التربية الأمنية ومواجهة الظروف الصعبة
الشريعة والأمن
أما عن كيفية مواجهة دعاة الإسلام للظروف الصعبة فقد أرشد إليها القرآن الكريم وبينها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتركنا فيها على المحجة البيضاء، ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولاً: الثبات والصمود:
إن أول صفة ينبغي أن يتحلى بها العاملون للإسلام، وبخاصة في الظروف الصعبة هي ( الثبات ) كائنًا ما كان الثمن، لأن مجرد التفكير في النكوص خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، وتفريط في جنب الله ـ تعالى ـ فكيف بالوقوع فيها.. والشيطان له على النفس مداخل من هذا الباب لا تحصى، فهو لا يفتأ يذكر بالأهل والولد والدنيا { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران: 75 ).
إن على الدعاة أن يدركوا أن نعيم الآخرة هو النعيم، وأن هذه الدنيا بكل أطايبها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وعليهم أن يدركوا أنهم ميتون شاءوا أم أبوا، فليحرصوا على الشهادة، لأنها طريقهم إلى الجنة، وهذا نزلهم الكريم عند الله.
ويكفي عزاء لأهل الإيمان وهم على طريق الشهادة أن يذكروا أنهم جزء من القافلة المؤمنة الممتدة في عمق التاريخ منذ الخليقة، والمعنية بقوله ـ تعالى ـ: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً } ( الأحزاب: 23 ).
هذه القافلة لم يكن من شيمتها الجبن والخوف والهروب ؛ لأنها كانت مستعلية بإيمانها فوق الظروف، لقد استجابت لنداء ربها حين قال: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون } ( الأنفال: 46 )، { يا أيها يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار } ( الأنفال: 15 ).
وحتى يتمكن المجاهدون من الثبات والاستمرار في الثبات كان عليهم أن يفروا إلى الله، بالعبادة الخالصة، والذكر الخالي، والدعاء الواثق، وأن يتقربوا إليه بالمجاهدة والمراقبة والإخلاص، ( فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب ).
كما أن عليهم أن يكونوا أشد احتراسًا من المعاصي منهم من عدوهم، ( فإن ذنوب الدعاة أخوف عليهم من عدوهم.. )، من وصية عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص.
إن النفوس المربوطة بالملأ الأعلى، التي تعيش مع الله، مستمدة منه العون والقوة والعزيمة والمضاء والعزة والإباء، هي نفوس ثابتة راسخة، تستعذب الموت في سبيل الله، وإليها أشار القرآن الكريم في كثير من آياته: { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، تتنزل عليهم الملائكة، ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } ( فصلت: 31 ).
وفي معرض التوجيه القرآني للمجاهدين، وللأسباب والخصال التي يجب أن يستكملوها في أنفسهم وفي جماعتهم، ليتمكنوا من الثبات في مواقعهم، والغلبة على عدوهم، وبعد أن يقول ـ تعالى ـ: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون } يتابع توجيهاته وتوصياته فيقول: { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، والله بما يعملون محيط } ( الأنفال: 47 ).
وتطرح هذه الآيات الأسباب الحقيقية الكامنة وراء النصر والغلبة على العدو، والتي لا يمكن لجماعة مؤمنة أن تنتصر بدونها، وهي:
1 ـ طاعة الله ورسوله:
فالجماعة المؤمنة يجب أن تكون حريصة على طاعة ربها وطاعة رسولها، تتحرى الحلال الطيب في كل شيء، وتجتنب الحرام الخبيث، وتلتزم في كل شئونها وأحوالها بشرع الله، دون أن تقدم بين يديه شرائع الهوى والطاغوت.
إن هذه الجماعة هي المعنية بقوله ـ تعالى ـ: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا } ( الأحزاب: 36 ).
2 ـ وحدة الصف:
والجماعة المؤمنة بقدر ما تكون حريصة على طاعة الله ورسوله، بقدر ما تكون حريصة على وحدة الصف وتماسك كيانها، ولحمة أفرادها، إذ إن وهن النفوس وانحرافها هو السبب المباشر لوهن الصفوف وانفراطها.
والجماعة المؤمنة تبقى مستعصية على مؤامرات أعدائها، في مواجهتهم، كائنًا ما كانت شراستهم وضراوتهم، ما لم يتشقق صفها وتتفرق كلمتها، ويصبح بأسها بينها.. وعند ذلك فقط تكون الطامة الكبرى التي يحذر رب العالمين منها حين يقول: { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }.
3 ـ الصبر:
وإذا كان الشرط الأول لثبات الجماعة المجاهدة هو الإيمان، فإن الصبر شطر الإيمان، وإن الصبر بالنسبة للمجاهدين معراجهم إلى الله وسبيلهم إلى النصر على أعداء الله.
فطريق المؤمنين شائك وعر، بل هو رهيب وخطير، لا يمكن تجاوزه من غير صبر.
وما يتعرض له المؤمنون فيه من بلاء حسي لا يخففه إلا الصبر.
وما يصيب المؤمن فيه من نقص في الأموال والأنفس والثمرات لا يعوضه إلا الصبر.
وما ينال المؤمن فيه من ضغوط نفسية وعائلية واجتماعية لا يخففها ويدفعها إلا الصبر والاحتساب، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يقول: ( عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له ) رواه أحمد في مسنده.
ثانيًا: الإعداد:
وإذا كان القرآن الكريم قد حفل بكثير من الآيات التي تحض المؤمنين المجاهدين على الثبات والاعتصام والتوكل والصبر ووحدة الصف، فقد جاء الحض في آية جامعة مانعة صريحة وواضحة على الإعداد بكل أشكاله ومستوياته وأدواته، حيث قال ـ تعالى ـ: { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين، ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تظلمون } ( الأنفال: 59 ).
والذين لا يقيمون وزنًا للإعداد الحسي واهمين بأن النصر يهبط من السماء، من غير تملك للأسباب وأخذ بالمسببات، هؤلاء أحد فريقين: إما أنهم جهلة ضالون يهرفون بما لا يعرفون، أو منافقون مضلون متآمرون على الإسلام والمسلمين، وبخاصة حين لا يكون التحدي بالكلمة والمنطق، وإنما بالقوة والعربدة !!.
ثالثًا: التربية الأمنية:
كثير من الإسلاميين يعتقدون خطأ أن الإسلام لم يعط ( الناحية الأمنية ) أي’ أهمية سواء في منهجه التربوي وفي تشريعاته التنظيمية.. ويفسر هؤلاء ( الربانية والتوكل ) تفسيرًا غريبًا، إذ يعرونهما من الوسائط والأسباب التي يجب اتخاذها ابتداء، بصرف النظر عن النتائج والاحتمالات.. وكأن الربانية والتوكل لها مفهوم ( العفوية والتواكل ) عند هؤلاء الذين لم يتعلموا شيئًا من تجارب المكر بالإسلام على مدار التاريخ القديم والحديث.
والذي يتتبع التشريعات والتوجيهات الإسلامية عبر الكتاب والسنة، ومن ثم السلوك الإسلامي من خلال السيرة النبوية، سترتسم أمامه صورة واضحة للجانب الأمني في الإسلام.
أولاً: الثبات والصمود:
إن أول صفة ينبغي أن يتحلى بها العاملون للإسلام، وبخاصة في الظروف الصعبة هي ( الثبات ) كائنًا ما كان الثمن، لأن مجرد التفكير في النكوص خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، وتفريط في جنب الله ـ تعالى ـ فكيف بالوقوع فيها.. والشيطان له على النفس مداخل من هذا الباب لا تحصى، فهو لا يفتأ يذكر بالأهل والولد والدنيا { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران: 75 ).
إن على الدعاة أن يدركوا أن نعيم الآخرة هو النعيم، وأن هذه الدنيا بكل أطايبها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وعليهم أن يدركوا أنهم ميتون شاءوا أم أبوا، فليحرصوا على الشهادة، لأنها طريقهم إلى الجنة، وهذا نزلهم الكريم عند الله.
ويكفي عزاء لأهل الإيمان وهم على طريق الشهادة أن يذكروا أنهم جزء من القافلة المؤمنة الممتدة في عمق التاريخ منذ الخليقة، والمعنية بقوله ـ تعالى ـ: { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً } ( الأحزاب: 23 ).
هذه القافلة لم يكن من شيمتها الجبن والخوف والهروب ؛ لأنها كانت مستعلية بإيمانها فوق الظروف، لقد استجابت لنداء ربها حين قال: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون } ( الأنفال: 46 )، { يا أيها يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار } ( الأنفال: 15 ).
وحتى يتمكن المجاهدون من الثبات والاستمرار في الثبات كان عليهم أن يفروا إلى الله، بالعبادة الخالصة، والذكر الخالي، والدعاء الواثق، وأن يتقربوا إليه بالمجاهدة والمراقبة والإخلاص، ( فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب ).
كما أن عليهم أن يكونوا أشد احتراسًا من المعاصي منهم من عدوهم، ( فإن ذنوب الدعاة أخوف عليهم من عدوهم.. )، من وصية عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص.
إن النفوس المربوطة بالملأ الأعلى، التي تعيش مع الله، مستمدة منه العون والقوة والعزيمة والمضاء والعزة والإباء، هي نفوس ثابتة راسخة، تستعذب الموت في سبيل الله، وإليها أشار القرآن الكريم في كثير من آياته: { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، تتنزل عليهم الملائكة، ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } ( فصلت: 31 ).
وفي معرض التوجيه القرآني للمجاهدين، وللأسباب والخصال التي يجب أن يستكملوها في أنفسهم وفي جماعتهم، ليتمكنوا من الثبات في مواقعهم، والغلبة على عدوهم، وبعد أن يقول ـ تعالى ـ: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون } يتابع توجيهاته وتوصياته فيقول: { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، والله بما يعملون محيط } ( الأنفال: 47 ).
وتطرح هذه الآيات الأسباب الحقيقية الكامنة وراء النصر والغلبة على العدو، والتي لا يمكن لجماعة مؤمنة أن تنتصر بدونها، وهي:
1 ـ طاعة الله ورسوله:
فالجماعة المؤمنة يجب أن تكون حريصة على طاعة ربها وطاعة رسولها، تتحرى الحلال الطيب في كل شيء، وتجتنب الحرام الخبيث، وتلتزم في كل شئونها وأحوالها بشرع الله، دون أن تقدم بين يديه شرائع الهوى والطاغوت.
إن هذه الجماعة هي المعنية بقوله ـ تعالى ـ: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا } ( الأحزاب: 36 ).
2 ـ وحدة الصف:
والجماعة المؤمنة بقدر ما تكون حريصة على طاعة الله ورسوله، بقدر ما تكون حريصة على وحدة الصف وتماسك كيانها، ولحمة أفرادها، إذ إن وهن النفوس وانحرافها هو السبب المباشر لوهن الصفوف وانفراطها.
والجماعة المؤمنة تبقى مستعصية على مؤامرات أعدائها، في مواجهتهم، كائنًا ما كانت شراستهم وضراوتهم، ما لم يتشقق صفها وتتفرق كلمتها، ويصبح بأسها بينها.. وعند ذلك فقط تكون الطامة الكبرى التي يحذر رب العالمين منها حين يقول: { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }.
3 ـ الصبر:
وإذا كان الشرط الأول لثبات الجماعة المجاهدة هو الإيمان، فإن الصبر شطر الإيمان، وإن الصبر بالنسبة للمجاهدين معراجهم إلى الله وسبيلهم إلى النصر على أعداء الله.
فطريق المؤمنين شائك وعر، بل هو رهيب وخطير، لا يمكن تجاوزه من غير صبر.
وما يتعرض له المؤمنون فيه من بلاء حسي لا يخففه إلا الصبر.
وما يصيب المؤمن فيه من نقص في الأموال والأنفس والثمرات لا يعوضه إلا الصبر.
وما ينال المؤمن فيه من ضغوط نفسية وعائلية واجتماعية لا يخففها ويدفعها إلا الصبر والاحتساب، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يقول: ( عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له ) رواه أحمد في مسنده.
ثانيًا: الإعداد:
وإذا كان القرآن الكريم قد حفل بكثير من الآيات التي تحض المؤمنين المجاهدين على الثبات والاعتصام والتوكل والصبر ووحدة الصف، فقد جاء الحض في آية جامعة مانعة صريحة وواضحة على الإعداد بكل أشكاله ومستوياته وأدواته، حيث قال ـ تعالى ـ: { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين، ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تظلمون } ( الأنفال: 59 ).
والذين لا يقيمون وزنًا للإعداد الحسي واهمين بأن النصر يهبط من السماء، من غير تملك للأسباب وأخذ بالمسببات، هؤلاء أحد فريقين: إما أنهم جهلة ضالون يهرفون بما لا يعرفون، أو منافقون مضلون متآمرون على الإسلام والمسلمين، وبخاصة حين لا يكون التحدي بالكلمة والمنطق، وإنما بالقوة والعربدة !!.
ثالثًا: التربية الأمنية:
كثير من الإسلاميين يعتقدون خطأ أن الإسلام لم يعط ( الناحية الأمنية ) أي’ أهمية سواء في منهجه التربوي وفي تشريعاته التنظيمية.. ويفسر هؤلاء ( الربانية والتوكل ) تفسيرًا غريبًا، إذ يعرونهما من الوسائط والأسباب التي يجب اتخاذها ابتداء، بصرف النظر عن النتائج والاحتمالات.. وكأن الربانية والتوكل لها مفهوم ( العفوية والتواكل ) عند هؤلاء الذين لم يتعلموا شيئًا من تجارب المكر بالإسلام على مدار التاريخ القديم والحديث.
والذي يتتبع التشريعات والتوجيهات الإسلامية عبر الكتاب والسنة، ومن ثم السلوك الإسلامي من خلال السيرة النبوية، سترتسم أمامه صورة واضحة للجانب الأمني في الإسلام.
المصدر
كتاب: أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي
الشيخ الراحل/ فتحي يكن