تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية ومراكز أبحاث أميركية أنباءً عن تنصيب حزب الله محطات رادار متطورة في صنين، أعلى جبال لبنان، في خطوة تم وضعها في سياق تحقيق هدفين:
ــ مراقبة حركة الأسطول الأميركي السادس قبالة الساحل اللبناني.
ــ إنذار مبكر لحظة اختراق طائرات إسرائيلية المجال الجوي اللبناني. (مع تزايد التقارير عن حيازة حزب الله أسلحة دفاع جوي).
تزامنت هذه المعمعة مع تزايد الحديث الإسرائيلي عن «توتر يزداد حدّة على الحدود الشمالية»، وخاصة مع انتهاء تبادل الأسرى و«حاجة» حزب الله لتنفيذ انتقامه لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية في شباط الماضي.أمّا في السياسة، فتجدر الإشارة إلى تزامن التركيز على تعزيز الحزب لقدراته العسكرية مع المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية وتلك الأميركية ـ الإيرانية: تتقاطع المصلحة الأميركية مع الإسرائيلية في المبالغة في تصوير قدرات الحزب في هذه الفترة تحديداً.
مشهد مماثل شهده الإعلام الأميركي في الفترة التي سبقت اغتيال عماد مغنية من خلال التركيز على «خطر حزب الله على المصالح الأميركية في الخارج»، و«تعقيد جهازه الأمني الذي اخترق مرتين وكالات حكومية أميركية»، بحسب مؤسسة «استراتفور» للتحليل الأمني والاستراتيجي؛ في إشارة إلى قضيتي النقيب في مشاة البحرية الأميركية سمر سبينالي والعميلة في مكتب التحقيقات الفدرالية ندى بروتي.
وبالعودة إلى قضية الرادارات المزعومة في «صنين»، يعلم حزب الله تماماً أنّ أيّ تبديل في عقيدته القتالية سيعني خسارة في وضعه استراتيجياً. أولى بديهيات عمل «المقاومة» تكمن في سرّيتها، فكيف سيكون بمقدور الحزب حماية رادارات أو أنظمة دفاع جوي؛ أي «أهداف ثابتة» يستحيل إخفاؤها بسبب حجمها، في منطقة مفتوحة؟
غير أنّ سيناريو حادثة «صنين» بمجمله يفرض تساؤلات عن الهدف من إثارة هذا الموضوع في هذه الفترة بالتحديد.من البديهي الاستنتاج بأنّ إسرائيل تبحث حالياً عن «نصر إعلامي» شبيه بالغارة الأخيرة على دور الزور في سوريا، في خضمّ الانتصارات المتلاحقة التي يحققها «محور الشر»؛ وليس آخرها جرّ الأميركيّين إلى تسوية مع الإيرانيين حول العراق وإطلاق سراح سمير القنطار وباقي الأسرى.ضرب نقاط معينة في لبنان قد يحقّق الهدف الإسرائيلي، وخاصة إذا ما تم إضفاء رمزية وأهمية على هذا الهدف (رادارات لحزب الله مثلاً).كذلك، عقب كل حدث مفصلي (مثل تبادل الأسرى) يرتفع تلقائياً مؤشر الخطر الإسرائيلي من تنفيذ اغتيالات داخل الساحة اللبنانية وفي صفوف المقاومة تحديداً.
وبغض النظر عن السيناريو الذي ستلجأ إليه هذه المرة، فإنّ المؤكد أنّ قادة إسرائيل يشعرون بأزمة كبيرة على الصعيد السياسي والاستراتيجي دفعتهم إلى استخدام أساليب بدائية في الحرب النفسية للتنفيس عن هذا الاحتقان من قبيل الرسائل الهاتفية للبنانيين في الآونة الأخيرة، من دون أن يعني هذا التخبط الإسرائيلي المرحلي في مواجهة حزب الله عجزاً دائماً، إذ إنّ هناك «أساليب غير تقليدية» لمواجهة الحزب، بحسب دراسة صادرة عن كلية البحرية الأميركية.
وبالحديث عن الأساليب غير التقليدية، تفاجئك مبالغة الغربيين لدى تقويم قدرات حزب الله: أحد التقارير الأمنية الأوروبية الصادرة أخيراً تحدث عن حيازة حزب الله غواصات صغيرة، يُشغّل الواحدة منها عنصر واحد، سلّمتها إيران إلى الحزب في إطار السعي لـ«تعزيز قدرات حزب الله وحماس البحرية عند خاصرة إسرائيل».
أمّا الأميركيون، فهم أكثر استعداداً للذهاب بعيداً عندما يريدون تكبير خطر جهة ما؛ من هنا يجري الحديث عن إمكان أن تقوم إيران بتزويد حزب الله «بصواريخ باليستية بعيدة المدى تعمل بالوقود الصلب ومجهزة بنظام توجيه عبر قمر صناعي»، أو سعي سوريا لتزويد الحزب بـ«روؤس كيميائية».على هذا المنوال، قد يجد السيد حسن نصر الله نفسه قريباً متهماً بإيواء علماء ذرة من كوريا الشمالية أو دول الاتحاد السوفياتي السابق. وقريباً جداً، قد يُدرج حزب الله على لائحة المنظمات «النووية»!
كنت أنتظر سيارة أجرة على أوتوستراد هادي نصر الله، بُعيد خطاب السيد حسن الذي توعّد فيه إسرائيل بـ«المفاجأة الكبرى»، حين سمعت رجلاً عجوزاً يكاد يقسم لصاحبه أن «القنبلة النووية الإيرانية» أصبحت في حوزة حزب الله: خطير بالفعل ما يمكن أن تفعله وسائل الإعلام في الإدراك والوعي الإنساني على صعيد تنميط الصورة وتشويه الحقائق.يبقى العزاء في أن الصحف الإسرائيلية ـ بالمناسبة لطالما كان الإعلام الإسرائيلي متقدّماً على صعيد الحرفية المهنية ـ صارت تنقل أخبارها عن الصحف اللبنانية والعربية
تُبدي تقارير اسرائيلية وبريطانية منذ العام 2002 مخاوف من حصول حزب الله على صواريخ دفاع جوي تُطلق من على الكتف، عبر سوريا التي تمتلك، بحسب تقديرات العام 2008، ما يزيد على أربعة الاف صاروخ نوعي من طراز "إيغلا 9 كي 388"، المعروف باسم "ايغلا أس" او "اس إي 18"، الإسم الأكثر تداولا في وسائل الإعلام. فما هي قدرات هذا السلاح؟ وما سبب القلق الإسرائيلي منه؟
في الآونة الأخيرة، تقاطعت تقارير غربية واسرائيلية مختلفة على اعتبار صواريخ "إيغلا أس" واحدة من الأسلحة الكاسرة لتوازن الردع الموجودة حكما ضمن ترسانة حزب الله، الذي يدرب عناصره، منذ فترة بحسب تقارير بريطانية، على منظومات دفاع جوي في سوريا وإيران، بل إن تقريرا صحفيا صدر في البانيا قبل أكثر من سنتين تحدث عن صفقة سلاح حصل بموجبها حزب الله على قاذفات "اس إي 16" مع 30 صاروخا وقاذفات "أس إي 18" (إيغلا أس) مع 100 صاروخ مقابل 13 مليون دولار من احدى الدول الاشتراكية السابقة.
وبغض النظر عن صحة هذه التقارير، في ظل رفض حزب الله حتى الساعة تأكيد او نفي الموضوع، فإن القلق الاسرائيلي المتنامي ازاء هذه القضية يطرح تساؤلات حول ميزات هذا السلاح ومدى فعاليته في أي مواجهة مقبلة.
عند الحديث عن مواصفات "ايغلا أس"، تبرز النقاط التالية:
- وزن الرأس الحربي: 2.5 كيلوغراما. مزود بقطع معدنية مع صاعق ليزري (تقاربي تأخيري).
- باستطاعة الصاروخ اصابة طائرات استطلاع ومروحيات وطائرات مقاتلة (على علو منخفض نسبيا). يمكن اطلاقه من مسافات تصل حتى 6 كيلومترات، ويمكن استخدامه ضد أهداف يتراوح ارتفاعها ما بين عشرة أمتار و3500 مترا.
- يمكن استخدام هذا الصاروخ في اعتراض الصواريخ.
- يعمل هذا الصاروخ في جميع الأحوال الجوية، وهو مجهز بمعدات للإستخدام ليلا.
- تتنوع اساليب استخدامه بتعدد الأهداف: اسقاط طائرات، حماية منصات صواريخ بعيدة المدى...
- يصعب التشويش عليه من الاجهزة الالكترونية الاسرائيلية (مجسات رصد الحرارة)، حتى تلك الموجودة داخل مقاتلات "أف 16"، بل يوصف هذا الصاروخ؛ الذي لا يوجد سلاح مثيل له في الصناعة الغربية، بأنه "فائق المناعة" ضد التشويش.
- ضبط آلي (اوتوماتيكي) لزاوية إرتفاع الهدف.
- امكانية تحديد الهدف يدويا (في حالات نجاح عمليات التشويش): أي يمكن للمقاتل ضبط الهدف وتوجيه الصاروخ اليه بشكل فردي في حال نجح سلاح الجو المستهدف بأي وسيلة من الوسائل بالتشويش على أنظمة الصاروخ (حالات نادرة ومعقدة).
- الرأس المتفجر للصاروخ أصغر حجما من صواريخ "ستريلا" المعروفة، ولكنه أكثر فعالية، إذ أن متعقب الحرارة مصمم للتمييز بين الطائرات الحقيقية واجسام اخرى قد تُستخدم لتضليل الصاروخ الحراري. يعمل المتعقب بغاز النيتروجين، وقد صُمم برنامجه الحاسوبي للعمل وفق نظامي توجيه: أشعة تحت الحمراء وأشعة فوق البنفسجية، ما يوفر دقة عالية في تعقب "بصمة" الطائرة وتجنب وسائل التضليل.
الى ذلك، يضم الرأس صمام (فيوز) "تقاربي تأخيري"؛ أي انه ينفجر على بعد خمسة أمتار من الهدف، في أسوأ الأحوال، ما يضمن دائما سقوطها.
- فضلا عن كونه يُطلق من على الكتف، فإن الشركة الروسية المصنعة تؤمن منصات راجمات بأربع؛ ست أو ثماني فوهات معروفة باسماء "دزيغهيت" و"ستريليتس"، علما ان وزارة الدفاع الروسية أعلنت في شباط 2005 نيتها بيع "ستريليتس" الي سوريا. تمتاز هذه الراجمة بوزنها الخفيف نسبيا (15 كيلوغراما فارغة) وبمرونة استخدامها لناحية القدرة على تنصيبها على متن أي آلية او زورق او مروحية . أما جهاز تحكم الراجمة، على عكس الصاروخ المحمول على الكتف، يكون بعيدا عن القاعدة التي تحمل المنصة (إطلاق عن بُعد).
- لا يحتاج "إيغلا أس" الى الكثير من التدريب (كما هو حال صواريخ الدفاع الجوي المحمولة الأميركية الصنع)، ذلك أن نظام التقاط (تحديد) الهدف والإطلاق يعمل بشكل آلي (مع امكانية تعطيل الأمر يدويا)، بعكس صواريخ "ستينغر" الاميركية مثلا التي تحتاج الى رامٍ ماهر.
- حين الوصول الى الهدف ينفجر الرأس الحربي والوقود الصلب في جسم الصاروخ في وقت متزامن.
- سرعة الصاروخ تصل الى 600 مترا في الثانية، في حال كان يتجه مباشرة الى واجهة الهدف. اما في حال التعقب من خلف، فتصل سرعته الى 400 مترا في الثانية.
- وزن الصاروخ مع القاذف: 19 كيلوغراما.
- قطر الصاروخ: 72 ميليمترا.
- طول الصاروخ: 1.7 مترا.
- وزن الصاروخ منفردا: 12 كيلوغراما.
- يستغرق الزمن بين تجهيز الصاروخ وإطلاقه 13 ثانية كحدٍ أقصى.
في الميدان
تنقسم صواريخ أرض – جو أو الصواريخ المضادة للطائرات الى ثلاثة أنواع: قصير المدى، متوسط المدى وبعيد المدى. النوعان الثاني والثالث يُطلقان من منصات ضخمة، أما النوع الأول فهو محمول على الكتف. وبغض النظر عن انواعها ومصادر تصنيعها، تتشابه منظومات الدفاع الجوي الحديثة في كونها مجهزة برأس "ذكي" يحوي كاميرا للتصوير الحراري تقوم بالتقاط الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من محرك الطائرة. نظام الباحث الحراري يقوم بتتبع مصدر الحرارة ويدفع الصاروخ بسرعة قد تصل أحيانا الى ضعف سرعة الصوت ليلحق بالهدف.
بعض أنواع المنظومات (ومنها إيغلا أس) تستخدم أيضا مجسات إضافية تعمل بالأشعة ما فوق البنفسجية لتمييز هدف حقيقي عن أخر وهمي (تضليلي)، كالقنابل المضيئة التي تلقيها بعض الطائرات في حال اكتشافها لصاروخ موجه نحوها. "إيغلا أس" تخطى مسألة التضليل بوجود هذه المجسات التي تميز الهدف الحقيقي من الهدف الوهمي من خلال تحليل الحرارة المنبعثة منهما.
التقنية التي تعمل بها هذه المنظومات تُعرف بعبارة "أطلق وانس"، إذ يمكن الانسحاب مباشرة من الموقع فور اطلاق الصاروخ الذي يتعقب الهدف تلقائيا، من خلال نظام التحكم الآلي الذي يوجه الصاروخ تبعا لمسار الهدف، وذلك بتغيير اتجاه اجنحة القيادة الأمامية. يُعرف هذا النمط من التحكم بنظام التحكم المرتجع. Feedback Control System
بشكل عام، يمكن لمعظم منظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف إسقاط أي طائرة تظهر في الجو، بشرط ان تكون واضحة بشكلها الخارجي (أي لا تظهر كنقطة في الجو).
تستمد "إيغلا أس" أو أي منظومة دفاع جوي مماثلة، في حال وُجدت لدى حزب الله، أهميتها من قدرتها على تحييد او تعطيل جزء هام من حركة سلاح الجو في أي مواجهة مقبلة.
ولفهم خطورة هذا السلاح في الميزان العسكري، لا بد من القاء الضوء على دور سلاح الجو المرتقب في أي حرب مفترضة، فضلا عن عمليات التطوير التي خضع لها هذا السلاح على الصعيد التقني والتكتيكي.
منذ حرب تموز 2006، أجرى الجيش الإسرائيلي تعديلات عديدة على تكتيكات سلاح الجو بمختلف طائراته.
في أي حرب مقبلة، ستخضع كل أذرع الجيش الاسرائيلي لمتطلبات سلاح البر أولا، علما أن اختيار غابي اشكينازي، خبير الحرب البرية، بعيد اخفاقات تموز، يرتبط بشكل وثيق في الرؤية الاسرائيلية الميدانية للمواجهة القادمة. على هذا الأساس، سيواكب سلاح الجو الإسرائيلي القوات البرية التي تتقدم على المحاور كافة، من خلال الإجراءات التالية:
• ستشكل المقاتلات الحربية دوائر في الجو تحلق باستمرار فوق البحر للإغارة على أي هدف عند تلقي الأوامر والاحداثيات (وهذا الأسلوب تم اعتماده في تموز).
• جُهزت طائرات الاستطلاع (وكذلك الحال بالنسبة لجميع الآليات والمدرعات) بجهاز الكتروني يعرض حركة القوات البرية المحيطة من خلال بث مشفر داخل غرفة التحكم في الطائرة على هيئة ”صورة بانورامية“، فضلا عن تزويد هذه الطائرات بأسلحة رشاشة اوتوماتيكية متوسطة تشارك في رمايات من الجو خلال الاشتباكات البرية.
• ستخضع الطائرات التجسسية الصغيرة، التي تحلق على علو منخفض نسبيا، لأوامر تتلقاها مباشرة من قائد الكتيبة أو السرية.
• ستتولى المروحيات الهجومية من طرازي «أباتشي» و«كوبرا» - كالعادة - عمليات إسناد وتأمين للمدرعات والمشاة على حد سواء.
• طائرات مروحية تقوم بعمليات اسعاف الجنود الجرحى، في إطار التعديلات التي اُدخلت على السلاح الطبي بأسره.
إن استخدام منظومة دفاع جوي كـ"إيغلا أس" في مواجهة سلاح الجو سيعني الى حد كبير تعطيل فعالية الاجراءات الجديدة ودفع المروحيات وطائرات النقل والشحن العسكري؛ وكل ما يدخل ضمن خانة طائرات "العين في السماء" (الإستطلاع والتجسس) على اختلاف أحجامها، خارج إطار المشهد المطلوب منها في المواجهة المقبلة، نظرا لبطء سرعة هذه الطائرات نسبيا قياسا الى المقاتلات الحربية، ووقوعها جميعا ضمن دائرة الأهداف التي تطالها "إيغلا أس".
9 جماعات مسلحة تمتلك 6 الاف صاروخ أرض – جو!
تقدّر تقارير صادرة عن مكتب المحاسبة في الحكومة الاميركية وجود ما يناهز الستة الاف منظومة دفاع جوي محمولة على الكتف بأيدي تسع جماعات عسكرية دولية "غير نظامية"؛ في طليعتها حزب الله وفصائل من المقاومة العراقية.
تشتهر الشركة المصنعة لصواريخ "إيغلا أس" بصنع وتصدير صواريخ ضد الدروع ومنظومات أخرى تتناسب وعمل التنظيمات التي تعتمد مبدأ الحرب "اللاتناظرية" (تكتيك عصابات ضد جيش كلاسيكي). إضافة الى الصاروخ محل البحث، تصنع شركة "كا بي أم" الروسية جيلا أكثر تطورا تحت اسم "أس إي 24" بمواصفات محسّنة. وتقوم فلسفة صناعة الصواريخ المحمولة على الكتف في "كا بي أم" على عدم الالتفات الى حجم الهدف المراد اسقاطه، فتدخل طائرات الاستطلاع الأميركية "بريداتور" و"سكاي" و"شادو" والطائرات الشراعية وطائرات الإستطلاع الصغيرة كـ"بوما" و"رايفين" ومروحيات "اباتشي" و"هاوك"، وبعض انواع طائرات الإمداد والطائرات الحديثة التي تعمل بتقنية المراوح القابلة لتغيير الاتجاه (تُستخدم في أفغانستان حاليا)، ضمن نطاق الأهداف.
