شهر رجب وما يتعلق به من أحكام
يتعلق بشهر رجب أحكام كثيرة؛ فمنها ما كان في الجاهلية و اختلف العلماء في استمراره الإسلام كتحريم القتال وكالذبائح المعينة، ومنها مااستجد في الإسلام كالصلاة والصيام والعمرة المعينة ونحو ذلك.
وتفصيل ذلك فيما يلي :
1 ـ قد سبق ذكر خلاف العلماء في حكم القتال في الأشهر الحرم وهل تحريمه باق أو نسخ في الحلقة السابقة .
2 ـ أما بالنسبة للذبائح، فإنهم كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة. و اختلف العلماء في حكمها في الإسلام؛ فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها و في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لافرع و لاعتيرة ) البخاري (5473و5474) ومسلم (1976) .
ومنهم من قال : بل هي مستحبة، منهم ابن سيرين و حكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة .
وجاء في ذلك عدة أحاديث في السنن ، اعتنى بجمعها النسائي في سننه وترجم لها بكتاب الفرع والعتيرة، ثم عقد بابا لتفسير الفرع وبابا لتفسير العتيرة في سننه 7/167171.
فمن رأى مشروعيتها استدل بهذه الأحاديث، وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث و بين حديث ( لا فرع و لا عتيرة ) بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب. ومن العلماء من قال : حديث أبي هريرة أصح من هذه الأحاديث و أثبت فيكون العمل عليه دونها و هذه طريقة الإمام أحمد .
ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسما وعيدا، كأكل الحلوى و نحوها. و قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيدا .
وأصل هذا : أنه لا يشرع أن يتخذ المسلمون عيدا إلا ما جاءت الشريعة باتخاذه عيدا و هو يوم الفطر و يوم الأضحى و أيام التشريق و هي أعياد العام و يوم الجمعة و هو عيد الأسبوع، و ما عدا ذلك فاتخاذه عيدا و موسما بدعة لا أصل له في الشريعة.
3 ـ ومن أحكام رجب ما ورد فيه من الصلاة و الصيام و الاعتمار .
فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، و الأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب و باطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء. وممن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري و أبو بكر بن السمعاني و أبو الفضل بن ناصر وأبو الفرج بن الجوزي وأبو الفرج بن رجب وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم و أول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون و لم يتكلموا فيها .
4 ـ وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر رجلا أن يصوم الحرم . رواه أبو داود 2/ 322 323 (2428), والنسائي في الكبرى 2/139140, وابن ماجه1/554(1741), وأحمد 5/28 والبيهقي 4/291 وغيرهم من طريق أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها مرفوعا, وقيل: أبي مجيبة الباهلي. والأرجح أنها امرأة وفيها جهالة, وهذا علة الحديث.انظر الميزان 3/440، وضعيف أبي داود (419).
وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها منهم ابن عمر و الحسن البصري و أبو إسحاق السبيعي.
وخرج ابن ماجه (1743) بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام رجب . والصحيح وقفه على ابن عباس كما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7854) .
وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله ، وعن ابن عمر و ابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياما ، وكرهه أنس أيضا و سعيد بن جبير. وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري و الإمام أحمد و قال : يفطر منه يوما أو يومين ، و حكاه عن ابن عمر و ابن عباس . وقال الشافعي في القديم : أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان ، واحتج بحديث عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل شهرا قط إلا رمضان ) قال : و كذلك يوما من بين الأيام ، وقال : إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب ، وإن فعل فحسن .
وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهرا آخر تطوعا عند بعض الفقهاء ، مثل أن يصوم الأشهر الحرم ، أو يصوم رجب و شعبان . وقد جاء عن ابن عمر و غيره صيام الأشهر الحرم و المنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر .
5 ـ وأما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه و هو يسمع فسكت .
واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره ، وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا ، و نقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه ؛ فإن أفضل الأنساك أن يؤتى بالحج في سفرة و العمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج ، وذلك جملة إتمام الحج و العمرة المأمور به .كذلك قاله جمهور الصحابة : كعمر و عثمان و علي و غيرهم .
6 ـ ورد في الحديث عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل رجب قال : ( اللهم بارك لنا في رجب و شعبان، وبلغنا رمضان ) رواه أحمد1/259 وابن السني في عمل اليوم والليلة (658) والبزار (616/كشف الأستار) ، لكن الحديث ضعيف ؛ لأن في إسناده زائدة بن أبي الرقاد وهو منكر الحديث.
7 ـ روي : أنه في شهر رجب حوادث عظيمة و لم يصح شيء من ذلك . فروي أن النبي صلى الله عليه و سلم ولد في أول ليلة منه و أنه بعث في السابع و العشرين منه ، وقيل في الخامس و العشرين و لا يصح شيء من ذلك .
وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه و سلم كان في سابع و عشرين من رجب ، و أنكر ذلك إبراهيم الحربي و غيره .
و روي عن قيس بن عباد قال في اليوم العاشر من رجب : { يمحو الله ما يشاء و يثبت } وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم و كان يستجاب لهم و لهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجاب الدعوة و غيره .
8 ـ شهر رجب مفتاح أشهر الخير و البركة قال أبو بكر الوراق البلخي : شهر رجب شهر للزرع و شعبان شهر السقي للزرع و رمضان شهر حصاد الزرع و عنه قال : مثل شهر رجب مثل الريح و مثل شعبان مثل الغيم و مثل رمضان مثل القطر و قال بعضهم : السنة مثل الشجرة و شهر رجب أيام توريقها و شعبان أيام تفريعها و رمضان أيام قطفها و المؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر و بمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر
بيض صحيفتك السوداء في رجب * بصالح العمل المنجي من اللهب
شهر حرام أتى من أشهر حرم * إذا دعا الله داع فيه لم يخب
طوبى لعبد زكى فيه له عمل * فكف فيه عن الفحشاء و الريب
انتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة، واغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة
عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها
وتفصيل ذلك فيما يلي :
1 ـ قد سبق ذكر خلاف العلماء في حكم القتال في الأشهر الحرم وهل تحريمه باق أو نسخ في الحلقة السابقة .
2 ـ أما بالنسبة للذبائح، فإنهم كانوا في الجاهلية يذبحون ذبيحة يسمونها العتيرة. و اختلف العلماء في حكمها في الإسلام؛ فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها و في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لافرع و لاعتيرة ) البخاري (5473و5474) ومسلم (1976) .
ومنهم من قال : بل هي مستحبة، منهم ابن سيرين و حكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة .
وجاء في ذلك عدة أحاديث في السنن ، اعتنى بجمعها النسائي في سننه وترجم لها بكتاب الفرع والعتيرة، ثم عقد بابا لتفسير الفرع وبابا لتفسير العتيرة في سننه 7/167171.
فمن رأى مشروعيتها استدل بهذه الأحاديث، وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث و بين حديث ( لا فرع و لا عتيرة ) بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من الذبح لغير الله، وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب. ومن العلماء من قال : حديث أبي هريرة أصح من هذه الأحاديث و أثبت فيكون العمل عليه دونها و هذه طريقة الإمام أحمد .
ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسما وعيدا، كأكل الحلوى و نحوها. و قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيدا .
وأصل هذا : أنه لا يشرع أن يتخذ المسلمون عيدا إلا ما جاءت الشريعة باتخاذه عيدا و هو يوم الفطر و يوم الأضحى و أيام التشريق و هي أعياد العام و يوم الجمعة و هو عيد الأسبوع، و ما عدا ذلك فاتخاذه عيدا و موسما بدعة لا أصل له في الشريعة.
3 ـ ومن أحكام رجب ما ورد فيه من الصلاة و الصيام و الاعتمار .
فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، و الأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب و باطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء. وممن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري و أبو بكر بن السمعاني و أبو الفضل بن ناصر وأبو الفرج بن الجوزي وأبو الفرج بن رجب وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم و أول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون و لم يتكلموا فيها .
4 ـ وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر رجلا أن يصوم الحرم . رواه أبو داود 2/ 322 323 (2428), والنسائي في الكبرى 2/139140, وابن ماجه1/554(1741), وأحمد 5/28 والبيهقي 4/291 وغيرهم من طريق أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها مرفوعا, وقيل: أبي مجيبة الباهلي. والأرجح أنها امرأة وفيها جهالة, وهذا علة الحديث.انظر الميزان 3/440، وضعيف أبي داود (419).
وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها منهم ابن عمر و الحسن البصري و أبو إسحاق السبيعي.
وخرج ابن ماجه (1743) بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صيام رجب . والصحيح وقفه على ابن عباس كما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7854) .
وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله ، وعن ابن عمر و ابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياما ، وكرهه أنس أيضا و سعيد بن جبير. وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري و الإمام أحمد و قال : يفطر منه يوما أو يومين ، و حكاه عن ابن عمر و ابن عباس . وقال الشافعي في القديم : أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان ، واحتج بحديث عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل شهرا قط إلا رمضان ) قال : و كذلك يوما من بين الأيام ، وقال : إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب ، وإن فعل فحسن .
وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهرا آخر تطوعا عند بعض الفقهاء ، مثل أن يصوم الأشهر الحرم ، أو يصوم رجب و شعبان . وقد جاء عن ابن عمر و غيره صيام الأشهر الحرم و المنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر .
5 ـ وأما الاعتمار في رجب فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في رجب فأنكرت ذلك عائشة عليه و هو يسمع فسكت .
واستحب الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره ، وكانت عائشة تفعله وابن عمر أيضا ، و نقل ابن سيرين عن السلف أنهم كانوا يفعلونه ؛ فإن أفضل الأنساك أن يؤتى بالحج في سفرة و العمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج ، وذلك جملة إتمام الحج و العمرة المأمور به .كذلك قاله جمهور الصحابة : كعمر و عثمان و علي و غيرهم .
6 ـ ورد في الحديث عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل رجب قال : ( اللهم بارك لنا في رجب و شعبان، وبلغنا رمضان ) رواه أحمد1/259 وابن السني في عمل اليوم والليلة (658) والبزار (616/كشف الأستار) ، لكن الحديث ضعيف ؛ لأن في إسناده زائدة بن أبي الرقاد وهو منكر الحديث.
7 ـ روي : أنه في شهر رجب حوادث عظيمة و لم يصح شيء من ذلك . فروي أن النبي صلى الله عليه و سلم ولد في أول ليلة منه و أنه بعث في السابع و العشرين منه ، وقيل في الخامس و العشرين و لا يصح شيء من ذلك .
وروى بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه و سلم كان في سابع و عشرين من رجب ، و أنكر ذلك إبراهيم الحربي و غيره .
و روي عن قيس بن عباد قال في اليوم العاشر من رجب : { يمحو الله ما يشاء و يثبت } وكان أهل الجاهلية يتحرون الدعاء فيه على الظالم و كان يستجاب لهم و لهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب مجاب الدعوة و غيره .
8 ـ شهر رجب مفتاح أشهر الخير و البركة قال أبو بكر الوراق البلخي : شهر رجب شهر للزرع و شعبان شهر السقي للزرع و رمضان شهر حصاد الزرع و عنه قال : مثل شهر رجب مثل الريح و مثل شعبان مثل الغيم و مثل رمضان مثل القطر و قال بعضهم : السنة مثل الشجرة و شهر رجب أيام توريقها و شعبان أيام تفريعها و رمضان أيام قطفها و المؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر و بمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر
بيض صحيفتك السوداء في رجب * بصالح العمل المنجي من اللهب
شهر حرام أتى من أشهر حرم * إذا دعا الله داع فيه لم يخب
طوبى لعبد زكى فيه له عمل * فكف فيه عن الفحشاء و الريب
انتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة، واغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة
عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها