هذه الغفلة وتلك الحيرة
أخي الحبيب, أختي الغالية
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
فان السيئة وان كانت واحدة، فانها تتبعها عشر خصال مذمومة:
أولها: اذا أذنب العبد ذنبا، فقد أسخط الله وهو قادر عليه.
والثانية: أنه أدخل الفرح والسرور على ابليس لعنه الله.
والرابعة: أنه تقرّب من النار.
والخامسة: أنه قد آذى الحفظة.
والثامنة: أنه قد احزن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره.
والتاسعة: أنه أشهد على نفسه السموات والأرض وجميع المخلوقات بالعصيان.
والعاشرة: أنه خان جميع الآدميين، وعصى رب العالمين
وحدث مالك بن دينار فقال :
دخلت على جار لي وهو في الغمرات يعاني عظيم السكرات، يغمى عليه مرة ويفيق أخرى
وفي قلبه لهيب الزفرات، وكان منهمكا في دنياه، متخلفا عن طاعة مولاه، فقلت له:
يا اخي، تب الى الله، وارجع عن غيّك، عسى المولى أن يشفيك من ألمك، ويعافيك من مرضك
وسقمك، ويتجاوز بكرمه عن ذنبك.
فقال: هيهات هيهات! قد دنا ما هو آت، وأنا ميّت لا محالة، فيا أسفي على عمر أفنيته في البطالة.
نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونستغفره من الذنوب المتقادمة.
أخي الحبيب, أختي الغالية
أقبل على قبلة التوجه الى مولاك، وأعرض عن مواصلة غيّك وهواك.
وواصل بقية العمر بوظائف الطاعات، واصبر على ترك عاجل الشهوات.
فالفرار أيها المكلف كل الفرار من مواصلة الجرائم والأوزار.
فالصبر على الطاعة في الدنيا أيسر من الصبر على النار.
قال أحد الأخيار لولده لما حضرته الوفاة:
يا بنيّ، اسمع وصيتي، واعمل ما أوصيك به.
قال: نعم يا أبت.
قال: يا بنيّ، اجعل في عنقي حبلا، وجرّني الى محرابي، ومرّغ خدي على التراب
وقل: هذا جزاء من عصى مولاه، وآثر شهوته وهواه، ونام عن خدمة مولاه.
ولما فعل ذلك به، رفع طرفه الى السماء وقال:
الهي وسيدي ومولاي، قد آن الرحيل اليك، وأزف القدوم عليك، ولا عذر لي بين يديك،
غير أنك الغفور وانا العاصي، وأنت الرحيم وأنا الجاني، وأنت السيد وأنا العبد،
ارحم خضوعي وذلتي بين يديك، فانه لا حول ولا قوة الا بك.
أخي الحبيب, أختي الغالية
يا من باع الباقي بالفاني، اما ظهر لك الخسران ؟
يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا موطن الخطايا، ويا مستودع الرزايا، اذكر ما قدّمت يداك،
وكن خائفا من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك، فيصدك عن بابه، ويبعدك
عن جنابه، ويمنعك عن مرافقة أحبابه، فتقع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشرك الخسران.
روي عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه قال:
دخلت على أحد المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت، وكان حسن الجوار، حسن السيرة،
حسن الأخلاق، فرجوت أن يوفقه الله عند الموت، ويميته على الاسلام.
فقلت له: ما تجد، وكيف حالك ؟
فقال: لي قلب عليل ولا صحة لي، وبدن سقيم، ولا قوة لي، وقبر موحش ولا انيس لي،
وسفر بعيد ولا زاد لي، وصراط دقيق ولا جواز لي، ونار حامية ولا بدن لي, وجنّة عالية
ولا نصيب لي، ورب عادل ولا حجة لي.
قل الحسن: فدعوت ورجوت الله أن يوفقه، ثم أقبلت عليه، وقلت له:
لم لا تسلم حتى تسلم؟
قال: ان المفتاح بيد الفتاح، والقفل هنا. وأشار الى صدره وغشي عليه.
