د. بكر خازر المجالي
تحمل حرب 67 أسرارا لا زالت تتكشف إلى الآن ، ولكن من قراءة كتاب ( Six Days Of War ) لمؤلفه مايكل أورين (أمريكي الجنسية ) ونشرته جامعة أكسفورد عام 2002 نقف عند أسرار مذهلة حول أسباب حرب عام 1967م .
لم يكن قرار العرب بتحويل روافد نهر الأردن وبناء سد خالد بن الوليد هو السبب الوحيد،
ولم تكن رغبة العرب بتحرير فلسطين أيضا هو الدافع لهذه الحرب.
ولم يكن الغرور العربي بالقدرة على تحقيق النصر والقضاء على إسرائيل هو الحافز أيضا فحسب،
وليست الأسباب المباشرة بطرد مراقبي هيئة الأمم المتحدة ومن ثم إغلاق مضائق تيران هي وراء هذه الحرب ،
ولكن قد كان هذا السيناريو برسم وتخطيط عربي ولكنه بتوجيه انتهازي وتقديم كل أسباب الاندفاع في التصعيد من جهات خارجية.
لقد جمعتني رحلة البحث والدراسة عام 2000 و2001 مع الدكتور مايكل أورين في عمان وهو يعد كتابه هذا ، وقال لي الحرب كانت ستقع لا محالة ، ولكن سألني هل تعرف من كان وراء الإسراع في الحرب ودفع العرب لخوضها دون اعتبار لاستعدادهم أو اكتراث لفوزهم أو خسارتهم ؟ فتبادر الذهن إلى أمريكا التي تخوض حربا باردة مع الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي ( وارسو ) ، فبادرني إلى القول :
في الوثائق الأمريكية التي أفرج عنها هذا العام (يقصد 2001)، هناك وثيقة خطيرة هي التي دفعت إسرائيل إلى الحرب المبكرة و بدعم أمريكي مباشر وفوري،
لقد التقى مدير الموساد الإسرائيلي حينها ( أميت ) مع الرئيس الأمريكي جونسون وبعد التداول سأل جونسون رئيس الموساد لو هاجمتم العرب الآن فكم ستتحمل هزيمتهم معكم ؟ فكان جواب أميت : عشرة أيام تقريبا . فقال جونسون : إذا ماذا تنتظرون ؟؟؟
ولكن الوثيقة الأمريكية الخطيرة والتي وصلت معلوماتها إلى إسرائيل فكانت خطة تدمير الطيران العربي أولا،
فهي تشير إلى ما يلي : رأت روسيا أن حصول إسرائيل على السلاح النووي سيقوي ويدعم النفوذ الأمريكي في المنطقة ، وتصبح إسرائيل قوة كبرى نووية ستؤثر حتما وبشكل كبير على مصالح روسيا في المنطقة وإضعاف حليفاتها في المنطقة العاجزون أصلا عن الحصول على أية تكنولوجيا نووية. فمنذ نهاية عام 1964م ومع تصاعد لغة التهديد العربية بعد أول قمة عربية لهم في مصر وإسرائيل تراقب ما يجري من استعدادات عربية ،
ولكن وحسب نص الوثيقة أن روسيا هي التي كانت تخطط لمثل هذه الحرب ، فقد أرسلت طيارين روس بطائراتهم الحديثة إلى مصر ومارسوا تدريبا مكثفا على كيفية تدمير مفاعل ديمونا .
وتم طلاء الطائرات بتمويه طيران مصر ، وجرت التدريبات بصورة متناهية الدقة والمكتومية ، واستخدمت أساليب هجومية فتاكة لتدمير المفاعل النووي من أول ضربة .اكتملت الاستعدادات لتوجيه ضربة مدمرة لمفاعل ديمونا وبقي التوقيت والغطاء والسبب، فخططت روسيا للحرب كالتالي
فكانت البداية أن أرسلت روسيا إلى سوريا معلومات قالت أن أقمارها الصناعية قد رصدتها تفيد أن إسرائيل تحشد قواتها على طول الحدود السورية ، فأبلغت سوريا مصر حسب اتفاق الدفاع المشترك وبدورها وجهت مصر إنذارا إلى إسرائيل بضرورة سحب قواتها من الجبهة ، ونفت إسرائيل ذلك ، ولكن روسيا عادت وأكدت الحشود وكررت إسرائيل النفي ولكن شعرت أن امرأ ما يدبر فأرسلت قواتا إلى الجبهة السورية وأصبحت الحشود منظورة فبدأت عملية التصعيد . فكان طرد مراقبي قوات الطوارئ الدولية ومن ثم إغلاق مضائق تيران ورفع درجة الاستعداد إلى القصوى ، وتهيأت المنطقة إلى حرب شاملة.
وحسب الوثيقة السرية الأمريكية استعدت إسرائيل للحرب أيضا وهي تعلم بالخطة الروسية ، فكان الهجوم الشامل على مطارات مصر العسكرية والوصول إلى الطائرات الروسية وتدميرها في مطارها وإفشال كل الخطط وتحقيق السيادة الجوية الكاملة ، وانتهت الحرب .
حقيقتان من أسرار حرب 67:
الأولى جاءت في مذكرات وزير الحربية المصرية محمد فوزي حينها حين يقول : تلقينا شيفرة من رادار عجلون الأردني تفيد بتقدم الطائرات الإسرائيلية نحونا ، ولكن لم نستطع حل الشيفرة لأننا اكتشفنا بعد نهاية الحرب أن الشيفرة لم يتم تبديلها في أول الشهر لدينا بالتزامن مع الأردنيين ، فدفعنا الثمن وكان معنا وقت كاف لإقلاع طائراتنا والاستعداد لمواجهة الطائرات المعادية وتحويل مسار المعركة.
الثانية : من يدعي أن الأردن لن يُهاجم لو لم يفتح جبهته فهذا هراء ما بعده هراء لأن إسرائيل تريد القدس والضفة الغربية بأي ثمن وكانت تنتظر إنهاك الجبهتين السورية والمصرية قبل التحول إلى الأردنية، ولكن أدرك جلالة الحسين طيب الله ثراه الحقيقة بناء على أحداث معركة السموع في 13 تشرين الثاني 1967م والتي قال جلالته حينها : لقد بدأت الآن معركة احتلال القدس.
وألان كيف يمكن إعادة قراءة تاريخ حرب 1967م ؟
هل نستطيع الحصول على إجابة حول إهمال القيادة الجوية المصرية بتغيير شيفرة الرادار بالتزامن مع القيادة الأردنية ؟؟
هل نقول أن هذا الحدث يشبه الأسلحة الفاسدة عام 1948م.
وكيف وصلت أخبار الطائرات الروسية وخطتها إلى إسرائيل ؟
وكيف انطلت خدعة الحشود على الجبهة السورية ،
بقي أن أقول أمرين عن المغفور له جلالة الملك الحسين :
الأمر الأول: انه خاض الحرب وهو يدرك أنها خاسرة وقال عنها في كتابه حربنا مع إسرائيل : أنها حرب ما أردناها .
الأمر الثاني : في قمة الحرب في 30 أيار 1967م في القاهرة وبعد توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين سوريا ومصر والأردن وانضمام العراق بعدها في هذه القمة قال جلالة الملك الحسين : انفنا نحتاج إلى ستة أشهر على العاقل من الآن حتى نكون مستعدين للحرب ضد العدو إسرائيل .
لذلك كان قرار الحسين دخول الحرب هو قرار قومي عربي حينها .
أسرار كثيرة ..............