"علاقات تركيا مع عالم عربي متغير"

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0
http://www.defense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.comdefense-arab.com/rounded_corner.php?src=admin/news/uploads/1304692008-sdarabialeader_Done.jpg&radius=8&imagetype=jpeg&backcolor=ffffff

نظّم مركز كارنيغي للشرق الأوسط مؤتمراً تحت عنوان "علاقات تركيا مع عالم عربي متغير" بتاريخ 1/5/2011، شارك فيه خبراء وصانعو سياسات عرباً وأتراكاً ودوليين، بالتعاون مع مؤسسة "هاينريش بول ستيفتنغ" الألمانية والمؤسسة التركية للدراسات الإقتصادية والإجتماعية TESEV))، وذلك في فندق موفنبيك في بيروت. وانضمت كذلك سفيرة بريطانيا ودبلوماسيون آخرون، الى مدعوين من مراكز دراسات، ومهتمين.
مؤتمر ليوم واحد هدف الى استطلاع ديناميكيات العلاقات المتطورة بين تركيا والبلدان العربية ودراسة مضاعفاتها الإقليمية. وسلط فيه المحاضرون الضوء على قضايا رئيسة شملت صورة تركيا في المنطقة؛ دور العلاقات الثقافية والإندماج الإقتصادي والإجتماعي؛ السياسات الإقليمية للطاقة؛ وسياسات تركيا إزاء الإنتفاضات العربية الأخيرة.
تمثل الحضور الرسمي في المؤتمر بالمستشار محمد شطح ممثلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، والسيد بسام حيدر الوزير المنتدب للأمين العام لجامعة الدول العربية في لبنان، والسفير التركي في لبنان سعادة إنان أوزيلديز.
بعد تقديم من بول سالم، مدير مركز كارنيغي للسلام الدولي في الشرق الأوسط، وكلمات افتتاح من الجهات الرسمية، تحدث السفير التركي معتبراً أن ما فعلته تركيا في السنوات المنصرمة خاصة بعد أيلول 2001 يشكل سياسة جديدة في الشرق الأوسط بحيث تؤدي دوراً أكبر ضمن رؤيا إقليمية منفتحة وبناء الثقة، أدت الى إنشاء مجالس عليا للتعاون مع الدول العربية لا سيما مع سوريا ولبنان والأردن. وأشار الى أن توتر العلاقات الإيرانية مع الأسرة الدولية وتنامي الخطر الإرهابي وضع تركيا في موقع محرج ما اضطرها الى اتخاذ تدابير أمنية أساسية في الداخل، ولعب دور الوسيط في المنطقة في تقريب وجهات النظر.
واليوم، كما أضاف السفير، اختلف وجه العالم العربي نتيجة ما يحدث فيه من انتفاضات، وتابعت تركيا مسير الأحداث وأُخذ عليها التردد، أحياناً، والتأخر في إعلان موقف؛ لكن تركيا لم تتأخر أبداً واتخذت الموقف الواضح بدعوة الحكومات الى الإستماع الى مطالب شعوبها وتلبية تلك المطالب. لا بل إنه، ومنذ العام 2003 أعلن عبدالله غول أن العالم العربي تأخر في فتح الباب للإصلاح. وما يجري حالياً من إطلاق الوعود دون القيام بالإصلاح الفعلي سيؤدي الى عواقب لا تحمد عقباها، وراى انه من الصعوبة معرفة ما سيجري.
وتقدمت صبيحا سنيوجل غوندوغار، الباحثة في مركز الإتجاهات السياسية العالمية (GPoT) وتتولى حاليا مهمة إدارة المشاريع وتطبيقه في برنامج السياسة الخارجية التركية، بعرض تقرير ومناقشة مسح المؤسسة التركية للدراسات الإقتصادية والإجتماعية (Turkish Economic and Social Studies Foundation)حول صورة تركيا في الشرق الأوسط؛ فأوجزت نتيجة المسح الذي أجرته المؤسسة في أيلول/ سبتمبر الماضي في ست دول عربية بالإضافة الى إيران، بما يدعو للذهول حول خلاصات غير متوقعة من الإيجابيات في نظرة العرب الى تركيا ؛ فقد أيّد %75 دور تركيا كوسيط نزيه بين العرب وإسرائيل في مباحثات سلام وفي دور أكبر في المنطقة لا سيما في الأزمة الإيرانية النووية. وأشار المسح الى أن%66 رأوا أن النظام التركي يصلح نموذجاً للأنظمة الإسلامية العربية، وان انضمام تركيا الى الإتحاد الأوروبي هو كذلك نموذج آخر يحتذى به من العلاقات . وتضاعف خمس مرات عدد الداخلين الى تركيا من البلدان العربية في العقد الماضي مقارنة مع عقد التسعينات، واجاب %76 بنعم حول استخدامهم لمنتوجات تركية، ونسبة مماثلة لمن يتابع مسلسلات تركية معربة. وهل يمكن ان تصبح أفضل استثمارياً نالت امرتبة الأولى بين دول عدة .
وناقش الدكتور محمد نور الدين، الخبير في العلاقات التركية العربية، التقرير وسلط الضوء على الناحية المقابلة بالتساؤل حول صورة العرب لدى الشعب التركي فوجدها ليست بالإيجابية، وأشار الى احصائيات أجريت في العام الماضي كذلك جاء بنتيجتها ان نسبة %33 من الأتراك ينظرون بشكل إيجابي الى العرب بينما ينظر %40 بشكل سلبي. وأن لا تواصل ثقافي يذكر من الناحية التركية بحيث لم نلحظ اي اهتمام بالمنتجات التلفزيونية العربية.
وراى نور الدين ان التطور الديمقراطي الصامت والتنمية الإقتصادية التي قادهما حزب العدالة والتنمية، في ظل سياسة الإنفتاح الخارجية وتصفير المشاكل، جعل من تركيا بلداً محاطاً بالأصدقاء بدلاً من الأعداء، يصدّر الحلول لا الأزمات، ومنحها شعوراً بفائض القوة وفائض الثقة بالنفس. أوقع هذا الشعور تركيا بإخفاقات وإرباكات سياسية من البحرين الى ليبيا الى مصر والآن سوريا، نتيجة سلوك مبدأ توازن القوى بين الجماعات داخل الدول، وتوازن العلاقات بين الدول.
والى أي مدى تعتبر تركيا نموذجاً؟ أجاب د. نور الدين ان حزب العدالة والتنمية هو حزب البدائل لا حزب الأيديولوجيا، وحزب المشاريع لا حزب الشريعة. وهنا يكمن السؤال للمنظرين العرب في الإنتفاضات الحديثة؛ اسلاميون في حزب ديمقراطي ينادي بحقوق الإنسان على النموذج التركي أو البقاء في صيغ من الأحزاب الإسلامية تعتبر الشريعة مصدراً للتشريع؟
"إن أيام تركيا الحلوة قد ولّت بعد ما حصل في ليبيا، وانقضى شهر العسل مع العالم العربي إذا كنتم دولة لا تصب سياستها الخارجية في الإتجاه نفسه من التغيير" ؛ بهذه العبارة وضع الصحافي البارز سيجيز كاندار، الكاتب في الصحيفتين التركيتين "راديكال" و"الحرية"، التوجه السياسي التركي المسقبلي على تماس مع ما جرى ويجري في المنطقة. ورأى ان تركيا كانت مع اسقاط نظام القذافي، منذ بدء الإنتفاضة، لكنها لم تشارك الدول الأوروبية في اندفاعتها بسبب الميول الفرنسية للإنفراد بالتصرف في الملف الليبي، لكنها لن تغض الطرف عن التدخل الفرنسي في دولة كانت ضمن أعمال السلطنة العثمانية، ومثلت قيادة الناتو للعمليات حسماً لخلاف بين الدولتين.
وأشار كاندار الى وجود مشروع تركي في المنطقة قائم على اعادة المنطقة الى تاريخها كوحدة جغرافية، بحيث تبقى الحدود بين دولها حدوداً على الخرائط، ويسهل الإنتقال بما يفتح المجالات الإجتماعية والثقافية الى جانب التطور السياسي والإقتصادي؛ وهذا ما لاحت بوادره في الرباعية التي ضمت الى تركيا كل من سوريا، لبنان، والأردن. وانّى لهذا المشروع ان يتحقق بوجود أنظمة مقفلة على جماهيرها، وبوجود مشروع إيراني، في المقابل، ذي توجه مرتبط بسياسة محاور قد لا تتماشى مع باقي السياسات، وفق ما شدد عليه المحاضر.
وفي الجلسة الثانية للمؤتمر تحدث الباحث الدكتور رامي خوري، مدير مؤسسة عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، مستغرباً محاولة الجميع وصف تركيا بالجسر أو النموذج؛ فتركيا برأيه كيان ناشط ديناميكي تمكن من انجاز مراحل من التغييرات حتى وصل الى الدولة العصرية. فنضال ثمانين عاماً في بناء الدولة لا يمكن استنساخه أو تقليده والبدء بالحكم عليه خلال اربعة اشهر من عمر الإنتفاضات العربية. ان أفضل ما يمكن ان تقوم به تركيا هو تجاوز التردد الذي يتحكم بها والتصرف كدولة إقليمية تنظر الى الثورات العربية الحديثة كمرآة لتاريخها المعاصر.
ولا يكتفي خوري بالدور الوسيط الذي شكل قبولاً لسياستها في المنطقة، بعد حالة الفراغ أو السبات التي عايشتها السياسات العربية لعقود، فهذا الدور بدأ بالإنحسار بعدما عهدنا سياسة خارجية مباشرة لبعض الدول العربية تمظهرت في قيام ثلاث منها على إرسال قوات الى ليبيا، وكذلك الدور المصري الذي تمكن من كسر الغياب العربي، في رعاية المصالحة الفلسطينية.
جهاد الزين، الباحث في الشؤون التركية العربية، والصحفي والمحرر البارز في جريدة النهار، تطرق في محاضرته الى كتاب احمد داوود أوغلو "العمق الإستراتيجي" المنشور حديثاً باللغة الإنكليزية رغم صدوره عام 2001، الى تصنيفه مصر في مرتبة أعلى من المملكة العربية السعودية، وأيد الزين تلك المقاربة، لا سيما في اللحظة الآنية حيث بدأنا نشهد عودة ما لمصر الى الساحة؛ ويحسب المخططون للسياسة التركية الحساب لهذه العودة ولدور مصر المقبل لا سيما في الوضع المحرج للسياسة الخارجية لإيران؛ والتي تبدو غير مؤثرة في الربيع العربي بعد الطريقة التي تعاملت بها مع المعارضة، بنتيجة الإنتخابات النيابية التي شهدتها طهران الصيف الماضي. هذه الحالة الإيرانية تريح السياسة التركية الخارجية وتفسح المجال أمامها.
وعلى تركيا، كما أشار الزين، أن تواجه مرحلة جديدة في صياغة تحالف ما بين العرب والولايات المتحدة الأميركية. فهذه الديمقراطيات الناشئة لن تحتاج الى وسيط، وأميركا موجودة في موقع متقدم الى درجة كبيرة داخل الثورات العربية وطبقاتها الوسطى.
كما حاضر جنسر أوزكان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيلجي في اسطنبول، في موضوع القوة الناعمة الجديدة لتركيا في الشرق الأوسط. معتبراً أن مصطلح القوة الناعمة أصبح علامة تجارية للحزب الحاكم في تركيا من كثرة استخدامه من الرئيس أوغلو. ويجب فهم هذا المصطلح كمصدر وحي وهو مكمل لمفهوم القوة الصلبة. وبالإضافة الى كونه مفهوماً متحركاً ديناميكياً فهو يتميز بدعائم أساسية، وهي:
السياسة الخارجية التي اتسمت بالنجاح منذ البداية في إقامة علاقات خارجية مع الدول الغربية على قدم المساواة،
سيادة القانون عبر اعتماد النظام السياسي الديمقراطي غير الطائفي، والتنمية الإقتصادية المستدامة على الرغم من المشاكل المعترضة؛ وهذا ما يفسر مفهوم القوة الناعمة مصدر وحي لنجاح السياسة التركية.
وتحت عنوان تركيا بين الشرق والغرب، قدم فرانك تيتار، المحرر في صحيفة Moyen Orient الفرنسية مداخلته معلناً أن تركيا الشريك الإستراتيجي لأوروبا التي لعبت دورا بارزا أثناء الحرب الباردة، وقد كانت غربية حيال الإتحاد السوفييتي السابق، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي ومشاركة في الأمن الغربي وحريصة على استقراره وتحالفاته. كما يجب ألا يغيب عن بالنا أن فوج الإطفاء التركي كان أول الفرق الواصلة الى إسرائيل للمساهمة في إطفاء الحرائق التي اندلعت في شماليها العام الماضي. إن سياسة تركيا بإبداء الإهتمام نحو الشرق الأوسط يجب ألا يفسر على أنه إنتقال الى ضفة أخرى، بل هو رغبة تركية بلعب دور إقليمي في السياسة الدولية.
بكلمة ختامية عبّر فيها منظمو المؤتمر عن أهداف هذا النقاش كمبادرة صممت لتعميق التفكير المشترك حول السياسات المناسبة للشعوب في تركيا والعالم العربي، ولتوضيح صورة السياسات الإقليمية لكل من صانعي القرار وللجمهور الأوسع، وكذلك لبلورة توصيات حول أفضل المقاربات للديناميكيات المتغيرة في الشرق الأوسط.
 
عودة
أعلى