أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما/حسين المعاضيدي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,490
التفاعل
17,617 43 0
أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما

حسين المعاضيدي

هو من الجيل المجاهد الذي خرج من رحم هذه الأمة، ليضيء لبقية أبنائها دربهم المليء بأشواك اليهود، وصبار الصلبان، وأثم وعهر المجوس.. ولد، كما هو حال معظم أبناء هذه الأمة، ولم تكن في فمه ملعقة من ذهب، لكن جسده حوى ما يفوق الذهب والألماس والزمرد والياقوت، قلب عامر بالأيمان، حمل فيه هم أمة تكالبت عليها الأمم والشعوب، كما تتكالب الكلاب على قصعتها في حرب صليبية، يهودية، فارسية مجوسية على أمة الإسلام!

هو من تلك الثلة القليلة، التي طالما ذكرها رب العباد في مواضع عدة من كتابه العزيز، الطائفة المنصورة التي على كاهلها بنى المسلمون آمالهم في العيش بعز وكرامة وشموخ، تلك الطائفة التي حملت السلاح ووقفت بوجه الغرب الكافر الذي يسوم أبناء هذه الأمة ألوان العذاب، وأنواع القتل، وأشكال الهلاك..

لم يمنعه حب أم ترفض عيناها أن يغمض لهما جفن وهو خارج الدار، فكيف بها وهو في ساحات الوغى والحرب؟! لم يردعه تمسك طفل بأسبال ردائه وهو يهم بالخروج إلى ميدان الموت الذي قل من يعود منه حياً! لم يقف بينه وبين الخروج للجهاد نظرات زوجة منكسرة تعلم أن زوجها لا محالة مفارقها!

أبو نور الدين، ذلك المجاهد الصنديد، أستدبر كل ما يثني عزيمته خلف ظهره، مستقبلاً الموت من أجل نصرة دين الحق، فكان أكبر من دمعات أم، أو بكاء زوجة، أو صراخ أبن، أو حسرة أب، فما خرج لأجله أكبر وأعظم من كل هذا وذاك، أنه دين ومجد أمة، وأيمان وحب إله ورسول..

بهذه الهمة كان خروج نور الدين لسوح الجهاد، لكن ما اختلف هنا هذه المرة، أن أمه وزوجته وبنيه هم من كان يدفعه للخروج، ويشدون من أزره للدفاع عن دين أنتهك، وعرض أغتصب، وأرض مسلوبة، وشرف مستباح، متمنين أن يشاركونه جهاده، لكن موانع المشيب والأنوثة والصغر جعلت من نور الدين سلاحهم في الدفاع عن هذا الدين، وهو الذي ادخروه ليوم الكريهة هذا، فشمر الولد عن ساعديه، وقال إني مغادر، انشد الجنان والحور الحسان، أبغي نصرة دين الرحمن، أسابق العلياء والنجوم، أغادر الثرى نحو الثريا، فما عند ربي خير عظيم باق، وما عند سواه آفل مغادر فان.. فراح ينشد متحدياً جراح غربة الجهاد، وجراح مفارقة الأحباب، وجراح ما يتعرض له أبناء دينه وجلدته على يد الغزاة الطغاة، وعلى يد الخونة والعملاء، أن أوجعيني يا جراحي أوجعيني لا تراعي من بكائي وأنيني، أوجعيني إنني رغم مصابي غافل مازلت لم يعرق جبيني، روعي طفلي بما أوتيتِ حتى تقتلي الرحمة في القلب الحزين، وأثقلي قيدي إذا ما شئتِ عسفاً أستحلي موطني دوسي عريني، أوجعيني إنني أزداد بأساً كلما أمعنت في تسفيه ديني، أوجعيني كل جرح منك بحر من عذاب والأسى فيه سفيني، أوجعيني رب جرح ثاب هماً فسما بالنفس عن عيش المجون، ربما يفضي إلى العلياء هبوط ويجئ الموت بالفتح المبين، يا جراحي ربما أقضي ولكن أنت كالقطرة في بحر يقيني..

كان أبو نور الدين يرى في دعوات والدته أقوى الأسلحة، وفي صبر زوجته وهي تودعه المشعل المنير لليل حالك السواد.. كان مضرب الأمثال بين رفاقه في الصبر والصلادة والصلابة، فهو من أكثر مجاهدي مدينة هيت حركة ونشاطاً وثباتاً، وقد كان له الفضل، من بعد الله سبحانه وتعالى، في الإجهاز على الكثير من الأرتال والدوريات لقوات الاحتلال الأميركي والعناصر العميلة والخائنة التي جعلت من نفسها منديلاً يمسح به المحتل نتانته قبل أن يرمي به في سلة المهملات، فأصبحت هيت حينها مدينة الموت، أو هكذا يسميها المحتل، وبات من النادر أن يدخل المحتل إلى المدينة دون أن يخرج منها بآليات محطمة وعربات معطوبة وأشلاء جنود ممزقة ومتناثرة، لم يتبق منهم غير درع لم يمنع عنهم الموت، وحذاء غاص أصحابه في مستنقع هيت وسائر أمصار العراق ومدنه، وخرقة بالية هي كل ما تبقى من بزة عسكرية اُهينت وديس على شرفها حتى أصبحن نساء هيت يمسحن بخرق بزات المحتل مداخل البيوت وأرضياتها.

قصة هذا المجاهد الذي حار القلم في تعداد مناقبه الجهادية جعلني أعود بالذاكرة إلى فترة ما قبل الاحتلال حينما كنت أتفاخر على الدوام أن أحد إخوتي كان من أفضل من يستخدم الهاون، فكان على الدوام يحرز المراتب المتقدمة في دورات الإستمكان، وكانت الكثير من الفيالق العسكرية تستعين به لتميزه في هذا المجال، فقد قضى سنوات طويلة في التدريب على هذا السلاح، وعلى أيدي عساكر متخصصين في هذا النوع من أداوت الحرب، لكني لم أجده يرقى، ولو بنسبة ضئيلة، لما كان عليه حال أبو نور الدين، الذي كان مثالاً للمجاهد الذي أكتسب الخبرة العسكرية في فترة بسيطة، لا تكاد تتجاوز الأسابيع ليصبح بعدها واحداً من أمهر من عرفتهم سوح الجهاد والعسكر على السواء في تصويباته اللا متناهية في الدقة، فكان يستهدف الأرتال والآليات وهي في الطرقات بسلاح الهاون، قبل أن يستخدمه ضد قواعد المحتل الثابتة، فتصويباته بسلاح الهاون دائماً ما تأتي في قلب ومركز الهدف، وبشكل غريب جداً، لا يفقه سرها إلا ملائكة الرحمن، رغم أنه لم يدخل مدرسة عسكرية متخصصة في الإستمكان العسكري، ليحقق تلك المقولة التي جسدت حال المجاهدين في العراق (آلياتهم أهداف تدريبية لنا في سوح الجهاد)، فأطلق عليه رفقاء جهاده، نظراً لموهبته هذه، تسمية (محمود السنت) عليه، ومحمود أسم مموه له، والـ(سنت)نسبة إلى كلمة (سنتر).

برز اسم أبو نور الدين وسطع نجمه منذ فترة ما قبل الاحتلال، حينما أغار مع رفقة له على بار للخمور في الحي الصناعي في مدينة هيت، فقاموا بإتلاف محتوياته، وليتم تحويله في أعقاب ذلك إلى مسجد تتعالى فيه التكبيرات في اليوم والليلة خمس مرات، والذي لا يزال قائماً لغاية الساعة..

لم يكن أبو نور الدين، أو (محمود السنت)، تقبله الله، موظفاً في الدولة، بل كان يعتمد على كد يمينه في تأمين قوت عياله، فتارة عمل كسائق سيارة أجرة، وعمل تارة أخرى في السوق من خلال افتتاحه دكاناً صغيراً لبيع المواد الغذائية حتى حانت ساعة الاحتلال، التي فرقت بين الحياة والموت، بين الثبات والانهزام، بين هامة مرفوعة وأخرى ذلها الخنوع والخضوع، ساعة كانت الحد الفاصل بين الحق والباطل، بين الشر والخير، بين الصليب والهلال، بين جمع المسلمين وجموع الكفر من صلبان وفرس وعبدة أوثان، حيث أستل سيفه، وخاصم فراشه، وهجر دنياه، وتسلح بالصبر والحق والجهاد في طريقه إلى العلياء، بحثاً عن نصرة أمة الإسلام بسيف وقرآن..

خبر التعامل مع المتفجرات منذ صباه، من خلال مهنة صيد الأسماك، حيث كانت المتفجرات إحدى وسائل الصيد التي تشتهر بها مدن غرب العراق المحاذية لضفاف الفرات، ففقد على إثر ذلك أثنين من أصابعه في مهنته تلك، وهو ما جعل الأميركان، الذين عرفوا بأسه وشدته عليهم من خلال عملياته النوعية ضدهم، يلقبونه (ثري فنكرز) أي ذو الأصابع الثلاثة، فكانوا دائماً ما يعتقلون كل من فقد بعض من أصابع يديه عسى ولعل أن يكون أبو نور الدين من بينهم!

يرجع إلى هذا المجاهد العتيد الفضل، بعد الله عز وجل، إلى منع بعض العشائر، التي سرعان ما انخرطت في مشروع المحتل والوقوف في خندقه من المحيطة بمدينة هيت، من سرقة الدوائر الحكومية والمؤسسات الخدمية التي خلفها النظام السابق، حيث شكل مع عدد من رجال المدينة الثقاة وشباب المساجد الغيارى مجاميع لحماية تلك المؤسسات والدوائر من عصابات قطط المطابخ من أفراد العشائر التي حاولت الاستيلاء على المدينة في ذلك الوقت..

