إمبراطورية سامسونج
كوريا و منذ 50 سنة فقط كانت تعد أحد أفقر دول العالم، و خلال هذه الفترة الوجيزة حجزت لنفسها مكانا في المرتبة الثالثة عشر عالميا مع الدول الأكثر تطورا. في كوريا الجنوبية الكل يتنفس التقنية و هو بالمناسبة البلد الأكثر اتصالا بالإنترنت في الميترو و الشارع وصولا إلى القطارات حيث أن 95 % من السكان يملكون اتصالا ذو تدفق عالي و 60 % بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية للمقارنة، إنها أيضا موطن أكبر الشركات التقنية كـ LG و سامسونج هذه الأخيرة تعد الرقم واحد في العالم في مجال التكنولوجيا، و تفوق أرباحها تلك التي تحققها كل من شركات أبل، مايكروسوفت و جوجل مجتمعة. نحن اليوم أمام إمبراطورية إلكترونية بكل ما تحمله الكلمة من معنى و إذا لم تصدق ذلك بعد، تابع معنا إذا أول تقرير عن سامسونج و الذي لن تجده في مكان آخر غير موقع إلكتروني: إمبراطورية سامسونج.
درس تاريخ :
Lee Byung-chul مؤسس شركة سامسونج
لا يخفى على أحد أن كوريا الجنوبية كانت تصنف منذ 50 سنة تقريبا كدولة من العالم الثالث، فحصيلة الإستعمار الياباني الذي دام 35 سنة لم تكن سهلة على الشعب الكوري الذي رأى وحدته تقسم إلى دولتين جنوبية (رأسمالية) و أخرى شمالية (شيوعية)، بالإضافة إلى المعاناة التي كان يعيشها الكوريون في تلك الفترة حيث أن الكثيرين قرروا الهجرة إلى اليابان للبحث عن مناصب شغل و حياة أفضل تاركا موطنه ربما مرغما. و في ظل كل هذا تبدأ قصتنا مع Lee Byung-chul الذي أنشئ في الأول من شهر مارس 1938 (خلال الاستعمار الياباني) مؤسسة صغيرة للأرز و السكر أطلق عليها إسم سام-سونج أو Samseong و التي تعني ثلاث نجوم باللغة الكورية، ثلاث نجوم لثلاث مبادئ مؤسسة لها “أن تصبح كبيرا”، “أن تصبح قويا” و “البقاء إلى الأبد”.
أول شعار لسامسونج
هذه الشركة كانت تصدر منتجاتها إلى الصين رغم الإضطرابات مع الشيوعيين، ليضيف بعد ذلك شركة مختصة في النسيج، البتروكيمياء، الصناعة البحرية و صناعة الآلات لأننا أمام رجل مهووس بالمشاريع بدأ بميزانية تقارب 25 يورو فقط ! و لم يدع Byung-chul مجالا يقف أمامه إلا و دخله، المهم بالنسبة إليه هو أن يستثمر موهبته التسويقية في تنمية تجارته، إلى أن أصبحت سامسونج خلال 10 سنوات من العمل المثمر أحد أهم الشركات الاقتصادية في كوريا و حصد مالكها أرباحا طائلة جعلت منه أغنى رجل في كوريا في ذلك الحين طبعا.
و في 1969 قرر Byung-chul إضافة شركة جديدة إلى قائمة اهتماماته، Samsung Electronics و التي لم تنتظر كثيرا للدخول في إنتاج أول جهاز إلكتروني لها حيث أنه و في السنة التي تليها أي في 1970 ظهر أول تلفاز بالأبيض و الأسود في كوريا الـ Samsung P-3202 و لاقى الجهاز نجاحا مبهرا حيث وصل حجم المبيعات في عام 1982 إلى 10 ملايين وحدة. و يجب القول أن أحد أهم الأسباب المساعدة في هذا النجاح كانت سياسة الإعتماد على النفس التي انتهجتها الحكومة الكورية بعد الإستقلال للخروج من الأزمة، في بلد لا يملك ما يعتمد عليه. كان إذا الرهان كبيرا من الكوريين على الصناعة المحلية، و كل القوانين التي ظهرت كانت تعطي الدعم و الأفضلية للشركات الكورية مطبقة بذلك “حظر للتجوال” على أي شركة أجنبية تدخل أراضيها.
هذه الثقة استفادت منها شركات كبيرة مثل هيونداي، سامسونج، Daewoo و LG و كلها شركات عالمية مشهورة اليوم كل في مجاله، و سامسونج استفادت من هذا الدعم على طريقتها حيث قررت نقل شهرتها التي كانت في أوجها محليا إلى الخارج، لتدخل بذلك في مرحلة جديدة من تاريخها و هي مرحلة التصدير إلى قارة آسيا. و لم يتوقف طموحها هنا بل اتخذ Lee Byung-chul قرارا خطيرا و اعتبر مجازفة بالنسبة لشركة غير معروفة عالميا، الدخول في عملية تصنيع أشباه الموصلات و الذي تعتبر أهم مكونات أي جهاز إلكتروني كان بداية من المعالج، لكن كل ذلك القلق تبخر و أثبتت سامسونج مرة أخرى عن تألقها بإنتاجها و في سنة 1982 أول جهاز حاسوب لها و هي أيضا من أبرز مصنعي أشباه الموصلات حتى يومنا هذا. شاء القدر أن يتوفى الإمبراطور مؤسس سامسونج في 1987، لكن نظام الشركة كان يسمح لأحد أبنائه أن يخلفه و سيأخذ مكانته إبنه الثالث Lee Kun-Hee الرئيس الحالي للشركة. على خطى أبيه و بعد توليه رئاسة الشركة أنشئ Kun-Hee أول قطب للأبحاث و التطوير خاص بالشركة The Samsung Advanced Institute of Technology و في سنة 1988 تمكنت سامسونج من إصدار أول هاتف محمول في تاريخ كوريا، هاتف SH-100.
تتواصل إنجازات الكوريين و أصبحت الشركة مشهورة عالميا على الرغم من أن منتجاتها كانت تصنف في الثمانينات بأنها ذات جودة متوسطة و رخيصة، هذه الحالة لم تستمر طويلا خاصة تحت رئاسة Kun-Hee بنفس طموح والده و الذي سيدخل الشركة في عصر جديد، في عام 1995 أهدى الرئيس مجموعة من الهواتف إلى أصدقائه و أقربائه لكن بعضها كان يحمل أعطالا، هذا الأمر أغضبه كثيرا مما دفعه إلى العودة إلى الشركة و حرق ما يقارب 150.000 جهاز أمام كل عماله المصدومين، كل ساعات عملهم تبخرت في لحظات إلى درجة أن الجميع بكي ذلك اليوم. لكن الرئيس أراد أن يعطي درسا لكل فريقه و قال مقولته الشهيرة :
سامسونج اليوم :
디지털시티 :
DIGITAL CITY أو المدينة الرقمية، ربما تسمع عنها لأول حتى أنه لا يوجد صور كثيرة لها على النت فهي شبه قلعة محصنة، مدينة داخل مدينة، كل شيء مجهز لحياة رقمية مثالية مصرف، مستشفى، عيادة أسنان، ملاعب، مقاهي، مطاعم و حتى المساكن. هناك 8 مدن رقمية في كوريا و نحن سنتعرف على إحداها و بالتأكيد تلك المختصة في الإلكترونيات.
DIGITAL CITY تضم 30.000 موظف و للتجول على أرصفتها يجب أن تكون أحد موظفيها و لكي تكون كذلك فعليك أن تدخل في ديانة جديدة “العمل”. فعلى كل من ينوي الدخول إلى القلعة أن يمر باختبارات تدوم لمدة 3 أسابيع، الاختبارات تجرى في مراكز تدريبات مغلقة أي خلال الثلاث أسابيع يمنع الخروج أو الدخول منها حتى في العطل أو الأعياد. و بخصوص البرنامج فهو يليق بحجم سامسونج، الدروس تبدأ يوميا من السابعة و النصف صباحا حتى التاسعة ليلا بالإضافة إلى الأعمال التطبيقية الجماعية بعد الدروس، بمعدل راحة يتراوح بين 3 إلى 4 ساعات يوميا طيلة هذه الأيام. و بعد كل هذا التعب و المجهودات يجازى المترشحون الفائزون بحفلة ضخمة بمناسبة توظيفهم في الشركة، 3000 فائز أمام عرض للروح الجماعية و تحت شعار واحد “فخور في سامسونج“.
المدينة تضم أيضا أحد أكبر مراكز البحوث في العالم و أكثرها حراسة، و لهذا الخروج من المدينة ليس أسهل من دخلوها فبعد نهاية أوقات العمل تفتش السيارات بدقة و يمنع حمل أي أجهزة إلكترونية إلى الخارج، كل شيء يترك في المكاتب، الهواتف، الكاميرات… و كل شيء يدخل أو يخرج يمر على أجهزة الفحص. و ذلك تخوفا من أي تسربات أو جواسيس لأن المنافسة لا تجري في الأسواق فقط، بل بدايتها هي مراكز البحوث.
تفتيش الموظفين عند الخروج
العمل في سامسونج ليس أسهل من تلك الاختبارات، بما أن العمل يتم من التاسعة صباحا إلى السادسة مساءا ثم تخصص فترة للراحة في دروس كالطبخ مثلا، ثم يعود الكل إلى العمل حتى التاسعة مساءا، و أغلبهم بعد العودة إلى المنزل على التاسعة ينتظر نوم أطفاله حتى يعود إلى العمل مرة أخرى حتى الثانية صباحا. لكن و كما يبدو فهذا البرنامج لم يزعج أحدا و الكل سعيد بعمله.
سامسونج و بكونها رائدة في التكنولوجيا و فرت منازل تليق بسمعتها و لهذا تتيح لموظفيها إقامات راقية، سيارات كهربائية للتنقل داخل المدينة و منازل مجهزة بأحدث التكنولوجيات بالإضافة إلى المدارس الخاصة بالشركة، فمثلا يمكن لربة البيت أن تفتح الباب مباشرة من المطبخ بعد التعرف على هوية الطارق من شاشة تشبه شاشة الأجهزة اللوحية، أو أن تسأل جهازها عن وجبة اليوم… كيف يتم ذلك ؟ مثلا لدينا قطعة لحم و لا ندري أي طبق نحضره بهذه القطعة، في هذه الحالة نلجأ إلى جهاز خصص لذلك و هو الذي سيعرض عليك الوجبة التي ستتناولها، و لكن المشكلة أن الوجبة تحتاج إلى قليل من البطاطس و الثلاجة “العجيبة” تشير إلى عدم توفرها، لا تقلقل فالثلاجة موصولة بالإنترنت و يمكنك أن تطلبها مباشرة من على الشاشة و للتأكد من هويتك يستخدم الجهاز تقنية التعرف على الوجه و شهية طيبة !
نموذج لمنزل سامسونج
الجهاز يقترح الوجبة و طريقة تحضيرها
طلب البطاطس مباشرة من الثلاجة
هذه المنازل طبعا مملوكة لسلسلة Raemian التابعة لشركة سامسونج، و يمكن لغير العاملين في الشركة أن يطلبوا شقة بحجم 120 م² بسعر 700.000 يورو و الموجودة في مدن عديدة في البلاد.
غيروا كل شيء
تتذكرون تلك المقولة الشهيرة التي قالها الرئيس الحالي لسامسونج في لحظة مؤثرة عاشها عمال الشركة تلك الفترة :
الليالي البيضاء لا تمنع الطلاب من متابعة الدروس
الإمبراطورية لم تكتفي بالتركيز على تطوير مجال التصميم فقط بما أن أهم نقاط قوتها هي عملية التسويق، تعتمد الشركة على عمليات إعلانية ضخمة و رعاية أكبر النوادي و أشهرهم نادي تشلسي الإنجليزي أحد عمالقة الكرة الإنجليزية و الأوروبية، و الأحداث الرياضية كسباقات ناسكار ذات الشعبية الهائلة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى رعاية البرامج التلفزيونية كبرنامج تلفزيون الواقع WCG Ultimate Gamer الذي يعرض على قناة Syfy الأمريكية. فمثلا في حملة إعلانية في أستراليا اعتمدت سامسونج على قديس البلد، الممثل Simon Baker بطل سلسلة The Mentalist الشهيرة.
Simon Baker في إعلان لسامسونج
سامسونج في سباقات ناسكار
شعار تشيلسي على أجهزة سامسونج
و الذي وراء كل هذا هي أحد عمالقة التسويق Young-hee Lee التي تلعب بعقولكم منذ 2009 أي منذ انضمامها إلى قلعة سامسونج، Young-hee محترفة في مجال التسويق فلديها خبرات عالمية من نيويورك إلى لندن مرورا بباريس التي قضت فيها إحدى أهم محطات مشوارها مع شركة لوريال العالمية لمواد التجميل. و انتدابها لم يكن بالأمر السهل بتاتا بما أن المهمة استغرقت سنة كاملة من المفاوضات رغم رفضها للعرض في أول مرة لكن إصرار سامسونج دفعها إلى الإستسلام و الإنتقال إلى موطنها، و هي تشغل الآن منصب مدير التسويق.
