اسم الكاتب : سعيد موسى
رغم أن كل الكتب والمواريث القديمة الإسرائيلية, كانت قد تحدثت عن لعنة غزة على سلطة الاحتلال, فقد كابر الإسرائيليون على مدار عشرات السنين، وراهنوا على إفراغ أهلها من فطرة المقاومة والاستسلام لواقع الاحتلال، والانشغال بلقمة العيش والتجارة والسفر عن كل ماهو سياسة ومواجهة لاتجلب عليهم غير الفقر والقمع، إلا أنهم وبعد مكابرة تاريخية عادوا إلى نقطة البدء بان غزة لعنة، كان لابد من السيطرة على جموحها وترويضها من خارجها لا من داخلها، وكانت خطة صهيونية خبيثة ومكر مكشوف، كان الانسحاب من طرف واحد تاركين خلفهم غزة لامتنفس لها اقتصاديا أو اجتماعيا إلا من خلال قوانين الاحتلال، وتشديد قبضته بعد إعادة الانتشار والانسحاب إلى الخلف عدة مئات أمتار، وقد أسموه إعادة انتشار وأسميناه الانتصار، فما كان إلى مخطط لمزيد من الحصار والدمار، غادرت سلطة الاحتلال دون تنسيق مع السلطة الوطنية البديلة بموجب اتفاق المبادئ، وذلك يترجم في وقته ماسيكون من ترك مسمى السلطة للتنافس لمليء الشاغر وفرد العضلات بين متصارعين من جنس وطني واحد، فلا تجد سلطة الاحتلال بخطوة إلى الوراء حرج لانتقاء أهدافها والانقضاض متى سنحت الفرصة، واشتد وطيس الصراع على سلطة نفوذها ارض هي نقطة على خارطة ضخمة، وإنسان منهك من القمع والقهر الصهيوني المتقهقر خطوة للوراء ليتقدم ألف خطوة للأمام، وما كان الانسحاب غير خطة تكتيكية لتحقيق أهداف إستراتيجية، عندما تنضج الظروف بفعل فاعل ليشتبك فرقاء الطموحات السلطوية للحصول على اكبر قدر من السيطرة الصفرية على الأرض، وامتلاك النفوذ الأقوى جماهيريا بتسويق شعارات تشبه المستحيل، لتدغدغ عواطف الجماهير بايجابياتها دون أن يلتفت الجمع إلى القطبية السلبية الملازمة لأي عروض وسياسات، صوت حالها يقول أن هذا الاستعراضي يملك الحق وبيده الخلاص، وذاك الاستعراضي الباطل بعينه وعلى يده الهلاك، فما كان جراء تلك الخدعة الصهيونية اللعينة وإظهار السلطة كقطعة الجبن في المصيدة، حتى وصلنا إلى ماوصلنا إليه من شتات وطني وانقسام وقتال ومزايدات، نقلت المواجهة للفوز بسلطة الوهم الاوسلوية إلى الجبهة الداخلية وسقطت كل المحرمات الوطنية، أريقت الدماء وقتلت النفس التي حرم الله قتلها ، وانساق الجميع صوب قطعة الجبن السلطوية تحت مسميات جماهيرية وديمقراطية، حتى انعدمت الرؤيا وحتى المقاومة خضعت للحق والباطل بعدما كانت الحق الموحد المتاح للجميع، فبدأت صفحة سوداء حق للعدو المتقهقر خداعا أن يستثمرها على أكمل وجه، ليحقق بخدعته في سنين العجاف الوطني، مالم يستطيع تحقيقه في نصف قرن من لعنة غزة على الاحتلال، لتصبح لعنة غزة ونقمة محتلها على ذاتها دون رحمة الذات بالنفس, ولا اكتراث العدو بلعنة الغير على جرائمه، ولم يتردد العدو بمقارنة جرائمه كرحمة بالمقارنة مع جلد الذات الوطنية وتدمير الآخر.
ويبدوا أن الجميع حتى من غير أكلة الجبن، قد أسالت لعابهم وشهيتهم تلك القطعة رغم كثرة ثقوبها، وتسابقت الجموع على بلوغها وحتى محاولة إسقاطها من فم ملتقطها والتهامها بشراهة الحلال من بعد تحريم، وانشغل الجمع بلعبة الجبن العفنة، وبات الجميع في متناول شبكة الصياد، لايفرق بين محلها ولا محرمها، ليستبيح ذلك الجسد الوطني الذي أصيب بحمى وسعار الجبن الاوسلوي، وانشغل عن ثوابته ومقدساته، وركل بكل قوة وحدته وشراكة الهم والدم وصمام أمانه، فعلم العدو الصياد أن شراكه قد أتت بصيد ثمين، وان كمائن الصيد لاتكون من داخل العرين فتتوحد الصقور والنسور والفهود في مهاجمته، لكنها كمائن عن بعد متربص لمحاصرة الأسود وإلقاء فتات الغنائم، فتنهش الأسود بعضها في صراع سلطة البقاء والإقصاء، ومن ثم يحين موعد الوثوب للوحش الصهيوني الكاسر، على شركاء العرين الذي أنهكهم الصراع الدامي، دون اعتبار للعدو الحقيقي المتربص بنصب شراكه كشبكة فولاذية فيصبح هو الرابح الوحيد والكل الوطني هو الخاسر مهما توهم البعض المفتون ببعض ما أوتي من قطعة الجبن العفنة من نصيب.
هكذا حال غزة بحصار للسنة الثالثة على التوالي، وعدوان ومجزرة تلو الأخرى، وشتات وحقد وكره وطني كسابقة وطنية خطيرة، لها من التداعيات الجحيمية مايثلج صدر الاحتلال الصهيوني المتربص المرابط على تخوم غزة المترنحة بين عدوان العدو وجور الشقيق، وهاهو العدو من جديد يلوح بعدوان'اللحم المتطاير' بعد عدوان'الرصاص المصبوب' وقبله عدوان'المحرقة'، فقد دمروا كل هياكل غزة الاقتصادية والاجتماعية ، وخلفوا بفضل غيابنا عن الوعي ولهث الجمع على قطعة الجبن الاسلوية، خلفوا أرضا حرق عليها الأخضر واليابس، خلفوا إنسانا حلم باستعادة وحدته حتى نال منه اليأس في المقتل، خلفوا شبابا مترنحة بلا طموح يلهثون خلف مايعتقدونه بلسم النسيان، والبحث عن تعاطي الحبوب المخدرة'الترمال' بشكل واسع يدعوا للقلق ويتطلب الاستنفار الوطني والصحوة من سقم السلطة ونطاح الشرعيات، وشعب قوامه في غزة المليون ونصف يرتعون تحت هول الفقر والبطالة والمرض وترقب المجهول الأشد سوءا وقسوة، لا يعلمون من أي صوب ستأتيهم المصائب القادمة، من عدو يسحق عظام أطفالهم ويشدد من قبضة حصاره الإجرامي، أم من قريب متجهم نسي مسئولياته ولاهم له غير صراع على سراب سلطة ليست موجودة غير في خلايا الوهم الآدمي، غزة في حاجة لصحوة ضمير ودعاء مغيث ووحدة صف قبل أن يعود الصياد الصهيوني بدمويته ليزرع مزيدا من الدمار للمدمر من الإنسان قبل الأرض، غزة بحاجة لصحوة كي تدافع عن القدس التي تتعرض لأبشع جريمة بهدم وتهجير آلاف مرابطيها، والأقصى يدنس والحفريات من أسفله يجري على قدم وساق من اجل إحداث انهيارات جزئية تجهيزا للانهيار الشامل, غزة بحاجة إلى أيادي رحيمة لن تأتي من العدو حتما، فطامة كبرى أن لاتمتد إليها أيادي أبنائها، بل يشاركون دون وعي في دمارها ودمار إنسانها.
حوار يكاد أن يكون حوار طرشان، بعض اللقاءات التي يغلب عليها طابع سطحية المجاملة، وتقدمها أو النكوص عنها، مرتبط بامتدادات إقليمية وغياب إرادة وطنية، ربما تستفيق في وقت متأخر لنعظ على غفلتنا ناب الندم حين لا يعيد الندم ما أفسده الانقسام المقيت، فإنسان غزة بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي واعمار، قبل اعمار البنيان والجماد، وها هم شعب غزة كالمتلوي عطشا في صحراء الانقسام، يرنوا إلى قطرة غيث يفجر ينابيعها المحالة ذلك الحوار الذي شخصت إليه الأفئدة وطال إليه الانتظار، كل شيء أصبح عرضة لليأس والانهيار، هاهم شعب غزة بعد طول صبر ودعاء يتلقون الصفعة تلو الأخرى، فتهل عليهم كوابيس التأزم محل بشائر الانفراج، ليلقى على مسامعهم من جديد نطاح حكومات موسعة في مقارعة حكومات أكثر اتساعا، سلطات شرعية في مواجهة بشرعيات أخرى، لوطن يحرق ويدمر ويضيق بحكومات وسلطات مهما كان لها من مسميات، هذا يريد نصيب الأسد من القطعة الاسلوية باسم الشرعية، وذاك يدعي أحقيته في امتلاكها، وثالث ورابع وأربع عشر جائعا يصرخون للشراكة في الوليمة السلطوية ويتنكرون للمحاصصة بين الأقطاب، ولا يعلمون أن بشتاتهم إنما يلهثون خلف سراب شبه لهم بدعاية أمريكية ورعاية أوروبية وتشجيع دولي واختلافات عربية أنها الوليمة والغنيمة، تستحق التضحيات صعودا حتى على جماجم القاعدة الجماهيرية، إلى متى؟ وغزة في ذروة المصاب، حتى المقاومة أصبحت عرضة للتحليل والتجريم والاستقطاب، والتي مهما قيدناها لن تثني العدو المخادع بطلب الهدنة من العدوان الذي بات من جديد يلامس الأعتاب.
تحت سقف الانقسام وصراع السلطات الوهمي، سيستمر الحصار وسيستمر الدمار, وستصعد جرائم الاغتيالات قريبا، وستزداد الهجمة الاستيطانية المسعورة، وسينفذ الصهاينة مخططاتهم بتهجير عشرات آلاف من أبناء شعبنا المرابطين في القدس، وسيستمر العدوان على أهلنا في كامل الضفة الغربية ضاربين عرض الحائط بكل السلطات في الضفة كما بغزة، كل هذا سيكون استمرار الانقسام والذي سبب انقساما عربيا وإسلاميا، غطاء للعدوان القادم، ومن جديد نوجه النداء الجاد والذي لم يصدقه كثير من ضحايا الوهم سابقا، نوجه النداء الأخير للحوار الأخير في القاهرة، نوجه النداء للضفة الغربية كما نوجهه لغزة المأساة، العدوان على العتبات يابشر، إن هذه الحكومة الصهيونية اشد إجراما من سابقتها، وستنفذ وعدها لناخبيها ولأيدلوجيتها الدموية، إن معالم وإرهاصات العدوان باتت تلوح في الأفق من جديد ولا تحمل اللبس بوقوع العدوان من عدمه، فإلى أين انتم ذاهبون بشعبكم ورعيتكم، إلى جنون الهلاك أم إلى مجد شبهة الشرعيات، اتقوا الله في أنفسكم وفي رعيتكم الصابرة المحتسبة، كي لاتكون غزة لعنة ليس فقط على سلطة الاحتلال بل على كل الشرعيات والسلطات، بقي أمام الفرقاء فرصة واحدة قبل الانهيار الشامل ليتوحدوا أمام عدو لن يرحم من لايرحم نفسه، تهديداتهم لاتحمل أي معنى للمناورة بل إنهم جد جادون بعدوان قد يأتي على ماتبقى من أوهام السلطات والشرعيات، فهل تفيقوا من الغفلة والغفوة الكارثية وتعودوا لتطلبوا العفو من ربكم والسماح من جماهيركم، أم طمس الله على عقولكم وقلوبكم، وتتجهون إلى مصير الهلاك إلا من رحم ربي؟
رغم أن كل الكتب والمواريث القديمة الإسرائيلية, كانت قد تحدثت عن لعنة غزة على سلطة الاحتلال, فقد كابر الإسرائيليون على مدار عشرات السنين، وراهنوا على إفراغ أهلها من فطرة المقاومة والاستسلام لواقع الاحتلال، والانشغال بلقمة العيش والتجارة والسفر عن كل ماهو سياسة ومواجهة لاتجلب عليهم غير الفقر والقمع، إلا أنهم وبعد مكابرة تاريخية عادوا إلى نقطة البدء بان غزة لعنة، كان لابد من السيطرة على جموحها وترويضها من خارجها لا من داخلها، وكانت خطة صهيونية خبيثة ومكر مكشوف، كان الانسحاب من طرف واحد تاركين خلفهم غزة لامتنفس لها اقتصاديا أو اجتماعيا إلا من خلال قوانين الاحتلال، وتشديد قبضته بعد إعادة الانتشار والانسحاب إلى الخلف عدة مئات أمتار، وقد أسموه إعادة انتشار وأسميناه الانتصار، فما كان إلى مخطط لمزيد من الحصار والدمار، غادرت سلطة الاحتلال دون تنسيق مع السلطة الوطنية البديلة بموجب اتفاق المبادئ، وذلك يترجم في وقته ماسيكون من ترك مسمى السلطة للتنافس لمليء الشاغر وفرد العضلات بين متصارعين من جنس وطني واحد، فلا تجد سلطة الاحتلال بخطوة إلى الوراء حرج لانتقاء أهدافها والانقضاض متى سنحت الفرصة، واشتد وطيس الصراع على سلطة نفوذها ارض هي نقطة على خارطة ضخمة، وإنسان منهك من القمع والقهر الصهيوني المتقهقر خطوة للوراء ليتقدم ألف خطوة للأمام، وما كان الانسحاب غير خطة تكتيكية لتحقيق أهداف إستراتيجية، عندما تنضج الظروف بفعل فاعل ليشتبك فرقاء الطموحات السلطوية للحصول على اكبر قدر من السيطرة الصفرية على الأرض، وامتلاك النفوذ الأقوى جماهيريا بتسويق شعارات تشبه المستحيل، لتدغدغ عواطف الجماهير بايجابياتها دون أن يلتفت الجمع إلى القطبية السلبية الملازمة لأي عروض وسياسات، صوت حالها يقول أن هذا الاستعراضي يملك الحق وبيده الخلاص، وذاك الاستعراضي الباطل بعينه وعلى يده الهلاك، فما كان جراء تلك الخدعة الصهيونية اللعينة وإظهار السلطة كقطعة الجبن في المصيدة، حتى وصلنا إلى ماوصلنا إليه من شتات وطني وانقسام وقتال ومزايدات، نقلت المواجهة للفوز بسلطة الوهم الاوسلوية إلى الجبهة الداخلية وسقطت كل المحرمات الوطنية، أريقت الدماء وقتلت النفس التي حرم الله قتلها ، وانساق الجميع صوب قطعة الجبن السلطوية تحت مسميات جماهيرية وديمقراطية، حتى انعدمت الرؤيا وحتى المقاومة خضعت للحق والباطل بعدما كانت الحق الموحد المتاح للجميع، فبدأت صفحة سوداء حق للعدو المتقهقر خداعا أن يستثمرها على أكمل وجه، ليحقق بخدعته في سنين العجاف الوطني، مالم يستطيع تحقيقه في نصف قرن من لعنة غزة على الاحتلال، لتصبح لعنة غزة ونقمة محتلها على ذاتها دون رحمة الذات بالنفس, ولا اكتراث العدو بلعنة الغير على جرائمه، ولم يتردد العدو بمقارنة جرائمه كرحمة بالمقارنة مع جلد الذات الوطنية وتدمير الآخر.
ويبدوا أن الجميع حتى من غير أكلة الجبن، قد أسالت لعابهم وشهيتهم تلك القطعة رغم كثرة ثقوبها، وتسابقت الجموع على بلوغها وحتى محاولة إسقاطها من فم ملتقطها والتهامها بشراهة الحلال من بعد تحريم، وانشغل الجمع بلعبة الجبن العفنة، وبات الجميع في متناول شبكة الصياد، لايفرق بين محلها ولا محرمها، ليستبيح ذلك الجسد الوطني الذي أصيب بحمى وسعار الجبن الاوسلوي، وانشغل عن ثوابته ومقدساته، وركل بكل قوة وحدته وشراكة الهم والدم وصمام أمانه، فعلم العدو الصياد أن شراكه قد أتت بصيد ثمين، وان كمائن الصيد لاتكون من داخل العرين فتتوحد الصقور والنسور والفهود في مهاجمته، لكنها كمائن عن بعد متربص لمحاصرة الأسود وإلقاء فتات الغنائم، فتنهش الأسود بعضها في صراع سلطة البقاء والإقصاء، ومن ثم يحين موعد الوثوب للوحش الصهيوني الكاسر، على شركاء العرين الذي أنهكهم الصراع الدامي، دون اعتبار للعدو الحقيقي المتربص بنصب شراكه كشبكة فولاذية فيصبح هو الرابح الوحيد والكل الوطني هو الخاسر مهما توهم البعض المفتون ببعض ما أوتي من قطعة الجبن العفنة من نصيب.
هكذا حال غزة بحصار للسنة الثالثة على التوالي، وعدوان ومجزرة تلو الأخرى، وشتات وحقد وكره وطني كسابقة وطنية خطيرة، لها من التداعيات الجحيمية مايثلج صدر الاحتلال الصهيوني المتربص المرابط على تخوم غزة المترنحة بين عدوان العدو وجور الشقيق، وهاهو العدو من جديد يلوح بعدوان'اللحم المتطاير' بعد عدوان'الرصاص المصبوب' وقبله عدوان'المحرقة'، فقد دمروا كل هياكل غزة الاقتصادية والاجتماعية ، وخلفوا بفضل غيابنا عن الوعي ولهث الجمع على قطعة الجبن الاسلوية، خلفوا أرضا حرق عليها الأخضر واليابس، خلفوا إنسانا حلم باستعادة وحدته حتى نال منه اليأس في المقتل، خلفوا شبابا مترنحة بلا طموح يلهثون خلف مايعتقدونه بلسم النسيان، والبحث عن تعاطي الحبوب المخدرة'الترمال' بشكل واسع يدعوا للقلق ويتطلب الاستنفار الوطني والصحوة من سقم السلطة ونطاح الشرعيات، وشعب قوامه في غزة المليون ونصف يرتعون تحت هول الفقر والبطالة والمرض وترقب المجهول الأشد سوءا وقسوة، لا يعلمون من أي صوب ستأتيهم المصائب القادمة، من عدو يسحق عظام أطفالهم ويشدد من قبضة حصاره الإجرامي، أم من قريب متجهم نسي مسئولياته ولاهم له غير صراع على سراب سلطة ليست موجودة غير في خلايا الوهم الآدمي، غزة في حاجة لصحوة ضمير ودعاء مغيث ووحدة صف قبل أن يعود الصياد الصهيوني بدمويته ليزرع مزيدا من الدمار للمدمر من الإنسان قبل الأرض، غزة بحاجة لصحوة كي تدافع عن القدس التي تتعرض لأبشع جريمة بهدم وتهجير آلاف مرابطيها، والأقصى يدنس والحفريات من أسفله يجري على قدم وساق من اجل إحداث انهيارات جزئية تجهيزا للانهيار الشامل, غزة بحاجة إلى أيادي رحيمة لن تأتي من العدو حتما، فطامة كبرى أن لاتمتد إليها أيادي أبنائها، بل يشاركون دون وعي في دمارها ودمار إنسانها.
حوار يكاد أن يكون حوار طرشان، بعض اللقاءات التي يغلب عليها طابع سطحية المجاملة، وتقدمها أو النكوص عنها، مرتبط بامتدادات إقليمية وغياب إرادة وطنية، ربما تستفيق في وقت متأخر لنعظ على غفلتنا ناب الندم حين لا يعيد الندم ما أفسده الانقسام المقيت، فإنسان غزة بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي واعمار، قبل اعمار البنيان والجماد، وها هم شعب غزة كالمتلوي عطشا في صحراء الانقسام، يرنوا إلى قطرة غيث يفجر ينابيعها المحالة ذلك الحوار الذي شخصت إليه الأفئدة وطال إليه الانتظار، كل شيء أصبح عرضة لليأس والانهيار، هاهم شعب غزة بعد طول صبر ودعاء يتلقون الصفعة تلو الأخرى، فتهل عليهم كوابيس التأزم محل بشائر الانفراج، ليلقى على مسامعهم من جديد نطاح حكومات موسعة في مقارعة حكومات أكثر اتساعا، سلطات شرعية في مواجهة بشرعيات أخرى، لوطن يحرق ويدمر ويضيق بحكومات وسلطات مهما كان لها من مسميات، هذا يريد نصيب الأسد من القطعة الاسلوية باسم الشرعية، وذاك يدعي أحقيته في امتلاكها، وثالث ورابع وأربع عشر جائعا يصرخون للشراكة في الوليمة السلطوية ويتنكرون للمحاصصة بين الأقطاب، ولا يعلمون أن بشتاتهم إنما يلهثون خلف سراب شبه لهم بدعاية أمريكية ورعاية أوروبية وتشجيع دولي واختلافات عربية أنها الوليمة والغنيمة، تستحق التضحيات صعودا حتى على جماجم القاعدة الجماهيرية، إلى متى؟ وغزة في ذروة المصاب، حتى المقاومة أصبحت عرضة للتحليل والتجريم والاستقطاب، والتي مهما قيدناها لن تثني العدو المخادع بطلب الهدنة من العدوان الذي بات من جديد يلامس الأعتاب.
تحت سقف الانقسام وصراع السلطات الوهمي، سيستمر الحصار وسيستمر الدمار, وستصعد جرائم الاغتيالات قريبا، وستزداد الهجمة الاستيطانية المسعورة، وسينفذ الصهاينة مخططاتهم بتهجير عشرات آلاف من أبناء شعبنا المرابطين في القدس، وسيستمر العدوان على أهلنا في كامل الضفة الغربية ضاربين عرض الحائط بكل السلطات في الضفة كما بغزة، كل هذا سيكون استمرار الانقسام والذي سبب انقساما عربيا وإسلاميا، غطاء للعدوان القادم، ومن جديد نوجه النداء الجاد والذي لم يصدقه كثير من ضحايا الوهم سابقا، نوجه النداء الأخير للحوار الأخير في القاهرة، نوجه النداء للضفة الغربية كما نوجهه لغزة المأساة، العدوان على العتبات يابشر، إن هذه الحكومة الصهيونية اشد إجراما من سابقتها، وستنفذ وعدها لناخبيها ولأيدلوجيتها الدموية، إن معالم وإرهاصات العدوان باتت تلوح في الأفق من جديد ولا تحمل اللبس بوقوع العدوان من عدمه، فإلى أين انتم ذاهبون بشعبكم ورعيتكم، إلى جنون الهلاك أم إلى مجد شبهة الشرعيات، اتقوا الله في أنفسكم وفي رعيتكم الصابرة المحتسبة، كي لاتكون غزة لعنة ليس فقط على سلطة الاحتلال بل على كل الشرعيات والسلطات، بقي أمام الفرقاء فرصة واحدة قبل الانهيار الشامل ليتوحدوا أمام عدو لن يرحم من لايرحم نفسه، تهديداتهم لاتحمل أي معنى للمناورة بل إنهم جد جادون بعدوان قد يأتي على ماتبقى من أوهام السلطات والشرعيات، فهل تفيقوا من الغفلة والغفوة الكارثية وتعودوا لتطلبوا العفو من ربكم والسماح من جماهيركم، أم طمس الله على عقولكم وقلوبكم، وتتجهون إلى مصير الهلاك إلا من رحم ربي؟