مع بداية العمليات الجهادية في مختلف أنحاء العراق وتصاعدها قرر جندي الحق أبو نور الدين تأسيس مجاميع جهادية مسلحة تتكفل باستهداف المحتلين، خصوصاً على الطرق التي كانت تسلكها القوات الغازية المارة بالقرب من مدينة هيت، التي تعتبر حلقة الوصل بين شرق المحافظة وغربها، فعمل مع أحد أشرس المجاهدين، وهو(عبد الباسط)، تقبله الله، على تأسيس البذرة الأولى للعمل الجهادي في هذه المدينة، فتكفل هو بتأمين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة إلى جانب دوره في المواجهات والاشتباكات المسلحة اليومية..

زادت المسؤولية الملقاة على كاهل حفيد الصحابة أبو نور الدين بعد استشهاد رفيق جهاده (عبد الباسط)، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً، حيث تسنم لوحده المسؤولية كاملة، فسارع لتأسيس كتائب جهادية أطلق عليها تسمية (كتائب الأهوال) تولى إمارتها العسكرية بنفسه، فكان نعم المجاهد ونعم الأمير، فقد أفلح، بتوفيق من الله عز وجل، في قطع خطوط الإمداد للقوات الصليبية، كما وتكفل هو ورفقاء جهاده بحصد وقطف رؤوس العملاء المتعاونين مع قوات الاحتلال الصليبي سواء من كلاب العشائر الخائنة أو من المرتزقة المنتمين إلى القوات الحكومية، الدرع الواقي للمحتل، فجعل من أجسادهم النتنة دهاناً لتزييت بنادق الجهاد.

أقسم أبو نور الدين ورفاقه أن لا يتركوا على أرض، يستطيعون الوصول إليها، أثر لجندي محتل أو عميل خاسئ، فعاهدوا الله أن يكسروا شوكة المحتل ويقصموا ظهر كلابه، فتسابق أحفاد الصحابة على استهداف نقاط التفتيش والحراسة والسيطرة، الثابتة منها والمتحركة، شرقاً وغرباً، فطّهروا الأرض من حدود مدينة البغدادي غرباً حتى تخوم مدينة الرمادي شرقاً، وبضمنها نقاط الحراسة على الخط الإستراتيجي الحيوي، الذي لا غنى لقوات الاحتلال عنه، ممهدين بذلك لمجاميع الزرع باستهداف الأرتال المارة من هناك بكل سهولة ويسر، لتصبح تلك المنطقة أشبه بطريق الموت، الذي لا مفر لقوات الاحتلال من سلكه، لتتحول تلك المدينة إلى عصب الجهاد وبيرق النصر وروح الصمود.

كان لا يتوانى، تقبله الله، عن حمل سلاح الهاون في أي لحظة والتوجه به إلى القواعد المحيطة بالمدينة أو على مشارفها، أو حتى تلك التي تبعد كثيراً عن مدينة هيت غير عابئ بالاعتقال أو القتل ما دام ما يقوم به نصرة لهذا الدين المجيد، وكان يستخدم دراجة نارية لإنجاز مثل هذه المهمة، حتى أنه وفي أحد الأيام وقبل وصوله مع رفيقه إلى المنطقة التي من خلالها يتم استهداف قاعدة الاحتلال الرئيسية تعطلت بهم الدراجة النارية، فواصل مع رفيق جهاده إكمال المسافة سيراً على الأقدام، وقاموا بقصف القاعدة والعودة بسلاحهم سيراً على الأقدام كذلك، قاطعين مسافة تفوق الأربعة عشر كيلو متراً، وحينما وصلوا كانت أقدامهم تنزف دماً من وعورة الطريق، وطوله، وثقل الهاون الذي عادوا به ولم يتخلوا عنه، رغم صعوبة الحال!

مع اندلاع معارك الفلوجة الأولى أوكل (صقر هيت) أبو نور الدين قيادة المجاهدين في المدينة إلى أحد إخوة الجهاد، طالباً منه الحرص على مواصلة قطع خطوط الإمداد لقوات الاحتلال، خصوصاً تلك المتجهة منها إلى شرق المحافظة، حيث مدينة الفلوجة، والتي تأتي عبر قاعدة عين الأسد في مدينة البغدادي، فيما ألتحق هو بأسود التوحيد في فلوجة العز ليسطر مع المجاهدين الأفذاذ هناك أروع صور البطولة التي يندر وجودها في هذا الزمان، فأوكلت إليه مهمة تأمين صواريخ الكراد والكاتيوشا وقذائف الهاون للمقاتلين داخل المدينة..

وكانت لتوجيهاته في قطع طرق الإمداد على قوات الاحتلال أعظم الأثر في تعجيل النصر في فلوجة العز، حيث سارعت قوات الاحتلال ومن خلال عملاء المجلس البلدي في هيت إلى ترجي المجاهدين للسماح للمحتلين بالمرور من تخوم مدينة هيت وعدم استهداف لتلك القوافل والأرتال، فجاء الشرط كلطمة مدوية آتت ثمارها بعد حين، بفضل الله عزّ وجل، حيث رد عليهم أبطال الجهاد من جند أبو نور الدين، وبقية الفصائل الجهادية في هيت أنهم لن يتوقفوا، ولن يكفوا عن استهداف طرق الإمداد حتى يكف المحتل عن استهداف الفلوجة وأبنائها ومجاهديها، فيالهم من رجال أشاوس، أمناء على العهد، رحماء بينهم، أعزة على الكافرين..

بقي الغضنفر أبو نور الدين مرابطاً ومقاتلاً هناك حتى انتهاء معركة الفلوجة، بعدما آل النصر إلى فرسانها وإخوانهم المساندين لهم، ممن وصلوا المدينة من داخل بلاد الرافدين أو من خارجها، ليعود بعدها إلى مدينة هيت ليتولى من جديد زعامة الكثير من شبابها المجاهد الذي أخذ يتسابق للالتحاق بفيالق الجهاد، فألتف حوله الكثير من أسود الشرى بعدما خبروا جهاده، وصدقه مع الله، ونصرته لهذا الدين، وحرصه على حماية أبناء المدينة من المحتلين، ومن القتلة المجرمين من عناصر العشائر، التي هي كالثعالب الغدارة، بل كالأفعى من تحت تبن كما يقال!

عاد ليواصل مسيرة الجهاد مع رفاقه في هيت الأبية حتى حان أوان معركة الفلوجة الثانية حيث سارع مرة أخرى للالتحاق بإخوته هناك، فشارك مع إخوته في حصد رؤوس الأوغاد، ورغم صعوبة المعركة وانتقام العدو من أهل المدينة بشكل شرس بعد استخدامه للأسلحة المحرمة دولياً، إلا أن نور الدين كان يحرص على إخلاء الجرحى وإيصالهم إلى مدينة هيت لمعالجتهم والعودة إلى أرض المعركة، بعد اصطحابه المؤن والمساعدات الغذائية والطبية والأسلحة، فكان دوره فعالاً في نصرة مجاهدي الفلوجة، وما أن انتهت المعركة بسقوط المدينة أسيرة بيد الصليبين حتى عاد أبو نور الدين ليبني مجداً آخر في هضاب المنطقة الغربية ومدنها التي تحولت إلى جحيم على الغزاة ثأراً لشهداء الفلوجة وسائر شهداء أرض السواد..

لن ينسى أبناء مدينة هيت مشهد ارتقاءه سيارة دفع رباعي غنمها في كمين مع إخوته في الجهاد، كانت من ضمن رتل تابع للموساد الإسرائيلي، حيث قاموا بتدمير وإحراق عجلتين مصفحتين، وغنم الثالثة، بعد قتلهم لجميع من كان بداخل هذه الآليات الثلاثة من عناصر الموساد الصهيوني، فكان، تقبله الله، يلوح من فوق السيارة لأبناء المدينة بيديه، مهنئاً إياهم، ومهنئين إياه على نصر الله وتمكينه لجنوده في أرض الأمجاد هيت..

كما لن ينسى المحتل، وكيف له أن ينسى، في يوم مهزلة الانتخابات، حينما استهدف أبو نور الدين بهاون صغير دورية راجلة لقوات الاحتلال الأميركي وسط الطريق وأمام أنظار أبناء المدينة ما أدى إلى حالة من الذهول عند جنود الاحتلال الذين هربوا مذعورين تاركين جثث قتلاهم وسط الطريق ليسارع أبو نور الدين إلى غنم سلاح وتجهيزات أحد الجنود القتلى وينسحب بأمان، ليصبح ذلك السلاح أحب الأسلحة إليه في معاركه اللاحقة.

وفي إحدى المعارك الشرسة مع قوات الاحتلال والتي استمرت لثلاثة أيام متتالية كان لأبو نور الدين ورفقاء جهاده دور في اصطياد ثمانية من جنود الاحتلال تم قتلهم في شوارع المدينة، وتحديداً قرب جسر المدينة الرئيس، إلى جانب الاشتباك بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة مع قطعات أخرى في أحياء مختلفة من المدينة، وأن نسى الغزاة كل هذه البطولات، فهل سينسون صولة جند الله الميامين عليهم في حي المعلمين التي تلقى فيها المحتل درساً في فن حرب الشوارع على يد أساتذة الحرب والجهاد شباب هيت من صناديد نور الدين وبقية الفصائل الجهادية.. ففي تلك المواجهات الدامية مارس أبو نور الدين هوايته المفضلة في اصطياد الآليات وتجمعات العدو بالهاون المحبب إلى نفسه، حتى أن التأريخ سجل ووثق دقة أصابته لهمر أميركي سقطت قذيفة هاونه على رأس برجها الدوار فحولها مع من فيها إلى ركام، فيما أخذ يقتنص تجمعاتهم في البساتين والأحراش ويطاردهم بقذائفه من منطقة لأخرى، فيما تكفل رفيق جهاده (أبو علي)، تقبله الله، بإسقاط مروحيتين للغزاة من نوع أباتشي بعد استهدفه لهما بسلاح (بي كي سي) من على ظهر تلة في منطقة (الولاية)، بل أن الرامي الجالس على حافة إحدى الطائرتين والممسك بسلاحه ليستهدف أبناء المدينة جعله (أبو علي) يخر إلى الأرض من ارتفاع شاهق بعد أن أصابه ودمر مقعده الذي كان يجلس عليه ليسقط وتتلقفه إحدى نخلات الضفة الأخرى لنهر الفرات، ولتتبعه بعد ذلك الطائرة مع من فيها لتبتلعها أرض هيت وتحولها إلى أثر بعد عين، في حين سقطت الثانية فوق بعض الخرائب والدور المهجورة في أطراف المدينة، الأمر الذي اضطر القوات الصليبية للانسحاب ومغادرة المدينة وهي تجر أذيال الخيبة والخسران، لتحتفل المدينة بأسرها بنصر الله العظيم الذي رزقه لأبنائها، نصر شارك الجميع في حصاده، بعدما حرص أبناء المدينة من غير المحاربين على توفير الأسلحة والدعم المادي والمعنوي، بل وأكثر من ذلك حينما تكفلت حفيدات الخنساء من نسوة المدينة بإعداد الطعام وتوزيعه على المجاهدين ومعالجة الجرحى وتضميد جراحهم وإيوائهم في بيوتهن خوفاً وحرصاً عليهم من أن ينالهم أذى وشر قوات الاحتلال وعملائهم من القوات الحكومية التي كانت برفقتهم..

