نحو تفسير أسهل
الدكتور عائض القرني
سورة الأعلى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)
نزه اسم ربك المتعالي في العلو عن كل ما لا يليق به من أوصاف، وقدسه بكل وصف جميل وصف به نفسه؛ ولأن الله عال في ذاته وصفاته، والعبد دان ضعيف مقصر، قال (سبح) والتسبيح عند الهبوط؛ على حديث: (كنا إذا هبطنا سبحنا، وإذا علونا كبرنا)، والعلو يذكر بالتكبير لله.
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)
الذي خلق الإنسان وصوره وحسن شكله وعدل قامته وناسب بين أعضائه، وأبدع في خلقه ليتهيأ لما كلف به.
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
والذي قدر كل شيء ووفقه لما خلقه له، ووجهه الوجهة الصحيحة في معاشه، فدل كل مخلوق على ما يضمن بقاءه.
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)
والذي أنبت كل ما ترعاه الدواب، وأخرج النبات الأخضر من التراب، فتراه حدائق ذات بهجة، ملتفة مثمرة بكل باه زاه.
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
فجعله يابسا هشيما تذروه الرياح محطما بعدما كان مخضرا، مشرقا بالنور، زاهيا بالجمال، وكذلك الحياة بعدها فناء وزوال.
سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى (6)
سنُعلِّمكَ - أيها النبي - القرآن عن طريق جبريل، فلا تنسى ما تسمع، فقد كفيناك حفظه فلا تخف ضياعه من صدرك
إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)
إلا ما شاء الله أن ينسخه من القرآن فإنه سوف ينسيك إياه حكمة منه؛ لأنه يعلم ما ظهر وما خفي، فهو أعلم بمصالح العباد ومآل الأمور وأسرار الأشياء.
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)
ونوفقك في كل أمورك لأيسر الطرق، وأسهل السبل، فسيرتك سمحة، ودعوتك رحمة، ورسالتك بشرى.
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
فانصح الناس، وأرشدهم إلى الحق، وادعهم إلى الهدى إذا نفعت الموعظة، وجد في النصح.
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)
سيستقيم من نصحك التقي، ويعرض الشقي، فمن خاف ربه نفعه الوعظ وأيقظه الزجر، ونبهه التذكير؛ لأن في قلبه حياة، وفي نفسه فطرة سوية وبقية من نور.
وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11)
وسوف يهمل تذكيرك كل شقي فاجر، فلا ينصت، ولا يعي، ولا يفقه، ولا يلين قلبه؛ لأنه مطموس القلب، أعمى البصيرة، مظلم النفس، لا أمل في صلاحه.
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)
فهذا الفاجر الكافر جزاؤه نار جهنم تحرقه بلهيبها، وتشويه بوقودها، وتصهره بنارها؛ لأنه حارب الملة، ورد الوحي، وكذب الرسول، وأمعن في الضلالة.
ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)
هذا الكافر لا يموت في النار، حتى لا يستريح من العذاب، ولا يحيا حياة طيبة، بل هو في أشد العذاب، فهو في النكال مقيم في سواء الجحيم، وأنكد العيش على الإنسان يوم لا يكون حيا فيرجى، ولا ميتا فينعى.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
ظفر والله وفاز برضوان الله وثوابه، وصارت الجنة مأواه من طهر نفسه من الذنوب وبرأها من العيوب، وأخلصها لعلام الغيوب.
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
وذكر اسم ربه بقلبه ولسانه، وصلى لربه بأركانه، فعبادته قولية وفعلية وبدنية، وذكر الصلاة؛ لأنها عمود الدين، وقرة عيون العابدين.
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)
بل تقدمون حب الدنيا على حب الآخرة، فتفضلون الفانية على الباقية، وتعملون للعاجلة وتتركون الآجلة.
وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)
والآخرة خير وأبقى من الدنيا، فهي دار البقاء والنعماء وحسن الجزاء، والدنيا دار الفناء والبلاء والضراء.
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18)
إن هذا الوحي المحكم والكلام الكريم الحافل بالوصايا النافعة والنصائح المفيدة موجود في الكتب المنزلة التي سبقت القرآن نزولا.
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)
وهي صحف إبراهيم، وصحف موسى، التي أوحيت إليهما من الله، وذكرا - عليهما السلام - لأسبقيتهما وفضلهما، فالرسل والكتب متفقة على محاسن الأخلاق وفضائل الأعمال.
عن الشرق الأوسط
الدكتور عائض القرني
سورة الأعلى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)
نزه اسم ربك المتعالي في العلو عن كل ما لا يليق به من أوصاف، وقدسه بكل وصف جميل وصف به نفسه؛ ولأن الله عال في ذاته وصفاته، والعبد دان ضعيف مقصر، قال (سبح) والتسبيح عند الهبوط؛ على حديث: (كنا إذا هبطنا سبحنا، وإذا علونا كبرنا)، والعلو يذكر بالتكبير لله.
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)
الذي خلق الإنسان وصوره وحسن شكله وعدل قامته وناسب بين أعضائه، وأبدع في خلقه ليتهيأ لما كلف به.
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
والذي قدر كل شيء ووفقه لما خلقه له، ووجهه الوجهة الصحيحة في معاشه، فدل كل مخلوق على ما يضمن بقاءه.
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)
والذي أنبت كل ما ترعاه الدواب، وأخرج النبات الأخضر من التراب، فتراه حدائق ذات بهجة، ملتفة مثمرة بكل باه زاه.
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
فجعله يابسا هشيما تذروه الرياح محطما بعدما كان مخضرا، مشرقا بالنور، زاهيا بالجمال، وكذلك الحياة بعدها فناء وزوال.
سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى (6)
سنُعلِّمكَ - أيها النبي - القرآن عن طريق جبريل، فلا تنسى ما تسمع، فقد كفيناك حفظه فلا تخف ضياعه من صدرك
إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)
إلا ما شاء الله أن ينسخه من القرآن فإنه سوف ينسيك إياه حكمة منه؛ لأنه يعلم ما ظهر وما خفي، فهو أعلم بمصالح العباد ومآل الأمور وأسرار الأشياء.
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)
ونوفقك في كل أمورك لأيسر الطرق، وأسهل السبل، فسيرتك سمحة، ودعوتك رحمة، ورسالتك بشرى.
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
فانصح الناس، وأرشدهم إلى الحق، وادعهم إلى الهدى إذا نفعت الموعظة، وجد في النصح.
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)
سيستقيم من نصحك التقي، ويعرض الشقي، فمن خاف ربه نفعه الوعظ وأيقظه الزجر، ونبهه التذكير؛ لأن في قلبه حياة، وفي نفسه فطرة سوية وبقية من نور.
وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11)
وسوف يهمل تذكيرك كل شقي فاجر، فلا ينصت، ولا يعي، ولا يفقه، ولا يلين قلبه؛ لأنه مطموس القلب، أعمى البصيرة، مظلم النفس، لا أمل في صلاحه.
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)
فهذا الفاجر الكافر جزاؤه نار جهنم تحرقه بلهيبها، وتشويه بوقودها، وتصهره بنارها؛ لأنه حارب الملة، ورد الوحي، وكذب الرسول، وأمعن في الضلالة.
ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13)
هذا الكافر لا يموت في النار، حتى لا يستريح من العذاب، ولا يحيا حياة طيبة، بل هو في أشد العذاب، فهو في النكال مقيم في سواء الجحيم، وأنكد العيش على الإنسان يوم لا يكون حيا فيرجى، ولا ميتا فينعى.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
ظفر والله وفاز برضوان الله وثوابه، وصارت الجنة مأواه من طهر نفسه من الذنوب وبرأها من العيوب، وأخلصها لعلام الغيوب.
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
وذكر اسم ربه بقلبه ولسانه، وصلى لربه بأركانه، فعبادته قولية وفعلية وبدنية، وذكر الصلاة؛ لأنها عمود الدين، وقرة عيون العابدين.
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)
بل تقدمون حب الدنيا على حب الآخرة، فتفضلون الفانية على الباقية، وتعملون للعاجلة وتتركون الآجلة.
وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)
والآخرة خير وأبقى من الدنيا، فهي دار البقاء والنعماء وحسن الجزاء، والدنيا دار الفناء والبلاء والضراء.
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18)
إن هذا الوحي المحكم والكلام الكريم الحافل بالوصايا النافعة والنصائح المفيدة موجود في الكتب المنزلة التي سبقت القرآن نزولا.
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)
وهي صحف إبراهيم، وصحف موسى، التي أوحيت إليهما من الله، وذكرا - عليهما السلام - لأسبقيتهما وفضلهما، فالرسل والكتب متفقة على محاسن الأخلاق وفضائل الأعمال.
عن الشرق الأوسط
التعديل الأخير: