الكاتب_د/ احمد محمود المزعنن
دور البطريرك صفير ومسيحيي لبنان مرة أخرى
ما كان هذا الموضوع ليستحق مجرد الذكر لولا ما صدر عن البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير من موقف متصلب قلما يصدر عن مرجع ديني من أي ملة، فما بالك بأحد من يدعي أنه من نصارى النبي عيسى بن مريم ـ على رسولنا وعليه وعلى أمه أفضل الصلاة والسلام ـ وهم الأقرب مودة للذين آمنوا كما نصت آيات القرآن الكريم ، قال الله تعالى : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "( المائدة82 ) .
فهل هذه خصائص (أقربهم مودة للذين آمنوا) التي يفترض أن تتوفر فيمن وصفهم القرآن بأنهم لا يستكبرون؟
ففي مقابلة مع قناة العربية أصر البطريرك صفير وبكل صرامة على رفض السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بممارسة أي حق من الحقوق الإنسانية المدنية ، كالعمل وبناء البيت أو حتى إصلاحه، وتحت أي ذريعة من الذرائع، وقال بالحرف الواحد : إن هذا الرفض منه ومن القوى التي يمثلها ، والتي توحدت في موقف واحد على الرغم من الخلافات التي تظهر فيما بينها ، ربما من قبيل تقسيم الأدوار كما صرح بذلك ..
ورغم أنه صرح بأن المؤسسة الدينية المسيحية لا تتعامل مع السياسة فإنه وفي سابقة صريحة ـ وليست هي الأولى ــ قد أكد انغماس مؤسسته في السياسة بحجة إدارة شئون الطائفة المارونية في الحالة الراهنة للوطن اللبناني ، حيث تتناقص فيها أعداد المسيحيين في مقابل تزايد المسلمين من مختلف المذاهب والاتجاهات.
ومن المعروف أن البطريرك صفير قد كان في زيارة لفرنسا تحت استشعار أخطار محدقة لم يخفِ أيًا منها في المقابلة المذكورة،على الرغم من أن رجل الإعلام الذي أجرى معه المقابلة استخدم أساليب كثيرة في صياغة الأسئلة ، دون أن يخفي استغرابه ، وربما استغراب بعض الذين تابعوا المقابلة ، ولم تفلح المهارة الإعلامية في اقتناص أي سبق إعلامي من إجابات غبطة البطريرك الذي أبدى طول باع في التلقي والرد بكل مهارة وحرفية إدارية وسياسية،وهو في المقابل لم يتحرج من الإعلان عن رؤاه وآرائه بكل صراحة ووضوح ، بما يفيد أنه وطائفته قد ضاقوا ذرعًا بالفلسطينيين المقيمين في لبنان ، وأن على هؤلاء إذا أرادوا الاستيطان والاستقرار فعليهم أن يذهبوا إلى البلاد العربية الأخرى ؛ لأن لبنان بلد صغير ، وفي هذه البلاد الأخرى متسع لا يتوفر في لبنان.
ونحن نتساءل في ضوء هذه الصراحة ، والاصطفاف المسيحي الذي يعيد أجواء أوائل سبعينيات القرن العشرين الماضي:
· أليس في هذه الأقوال من رجل في مكانة ومنزلة ومقام غبطة البطريرك صفير نذر صراع قادم مغلف بذات الحجج التي أشعلت الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي؟
· ألم يكن الزج بالعنصر الفلسطيني في المسألة اللبنانية وحساسيات الطوائف وعامل الإستاتيك الديموغرافي الذي اصطنعه الاستعمار الفرنسي منذ ثلاثة أرباع القرن هو نفس الحجة التي يتمترس خلفها من يزعمون أنهم وحدهم من ينطبق عليهم صفة المواطن اللبناني؟
· ثم أليس التطرف الشوفوني المغلف بالدين هو الذي صور للبعض ممن يقدم الروابط الفرنكوفونية على الروابط الوطنية ، وعلاقات المجال العربي هو الذي جعل سوريا دولة محتلة ، بينما كانت هي عامل الإنقاذ الوحيد في آخر معارك الحرب الأهلية سيئة الذكر.
· وهل هناك من العرب عدا الإنسان اللبناني ـــ والمسيحيين على وجه التحديد ــ من هو أكثر استفادة واستثمارًا للروابط القومية واللغوية واعتبارات الجوار ؟
· هل كانت رحلة البطريرك إلى فرنسا ساركوزي ذي الأصول اليهودية المجرية ليجند الغرب مرة أخرى إلى حرب مقدسة جديدة؟
· هل يعيد التاريخ نفسه فيجدد بطرس صفير دور بطرس الناسك الذي أجج الحروب الصليبية مبتدئًا رحلة التأليب والتجييش من مدينة كليرمنت بجنوب فرنسا؟
· وهل يستعد سمير جعجع ومن تبقى من عشيرة الجميل لترميم حلفهم مع اليهود عبر صفير المسافر إلى فرنسا ساركوزي ذي الجذور اليهودية المجرية؟
· وما الذي يجري في الساحل الشرقي للبحر المتوسط في ظل الهيمنة الإستراتيجية للغزاة اليهود الخزر؟
هذه وغيرها كثير مجرد تساؤلات حول مشاهدات وتصريحات وعبارات لا يمكن المرور عليها دون اكتراث ؛ لأنها تصدر عن مرجعية لها وزنها ورؤيتها ومنطقها وتحالفاتها التي تكون خطرة ، ليس على لبنان وفلسطين ، بل وعلى مستقبل الأجيال في المنطقة العربية كلها ، وفي ما وراء بلاد العرب.
همٌ دائمٌ للحكام والشعوب :
البعد الاقتصادي في المنطقة العربية ذات الموارد المائية المهدرة ، والموارد الطبيعية الهائلة تعتبر همًا دائمًا للحكام والشعوب على حد سواء ، ومن المعروف على مستوى إقليمي ودولي أن في حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي مخزونًا هائلاً للغاز والنفط بما في ذلك سواحل غزة ولبنان وفلسطين المحتلة ، وربما هذا هو السبب الرئيس وراء الحمى التي أصابت المسيحيين في لبنان ، وعلى رأسهم مار بطرس صفير ، وجعلتهم يصطفون في موقف واحد ، على الرغم من تشتت أحزابهم ومظاهر العداء المفتعل بين تجمعاتهم ، وربما ذهب البطرك صفير إلى فرنسا أخيرًا لطلب السلاح استعدادًا لحرب جديدة ، ستقلب الكثير من المعادلات في سواحل الشام ،ولا يخفون أهدافهم ، فهم يريدون أن يفرغوا سواحل لبنان من الفلسطينيين لاستعادة التوازن الديموغرافي ظاهريًا ، وفي الحقيقة السعي إلى امتلاك التحكم في مصادر القوة ، وفي مقدمتها أرض المخيمات الفلسطينية ؛ لكي يستعيدوا سيطرتهم على الاقتصاد النفطي والغازي والاستثماري السياحي ، كمحاولة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء في خمسينيات وستينيات القرن العشرين الماضي ، والاستفادة من حالة الضعف القومي العربي والإسلامي ، تحت حالة السيطرة الإستراتيجية اليهودية على شرق البحر الأبيض المتوسط.
دور الكيان الصهيوني :
مجرد تساؤل : هل يتسبب النفط المتوسطي في حرب جديدة؟
الكيان اليهودي الصهيوني الغريب منذ أن بدأ في الظهور ، وهو في حرب دائمة مع لبنان وغير لبنان على البترول وغير البترول ، ولو كان شبر أرض ، اسأل أهل الضفة هل يستطيع أحدهم أن يقطف ورقة زعتر أو مريمية من جبالها ؟ وهل يمكن لأحدهم أن يصطاد زرزورة أو حجلة على كثرة ما هو موجود فيها وقت ما يصطلح عليه الفلسطينيون بالصليب (أي تصالب الشمس على مدار الجدي وبداية الخريف)؟
لا بقاء للكيان الصهيوني الإجرامي الوظيفي إلا بالحروب والعداء ، إنهم يربون الأجيال على الفكر التوراتي المحرف والتلمودي الإجرامي ، هذا الكيان مجتمع الجريمة الشاملة ، والجريمة منهج صراعي داينميكي انحرافي دائم على كل مستويات الأنساق الاجتماعية ، وفي دوائل الفعل الاجتماعي ، ومؤسسات اتخاذ القرار ، وليس مجرد انحراف اجتماعي أو لا معيارية قيمية ، الجوهر العدواني واحد ، والشكل يتغير تبعًا للمرحلة وللطرف العدو الذي يجعله اليهود هدفًا لهم في مرحلة ما ، وقد يكون العدو فردًا أو مجموعة أو مجتمعًا أو دولة ، لا فرق في السلوك الإجرامي المؤسسي.
وفي هذا الإطار يمكن فهم ظهور القوة البحرية الصهيونية بمختلف تشكيلاتها وأنواع أسلحتها ومعداتها ، التي تتعدى بكثير مهمتها ، والوظيفة الأمنية لمثل هذه الأجهزة ، وقد كان التطبيق العملي لمهمة هذه القوى في الاستهتار بالقانون الدولي في الجريمة التي ارتكبها اليهود على ظهر الباخرة مرمرة المتجهة إلى غزة ، واستهدافهم المسلمين الأتراك تحديدًا ،لأنهم يعلمون حقيقة وحجم تشابك المصالح العسكرية والاقتصادية بينهم وبين تركيا ، والتي تكونت من خلال أكثر من نصف قرن ، وظف فيها اليهود الاعتبارات الثقافية والتاريخية والاقتصادية والمصالح .
صراع ذو طبيعة ثابتة :
وكل من يحاول في المنطقة العربية (المجال السلوكي الفردي والرسمي للكيان الإجرامي الغاصب المحتل لفلسطين)أن يبني وطنه أو يعمل لمستقبل أجيال شعبه وأمته على غير هذا الأساس الإستراتيجي يكون كمن يجني من الشوك العنب ، أو كمن يحرث في البحر ، أو كمن ينتظر العسل من الدبابير ، أو كقطيع النعاج الذي ينتظر سلامًا من قطيع الذئاب ، اليهود حاليًا ومستقبلا لا يعملون وحدهم بل هم كل متكامل مع الكيان الإجرامي دولة اللامعيارية الكبرى في التاريخ الإنساني ، وأقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة الحالية ، وستكون الكيانات العربية مجرد حجارة في لعبة (سيجا)لا لعبة شطرنج ، لأن الشطرنج لعبة تحتاج إلى ذكاء عميق ، ولكن لعبة السيجا لعبة سهلة تتجدد مرات ومرات في الجلسة الواحدة ، وفيها بعض ملامح الشطرنج ، ولكن حجارتها قد تكون من الحصى أو أي شيء مما يألفه الناس.
إن المنطقة العربية والدول الإسلامية غنية بمخزون هائل من معادن عصر الفضاء وعناصر الطاقة البديلة الرخيصة كالسليكون والغاز والطاقة الشمسية ومجموعات المعادن التي لم يمسها إنسان ، ويتم إعدادها حاليًا لتصبح مسرحًا للعب الصهيوني اليهودي الإجرامي من خلال مؤسسات المال ، وافتعال الأزمات الداخلية والإقليمية والاستثمار والشركات متعددة الجنسيات ، والتحالفات المريبة الغريبة ، كالسياحة ، وتبادل الأفواج السياحية ، والبرامج التعليمية المشتركة ، والكليات والجامعات الأجنبية والوصم بالتطرف والتشويه الثقافي متعدد الأبعاد والصيغ،وغير ذلك من أوجه النشاط الذي ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
كان الله في عون العرب والمسلمين ،والله يساعد من يطول به العمر ولا يموت من القهر،كان الله في عون الصغار من أبناء العروبة والإسلام،حفظ الله أمة العرب والمسلمين من كيد الكائدين.
دور البطريرك صفير ومسيحيي لبنان مرة أخرى
ما كان هذا الموضوع ليستحق مجرد الذكر لولا ما صدر عن البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير من موقف متصلب قلما يصدر عن مرجع ديني من أي ملة، فما بالك بأحد من يدعي أنه من نصارى النبي عيسى بن مريم ـ على رسولنا وعليه وعلى أمه أفضل الصلاة والسلام ـ وهم الأقرب مودة للذين آمنوا كما نصت آيات القرآن الكريم ، قال الله تعالى : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "( المائدة82 ) .
فهل هذه خصائص (أقربهم مودة للذين آمنوا) التي يفترض أن تتوفر فيمن وصفهم القرآن بأنهم لا يستكبرون؟
ففي مقابلة مع قناة العربية أصر البطريرك صفير وبكل صرامة على رفض السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بممارسة أي حق من الحقوق الإنسانية المدنية ، كالعمل وبناء البيت أو حتى إصلاحه، وتحت أي ذريعة من الذرائع، وقال بالحرف الواحد : إن هذا الرفض منه ومن القوى التي يمثلها ، والتي توحدت في موقف واحد على الرغم من الخلافات التي تظهر فيما بينها ، ربما من قبيل تقسيم الأدوار كما صرح بذلك ..
ورغم أنه صرح بأن المؤسسة الدينية المسيحية لا تتعامل مع السياسة فإنه وفي سابقة صريحة ـ وليست هي الأولى ــ قد أكد انغماس مؤسسته في السياسة بحجة إدارة شئون الطائفة المارونية في الحالة الراهنة للوطن اللبناني ، حيث تتناقص فيها أعداد المسيحيين في مقابل تزايد المسلمين من مختلف المذاهب والاتجاهات.
ومن المعروف أن البطريرك صفير قد كان في زيارة لفرنسا تحت استشعار أخطار محدقة لم يخفِ أيًا منها في المقابلة المذكورة،على الرغم من أن رجل الإعلام الذي أجرى معه المقابلة استخدم أساليب كثيرة في صياغة الأسئلة ، دون أن يخفي استغرابه ، وربما استغراب بعض الذين تابعوا المقابلة ، ولم تفلح المهارة الإعلامية في اقتناص أي سبق إعلامي من إجابات غبطة البطريرك الذي أبدى طول باع في التلقي والرد بكل مهارة وحرفية إدارية وسياسية،وهو في المقابل لم يتحرج من الإعلان عن رؤاه وآرائه بكل صراحة ووضوح ، بما يفيد أنه وطائفته قد ضاقوا ذرعًا بالفلسطينيين المقيمين في لبنان ، وأن على هؤلاء إذا أرادوا الاستيطان والاستقرار فعليهم أن يذهبوا إلى البلاد العربية الأخرى ؛ لأن لبنان بلد صغير ، وفي هذه البلاد الأخرى متسع لا يتوفر في لبنان.
ونحن نتساءل في ضوء هذه الصراحة ، والاصطفاف المسيحي الذي يعيد أجواء أوائل سبعينيات القرن العشرين الماضي:
· أليس في هذه الأقوال من رجل في مكانة ومنزلة ومقام غبطة البطريرك صفير نذر صراع قادم مغلف بذات الحجج التي أشعلت الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي؟
· ألم يكن الزج بالعنصر الفلسطيني في المسألة اللبنانية وحساسيات الطوائف وعامل الإستاتيك الديموغرافي الذي اصطنعه الاستعمار الفرنسي منذ ثلاثة أرباع القرن هو نفس الحجة التي يتمترس خلفها من يزعمون أنهم وحدهم من ينطبق عليهم صفة المواطن اللبناني؟
· ثم أليس التطرف الشوفوني المغلف بالدين هو الذي صور للبعض ممن يقدم الروابط الفرنكوفونية على الروابط الوطنية ، وعلاقات المجال العربي هو الذي جعل سوريا دولة محتلة ، بينما كانت هي عامل الإنقاذ الوحيد في آخر معارك الحرب الأهلية سيئة الذكر.
· وهل هناك من العرب عدا الإنسان اللبناني ـــ والمسيحيين على وجه التحديد ــ من هو أكثر استفادة واستثمارًا للروابط القومية واللغوية واعتبارات الجوار ؟
· هل كانت رحلة البطريرك إلى فرنسا ساركوزي ذي الأصول اليهودية المجرية ليجند الغرب مرة أخرى إلى حرب مقدسة جديدة؟
· هل يعيد التاريخ نفسه فيجدد بطرس صفير دور بطرس الناسك الذي أجج الحروب الصليبية مبتدئًا رحلة التأليب والتجييش من مدينة كليرمنت بجنوب فرنسا؟
· وهل يستعد سمير جعجع ومن تبقى من عشيرة الجميل لترميم حلفهم مع اليهود عبر صفير المسافر إلى فرنسا ساركوزي ذي الجذور اليهودية المجرية؟
· وما الذي يجري في الساحل الشرقي للبحر المتوسط في ظل الهيمنة الإستراتيجية للغزاة اليهود الخزر؟
هذه وغيرها كثير مجرد تساؤلات حول مشاهدات وتصريحات وعبارات لا يمكن المرور عليها دون اكتراث ؛ لأنها تصدر عن مرجعية لها وزنها ورؤيتها ومنطقها وتحالفاتها التي تكون خطرة ، ليس على لبنان وفلسطين ، بل وعلى مستقبل الأجيال في المنطقة العربية كلها ، وفي ما وراء بلاد العرب.
همٌ دائمٌ للحكام والشعوب :
البعد الاقتصادي في المنطقة العربية ذات الموارد المائية المهدرة ، والموارد الطبيعية الهائلة تعتبر همًا دائمًا للحكام والشعوب على حد سواء ، ومن المعروف على مستوى إقليمي ودولي أن في حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي مخزونًا هائلاً للغاز والنفط بما في ذلك سواحل غزة ولبنان وفلسطين المحتلة ، وربما هذا هو السبب الرئيس وراء الحمى التي أصابت المسيحيين في لبنان ، وعلى رأسهم مار بطرس صفير ، وجعلتهم يصطفون في موقف واحد ، على الرغم من تشتت أحزابهم ومظاهر العداء المفتعل بين تجمعاتهم ، وربما ذهب البطرك صفير إلى فرنسا أخيرًا لطلب السلاح استعدادًا لحرب جديدة ، ستقلب الكثير من المعادلات في سواحل الشام ،ولا يخفون أهدافهم ، فهم يريدون أن يفرغوا سواحل لبنان من الفلسطينيين لاستعادة التوازن الديموغرافي ظاهريًا ، وفي الحقيقة السعي إلى امتلاك التحكم في مصادر القوة ، وفي مقدمتها أرض المخيمات الفلسطينية ؛ لكي يستعيدوا سيطرتهم على الاقتصاد النفطي والغازي والاستثماري السياحي ، كمحاولة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء في خمسينيات وستينيات القرن العشرين الماضي ، والاستفادة من حالة الضعف القومي العربي والإسلامي ، تحت حالة السيطرة الإستراتيجية اليهودية على شرق البحر الأبيض المتوسط.
دور الكيان الصهيوني :
مجرد تساؤل : هل يتسبب النفط المتوسطي في حرب جديدة؟
الكيان اليهودي الصهيوني الغريب منذ أن بدأ في الظهور ، وهو في حرب دائمة مع لبنان وغير لبنان على البترول وغير البترول ، ولو كان شبر أرض ، اسأل أهل الضفة هل يستطيع أحدهم أن يقطف ورقة زعتر أو مريمية من جبالها ؟ وهل يمكن لأحدهم أن يصطاد زرزورة أو حجلة على كثرة ما هو موجود فيها وقت ما يصطلح عليه الفلسطينيون بالصليب (أي تصالب الشمس على مدار الجدي وبداية الخريف)؟
لا بقاء للكيان الصهيوني الإجرامي الوظيفي إلا بالحروب والعداء ، إنهم يربون الأجيال على الفكر التوراتي المحرف والتلمودي الإجرامي ، هذا الكيان مجتمع الجريمة الشاملة ، والجريمة منهج صراعي داينميكي انحرافي دائم على كل مستويات الأنساق الاجتماعية ، وفي دوائل الفعل الاجتماعي ، ومؤسسات اتخاذ القرار ، وليس مجرد انحراف اجتماعي أو لا معيارية قيمية ، الجوهر العدواني واحد ، والشكل يتغير تبعًا للمرحلة وللطرف العدو الذي يجعله اليهود هدفًا لهم في مرحلة ما ، وقد يكون العدو فردًا أو مجموعة أو مجتمعًا أو دولة ، لا فرق في السلوك الإجرامي المؤسسي.
وفي هذا الإطار يمكن فهم ظهور القوة البحرية الصهيونية بمختلف تشكيلاتها وأنواع أسلحتها ومعداتها ، التي تتعدى بكثير مهمتها ، والوظيفة الأمنية لمثل هذه الأجهزة ، وقد كان التطبيق العملي لمهمة هذه القوى في الاستهتار بالقانون الدولي في الجريمة التي ارتكبها اليهود على ظهر الباخرة مرمرة المتجهة إلى غزة ، واستهدافهم المسلمين الأتراك تحديدًا ،لأنهم يعلمون حقيقة وحجم تشابك المصالح العسكرية والاقتصادية بينهم وبين تركيا ، والتي تكونت من خلال أكثر من نصف قرن ، وظف فيها اليهود الاعتبارات الثقافية والتاريخية والاقتصادية والمصالح .
صراع ذو طبيعة ثابتة :
وكل من يحاول في المنطقة العربية (المجال السلوكي الفردي والرسمي للكيان الإجرامي الغاصب المحتل لفلسطين)أن يبني وطنه أو يعمل لمستقبل أجيال شعبه وأمته على غير هذا الأساس الإستراتيجي يكون كمن يجني من الشوك العنب ، أو كمن يحرث في البحر ، أو كمن ينتظر العسل من الدبابير ، أو كقطيع النعاج الذي ينتظر سلامًا من قطيع الذئاب ، اليهود حاليًا ومستقبلا لا يعملون وحدهم بل هم كل متكامل مع الكيان الإجرامي دولة اللامعيارية الكبرى في التاريخ الإنساني ، وأقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة الحالية ، وستكون الكيانات العربية مجرد حجارة في لعبة (سيجا)لا لعبة شطرنج ، لأن الشطرنج لعبة تحتاج إلى ذكاء عميق ، ولكن لعبة السيجا لعبة سهلة تتجدد مرات ومرات في الجلسة الواحدة ، وفيها بعض ملامح الشطرنج ، ولكن حجارتها قد تكون من الحصى أو أي شيء مما يألفه الناس.
إن المنطقة العربية والدول الإسلامية غنية بمخزون هائل من معادن عصر الفضاء وعناصر الطاقة البديلة الرخيصة كالسليكون والغاز والطاقة الشمسية ومجموعات المعادن التي لم يمسها إنسان ، ويتم إعدادها حاليًا لتصبح مسرحًا للعب الصهيوني اليهودي الإجرامي من خلال مؤسسات المال ، وافتعال الأزمات الداخلية والإقليمية والاستثمار والشركات متعددة الجنسيات ، والتحالفات المريبة الغريبة ، كالسياحة ، وتبادل الأفواج السياحية ، والبرامج التعليمية المشتركة ، والكليات والجامعات الأجنبية والوصم بالتطرف والتشويه الثقافي متعدد الأبعاد والصيغ،وغير ذلك من أوجه النشاط الذي ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
كان الله في عون العرب والمسلمين ،والله يساعد من يطول به العمر ولا يموت من القهر،كان الله في عون الصغار من أبناء العروبة والإسلام،حفظ الله أمة العرب والمسلمين من كيد الكائدين.