Lee Young Hee
سامسونج و نظرتها للمستقبل :
ما يميز سامسونج هو نظرتها المستقبلية الثاقبة، فتجاربها السابقة برهنت لنا على قدرة الشركة مواكبة أية تطورات و المنافسة في كل المجالات (شاشات، ثلاجات، كاميرات، طابعات، هواتف ذكية، أجهزة لوحية…)، فمثلا رأينا هذا العام منافسة شرسة للأيفون 4 من طرف الجالكسي S2 و أخرى بين الأيباد 2 و الجالكسي تاب 10.1 و كانت الغلبة من حيث الأداء و الجودة لأجهزة سامسونج بشهادة أكبر المواقع المتخصصة، و موقعنا إلكتروني راجع الجهازين و أخذ الهاتف الذكي نقطة شبه كاملة 9.5 و الجهاز اللوحي 8.5 من أصل عشرة.
مشاريع أخرى تجهزها سامسونج بالنسبة للمستقبل، نذكر منها القلم المترجم و يكفي أن تمرر القلم على الجملة المراد ترجمتها ليقوم بعمله، زجاج سيارات تفاعلي قابل للمس، أجهزة طبع الفيديو على الورق (نعم أنت في المستقبل) و كاميرات بتصاميم جديدة أو حتى بطاقات دفع ذكية تجمع مختلف حساباتك البنكية، و سامسونج تعد بتوفير تكنولوجيتها على السوق بعد 5 سنوات، المزيد تكتشفونه في التالي :
زجاج السيارات المستقبلية
شاشة قابلة للطي
القلم المترجم
طابعة الفيديو
كاميرات المستقبل
بطاقات دفع ذكية
شاشات داخل شلال مائي
سامسونج خارج التقنية :
كما تعلمون Lee Byung-chul لم يأسس شركة للإلكترونيات فقط بل كانت هي آخر مشاريعه، و حتى الآن تمتلك سامسونج تلك الشركات مثل Samsung Heavy Industries و المختصة في الصناعة الثقيلة خاصة صناعة السفن البترولية و ناقلات الغاز بالإضافة إلى سفن نقل البضائع، Samsung C&T Corporation و المختصة في المشاريع العمومية و التبادل و الاستثمار التجاري و أهم مشاريعها :
أكبر ناطحات سحاب في العالم: برج الخليفة، برجا بتروناس التوأم، تايبيه 101
جسر Incheon و القطار السريع C280 بتايوان
مدن سامسونج Raemian
*********
لم ننتهي بعد و قصة سامسونج تتواصل خارج التقنية، فهي تملك أيضا سياراتها الخاصة. ففي 1994 اتحدت سامسونج مع نيسان لتنشأ شركة للسيارات الخاصة بها أطلقت عليها Samsung Motors و في سنة 1998 أنتجت سامسونج أول سيارة لها حملت إسم SM5 لكن و رغم النجاح التي حققته السيارة قررت الشركة إيقاف نشاطها بسبب الأزمة المالية التي ضربت البلاد. و في سنة 2000 استحوذت شركة Renault الفرنسية على الحصة الأكبر من أسهم الشركة و تم إعادة تسميتها إلى Renault Samsung Motors لتغطي بعد سنتين أي في 2002 نسبة 10 % من سوق السيارات الكورية، آخر سيارة أنتجتها سامسونج هي سيارة SM7 التي ظهرت هذه السنة.
تصميم لسيارة سامسونج
النهاية بالأرقام :
أنتهى
كوريا و منذ 50 سنة فقط كانت تعد أحد أفقر دول العالم، و خلال هذه الفترة الوجيزة حجزت لنفسها مكانا في المرتبة الثالثة عشر عالميا مع الدول الأكثر تطورا. في كوريا الجنوبية الكل يتنفس التقنية و هو بالمناسبة البلد الأكثر اتصالا بالإنترنت في الميترو و الشارع وصولا إلى القطارات حيث أن 95 % من السكان يملكون اتصالا ذو تدفق عالي و 60 % بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية للمقارنة، إنها أيضا موطن أكبر الشركات التقنية كـ LG و سامسونج هذه الأخيرة تعد الرقم واحد في العالم في مجال التكنولوجيا، و تفوق أرباحها تلك التي تحققها كل من شركات أبل، مايكروسوفت و جوجل مجتمعة. نحن اليوم أمام إمبراطورية إلكترونية بكل ما تحمله الكلمة من معنى و إذا لم تصدق ذلك بعد، تابع معنا إذا أول تقرير عن سامسونج و الذي لن تجده في مكان آخر غير موقع إلكتروني: إمبراطورية سامسونج.