قال الحسن: فقلت:
الهي وسيدي ومولاي، ان كان سبق لهذا المجوسي عندك حسنة فعجل بها اليه قبل فراق
روحه من الدنيا، وانقطاع الأمل.
فأفاق من غشيته، وفتح عينيه، ثم أقبل وقال:
يا شيخ، ان الفتاح أرسل المفتاح. أمدد يمناك، فأنا أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا
رسول الله.
ثم خرجت روحه وصار الى رحمة الله.
أخي الحبيب, أختي الغالية
ما هذه الحيرة وأنتم تنظرون؟ وما هذه الغفلة وأنتم حاضرون؟
وما هذه السكرة وأنتم صاحون؟ وما هذا السكون وأنتم مطالبون؟
وما هذه الاقامة وأنتم راحلون؟
أما آن لأهل الرّقدة أن يستيقظوا ؟ أما حان لأبناء الغفلة أن يتعظوا ؟
هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لم يكن له وقت ينام فيه، يغلبه النعاس بينما
هو جالس بين الصحابة.
فقيل له : يا أمير المؤمنين، ألا تنام ؟
فقال: كيف انام ؟ ان نمت بالنهار، ضيّعت حقوق الناس، وان نمت بالليل ضيّعت حظي من الله.
وروي عن سليمان بن عمار أنه قال :
رأيت أبي في المنام بعد وفاته فقلت له:
ما فعل بك ربك ؟
فقال: ان الرب قرّبني وادناني، وقال لي: يا شيخ أتدري لم غفرت لك؟
فقلت: لا يا الهي.
قال: انك جلست للناس يوما مجلسا فأبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبيدي لم يبك
من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبت له.
وروي عن الضحّاك بن مزاحم أنه قال:
خرجت ذات ليلة الى مسجد الكوفة، فلما قربت من المسجد، فاذا في بعض رحابه شاب قد
خرّ ساجدا وهو يخور بالبكاء، فقربت منه لأسمع ما يقول فسمعته يقول أبياتا:
عليك يا ذا الجلال معتمدي طوبى لمن كنت أنت مولاه
طوبى لمن بات خائفا وجلا يشكو الى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم أكثر من حبّه لمولاه
اذا خلا في ظلام الليل مبتهلا أجابه الله ثم لبّاه
ومن ينل ذا من الاله فقد فاز بقرب تقرّ عيناه
فبقي يكرر هذه الأبيات ويبكي، وانا أبكي رحمة لبكاءه.
فدنوت منه لما انتهى من صلاته وسلمت عليه، فردّ عليّ السلام.
فقلت له: بارك الله فيك، من أنت يرحمك الله ؟
فقال لي: أنا راشد بن سليمان . فعرفته لما كنت أسمع عنه.
فقلت له: رحمك الله، لو أذنت لي في صحبتك لآنس بك.
فقال لي: هيهات هيهات، وهل يأنس بالمخلوقين من تلذذ بمناجاة رب العالمين ؟
فانصرف عني وتركني .
أخي الحبيب, أختي الغالية
الى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل؟
ولا تذكرون هجوم الأجل؟
ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم فللخراب، وما جمعتم فللذهاب.
وما عملتم ففي كتب مدّخر ليوم الحساب.
فاز، والله، المخففون من الأوزار، وسلم المتقون من عذاب النار.
فأعدّوا الزاد لنقلة لا بدّ لها ان تكون، واعتبروا بما تدور به عليكم الأيام والسنون.
وبادروا بالتوبة من الذنوب، واقتفوا آثار التوّابين، واسلكوا مسالك الأوّابين، الذين نالوا التوبة
والغفران، وأتعبوا أنفسكم في رضى الرحمن، فكونوا في ظلم الليالي قائمين، ولكتاب الله تالين،
بنفوس خائفة، وقلوب واجفة.
