دفتر يوميات جمال عبدالناصر التى دونها بيده عن تطورات حرب فلسطين 1948 ج - 4

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
دفتر يوميات جمال عبدالناصر التى دونها بيده عن تطورات حرب فلسطين 1948 جزء - 4

مذكرات عبد الناصر التى دونها بيده عن تطورات حرب فلسطين 1948 ، تعتبر ميراث قومي ، يملكه كل شخص عربي وليس شخص واحد مهما كان إسمه ... ولو محمد حسنين هيكل ، الذي يحتفظ بهم عنده
لا حق له في الأحتفاظ بهذه الوثائق التاريخية ... ويجب عليه أن يرجعهم إل متحف جمال عبدالناصر الذي سيقام في الفيلا التي كان يقيم فيها الرئيس جمال عبدالناصر في منطقة "منشية البكري" بالقاهرة والت وتوفي أيضا فيها
جمال عبدالناصر ....
رجـــل ... كانت فى قلبه أمة عربية واحدة ... ولما توفاه الله .. أصبح فى قلب أمة ... عربية .... ممزقة مشتته .... ولكنها ستبقى واحدة
.........
....
حقيقة ... وواقع .... ومباديء ..... وهدف....وتحدي
كيف ولدت الثورة في قلب الرجل ... وفي عقل جمال عبدالناصر ... ؟؟؟؟

إقتباس:
الله يسامحك يا رجل لقد تسببت فى عدم نومى ليلة كاملة بدأت السادسة مساء الجمعة وانتهت السادسة صباحا عقب آذان فجر السبت واستأنفت القراءة بعد الصلاة وحتى منتصف النهار ، لكن بعدما انتهيت من قراءة العدد الممتع الأخيرللجريدة قلت شكرا يا عبد الله انك فكرتنا بأيام خوال حلوة ، وفكرتنا وهذا هو الأهم باخوةسلاح واخوة كفاح ومنهم من كانوا قادة لنا وأساتذة لنا سواء فى الكلية الحربية او فى مراحل متقدمة من عملنا فى القوات المسلحة أو فى حياتنا العملية و السياسية فيما بعد الثورة منهم من مضى ومنهم من مد الله فى عمره والله أدعو ان يمتعهم بالصحة .
فكرتنا بقادة عسكريين لنا وإن اختلفت فيهم الآراء ما بين قادة عظام وآخرين لم يكن بعضهم على مستوى المسئولية خصوصا وان تلك المرحلة كانت مجال لاختبار الرجال وأعنى بذلك فترة ما حدث ما بين عامى 1948 و1949 التى سميت بحرب فلسطين .
كما انك أكدت فى نفس الوقت مقولتى من انه لا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن .
.......
....
.......


كانت هذه بداية سطور رسالة تعليق سامي شرف ، إلي الأخ وصديقه العزيز الأستاذ عبد الله السناوى ، رئيس تحرير جريدة العربى ... عندما نشر نشر فى جريدة العربى الناصرى، موضوعا بعنوان " دفتر يوميات عبد الناصر " التي كتبها الرئيس جمال عبد الناصر بخط يده فى أثناء حرب فلسطين عن المدة من سنة 1948 حتى نهاية سنة 1949 ، وإحتفظ بها محمد حسنين هيكل لمدة 55 "خمسة وخمسون عاما"
...
.....
طبعا ... لا بد أن تأخذ سطور "مذكرات" عبدالناصر ، مكانهم أيضا في موقع الرجل الذي لازمه وقضي معه 18 عاما ... أي 6480 يوما .... وما يقارب ... 15520 ساعة من حياته ...
فقمنا بإعادة نشر المذكرات في موقع سامي شرف ... وننشر هنا حلقاتهم بالتالي ...
من دفتر يوميات جمال عبدالناصر خلال حرب فلسطين 1948...
فيما يلي الروابط التي تسهل قراءة الموضوع ، تبعا للتقسيم الوقتي

http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-00.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-1.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-2.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-3.html
http://samy-sharaf.bravehost.com/NASSER-ALL/NSR-MEMOIRES-4.html

د. يحي الشاعر

كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (4)

كيف ولدت الثورة في قلب رجل ؟ ... (4) و الاخير

في الحلقة الأخيرة من هذه اليوميات يشير عبد الناصر إلى الوضع الذي فرضه الحصار على القوات المصرية ورفض المصريين للهدنة، واحتلال الخط الموصل إلى الفالوجة باعتباره أكبر مفاجأة وكارثة.

الاثنين 15 الثلاثاء 16 نوفمبر:

الضرب مستمر كالعادة.. توقفت الأمطار لكن الجو بارد..
لا يزال العدو يتخذ مواقع في الجنوب في الوحيدات وشمال العظاطة، وأصبح قريبا جدا ومشرفا على عراق المنشية، وجعلها تحت نيران أسلحته الصغيرة.. ولكنهم لم يضربوا مطلقا..
طلبت من السيد طه ضرب مواقع العدو بالمدفعية بقنابل الانفجار الجوي، ولكنه رفض وأيده الفسخاني..
لن يبدأ بالضرب.. قلت لهما إن العدو الآن لا يضرب على مواقعنا، لأنه لم يتخذ مواقع للآن..
ولكن التجربة أثبتت أن العدو بعد أن يتخذ مواقع دفاعية كاملة سيبدأ في فتح النيران.. وأن العدو حاول عدة مرات اتخاذ مواقع في العظاطة..
ولكن لما ضرب بالهاون 4.2 بوصة انسحب.. والآن لا يمكن استعمال الهاون لأن الذخيرة أصبحت لا تحتمل ذلك..
ولكن لم يستمع أحدا منهم لهذا الكلام.. إن أعصابهم جميعا مضطربة.. وللآن لم يتفهموا صفات العدو الذي نقاتله.. إنه لا يحتفظ بالعهد.. كل غرضه هو تكبيدنا أي خسائر ممكنة.. ما دام الحكام غير موجودين.. أما نحن فلا نزال نتمحك في إيقاف القتال.. حتى يبدأ اليهود السيطرة على الموقف...
في الساعة 2300 اتصل بي السودانية، وكنت نائما.. وفوجئت بصلاح سالم يتكلم ويقول أنا صلاح يا جمال، جيت لكم من غزة.. وقد فوجئت بذلك..
وقال إنه سيحضر مع أحد السودانية.. ووصل مساء بمعرفة عسكريين من السودانية.. وكان في حالة يرثي لها.. ملابسه ممزقة وكلها طين وقواه خائرة جدا..
وبعد أن استراح وأخذ كوبا من الشاي، قال إنه خرج من غزة أمس الساعة ،1600 ومعه زكريا محيي الدين وثلاثة عرب أولاد وثلاثة بغال محملة بالذخيرة والأدوية ومبلغ مائتي جنيه.. ومع زكريا مبلغ مائتي جنيه..
وإن الأولاد قالوا إن المسافة تقطع في ست ساعات.. ولكنهم استمروا طول الليل تحت الأمطار يسيرون بين خطوط الأعداء حتى طلع النهار.. فاختبأوا في بيت.. وكان البرد فظيعا.. ودفأوا أنفسهم تحت التبة.. وكان المشوار متعبا جدا.. فإن الحمولة وقعت من البغال مرات عدة.. وكانوا يحملونها.. وقابلوا دوريات يهودية مرات كثيرة في الطريق..
فكانوا يختبئون في مجاري السيول.. وكانوا يكممون أفواه البغال لمنع صوتها.. ونفدت المياه التي معهم.. وقاسوا كثيرا من العطش.. واستطاعوا بصعوبة بعد فك الحبال التي على البغال أن يستخرجوا قليلا من الماء من أحد الآبار في وعاء فخاري قذر.. وشربوا..
وعندما انتهي النهار بدأوا في السير في اتجاه عراق المنشية..
وحوالي الساعة 2200 فوجئوا بالنيران تطلق عليهم.. والعدو يشعر بهم.. ويخرج بعرباته في اتجاههم..
فجرى زكريا والعرب في جهة الشمال..
أما صلاح فقد خارت قواه من التعب وسقط مكانه..
وعثر اليهود على البغال، وانشغلوا بها.. وأخذ صلاح يزحف في اتجاه الشمال، حين تيقن أنهم لم يلتفتوا له..
وفوجئ عندما رأي تبة عراق المنشية.. وعادت له الحياة..
فأخذ يزحف حتى وصل للأسلاك..
وعندما مر من تحت أول سياج، ووصل للسياج الثاني، فتحت عليه نيران بنادق من خطوطنا، فثبت في الأرض، وصاح أنه ضابط مصري من غزة.. فخرج إليه أحد السودانية وأحضره.. وكان في شدة الانشغال على زكريا، ويعتقد أنه مسك، ونام معنا..
وكانت القنابل تتساقط طول الليل، والطائرات تغير علينا وعلى الفالوجة..
وفي الساعة 1100 عرفنا أن زكريا وصل الفالوجة، فتوجهت مع صلاح..
وقد أطلق علينا العدو مدافع الماكينة في طريقنا إلى العربة، ونفذنا بأعجوبة..
وعرفت أن زكريا أمضى الليلة في البئر الغربية من مواقعنا..
وصل العدو إلى البئر غرب عراق المنشية.. ولكن طرد من هناك..
عراق المنشية مكتسحة لنيران الأسلحة الصغيرة اليهودية..
ترقية عبد الحكيم وصلاح سالم

الأربعاء 17 نوفمبر:

عقد مؤتمر من قادة الكتائب وأركان حربها للنظر في موقف التعيين.. وهل من الممكن الانسحاب إلى الخليل بعد تهديد الأسلحة الثقيلة؟
كان الرأي الغالب أن العملية صعبة جدا..
وقد ترك قائد القوات الحرية لنا في هذا التصرف، الذي لم نوافق عليه..
علمت من صلاح أن ستة مراقبين كانوا في طريقهم إلينا.. ولكن اليهود منعوهم وأسروا اثنين منهم..
غارات جوية طوال الليل على الفالوجة وعراق المنشية، وضرب باستمرار بالمدفعية وقنابل محرقة..
عراق المنشية تضرب بالهاون باستمرار والأسلحة الصغيرة..

الخميس 18 نوفمبر:

احتلت ك2 موقعا يشرف على التبة والخور حتى لا يصل العدو..
إشارة تنتظر معروف.. معروف يصل ومعه لوكن وفورستاك الساعة ،2200 ومعهم ثمانية خيول، وخمسة وعشرون جنديا من شرق الأردن.. ومفرقعات..

الجمعة 19 نوفمبر:

توجهت مع معروف ولوكن لمقابلة السيد طه..
تعليمات عمليات من صبور.. السيد طه يعترض..

السبت 20 نوفمبر:

قابلنا السيد طه مع معروف ولكن، معروف ولوكن والجميع يعودون إلى الظاهرية، ويتركون فورستاك..
في أخبار الساعة 2030 من مصر أن عبد الحكيم رقي إلى رتبة صاغ.. وكذلك صلاح سالم.. استثنائي..

الاثنين 22 نوفمبر:

العدو نشط جدا..
عمل ستارة دخان صباحا.. يضرب انفجار جوي على ستارة دخان الساعة 1700.. وتقدم باثنتي عشرة مصفحة وفتح مدافع ماكينة..
فتحت نيران عليه.. انسحب..
فورستاك يقرر الخروج مع دليل عربي.. يخرج الساعة ،1900 ويعود مرعوبا بعد ساعتين..

الثلاثاء 23 نوفمبر:

إشارة تنتظر معروف ما بين 2200 و100.
العدو يتخذ مواقع جديدة.. ك1 تهاجم العدو أمام الكوبري..
معروف يصل الساعة 2230.

الأربعاء 24 نوفمبر:

توجهت مع معروف ونعمان إلى الفالوجة.. تناقشنا في موضوع الانسحاب.. معروف غادرنا مع (....) الساعة 1930.. ومعه جرحى..

الخميس 25 نوفمبر:

إشارة من الرئاسة أنها تتفاوض لحل الموقف.. وسحبنا..
إشارة من بيت لحم أن معروف هوجم في الطريق.. وأنه وصل سالما..
ولكن لم يصل الجمال ورياض والسروجي السيد.. وكل من باشكاتب ك،1 ك 2.

الجمعة 26 نوفمبر:

إشارة من بيت لحم أن الجميع وصلوا.. وأن السروجي فقط مفقود..
مطر شديد من الساعة 1500.

السبت 27 نوفمبر:

في الليل دورية قتال معادية في القطاع الجنوبي الغربي..
أطلق السودانيون نيرانا شديدة.. واستهلكوا عددا كبيرا من الذخيرة..
تكلمت مع قائد السرية في صباح اليوم.. وأفهمته أن العدو ربما سيتخذ هذه الطريقة لاستهلاك الذخيرة.. فإذا وصلت دورية قتال فلا تردوا عليها..

الأحد 28 نوفمبر:

وصلت دورية قتال في الليل كما تنبأنا، وأطلقت نيرانا شديدة على مواقع السرية السودانية، ولكن السرية لم تجب عليها بطلقة واحدة..

الاثنين 29 نوفمبر:

وصلت دورية قتال كاليومين الماضيين..
لم ترد عليها السرية السودانية..

الثلاثاء 30 نوفمبر:

كان الصول عوض بائتا في الفالوجة لإحضار أخشاب.. وعاد صباح اليوم الساعة 1000 في حمالة من ك ،1 ولكن قوبلوا بمفرقعات في الطريق..
نسفت الحمالة..
وتوفي الصول وجرح 3 عساكر..
في الساعة 1800 خرجت جماعة من فصيلة الاقتحام لرفع الألغام الموجودة في الطريق..فإن سلام بلغ أن الحمالة قابلت لغما.. وأن الطريق به ألغام..
ولكن لم نجد ألغاماً..
بل وجدنا كيساً به مفرقعات وحفرة كبرى عند الحمالة المنسوفة.. وعرفنا أن العدو وضع كيسين.. واحد على كل جانب من الطريق.. وعادت الدورية..
وأخذت قطن بارود لنسف الكيس..
ولكن لما وصلت وقعت في كمين دبره العدو..فقتل شاويش الاقتحام وجرح اثنان..
خرجت دورية بعد ذلك وأحضرت الجرحى..

الأربعاء 1 ديسمبر:

في الساعة 1800 خرجت دورية ونسفت الكيس..
بعثت دورية للمرور على الطريق يوميا الساعة 400.
أخبار.. أن قافلة تموين ستصل الساعة 1100 اليوم..
وفي المساء علمنا أن اليهود استولوا على القافلة عند عراق سويدان بعد تفتيشها..
بحجة أنهم وجدوا بها صندوق كراستات.. وأن المأكولات التي بها مصادرة من سفينة في مصر باسم اليهود..

الخميس 2 ديسمبر:

عند عودة دورية الساعة 400.
وجدت الشاويش رضوان قتيلا..
فأحضرته..
اعتكاف
السبت 4 ديسمبر:

وصل ثلاثة جوابات من الوالد.. وجواب من عز العرب..
أذيعت إنعامات عن حملة فلسطين.. أنعم على البك بنجمة فؤاد الذهبية..

الأحد 5 ديسمبر:

وصلني جواب من العم يقول إن تحية معتكفة في المنزل لا تخرج.. وإنهم بخير..
لقد تألمت جدا.. فلا يشغلني أي شيء إلا هي والأولاد، فإن حياتي ليس لها أي قيمة إلا لأجلهم..

الاثنين 6 ديسمبر:

قتل عسكري الساعة 1700 وهو قائم بالمراقبة بفعل نيران العدو..
لا يزال العدو يضرب البلدة بالأسلحة الصغيرة باستمرار..
حاول العدو التجمع الساعة 1100 جهة الجنوب، ولكن ضربناه بالهاون 4.2 بوصة والمدفعية.. فتشتت..

الثلاثاء 7 ديسمبر:

وصل من الفالوجة سجاير للضباط والعساكر.. وصابون للضباط والعساكر.. وجبنه فلمنك وبسطرمة وظروف وجوابات.. ومبلغ مائة جنيه وجرائد متفرقة حتى 4 ديسمبر..
عدد الجرحى من الكتيبة من 6 نوفمبر إلى اليوم 42 جريحا..

الجمعة 10 ديسمبر:

أذاع راديو لندن أن الحكومة اليهودية أرسلت إلى بانش أنها مستعدة للموافقة على سحب القوات المصرية الموجودة في الفالوجة إلى مكان آخر..
كان خبرا مفاجئا.. ولو أني لا آمن لكلام اليهود..
فإن اتفاقية إيقاف النار في أواخر أكتوبر لم تنفذ عندنا حتى الآن.. فمازال إطلاق النار مستمرا.. ولا يمر يوم بدون جرحى أو قتلى.. ولكن هذا الخبر كان له فرحة كبرى عند الجميع..
مطر طول الليل خفيف..

السبت 11 ديسمبر:

أذاع راديو “إسرائيل” أن القوات المصرية هاجمت قرية (ين يم) الدنجور..
مطر طوال الليل غزير..
قتال تحت المطر

الأحد 12 ديسمبر:

أكلت اليوم (كوسة) لأول مرة منذ 16 أكتوبر ،1948 ولا أعرف كيف عثروا عليها..
وصلت إشارة من نائب رئيس إدارة الجيش في الميدان يسأل: هل أرغب في تحويل جزء من مرتبي ولمن؟..
فهل معنى ذلك أن التحويل الذي أرسلته لم ينفذ؟..أذاع راديو “إسرائيل” أن اليهود سيعينون مندوبا من طرفهم للتباحث مع كبير المراقبين في الهدنة الدائمة مع مصر وسحب قوات الفالوجة..
مطر طول الليل غزير.. وكذلك طول النهار..
الأرض عبارة عن أوحال.. الشمس لم تظهر..

الاثنين 13 ديسمبر:

مازال المطر مستمرا..

الثلاثاء 14 ديسمبر:

فتحت قواتنا النار على قوة يهودية كانت تحاول نجدة القوات الموجودة حولنا.. ويعتقد أنها أصيبت بخسائر.. وكان معها جمل لأن الأرض لا تصلح لسير العربات..
وقد أصيب الجمل..

الأربعاء 15 ديسمبر:

عسكري جريح واثنان مدنيان من الأطفال في وقت الظهر.. الساعة ،2000 فتح العدو نيران مدافع الماكينة فجأة على عراق المنشية بشدة من الجنوب والشرق.. وأطلق قنابل الهاون..
وقد انتظرنا أن يقوم بهجوم..
ولكن استمر ذلك حتى الساعة 2200.
ثم هدأ إطلاق النيران..
لا خسائر رغم شدة النيران وتساقط الرصاص في كل مكان بكثرة..
وكان حوش المنزل الساكنين به ميدان لسقوط عدد كبير من الرصاص..
وصلني في الصباح جواب من تحية.. أول جواب منذ شهرين من قبل الحصار.. وفيه تقول إن جوابي وصلها.. وإنها مطمئنة.. وجوابان من الوالد.. وجواب من العم..
أرسلت جوابين لتحية.. وجواب للوالد، وجواب للعم، وجواب لعز العرب، وجواب لحمدي به شيك بخمسين جنيها لتوصيلها للمنزل..
وصلت لنا سجائر وشاي للجنود من الفالوجة..
وصلت جرائد الخميس والجمعة والسبت والأحد الماضية والمصور وأخبار اليوم..

الخميس 16 ديسمبر:

أذاع راديو “إسرائيل” أن رايلي ذهب إلى غزة للاتفاق مع المصريين..
ولكن لم يجد اهتماما بالمفاوضات من اليهود.. وأن موقف “الإسرائيليين” من قوات الفالوجة متوقف على قبول المصريين المفاوضة مع “إسرائيل”..

الجمعة 17 ديسمبر:

أصيبت امرأة برصاصة في بطنها، وقد عمل لها الدكتور صفوت عملية استغرقت 4 ساعات في ظروف عجيبة غير مناسبة..
ووجد في المصارين (16 خرم)..
ولكنها توفيت في الصباح بعد أن نجحت العملية نتيجة إهمال التمرجي الذي لم يبلغ الدكتور أن حالتها ساءت..
إذ أنه انتظر وبلغه أنها توفيت..

السبت 18 ديسمبر:

كلمت كمال بشارة.. وطلبت منه أن يطلب المنزل (السيد بك يوسف) ويبلغه أني بخير..
اتصلنا صدفة ببشير وقال إنه قريب منا وسيفتح معنا الساعة 1500 يوميا..
عسكري جريح جرحاً غير ثاقب..

الاثنين 20 ديسمبر:

أذاعت “إسرائيل” أن رايلي عاد من مصر بعد مقابلة حيدر باشا..

الثلاثاء 21 ديسمبر:

أذاعت “إسرائيل” أن رايلي قد أبلغ حكومة “إسرائيل” (المزعومة) أن الحكومة المصرية رفضت الكلام في شؤون الهدنة الدائمة حسب قرار مجلس الأمن بتاريخ 16 نوفمبر قبل إخلاء اليهود للنقب حسب قرار مجلس الأمن السابق بتاريخ 4 نوفمبر..
وقالت إن الحكومة “الإسرائيلية” كانت إظهارا لحسن نيتها قد وافقت على سحب القوات المصرية من الفالوجة على دفعات..
وأذاعت أن رد وزارة الخارجية على ذلك سيقدم إلى رايلي باكرا صباحا..
قمح ولحم

الأربعاء 22 ديسمبر:

حلقت أربع طائرات وضربت الفالوجة..
وقد أصابت “البوفرز” واحدة منها وأسقطت خلف الجسر..
ونزل الباقون في مطار بير توفيا..
أرسل بشير من أدنا يقول إن عنده ثلاثة رجال من عراق المنشية.. وماذا نريد حتى يرسله معهم..
أرسلنا له أننا نريد طلقات إشارة وذخيرة ألماني وأي مأكولات وفواكه..
والحقيقة أن الأكل الآن عبارة عن قمح ولحم..
القمح منه عيش ومنه دشيشة تطبخ كالفريك ومنه بليلة..
وصلت إشارة من الرياسة أن العدو سيحاول الهجوم هذا المساء أو باكر..
أذاعت “إسرائيل” رد وزارة الخارجية على رايلي وهو أن حكومة “إسرائيل” تعتبر نفسها حرة التصرف بعد أن رفض المصريون الهدنة للدفاع عن فلسطين وعن كيان “إسرائيل”..
وإن أرادت مصر السلام فلها السلام وإن أرادت الحرب فلها الحرب..

هجوم مضاد

السبت 25 ديسمبر:

حلقت طائرة معادية الساعة 500 وضربت الفالوجة بحوالي 65 قنبلة..
وضرب العدو عراق المنشية بالهاون والأسلحة الصغيرة.. ضربا شديدا لمدة ساعة..
اتصل بي السيد بك طه وقال إنه وصلته إشارة من الرئاسة تقول الآتي:
قام العدو بالهجوم على دير البلح وخان يونس، ونجح في احتلال موقع أمامي، ولكن قواتنا قامت بهجوم مضاد، واستطاعت طرد العدو من مواقعه بعد أن تكبد خسائر شديدة..
واستولت قواتنا على قافلة من 40 عربة وأسلحة ثقيلة.. وجميع خطوطنا سليمة.. والكل متشوقون لملاقاة العدو..
وصل ابن المختارة الذي توجه إلى غزة لإحضار فلوس ثمن ما أخذ من الأهالي 1500 جنيه..
وقد حكى عما قابله في غزة..
فالقوات كثيرة جدا والعدو ضرب وغرقت إحدى سفنه الحربية وسقطت طائرتان.. والجميع يشيدون بذكر ما تبديه القوات في عراق المنشية والفالوجة..

الأحد 26 ديسمبر:

حلقت طائرة في المساء وضربت عراق المنشية.. وحلقت طائرات وضربت الفالوجة.. والنشاط مزداد جدا بالنسبة للعدو..
لا أزال أنام في الحجرة مع القائد.. ويظهر أنه لابد من الذهاب إلى الخندق..
الطائرات تمر طول الليل.. تحلق الطائرة مدة طويلة تضرب أثناءها عشر قنابل..
هي حرب أعصاب أكثر من تأثير القنابل.. ولو أن القنابل لا تؤثر..
سقطت قنبلتا هاون على مجموعة من الأهالي فجرح 12 ومات 3.
الدكتور كثرت أعماله وجرحاه..

اليوم العصيب

الاثنين 27 ديسمبر:

كان هذا اليوم يوما عصيبا جدا.. وبدأت شدته في الساعة 830 عندما حلقت فوقنا خمس طائرات معادية..
وضربت البلدة بالقنابل الثقيلة جدا..
كانت الطائرة تعمل Dive وتنزل القنبلة فنسمع لها صوتاً أثناء نزولها أشنع من صوت الطائرة..
يعقبه انفجار شنيع يهز كل البلدة الصغيرة.. والخندق أيضا..
وفي الساعة 900 بدأ العدو يضرب عراق المنشية بالمدفعية الثقيلة.. وكان الضرب شنيعا حتى أننا فضلنا عليه ضرب الطائرات.. واستمر هذا الضرب طول النهار حتى الساعة 2200 ليلا.. وكان المعدل طلقة كل دقيقة..
وقد سقطت قنبلة على منزل المنياوي فدمرته وجرح المنياوي جرحا بسيطا.. وخرج ومعه مدكور ليوصله إلى المستشفى.. فسقطت بجوارهما قنبلة أخرى.. جرح فيها مدكور جرحا بليغا ونقل إلى المستشفى.. وكان الدكتور في حالة عصبية شنيعة، فلم يتمكن تحت هذا الضرب من الوصول للمستشفى.. وسقطت قنابل على المستشفى.. فمات مدكور.. ومات عدد من الجرحى ومن الممرضين.. وكانت الحالة شنيعة جدا..
وفي الساعة 1600 حلقت ست طائرات معادية..
ضربت البلدة بقنابلها الثقيلة.. وكانت البلدة الصغيرة عبارة عن جحيم مطلق.. وكانت الهاونات تشترك في ذلك..
وفي الليل كانت جميع الخطوط التليفونية التي تعمل بين الرئاسة والسرايا قطعت بعد إصلاحها في النهار تحت الضرب الشديد.. وبذلك كان الاتصال مع المواقع الدفاعية عسيرا..
وكانت الطريقة الوحيدة هي المراسلة.. وقد اتصلنا بالفالوجة باللاسلكي على شبكة رئاسة القوات..
معركة حامية

الثلاثاء 28 الأربعاء 29 ديسمبر:

في الساعة 230 وصل عبد الله أفندي قائد السرية السودانية.. وبلغني أن العدو دخل عراق المنشية من الجهة الجنوبية الغربية.. وأن الفصيلة السودانية الثانية انسحبت بدون قتال..
وأن الخط من الخور الموصل إلى الفالوجة إلى مواقع الفكرز و6 رطل قد احتله العدو بدون قتال..
وكانت أكبر مفاجأة وكارثة قابلتني.. وأرسلت مراسلة إلى الإبراشي حيث أنه أول من سيقابل العدو، وكانت جميع الخطوط مقطعة.. وأرسلت إلى خالد ليقوم بفصيلتي الاحتياط، ويمنع تقدم العدو إلى البلدة..
إلى حسن عثمان ليجهز فصيلة من سريته..
واتصلت بأبو سبع ليجهز فصيلة والهاون 2.4 بوصة ليكون مستعدا..
حيث إنه سيكون أول نقطة بعد الحملة..
وأرسلت للمعاونة لتثبت في مواقعها وتحمي جنبها الشمال..
وصارت المعركة كالآتي:
توجه خالد ومعه الفصيلتان إلى الحملة ليسد الثغرة..
ففوجئ بالعدو الذي قذفه بالقنابل اليدوية، فقتل عشرة وتفرق الباقون..
ودخل خالد إلى منزل الإبراشي..
تقدم اليهود ودخلوا المنزل المواجه للإبراشي، وكان به الترزية الملكية فضربوهم بالدشم.. واحتلوا المنزل بعد أن رموا فيه قنابل يدوية.. وكانت الأخبار مائعة والليل يوشك على الانتهاء..
أرسلت فصيلة السرية الثانية إلى محل الهاون 4.2 بوصة.. وأرسلت فصيلة س 4 إلى الحلة عن طريق المعاونة..
وطلبت من الفالوجة أن تضرب الخط الذي احتله العدو في مواقعنا بالمدفعية..
وكذلك طلبت من الهاون 2.4 بوصة بضربه.. وطلبت من الفالوجة سرية وحمالات وهاون..
بدأ النهار في الظهور.. وبذلك بدأنا نلم بالموقف..
العدو محتل المنزل المواجه للحملة ومنزل المختار في أعلى البلد ومنزلاً آخر والتين الشوكي..
اندفعت حمالتان من الكتيبة (ولم يكن هناك بنزين لتشغيل غيرهما) في طريق المعاونة..
وتجمعت الجنود في ميدان الجامع..
ووصل عمر وقال إن العساكر متفرقون.. فخرج معه خليل.. وعاد خليل.. ووصل عمر مرة أخرى، وقال إن العساكر مازالوا متفرقين، فخرج معه القائد..وعاد..
ووكل عمر مرة أخرى، وقال إن مافيش فايدة.. فالعساكر مازالت متفرقة..
فطلب منه القائد أن يجمعهم.. فقال أنا تعبان لما أستريح..
وكنت حتى ذلك الوقت موجودا بالرئاسة حتى ألم بالموقف أولا بأول، وحتى أستطيع التصرف في الحال..
ولكن على إثر كلام عمر قررت الخروج فخرجت معه، وجدت عساكر في طريق الجامع وفي شارع الرئاسة، فأخذتهم معي وتوجهت إلى ميدان الجامع..
وكان العدو مازال محتلا للمنزل المواجه للحملة الذي يطل على الميدان فحاصرته قواتنا من جهة الحملة ومن جهة الجامع..
وضربوا المنزل بالقنابل اليدوية واقتحموه، وقد قتل في هذا المنزل حوالي خمسين يهوديا..
وبلغت أن العدو مازال في منزل المختار..
وقبل ذلك وصلت الساعة 620 جماعة حمالات من الفالوجة ووصلت قبلها حمالة فيها وحيد جودة وشديد وجماعة فكرز..
فتقدم إلى التين الشوكي عند الخور شمال المعاونة وفتح نيرانا على العدو الموجود في التين الشوكي فقتل عددا وفر الباقي.. ولكن نيران الفكرز لاحقتهم..
وحضر شكري في عربة هامر إلى الميدان وجماعة حمالات ك1 وحمالتين من ك 6.
فطلبت منهم التقدم وتطهير التين الشوكي وسد الثغرة في الخط الدفاعي..
فتقدموا وأدوا واجبهم كاملا..
وقد كان منزل المختار منزلا حجريا فطلبت مدفع 6 رطل لضربه.. ولكن لم أجد عربة بها بنزين لسحب المدفع..
وعليه أرسلت قوة للمنزل.. وتوجهت إليه مع كمال رؤوف الذي كان معي في كل العملية..
وقد فر العدو إلى التين الشوكي بعد أن قتل منه عدد كبير..
وبذلك طهرت البلدة، وأرسلت لأبوسبع حتى ينشر سريته ويشترك مع السودانية في سد الثغرة التي تركها السودانيون وذهبوا إلى مواقعنا الشرقية ورفضوا التقدم..
وقد انتهت المعركة حوالي الساعة 1000 بعد أن طهرت البلدة جميعها.. وكان القتلى في البلدة (84) والأسرى (5)..
وفي الساعة 1100 وصلت السرية التي طلبت من الفالوجة فاحتلت الجزء الخالي الذي تركه السودانية.. وكانت الحمالات قفلته..

استجواب
الخميس 30 ديسمبر

كان قتلانا 50 والجرحى 64.
وقد ارتفعت الروح المعنوية جدا بعد المعركة..
أبلغني قائد السرية السودانية أن أحد عشر عسكريا من السرية قد هربوا من المواقع إلى الخليل.. وأن خمسة عشر آخرين يرفضون العمل ويريدون الذهاب إلى غزة، وقد أرسلناهم إلى الفالوجة..
استجوبت الأسرى وعرفت منهم الخطة.. وهي أن القوة المهاجمة عبارة عن قوة جمعت من المستعمرات من الكتيبة 33.
وقد وصلوا عراق سويدان ومكثوا بها 3 أيام.. ثم وصلوا خربة عطا الله ومكثوا بها 24 ساعة.. وتحركوا منها يوم 28 الساعة 2000 لغرض احتلال عراق المنشية..
القوة كانت ست سرايا.. تتقدم 3 سرايا في وادي العظاطة الساعة 200 يوم 29.
سرية تحتل الخط الدفاعي عند الوادي..
وسرية تتقدم لاحتلال البلدة..
وسرية تتقدم لاحتلال ............ (يتوقف عند هذه الكلمة الصاغ جمال عبد الناصر عن كتابة يومياته)..
وقد توقفت الكتابة في منتصف الصفحة بما قد يعني أنه توقف لأسباب اضطرارية من عودة الهجوم اليهودي على المواقع المصرية.. وبقيت في الدفتر صفحة أخيرة في نهاية عام عاصف لم يكتب فيها.. وعلى غلافه الخارجي بقعة من دمه).

__________________

__________________

إنتهي نقل مذكرات جمال عبدالناصر التي كتبها بخط يده ، خلال حرب فلسطين 1948




د. يحي الشاعر
 
التعديل الأخير:
الله يعينك على وضع المواضيع ويعطيك العافية
 
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
 
عودة
أعلى