نحن في هذه الأيام نودع عامًا هجريًا،ونستعد لاستقبال عام هجري جديد، فما أحو جنا في مثل هذه الأيام، حينما تمر الأياموتنقضي الشهور والأعوام، وحين تطوي عجلة الزمن عاماً كاملاً من حياتنا، تقتطعه منأعمارنا وتقرب به آجالنا، فأعمار أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- بين الستينوالسبعين والقليل من يتجاوز، ما أحوجنا لأن نقف قليلاً على مفترق الطرق، لنحاسبأنفسنا على الماضي ولنستعرض ما قدمناه، فنستدرك ما فات ونتوب من العثرات، لقوله- صلى الله عليه وسلم- : (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) (أخرجه الترمذي)،كما ونحمد الله عز وجل على ما وفقنا إليه من صالح الأعمال، فالفضل كله لله سبحانهوتعالى وحده، أن هدانا إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، (الْحَمْدُ لِلّهِالَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) (سورة الأعراف الآية 43)، ثم نعقد العزم ونوطن النفس على أن نواجه العام الجديد،بقلوب مؤمنة ونيات صادقة ورغبة أكيدة في فعل الخير واتباع الحق وطاعة الله وتقواه.
وجدير بنا ونحن نستقبل عاماً جديداً، ونودع عاماً قد انقضى بخيره وشره، أن ندعوالله عز وجل أن يجعل هذا العام خيراً من سلفه، وأن يجعل خلفه خيراً منه، فما منيوم يبزغ فجره ويسطع ضوؤه، إلا ويناديك يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيدفاغتنم مني بعمل الصالحات، فإني لا أعود إلى يوم القيامة، وما من ليل يُرخى سدولهوينشر سكونه، إلا ويناديك يا بن آدم، أنا ليل جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بطاعةالرحمن وطلب الغفران، فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
ونحن هنا نتساءل: كممن إخوتنا وأحبائنا يقضون أوقاتهم في اللهو والغيبة والنميمة، ومشاهدة الأفلامالهابطة والمسلسلات الهدامة، أما آن لهم أن يعودوا إلى رشدهم، ويتوبوا إلىربهم!
أليسوا مأمورين باستغلال الوقت في طاعة الله،فالصلوات موزعة على خمسة أوقات، وكذلك الصوم، والحج، والزكاة، مقسمة على شهورالسنة، ونحن مسؤولون عن أعمارنا، فلماذا نضيعها سدى هكذا؟!
إنك إن طالبتأحدهم بالصلاة، قال: غداً أبلغ من الكبر عتيا، وأتوب وأصلي، ونسي قوله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا) (سورة لقمان، الآية 34)، فأعمارالأمة الإسلامية ما بين الستين والسبعين والقليل من يتجاوز، فنحن مسؤولون عنأعمارنا: «وعن عمره فيم أفناه»(أخرجه الترمذي)، كما أننا مطالبون أفراداً و.ات،ومؤسسات، أن نتقي الله في أعمارنا، وأن نعلن الصلح مع الله، وأن نكثر من أفعالالخير، وننأى بأنفسنا وأهلينا ومجتمعنا عن طريق الشر، عسى أن تدركنا رحمةالله.
وما دمنا لا ندري متى سنموت، فيجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره وردالحقوق لأصحابها، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال.
إنَّ التاريخ لميعرف أمَّة قدَّس دستورها الزمن كأمتنا الإسلامية، التي حدَّثها الله سبحانه وتعالىدائماً عن نفسه، وعن خلقه بكل دقة.
◆ لقد حدَّث الله عن خلق السموات والأرض،فقال: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (سورةهود ، الآية 7).
◆ وحدَّث عن أمره وإرادته، فذكر أن ذلك يتمُّ في غير زمان: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (سورةيس، الآية 82).
◆ وحدَّث عن علمه بالخلق وأحوالهم، فبيَّن أنَّ ذلك يتناولأدق الأمور: {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُوَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}(سورة الرعد، الآية 8).
◆ وحدَّث عن تسجيل أعمال الخلائق، فبيَّن أنَّ ذلك يشمل القليل والكثير: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِوَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاكَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا) (سورة الكهف، الآية 49).
◆ وحدَّث سبحانه عنحسابه للخلق، فذكر أن ذلك يتمُّ بميزان دقيق: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَلِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍمِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}(سورة الأنبياء، الآية 47).
ومن المعلوم أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد اغتنم كل لحظة منحياته، وعلَّم أصحابه ذلك، فما مضى قرن من الزمان حتى رأينا الرايات الإسلاميةترفرف فوق مساحات شاسعة من قارات العالم بفضل الله أولاً، ثم بجهدهم وعملهموإخلاصهم.
إن الواجب علينا أن يراجع كل واحد منا أعماله خلال العام الماضيفإن وجد خيراً فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً،فالله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة على مصراعيه لكل إنسان كي يعود إلى محرابالطاعة.
إن التوبة كرم إلهي ومنحة من الله لعباده، عرفهم فيها كيفية الرجوعإليه إن بعدوا عنه، وكيفية التخلص من تبعات الذنوب إذا عصوه، كي يفروا إليه تائبينمنيبين متطهرين.
فما أكرمه من إله، وما أرحمه بخلقه وعباده، يجابه الناسربهم بالفسوق والعصيان، ويخالفون دينه، ويأتون ما نهى عنه حتى إذا تابوا وأنابوا،قبل الله توبتهم وغفر سيئاتهم وأحبهم ورفع درجاتهم، (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّالتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (سورة البقرة الآية 222).
ومنفضل الله على أمتنا الإسلامية أنه رحيم، وأن رحمته سبقت غضبه {نَبِّئْ عِبَادِيأَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} (سورة الحجر الآية 49-50)، كما ووصف حبيبه محمداً -صلى الله عليه وسلم- بقوله {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًاوَنَذِيرًا} (سورةالأحزاب الآية 45) فهو- صلى الله عليه وسلم- البشير قبل النذير، ومن المعلوم أنه- عليه الصلاة والسلام - كان يغتنم كل مناسبة لتبشير الناس وترغيبهم في عفو اللهورحمته، وإظهار فضله وكرمه كيف لا؟ وهو القائل: «بشروا ولا تنفروا، يسروا ولاتعسروا» (أخرجه الشيخان).
أخي القارئ: إني أسوق إليك هذا الحديث الذي يطمئنالنفوس بفضل الله وعفوه، وخيره وفضله وكرمه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال،قال النبي- صلى الله عليه وسلم-، يقول الله عز وجل يوم القيامة: «يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك فينادي بصوت، إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار،قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف-أراه قال: تسعمائة وتسعة وتسعين، فحينئذتضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللهشديد، فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: منيأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداءفي جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أنتكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا، ثم ثلث الجنة، فكبرنا، ثم شطر أهل الجنةفكبرنا»(أخرجه الإمام البخاري).
قال الإمام القسطلاني رحمه الله، والظاهرأنه- صلى الله عليه وسلم- لما رجا من رحمة الله تعالى، أن تكون أمته نصف أهل الجنةأعطاه الله مارجاه، وزاد من فضله، وقد جاءت زيادة في حديث آخر : «أنتم ثلثا أهلالجنة» فزاده الله على الثلث حتى بلغت أمته ثلثي أهل الجنة، وفي ذلك فضل عظيم منالله سبحانه وتعالى، حيث خاطب حبيبه -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: {وَلَسَوْفَيُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (سورة الضحى الآية 5) ، وقد روي أن النبي- صلى اللهعليه وسلم - قال: إذاً لا أرضى وواحد من أمتي في النار. هكذا بشر الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- أصحابه، بعد أن بكوا واشتد عليهم الأمر، ووقعت منهم الكآبة،كما وبشر أمته برحمة الله بهم، حيث جعل نصيبهم في الجنة أكثر من غيرهم من الأمم،وهذا فضل من الله ونعمة.
نسوق هذا الهدي النبوي لنبين للمسلمين وجوب العملبالكتاب والسنة، والتحلي بالخلق الكريم والمعاملة الحسنة، وبعد ذلك رجاء رحمةالرحمن، لأن الأساس هو العمل، ومن ثم طلب الثواب من الله سبحانهوتعالى.
وجدير بنا ونحن نستقبل عاماً جديداً، ونودع عاماً قد انقضى بخيره وشره، أن ندعوالله عز وجل أن يجعل هذا العام خيراً من سلفه، وأن يجعل خلفه خيراً منه، فما منيوم يبزغ فجره ويسطع ضوؤه، إلا ويناديك يا ابن آدم، أنا يوم جديد وعلى عملك شهيدفاغتنم مني بعمل الصالحات، فإني لا أعود إلى يوم القيامة، وما من ليل يُرخى سدولهوينشر سكونه، إلا ويناديك يا بن آدم، أنا ليل جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بطاعةالرحمن وطلب الغفران، فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
ونحن هنا نتساءل: كممن إخوتنا وأحبائنا يقضون أوقاتهم في اللهو والغيبة والنميمة، ومشاهدة الأفلامالهابطة والمسلسلات الهدامة، أما آن لهم أن يعودوا إلى رشدهم، ويتوبوا إلىربهم!
أليسوا مأمورين باستغلال الوقت في طاعة الله،فالصلوات موزعة على خمسة أوقات، وكذلك الصوم، والحج، والزكاة، مقسمة على شهورالسنة، ونحن مسؤولون عن أعمارنا، فلماذا نضيعها سدى هكذا؟!
إنك إن طالبتأحدهم بالصلاة، قال: غداً أبلغ من الكبر عتيا، وأتوب وأصلي، ونسي قوله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا) (سورة لقمان، الآية 34)، فأعمارالأمة الإسلامية ما بين الستين والسبعين والقليل من يتجاوز، فنحن مسؤولون عنأعمارنا: «وعن عمره فيم أفناه»(أخرجه الترمذي)، كما أننا مطالبون أفراداً و.ات،ومؤسسات، أن نتقي الله في أعمارنا، وأن نعلن الصلح مع الله، وأن نكثر من أفعالالخير، وننأى بأنفسنا وأهلينا ومجتمعنا عن طريق الشر، عسى أن تدركنا رحمةالله.
وما دمنا لا ندري متى سنموت، فيجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره وردالحقوق لأصحابها، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال.
إنَّ التاريخ لميعرف أمَّة قدَّس دستورها الزمن كأمتنا الإسلامية، التي حدَّثها الله سبحانه وتعالىدائماً عن نفسه، وعن خلقه بكل دقة.
◆ لقد حدَّث الله عن خلق السموات والأرض،فقال: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (سورةهود ، الآية 7).
◆ وحدَّث عن أمره وإرادته، فذكر أن ذلك يتمُّ في غير زمان: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (سورةيس، الآية 82).
◆ وحدَّث عن علمه بالخلق وأحوالهم، فبيَّن أنَّ ذلك يتناولأدق الأمور: {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُوَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}(سورة الرعد، الآية 8).
◆ وحدَّث عن تسجيل أعمال الخلائق، فبيَّن أنَّ ذلك يشمل القليل والكثير: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِوَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاكَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا) (سورة الكهف، الآية 49).
◆ وحدَّث سبحانه عنحسابه للخلق، فذكر أن ذلك يتمُّ بميزان دقيق: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَلِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍمِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}(سورة الأنبياء، الآية 47).
ومن المعلوم أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد اغتنم كل لحظة منحياته، وعلَّم أصحابه ذلك، فما مضى قرن من الزمان حتى رأينا الرايات الإسلاميةترفرف فوق مساحات شاسعة من قارات العالم بفضل الله أولاً، ثم بجهدهم وعملهموإخلاصهم.
إن الواجب علينا أن يراجع كل واحد منا أعماله خلال العام الماضيفإن وجد خيراً فليحمد الله، وإن وجد غير ذلك فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً،فالله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة على مصراعيه لكل إنسان كي يعود إلى محرابالطاعة.
إن التوبة كرم إلهي ومنحة من الله لعباده، عرفهم فيها كيفية الرجوعإليه إن بعدوا عنه، وكيفية التخلص من تبعات الذنوب إذا عصوه، كي يفروا إليه تائبينمنيبين متطهرين.
فما أكرمه من إله، وما أرحمه بخلقه وعباده، يجابه الناسربهم بالفسوق والعصيان، ويخالفون دينه، ويأتون ما نهى عنه حتى إذا تابوا وأنابوا،قبل الله توبتهم وغفر سيئاتهم وأحبهم ورفع درجاتهم، (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّالتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (سورة البقرة الآية 222).
ومنفضل الله على أمتنا الإسلامية أنه رحيم، وأن رحمته سبقت غضبه {نَبِّئْ عِبَادِيأَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} (سورة الحجر الآية 49-50)، كما ووصف حبيبه محمداً -صلى الله عليه وسلم- بقوله {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًاوَنَذِيرًا} (سورةالأحزاب الآية 45) فهو- صلى الله عليه وسلم- البشير قبل النذير، ومن المعلوم أنه- عليه الصلاة والسلام - كان يغتنم كل مناسبة لتبشير الناس وترغيبهم في عفو اللهورحمته، وإظهار فضله وكرمه كيف لا؟ وهو القائل: «بشروا ولا تنفروا، يسروا ولاتعسروا» (أخرجه الشيخان).
أخي القارئ: إني أسوق إليك هذا الحديث الذي يطمئنالنفوس بفضل الله وعفوه، وخيره وفضله وكرمه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال،قال النبي- صلى الله عليه وسلم-، يقول الله عز وجل يوم القيامة: «يا آدم، يقول: لبيك ربنا وسعديك فينادي بصوت، إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار،قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف-أراه قال: تسعمائة وتسعة وتسعين، فحينئذتضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللهشديد، فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: منيأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداءفي جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وإني لأرجو أنتكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا، ثم ثلث الجنة، فكبرنا، ثم شطر أهل الجنةفكبرنا»(أخرجه الإمام البخاري).
قال الإمام القسطلاني رحمه الله، والظاهرأنه- صلى الله عليه وسلم- لما رجا من رحمة الله تعالى، أن تكون أمته نصف أهل الجنةأعطاه الله مارجاه، وزاد من فضله، وقد جاءت زيادة في حديث آخر : «أنتم ثلثا أهلالجنة» فزاده الله على الثلث حتى بلغت أمته ثلثي أهل الجنة، وفي ذلك فضل عظيم منالله سبحانه وتعالى، حيث خاطب حبيبه -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: {وَلَسَوْفَيُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (سورة الضحى الآية 5) ، وقد روي أن النبي- صلى اللهعليه وسلم - قال: إذاً لا أرضى وواحد من أمتي في النار. هكذا بشر الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- أصحابه، بعد أن بكوا واشتد عليهم الأمر، ووقعت منهم الكآبة،كما وبشر أمته برحمة الله بهم، حيث جعل نصيبهم في الجنة أكثر من غيرهم من الأمم،وهذا فضل من الله ونعمة.
نسوق هذا الهدي النبوي لنبين للمسلمين وجوب العملبالكتاب والسنة، والتحلي بالخلق الكريم والمعاملة الحسنة، وبعد ذلك رجاء رحمةالرحمن، لأن الأساس هو العمل، ومن ثم طلب الثواب من الله سبحانهوتعالى.