أخي الحبيب, أختي الغالية
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
فان السيئة وان كانت واحدة، فانها تتبعها عشر خصال مذمومة:
أولها: اذا أذنب العبد ذنبا، فقد أسخط الله وهو قادر عليه.
والثانية: أنه أدخل الفرح والسرور على ابليس لعنه الله.
والرابعة: أنه تقرّب من النار.
والخامسة: أنه قد آذى الحفظة.
والثامنة: أنه قد احزن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره.
والتاسعة: أنه أشهد على نفسه السموات والأرض وجميع المخلوقات بالعصيان.
والعاشرة: أنه خان جميع الآدميين، وعصى رب العالمين
وحدث مالك بن دينار فقال :
دخلت على جار لي وهو في الغمرات يعاني عظيم السكرات، يغمى عليه مرة ويفيق أخرى
وفي قلبه لهيب الزفرات، وكان منهمكا في دنياه، متخلفا عن طاعة مولاه، فقلت له:
يا اخي، تب الى الله، وارجع عن غيّك، عسى المولى أن يشفيك من ألمك، ويعافيك من مرضك
وسقمك، ويتجاوز بكرمه عن ذنبك.
فقال: هيهات هيهات! قد دنا ما هو آت، وأنا ميّت لا محالة، فيا أسفي على عمر أفنيته في البطالة.
نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونستغفره من الذنوب المتقادمة.
أخي الحبيب, أختي الغالية
أقبل على قبلة التوجه الى مولاك، وأعرض عن مواصلة غيّك وهواك.
وواصل بقية العمر بوظائف الطاعات، واصبر على ترك عاجل الشهوات.
فالفرار أيها المكلف كل الفرار من مواصلة الجرائم والأوزار.
فالصبر على الطاعة في الدنيا أيسر من الصبر على النار.
قال أحد الأخيار لولده لما حضرته الوفاة:
يا بنيّ، اسمع وصيتي، واعمل ما أوصيك به.
قال: نعم يا أبت.
قال: يا بنيّ، اجعل في عنقي حبلا، وجرّني الى محرابي، ومرّغ خدي على التراب
وقل: هذا جزاء من عصى مولاه، وآثر شهوته وهواه، ونام عن خدمة مولاه.
ولما فعل ذلك به، رفع طرفه الى السماء وقال:
الهي وسيدي ومولاي، قد آن الرحيل اليك، وأزف القدوم عليك، ولا عذر لي بين يديك،
غير أنك الغفور وانا العاصي، وأنت الرحيم وأنا الجاني، وأنت السيد وأنا العبد،
ارحم خضوعي وذلتي بين يديك، فانه لا حول ولا قوة الا بك.
أخي الحبيب, أختي الغالية
يا من باع الباقي بالفاني، اما ظهر لك الخسران ؟
يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا موطن الخطايا، ويا مستودع الرزايا، اذكر ما قدّمت يداك،
وكن خائفا من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك، فيصدك عن بابه، ويبعدك
عن جنابه، ويمنعك عن مرافقة أحبابه، فتقع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشرك الخسران.
روي عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه قال:
دخلت على أحد المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت، وكان حسن الجوار، حسن السيرة،
حسن الأخلاق، فرجوت أن يوفقه الله عند الموت، ويميته على الاسلام.
فقلت له: ما تجد، وكيف حالك ؟
فقال: لي قلب عليل ولا صحة لي، وبدن سقيم، ولا قوة لي، وقبر موحش ولا انيس لي،
وسفر بعيد ولا زاد لي، وصراط دقيق ولا جواز لي، ونار حامية ولا بدن لي, وجنّة عالية
ولا نصيب لي، ورب عادل ولا حجة لي.
قل الحسن: فدعوت ورجوت الله أن يوفقه، ثم أقبلت عليه، وقلت له:
لم لا تسلم حتى تسلم؟
قال: ان المفتاح بيد الفتاح، والقفل هنا. وأشار الى صدره وغشي عليه.
قال الحسن: فقلت:
الهي وسيدي ومولاي، ان كان سبق لهذا المجوسي عندك حسنة فعجل بها اليه قبل فراق
روحه من الدنيا، وانقطاع الأمل.
فأفاق من غشيته، وفتح عينيه، ثم أقبل وقال:
يا شيخ، ان الفتاح أرسل المفتاح. أمدد يمناك، فأنا أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا
رسول الله.
ثم خرجت روحه وصار الى رحمة الله.
أخي الحبيب, أختي الغالية
ما هذه الحيرة وأنتم تنظرون؟ وما هذه الغفلة وأنتم حاضرون؟
وما هذه السكرة وأنتم صاحون؟ وما هذا السكون وأنتم مطالبون؟
وما هذه الاقامة وأنتم راحلون؟
أما آن لأهل الرّقدة أن يستيقظوا ؟ أما حان لأبناء الغفلة أن يتعظوا ؟
هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لم يكن له وقت ينام فيه، يغلبه النعاس بينما
هو جالس بين الصحابة.
فقيل له : يا أمير المؤمنين، ألا تنام ؟
فقال: كيف انام ؟ ان نمت بالنهار، ضيّعت حقوق الناس، وان نمت بالليل ضيّعت حظي من الله.
وروي عن سليمان بن عمار أنه قال :
رأيت أبي في المنام بعد وفاته فقلت له:
ما فعل بك ربك ؟
فقال: ان الرب قرّبني وادناني، وقال لي: يا شيخ أتدري لم غفرت لك؟
فقلت: لا يا الهي.
قال: انك جلست للناس يوما مجلسا فأبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبيدي لم يبك
من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبت له.
وروي عن الضحّاك بن مزاحم أنه قال:
خرجت ذات ليلة الى مسجد الكوفة، فلما قربت من المسجد، فاذا في بعض رحابه شاب قد
خرّ ساجدا وهو يخور بالبكاء، فقربت منه لأسمع ما يقول فسمعته يقول أبياتا:
عليك يا ذا الجلال معتمدي طوبى لمن كنت أنت مولاه
طوبى لمن بات خائفا وجلا يشكو الى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم أكثر من حبّه لمولاه
اذا خلا في ظلام الليل مبتهلا أجابه الله ثم لبّاه
ومن ينل ذا من الاله فقد فاز بقرب تقرّ عيناه
فبقي يكرر هذه الأبيات ويبكي، وانا أبكي رحمة لبكاءه.
فدنوت منه لما انتهى من صلاته وسلمت عليه، فردّ عليّ السلام.
فقلت له: بارك الله فيك، من أنت يرحمك الله ؟
فقال لي: أنا راشد بن سليمان . فعرفته لما كنت أسمع عنه.
فقلت له: رحمك الله، لو أذنت لي في صحبتك لآنس بك.
فقال لي: هيهات هيهات، وهل يأنس بالمخلوقين من تلذذ بمناجاة رب العالمين ؟
فانصرف عني وتركني .
أخي الحبيب, أختي الغالية
الى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل؟
ولا تذكرون هجوم الأجل؟
ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم فللخراب، وما جمعتم فللذهاب.
وما عملتم ففي كتب مدّخر ليوم الحساب.
فاز، والله، المخففون من الأوزار، وسلم المتقون من عذاب النار.
فأعدّوا الزاد لنقلة لا بدّ لها ان تكون، واعتبروا بما تدور به عليكم الأيام والسنون.
وبادروا بالتوبة من الذنوب، واقتفوا آثار التوّابين، واسلكوا مسالك الأوّابين، الذين نالوا التوبة
والغفران، وأتعبوا أنفسكم في رضى الرحمن، فكونوا في ظلم الليالي قائمين، ولكتاب الله تالين،
بنفوس خائفة، وقلوب واجفة.
عن موقع الهدف