دراسة في أثر الامتيازات والحصانات الدبلوماسيةالبعثات الدبلوماسية بين الضمانات ومقتضيات الأمن الوطني
عمان- العرب أونلاين: صدر حديثا للباحث والكاتب ياسر نايف قطيشات كتاباً جديداً بعنوان "البعثات الدبلوماسية بين الضمانات ومقتضيات الأمن الوطني"، وهي دراسة في أثر الامتيازات والحصانات الدبلوماسية والقنصلية وضمانات المنظمات الدولية على الأمن الوطني للدول، والكتاب الصادر عن دار آمنة للنشر في ديسمبر/كانون الاول 2011 هو دراسة علمية متخصصة في مجال العلاقات الدراسات الدبلوماسية والعلاقات السياسية الدولية وذات قيمة معرفية كبيرة، كونه يتناول بالتحليل المعمّق الأخطار الناجمة عن سوء استخدام الضمانات الدبلوماسية على الأمن الوطني للدول، وينتقد كافة النظريات التي قننت تلك الضمانات، لما لها من انعكاسات سلبية على امن وسيادة الدول.
ويطرح الكاتب –بالمقابل- نظرية "مقتضيات الأمن الوطني" كمبرر فلسفي وقانوني جديد يصبغ الشرعية على الضمانات الدبلوماسية والقنصلية والدولية، ويرى الكاتب أن نظرية "مقتضيات الوظيفة" التي تعتبر اليوم المبرر القانوني الذي من خلاله تقدم الدول الامتيازات والحصانات للمبعوثين الأجانب، وفقا لاتفاقية فينا لعام 1961م الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، واتفاقية البعثات القنصلية لعام 1963م، واتفاقية المنظمات الدولية لعام 1975م، غاب عنها حقيقة وأهمية مقتضيات الأمن الوطني بعد تكرار سلسلة حوادث خرق سيادة وأمن الدول المستقبلة بحجة امتيازات وحصانات المبعوث الدبلوماسي.
ورغم الاعتراف بأهمية ومنطقية الامتيازات والحصانات الدبلوماسية والقنصلية وبعثات المنظمات الدولية، إلا ان العقود الخمسة الأخيرة شهدت جملة كبيرة من الممارسات الخاطئة من قبل المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين وممثلي البعثات الدولية، بسبب استغلال امتيازاتهم وحصاناتهم كغطاء لهم، وفي المقابل كثرت ردود فعل الدول تجاه تلك الممارسات التي تهدد أمنها الوطني، وتمثلت في سوادها الأعظم في المظاهر التي اتخذتها الدول لحماية أمنها وسيادتها مثل تخفيض حجم البعثات الدبلوماسية والقنصلية والدولية، وازدياد حالات "طرد" الدبلوماسيين وموظفي وممثلي بعثات المنظمات الدولية، والتي يهيمن عليها مبدأ المعاملة بالمثل بشكل سلبي، وتقييد اتصالات البعثات الأجنبية، والحد من حرية تنقل أعضائها، وتوتر العلاقات حتى بلوغها القطع بشكل نهائي.
ومن ثم فان جملة التغيرات الدولية التي شهدتها الساحة الدولية منذ النصف الثاني من القرن الماضي، يسّرت إمكانية تهديد الأمن الوطني للدول عبر البعثات الدولية السابقة، فلا أحد ينكر دور الحرب الإيديولوجية كمتغير في العلاقات الدولية في انتقال حالة العداء إلى كافة الدول في العالم، فضلا عن دور التطور العلمي والتكنولوجي في مجال الاتصالات والمواصلات والتقنية التي أحدثتها في الأجهزة الخاصة بسرقة المعلومات عبر الأقمار الصناعية، كعامل آخر زاد من احتمالية تهديد أمن الدولة، وانعكس سلبا على سيادتها الداخلية.
وكشفت الدراسة في نتائجها أن العمل الدولي يشهد اتجاهاً قوياً نحو تفضيل اعتبارات الأمن الوطني على مقتضيات الامتيازات والحصانات الدولية، وإن هذه الضمانات وتبعاً للمفهوم الحالي، أصبحت ضمانات مقيدة وليست مطلقة، وتقييدها مرهوناً بأولويات الأمن الوطني الذي يعتبر أفضل قيد يرتد على الامتيازات والحصانات الدولية.
كما توصلت الدراسة إلى أن الامتيازات والحصانات التي أقرتها أحكام القانون الدولي عبر الاتفاقيات الدولية السابقة، جاءت بشكل مزعج وسخي وزائد عن حده بحيث أنها -كما هي عليه الآن- تشكل تهديداً على أمن الدولة المستقبلة. وان التناقض والتفاوت بين النظرية والتطبيق الدولي، سمة بارزة في هذه الامتيازات والحصانات الدولية، ومصدر هذا التناقض، يعود إلى اختلاف بعض النصوص الدولية مع مصالح الدول وأمنها الوطني، مما دفع الدول إلى خلق ممارسة تناقض هذه النظرية.
وكشفت الدراسة أيضا أن سلوك المبعوث الأجنبي يمثل تهديداً لأمن الدولة، واستغلالاً للضمانات الممنوحة لدولته، وأن تجاوزه لا يخرج في صورته عند الإتيان به عن احتمالين؛ الأول: بناءاً على الخطوط المرسومة له من جانب دولته، وكمنفذ لتعليماتها. والثاني: أن يكون قد تصرف من تلقاء نفسه، معتبراً أن هذه الضمانات شخصية وليست وظيفية رسمية.
ولهذا يرى الباحث أن الدول وظّفت جزءاً كبيراً من إمكانياتها المادية في إنشاء الأجهزة والسلطات القائمة على حماية أمنها الوطني كمظهر من مظاهر سيادتها، وعملت على تقييد ومراقبة نشاط المبعوثين الأجانب، خاصة في مجال التجسس المتعلق بالقضايا السياسية والصناعية والعسكرية، بوصف أن هذا النوع من الأعمال يعد تجاوزا لواجبات المبعوث الأجنبي، كونه يهدد أمن دولة الاستقبال وسلامتها.
وأوصى الباحث في نهاية دراسته ضرورة إعادة النظر في اتفاقية فينا لعام 1961م الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، وفضل أن يتم خلق نظريّة دبلوماسية جديدة، توافق وتوازن بين النظرية والتطبيق الدولي الحالي، وأن يكون مبرر "مقتضيات الأمن الوطني" هو المبرر الفلسفي والقانوني، للتمتع بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية وتبعاً لمعيار حالة الضرورة المشروطة بعدم التعسف .
كما دعا الباحث إلى ضرورة قبول كافة الدول الاختصاص الإلزامي لمحكمة العدل الدولية، فيما يطرأ من خلاف بين الدول عند تطبيق معيار "الضرورة المشروطة بعدم التعسف"، كمعيار فعال وجيّد لتقييد الامتيازات والحصانات الدبلوماسية.
وأوصى الباحث بضرورة عقد المؤتمرات الدولية المكثفة، لدراسة مشاكل التهريب بين الدبلوماسيين والموظفين الدوليين، ودراسة حالات خطف الدبلوماسيين والاعتداء عليهم، وتلك القضايا بلغت من الخطورة مدى لم يعد يحتمل أكثر من ذلك، وتقتضي دراستها مليا والوصول إلى حكمٍ عام بصددها.
يذكر ان هذا الكتاب الثالث للباحث ياسر نايف قطيشات، حيث صدر له في عام 2008م كتاب بعنوان "العلاقات السياسية الأردنية العربية من إيديولوجيا القومية إلى النزعة القطرية" وكتاب أخر بعنوان "السياسة الأردنية المصرية تجاه أزمة الخليج الثانية عام 1990/1991م"، فضلا عن عشرات الأبحاث والدراسات في السياسة والعلاقات الدولية.
ويطرح الكاتب –بالمقابل- نظرية "مقتضيات الأمن الوطني" كمبرر فلسفي وقانوني جديد يصبغ الشرعية على الضمانات الدبلوماسية والقنصلية والدولية، ويرى الكاتب أن نظرية "مقتضيات الوظيفة" التي تعتبر اليوم المبرر القانوني الذي من خلاله تقدم الدول الامتيازات والحصانات للمبعوثين الأجانب، وفقا لاتفاقية فينا لعام 1961م الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، واتفاقية البعثات القنصلية لعام 1963م، واتفاقية المنظمات الدولية لعام 1975م، غاب عنها حقيقة وأهمية مقتضيات الأمن الوطني بعد تكرار سلسلة حوادث خرق سيادة وأمن الدول المستقبلة بحجة امتيازات وحصانات المبعوث الدبلوماسي.
ورغم الاعتراف بأهمية ومنطقية الامتيازات والحصانات الدبلوماسية والقنصلية وبعثات المنظمات الدولية، إلا ان العقود الخمسة الأخيرة شهدت جملة كبيرة من الممارسات الخاطئة من قبل المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين وممثلي البعثات الدولية، بسبب استغلال امتيازاتهم وحصاناتهم كغطاء لهم، وفي المقابل كثرت ردود فعل الدول تجاه تلك الممارسات التي تهدد أمنها الوطني، وتمثلت في سوادها الأعظم في المظاهر التي اتخذتها الدول لحماية أمنها وسيادتها مثل تخفيض حجم البعثات الدبلوماسية والقنصلية والدولية، وازدياد حالات "طرد" الدبلوماسيين وموظفي وممثلي بعثات المنظمات الدولية، والتي يهيمن عليها مبدأ المعاملة بالمثل بشكل سلبي، وتقييد اتصالات البعثات الأجنبية، والحد من حرية تنقل أعضائها، وتوتر العلاقات حتى بلوغها القطع بشكل نهائي.
ومن ثم فان جملة التغيرات الدولية التي شهدتها الساحة الدولية منذ النصف الثاني من القرن الماضي، يسّرت إمكانية تهديد الأمن الوطني للدول عبر البعثات الدولية السابقة، فلا أحد ينكر دور الحرب الإيديولوجية كمتغير في العلاقات الدولية في انتقال حالة العداء إلى كافة الدول في العالم، فضلا عن دور التطور العلمي والتكنولوجي في مجال الاتصالات والمواصلات والتقنية التي أحدثتها في الأجهزة الخاصة بسرقة المعلومات عبر الأقمار الصناعية، كعامل آخر زاد من احتمالية تهديد أمن الدولة، وانعكس سلبا على سيادتها الداخلية.
وكشفت الدراسة في نتائجها أن العمل الدولي يشهد اتجاهاً قوياً نحو تفضيل اعتبارات الأمن الوطني على مقتضيات الامتيازات والحصانات الدولية، وإن هذه الضمانات وتبعاً للمفهوم الحالي، أصبحت ضمانات مقيدة وليست مطلقة، وتقييدها مرهوناً بأولويات الأمن الوطني الذي يعتبر أفضل قيد يرتد على الامتيازات والحصانات الدولية.
كما توصلت الدراسة إلى أن الامتيازات والحصانات التي أقرتها أحكام القانون الدولي عبر الاتفاقيات الدولية السابقة، جاءت بشكل مزعج وسخي وزائد عن حده بحيث أنها -كما هي عليه الآن- تشكل تهديداً على أمن الدولة المستقبلة. وان التناقض والتفاوت بين النظرية والتطبيق الدولي، سمة بارزة في هذه الامتيازات والحصانات الدولية، ومصدر هذا التناقض، يعود إلى اختلاف بعض النصوص الدولية مع مصالح الدول وأمنها الوطني، مما دفع الدول إلى خلق ممارسة تناقض هذه النظرية.
وكشفت الدراسة أيضا أن سلوك المبعوث الأجنبي يمثل تهديداً لأمن الدولة، واستغلالاً للضمانات الممنوحة لدولته، وأن تجاوزه لا يخرج في صورته عند الإتيان به عن احتمالين؛ الأول: بناءاً على الخطوط المرسومة له من جانب دولته، وكمنفذ لتعليماتها. والثاني: أن يكون قد تصرف من تلقاء نفسه، معتبراً أن هذه الضمانات شخصية وليست وظيفية رسمية.
ولهذا يرى الباحث أن الدول وظّفت جزءاً كبيراً من إمكانياتها المادية في إنشاء الأجهزة والسلطات القائمة على حماية أمنها الوطني كمظهر من مظاهر سيادتها، وعملت على تقييد ومراقبة نشاط المبعوثين الأجانب، خاصة في مجال التجسس المتعلق بالقضايا السياسية والصناعية والعسكرية، بوصف أن هذا النوع من الأعمال يعد تجاوزا لواجبات المبعوث الأجنبي، كونه يهدد أمن دولة الاستقبال وسلامتها.
وأوصى الباحث في نهاية دراسته ضرورة إعادة النظر في اتفاقية فينا لعام 1961م الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، وفضل أن يتم خلق نظريّة دبلوماسية جديدة، توافق وتوازن بين النظرية والتطبيق الدولي الحالي، وأن يكون مبرر "مقتضيات الأمن الوطني" هو المبرر الفلسفي والقانوني، للتمتع بالامتيازات والحصانات الدبلوماسية وتبعاً لمعيار حالة الضرورة المشروطة بعدم التعسف .
كما دعا الباحث إلى ضرورة قبول كافة الدول الاختصاص الإلزامي لمحكمة العدل الدولية، فيما يطرأ من خلاف بين الدول عند تطبيق معيار "الضرورة المشروطة بعدم التعسف"، كمعيار فعال وجيّد لتقييد الامتيازات والحصانات الدبلوماسية.
وأوصى الباحث بضرورة عقد المؤتمرات الدولية المكثفة، لدراسة مشاكل التهريب بين الدبلوماسيين والموظفين الدوليين، ودراسة حالات خطف الدبلوماسيين والاعتداء عليهم، وتلك القضايا بلغت من الخطورة مدى لم يعد يحتمل أكثر من ذلك، وتقتضي دراستها مليا والوصول إلى حكمٍ عام بصددها.
يذكر ان هذا الكتاب الثالث للباحث ياسر نايف قطيشات، حيث صدر له في عام 2008م كتاب بعنوان "العلاقات السياسية الأردنية العربية من إيديولوجيا القومية إلى النزعة القطرية" وكتاب أخر بعنوان "السياسة الأردنية المصرية تجاه أزمة الخليج الثانية عام 1990/1991م"، فضلا عن عشرات الأبحاث والدراسات في السياسة والعلاقات الدولية.