يوسف غريغوليفيتش رجل الاستخبارات السوفيتية وسفير كوستاريكا في الفاتيكان
وبدأ غريغوليفيتش عمله السري قبل الحرب العالمية الثانية في لتوانيا وبيلوروسيا الغربية. وبعد اندلاع الحرب الاهلية في اسبانيا جرى ايفاده الى برشلونة، حيث شارك في المعارك الضارية بين الجيش الجمهوري الاسباني والمتمردين بقيادة الجنرال فرانكو. وتولى تيودورو كاسترو مهمة قيادة الفريق الاممي، الذي كان يدافع عن مدينة الطلبة في جامعة مدريد. وكان لا يمكن الا يلفت هذا الشاب المتحمس النشيط اهتمام رجال الاستخبارات السوفيتية، الذين كانوا يقومون انذاك بأداء مهمة مستشارين في الجيش الجمهوري الاسباني. وليس من قبيل الصدفة، يقع تيودورو كاسترو بعد فترة في مركز إعداد رجال الاستخبارات السريين في ضواحي موسكو.
وكانت المكسيك أول بلد جرى ايفاده اليه لمزاولة العمل الاستخباراتي السري. وكانت المكسيك عشية الحرب العالمية ثانية بلدا مليئا بالجواسيس الألمان. وتشكلت فيها شبكة تجسس واسعة عملت لصالح ألمانيا النازية. وكانت تقاريره السرية الموجهة الى موسكو تحتوي على معلومات قيمة عن المخططات الالمانية في هذا البلد الامريكي اللاتيني.
وقررت قيادة الاستخبارات الروسية في مايو/آيارعام 1940 تحويل انظارعميلها الى هدف آخر، الى ليف تروتسكي، زعيم سوفيتي سابق، فشل في كفاحه من اجل تسلم اوزار الحكم في الاتحاد السوفيتي، واضطر الى مغادرة وطنه والانتقال الى معارضة النظام. واعدت الاستخبارات السوفيتية خطة لاغتيال تروتسكي، وذلك على يد دافيد سيكيروس، الفنان التشكيلي المكسيكي المعروف. وساعده غريغوليفيتش بشتى الوسائل. لكن محاولة الاغتيال باءت بالفشل. وبالرغم من عدم وجود ادلة واضحة على ضلوع غريغوليفيتش فيها، قررت قيادة الاستخبارات السوفيتية سحب عميلها من المكسيك وارساله الى الارجنتين، حيث ترأس شبكة التجسس السوفيتية في امريكا اللاتينية. وكلفته الاستخبارات السوفيتية بعرقلة الامدادات القادمة من امريكا اللاتينية الى ألمانيا النازية، بعد نشوب الحرب العالمية الثانية. وقام غريغوليفيتش بتشكيل 5 فرق للعمل التخريبي في موانئ جنوب امريكا مثل بوينس آيروس ومونتيفيديو ولا بلاتا وغيرها. وقامت تلك الشبكة التخريبية الاستخباراتية خلال السنوات الاولى للحرب بإغراق 36 سفينة، كانت تنقل شتى الشحنات الاستراتيجية المخصصة لألمانيا النازية. وفي عام 1944 انتقل غريغوليفيتش من الارجنتين الى اوروغواي ثم الى البرازيل.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم إيفاد غريغوليفيتش الى ايطاليا، حيث اسس عام 1947 شركة للتصدير والاستيراد تحولت مع مرور الزمن الى مؤسسة اقتصادية قوية اطلق عليها " تيكو" او "تيودور وزملاؤه". وساهمت شركته في تطوير العلاقات التجارية بين إيطاليا وكوستاريكا، الامر الذي دفع الحكومة الايطالية الى منح غريغوليفيتش وسام "سانت اندرو" (القديس أندراوس)، وتكريمه بشهادة خاصة لغرفة التجارة والصناعة. ولم تمر الا سنة واحدة حتى اتيحت له فرصة سانحة للمشاركة في اعداد البرناج الانتخابي لزميله رئيس كوستاريكا، الذي عينه فيما بعد سفيرا لكوستاريكا في كل من إيطاليا والفاتيكان ويوغوسلافيا.
ومنذ اول يوم لتوليه هذا المنصب اقام علاقات صداقة وثقة مع الساسة والدبلوماسيين ورجال الاعمال الكاثوليك، وانهمك في دراسة عقيدة الدين الكاثوليكي. وبعد ان ألقى غريغوليفيتش كلمته في الدورة السادسة للجمعية العامة للامم المتحدة في باريس، حيث أعلن حرصه على التمسك بالقيم الكاثوليكية، وطرح بعض الافكار الاخرى في هذا المجال، قرر بابا روما توجيه دعوة لاستقباله في الفاتيكان ليمنحه وسام "صليب مالطا" وتكريمه بمنزلة فارس، وذلك تقديرا لدوره في اقامة العلاقات التجارية بين إيطاليا والفاتيكان من جهة وكوستاريكا من جهة اخرى. ومنذ ذلك الحين اعتبر غريغوليفيتش شخصا مقربا لدى البابا، يحظى بثقته التامة، الامر الذي مكنه من اقامة علاقات جيدة مع رئيس إيطاليا ورئيس وزرائها، رؤساء البعثات الدبلوماسية في كل من فرنسا واسبانيا ويوغوسلافيا والولايات المتحدة، والحصول على معلومات قيمة عن شبكات التجسس لتلك الدول في اوروبا والاتحاد السوفيتي وارسالها الى موسكو.
وشهدت العلاقات السوفيتية اليوغوسلافية في اواخر الاربعينات ومطلع الخمسينات من القرن الماضي، فترة برود وتوتر، حيث سعى زعيم يوغوسلافيا جوزف بروز تيتو لممارسة سياسة مستقلة عن موسكو. وقرر ستالين تكليف اجهزته الاستخباراتية بإعداد خطة لتصفية تيتو. وقررت قيادة الاستخبارات السوفيتية تكليف غريغوليفيتش بتنفيذ هذه المهمة، لكونه سفيرا لدولة امريكية لاتينية في يوغوسلافيا. وفهم غريغوليفيتش ان تلك المهمة ستكون آخر مهة سرية في حياته. وكتب في رسالة موجهة الى زوجته المكسيكية لويزا، قائلا:"الموت ليس مشكلة بالنسبة لاولئك الذين يسيرون في المقدمة. انه مشكلة لمن يتأخر". لكن ستالين تخلى في آخر لحظة عن فكرة القضاء على تيتو، رغم ان خطة اغتياله كانت جاهزة. ونظرا الى ان اشخاصا كثيرين كانوا على علم بتلك الخطة، اتخذ قرار باعادة غريغوليفيتش الى وطنه. حيث اصبح عالما ذا نفوذ ومؤلفا لـ30 كتابا، وعضوا مراسلا في اكاديمية العلوم السوفيتية. وتجاوز مجده العلمي حدود الاتحاد السوفيتي، بعد ان انتخب عضوا في الاكاديمية الوطنية لتاريخ فنزويلا، وعضوا فخريا لجمعية الكتاب الكولومبيين، ورئيسا لجمعية الصداقة مع كل من كوبا والمكسيك.
http://arabic.rt.com/news_all_news/info/604631
تحيرت الدوائر الدبلوماسية في إيطاليا باختفاء غريب لتيودورو بونيفيل كاسترو، سفير كوستاريكا في إيطاليا والفاتيكان ويوغوسلافيا، وقع في مطلع شتاء عام 1954. ولم يسمع أحد عنه شيئا بعد ان غادر إيطاليا ليقضي اجازته في سويسرا. ونشرت بعض الصحف الايطالية مقالات تفيد بان بونيفيل كاسترو سقط ضحية لانتقام خلايا المافيا الايطالية. وجاء في مقالات اخرى انه اختطف على ايدي المخابرات السوفيتية لكونه دبلوماسيا كان يتخذ موقفا معاديا للسوفيت، علما ان أندريه فيشينسكي، وزير الخارجية السوفيتي، وصف بونيفيل كاسترو، في كلمة ألقاها في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1951 في الامم المتحدة، بانه عدو لدود للاتحاد السوفيتي وكلب يحرس مصالح الامبريالية. وكانت كل تلك الافتراضات بعيدة عن الحقيقة، لان سفير كوستاريكا في إيطاليا تيودورو كاسترو كان في واقع الامرعنصرا استخباراتيا سوفيتيا، قام بتجنيد ما يزيد عن 200 عميل في كافة انحاء العالم . واسمه الحقيقي وهو يوسف غريغوليفيتش.وبدأ غريغوليفيتش عمله السري قبل الحرب العالمية الثانية في لتوانيا وبيلوروسيا الغربية. وبعد اندلاع الحرب الاهلية في اسبانيا جرى ايفاده الى برشلونة، حيث شارك في المعارك الضارية بين الجيش الجمهوري الاسباني والمتمردين بقيادة الجنرال فرانكو. وتولى تيودورو كاسترو مهمة قيادة الفريق الاممي، الذي كان يدافع عن مدينة الطلبة في جامعة مدريد. وكان لا يمكن الا يلفت هذا الشاب المتحمس النشيط اهتمام رجال الاستخبارات السوفيتية، الذين كانوا يقومون انذاك بأداء مهمة مستشارين في الجيش الجمهوري الاسباني. وليس من قبيل الصدفة، يقع تيودورو كاسترو بعد فترة في مركز إعداد رجال الاستخبارات السريين في ضواحي موسكو.
وكانت المكسيك أول بلد جرى ايفاده اليه لمزاولة العمل الاستخباراتي السري. وكانت المكسيك عشية الحرب العالمية ثانية بلدا مليئا بالجواسيس الألمان. وتشكلت فيها شبكة تجسس واسعة عملت لصالح ألمانيا النازية. وكانت تقاريره السرية الموجهة الى موسكو تحتوي على معلومات قيمة عن المخططات الالمانية في هذا البلد الامريكي اللاتيني.
وقررت قيادة الاستخبارات الروسية في مايو/آيارعام 1940 تحويل انظارعميلها الى هدف آخر، الى ليف تروتسكي، زعيم سوفيتي سابق، فشل في كفاحه من اجل تسلم اوزار الحكم في الاتحاد السوفيتي، واضطر الى مغادرة وطنه والانتقال الى معارضة النظام. واعدت الاستخبارات السوفيتية خطة لاغتيال تروتسكي، وذلك على يد دافيد سيكيروس، الفنان التشكيلي المكسيكي المعروف. وساعده غريغوليفيتش بشتى الوسائل. لكن محاولة الاغتيال باءت بالفشل. وبالرغم من عدم وجود ادلة واضحة على ضلوع غريغوليفيتش فيها، قررت قيادة الاستخبارات السوفيتية سحب عميلها من المكسيك وارساله الى الارجنتين، حيث ترأس شبكة التجسس السوفيتية في امريكا اللاتينية. وكلفته الاستخبارات السوفيتية بعرقلة الامدادات القادمة من امريكا اللاتينية الى ألمانيا النازية، بعد نشوب الحرب العالمية الثانية. وقام غريغوليفيتش بتشكيل 5 فرق للعمل التخريبي في موانئ جنوب امريكا مثل بوينس آيروس ومونتيفيديو ولا بلاتا وغيرها. وقامت تلك الشبكة التخريبية الاستخباراتية خلال السنوات الاولى للحرب بإغراق 36 سفينة، كانت تنقل شتى الشحنات الاستراتيجية المخصصة لألمانيا النازية. وفي عام 1944 انتقل غريغوليفيتش من الارجنتين الى اوروغواي ثم الى البرازيل.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم إيفاد غريغوليفيتش الى ايطاليا، حيث اسس عام 1947 شركة للتصدير والاستيراد تحولت مع مرور الزمن الى مؤسسة اقتصادية قوية اطلق عليها " تيكو" او "تيودور وزملاؤه". وساهمت شركته في تطوير العلاقات التجارية بين إيطاليا وكوستاريكا، الامر الذي دفع الحكومة الايطالية الى منح غريغوليفيتش وسام "سانت اندرو" (القديس أندراوس)، وتكريمه بشهادة خاصة لغرفة التجارة والصناعة. ولم تمر الا سنة واحدة حتى اتيحت له فرصة سانحة للمشاركة في اعداد البرناج الانتخابي لزميله رئيس كوستاريكا، الذي عينه فيما بعد سفيرا لكوستاريكا في كل من إيطاليا والفاتيكان ويوغوسلافيا.
ومنذ اول يوم لتوليه هذا المنصب اقام علاقات صداقة وثقة مع الساسة والدبلوماسيين ورجال الاعمال الكاثوليك، وانهمك في دراسة عقيدة الدين الكاثوليكي. وبعد ان ألقى غريغوليفيتش كلمته في الدورة السادسة للجمعية العامة للامم المتحدة في باريس، حيث أعلن حرصه على التمسك بالقيم الكاثوليكية، وطرح بعض الافكار الاخرى في هذا المجال، قرر بابا روما توجيه دعوة لاستقباله في الفاتيكان ليمنحه وسام "صليب مالطا" وتكريمه بمنزلة فارس، وذلك تقديرا لدوره في اقامة العلاقات التجارية بين إيطاليا والفاتيكان من جهة وكوستاريكا من جهة اخرى. ومنذ ذلك الحين اعتبر غريغوليفيتش شخصا مقربا لدى البابا، يحظى بثقته التامة، الامر الذي مكنه من اقامة علاقات جيدة مع رئيس إيطاليا ورئيس وزرائها، رؤساء البعثات الدبلوماسية في كل من فرنسا واسبانيا ويوغوسلافيا والولايات المتحدة، والحصول على معلومات قيمة عن شبكات التجسس لتلك الدول في اوروبا والاتحاد السوفيتي وارسالها الى موسكو.
وشهدت العلاقات السوفيتية اليوغوسلافية في اواخر الاربعينات ومطلع الخمسينات من القرن الماضي، فترة برود وتوتر، حيث سعى زعيم يوغوسلافيا جوزف بروز تيتو لممارسة سياسة مستقلة عن موسكو. وقرر ستالين تكليف اجهزته الاستخباراتية بإعداد خطة لتصفية تيتو. وقررت قيادة الاستخبارات السوفيتية تكليف غريغوليفيتش بتنفيذ هذه المهمة، لكونه سفيرا لدولة امريكية لاتينية في يوغوسلافيا. وفهم غريغوليفيتش ان تلك المهمة ستكون آخر مهة سرية في حياته. وكتب في رسالة موجهة الى زوجته المكسيكية لويزا، قائلا:"الموت ليس مشكلة بالنسبة لاولئك الذين يسيرون في المقدمة. انه مشكلة لمن يتأخر". لكن ستالين تخلى في آخر لحظة عن فكرة القضاء على تيتو، رغم ان خطة اغتياله كانت جاهزة. ونظرا الى ان اشخاصا كثيرين كانوا على علم بتلك الخطة، اتخذ قرار باعادة غريغوليفيتش الى وطنه. حيث اصبح عالما ذا نفوذ ومؤلفا لـ30 كتابا، وعضوا مراسلا في اكاديمية العلوم السوفيتية. وتجاوز مجده العلمي حدود الاتحاد السوفيتي، بعد ان انتخب عضوا في الاكاديمية الوطنية لتاريخ فنزويلا، وعضوا فخريا لجمعية الكتاب الكولومبيين، ورئيسا لجمعية الصداقة مع كل من كوبا والمكسيك.
http://arabic.rt.com/news_all_news/info/604631