درس تاريخ :
Lee Byung-chul مؤسس شركة سامسونج
لا يخفى على أحد أن كوريا الجنوبية كانت تصنف منذ 50 سنة تقريبا كدولة من العالم الثالث، فحصيلة الإستعمار الياباني الذي دام 35 سنة لم تكن سهلة على الشعب الكوري الذي رأى وحدته تقسم إلى دولتين جنوبية (رأسمالية) و أخرى شمالية (شيوعية)، بالإضافة إلى المعاناة التي كان يعيشها الكوريون في تلك الفترة حيث أن الكثيرين قرروا الهجرة إلى اليابان للبحث عن مناصب شغل و حياة أفضل تاركا موطنه ربما مرغما. و في ظل كل هذا تبدأ قصتنا مع Lee Byung-chul الذي أنشئ في الأول من شهر مارس 1938 (خلال الاستعمار الياباني) مؤسسة صغيرة للأرز و السكر أطلق عليها إسم سام-سونج أو Samseong و التي تعني ثلاث نجوم باللغة الكورية، ثلاث نجوم لثلاث مبادئ مؤسسة لها “أن تصبح كبيرا”، “أن تصبح قويا” و “البقاء إلى الأبد”.
أول شعار لسامسونج
هذه الشركة كانت تصدر منتجاتها إلى الصين رغم الإضطرابات مع الشيوعيين، ليضيف بعد ذلك شركة مختصة في النسيج، البتروكيمياء، الصناعة البحرية و صناعة الآلات لأننا أمام رجل مهووس بالمشاريع بدأ بميزانية تقارب 25 يورو فقط ! و لم يدع Byung-chul مجالا يقف أمامه إلا و دخله، المهم بالنسبة إليه هو أن يستثمر موهبته التسويقية في تنمية تجارته، إلى أن أصبحت سامسونج خلال 10 سنوات من العمل المثمر أحد أهم الشركات الاقتصادية في كوريا و حصد مالكها أرباحا طائلة جعلت منه أغنى رجل في كوريا في ذلك الحين طبعا.
و في 1969 قرر Byung-chul إضافة شركة جديدة إلى قائمة اهتماماته، Samsung Electronics و التي لم تنتظر كثيرا للدخول في إنتاج أول جهاز إلكتروني لها حيث أنه و في السنة التي تليها أي في 1970 ظهر أول تلفاز بالأبيض و الأسود في كوريا الـ Samsung P-3202 و لاقى الجهاز نجاحا مبهرا حيث وصل حجم المبيعات في عام 1982 إلى 10 ملايين وحدة. و يجب القول أن أحد أهم الأسباب المساعدة في هذا النجاح كانت سياسة الإعتماد على النفس التي انتهجتها الحكومة الكورية بعد الإستقلال للخروج من الأزمة، في بلد لا يملك ما يعتمد عليه. كان إذا الرهان كبيرا من الكوريين على الصناعة المحلية، و كل القوانين التي ظهرت كانت تعطي الدعم و الأفضلية للشركات الكورية مطبقة بذلك “حظر للتجوال” على أي شركة أجنبية تدخل أراضيها.
هذه الثقة استفادت منها شركات كبيرة مثل هيونداي، سامسونج، Daewoo و LG و كلها شركات عالمية مشهورة اليوم كل في مجاله، و سامسونج استفادت من هذا الدعم على طريقتها حيث قررت نقل شهرتها التي كانت في أوجها محليا إلى الخارج، لتدخل بذلك في مرحلة جديدة من تاريخها و هي مرحلة التصدير إلى قارة آسيا. و لم يتوقف طموحها هنا بل اتخذ Lee Byung-chul قرارا خطيرا و اعتبر مجازفة بالنسبة لشركة غير معروفة عالميا، الدخول في عملية تصنيع أشباه الموصلات و الذي تعتبر أهم مكونات أي جهاز إلكتروني كان بداية من المعالج، لكن كل ذلك القلق تبخر و أثبتت سامسونج مرة أخرى عن تألقها بإنتاجها و في سنة 1982 أول جهاز حاسوب لها و هي أيضا من أبرز مصنعي أشباه الموصلات حتى يومنا هذا. شاء القدر أن يتوفى الإمبراطور مؤسس سامسونج في 1987، لكن نظام الشركة كان يسمح لأحد أبنائه أن يخلفه و سيأخذ مكانته إبنه الثالث Lee Kun-Hee الرئيس الحالي للشركة. على خطى أبيه و بعد توليه رئاسة الشركة أنشئ Kun-Hee أول قطب للأبحاث و التطوير خاص بالشركة The Samsung Advanced Institute of Technology و في سنة 1988 تمكنت سامسونج من إصدار أول هاتف محمول في تاريخ كوريا، هاتف SH-100.
تتواصل إنجازات الكوريين و أصبحت الشركة مشهورة عالميا على الرغم من أن منتجاتها كانت تصنف في الثمانينات بأنها ذات جودة متوسطة و رخيصة، هذه الحالة لم تستمر طويلا خاصة تحت رئاسة Kun-Hee بنفس طموح والده و الذي سيدخل الشركة في عصر جديد، في عام 1995 أهدى الرئيس مجموعة من الهواتف إلى أصدقائه و أقربائه لكن بعضها كان يحمل أعطالا، هذا الأمر أغضبه كثيرا مما دفعه إلى العودة إلى الشركة و حرق ما يقارب 150.000 جهاز أمام كل عماله المصدومين، كل ساعات عملهم تبخرت في لحظات إلى درجة أن الجميع بكي ذلك اليوم. لكن الرئيس أراد أن يعطي درسا لكل فريقه و قال مقولته الشهيرة :
غيروا كل شيء ما عدا نسائكم و أطفالك
في إشارة منه أن على الشركة تغيير نظرتها و نسيان كل ما حقق في الماضي، ليعلن ثورة جديدة في سامسونج و من ذلك اليوم أصبح شعار الشركة “الجودة قبل كل شيء“.
سامسونج اليوم :
디지털시티 :
DIGITAL CITY أو المدينة الرقمية، ربما تسمع عنها لأول حتى أنه لا يوجد صور كثيرة لها على النت فهي شبه قلعة محصنة، مدينة داخل مدينة، كل شيء مجهز لحياة رقمية مثالية مصرف، مستشفى، عيادة أسنان، ملاعب، مقاهي، مطاعم و حتى المساكن. هناك 8 مدن رقمية في كوريا و نحن سنتعرف على إحداها و بالتأكيد تلك المختصة في الإلكترونيات.
مركز الأبحاث
DIGITAL CITY تضم 30.000 موظف و للتجول على أرصفتها يجب أن تكون أحد موظفيها و لكي تكون كذلك فعليك أن تدخل في ديانة جديدة “العمل”. فعلى كل من ينوي الدخول إلى القلعة أن يمر باختبارات تدوم لمدة 3 أسابيع، الاختبارات تجرى في مراكز تدريبات مغلقة أي خلال الثلاث أسابيع يمنع الخروج أو الدخول منها حتى في العطل أو الأعياد. و بخصوص البرنامج فهو يليق بحجم سامسونج، الدروس تبدأ يوميا من السابعة و النصف صباحا حتى التاسعة ليلا بالإضافة إلى الأعمال التطبيقية الجماعية بعد الدروس، بمعدل راحة يتراوح بين 3 إلى 4 ساعات يوميا طيلة هذه الأيام. و بعد كل هذا التعب و المجهودات يجازى المترشحون الفائزون بحفلة ضخمة بمناسبة توظيفهم في الشركة، 3000 فائز أمام عرض للروح الجماعية و تحت شعار واحد “فخور في سامسونج“.
المدينة تضم أيضا أحد أكبر مراكز البحوث في العالم و أكثرها حراسة، و لهذا الخروج من المدينة ليس أسهل من دخلوها فبعد نهاية أوقات العمل تفتش السيارات بدقة و يمنع حمل أي أجهزة إلكترونية إلى الخارج، كل شيء يترك في المكاتب، الهواتف، الكاميرات… و كل شيء يدخل أو يخرج يمر على أجهزة الفحص. و ذلك تخوفا من أي تسربات أو جواسيس لأن المنافسة لا تجري في الأسواق فقط، بل بدايتها هي مراكز البحوث.
تفتيش الموظفين عند الخروج
العمل في سامسونج ليس أسهل من تلك الاختبارات، بما أن العمل يتم من التاسعة صباحا إلى السادسة مساءا ثم تخصص فترة للراحة في دروس كالطبخ مثلا، ثم يعود الكل إلى العمل حتى التاسعة مساءا، و أغلبهم بعد العودة إلى المنزل على التاسعة ينتظر نوم أطفاله حتى يعود إلى العمل مرة أخرى حتى الثانية صباحا. لكن و كما يبدو فهذا البرنامج لم يزعج أحدا و الكل سعيد بعمله.
سامسونج و بكونها رائدة في التكنولوجيا و فرت منازل تليق بسمعتها و لهذا تتيح لموظفيها إقامات راقية، سيارات كهربائية للتنقل داخل المدينة و منازل مجهزة بأحدث التكنولوجيات بالإضافة إلى المدارس الخاصة بالشركة، فمثلا يمكن لربة البيت أن تفتح الباب مباشرة من المطبخ بعد التعرف على هوية الطارق من شاشة تشبه شاشة الأجهزة اللوحية، أو أن تسأل جهازها عن وجبة اليوم… كيف يتم ذلك ؟ مثلا لدينا قطعة لحم و لا ندري أي طبق نحضره بهذه القطعة، في هذه الحالة نلجأ إلى جهاز خصص لذلك و هو الذي سيعرض عليك الوجبة التي ستتناولها، و لكن المشكلة أن الوجبة تحتاج إلى قليل من البطاطس و الثلاجة “العجيبة” تشير إلى عدم توفرها، لا تقلقل فالثلاجة موصولة بالإنترنت و يمكنك أن تطلبها مباشرة من على الشاشة و للتأكد من هويتك يستخدم الجهاز تقنية التعرف على الوجه و شهية طيبة !
نموذج لمنزل سامسونج
الجهاز يقترح الوجبة و طريقة تحضيرها
طلب البطاطس مباشرة من الثلاجة
هذه المنازل طبعا مملوكة لسلسلة Raemian التابعة لشركة سامسونج، و يمكن لغير العاملين في الشركة أن يطلبوا شقة بحجم 120 م² بسعر 700.000 يورو و الموجودة في مدن عديدة في البلاد.
غيروا كل شيء
تتذكرون تلك المقولة الشهيرة التي قالها الرئيس الحالي لسامسونج في لحظة مؤثرة عاشها عمال الشركة تلك الفترة :
غيروا كل شيء ما عدا نسائكم و أطفالك
هذه الصفعة دفعت الكل إلى التغيير، و في كل الأحوال كان هذا الخيار الوحيد أمام الشركة للخروج من الرداءة و الإنطلاق نحو صناعة الجودة. سامسونج و لتطبيق شعارها الجديد “الجودة قبل كل شيء” كانت بحاجة إلى ترسانة من الموهوبين و لهذا السبب انشأت أهم أكاديمية للمصممين في كوريا SADI اختصارا لـ Samsung Art and Design Institute بالعاصمة سيول و التي تقوم بتكوين حوالي 30.000 مصمم شاب كل سنة. هدف هذه المدرسة هو التنقيب عن مواهب جديدة و التركيز على الإبداع، أصحاب الحظ قليلون رغم الليالي البيضاء الذي يقضيها أغلب الطلاب في أعمالهم فالنصف فقط سيتحصلون على شهادات من الأكاديمية و معظمهم لن يعمل بالضرورة عند سامسونج.
الليالي البيضاء لا تمنع الطلاب من متابعة الدروس
الإمبراطورية لم تكتفي بالتركيز على تطوير مجال التصميم فقط بما أن أهم نقاط قوتها هي عملية التسويق، تعتمد الشركة على عمليات إعلانية ضخمة و رعاية أكبر النوادي و أشهرهم نادي تشلسي الإنجليزي أحد عمالقة الكرة الإنجليزية و الأوروبية، و الأحداث الرياضية كسباقات ناسكار ذات الشعبية الهائلة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى رعاية البرامج التلفزيونية كبرنامج تلفزيون الواقع WCG Ultimate Gamer الذي يعرض على قناة Syfy الأمريكية. فمثلا في حملة إعلانية في أستراليا اعتمدت سامسونج على قديس البلد، الممثل Simon Baker بطل سلسلة The Mentalist الشهيرة.
Simon Baker في إعلان لسامسونج
سامسونج في سباقات ناسكار
شعار تشيلسي على أجهزة سامسونج
و الذي وراء كل هذا هي أحد عمالقة التسويق Young-hee Lee التي تلعب بعقولكم منذ 2009 أي منذ انضمامها إلى قلعة سامسونج، Young-hee محترفة في مجال التسويق فلديها خبرات عالمية من نيويورك إلى لندن مرورا بباريس التي قضت فيها إحدى أهم محطات مشوارها مع شركة لوريال العالمية لمواد التجميل. و انتدابها لم يكن بالأمر السهل بتاتا بما أن المهمة استغرقت سنة كاملة من المفاوضات رغم رفضها للعرض في أول مرة لكن إصرار سامسونج دفعها إلى الإستسلام و الإنتقال إلى موطنها، و هي تشغل الآن منصب مدير التسويق.
Lee Young Hee
سامسونج و نظرتها للمستقبل :
ما يميز سامسونج هو نظرتها المستقبلية الثاقبة، فتجاربها السابقة برهنت لنا على قدرة الشركة مواكبة أية تطورات و المنافسة في كل المجالات (شاشات، ثلاجات، كاميرات، طابعات، هواتف ذكية، أجهزة لوحية…)، فمثلا رأينا هذا العام منافسة شرسة للأيفون 4 من طرف الجالكسي S2 و أخرى بين الأيباد 2 و الجالكسي تاب 10.1 و كانت الغلبة من حيث الأداء و الجودة لأجهزة سامسونج بشهادة أكبر المواقع المتخصصة، و موقعنا إلكتروني راجع الجهازين و أخذ الهاتف الذكي نقطة شبه كاملة 9.5 و الجهاز اللوحي 8.5 من أصل عشرة.
مشاريع أخرى تجهزها سامسونج بالنسبة للمستقبل، نذكر منها القلم المترجم و يكفي أن تمرر القلم على الجملة المراد ترجمتها ليقوم بعمله، زجاج سيارات تفاعلي قابل للمس، أجهزة طبع الفيديو على الورق (نعم أنت في المستقبل) و كاميرات بتصاميم جديدة أو حتى بطاقات دفع ذكية تجمع مختلف حساباتك البنكية، و سامسونج تعد بتوفير تكنولوجيتها على السوق بعد 5 سنوات، المزيد تكتشفونه في التالي :
زجاج السيارات المستقبلية
شاشة قابلة للطي
القلم المترجم
طابعة الفيديو
كاميرات المستقبل
بطاقات دفع ذكية
شاشات داخل شلال مائي
سامسونج خارج التقنية :
كما تعلمون Lee Byung-chul لم يأسس شركة للإلكترونيات فقط بل كانت هي آخر مشاريعه، و حتى الآن تمتلك سامسونج تلك الشركات مثل Samsung Heavy Industries و المختصة في الصناعة الثقيلة خاصة صناعة السفن البترولية و ناقلات الغاز بالإضافة إلى سفن نقل البضائع، Samsung C&T Corporation و المختصة في المشاريع العمومية و التبادل و الاستثمار التجاري و أهم مشاريعها :
أكبر ناطحات سحاب في العالم: برج الخليفة، برجا بتروناس التوأم، تايبيه 101
جسر Incheon و القطار السريع C280 بتايوان
مدن سامسونج Raemian
*********
لم ننتهي بعد و قصة سامسونج تتواصل خارج التقنية، فهي تملك أيضا سياراتها الخاصة. ففي 1994 اتحدت سامسونج مع نيسان لتنشأ شركة للسيارات الخاصة بها أطلقت عليها Samsung Motors و في سنة 1998 أنتجت سامسونج أول سيارة لها حملت إسم SM5 لكن و رغم النجاح التي حققته السيارة قررت الشركة إيقاف نشاطها بسبب الأزمة المالية التي ضربت البلاد. و في سنة 2000 استحوذت شركة Renault الفرنسية على الحصة الأكبر من أسهم الشركة و تم إعادة تسميتها إلى Renault Samsung Motors لتغطي بعد سنتين أي في 2002 نسبة 10 % من سوق السيارات الكورية، آخر سيارة أنتجتها سامسونج هي سيارة SM7 التي ظهرت هذه السنة.
تصميم لسيارة سامسونج
النهاية بالأرقام :
أنتهى
التعديل الأخير: