنت لهم رحلة مع شاب سوري، كان يعمل عندي، إلى الأردن.
@ هل كان خروج حسين كامل من العراق بسبب خلاف مع علي حسن المجيد أم عدي صدام حسين؟
- كان على خلاف مع عدي على مشاكل خاصة وعائلية ولم يكن لها علاقة بالنفوذ أو السلطة حيث كان عدي يرى بأن حسين كامل أخذ أكثر مما يستحق من اهتمام الرئيس صدام، وبسط نفوذه على المؤسسة العسكرية أولاً بعد وفاة عدنان خير الله، ومن ثم امتد الأمر زمن الحصار الجائر ليصل نفوذه إلى كل مجالات الدولة.
@ متى كانت عودة حسين كامل إلى العراق من الأردن، ومن الذي سعى في عودته هل هو علي حسن المجيد؟
- حسين كامل وشقيقه صدام كامل وبنات صدام حسين رغد ورنا هم الذين أرادوا العودة، وكان الكل يلوم حسين لفراره من العراق المحاصر في 1995م، بعد أن أغدق عليه صدام بكل أنواع السلطة. وفي الأردن تفاجأنا عبر وسائل الإعلام أن حسين كامل بدأ يتحدث عن انقلاب على الرئيس صدام وكشف أسرار التسلح العراقي بل واتهم صدام بأنه كان وراء قتل صهره وابن خاله عدنان خير الله، وصدام حسين هو الذي ركب أجنحة حسين كامل ولكنه طار ووقع على الأرض!!
@ ومن إذاً الذي قام بقتل حسين كامل وشقيقه صدام كامل؟
- عائلة البوغفور ونحن لم نتدخل بذلك، أي عائلة الندا لم نتدخل واعتبرناه شأناً داخلياً، يخص عائلتهم وحدهم.
@ وماذا عن زيجاته التي سمعنا عنها؟
- صدام لم تكن له إلا زوجتين، الأولى أم عدي وقصي وهي ساجدة طلفاح خير الله، والثانية تزوجها بعد فترة وهي (سميرة الشاهبندر) وتزوجها وعمرها 40عاماً تقريباً، ولم تنجب منه أولاد.
@ يقولون ان لديه ولداً اسمه علي من زوجته الثانية؟
- لا.. لا يوجد لا أم علي ولا أي شيء من هذا القبيل، فهو لم يتزوج إلا أم عدي، أما الشاهبندر فكانت كبيرة في السن وغير متأكدين من أنه أنجب منها، ولها ابن طيار من زوجها السابق، ولا أعرف أين تعيش حالياً، وحتى إعلان الزواج لم نعرف به ولكننا سمعنا عنه، وهذه قضية شخصية خاصة به.
@ هل كان ينام ويجلس بشكل طبيعي مثل أي شخص طبيعي؟
- نحن لا نعرف عن هذه الأمور الأمنية شيئاً ولكن أحد مرافقيه الأقدمين يقول أنا أدخله في غرفته لينام وأجلس في الصالة أمام الغرفة ونفاجأ أنه يخرج من مكان آخر في الصباح ونحن جالسون ولم نتحرك من مكاننا.
@ هل كان له شبيهان كما كان يشاع دائماً، وأن عددهم وصل إلى أربعين؟
- هذه حكايات ملفقة، لم يكن لصدام أي شبيه، وهي حكايات ملفقة كمثل أكذوبة أسلحة الدمار الشامل والمخابئ السرية تحت الأرض وما إلى ذلك، من تهويل وأساطير، فصدام رجل عادي ولكنه ذو شخصية "كارزمية" قوية.
@ من الذي وشى به وأخبر خصومه لكي يلقوا القبض عليه؟
- الذي وشى به وسلمه للقوات الغازية الأمريكية حسب وصية الرئيس الشفهية لي عن طريق المحامي هو الخائن اللواء كمال الدوري، وقال بلغ عائلتي، وهو قريب عادل عبدالله والذي كان محافظ كركوك وهو عضو قيادة في الحزب والدولة.
@ هل كان من مرافقيه أو حمايته في الحرس الجمهوري؟
- لا أعرف كيف وشى به، فهو كان مختفياً في مزرعة نامق الدوري في الدور، ولا أعرف عن علاقته بالرئيس من قبل ابدا، والرئيس الراحل بلغ المحامي ان يبلغنا وقال له بالحرف الواحد "بلغوا عشيرتي كي لا تحدث فتنة ويتهم آخرون"؟
@ هل صحيح أن صدام كان مختبئاً في حفرة في الأرض، وان القوات الأمريكية استخدمت غازا مخدرا لاعتقاله؟
- لا أملك تفاصيل كافية عن هذا الموضوع، والاشاعات كثيرة، وما نعرفه ان المزرعة التي اعتقل بداخلها كانت على شط دجلة، ولكن قال إنه عندما أحس أنه مطوق حاول الخروج عن طريق النهر ولم يستطع فأمسك به وكان أعزل من السلاح، ولم يكن معه أحد. وسمعنا أنه كان يهم لأداء صلاة المغرب قبل ان يعتقل.
@ يعني لم يمسك به بداخل الحفرة التي عرضت على شاشات التلفزيون؟
- لا، المحامي ذكر أنه كان في غرفة، داخل المزرعة، أما الحفرة فكانت للطوارئ وهي بئر قديم، ولكن الاحتلال استغل هذه الحفرة وصور صدام بطريقة مسيئة ومذلة، لتشويه صورته لأنه كان رمزاً ولا يزال للمقاومة.
@ و ماذا عن ابنيه قصي وعدي وهل اتصلا بكم؟
- ابناه لم يأتيا الينا، وأعرف انهما استطاعا الخروج الى سوريا ولكنهما عادا الى العراق من دون سبب معروف واختبآ في منزل نواف الزيدان في الموصل. وهو الذي وشى للأمريكيين عنهما طمعا في المال والزيدان كان على خلاف مع عشيرة البو ناصر التي رفضت أن ينتسب اليها، ولا أعلم كيف قبل عدي وقصي الالتجاء إليه، واستلمت لاحقا رسالة خطية من أخ نواف الزيدان ويدعى صلاح الزيدان يتبرأ فيها من أخيه على فعلته المشينة، الا ان صلاح قتل لاحقا، اما نواف الزيدان بعد أن قبض الثمن رحلته القوات الأمريكية الى خارج العراق، ويقال إنه مقيم في مدينة خليجية.
والمفارقة انه قبل اغتيال عدي وقصي كان صلاح الزيدان نائما في منزلي بالعوجة، ولما ذهب في الصباح علمت بمقتل نجلي صدام وحفيده مصطفى في بيت نواف، ولا أعلم ان كان ذلك مقصودا؟
@ وماذا عن تفاصيل قتل عدي وقصي؟
- القوات الأمريكية قدمت منذ الصباح الى المنزل في الموصل، وحاصرته مدة ست ساعات الا ان عدي وقصي رفضا الاستسلام، فبادر الأمريكيون بإطلاق النار، وبدورهم بادر عدي وقصي ونجله مصطفى بالرد على النيران، وبحسب الشهود قتلوا عشرين الى أربعين جنديا أمريكيا، وبعد ذلك نسفت قوات الاحتلال البيت بالكامل، وكان في المنزل أيضاً رجل يدعى عبدالصمد لم يسلمنا الأمريكان جثته.
@ ومن الذي استلم جثامينهم؟
- انا الذي وقعت على استلام جثثهم أيام الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عن طريق محافظ محافظة صلاح الدين، وتم استلام الجثث في قاعدة عسكرية في تكريت، ودفناهم في صناديق من الألمنيوم واحتسبناهم شهداء، والشهيد لا يكفن ولا يغسل ودفناهم على حالتهم التي استلمناهم بها، وظلت قبورهم محاصرة من القوات الأمريكية ظنا منهم ان صدام سيأتي لقبري ولديه ومن ثم يستطيعون القاء القبض عليه.
@ زمن حكم صدام، هل كان عدي عقيماً ولم يتزوج؟
- كلا كان متزوجا من ابنة برزان ابراهيم الحسن الأخ غير الشقيق لصدام، ولكنه طلقها لاحقا، ولم ينجب منها ولو كان عقيما لتم علاجه فهو ابن الرئيس، وأما عن قصي فزوجته ابنة ماهر عبدالرشيد وابنه الأكبر هو مصطفى الذي استشهد معه.
@ وماذا عن محاولة اغتيال عدي في التسعينات؟
- سرت شائعات ان وطبان الحسن كان وراء العملية، لأن عدي اعتدي عليه بالضرب، وكانت الشكوك بأن صدام هو من أمر بذلك لانه اعتدى على عمه بعد ان خشي ان يحدث شرخاً في العشيرة وبعد ذلك ظهر في وسائل الإعلام ان الذين قاموا بالعملية، هم مدفوعون من جهة خارجية.
@ بعد الاحتلال هل تم اعتقالك، وهل اعتدى الأميركيون على اموال وممتلكات العشيرة؟
- بريمر أصدر قرارا بنصيحة من احمد الجلبي بمصادرة أموالنا المنقولة وغير المنقولة وشمل هذا القرار حوالي 500شخص، ومن ضمنهم احمد حسن البكر وأناس آخرون هم في عداد الموتى كما تم اعتقال 1300شخص من عائلتنا وتعذيبهم، ولا يزالون يرزحون في السجون الى الآن.
@ هل تعرف شيئاً عن عزت الدوري؟
- لا، لا أعرف شيئا، ولكنه قادر على التأقلم مع أصعب الظروف حيث أنه كان في تموز لا يحب المكيف، ويحمل معه خبز الشعير والماء أينما ذهب.
@ هل لكم علاقة بالمقاومة؟
- لا ليس لي أي علاقة.
@ هل أوصى صدام بأخذ ثأره من أحد؟
- لا صدام لم تغتاله عشيرة وإنما تم اغتياله من قبل القوات الغازية المحتلة للعراق وإذناب الاحتلال، وهم زمرة حاقدة لا يريدون للعراق خيرا، وإلا لماذا استفزوا مشاعر العرب والمسلمين في يوم عيد الأضحى المبارك، إنها طريقة مقززة ومستفزة ومرفوضة من كل الأديان والقوانين والقيم، ويدعون بالديمقراطية والعدالة، ولكن نحن سلمنا أمرنا لله وحده وله في هذا شأن، ونؤمن بقضاء الله وقدره، وما يشفع له وقوفه بوجه الغزاة وعدم انصياعه للشروطهم ومطالبهم وهو الآن في ذمة الله.
@ هل ترون أن المحكمة كانت عادلة؟
- بغض النظر ان كانت عادلة او غير عادلة، فصدام كان رمزاً ورئيساً شرعياً للعراق، والغزو غير شرعي، والذي حصل في العراق لا يقبله أي ضمير إنسان ولا يقبله أي عقل أو منطق، هذه شريعة غاب، والعراق اليوم يتعرض لأخطر هجمة بالتاريخ وقد يموت يوميا أكثر من 100شخص عراقي وتم تدمير البلاد وتشريد العباد، إنها مجزرة تدور رحاها يوميا تقطع العراق.
@ هل كان يشكو من مرض معين؟
- لم يكن يشكو من شيء باستثناء آلام في فقرات الظهر، وهو قوي البنية ويمارس الرياضة، ونشط وذكي ونبيه، حتى في ليلة إعدامه كان يمارس الرياضة ويتدرب على الدرجة الثابتة استعداداً للموت، لكي يظهر بمظهر القوي وغير المنكسر انه رجل عملاق وغير عادي و(زلمة) شديد!
@ هل توقعتم إعدامه؟
- لا.. نحن لم نتوقع إعدامه وأُعدم ولم نتوقع أن يقبض عليه وقُبض عليه، ولم نتوقع أحداً أن يخونه فخانوه، إنها أمور غريبة عجيبة، لقد وقع الظلم على هذا الرجل لم تتحمله الجبال الشم، ولكن بأسه كان شديداً وقوياً وتحمل ما تحمل من كوارث ومصائب لم نكن نتوقع أن يتحمل مثل هذه الليالي السوداء!
@ هل توقعتم أن يكون بهذه الشجاعة ورباطة الجأش لحظة إعدامه؟
- نعم بلا أدنى شك، لأنه رجل وطني حتى النخاع وعروبي من الطراز الأول ويحمل مبادئ قوية وثابتة ولا يهادن ولا يسمح لنفسه بالهزيمة والمهانة، وحساسية (الكرامة) عنده مرتفعة جدا، حتى أنه رفض أن يوجه دعوة للمقاومة بأن تلقي سلاحها مقابل اطلاق سراحه ولم شمله مع عائلته في الخارج، كما أنه قال لأحد محاميه "اياك ان تطلب من احد وحتى قادة المنطقة ان يطللبوا لي الصفح من الأميركيين".
@ بالنسبة لجثمان صدام، كيف تسلمتموه؟
- أنا طالبت بالجثمان، وذلك عن طريق محافظ تكريت لأني لم أنم ليلتها رغم أني كنت مريضا، وقمت بالاتصال بالمحافظ حمد حمود الشقطي وهو من (الجيسات) وفي تمام الساعة الثانية ظهراً اتصل بي، وقال حضر نفسك جاءت الموافقة من الأميركيين، ثم قمت بإخبار ابني بذلك وطلبت ان يحفر القبر في المكان الحالي ولا يخبر أحداً وذهبنا أنا والمحافظ ونائبه عبدالله جبارة بطائرة أمريكية الى بعقوبة واستقبلتنا امرأة وكان اسمها هاري وهي كانت آمرة القاعدة على ما أظن وكان استقبالها جيدا، ثم طرنا الى المنطقة الخضراء فقلت للمحافظ هل أخذت الضوء الأخضر باستلام الجثة قال لا، قلت وكيف نحن ذاهبون، قال على الله وكان وصولنا المغرب، وبعد أن نزلنا من الطائرة قال لنا الأميركان نحن هنا انتهت مهمتنا، هناك مجلس الوزراء اذهبوا أنتم اليهم وكانت لحظة صعبة بالنسبة لي، ثم ذهبنا بسيارتين واستقبلنا شخصان عراقيان وجلسنا ولم أكن أعرفهما فقال لهما المحافظ نحن جئنا لاستلام الجثة، فقال أحدهما "نحن قررنا كحكومة أن يدفن هنا ولكن بما انكم جئتم خذوه وادفنوه أنتم هنا في بغداد أو المنطقة الخضراء، فقال لهما عبدالله نائب المحافظ نحن جئنا لنأخذ ولم نأت لندفن، وانا بدوري بقيت صامتا ولم أتكلم.
وحدث نقاش بين عبدالله ومسؤول عراقي، علمت لاحقا انه عبدالكريم العنزي مستشار رئيس الوزراء فقال نائب المحافظ لأنك صرحت تصريحا في التلفزيون بعد الإعدام وأنت مسؤول في الحكومة.
قال له عبدالله إذا "كنت قد صرحت فصدام قائدي لخمس وثلاثين سنة وهو رئيسي وابن منطقتي"، وهنا تدخلت كي لا يتطور الأمر بعد أن قال العنزي انتم موظفون وليس لكم الحق بالمطالبة ولكن شيخه هو الذي له الحق بالمطالبة فقلت بما أنك من تلك الحمولة فاسمح لي بالكلام فقال تفضل، وكان لطيفاً معي وتودد لي بعد أن قلت له انني "صديق شيخك ابن هذال، وأعرف زبن ومحروت وأرجو منك المساعدة".
وذهب الى رئيس الوزراء نوري المالكي ثم عاد وقال "رئيس الوزراء يسلم عليك ويقول لخاطر الشيخ خل بس يدفن لمدة اربعة أيام ثم يأتي ويستلم الجثة فقلت طيب هل تقدرون أن تأتوا بي وترجعوني قالوا لا، قلت هل تقدروا أن تطلبوا من الأميركان ذلك، قالوا لا، قلت إذن كيف ولكن بما أنكم مصرون ادفنوه أنتم ونحن ذاهبون.
وقلت أنا لست مخولا لا من عائلته ان يدفن هنا ولا من العشيرة ولا من العراقيين وأخشى أني اخون القبيلة لو دفن هنا واذا كنتم تخشون الجوانب الأمنية انا اكفل لكم ذلك ولكني كنت يائسا، فقلت أنا "سأمشي وسلموا على رئيس الوزراء وقولوا له ان هتلر الزعيم النازي على قيد الحياة، وكذلك عبدالكريم قاسم لا يزال الشيوعيون يقولون إنه حي، وكذلك صدام حسين أنتم أعدمتموه والشعب يقول إنه حي ما لم تظهروا الجثمان وتسمحوا بدفنه.
وتابع "ذهبت للصلاة ورأيت بعدها انهم عادوا وتبدلت طريقة تعاملهم معي وقال احدهم "ابشر لقد وافق السيد رئيس الوزراء بعد موافقة الرئيس الأميركي جورج بوش الا ان الأميركان رفضوا نقل الجثمان في الطائرة الى تكريت وهنا دخلنا في محنة جديدة ثم ذهبنا الى الأميركان ومعي المحافظ والنائب وجئنا بالموافقة من السفارة الاميركية بعد ان قدمت لنا ضابطة في الجيش الأميركي وتدعى (بيهاري) خدمة كبيرة بالاتصال بالسفير الأميركي الذي اتصل بدوره ببوش ووافق الأخير على تسليمنا الجثمان.
ثم عدنا الى رئاسة الوزراء وقلنا إن الأميركان وافقوا على نقل الجثة وجاءوا بكتاب الاستلام، الذي ينص على ان الجثة غير ممثل بها، فوقعت عليه، وقالوا إنهم غسلوا جثة الرئيس وكفنوها
على يد رجل دين سني استعداداً لدفنه في المنطقة الخضراء، حيث تأخرنا ربع ساعة، فقلت نحن وأنتم مسلمون ولا فرق بين غسلنا وغسلكم ثم جاؤوا بالجثة فكشفنا عن وجهه وكان كأنه يغط في نوم عميق.
@ هل أنهرت عندما شاهدت وجهه كونه ابن عشيرتك ورئيسك ولم تره منذ أربع سنوات؟
- لا لم أنهر، لأني كنت وحدي ولكني بكيت، وبقينا ساعتين حتى أقلعت الطائرة ووصلنا في وقت متأخر إلى تكريت بحدود الساعة الثالثة فجراً ووجدنا قائد الشرطة والشرطة في القاعدة، وكان الضباط والشرطة يبكون ويضعون التراب على رؤوسهم وكان مشهداً صعباً.
وكانت هناك سيارات فخمة وخرجنا برتل كبير وكان الشرطة يطلقون النار في الهواء وهم يهتفون باسم الرئيس رحمه الله، ثم صلينا عليه ودفناه وكان ذلك قبل صلاة الفجر. وكان جمع غفير من كل أهل تكريت.
وكانوا قد أعطوني كيسا فيه ملابسه والمصحف الذي كان معه أثناء المحاكمة، وقالوا هو أوصى أن يسلم المصحف إلى بدر ابن المرحوم عواد البندر، وهو كان محاميا، فسلمناه القرآن، وسألت بدر فقال: نعم لقد تسلمت المصحف.
@ هل شارك صدام في الدفاع عن بغداد وقت الغزو الأمريكي؟
- قاتل في حرب المطار قتالاً شرساً مع الاخوة العرب والعراقيين الوطنيين والأعظمية وبغداد، وطوال فترة الحرب من العام 2003، كان صدام حريصاً على أن يوجه القادة العسكريين، إلا أن خيانة ما حصلت، وانهار الجيش واخترق بالاضافة إلى الابادة الجماعية بالأسلحة التي حولت الدبابات إلى فتات من هول قوة السلاح والذخيرة الفتاكة التي دمرت الأخضر واليابس، ولكن صدام حسين يعلم أن المعركة مع الغزاة غير متكافئة ولكنه راهن على حرب الشوارع، كانت الخيانة أكبر من التضحيات!!
@ ما سبب الكدمات التي كانت في وجه صدام، وهل أن الدم كان طرياً حين تسلمكم جثته؟
- والله أنا لم أشاهده عند الدفن بسبب الحشود الهائلة التي أقبلت عليَّ للسلام والتعازي، ولكن الذين دفنوه وأنزلوه إلى القبر أكدوا أن هناك اصابة بليغة في عنق صدام وأن ملابسه الداخلية مضرجة بالدماء، وقمت باحراقها لاحقاً.
وهنا تكلم ابن أخ علي الندا وقال: (أنا من الذين أنزلوه إلى القبر، كان الدم يقطر على أيدينا حيث كان الدم يقطر من رقبته بسبب أن الحبل الذي أعدم به كانت عقدته من جانب الرقبة على ما أظن) وهذا الكلام للذي أنزله بالقبر.
وقد واصل علي الندا حديثه لنا بالقول: وفي الصباح فتحت ووجدت معطفاً (بالطو) أسود طويل والذي كان يرتديه ساعة إعدامه، وبلوزة سوداء كان يرتديها في المحكمة ممزقة من الأمام، وبقية ملابسه ومشطا ومنديلين وحزاما جلديا، ووضعتها في الكيس، ولاحقاً اتصلت بي ابنته رغد وطلبت الملابس، وأرسلتها لها عن طريق سائق سيارة بدوي
التعديل الأخير: