ملخص كتاب: حلف المصالح المشتركة: التعاملات السرية بين اسرائيل وايران والولايات المتحدة
تأليف: تريتا بارزي
* الناشر: الدار العربية للعلوم - تاريخ النشر: 08/02/2008
تأليف: تريتا بارزي
* الناشر: الدار العربية للعلوم - تاريخ النشر: 08/02/2008
تبقى السياسة بشكل عام مثل جبل الجليد لا يظهر منه على السطح سوى قمته في حين يظل الهول الأكبر منه قابع في الأسفل مهددا بالغرق من جراء الاصطدام به ولعل ما يجري على ساحة الأحداث في الشرق الأوسط سيما ما هو متعلق بالمواجهات الأمريكية الإسرائيلية من جهة وإيران من جهة ثانية يؤكد على صدق نظرية السياسة البراجماتية الضاربة في الجذور الأمريكية وتابعتها إسرائيل في الشرق الأوسط.
في هذا السياق يأتي هذا الكتاب كأول كتاب يفك الغاز العلاقات المعقدة والغامضة غالبا بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
* من هو تريتا بارزي صاحب هذا الكتاب الإشكالي؟
يعد المؤلف الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى كبار صناع السياسة الأمريكيين والإسرائيليين كما انه خبير في السياسة الخارجية الأمريكية ولعل أهم ما يشير إليه المؤلف هو العلاقات الثلاثية المعقدة التي تربط بين هذه الدول الثلاث ويجادل بان أمل أمريكا في إرساء الاستقرار بالعراق والتوصل إلى سلام لا جدوى منه بدون فهم المنافسة الإسرائيلية الإيرانية على الوجه الصحي.
يقع الكتاب في نحو أربعمائة صفحة من القطع الكبير ويقسم إلى ثلاثة أقسام موزعة في عشرين فصل يتناول الأول منها حقبة الحرب الباردة والثاني الحقبة أحادية القطب فيما الثالث فشانه الحديث والتطلع عن المستقبل.
* من طهران إلى تل أبيب.. علاقات قديمة :
تحت عنوان " تحالف أملته الضرورة يتحدث بارزي عن العلاقات السرية الإسرائيلية الإيرانية ذلك انه منذ ولادة دولة إسرائيل واجهت إيران مأزقا ميز تعاملاتها مع الدولة اليهودية منذ ذلك الحين فقد أدرك الشاه أن إقامة دولة ليست عربية موالية للغرب في الشرق الأوسط يمكن أن يعزز امن إيران عبر لفت انتباه الدول العربية وتخصيص مواردها وهي الدولة التقليدية المنافسة لإيران في المنطقة لكن لو أراد الشاه الاعتراف رسميا بإسرائيل أو دعم إنشائها علنا فسيصب جزء من جام غضب العرب على إيران ولذلك توجب على إيران سلوك مسارين العداء المكشوف والتحالف المكشوف وعلى مدى العقود الثلاثة التي تلت ذلك تعامل الشاه مع هذا العمل الموازن بمهارة فائقة.
كان إحساس الشاه هو أن الإيرانيين شبه محاصرين بالعرب والعرب يتبنون دائما سياسات معادية لإيران ولهذا ففي أواخر الخمسينات تبلور اتفاق تفاهمي إسرائيلي إيراني عززه توطيد العلاقات المصرية السوفيتية وبروز عبد الناصر كزعيم للجماهير العربية بعد حرب السويس في العام 1956. ومن جهته لعب بن جوريون على أوتار المخاوف من انتشار الشيوعية ولذلك طلب من الرئيس ايزنهاور دعم حلف إيراني تركي إثيوبي للوقوف بقوة في وجه التوسع السوفيتي عبر الوكيل المصري عبد الناصر وقد تجاوز التوافق بين إيران وإسرائيل حدود التهديدات المشتركة التي يشعران بها فالنمو الاقتصادي المذهل لإسرائيل ورفض العرب بيع نفطهم لإسرائيل جعلا تل أبيب في أمس الحاجة إلى سلعة تملك إيران الكثير منها وهكذا جرى النفط الإيراني في الأنابيب الإسرائيلية.
ومن الأسباب التي عززت تلك العلاقة وجود جالية يهودية كبيرة في إيران تتلهف إسرائيل لانتقالها للدولة العبرية كما كانت طهران على استعداد لتوفير ممر امن لليهود العراقيين للوصول إلى إسرائيل أيضا وبدورها طمعت إيران في نفوذ إسرائيل في واشنطن وكانت في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة من اجل نموها الاقتصادي.
وقد شكلت الزيارة التي قام بها بن جوريون لإيران في العام 1961 سابقة في البروتوكول السري فقد أبقيت الزيارة سرا، واتبعت الرحلات المتتالية التي قام بها رؤساء الوزراء الإسرائيليون لإيران البروتوكول نفسه. وباختصار القول فقد نجحت إيران طوال ثلاثة عقود في الحفاظ بتحالف جيوسياسي مع دولة تمنحها اعترافا رسميا وعلى السماح بتواجد إسرائيلي كبير في طهران بدون الاعتراف ببعثتهم كسفارة.
والشاهد أن الشاه قد تعلم بالطريقة الصعبة كيف أن المعرفة العلنية بتعاملاته مع إسرائيل تضر بالمصلحة الاستراتيجية وعليه فقد بقيت القنوات السرية فعالة ووصلت إلى حد التجسس على مصر والعراق وبقية الدول العربية وغير خاف على احد كيف أمدت إيران إسرائيل بالنفط في حرب أكتوبر من عام 1973 عندما امتنع العالم العربي كله عن ذلك.
* إسرائيل والتعاون مع آيات الله :
في أعقاب عودة آية الله روح الله الخوميني إلى إيران وسقوط دولة الشاه بدا على السطح خسارة استراتيجية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل غير أن القنوات السرية كانت لا تزال تعمل ويبدو أنها مستمرة والعهدة على الراوي " تريتا بارزي " ففي فصل يحمل عنوان " تحولات أيديولوجية، واستمراريات جيوسياسية " يوضح كيف أن وحدة الهدف الفارسية الإسرائيلية تتجاوز الخصومات إذا كان الهدف تحطيم قوة العرب.
ففي مستهل العام 1980 أي بعد شهور على اندلاع أزمة الرهائن قام احمد كاشاني النجل الأصغر لأية الله العظمى أبو القاسم كاشاني بزيارة إسرائيل لمناقشة مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري ضد البرنامج النووي العراقي في اوزيراك.
وقد أثمرت رحلته عن موافقة بيجن على شحن إطارات لطائرات الفانتوم المقاتلة إضافة إلى شحن أسلحة إلى الجيش الإيراني وقد جاء قرار بيجن متناقضا تماما مع مصلحة الولايات المتحدة وسياسة واشنطن الصريحة القائمة على فرض العزلة على إيران لتامين تحرير الرهائن الأمريكيين.
وعلى الجانب الأخر كان الخميني يسمح لعدد كبير من اليهود الإيرانيين بمغادرة إيران وقد عبر الآلاف منهم نحو باكستان باستخدام الحافلات ومن هناك جرى نقلهم بواسطة الطائرات إلى استراليا حيث سمح لهم بالهجرة إلى الولايات المتحدة أو إلى إسرائيل. واستنادا إلى محمد رضا أمين زاده وهو مسئول إيراني فر من البلاد في العام 1985 أجرى عقيد في الجيش الإسرائيلي اسمه يوري المفاوضات على الصفقة والذي زار إيران في مستهل العام 1980.
كشف استعداد إيران للتعامل مع إسرائيل كيف أن المآزق التي كانت تعاني منها طهران حدت من قدرتها على متابعة أهدافها الأيديولوجية. خلال هذه المرحلة المبكرة اظهر الثوريون ميلا إلى وضع الأيديولوجية جانبا لتقديم أمنهم ومصالحهم الخاصة، في لحظة معينة قام احد المقربين من آية الله الخميني بأخباره بان هناك شحنة كبيرة من الأسلحة تفكر إيران في شرائها ومصدرها إسرائيل،سعى هذا الشخص إلى الحصول على موافقة أية الله الخميني على المضي قدما في صفقة الشراء وسال آية الله الخميني أن كان من الضروري مناقشة مصدر الأسلحة والاستعلام عنه عند القيام بعملية الشراء فأجاب ذلك الشخص بالنفي فرد عليه آية الله الخميني بهدوء " إذا نحن لا نبالي ".
* طهران وازدواجية الخطاب :
بدا واضحا بشكل متزايد فيما بعد أن خطاب إيران المعادي لإسرائيل لا يتطابق مع سياستها الفعلية ففي الوقت الذي كانت إيران تتعامل فيه سرا مع الحكومة الإسرائيلية كانت تدين علنا الدولة اليهودية وتشكك في حقها في الوجود على سبيل المثال دعا وزير الخارجية الإيراني في 14 أغسطس آب 1980 إلى وقف مبيعات النفط إلى الدول التي تدعم إسرائيل وبعد صخب كبير لم يتم تنفيذ ذلك التهديد وقد بدا واضحا انه بعد أن تولى الثوريون السلطة تصرفوا بناء على مبادئ مختلفة.
أحدى الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للحكومة الثورية كانت " المعارضة الخطابية لإسرائيل والتعاون العملي مع الدولة اليهودية ".
ومن الواضح أن الترتيبات لم تكن مثالية بالنسبة إلى إسرائيل لكن منطق المبدأ المحيطي أرغم إسرائيل على التودد إلى الإيرانيين فتصاعد شعبية الرئيس المصري أنور السادات في الولايات المتحدة وعلاقات بيجن الخاصة المجمدة مع كارتر عقدا الخيارات الاستراتيجية الإسرائيلية فإذا كان التقارب الأمريكي العربي بعد كامب ديفيد سيتعزز أكثر فان حاجة إسرائيل إلى ثقل موازن إقليمي للعرب ـ إيران ـ سيزداد تبعا لذلك ومن هنا كان من الضروري إبقاء الأبواب مفتوحة للفوز بإيران مجددا.
ويعلق غاري سيك الذي خدم في مجلس الأمن القومي الأمريكي في ذلك الوقت على ذلك بالقول " من منظور إسرائيلي كانت تلك خطة استراتيجية بعيدة المدى كانت تلك السياسة المحيطية كانوا يحاولون تكرار التجربة الإثيوبية مع إيران لكن في 22 سبتمبر 1980 تحققت تكهنات الشاه بان صدام حسين سيهاجم إيران عندما يعطي الفرصة بعد خمس سنين فقط من التوقيع على اتفاقية الجزائر وبدلا من أن تجد إسرائيل نفسها أكثر اعتمادا على إيران كانت طهران هي التي وجدت نفسها فجأة في حاجة ماسة إلى قدرة إسرائيل على الحصول على الأسلحة الأمريكية.
* تعاون عسكري في مواجهة بغداد :
بعد مرور ثلاثة أيام على دخول القوات العراقية الأراضي الإيرانية قطع موشي دايان زيارة خاصة كان يقوم بها إلى فيينا لعقد مؤتمر صحفي لحث الولايات المتحدة ـ في غمرة أزمة الرهائن ـ على نسيان الماضي ومساعدة إيران على مواصلة دفاعها عن نفسها.
بعد ذلك بيومين قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي موردخاي زيبوري لصحيفة معاريف الإسرائيلية بان إسرائيل ستقدم مساعدات عسكرية لإيران في حال غيرت موقفها ألعدائي من الدولة اليهودية وهذا ما جرى بالفعل... وكانت النتيجة أن تم عقد لقاء جمع بين مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين لإبرام صفقة أسلحة وهناك ناقش العقيد الإسرائيلي بن يوسف ونظيره الإيراني العقيد زارابي مدير المجمع الصناعي العسكري بإيران اقتراحات كثيرة منها اتفاق يسمح لتقنيين إسرائيليين بتدريب الجيش الإيراني على تعديل العتاد الحربي أمريكي الصنع بحيث يلائم قطع غيار إسرائيلية الصنع وفي واشنطن حث السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة افراييم ايفرون وزير الخارجية الأمريكي ادموند موسكي على تليين موقف إدارة كارتر من مبيعات الأسلحة إلى طهران مع نقل هواجس تل أبيب من مضامين الانتصار العراقي.
وعلى العكس من رغبات واشنطن تراجع بيجن عن الوعد الذي قطعه لكارتر واستأنف مبيعات الأسلحة وقطع الغيار لإيران وإثناء اللقاء الأخير بين كارتر وبيجن الذي انعقد في 13 -11-1980 أعاد بيجن التأكيد على مصلحة إسرائيل في استئناف العلاقات مع إيران.
ويجمل البروفيسور " ديفيد مناشري " من جامعة تل أبيب والخبير الأول في الشؤون الإيرانية بإسرائيل مشهد الميل الإسرائيلي لإيران بالقول " طوال فترة الثمانينات لم يقل احد في إسرائيل شيئا عن وجود خطر إيراني لم يتفوه احد حتى بهذه الكلمة " كان الهدف الإسرائيلي حتمية هزيمة جيش صدام حسين وبالاحرى الخلاص من جيش عربي يزيد حجمه بمقدار أربعة أضعاف عن حجم الجيش الإسرائيلي.
* إيران تعرض وواشنطن ترفض :
في 9 ابريل نيسان 2003 سقط نظام صدام وشعرت إيران بان الأيادي الأمريكية تمتد إليها لهذا بادر الإيرانيون بإعداد اقتراح شامل بين حدود صفقة ضخمة محتملة بين البلدين تعالج كافة نقاط النزاع بينهما حملها إلى واشنطن " تيم غالديمان " السفير السويسري القائم بالأعمال الأمريكية أذهل الاقتراح الأمريكيين سيما وانه حصل على موافقة المرشد الأعلى للثورة خامنئي،
يقول " فينت ليفريت " المدير الرفيع لشؤون الشرق الأوسط لدى مجلس الأمن القومي اعترف الإيرانيون بان أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب قضايا قابلة للتفاوض كما عرضوا وقف دعمهم لحماس والجهاد ودعم عملية نزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي وفي الموضوع النووي عرض الاقتراح فتح البرنامج النووي الإيراني بالكامل أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيدة من اجل إزالة آية مخاوف من برامج التسلح الإيرانية إضافة إلى استعداد إيران لتوقيع البروتوكول الخاص بمعاهدة عدم الانتشار كما عرضت إيران التعاون الكامل في مواجهة المنظمات الإرهابية فيما البند الأكثر إثارة هو قبولها بإعلان بيروت الصادر عن القمة العربية أي خطة السلام التي أعلنها ولي العهد السعودي عام 2002 في بيروت.
وفي المقابل كان للإيرانيين مطالب تكتيكية مثل تسلم أعضاء من المنظمة الإرهابية ـ بحسب المؤلف ـ الإيرانية العاملة في العراق منظمة مجاهدي خلق في مقابل تسليم ناشطين من القاعدة تحتجزهم إيران أما المطالب الاستراتيجية فقد أراد الإيرانيون التوصل إلى تفاهم على المدى الطويل مع الولايات المتحدة عبر وقف كافة التصرفات المعادية التي تقوم بها أمريكا مثل خطاب محور الشر والتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية وإنهاء كافة العقوبات الأمريكية واحترام المصالح القومية الإيرانية بالعراق ودعم مطالب الإيرانيين بالحصول على تعويضات عن الحرب واحترام حق إيران بالحصول غير المقيد على التكنولوجيا النووية والبيولوجية والكيميائية وأخيرا الاعتراف بالمصالح الأمنية الإيرانية المشروعة في المنطق كما أوضحت الوثيقة الإجراءات الخاصة بالتفاوض المتدرج إلى حين التوصل إلى اتفاقية تكون مقبولة لدى الطرفين.
والتساؤل كيف جاء الرد الأمريكي؟ واقع الحال انه لم يقتصر على رفض العرض الإيراني فقط بل وجهت واشنطن لوما وتقريعا بالغا للسفير السويسري باعتباره تجاوز حدود التفويض الدبلوماسي.
والشاهد أن الكتاب ملئ بالمناورات والأسرار والعلاقات الخفية بين مثلث واشنطن ـ طهران ـ تل أبيب سيما وان كل منهم تسعى للسيطرة على المنطقة الشرق أوسطية ما يستدعي تساؤل ماذا عن المستقبل؟
* بين طموحات إيران وأهداف إسرائيل :
الإجابة بحسب " تريتا بارزي " أن التصادم بين طموحات إيران الإقليمية وإصرار إسرائيل على الهيمنة الاستراتيجية سيبقى سببا لزعزعة الاستقرار والأضرار بصالح واشنطن في المنطقة ما لم تعترف أمريكا بأنه لا يمكن إرساء الاستقرار ولا الديمقراطية بدون إنهاء لعبة الموازنة والسعي بصدق إلى بناء شرق أوسط يكامل بين التطلعات المشروعة للدول كافة بما في ذلك إيران لكن إدارة بوش لا تزال مصرة لغاية الآن على مقاومة مثل هذا التحول.
غير انه في مرحلة ما على الطريق سيعتري أمريكا ضعف شديد بسبب إخفاقها في العراق لدرجة أن المنافسة الإسرائيلية الإيرانية ستطغي على المخاوف التي تساور واشنطن من أن إيران ستنجح في تحدي هيمنتها ففي خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه بوش في 10 يناير 2007 اتهم إيران بزعزعة استقرار العراق ودعم الميلشيات الشيعة وبدافع من رغبة جامحة للمحافظة على هيمنة أمريكا على المنطقة أشار بوش إلى انه ستتم مواجهة إيران وفرض مزيد من العزلة عليها من قبل الولايات المتحدة عبر تشكيل تحالف مناؤى لإيران يتألف من الدول العربية وإسرائيل بمعنى أن سياسة توازن القوى ستبقى الدليل الذي يوجه أمريكا.
ولعل أفضل من عبر عن محتوى هذا الكتاب كان مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زيجينو بريجنسكي والذي قال " إن الكتاب دراسة ثاقبة ومثيرة وفي الوقت المناسب تماما تفك الغاز كيفية تلاعب كل من إيران وإسرائيل بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بالرغم من أن العلاقات بين الطرفين تراوحت بين التواطؤ السري والتصادم العلني ".
أما شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلية السابق فيقول عن الكتاب انه شرح رائع لواحد من أكثر الصراعات التي نشهدها اليوم استعصاء في تحليل رصين ومبتكر يكشف عن التلاعب الذي تقوم به كافة الأطراف وبخاصة الإسرائيليين والإيرانيين على الاختلافات الأيديولوجية بغرض إخفاء ما يحتمل أن يكون نزاعا استراتيجيا قابلا للحل ويضيف إن هذه دراسة عن التلاعب بالإيديولوجية والدين في الصراع على الهيمنة على الشرق الأوسط.
وقد شكلت الزيارة التي قام بها بن جوريون لإيران في العام 1961 سابقة في البروتوكول السري فقد أبقيت الزيارة سرا، واتبعت الرحلات المتتالية التي قام بها رؤساء الوزراء الإسرائيليون لإيران البروتوكول نفسه.
وباختصار القول فقد نجحت إيران طوال ثلاثة عقود في الحفاظ بتحالف جيوسياسي مع دولة تمنحها اعترافا رسميا وعلى السماح بتواجد إسرائيلي كبير في طهران بدون الاعتراف ببعثتهم كسفارة.
والشاهد أن الشاه قد تعلم بالطريقة الصعبة كيف أن المعرفة العلنية بتعاملاته مع إسرائيل تضر بالمصلحة الاستراتيجية وعليه فقد بقيت القنوات السرية فعالة ووصلت إلى حد التجسس على مصر والعراق وبقية الدول العربية وغير خاف على احد كيف أمدت إيران إسرائيل بالنفط في حرب أكتوبر من عام 1973 عندما امتنع العالم العربي كله عن ذلك.
عن موقع الرابطة العراقية
في هذا السياق يأتي هذا الكتاب كأول كتاب يفك الغاز العلاقات المعقدة والغامضة غالبا بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
* من هو تريتا بارزي صاحب هذا الكتاب الإشكالي؟
يعد المؤلف الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى كبار صناع السياسة الأمريكيين والإسرائيليين كما انه خبير في السياسة الخارجية الأمريكية ولعل أهم ما يشير إليه المؤلف هو العلاقات الثلاثية المعقدة التي تربط بين هذه الدول الثلاث ويجادل بان أمل أمريكا في إرساء الاستقرار بالعراق والتوصل إلى سلام لا جدوى منه بدون فهم المنافسة الإسرائيلية الإيرانية على الوجه الصحي.
يقع الكتاب في نحو أربعمائة صفحة من القطع الكبير ويقسم إلى ثلاثة أقسام موزعة في عشرين فصل يتناول الأول منها حقبة الحرب الباردة والثاني الحقبة أحادية القطب فيما الثالث فشانه الحديث والتطلع عن المستقبل.
* من طهران إلى تل أبيب.. علاقات قديمة :
تحت عنوان " تحالف أملته الضرورة يتحدث بارزي عن العلاقات السرية الإسرائيلية الإيرانية ذلك انه منذ ولادة دولة إسرائيل واجهت إيران مأزقا ميز تعاملاتها مع الدولة اليهودية منذ ذلك الحين فقد أدرك الشاه أن إقامة دولة ليست عربية موالية للغرب في الشرق الأوسط يمكن أن يعزز امن إيران عبر لفت انتباه الدول العربية وتخصيص مواردها وهي الدولة التقليدية المنافسة لإيران في المنطقة لكن لو أراد الشاه الاعتراف رسميا بإسرائيل أو دعم إنشائها علنا فسيصب جزء من جام غضب العرب على إيران ولذلك توجب على إيران سلوك مسارين العداء المكشوف والتحالف المكشوف وعلى مدى العقود الثلاثة التي تلت ذلك تعامل الشاه مع هذا العمل الموازن بمهارة فائقة.
كان إحساس الشاه هو أن الإيرانيين شبه محاصرين بالعرب والعرب يتبنون دائما سياسات معادية لإيران ولهذا ففي أواخر الخمسينات تبلور اتفاق تفاهمي إسرائيلي إيراني عززه توطيد العلاقات المصرية السوفيتية وبروز عبد الناصر كزعيم للجماهير العربية بعد حرب السويس في العام 1956. ومن جهته لعب بن جوريون على أوتار المخاوف من انتشار الشيوعية ولذلك طلب من الرئيس ايزنهاور دعم حلف إيراني تركي إثيوبي للوقوف بقوة في وجه التوسع السوفيتي عبر الوكيل المصري عبد الناصر وقد تجاوز التوافق بين إيران وإسرائيل حدود التهديدات المشتركة التي يشعران بها فالنمو الاقتصادي المذهل لإسرائيل ورفض العرب بيع نفطهم لإسرائيل جعلا تل أبيب في أمس الحاجة إلى سلعة تملك إيران الكثير منها وهكذا جرى النفط الإيراني في الأنابيب الإسرائيلية.
ومن الأسباب التي عززت تلك العلاقة وجود جالية يهودية كبيرة في إيران تتلهف إسرائيل لانتقالها للدولة العبرية كما كانت طهران على استعداد لتوفير ممر امن لليهود العراقيين للوصول إلى إسرائيل أيضا وبدورها طمعت إيران في نفوذ إسرائيل في واشنطن وكانت في أمس الحاجة إلى التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة من اجل نموها الاقتصادي.
وقد شكلت الزيارة التي قام بها بن جوريون لإيران في العام 1961 سابقة في البروتوكول السري فقد أبقيت الزيارة سرا، واتبعت الرحلات المتتالية التي قام بها رؤساء الوزراء الإسرائيليون لإيران البروتوكول نفسه. وباختصار القول فقد نجحت إيران طوال ثلاثة عقود في الحفاظ بتحالف جيوسياسي مع دولة تمنحها اعترافا رسميا وعلى السماح بتواجد إسرائيلي كبير في طهران بدون الاعتراف ببعثتهم كسفارة.
والشاهد أن الشاه قد تعلم بالطريقة الصعبة كيف أن المعرفة العلنية بتعاملاته مع إسرائيل تضر بالمصلحة الاستراتيجية وعليه فقد بقيت القنوات السرية فعالة ووصلت إلى حد التجسس على مصر والعراق وبقية الدول العربية وغير خاف على احد كيف أمدت إيران إسرائيل بالنفط في حرب أكتوبر من عام 1973 عندما امتنع العالم العربي كله عن ذلك.
* إسرائيل والتعاون مع آيات الله :
في أعقاب عودة آية الله روح الله الخوميني إلى إيران وسقوط دولة الشاه بدا على السطح خسارة استراتيجية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل غير أن القنوات السرية كانت لا تزال تعمل ويبدو أنها مستمرة والعهدة على الراوي " تريتا بارزي " ففي فصل يحمل عنوان " تحولات أيديولوجية، واستمراريات جيوسياسية " يوضح كيف أن وحدة الهدف الفارسية الإسرائيلية تتجاوز الخصومات إذا كان الهدف تحطيم قوة العرب.
ففي مستهل العام 1980 أي بعد شهور على اندلاع أزمة الرهائن قام احمد كاشاني النجل الأصغر لأية الله العظمى أبو القاسم كاشاني بزيارة إسرائيل لمناقشة مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري ضد البرنامج النووي العراقي في اوزيراك.
وقد أثمرت رحلته عن موافقة بيجن على شحن إطارات لطائرات الفانتوم المقاتلة إضافة إلى شحن أسلحة إلى الجيش الإيراني وقد جاء قرار بيجن متناقضا تماما مع مصلحة الولايات المتحدة وسياسة واشنطن الصريحة القائمة على فرض العزلة على إيران لتامين تحرير الرهائن الأمريكيين.
وعلى الجانب الأخر كان الخميني يسمح لعدد كبير من اليهود الإيرانيين بمغادرة إيران وقد عبر الآلاف منهم نحو باكستان باستخدام الحافلات ومن هناك جرى نقلهم بواسطة الطائرات إلى استراليا حيث سمح لهم بالهجرة إلى الولايات المتحدة أو إلى إسرائيل. واستنادا إلى محمد رضا أمين زاده وهو مسئول إيراني فر من البلاد في العام 1985 أجرى عقيد في الجيش الإسرائيلي اسمه يوري المفاوضات على الصفقة والذي زار إيران في مستهل العام 1980.
كشف استعداد إيران للتعامل مع إسرائيل كيف أن المآزق التي كانت تعاني منها طهران حدت من قدرتها على متابعة أهدافها الأيديولوجية. خلال هذه المرحلة المبكرة اظهر الثوريون ميلا إلى وضع الأيديولوجية جانبا لتقديم أمنهم ومصالحهم الخاصة، في لحظة معينة قام احد المقربين من آية الله الخميني بأخباره بان هناك شحنة كبيرة من الأسلحة تفكر إيران في شرائها ومصدرها إسرائيل،سعى هذا الشخص إلى الحصول على موافقة أية الله الخميني على المضي قدما في صفقة الشراء وسال آية الله الخميني أن كان من الضروري مناقشة مصدر الأسلحة والاستعلام عنه عند القيام بعملية الشراء فأجاب ذلك الشخص بالنفي فرد عليه آية الله الخميني بهدوء " إذا نحن لا نبالي ".
* طهران وازدواجية الخطاب :
بدا واضحا بشكل متزايد فيما بعد أن خطاب إيران المعادي لإسرائيل لا يتطابق مع سياستها الفعلية ففي الوقت الذي كانت إيران تتعامل فيه سرا مع الحكومة الإسرائيلية كانت تدين علنا الدولة اليهودية وتشكك في حقها في الوجود على سبيل المثال دعا وزير الخارجية الإيراني في 14 أغسطس آب 1980 إلى وقف مبيعات النفط إلى الدول التي تدعم إسرائيل وبعد صخب كبير لم يتم تنفيذ ذلك التهديد وقد بدا واضحا انه بعد أن تولى الثوريون السلطة تصرفوا بناء على مبادئ مختلفة.
أحدى الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للحكومة الثورية كانت " المعارضة الخطابية لإسرائيل والتعاون العملي مع الدولة اليهودية ".
ومن الواضح أن الترتيبات لم تكن مثالية بالنسبة إلى إسرائيل لكن منطق المبدأ المحيطي أرغم إسرائيل على التودد إلى الإيرانيين فتصاعد شعبية الرئيس المصري أنور السادات في الولايات المتحدة وعلاقات بيجن الخاصة المجمدة مع كارتر عقدا الخيارات الاستراتيجية الإسرائيلية فإذا كان التقارب الأمريكي العربي بعد كامب ديفيد سيتعزز أكثر فان حاجة إسرائيل إلى ثقل موازن إقليمي للعرب ـ إيران ـ سيزداد تبعا لذلك ومن هنا كان من الضروري إبقاء الأبواب مفتوحة للفوز بإيران مجددا.
ويعلق غاري سيك الذي خدم في مجلس الأمن القومي الأمريكي في ذلك الوقت على ذلك بالقول " من منظور إسرائيلي كانت تلك خطة استراتيجية بعيدة المدى كانت تلك السياسة المحيطية كانوا يحاولون تكرار التجربة الإثيوبية مع إيران لكن في 22 سبتمبر 1980 تحققت تكهنات الشاه بان صدام حسين سيهاجم إيران عندما يعطي الفرصة بعد خمس سنين فقط من التوقيع على اتفاقية الجزائر وبدلا من أن تجد إسرائيل نفسها أكثر اعتمادا على إيران كانت طهران هي التي وجدت نفسها فجأة في حاجة ماسة إلى قدرة إسرائيل على الحصول على الأسلحة الأمريكية.
* تعاون عسكري في مواجهة بغداد :
بعد مرور ثلاثة أيام على دخول القوات العراقية الأراضي الإيرانية قطع موشي دايان زيارة خاصة كان يقوم بها إلى فيينا لعقد مؤتمر صحفي لحث الولايات المتحدة ـ في غمرة أزمة الرهائن ـ على نسيان الماضي ومساعدة إيران على مواصلة دفاعها عن نفسها.
بعد ذلك بيومين قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي موردخاي زيبوري لصحيفة معاريف الإسرائيلية بان إسرائيل ستقدم مساعدات عسكرية لإيران في حال غيرت موقفها ألعدائي من الدولة اليهودية وهذا ما جرى بالفعل... وكانت النتيجة أن تم عقد لقاء جمع بين مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين لإبرام صفقة أسلحة وهناك ناقش العقيد الإسرائيلي بن يوسف ونظيره الإيراني العقيد زارابي مدير المجمع الصناعي العسكري بإيران اقتراحات كثيرة منها اتفاق يسمح لتقنيين إسرائيليين بتدريب الجيش الإيراني على تعديل العتاد الحربي أمريكي الصنع بحيث يلائم قطع غيار إسرائيلية الصنع وفي واشنطن حث السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة افراييم ايفرون وزير الخارجية الأمريكي ادموند موسكي على تليين موقف إدارة كارتر من مبيعات الأسلحة إلى طهران مع نقل هواجس تل أبيب من مضامين الانتصار العراقي.
وعلى العكس من رغبات واشنطن تراجع بيجن عن الوعد الذي قطعه لكارتر واستأنف مبيعات الأسلحة وقطع الغيار لإيران وإثناء اللقاء الأخير بين كارتر وبيجن الذي انعقد في 13 -11-1980 أعاد بيجن التأكيد على مصلحة إسرائيل في استئناف العلاقات مع إيران.
ويجمل البروفيسور " ديفيد مناشري " من جامعة تل أبيب والخبير الأول في الشؤون الإيرانية بإسرائيل مشهد الميل الإسرائيلي لإيران بالقول " طوال فترة الثمانينات لم يقل احد في إسرائيل شيئا عن وجود خطر إيراني لم يتفوه احد حتى بهذه الكلمة " كان الهدف الإسرائيلي حتمية هزيمة جيش صدام حسين وبالاحرى الخلاص من جيش عربي يزيد حجمه بمقدار أربعة أضعاف عن حجم الجيش الإسرائيلي.
* إيران تعرض وواشنطن ترفض :
في 9 ابريل نيسان 2003 سقط نظام صدام وشعرت إيران بان الأيادي الأمريكية تمتد إليها لهذا بادر الإيرانيون بإعداد اقتراح شامل بين حدود صفقة ضخمة محتملة بين البلدين تعالج كافة نقاط النزاع بينهما حملها إلى واشنطن " تيم غالديمان " السفير السويسري القائم بالأعمال الأمريكية أذهل الاقتراح الأمريكيين سيما وانه حصل على موافقة المرشد الأعلى للثورة خامنئي،
يقول " فينت ليفريت " المدير الرفيع لشؤون الشرق الأوسط لدى مجلس الأمن القومي اعترف الإيرانيون بان أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب قضايا قابلة للتفاوض كما عرضوا وقف دعمهم لحماس والجهاد ودعم عملية نزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي وفي الموضوع النووي عرض الاقتراح فتح البرنامج النووي الإيراني بالكامل أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيدة من اجل إزالة آية مخاوف من برامج التسلح الإيرانية إضافة إلى استعداد إيران لتوقيع البروتوكول الخاص بمعاهدة عدم الانتشار كما عرضت إيران التعاون الكامل في مواجهة المنظمات الإرهابية فيما البند الأكثر إثارة هو قبولها بإعلان بيروت الصادر عن القمة العربية أي خطة السلام التي أعلنها ولي العهد السعودي عام 2002 في بيروت.
وفي المقابل كان للإيرانيين مطالب تكتيكية مثل تسلم أعضاء من المنظمة الإرهابية ـ بحسب المؤلف ـ الإيرانية العاملة في العراق منظمة مجاهدي خلق في مقابل تسليم ناشطين من القاعدة تحتجزهم إيران أما المطالب الاستراتيجية فقد أراد الإيرانيون التوصل إلى تفاهم على المدى الطويل مع الولايات المتحدة عبر وقف كافة التصرفات المعادية التي تقوم بها أمريكا مثل خطاب محور الشر والتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية وإنهاء كافة العقوبات الأمريكية واحترام المصالح القومية الإيرانية بالعراق ودعم مطالب الإيرانيين بالحصول على تعويضات عن الحرب واحترام حق إيران بالحصول غير المقيد على التكنولوجيا النووية والبيولوجية والكيميائية وأخيرا الاعتراف بالمصالح الأمنية الإيرانية المشروعة في المنطق كما أوضحت الوثيقة الإجراءات الخاصة بالتفاوض المتدرج إلى حين التوصل إلى اتفاقية تكون مقبولة لدى الطرفين.
والتساؤل كيف جاء الرد الأمريكي؟ واقع الحال انه لم يقتصر على رفض العرض الإيراني فقط بل وجهت واشنطن لوما وتقريعا بالغا للسفير السويسري باعتباره تجاوز حدود التفويض الدبلوماسي.
والشاهد أن الكتاب ملئ بالمناورات والأسرار والعلاقات الخفية بين مثلث واشنطن ـ طهران ـ تل أبيب سيما وان كل منهم تسعى للسيطرة على المنطقة الشرق أوسطية ما يستدعي تساؤل ماذا عن المستقبل؟
* بين طموحات إيران وأهداف إسرائيل :
الإجابة بحسب " تريتا بارزي " أن التصادم بين طموحات إيران الإقليمية وإصرار إسرائيل على الهيمنة الاستراتيجية سيبقى سببا لزعزعة الاستقرار والأضرار بصالح واشنطن في المنطقة ما لم تعترف أمريكا بأنه لا يمكن إرساء الاستقرار ولا الديمقراطية بدون إنهاء لعبة الموازنة والسعي بصدق إلى بناء شرق أوسط يكامل بين التطلعات المشروعة للدول كافة بما في ذلك إيران لكن إدارة بوش لا تزال مصرة لغاية الآن على مقاومة مثل هذا التحول.
غير انه في مرحلة ما على الطريق سيعتري أمريكا ضعف شديد بسبب إخفاقها في العراق لدرجة أن المنافسة الإسرائيلية الإيرانية ستطغي على المخاوف التي تساور واشنطن من أن إيران ستنجح في تحدي هيمنتها ففي خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه بوش في 10 يناير 2007 اتهم إيران بزعزعة استقرار العراق ودعم الميلشيات الشيعة وبدافع من رغبة جامحة للمحافظة على هيمنة أمريكا على المنطقة أشار بوش إلى انه ستتم مواجهة إيران وفرض مزيد من العزلة عليها من قبل الولايات المتحدة عبر تشكيل تحالف مناؤى لإيران يتألف من الدول العربية وإسرائيل بمعنى أن سياسة توازن القوى ستبقى الدليل الذي يوجه أمريكا.
ولعل أفضل من عبر عن محتوى هذا الكتاب كان مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زيجينو بريجنسكي والذي قال " إن الكتاب دراسة ثاقبة ومثيرة وفي الوقت المناسب تماما تفك الغاز كيفية تلاعب كل من إيران وإسرائيل بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بالرغم من أن العلاقات بين الطرفين تراوحت بين التواطؤ السري والتصادم العلني ".
أما شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلية السابق فيقول عن الكتاب انه شرح رائع لواحد من أكثر الصراعات التي نشهدها اليوم استعصاء في تحليل رصين ومبتكر يكشف عن التلاعب الذي تقوم به كافة الأطراف وبخاصة الإسرائيليين والإيرانيين على الاختلافات الأيديولوجية بغرض إخفاء ما يحتمل أن يكون نزاعا استراتيجيا قابلا للحل ويضيف إن هذه دراسة عن التلاعب بالإيديولوجية والدين في الصراع على الهيمنة على الشرق الأوسط.
وقد شكلت الزيارة التي قام بها بن جوريون لإيران في العام 1961 سابقة في البروتوكول السري فقد أبقيت الزيارة سرا، واتبعت الرحلات المتتالية التي قام بها رؤساء الوزراء الإسرائيليون لإيران البروتوكول نفسه.
وباختصار القول فقد نجحت إيران طوال ثلاثة عقود في الحفاظ بتحالف جيوسياسي مع دولة تمنحها اعترافا رسميا وعلى السماح بتواجد إسرائيلي كبير في طهران بدون الاعتراف ببعثتهم كسفارة.
والشاهد أن الشاه قد تعلم بالطريقة الصعبة كيف أن المعرفة العلنية بتعاملاته مع إسرائيل تضر بالمصلحة الاستراتيجية وعليه فقد بقيت القنوات السرية فعالة ووصلت إلى حد التجسس على مصر والعراق وبقية الدول العربية وغير خاف على احد كيف أمدت إيران إسرائيل بالنفط في حرب أكتوبر من عام 1973 عندما امتنع العالم العربي كله عن ذلك.
عن موقع الرابطة العراقية