قـراءة في فكرِ صدّام
لماذا أقدم صدّام حسين على غزو الكويت؟ كيف بنى حساباته؟ وما هي أخطاؤه وسلبياته؟ هل كان مدفوعاً بطموحاته السياسية أم بحاجاته الاقتصادية؟ وهل كانت نية الغزو لديه نية مبيتة أم وليدة نزوة طارئة؟ هل كان ضحية مؤامرة، أم أنه وقع في مصيدة نُصبت له بإحكام؟
مثل هذه التساؤلات، وكثير غيرها، ستظل تشغل فِكر المؤرخين والمحللين لسنوات عدة قادمة. وربما لا توجد لها إجابات شافية أبداً! وربما اضطررنا إلى الانتظار ريثما تكشف الحكومات وثائقها السرية، بما فيها حكومات الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا وإسرائيل، وبداهة، الحكومة العراقية حتى نجد الإجابات الشافية عن تلك التساؤلات. فهل سنعرف في يوم ما- مثلاً - ما دار بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ناهيك بما دار بين الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف المعنية الأخرى؟ زد على ذلك أن لا أحد يعرف الكثير مما دار بين صدّام والحلقة الداخلية من مستشاريه والمقربين إليه! لذا فأمام كل هذه الأسرار لا يسعنا إلاّ الاكتفاء بالمعلومات القليلة المتوافرة لدينا. واليوم، وبعد مرور أربع سنوات على الحرب، أعتقد جازماً بأنه لا يزال هناك الكثير من الأسرار المتعلقة بحرب الخليج التي لم يُكشف عنها النقاب بعد.
ربما كان هناك شخص ما، لا نعرفه على وجه التحديد، هو الذي أقنع صداماً بجدوى غزو الكويت وربما كان مصدر هذا التحريض من داخل العراق نفسه أو من خارجه. ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن عدة خيارات قد طُرحت على صدّام شأنه في ذلك شأن معظم القادة، لكنه هو الذي أخطأ الاختيار في نهاية المطاف. فمسئولية اتخاذ القرار بغزو الكويت تقع على عاتق صدّام وحده، وليس ثمة شك في ذلك. فنقطة الضعف التي يعانيها كل طاغية، أنه يحيط نفسه دوماً بمستشارين يُسمعونه فقط ما يود أن يسمعه. وكم زاد إعجابي بجدي الملك عبدالعزيز، حين عَلِمت أنه كان حريصاً على انتقاء أفضل المستشارين، ليس من داخل المملكة فحسب، بل من الدول المجاورة أيضاً. كان يشجعهم على الجهر بآرائهم صراحة وألاّ يخشوا في الحق لومة لائم. ولو احتذى به الآخرون، لما كانت الأمة العربية في موقف صعب، لا تُحسد عليه، كالذي تواجهه الآن.
وإذا أردنا أن نفهم حقيقة أزمة الخليج، وهي من أفدح الكوارث التي حلّت بمنطقتنا في التاريخ الحديث، يتعين علينا معرفة دوافع الرئيس العراقي، وفهْم أسلوبه في التفكير لأنه المسؤول المباشر عمّا حدث. لِمَ ارتكب هذا الخطأ الإجرامي، بل الخطيئة الأخلاقية، حين قرر غزو الكويت؟ ولِمَ ارتكب ذلك الخطأ الإستراتيجي الآخر حين رفض الانسحاب، في الوقت المناسب، ليجنِّب بلاده الدمار؟
إن ما أسرده هنا لا يتعدى وجهة نظرٍ شخصية، ولا يمكن اعتباره، في حال من الأحوال، تحليلاً شاملاً للأزمة.
يتبع ....
لماذا أقدم صدّام حسين على غزو الكويت؟ كيف بنى حساباته؟ وما هي أخطاؤه وسلبياته؟ هل كان مدفوعاً بطموحاته السياسية أم بحاجاته الاقتصادية؟ وهل كانت نية الغزو لديه نية مبيتة أم وليدة نزوة طارئة؟ هل كان ضحية مؤامرة، أم أنه وقع في مصيدة نُصبت له بإحكام؟
مثل هذه التساؤلات، وكثير غيرها، ستظل تشغل فِكر المؤرخين والمحللين لسنوات عدة قادمة. وربما لا توجد لها إجابات شافية أبداً! وربما اضطررنا إلى الانتظار ريثما تكشف الحكومات وثائقها السرية، بما فيها حكومات الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا وإسرائيل، وبداهة، الحكومة العراقية حتى نجد الإجابات الشافية عن تلك التساؤلات. فهل سنعرف في يوم ما- مثلاً - ما دار بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ناهيك بما دار بين الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف المعنية الأخرى؟ زد على ذلك أن لا أحد يعرف الكثير مما دار بين صدّام والحلقة الداخلية من مستشاريه والمقربين إليه! لذا فأمام كل هذه الأسرار لا يسعنا إلاّ الاكتفاء بالمعلومات القليلة المتوافرة لدينا. واليوم، وبعد مرور أربع سنوات على الحرب، أعتقد جازماً بأنه لا يزال هناك الكثير من الأسرار المتعلقة بحرب الخليج التي لم يُكشف عنها النقاب بعد.
ربما كان هناك شخص ما، لا نعرفه على وجه التحديد، هو الذي أقنع صداماً بجدوى غزو الكويت وربما كان مصدر هذا التحريض من داخل العراق نفسه أو من خارجه. ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن عدة خيارات قد طُرحت على صدّام شأنه في ذلك شأن معظم القادة، لكنه هو الذي أخطأ الاختيار في نهاية المطاف. فمسئولية اتخاذ القرار بغزو الكويت تقع على عاتق صدّام وحده، وليس ثمة شك في ذلك. فنقطة الضعف التي يعانيها كل طاغية، أنه يحيط نفسه دوماً بمستشارين يُسمعونه فقط ما يود أن يسمعه. وكم زاد إعجابي بجدي الملك عبدالعزيز، حين عَلِمت أنه كان حريصاً على انتقاء أفضل المستشارين، ليس من داخل المملكة فحسب، بل من الدول المجاورة أيضاً. كان يشجعهم على الجهر بآرائهم صراحة وألاّ يخشوا في الحق لومة لائم. ولو احتذى به الآخرون، لما كانت الأمة العربية في موقف صعب، لا تُحسد عليه، كالذي تواجهه الآن.
وإذا أردنا أن نفهم حقيقة أزمة الخليج، وهي من أفدح الكوارث التي حلّت بمنطقتنا في التاريخ الحديث، يتعين علينا معرفة دوافع الرئيس العراقي، وفهْم أسلوبه في التفكير لأنه المسؤول المباشر عمّا حدث. لِمَ ارتكب هذا الخطأ الإجرامي، بل الخطيئة الأخلاقية، حين قرر غزو الكويت؟ ولِمَ ارتكب ذلك الخطأ الإستراتيجي الآخر حين رفض الانسحاب، في الوقت المناسب، ليجنِّب بلاده الدمار؟
إن ما أسرده هنا لا يتعدى وجهة نظرٍ شخصية، ولا يمكن اعتباره، في حال من الأحوال، تحليلاً شاملاً للأزمة.
يتبع ....