ــ مراقبة حركة الأسطول الأميركي السادس قبالة الساحل اللبناني.
ــ إنذار مبكر لحظة اختراق طائرات إسرائيلية المجال الجوي اللبناني. (مع تزايد التقارير عن حيازة حزب الله أسلحة دفاع جوي).
تزامنت هذه المعمعة مع تزايد الحديث الإسرائيلي عن «توتر يزداد حدّة على الحدود الشمالية»، وخاصة مع انتهاء تبادل الأسرى و«حاجة» حزب الله لتنفيذ انتقامه لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية في شباط الماضي.أمّا في السياسة، فتجدر الإشارة إلى تزامن التركيز على تعزيز الحزب لقدراته العسكرية مع المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية وتلك الأميركية ـ الإيرانية: تتقاطع المصلحة الأميركية مع الإسرائيلية في المبالغة في تصوير قدرات الحزب في هذه الفترة تحديداً.
مشهد مماثل شهده الإعلام الأميركي في الفترة التي سبقت اغتيال عماد مغنية من خلال التركيز على «خطر حزب الله على المصالح الأميركية في الخارج»، و«تعقيد جهازه الأمني الذي اخترق مرتين وكالات حكومية أميركية»، بحسب مؤسسة «استراتفور» للتحليل الأمني والاستراتيجي؛ في إشارة إلى قضيتي النقيب في مشاة البحرية الأميركية سمر سبينالي والعميلة في مكتب التحقيقات الفدرالية ندى بروتي.
وبالعودة إلى قضية الرادارات المزعومة في «صنين»، يعلم حزب الله تماماً أنّ أيّ تبديل في عقيدته القتالية سيعني خسارة في وضعه استراتيجياً. أولى بديهيات عمل «المقاومة» تكمن في سرّيتها، فكيف سيكون بمقدور الحزب حماية رادارات أو أنظمة دفاع جوي؛ أي «أهداف ثابتة» يستحيل إخفاؤها بسبب حجمها، في منطقة مفتوحة؟
غير أنّ سيناريو حادثة «صنين» بمجمله يفرض تساؤلات عن الهدف من إثارة هذا الموضوع في هذه الفترة بالتحديد.من البديهي الاستنتاج بأنّ إسرائيل تبحث حالياً عن «نصر إعلامي» شبيه بالغارة الأخيرة على دور الزور في سوريا، في خضمّ الانتصارات المتلاحقة التي يحققها «محور الشر»؛ وليس آخرها جرّ الأميركيّين إلى تسوية مع الإيرانيين حول العراق وإطلاق سراح سمير القنطار وباقي الأسرى.ضرب نقاط معينة في لبنان قد يحقّق الهدف الإسرائيلي، وخاصة إذا ما تم إضفاء رمزية وأهمية على هذا الهدف (رادارات لحزب الله مثلاً).كذلك، عقب كل حدث مفصلي (مثل تبادل الأسرى) يرتفع تلقائياً مؤشر الخطر الإسرائيلي من تنفيذ اغتيالات داخل الساحة اللبنانية وفي صفوف المقاومة تحديداً.
وبغض النظر عن السيناريو الذي ستلجأ إليه هذه المرة، فإنّ المؤكد أنّ قادة إسرائيل يشعرون بأزمة كبيرة على الصعيد السياسي والاستراتيجي دفعتهم إلى استخدام أساليب بدائية في الحرب النفسية للتنفيس عن هذا الاحتقان من قبيل الرسائل الهاتفية للبنانيين في الآونة الأخيرة، من دون أن يعني هذا التخبط الإسرائيلي المرحلي في مواجهة حزب الله عجزاً دائماً، إذ إنّ هناك «أساليب غير تقليدية» لمواجهة الحزب، بحسب دراسة صادرة عن كلية البحرية الأميركية.
وبالحديث عن الأساليب غير التقليدية، تفاجئك مبالغة الغربيين لدى تقويم قدرات حزب الله: أحد التقارير الأمنية الأوروبية الصادرة أخيراً تحدث عن حيازة حزب الله غواصات صغيرة، يُشغّل الواحدة منها عنصر واحد، سلّمتها إيران إلى الحزب في إطار السعي لـ«تعزيز قدرات حزب الله وحماس البحرية عند خاصرة إسرائيل».
أمّا الأميركيون، فهم أكثر استعداداً للذهاب بعيداً عندما يريدون تكبير خطر جهة ما؛ من هنا يجري الحديث عن إمكان أن تقوم إيران بتزويد حزب الله «بصواريخ باليستية بعيدة المدى تعمل بالوقود الصلب ومجهزة بنظام توجيه عبر قمر صناعي»، أو سعي سوريا لتزويد الحزب بـ«روؤس كيميائية».على هذا المنوال، قد يجد السيد حسن نصر الله نفسه قريباً متهماً بإيواء علماء ذرة من كوريا الشمالية أو دول الاتحاد السوفياتي السابق. وقريباً جداً، قد يُدرج حزب الله على لائحة المنظمات «النووية»!
كنت أنتظر سيارة أجرة على أوتوستراد هادي نصر الله، بُعيد خطاب السيد حسن الذي توعّد فيه إسرائيل بـ«المفاجأة الكبرى»، حين سمعت رجلاً عجوزاً يكاد يقسم لصاحبه أن «القنبلة النووية الإيرانية» أصبحت في حوزة حزب الله: خطير بالفعل ما يمكن أن تفعله وسائل الإعلام في الإدراك والوعي الإنساني على صعيد تنميط الصورة وتشويه الحقائق.يبقى العزاء في أن الصحف الإسرائيلية ـ بالمناسبة لطالما كان الإعلام الإسرائيلي متقدّماً على صعيد الحرفية المهنية ـ صارت تنقل أخبارها عن الصحف اللبنانية والعربية
تُبدي تقارير اسرائيلية وبريطانية منذ العام 2002 مخاوف من حصول حزب الله على صواريخ دفاع جوي تُطلق من على الكتف، عبر سوريا التي تمتلك، بحسب تقديرات العام 2008، ما يزيد على أربعة الاف صاروخ نوعي من طراز "إيغلا 9 كي 388"، المعروف باسم "ايغلا أس" او "اس إي 18"، الإسم الأكثر تداولا في وسائل الإعلام. فما هي قدرات هذا السلاح؟ وما سبب القلق الإسرائيلي منه؟
في الآونة الأخيرة، تقاطعت تقارير غربية واسرائيلية مختلفة على اعتبار صواريخ "إيغلا أس" واحدة من الأسلحة الكاسرة لتوازن الردع الموجودة حكما ضمن ترسانة حزب الله، الذي يدرب عناصره، منذ فترة بحسب تقارير بريطانية، على منظومات دفاع جوي في سوريا وإيران، بل إن تقريرا صحفيا صدر في البانيا قبل أكثر من سنتين تحدث عن صفقة سلاح حصل بموجبها حزب الله على قاذفات "اس إي 16" مع 30 صاروخا وقاذفات "أس إي 18" (إيغلا أس) مع 100 صاروخ مقابل 13 مليون دولار من احدى الدول الاشتراكية السابقة.
وبغض النظر عن صحة هذه التقارير، في ظل رفض حزب الله حتى الساعة تأكيد او نفي الموضوع، فإن القلق الاسرائيلي المتنامي ازاء هذه القضية يطرح تساؤلات حول ميزات هذا السلاح ومدى فعاليته في أي مواجهة مقبلة.
عند الحديث عن مواصفات "ايغلا أس"، تبرز النقاط التالية:
- وزن الرأس الحربي: 2.5 كيلوغراما. مزود بقطع معدنية مع صاعق ليزري (تقاربي تأخيري).
- باستطاعة الصاروخ اصابة طائرات استطلاع ومروحيات وطائرات مقاتلة (على علو منخفض نسبيا). يمكن اطلاقه من مسافات تصل حتى 6 كيلومترات، ويمكن استخدامه ضد أهداف يتراوح ارتفاعها ما بين عشرة أمتار و3500 مترا.
- يمكن استخدام هذا الصاروخ في اعتراض الصواريخ.
- يعمل هذا الصاروخ في جميع الأحوال الجوية، وهو مجهز بمعدات للإستخدام ليلا.
- تتنوع اساليب استخدامه بتعدد الأهداف: اسقاط طائرات، حماية منصات صواريخ بعيدة المدى...
- يصعب التشويش عليه من الاجهزة الالكترونية الاسرائيلية (مجسات رصد الحرارة)، حتى تلك الموجودة داخل مقاتلات "أف 16"، بل يوصف هذا الصاروخ؛ الذي لا يوجد سلاح مثيل له في الصناعة الغربية، بأنه "فائق المناعة" ضد التشويش.
- ضبط آلي (اوتوماتيكي) لزاوية إرتفاع الهدف.
- امكانية تحديد الهدف يدويا (في حالات نجاح عمليات التشويش): أي يمكن للمقاتل ضبط الهدف وتوجيه الصاروخ اليه بشكل فردي في حال نجح سلاح الجو المستهدف بأي وسيلة من الوسائل بالتشويش على أنظمة الصاروخ (حالات نادرة ومعقدة).
- الرأس المتفجر للصاروخ أصغر حجما من صواريخ "ستريلا" المعروفة، ولكنه أكثر فعالية، إذ أن متعقب الحرارة مصمم للتمييز بين الطائرات الحقيقية واجسام اخرى قد تُستخدم لتضليل الصاروخ الحراري. يعمل المتعقب بغاز النيتروجين، وقد صُمم برنامجه الحاسوبي للعمل وفق نظامي توجيه: أشعة تحت الحمراء وأشعة فوق البنفسجية، ما يوفر دقة عالية في تعقب "بصمة" الطائرة وتجنب وسائل التضليل.
الى ذلك، يضم الرأس صمام (فيوز) "تقاربي تأخيري"؛ أي انه ينفجر على بعد خمسة أمتار من الهدف، في أسوأ الأحوال، ما يضمن دائما سقوطها.
- فضلا عن كونه يُطلق من على الكتف، فإن الشركة الروسية المصنعة تؤمن منصات راجمات بأربع؛ ست أو ثماني فوهات معروفة باسماء "دزيغهيت" و"ستريليتس"، علما ان وزارة الدفاع الروسية أعلنت في شباط 2005 نيتها بيع "ستريليتس" الي سوريا. تمتاز هذه الراجمة بوزنها الخفيف نسبيا (15 كيلوغراما فارغة) وبمرونة استخدامها لناحية القدرة على تنصيبها على متن أي آلية او زورق او مروحية . أما جهاز تحكم الراجمة، على عكس الصاروخ المحمول على الكتف، يكون بعيدا عن القاعدة التي تحمل المنصة (إطلاق عن بُعد).
- لا يحتاج "إيغلا أس" الى الكثير من التدريب (كما هو حال صواريخ الدفاع الجوي المحمولة الأميركية الصنع)، ذلك أن نظام التقاط (تحديد) الهدف والإطلاق يعمل بشكل آلي (مع امكانية تعطيل الأمر يدويا)، بعكس صواريخ "ستينغر" الاميركية مثلا التي تحتاج الى رامٍ ماهر.
- حين الوصول الى الهدف ينفجر الرأس الحربي والوقود الصلب في جسم الصاروخ في وقت متزامن.
- سرعة الصاروخ تصل الى 600 مترا في الثانية، في حال كان يتجه مباشرة الى واجهة الهدف. اما في حال التعقب من خلف، فتصل سرعته الى 400 مترا في الثانية.
- وزن الصاروخ مع القاذف: 19 كيلوغراما.
- قطر الصاروخ: 72 ميليمترا.
- طول الصاروخ: 1.7 مترا.
- وزن الصاروخ منفردا: 12 كيلوغراما.
- يستغرق الزمن بين تجهيز الصاروخ وإطلاقه 13 ثانية كحدٍ أقصى.
في الميدان
تنقسم صواريخ أرض – جو أو الصواريخ المضادة للطائرات الى ثلاثة أنواع: قصير المدى، متوسط المدى وبعيد المدى. النوعان الثاني والثالث يُطلقان من منصات ضخمة، أما النوع الأول فهو محمول على الكتف. وبغض النظر عن انواعها ومصادر تصنيعها، تتشابه منظومات الدفاع الجوي الحديثة في كونها مجهزة برأس "ذكي" يحوي كاميرا للتصوير الحراري تقوم بالتقاط الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من محرك الطائرة. نظام الباحث الحراري يقوم بتتبع مصدر الحرارة ويدفع الصاروخ بسرعة قد تصل أحيانا الى ضعف سرعة الصوت ليلحق بالهدف.
بعض أنواع المنظومات (ومنها إيغلا أس) تستخدم أيضا مجسات إضافية تعمل بالأشعة ما فوق البنفسجية لتمييز هدف حقيقي عن أخر وهمي (تضليلي)، كالقنابل المضيئة التي تلقيها بعض الطائرات في حال اكتشافها لصاروخ موجه نحوها. "إيغلا أس" تخطى مسألة التضليل بوجود هذه المجسات التي تميز الهدف الحقيقي من الهدف الوهمي من خلال تحليل الحرارة المنبعثة منهما.
التقنية التي تعمل بها هذه المنظومات تُعرف بعبارة "أطلق وانس"، إذ يمكن الانسحاب مباشرة من الموقع فور اطلاق الصاروخ الذي يتعقب الهدف تلقائيا، من خلال نظام التحكم الآلي الذي يوجه الصاروخ تبعا لمسار الهدف، وذلك بتغيير اتجاه اجنحة القيادة الأمامية. يُعرف هذا النمط من التحكم بنظام التحكم المرتجع. Feedback Control System
بشكل عام، يمكن لمعظم منظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف إسقاط أي طائرة تظهر في الجو، بشرط ان تكون واضحة بشكلها الخارجي (أي لا تظهر كنقطة في الجو).
تستمد "إيغلا أس" أو أي منظومة دفاع جوي مماثلة، في حال وُجدت لدى حزب الله، أهميتها من قدرتها على تحييد او تعطيل جزء هام من حركة سلاح الجو في أي مواجهة مقبلة.
ولفهم خطورة هذا السلاح في الميزان العسكري، لا بد من القاء الضوء على دور سلاح الجو المرتقب في أي حرب مفترضة، فضلا عن عمليات التطوير التي خضع لها هذا السلاح على الصعيد التقني والتكتيكي.
منذ حرب تموز 2006، أجرى الجيش الإسرائيلي تعديلات عديدة على تكتيكات سلاح الجو بمختلف طائراته.
في أي حرب مقبلة، ستخضع كل أذرع الجيش الاسرائيلي لمتطلبات سلاح البر أولا، علما أن اختيار غابي اشكينازي، خبير الحرب البرية، بعيد اخفاقات تموز، يرتبط بشكل وثيق في الرؤية الاسرائيلية الميدانية للمواجهة القادمة. على هذا الأساس، سيواكب سلاح الجو الإسرائيلي القوات البرية التي تتقدم على المحاور كافة، من خلال الإجراءات التالية:
• ستشكل المقاتلات الحربية دوائر في الجو تحلق باستمرار فوق البحر للإغارة على أي هدف عند تلقي الأوامر والاحداثيات (وهذا الأسلوب تم اعتماده في تموز).
• جُهزت طائرات الاستطلاع (وكذلك الحال بالنسبة لجميع الآليات والمدرعات) بجهاز الكتروني يعرض حركة القوات البرية المحيطة من خلال بث مشفر داخل غرفة التحكم في الطائرة على هيئة ”صورة بانورامية“، فضلا عن تزويد هذه الطائرات بأسلحة رشاشة اوتوماتيكية متوسطة تشارك في رمايات من الجو خلال الاشتباكات البرية.
• ستخضع الطائرات التجسسية الصغيرة، التي تحلق على علو منخفض نسبيا، لأوامر تتلقاها مباشرة من قائد الكتيبة أو السرية.
• ستتولى المروحيات الهجومية من طرازي «أباتشي» و«كوبرا» - كالعادة - عمليات إسناد وتأمين للمدرعات والمشاة على حد سواء.
• طائرات مروحية تقوم بعمليات اسعاف الجنود الجرحى، في إطار التعديلات التي اُدخلت على السلاح الطبي بأسره.
إن استخدام منظومة دفاع جوي كـ"إيغلا أس" في مواجهة سلاح الجو سيعني الى حد كبير تعطيل فعالية الاجراءات الجديدة ودفع المروحيات وطائرات النقل والشحن العسكري؛ وكل ما يدخل ضمن خانة طائرات "العين في السماء" (الإستطلاع والتجسس) على اختلاف أحجامها، خارج إطار المشهد المطلوب منها في المواجهة المقبلة، نظرا لبطء سرعة هذه الطائرات نسبيا قياسا الى المقاتلات الحربية، ووقوعها جميعا ضمن دائرة الأهداف التي تطالها "إيغلا أس".
9 جماعات مسلحة تمتلك 6 الاف صاروخ أرض – جو!
تقدّر تقارير صادرة عن مكتب المحاسبة في الحكومة الاميركية وجود ما يناهز الستة الاف منظومة دفاع جوي محمولة على الكتف بأيدي تسع جماعات عسكرية دولية "غير نظامية"؛ في طليعتها حزب الله وفصائل من المقاومة العراقية.
تشتهر الشركة المصنعة لصواريخ "إيغلا أس" بصنع وتصدير صواريخ ضد الدروع ومنظومات أخرى تتناسب وعمل التنظيمات التي تعتمد مبدأ الحرب "اللاتناظرية" (تكتيك عصابات ضد جيش كلاسيكي). إضافة الى الصاروخ محل البحث، تصنع شركة "كا بي أم" الروسية جيلا أكثر تطورا تحت اسم "أس إي 24" بمواصفات محسّنة. وتقوم فلسفة صناعة الصواريخ المحمولة على الكتف في "كا بي أم" على عدم الالتفات الى حجم الهدف المراد اسقاطه، فتدخل طائرات الاستطلاع الأميركية "بريداتور" و"سكاي" و"شادو" والطائرات الشراعية وطائرات الإستطلاع الصغيرة كـ"بوما" و"رايفين" ومروحيات "اباتشي" و"هاوك"، وبعض انواع طائرات الإمداد والطائرات الحديثة التي تعمل بتقنية المراوح القابلة لتغيير الاتجاه (تُستخدم في أفغانستان حاليا)، ضمن نطاق الأهداف.