بغداد - بهاء حداد
ابلغ مصدر برلماني رفيع "العالم"، بأن الكويت قدمت "تنازلات ملحوظة" في ملف النزاع مع العراق على الميناء الذي تبنيه في جزيرة بوبيان، وذكر أن ملاحين وضباطا عراقيين غاصوا بموافقة الكويت، وعاينوا بأنفسهم الأسس التي تشيد حاليا لميناء "مبارك الكبير"، غير ان النتيجة النهائية لهذا الملف لن تظهر قبل نحو 6 شهور، لأسباب فنية.وربما يعد هذا أول دخول للبحرية العراقية الى مياه الكويت، منذ الاجتياح الذي قام به صدام حسين لهذه الدولة العام 1990.
وكان المصدر يتحدث عن تفاصيل تقرير وزاري تفصيلي، قامت حكومة نوري المالكي طيلة الشهرين الماضيين، بتأجيل الكشف عنه مرارا دون مبرر واضح.
والتقرير من إعداد فريق خبراء يديره رئيس هيئة المستشارين في الحكومة ثامر الغضبان وهو وزير نفط سابق، زار الكويت منتصف آب الماضي، وبقي أياما يدرس الآثار المتوقعة لإنشاء ميناء مبارك على ساحل بوبيان.
ويقول خبراء عراقيون إن من شأن الميناء الكويتي خنق ميناء الفاو العراقي، الذي يقع على الساحل المقابل من القناة الضيقة الفاصلة بين البلدين، كما يقولون إن ميناء أم قصر الرئيسي الذي يقع في نهاية القناة الملاحية المشتركة، ربما يتحول الى مجرد مستنقع ضحل، إذا حجز الميناء الكويتي جزءا كبيرا من مياه البحر، عبر ما يعرف بكاسر الأمواج، وهو سياج يحمي الموانئ في العادة من آثار التيارات البحرية الجارفة.
مصدر برلماني رفيع تحدث لـ"العالم" طالبا عدم كشف هويته، لأنه غير مخول بالتصريح، عن تفاصيل من تقرير لجنة ثامر الغضبان، الذي لم ينشر، بالقول "يتضمن هذا التقرير وصفا دقيقا للعمل الذي أنجزه الكويتيون حتى الشهر الثامن، وكان الهدف الأساسي منه مطابقة المعلومات المعلنة عن عمل الشركة المنفذة للميناء الكويتي، والخرائط التي يبرزها الجانب الكويتي، مع ما يجري على الأرض وتحت الماء"، مؤكدا "جرى تدقيق ذلك ميدانيا، ليس عبر الاطلاع على مكان العمل وحسب، بل عبر الاستعانة بغواصي البحرية العراقية".
وتابع المصدر "الموضوع الحرج جعل الكويت تضطر إلى الموافقة على أن يقوم بحارة العراق بالغوص ورؤية كيفية بناء الأسس الغاطسة لميناء مبارك، وقد استغرق الأمر أياما، وقدمت الكويت كل ما تطلبه عمل الفريق العراقي". ويكشف المصدر عن أن "الغواصين كانوا من القوة البحرية العراقية؛ انهم ضباط في القوة البحرية، وافقت الكويت على دخولهم لتدقيق الخرائط والأعماق، والتفاصيل الفنية الأخرى". ويضيف "بعد أيام من المطابقة بين الخرائط وما يجري ميدانيا، اقتنع الفريق العراقي بصحة المعلومات التي قدمتها الكويت حول إنشاء مينائها، لكنه وجد أن ذلك لن ينفع العراق كثيرا في إصدار حكم نهائي بشأن تأثيرات الميناء على منشآته".
ورغم ان تقرير ثامر الغضبان لم ينشر، إلا أن تصريحات عديدة تحدثت عن خلاف عميق بين نتائج التقرير، ووجهة نظر وزير النقل هادي العامري، الذي يصر على أن ميناء الكويت سيضر بالعراق. وسبق للغضبان أن قال في تصريحات لـ"العالم" إن الكويت اقتنعت تحت الضغوط العراقية بإلغاء كاسر الأمواج فضلا عن 60 رصيفا، كي لا تؤثر على الساحل العراقي، لكنه رفض أن يدلي بالنتيجة النهائية لتقريره، وقال إن مجلس الوزراء سيعلن التفاصيل لاحقا.
كما امتدت حرب التصريحات والتقديرات المتباينة، إلى وزارة الخارجية بشخص وزيرها هوشيار زيباري، الذي ذكر في مقابلات أن الميناء الكويتي لن يضر الملاحة في موانئ العراق، ما أدى إلى شن هجمات نيابية قاسية ضده، وصلت حد اتهامه بتلقي رشى.
المصدر البرلماني يقول لـ"العالم" إن التقرير الفني الذي أعدته لجنة ثامر الغضبان "لا يتضمن رأيا نهائيا، بل مجرد تقديرات تقول إن من الممكن زوال الآثار السلبية، إذا قامت الكويت بإلغاء الأرصفة الستين والمرحلة الرابعة، إلا أن النتيجة النهائية يجب أن تتم عبر صناعة نموذج محاكاة معقد للغاية".
ويذهب المصدر الذي اطلع على التقرير، إلى أن "العراق والكويت اتفقا على اللجوء إلى شركة معروفة لإعداد نموذج لمينائي الفاو ومبارك، على شكل فيلم ثلاثي الأبعاد، لعمل محاكاة عبر برنامج كومبيوتر متطور، يمكنها أن تؤكد أو تنفي أو تقوم بوصف الضرر المحتمل لميناء مبارك على موانئ العراق".
وختم المصدر بالقول "علمنا أن صناعة هذا النموذج، التي يفترض أنه تم الاتفاق عليها، تستغرق نحو 6 شهور، وقبل ذلك التاريخ لن يكون هناك أي رأي نهائي، وهذه طريقة يعمل بها الخبراء المدنيون والعسكريون، في تقييم الحالات المشابهة
http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=37709