قدرات مصر الدفاعية الجزء (2)
أثبتت حرب 67 وحرب أكتوبر أن المعارك أصبحت تحسم في الجو . وتنامي الاعتماد على القوات الجوية بحيث أصبحت هي العنصر الحاكم في المعركة مقابل دور أصغر لباقي الأسلحة . وقد أثرت هذه الحقيقه على مصر بعد حرب أكتوبر بشكل لم يكن متوقعاً حيث عانت من تهديد لم يخطر لها على بال في نهاية السبعينيات كان على مصر أن تردعه بإمكانياتها التي تقلصت بعد الحرب.
أحلام القذافي
تزودت ليبيا بالاعتماد على ثروتها البترولية بترسانه كبيره من الأسلحة الشرقية والغربية . وضم اسطولها الجوي عدداً كبيراً من طائرات الميراج الفرنسية وطائرات الميج – 23 الروسية . وقد تم تصميم هذه الطائرة لعلاج العيوب الموجودة في طائرة الميج-21 الموجوده لدى مصر حيث اصبحت الطائرة أطول مدى وتمتعت برادار قوي وصواريخ جو-جو افضل أداء واطول مدى . ويسمح لها جناحها المتحرك بتغيير خصائص الطائرة حيث يمكن للطيار أن يطوي الجناح إلى الخلف محققاً سرعة كبيرة للطائرة أو يفرده في وضع جانبي مكسباً الطائرة قدرة عالية على الطيران المنخفض والبطئ.
بداية التهديد
في عام 1977 زار الرئيس السادات القدس. وبناء عليه بدأ القذافي في إثارة المشكلات على الحدود.في هذا الوقت العصيب والذي لم تكن اتفاقية السلام خرجت إلى النور بعد كانت القوات الجوية المصرية تعاني المشكلات. فقد نتج عن الحرب قطيعة مصرية سوفياتية . وكانت روسيا قد أمدت مصر بسربين من طائرات الميج-23 تم إيداعهم المخازن نظراً لعدم توافر قطع الغيار. كما لم تقع روسيا بتعويض خسائر مصر المرتفعة في الطائرات طوال الحرب والتي تتراوح تقديراتها بين المصادر الشرقية والغربية ما بين 120 إلى 200 طائرة.
بل إن روسيا لم تعيد إلى مصر 140 طائرة ميج-21 تم إرسالها للصيانه. وقد حسن الوضع بعض الشئ قيام السعودية بتمويل صفقة طائرات ميراج لصالح مصر تضم 3 أسراب.
لكن بشكل عام كان عدد الطائرات العاملة الصالحة للطيران قد لا يزيد عن المئة في وقت كانت الجبهة مع إسرائيل محل توجس واستنفار.
في ظل هذه الظروف القاتمه بداء القذافي بحشد قواته على حدود مصر الغربية وتطور الأمر من التحرشات إلى الاشتباكات الصريحة حيث بدأت القوات الليبية بالقصف المدفعي لقوات الحدود المصرية مما أدى إلى وقوع إصابات.
تعامل مصر مع التهديد في حدود إمكانياتها
كانت القيادة المصرية تدرك أن الميزان العسكري على الحدود الليبية في مصلحة ليبيا كماً ونوعاً . لكن فارق الخبرة القتالية كان كبيراً . لذلك قرر السادات الرد بحسم حيث لم يكن من الممكن السماح بهذه الاضطرابات وقواتنا على القناة في مواجهة إسرائيل وتقرر حسم الموقف بالقوات الضئيلة المتوافرة على الجبهة الغربية.
في صباح اليوم التالي أقلع تشكيل من طائرات لسوخوي المصرية تحميها الميج -21 القديمة باتجاه ليبيا على ارتفاع منخفض . ونفذا غارة ناجحة للغاية على قاعدة جمال عبد الناصر الجوية بل وتمكنت الطائرات من تدمير 6 طائرات ميراج على الأرض. في هذه الأثناء اقتحم لواء مدرع مصري منطقة الحدود والتحم مع القوات الليبية دافعها أمامه بسرة ومسبباً لها خسائر كبيرة ساهمت فيها القوات الجوية المصرية . حاول القذافي رد الصفعة فأمر قواته الجوية بمهاجمة مطار مرسى مطروح المصري. وفي خلال يومين جرت معارك جوية وبرية أسفرت كنتيجه عن تدمير 12 طائرة ليبية مقابل 3 طائرات مصرية إضافة إلى قيام اللواء المدرع باحتلال مدينة مساعيد. ومما يلفت النظر قيام طائرات الميج-21 المصرية بإسقاط الجيل الأحدث الميج-23 بينما سقطت جميع الطائرات المصرية بنيران الدفاع الجوي 9 بعض المصادر الغربية تشير إلى احتمال سقوط طائرة مصرية واحده في قتال جوي). وبهذه النتيجة الحاسمه أمر السادات بإيقاف النيران ووعى القذافي الدرس إلى حين وبهذا نجحت مصر للمرة الثانية خلال عقد السبعينيات في درء التهديد لأمنها باستخدام قوات أقل قدرة من القوات المقابلة بالتدريب والتخطيط المحكم.
لم يدم هذا الأمر طويلاً ففي عام 1979 تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وبناء عليه بدأت أمريكا في مساعدة مصر في إعادة بناء قواتها الجوية فقامت بتزويد طائرات الميج-21 المصرية بصواريخ سايد ويندر التي طالما استعلتها طائرات الفانتوم ضد الطائرات المصرية . بدأت الطائرات الليبية تتحرش بالحدود المصرية وتخترقها مراراً بطائرات الميج-23 مستغلة النقص العددي الكبير في عدد الطائرات المصرية. لم تلبث أن حدثت مواجهة جوية بين طائرتين ميج-23 منهم مع طائرتين ميج-21 مصريين مسلحتين بالصواريخ الجديدة وفي معركة قصيرة تفوقت الخبرة المصرية وتم لإسقاط طائرة من الميج-23 ولاذ الطيار الأخر بالفرار.
والحقيقة أن أمريكا استجابت فوراً لحاجة مصر الطارئة لتأمين الحدود الغربية وقامت بإهداء مصر سربين ( 40 طائرة ) من طائرات الفانتوم العاملة في القواتالجوية الأمريكية بكامل تسليحها لتدخل مصر في قفزه تكنولوجيه هائلة تقدر بثلاث أجيال عن تسليحها السابق.
وفي المقال القادم نتعرض لفترة الثمانينيات وتنامي التهديدات والإمكانيات بالنسبه لمصر
بدايات الثمانيات
عقد التحديث بالقوات المسلحة المصرية
شهدت بداية عقد الثمانينيات تحولاً خطيراً في ميزان القوى والفارق النوعي بين القوات الإسرائيلية والعربية. فلم تكد مصر تهناء بحصولها على الفانتوم الحديثة حتى قررت أمريكا تزويد إسرائيل بطائرات f-16 الصقر المقاتل وطائرات f-15 النسر.
كان هذين الطرازين هما أحدث ما أنتجته الترسانه الأمريكية مما حدا بالجميع النظر بتوجس إلى هذه الطائرات الجديدة خاصة طائرة النسر
تعد هذه الطائرة نقلة جديدة فيعالم القتال اجوي حيث دخلت منطقة الشرق الأوسط لأول مرة ما يعرف بطائرة التفوق الجوي. وقديماً كانت الطائرات القاتلة في المنطقة ثلاث تصنيفات
1- طائرة إعتراضية مهمتها الدفاع الجوي وحماية الأسراب التي تقوم بمهام القصف من طائرات الدفاع الجوي المعادي.
2- طائرة هجوم أرضي
3- طائرة متعددة المهام ( قادرة علىالقصف والقتال الجوي مثل الفانتوم والميراج ).
وتختلف طائرات التفوق الجوي عن الطائرة الاعتراضية في أن مهامها تمتد إلى تحقيق السيادة الجوية فوق الأجواء المعادية وليس فقط حماية المقاتلات القاذفة. ومن أجل هذا كان لابد أن تكون هذه الطائرة قادرة على مواجهة عدداً من الطائرات في ذات الوقت فتم تزويدها برادار فائق القوم ووسائل تشويش إليكتروني متقدمة للغاية وعدداً كبيراً من الصورايخ الجوية بعيدة المدى تمكنها من الاشتباك مع عدة أهداف في وقت واحد. إضافة إلى تصميمها الرشيق والذي يعطي لها حرية المناورة في كافة الأجواء دعمها الأمريكان بمحركين نفاثين قويين مما أكسب الطائرة قدرات خرافية مقارنة بباقي الطائرات المتاحة في المنطقة أو حتى بالطائرات الروسية والتي لم يكن في حينها يتوافر لديها أي طائرات مماثله .
بينما تعد طائرة الصقر المقاتل إنجازاً هائلاً في التقنية الأمريكية . فرغم أن هذه الطائرة يدفعها محرك واحد. إلا أنها خطفت الأنظار تماماً. حيث يبلغ حجمها نصف حجم النسر (حوالي 11 متر فقط ) وتعد بذلك اصغر طائرة في العالم. كما تتميز بنفس التجهيز التكنولوجي ووسائل الإعاقة والسيطرة الفائقة التطور. ورغم حجمها الصغير يبلغ مداها 1500كم وحمولة طنين كاملين . فضلاً عن قدرتها على القتال الجوي فهي في هذا الوقت كانت مزودة بصورايخ حرارية من طراز سايد ويندر ( تم إضافة الصواريخ بعيدة المدى سبارو لها لاحقاً في أواخر الثمانينيات). وبالنسبة للقدرة على المناورة تعد طائرة الصقر المقاتل هي أرشق وأقدر طائرة على المناورة على الإطلاق تم تصميمها حتى وقتنا الحالي. مما أكسبها إمكانيات هائلة في القتال الجوي أمام أي طائرة أخرى .
إضافة إلى ذلك تمتلك هذه الطائرة الفريدة إمكانيات مذهلة في الهجوم الأرضي خاصة في الذخائر الذكية حيث تستطيع إطلاق كافة الأنواع من هذه الذخائر وصولاً إلىالذخائر الموجهة بالأقمار الصناعية . إلا أن أكثر العناصر تأثيراً في هذه الفترة كانت الصواريخ الموجهة شرايك وهارم المضادة للدفاع الجوي. حيث أن هذه الصواريخ الطويلة المدى يمكن إطلاقها من خارج مدى صوارخ الدفاع الجوي وتتبع إشعاع الرادار الخاص بالدفاع الجوي حتى تصيبه وبالتالي تفقد الصواريخ فعاليتها تماماً
العملية أوزيراك
قررت إسرائيل أن تقصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 مستخدمة طائرات الصقر المقاتل. فتم تخصيص 8 طائرات من هذا الطراز للقصف تحميها 8 طائرات من طراز النسر في أول اختبار واقعي للطرازات الجديدية.
وانطلقت الطائرات الستة عشر من مطار سيناء ( الجزء الذي لم يتم تسليمه لمصر بعد ) عبر الصحراء السعودية على مستوى شديد الانخفاض حتى الوصول إلى الأراضي العراقية. وانقضت الطائرات كالقدر المحتوم على المفاعل لتدمره في ثواني وتبتعد من قبل أن يصدر أي رد فعل عن الدفاع الجوي العراقي مسجلة نجاحاً هائلاً لهذه الطرازات . وعادت الطائرات على ارتفاعات شاهقة وسرعات خرافية عبر أجواء الأردن .
وضعت هذه العملية حقائق جديدة على الأرض بالنسبة للعرب. فقد ثبت أن الطائرات الجديدة تتمتع بأداء متفوق تماماً حتى إلى طائرات الفانتوم الأمريكية والتي تتسلح بها مصر. مما حدا بالجميع الترقب للخطوة التالية من جانب إسرائيل ولم يطل الانتظار. ففي العام التالي اندلعت معركة لبنان واستخلصت مصر منها الدروس.
لكن اتخذت مصؤر قراراً استرايجياً هاماً وهو التحول إلى نمط التسليح والفكر الاستراتيجي الغربي. وطلبت من الولايات المتحدة إمدادها بطائرات الصقر المقاتل المتعددة المهام واستجابت أمريكا ووصل في العام التالي السرب الأول من هذه الطائرات. في هذه الأثناء كانت إسرائيل تحصل على طائرات الإنذار المبكر – الإواكس مما أدخلها في مفهوم جديد في إدارة المعركة الجوية واصبحت معركة لبنان على الأبواب
أثبتت حرب 67 وحرب أكتوبر أن المعارك أصبحت تحسم في الجو . وتنامي الاعتماد على القوات الجوية بحيث أصبحت هي العنصر الحاكم في المعركة مقابل دور أصغر لباقي الأسلحة . وقد أثرت هذه الحقيقه على مصر بعد حرب أكتوبر بشكل لم يكن متوقعاً حيث عانت من تهديد لم يخطر لها على بال في نهاية السبعينيات كان على مصر أن تردعه بإمكانياتها التي تقلصت بعد الحرب.
أحلام القذافي
تزودت ليبيا بالاعتماد على ثروتها البترولية بترسانه كبيره من الأسلحة الشرقية والغربية . وضم اسطولها الجوي عدداً كبيراً من طائرات الميراج الفرنسية وطائرات الميج – 23 الروسية . وقد تم تصميم هذه الطائرة لعلاج العيوب الموجودة في طائرة الميج-21 الموجوده لدى مصر حيث اصبحت الطائرة أطول مدى وتمتعت برادار قوي وصواريخ جو-جو افضل أداء واطول مدى . ويسمح لها جناحها المتحرك بتغيير خصائص الطائرة حيث يمكن للطيار أن يطوي الجناح إلى الخلف محققاً سرعة كبيرة للطائرة أو يفرده في وضع جانبي مكسباً الطائرة قدرة عالية على الطيران المنخفض والبطئ.
بداية التهديد
في عام 1977 زار الرئيس السادات القدس. وبناء عليه بدأ القذافي في إثارة المشكلات على الحدود.في هذا الوقت العصيب والذي لم تكن اتفاقية السلام خرجت إلى النور بعد كانت القوات الجوية المصرية تعاني المشكلات. فقد نتج عن الحرب قطيعة مصرية سوفياتية . وكانت روسيا قد أمدت مصر بسربين من طائرات الميج-23 تم إيداعهم المخازن نظراً لعدم توافر قطع الغيار. كما لم تقع روسيا بتعويض خسائر مصر المرتفعة في الطائرات طوال الحرب والتي تتراوح تقديراتها بين المصادر الشرقية والغربية ما بين 120 إلى 200 طائرة.
بل إن روسيا لم تعيد إلى مصر 140 طائرة ميج-21 تم إرسالها للصيانه. وقد حسن الوضع بعض الشئ قيام السعودية بتمويل صفقة طائرات ميراج لصالح مصر تضم 3 أسراب.
لكن بشكل عام كان عدد الطائرات العاملة الصالحة للطيران قد لا يزيد عن المئة في وقت كانت الجبهة مع إسرائيل محل توجس واستنفار.
في ظل هذه الظروف القاتمه بداء القذافي بحشد قواته على حدود مصر الغربية وتطور الأمر من التحرشات إلى الاشتباكات الصريحة حيث بدأت القوات الليبية بالقصف المدفعي لقوات الحدود المصرية مما أدى إلى وقوع إصابات.
تعامل مصر مع التهديد في حدود إمكانياتها
كانت القيادة المصرية تدرك أن الميزان العسكري على الحدود الليبية في مصلحة ليبيا كماً ونوعاً . لكن فارق الخبرة القتالية كان كبيراً . لذلك قرر السادات الرد بحسم حيث لم يكن من الممكن السماح بهذه الاضطرابات وقواتنا على القناة في مواجهة إسرائيل وتقرر حسم الموقف بالقوات الضئيلة المتوافرة على الجبهة الغربية.
في صباح اليوم التالي أقلع تشكيل من طائرات لسوخوي المصرية تحميها الميج -21 القديمة باتجاه ليبيا على ارتفاع منخفض . ونفذا غارة ناجحة للغاية على قاعدة جمال عبد الناصر الجوية بل وتمكنت الطائرات من تدمير 6 طائرات ميراج على الأرض. في هذه الأثناء اقتحم لواء مدرع مصري منطقة الحدود والتحم مع القوات الليبية دافعها أمامه بسرة ومسبباً لها خسائر كبيرة ساهمت فيها القوات الجوية المصرية . حاول القذافي رد الصفعة فأمر قواته الجوية بمهاجمة مطار مرسى مطروح المصري. وفي خلال يومين جرت معارك جوية وبرية أسفرت كنتيجه عن تدمير 12 طائرة ليبية مقابل 3 طائرات مصرية إضافة إلى قيام اللواء المدرع باحتلال مدينة مساعيد. ومما يلفت النظر قيام طائرات الميج-21 المصرية بإسقاط الجيل الأحدث الميج-23 بينما سقطت جميع الطائرات المصرية بنيران الدفاع الجوي 9 بعض المصادر الغربية تشير إلى احتمال سقوط طائرة مصرية واحده في قتال جوي). وبهذه النتيجة الحاسمه أمر السادات بإيقاف النيران ووعى القذافي الدرس إلى حين وبهذا نجحت مصر للمرة الثانية خلال عقد السبعينيات في درء التهديد لأمنها باستخدام قوات أقل قدرة من القوات المقابلة بالتدريب والتخطيط المحكم.
لم يدم هذا الأمر طويلاً ففي عام 1979 تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وبناء عليه بدأت أمريكا في مساعدة مصر في إعادة بناء قواتها الجوية فقامت بتزويد طائرات الميج-21 المصرية بصواريخ سايد ويندر التي طالما استعلتها طائرات الفانتوم ضد الطائرات المصرية . بدأت الطائرات الليبية تتحرش بالحدود المصرية وتخترقها مراراً بطائرات الميج-23 مستغلة النقص العددي الكبير في عدد الطائرات المصرية. لم تلبث أن حدثت مواجهة جوية بين طائرتين ميج-23 منهم مع طائرتين ميج-21 مصريين مسلحتين بالصواريخ الجديدة وفي معركة قصيرة تفوقت الخبرة المصرية وتم لإسقاط طائرة من الميج-23 ولاذ الطيار الأخر بالفرار.
والحقيقة أن أمريكا استجابت فوراً لحاجة مصر الطارئة لتأمين الحدود الغربية وقامت بإهداء مصر سربين ( 40 طائرة ) من طائرات الفانتوم العاملة في القواتالجوية الأمريكية بكامل تسليحها لتدخل مصر في قفزه تكنولوجيه هائلة تقدر بثلاث أجيال عن تسليحها السابق.
وفي المقال القادم نتعرض لفترة الثمانينيات وتنامي التهديدات والإمكانيات بالنسبه لمصر
بدايات الثمانيات
عقد التحديث بالقوات المسلحة المصرية
شهدت بداية عقد الثمانينيات تحولاً خطيراً في ميزان القوى والفارق النوعي بين القوات الإسرائيلية والعربية. فلم تكد مصر تهناء بحصولها على الفانتوم الحديثة حتى قررت أمريكا تزويد إسرائيل بطائرات f-16 الصقر المقاتل وطائرات f-15 النسر.
كان هذين الطرازين هما أحدث ما أنتجته الترسانه الأمريكية مما حدا بالجميع النظر بتوجس إلى هذه الطائرات الجديدة خاصة طائرة النسر
تعد هذه الطائرة نقلة جديدة فيعالم القتال اجوي حيث دخلت منطقة الشرق الأوسط لأول مرة ما يعرف بطائرة التفوق الجوي. وقديماً كانت الطائرات القاتلة في المنطقة ثلاث تصنيفات
1- طائرة إعتراضية مهمتها الدفاع الجوي وحماية الأسراب التي تقوم بمهام القصف من طائرات الدفاع الجوي المعادي.
2- طائرة هجوم أرضي
3- طائرة متعددة المهام ( قادرة علىالقصف والقتال الجوي مثل الفانتوم والميراج ).
وتختلف طائرات التفوق الجوي عن الطائرة الاعتراضية في أن مهامها تمتد إلى تحقيق السيادة الجوية فوق الأجواء المعادية وليس فقط حماية المقاتلات القاذفة. ومن أجل هذا كان لابد أن تكون هذه الطائرة قادرة على مواجهة عدداً من الطائرات في ذات الوقت فتم تزويدها برادار فائق القوم ووسائل تشويش إليكتروني متقدمة للغاية وعدداً كبيراً من الصورايخ الجوية بعيدة المدى تمكنها من الاشتباك مع عدة أهداف في وقت واحد. إضافة إلى تصميمها الرشيق والذي يعطي لها حرية المناورة في كافة الأجواء دعمها الأمريكان بمحركين نفاثين قويين مما أكسب الطائرة قدرات خرافية مقارنة بباقي الطائرات المتاحة في المنطقة أو حتى بالطائرات الروسية والتي لم يكن في حينها يتوافر لديها أي طائرات مماثله .
بينما تعد طائرة الصقر المقاتل إنجازاً هائلاً في التقنية الأمريكية . فرغم أن هذه الطائرة يدفعها محرك واحد. إلا أنها خطفت الأنظار تماماً. حيث يبلغ حجمها نصف حجم النسر (حوالي 11 متر فقط ) وتعد بذلك اصغر طائرة في العالم. كما تتميز بنفس التجهيز التكنولوجي ووسائل الإعاقة والسيطرة الفائقة التطور. ورغم حجمها الصغير يبلغ مداها 1500كم وحمولة طنين كاملين . فضلاً عن قدرتها على القتال الجوي فهي في هذا الوقت كانت مزودة بصورايخ حرارية من طراز سايد ويندر ( تم إضافة الصواريخ بعيدة المدى سبارو لها لاحقاً في أواخر الثمانينيات). وبالنسبة للقدرة على المناورة تعد طائرة الصقر المقاتل هي أرشق وأقدر طائرة على المناورة على الإطلاق تم تصميمها حتى وقتنا الحالي. مما أكسبها إمكانيات هائلة في القتال الجوي أمام أي طائرة أخرى .
إضافة إلى ذلك تمتلك هذه الطائرة الفريدة إمكانيات مذهلة في الهجوم الأرضي خاصة في الذخائر الذكية حيث تستطيع إطلاق كافة الأنواع من هذه الذخائر وصولاً إلىالذخائر الموجهة بالأقمار الصناعية . إلا أن أكثر العناصر تأثيراً في هذه الفترة كانت الصواريخ الموجهة شرايك وهارم المضادة للدفاع الجوي. حيث أن هذه الصواريخ الطويلة المدى يمكن إطلاقها من خارج مدى صوارخ الدفاع الجوي وتتبع إشعاع الرادار الخاص بالدفاع الجوي حتى تصيبه وبالتالي تفقد الصواريخ فعاليتها تماماً
العملية أوزيراك
قررت إسرائيل أن تقصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 مستخدمة طائرات الصقر المقاتل. فتم تخصيص 8 طائرات من هذا الطراز للقصف تحميها 8 طائرات من طراز النسر في أول اختبار واقعي للطرازات الجديدية.
وانطلقت الطائرات الستة عشر من مطار سيناء ( الجزء الذي لم يتم تسليمه لمصر بعد ) عبر الصحراء السعودية على مستوى شديد الانخفاض حتى الوصول إلى الأراضي العراقية. وانقضت الطائرات كالقدر المحتوم على المفاعل لتدمره في ثواني وتبتعد من قبل أن يصدر أي رد فعل عن الدفاع الجوي العراقي مسجلة نجاحاً هائلاً لهذه الطرازات . وعادت الطائرات على ارتفاعات شاهقة وسرعات خرافية عبر أجواء الأردن .
وضعت هذه العملية حقائق جديدة على الأرض بالنسبة للعرب. فقد ثبت أن الطائرات الجديدة تتمتع بأداء متفوق تماماً حتى إلى طائرات الفانتوم الأمريكية والتي تتسلح بها مصر. مما حدا بالجميع الترقب للخطوة التالية من جانب إسرائيل ولم يطل الانتظار. ففي العام التالي اندلعت معركة لبنان واستخلصت مصر منها الدروس.
لكن اتخذت مصؤر قراراً استرايجياً هاماً وهو التحول إلى نمط التسليح والفكر الاستراتيجي الغربي. وطلبت من الولايات المتحدة إمدادها بطائرات الصقر المقاتل المتعددة المهام واستجابت أمريكا ووصل في العام التالي السرب الأول من هذه الطائرات. في هذه الأثناء كانت إسرائيل تحصل على طائرات الإنذار المبكر – الإواكس مما أدخلها في مفهوم جديد في إدارة المعركة الجوية واصبحت معركة لبنان على الأبواب