بعد هذه الغزوات الجهادية المباركة اضطرت قوات الاحتلال وتحت وقع ضربات المجاهدين وقطعهم للطرق الرئيسية إلى احتلال مركز شباب المدينة الذي يقع على مقربة من الحي الصناعي، عند مفرق الطرق جنوب المدينة، ودفعت بقوات هائلة لتتمكن من تحقيق هدفها ذاك، وزحفت بعد ذلك إلى مقر معهد المعلمين لتجعله مقراً آخر لها، لعلها تتمكن من مسك زمام الأمور بعدما تردى حالها لأبعد الحدود، نتيجة عنف الهجمات التي تتعرض لها أرتالها وشدتها، لتبدأ بعد ذلك صفحة أخرى من الجهاد توجب التعامل بطريقة أخرى مع المحتل كونه أستقر وقتذاك وسط المواطنين في محاولة من المحتل للعثور على درع بشري يقيه ضربات أبطال الجهاد!

كان على الفصائل الجهادية حينها ومن بينهم نور الدين ورفاقه التعامل مع الوضع الجديد بصورة حذرة، حتى لا يتكرر سيناريو الفلوجة ويتخذ المحتل المجاهدين ذريعة ومبرراً لارتكاب فظائع ومجازر من تلك التي ارتكبها في الفلوجة في معركتها الثانية، خصوصاًَ وأن هيت مدينة صغيرة لا تحتمل المناورة وفتح جبهات عدة، على العكس من الحال الذي كانت عليه الفلوجة، فتوجب على أسود التوحيد التعامل بطريقة مغايرة مع المحتل وبأسلوب قتالي جديد حفاظاً على أرواح المسلمين من أبناء هذه المدينة الباسلة، فقررت الفصائل الجهادية العاملة في المدينة التشاور في الموضوع واجتمع قادة وأمراء الفصائل الجهادية للتباحث، فضم ذلك الاجتماع ممثلين عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، الممثل اليوم بدولة العراق الإسلامية، وجماعة أنصار الإسلام، وجيش المجاهدين، فضلاً عن كتائب الأهوال التي كان يتزعمها أبو نور الدين، تقبله الله، فأتفق ممثلو الفصائل الجهادية أعلاه على منح المحتل مهلة لمغادرة المدينة، وإلا فأنهم سيجعلون من هيت مقبرة لعلوجه الغزاة، فلما لم يمتثل المحتل، قرر المجاهدون توجيه ضربة قاصمة تبدأ أولاً بقذائف الهاون والصواريخ بعد أستمكان المواقع جيداً، وفي ساعة الصفر انقضت الأسود على فريستها، لتمطر سماء هيت وبالاً على المحتل، وحمماً لا يزال يتذكر فداحة خسائرها المحتل لغاية الساعة، فيما كان للأسد الهصور أبو نور الدين تسع ضربات موجعة نفذها بهاونه، جاءت جميعها، كالعادة، في صلب الهدف، فكانت بداية الغزوة مهلكة لحمقى الصلبان، ولغربان الشر المجوس الذين كانوا يشاركونهم ويقاسمونهم الموت والهلاك، وفي الأيام التالية لهذه الغزوة دخل القناصة ومفارز العبوات الناسفة على خط المواجهة لتنفيذ المرحلة الثانية منها، حيث كان جنود الرحمن يستدرجون المحتل إلى خارج قاعدتيه تلك ليقوموا بالقصاص منهم على طريقتهم الخاصة، مع مراعاة تجنيب المواطنين من أبناء المدينة لخطر مثل هذه العمليات قدر المكان، وهو ما حدث بالفعل، فقد كان المحتل يتكبد الخسائر الكبيرة والقاسية في الأرواح وفي المعدات في وقت كانت خسائر أبناء المدينة البشرية لا تكاد تذكر، بفضل من الله، وحرص إخوة الجهاد على أرواح المسلمين.

في تلك الأثناء كان أبو نور الدين، تقبله الله، يصول كالأسد الضرغام في شوارع هيت يذيق المحتل صنوف العذاب، بعدما طلق الدنيا الفانية، بعزها ولهوها وجمالها، مفضلاً عليها رضا الله عنه ورضا رسوله، وطامعاً بالجنان التي أعدت للمجاهدين في سبيل الله ولمن ناصر هذا الدين العظيم، ولم تتمكن جموع الصلبان منه، رغم تخصيصها المبالغ الخيالية لمن يدلي بأية معلومة عنه، فقد ظل كالنهر الجارف يفيض جهاداً، ولا غنى لإخوته عنه في ميدان القتال، حتى أنه يوماً أفتدى إخوته المجاهدين بنفسه ليوقف زحف المحتل نحو رفاقه برشاشه في مشهد بطولي، لا تقوى حتى أفلام هوليوود عن صناعة نموذج منه، ففي إحدى المرات وأثناء مرافقة نور الدين لمفرزة الهاون التي كانت تحاول استهداف قاعدة المحتل فوجئوا بوجود كمين مسلح لهم، فقام رامي القاذفة باستهداف أحدى آليات الكمين، إلا أن الصاروخ أخطأ الصليبيين، فتقدم عناصر الكمين من الصلبان مع آلياتهم باتجاه مفرزة الجهاد وأصبحوا وجهاً لوجه معهم، فطالب نور الدين زملائه بالانسحاب، خصوصاً بعد مقتل عدد من رفاقه بنيران الملحدين المحتلين، فيما تولى هو مشاغلتهم بسلاحه لوحده، ما جعل أفراد الكمين يتوقفون عن مهاجمة المفرزة، بل وأضطر الجنود المعتلين أبراج الآليات لترك أسلحتهم والتخفي داخل آلياتهم المحصنة، حتى تمكن بقية زملائه من الانسحاب بأمان، وليلحقهم هو في ما بعد، في وقت تسمر أحفاد القردة والخنازير في مكانهم، رعباً وخوفاً من غزارة الرصاص، الذي انهمر عليهم من سلاح أبو نور الدين، وحاولت قوات الاحتلال تعقّبهم بعدما ألتحق بكمين الاحتلال قوات إسناد أخرى، فلجأ قنديل هيت وسراجها المنير أبو نور الدين وإخوة جهاده إلى نهر الفرات ليتخفوا بين نباتات القصب والبردي لمدة ثلاثة أيام، كانت فيها تلك القوات تحاصرهم من كل مكان مدعومة بالطائرات، وفي الليلة الثالثة للحصار، وبعد أن ألقى الليل بأستاره على المكان قاد الفارس رفاقه لعبور نهر الفرات سباحة نحو الضفة الأخرى، وليخرجوا سالمين، رغم مرورهم من بين آليات المحتل، التي كانت تطوق المكان وتحاصرهم فيه، دون أن يشعر بهم كلاب الصلبان، فنجا بقية أفراد مفرزة الهاون بفضل الله وشجاعة وبأس وحنكة وقيادة أبو نور الدين..

كان أبو نور الدين يتوقع أن يطاله رصاص المحتل في أية لحظة، بل كان يعيش مع الموت ولا يكاد هاجسه يفارقه، فهو يدرك أن من سلك هذا الطريق ودخل معترك الجهاد وميدان الوغى لابد أن يؤول الحال به إما إلى نصر يقر به عيون أمة الإسلام، أو شهادة يُقرّ بها عين المجاهد الذي باع نفسه لله، في تجارة ما كان لها أن تبور والبائع فيها أخلص لله النية، والشاري فيها رب العزة والبرية..

كان يحمل صور طفليه في هاتفه الجوال، فحرص من فرط حبه لهما أن يضع في واجهة الهاتف صورة طفله البكر يوم، ويوم لطفله الصغير الثاني، حتى أن أحد أحبته ورفاق درب جهاده ممن كان يتزعم فصيل جهادي آخر سأله، في جلسة ضمتهما ذات يوم في أعقاب صلاة الجمعة، عن الغاية من ذلك، فأكد له أن يُقسّم الأيام بينهما من فرط حبه وتعلقه بهما، ويحتسب فراقهم الأبدي، الذي كان يتوقعه، لله عز وجل، وكم كان يؤلمه أنه يوماً مفارقهم، لكن تلك هي سنة الجهاد أن يفوق حب الله وحب رسوله ونصرة دين الله حب الأبناء والآباء والأمهات.

كان الليث الهمام أبو نور الدين، في آخر أيام جهاده يشعر بدنو أجله، وقرب التحاقه بالرفيق الأعلى، ففي تلك الجلسة ذاتها التي جمعته برفيق جهاده، وحينما هم بالمغادرة عانق أخاه في درب الجهاد بحرارة، ولما استغرب صاحبه المقرب من ذلك العناق الحار أبلغه أبو نور الدين أنه يشعر بأنه يراه للمرة الأخيرة، وأنه لن يعيش حتى الجمعة القادمة، وأنه يكاد يشم ريح الجنة ومسكها وعطرها، فانهالت الدموع من الطرفين، سائلين الله الثبات لبعضهما البعض..

وما هي إلا أيام قد مضت وقبل أن يعلن الأسبوع انقضاء أيامه السبعة، وقبل أن تصل تلك الجمعة التي تيقن أنه لن يدركها، أزفت الساعة التي كان ينتظرها أبو نور الدين على أحر من الجمر، ساعة الصدق مع الله والثبات حتى لفظ آخر الأنفاس في هذه الحياة الفانية، ساعة تسلم وسام الشرف الرفيع، ونيل شهادة لا تعدلها كنوز الأرض جمعاء، وحان موعد الفراق، فراق الأحبة، إخوة جهاد أبو نور الدين وصحبه، الذين كان لهم العين والساعد والقلب النابض بالحياة، واقتربت نهاية الغربة، التي كان يعيشها أبو نور الدين وهو داخل مدينته، فقد كان كثير الابتعاد عن عائلته وعياله، ونادراً ما كان يزورهم، رغم قربه من بيت سكناهم، كي لا يكون صيداً سهلاً للصلبان الأنذال وخونة الديار من العراة الأنجاس، مستأنساً برفقة إخوة جهاده، الذين كانوا أحب إليه من أي شيء في هذه الدنيا، وحانت ساعة مفارقة أم، هي ليست ككل الأمهات، أم حرصت على الدوام أن تكون هي من يعبأ سلاح ولدها بالذخيرة وهي من يجهز له ولإخوته المجاهدين أحزمة الرصاص، بل وهي من يُركب صواريخ الكاتيوشا برفقة وليدها وفلذة كبدها، أمٌ تزوده بقذائف الهاون وتخرج له أنواع الأسلحة من المشجب والمخزن التي كانت مسؤولة عنه، فكان المجاهدون يقصدونها حتى في غياب أبي نور الدين لتزودهم بكافة احتياجاتهم من الأسلحة والعتاد، فكانت خنساء أخرى لهذا الزمان، بل وفاقت أمجادها أمجاد الخنساء..

ففي أحد ليالي ذلك الأسبوع الحزين على أبناء هيت، وبعد صلاة الفجر بقليل، وحينما كان فارس هيت أبو نور الدين في بيت يقع على ضفاف الفرات بصحبة سبعة من المجاهدين، سمع أصوات طائرات تملئ السماء، وآليات تحاصر المكان، فنهض من فراشه على عجل، وطلب من إخوة جهاده إخلاء البيت واللجوء إلى الأحراش والقصب الذي يحيط بالدار للتخفي فيهما، فيما سارع هو لحمل سلاحه الشخصي، ففوجئ بصاروخ يطيح بواجهة الدار، قتل على أثره جميع رفاقه، باستثناء أثنين منهما، اللذين أصيبا بجراح شبه قاتلة، فطلبا منه الانسحاب وتركهما لصعوبة إخلائهما ولخطورة جراحهما، ولكن كيف للأسد أن يتنحى عن عرشه في مثل هذه المواقف التي تظهر فيها معادن الرجال، وتتجسد فيها صور الثبات والبطولة والفداء في أروع وأوج مستوياتها ودرجاتها، فقد رفض أبو نور الدين الانسحاب من أرض المعركة ولا يزال فيها جرحى يستنشقون عبق الحياة، فسارع تحت لهيب النار وأزيز الرصاص إلى حمل الجرحى إلى وسط الأحراش، وسط تكبيراته التي لم تنقطع، وقبل أن يغطيهم بالقصب والحشائش، وعكس ظن الجرحى الذين توقعا أنه سيختبئ معهم، قرر البطل المجاهد الصنديد أبو نور الدين مواجهة الأعداء لوحده، وأن يثأر لأحبته وإخوته الذين سبقوه في نيل الشهادة، فخاطب أحد الجرحى وكان قريباً له، طالباً منه أن يقبل رأس والدته نيابة عنه، وأن يسألها الرضا عنه، والدعاء له ما دامت حية، وأوصاه كذلك تقبيل أطفاله، وأن يضمهم إلى صدره بقوة، كما كان يفعل هو على الدوام، وخاطب قريبه قائلاً: أبلغ أولادي حينما يكبروا أن يفخروا بأبيهم، وأنني ما فارقتهم إلا لأجل ديني، وأن رزقني الله بطفلة فأسموها (جهاد)، فقد كان، ينتظر مولوداً ثالثاً في ساعته تلك.. ثم سأله أن ينقل لزوجته، أم أولاده، أن تصبر وتحتسب، وتسامحه أن قصر بحقها يوماً، وأن كأس المنون الذي فرق بينهما ما كان له أن يتجرعه إلا دفاعاً عنها، وعن أولاده، ووالديه، ومحبيه، وأهله من أبناء أمته، وأوصاه أن يسأل جميع أصدقائه ورفقاء جهاده أن يسامحوه أن قصر بحقهم، قبل أن يودع رفيقي جهاده وداعاً حاراً، تارة بالقبلات، وتارة بالأحضان، فتضرج جسده وملابسه من دماء صحبة جهاده، وليذهب دون أن يلتفت ورائه ناشداً العزة وجنان الرحمن، فراح يلقن المحتلين درساً في الإباء والشموخ والعزة والفداء، فانطلقت الرصاصات من سلاحه لترسم في ذلك الصباح لوحة الخلود الأبدي التي خطها بسلاحه المحبب إلى نفسه، غيمة جهاده، ليرافق صوت الرصاص دوي تكبيراته التي صدحت حتى أعنان السماء، فأستقبل رصاصة أولى، وبدل من أن تسقطه أرضاً دفعته لأن يستل سلاح آخر، بعدما نفذت ذخيرة سلاحه الشخصي الأول، من سيارته التي كانت متوقفة بجوار الدار ليمتشق منها سلاح الـ(بي كي سي) ليكمل رسم لوحة الشهادة مطرزاً إياها بلون الدم القاني، فراح يصوب نيرانه باتجاه الطائرات الأربع التي كانت تحوم فوق المكان، وسط تزايد نبرة تكبيراته وعلو صيحاته التي زلزلت ضفاف الفرات..

استمرت المواجهة التي كانت تحت أنظار رفاقه المصابين، الذين انهمرت دموعهم غزيرة، وهم يرى أميرهم يقابل جيشاً لوحده برصاص يعلم أنه سرعان ما سينفذ، وما هي سوى دقائق حتى خمد صوت الرصاص، وانقطعت التكبيرات، لتنتهي المعركة بالتحاق أسد هيت بقطار الشهداء الذي توقف في محطته ليستقله في رحلة لا ينال تذكرتها إلا خير من مشى على ظهر هذه البسيطة بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم..

ترجل الفارس أبو نور الدين عن صهوة جواده، في تلك الموقعة الخالدة، بعدما أثخن في العدو وقتل أربعة جنود، كما روى شهود العيان، الذين شاهدوا الطائرات المروحية تنقل جثث أربعة كلاب محتلين قتلوا برصاص المجاهد الفذ، الذي كانت ثقوب الرصاص في جسده، والدماء التي سالت على أرض هيت، وسام عز له، وفخار لأبناء هيت، قبل أن يكون لعائلته وأبنائه من بعده..

لقد بكى الشهيد، بإذن الله، أبو نور الدين صغار هيت قبل كبارها، وزغردت لنيله الشهادة، قبل نساء هيت، والدته وزوجته وشقيقاته، اللواتي استقبلن جسده الطاهر بالدعاء أن يتقبل رب الأرباب، سبحانه وتعالى، قربانهم إليه، في وقت توشحت أمه البياض فرحاً وسروراً بنيله ولدها الشهادة.

أما رفاق جهاده فراحوا ينشدون: وداعاً أيها البطل لفقدك تدمع المقل، بقاع الأرض قد ندبت فراقك وأشتكى الطلل، لأن ناءت بنا الأجساد فالأرواح تتصل، ففي الدنيا تلاقينا، وفي الأخرى لنا الأمل، فنسأل ربنا المولى، وفي الأسحار نبتهل، بأن نلقاك في فرح بدار ما بها ملل، بجنات وروضات بها الأنهار والحلل، بها الحور تنادينا بصوت ماله مثل، بها الأحباب قاطبة، كذا الأصحاب والرسل، بها أبطال أمتنا، بها شهدائنا الاُول، فيا من قد سبقت إلى جنان الخلد ترتحل، هنيئاً ما ظفرت به، هنيئاً أيها البطل..

وهكذا طوى الزمن صفحة مشرقة من صفحات تاريخ هذه الأمة الخالدة، أكد فيها رجال الإسلام أن الأمة التي يتسابق فيها أبنائها على نيل الشهادة، فداء ونصرة لهذا الدين، لا يمكن لها أن تموت أو تضمحل، ولا يمكن لها أن توأد أو تنتهي، وكيف لها أن توأد أو تنتهي أو تزول، وكل يوم نشهد فيه ولادة (أبو نور) جديد !؟


عن موقع كتاب من أجل الحرية
 
رد: أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما/حسين المعاضيدي

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين . الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم
 
رد: أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما/حسين المعاضيدي

لقد كان رجلا من رجال هذه الامة المباركة
 
رد: أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما/حسين المعاضيدي

اللهم ارحمة وتقبله واجعل الجنة مثواه والهم اهله الصبر والسلوان .. اللهم امين
 
رد: أبو نور الدين ..ضرغام هيت الذي بكاه الفرات دما/حسين المعاضيدي

انا لله وانا اليه لراجعون ابطال هم
 

المرفقات

  • 943056_501688719887063_1558963868_n.jpg
    943056_501688719887063_1558963868_n.jpg
    34.1 KB · المشاهدات: 76
عودة
أعلى