بقلم: أ. د. نبيل سليم علي
ماذا يحدث لو تعرضت دولة أو مدينة لهجوم بيولوجي وما هي الأمراض الجرثومية والمضاعفات الخطيرة التي تسببها الأسلحة البيولوجية، وكيف يتصدى العلماء لمثل هذه الأوبئة ولتأثيراتها على الإنسان والبيئة؟.. إنها أسئلة كثيرة تطرح نفسها على التطور التكنولوجي الذي لحق بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، وجعلها مصدر ذعر للبشرية جمعاء.
فهل الأسلحة البيولوجية فعالة ومرعبة حقيقة إلى هذا الحد.. إجابتي تستند إلى أكثر من ثمانية وعشرين عاماً في العمل الطبي بمجال التكميل والتجميل وعلاج الحروق، وأيضاً على صعيد البحث في الأسلحة البيولوجية وتطورها واختبارها.. هي نعم، القاطعة بكل تأكيد..
إن هذه الأسلحة جذابة لبعض الدول والجماعات الإرهابية والدول الاستعمارية المغتصبة مثل إسرائيل وغيرها، لأنها سهلة وغير مكلفة على صعيد الإنتاج، ويمكن أن تتسبب في حدوث وانتشار الأمراض والوفيات والذعر على نطاق واسع، كما أن تأثير هذه الأسلحة لا يظهر سريعاً ولا يكون واضحاً بصورة مباشرة، الأمر الذي يتيح الوقت الكافي للإرهابيين كي يهربوا بسهولة.
ورغم أن هناك معاهدة تحظر إنتاج الأسلحة البيولوجية، وهي معاهدة الأسلحة البيولوجية لعام 1972م وهي مازالت نافذة المفعول، وحيث وقعت عليها 140 دولة، إلا أنها لا تتضمن آليات تنفيذ مهمة.. ولقد سخرت كثير من البلدان الموقعة على المعاهدة، بما في ذلك روسيا والعراق، وقد حدث أن طائفة يابانية إرهابية تسمى (أوم شنريكيو) أي الحقيقة المطلقة، قتلت أثني عشر شخصاً في إحدى محطات المترو في طوكيو عام 1995م باستخدام غاز الأعصاب، وقد حصلت أيضاً على بكتيريا الإنتراكس،
كيف لنا أن نخفف من خطر الإرهاب البيولوجي؟
لا شك أن هناك الكثير من الآمال المعقودة على وجود ودور اللقاحات والأمصال، وحتى لو وجدت اللقاحات ضد كل عنصر محتمل وهي ليست موجودة حتى الآن فسيكون من المستحيل تطعيم كل شخص في بلد ما ضد عشرات الأمراض، ونرى بدلاً من ذلك أن نكرس الموارد لمنع حدوث المرض قبل التعرض له، ومعالجة المرض الذي يحدث في ظروف طبيعية. ومثل هذه الأبحاث سيكون لها ميزة إضافية تتمثل في مساعدة أولئك الذين يصابون بهذه الأمراض في ظل ظروف طبيعية. وعلينا كذلك إعداد خطط شاملة للرد على أي عمل من أعمال الإرهاب البيولوجي. ويشمل ذلك الاستعداد الكامل بإعلان حالة الطوارئ، وكيفية التعامل معه، إضافة إلى تفاصيل أخرى مثل إجراءات الحجر الصحي وشحن الأدوية وغيرها.
وفي الوقت الذي نستعد فيه للهجمات الإرهابية فإن علينا ألا ننسى خطورة برامج الأسلحة البيولوجية التي ترعاها بعض الدول. فالإغراء الذي تنطوي عليه مثل هذه الأسلحة هو خطر حقيقي وكبير جداً، وإذا كانت الأسلحة البيولوجية مغرية جداً إلى المدى الذي حدا بهذه الدول إلى المخاطرة بتحمل اللوم العالمي وإنفاق الموارد الضخمة لإنتاجها. ووصل بعض البرامج فيها إلى أوجه في السنوات العشرين التي أعقبت مصادقتها على معاهدة عام 1972م.
لقد عمل 32 ألف شخص في شركة (بيوبربياراتا) Biopreparata الروسية من المعروف أن روسيا لم توقع على تلك المعاهدة وهي شركة لإنتاج الأدوية واللقاحات، لكنها تحت غطاء ما تعمل في مجال الأسلحة البيولوجية، كما عمل نحو عشرة آلاف شخص آخرين في مختبرات الأسلحة البيولوجية التابعة لوزارة الدفاع، فيما كان عشرات الآلاف من الأشخاص موزعين عبر وكالات أخرى. وامتلك الروس القدرة على إنتاج كميات ضخمة من العناصر الكثيرة والمختلفة. وكان بالإمكان حشو مئات الأطنان من الإنتراكس وعشرات الأطنان من جراثيم الجدري والطاعون التي كدسوها، في قنابل وصواريخ لاستخدامها في غضون أيام.
لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تم إغلاق البرنامج الروسي لإنتاج الأسلحة البيولوجية بأوامر من الرئيس بوريس يلتسين عام 1992م. واليوم، عندما نقرأ عن النتاج الحديث في المنشورات العلمية، يبدو لنا من الصعب تصور عدم وجود علاقة بين الروس وبين الأسلحة البيولوجية. فقد أنتج العلماء الروس سلالات مقاومة للمضادات الحيوية، تم تعديلها جينياً، من الطاعون والإنتراكس وداء (التولاريميا) Tularemiaa ، و (الرغام) Glandersa والأخير مرض يصيب الخيول فيؤدي إلى سيلان المخاط من أنوفها بشكل دائم، ويعمل هؤلاء العلماء على إنتاج سلالة من الإنتراكس تتغلب على جهاز المناعة وتشل قواه. كما أنهم يعملون على تطوير أساليب لتبديل فيروس الجدري جينياً في الوقت الذي يحافظون فيه على حدته وخبثه. كما طورواً تقنيات لاستزراع فيروس (ماربورج)
Marburg) ) مرض القرد الأخضر، وهو يتسبب في حدوث الحمى والنزيف وتم تشخيصه لدى العلماء العاملين في مجال البحوث على القرود الخضراء في ماربورج في ألمانيا و(ماتشوبوا) (Machupoa) وهذا مجرد جزء يسير من الأعمال المنشورة لعلماء شركة (بيوبريبارات)، الذين يفترض أنهم لم يعودوا إلى المساهمة في تطوير الأسلحة البيولوجية.
ويعتقد معظم الخبراء الدوليين والمسؤولين الأمريكيين أن العلماء الروس لا يمارسون هذا العمل ويقولون: لكننا نخشى أن دراساتهم المنشورة لا تعدو كونها قمة جبل من الجليد، وأن هناك الكثير من العمل الذي مازال يجري وراء الأبواب المغلقة لمختبرات وزارة الدفاع، وإضافة إلى ذلك، فإن قدراً كبيراً من المعلومات التي نشرها العلماء الروس في السنوات العشر الماضية وهم مستمرون في نشرها ستكون ذات فائدة عظيمة للبلدان الأخرى أو الجماعات الإرهابية المهتمة بالأسلحة البيولوجية. ويشك عدد من الخبراء في أنه منذ أن أغلقت روسيا برنامجها عام 1992م، قام بعض الباحثين الروس بتسويق خدماتهم لدى البلدان الأخرى. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لديها مصلحة قوية في ضمان أن يكون لهؤلاء الخبراء في مجال الأسلحة البيولوجية أعمال بحث مشروعة يقومون بها في أوطانهم، بهدف منع المهارات الروسية من الوصول إلى بلدان أخرى. ويعتقد بعض العلماء الأمريكيين أن على الولايات المتحدة القيام بجهد أكبر لتشجيع التعاون من خلال توسيع نطاق تبادل البرامج وإنفاق المزيد من الأموال لتمويل أبحاث العلماء الروس.
معاهدات اتفاق على عدم الاتفاق:
ومثل هذا التعاون يمكن أن يكون خصباً ومثمراً، لأن الروس يتوفرون على خبرة هائلة في مجال الهجمات البيولوجية، كما أن التعاون يمكن أن يسهم في تهدئة كثير من المخاوف المتعلقة باحتمال استمرار الروس في تطوير أسلحة بيولوجية، وتحرير الروس من فكرتهم الخاطئة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تمتلك برنامجاً مماثلاً، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الفرص للرقابة الدولية ويقلل من احتمال تصدير التكنولوجيا الروسية لاستخدامها في الأسلحة. ومن سوء الحظ أن مثل هذا التعاون ليس عديم الجدوى فحسب، بل هو خطير، إلى أن تفتح روسيا مواقعها العسكرية لإنتاج الأسلحة البيولوجية مثل كيروف ييكاتير ينبيرغ، سيرجبييف بوساد، والمصنع الجديد في ستريجي أمام عمليات التفتيش الشاملة، كما فعلت الولايات المتحدة بالنسبة إلى المواقع الأمريكية قبل سنوات طويلة. وإذا ما أردنا أن يكون لنا أي أمل في القضاء على الأسلحة البيولوجية وإزالتها من كوكب الأرض فمن الواجب دعم وتفعيل معاهدة الأسلحة البيولوجية لعام 1972م، من خلال القيام بعمليات تفتيش إجبارية على جميع الدول عظمى وصغرى.
لقد رضخت روسيا للضغوط الدولية عام 1991م، بحيث وافقت على عمليات تفتيش تقوم بها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن المواقع المدنية الروسية هي وحدها التي فتحت أمام عمليات التفتيش. وعلى المجتمع الدولي أن يحث روسيا على فتح مختبراتها السابقة لإنتاج الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك المختبرات العسكرية، أمام عمليات التفتيش، وإلى أن يصبح بإمكاننا التأكد من أنه تمت إزالة أعقد برامج الأسلحة البيولوجية في العالم، فإن محاولات الاستعداد للهجمات البيولوجية واحتواء برامج الجماعات الإرهابية وبعض الدول مثل إسرائيل، ليست سوى مجرد نفخ في الريح ولم يكتب لها النجاح أثناء الحرب الباردة وسباق التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (سابقاً) فقد تركزت مخاوف البشرية حول الترسانة النووية للفريقين، حيث قيل أن كل طرف يملك ما يكفي لقتل عشرة أضعاف عدد سكان العالم في ذلك الحين وكان من الطبيعي أن يحتل هذا الخطر، المكان الأول في المعاهدات المتتالية للحد من سباق التسلح.. في صورة تحريم للتجارب النووية أولاً.. ثم الاتفاق على الخلاص من هذه الترسانة المخيفة تدريجياً خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
هذا بالإضافة أنه لم يخطر ببال الكثيرين من سكان العالم، أن هناك خطراً أشد فتكاً، هو الأسلحة الكيميائية.. التي لم تجذب إليها الأنظار، أو يبرز الوجه الحقيقي لها، إلا بعد توقيع أول معاهدة شاملة تنص على الخلاص منها .. خلال فترة لا تزيد على عشر سنوات، هذه الاتفاقية وقعت عام 1993م.. ورغم اتساع نصوصها لتشمل جميع الأسلحة الكيميائية في العالم، فقد اهتمت مراكز الأبحاث، بما يجري في بلد واحد، هو الولايات المتحدة، ومعرفة ما يختزنه من هذه الأسلحة. وهموم وتكاليف التخلص منها، فقد كشفت الدراسات العلمية عن حقائق تثير الدهشة والقلق.. من بينها أن مخزون الولايات المتحدة من هذه الأسلحة، ينتشر في ثماني ولايات.. وبعض الجزر.. في ولاية يوتاوه وحدها، يوجد مخزن يحتوي على 16 ألف طن من هذه الأسلحة، في صور متعددة.. تشمل قذائف مدفعية، وقنابل كيميائية، وصواريخ وألغاماً وغيرها.
ومع أن معاهدة الاسلحة الكيميائية، وقعت عام 1993، فلم يبدأ العمل لتنفيذها العملي في الولايات المتحدة إلا عام 1996م.. ومن بين 16.616 طن من هذه الأسلحة في موقع واحد.. أمكن التعامل مع معظمها الأقل خطراً. وبقي 9000 طن.. حيث بتحرك العلماء بصبر وحذر ويقظة للخلاص منها، علماً بأن تكاليف التحرر الكامل منها، تصل إلى 12 ألف مليون دولار. وعلينا أن نتصور كم بلغت تكاليف إنتاجها لتصل إلى أرقام خيالية تعبر عن عبث وجنون، دون أي عقلانية، لما يجري في عالم يعاني ثلاثة أرباع سكانه من التخلف الاقتصادي، ويحتاج إلى هذه المبالغ للوصول به إلى آفاق التقدم.. والأمر لا يقف عند هذا الحد.. فالمواقع التسعة في الولايات المتحدة التي تكمن فيها هذه الأسلحة، تكلف كل واحد منها عند إنشائه، أكثر من 500 مليون دولار خلاف نفقات الخبراء والفنيين المشرفين عليها الباهظة.. وتستلزم الرقابة عليها أموالاً أخرى طائلة خوفاً من أي تسرب، وإعداد ثياب وأقنعة من نوع خاص، تشبه ثياب رواد القمر أو الخروج من السفن الفضائية، لإصلاح المراصد الفضائية، أو استعادة الأقمار العاطلة، أو بناء المحطات الفضائية لأن التجول داخل هذه المنشآت لا يقل عن أخطار التعرض في الفضاء حيث أنه إذا تسللت نقطة واحدة من غاز الأعصاب مثلاً إلى الجسم فذلك يعني الموت خلال دقائق معدودة.
إنه عالم مجنون حقاً:
وإذا كانت الولايات المتحدة، تواجه مشكلة التخلص من هذه الأسلحة وتمضي في هذا الطريق بأساليب متنوعة تشمل تحييد بعضها، أي نزع المادة الكيميائية من القذيفة أو اللغم والتعامل مع الصواريخ الأخطر بطرق مختلفة، تعتمد على إحداث ثقوب فيها، لتسريب المواد الكيمائية وقذفها في أفران خاصة، فإن الوضع في روسيا أشد خطورة.. فهي ملتزمة بنفس المعاهدة ويصعب حصر ما تملكه من أسلحة كيميائية وبيولوجية، وظروفها الاقتصادية الصعبة لا تتيح لها إنفاق المبالغ اللازمة فضلاً عن سوء الإدارة والإشراف، مما يعني صعوبة تنفيذها لهذه المعاهدة، خلال السنوات العشر المقررة للخلاص الكامل من هذه الترسانة المخيفة.
والمعاهدة لا تقتصر على الولايات المتحدة وروسيا وحدها بل تشمل جميع دول العالم التي تمتلك أو يمكن أن تنتج أسلحة كيميائية واشتركت غالبية دول العالم في التوقيع عليها باستثناء بعض الدول النامية التي تحفظت في التوقيع امتلاك دول معادية لأسلحة نووية، ترفض التخلص عنها.. أو الإشراف الدولي عليها، ومن بين الدول التي وقعت على هذه المعاهدة الصين واليابان.. والأولى تؤكد التقارير امتلاكها حوالي 700 ألف سلاح كيميائي وبيولوجي.. منتشرة في المناطق الشرقية الشاسعة لها.. ومع أن الصين تنتج هذه الأسلحة فإن الجزء الكبير منها من إنتاج ياباني .. جرى تخزينه أثناء غزو وامتلاك أجزاء من الصين في فترة الثلاثينات وحتى قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، من هنا ينبغي على اليابان دفع تكاليف التخلص من هذا المخزن الرهيب.
وتبقى نقطة هامة فإذا كانت تكاليف الإنتاج والخلاص من هذه الأسلحة تصل إلى مئات البلايين فكم تكلفت الأسلحة النووية التي وقعت معاهدات للتخلص منها من تكاليف إنتاجها، ثم القضاء عليها..
لكن الأمر المخيف حقيقة الذي يسبب ذعراً شديداً لدى الإنسان هو أنه من السهل استعمال الأسلحة البيولوجية بيسر وسهولة لأي فرد أو جماعة ولعلنا نذكر أن بعض الجماعات الإرهابية استخدمت مثل هذه الأسلحة ضد المدنيين مثلما حدث في اليابان كما ذكرنا سابقاً عندما لجأت إحدى الطوائف الدينية المتطرفة إلى استخدام غاز (السارين)، وفي جنوب أفريقيا عندما قامت الحكومة العنصرية بإنتاج أسلحة كيميائية تحمل جرثومة الجمرة الخبيثة، والسلامونيللا والكوليرا.. وعند وقوع مثل هذا الهجوم البيولوجي سيدفع آلاف المدنيين الأبرياء حياتهم نتيجة لإصابتهم بالأمراض الجرثومية الخطيرة مثل مرض الجمرة الخبيثة والجدري.. ومن المعروف أن الجمرة الخبيثة تؤدي بحياة الإنسان بعد أن تصيبه بآلام فظيعة.
والحكومات في العالم وبصفة خاصة الحكومة الأمريكية بدأت استعداداتها لشن حرب تكنولوجية للدفاع عن مواطنيها خاصة أن الطرق التقليدية لم تعد تجدي لكبح نشاط الأسلحة الجرثومية القاتلة، وبدأت بعض الشركات بالفعل في تطوير سترات واقية مصنوعة من مادة البوليمير، تقوم بمحاصرة البكتيريا والفيروسات وتطلق مواد غير ضارة بالإنسان تقضي عليها تماماً.
ويقول العلماء أنه من الضروري معرفة موطن الأمراض المعدية والحصول على كل المعلومات بشأنها، فعلى سبيل المثال فإن مرض الجمرة الخبيثة ينتشر في جنوب أفريقيا، والحصول على كل المعلومات عن هذا المرض يساعد الأطباء على معرفة ما إذا كان المرض قد انتشر بصورة طبيعية أو نتيجة لعمل إرهابي، خاصة أن تشخيص الأمراض الناتجة عن الإصابة بالبكتيريا يعتبر أمر بالغ الصعوبة، فالأعراض الأولية لهذه العدوى تكون آلاماً حادة في العضلات وحمى وصداعاً، وهي أعراض مألوفة قد تنتج عن الإصابة بالأنفلونزا ونزلات البرد.. وخلال مؤتمر عقد في استكهولم بالسويد لمواجهة هذا التهديد الخطير المتمثل في الإرهاب البيولوجي، أعلن العلماء أنهم يحاولون تطوير أجهزة على درجة عالية من الدقة وقادرة على فحص كل مريض على حدة بحيث يستطيع الأطباء التعرف على الجرثومة المسببة للمرض، كما تتيح للأطباء التقاط الجزيئات الجرثومية من أغشية رئة المريض وفحصها، وفي حربهم ضد الإرهاب البيولوجي يحاول العلماء استخدام أسلوب أطلق عليه اسم (التعريف التكنولوجي) يعتمد على استخدام الحمض النووي D.N.A. لتحديد نوع الميكروبات الدقيقة وأيضاً السم الناجم عنها مما يفتح المجال أمام إمكانية التوصل إلى تطوير مصل للوقاية من الإرهاب البيولوجي، ويقوم العلماء بتطوير عقاقير يمكنها التعامل مع مختلف أنواع العدوى الجرثومية.
القائمة المشبوهة:
أما الشيء الطريف والمخزي في نفس الوقت حقاً هو ذلك التقرير، بل أحدث تقرير قدمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى الكونجرس الأمريكي، اتهم 9 دول بالاسم بالحصول على التكنولوجيا المرتبطة بأسلحة التدمير الشامل، وخص التقرير كل دولة من الدول التسع وهي إيران، والعراق وكوريا الشمالية، وليبيا، والسودان، والهند، وباكستان، ومصر، بتقييم لنشاطها في مجالات تطوير أسلحة التدمير الشامل أو الحصول على المواد والمعدات والخبرات اللازمة لإنتاجها أو تطوير الصواريخ الباليستية القادرة على حمل هذه الأسلحة، وخلى التقرير تماماً من أي ذكر أو إشارة إلى إسرائيل. واتهم التقرير روسيا والصين وكوريا الشمالية بتزويد الدول التسع بالصواريخ أو التكنولوجيا والمواد اللازمة لصناعتها، ومعاونتها في تطوير برامجها النووية، والكيميائية والبيولوجية كما اتهم أيضاً دولاً غربية لم تحدد طبعاً بتقديم المساعدة للدول التسع في هذا المجال، وتضمن التقرير تقييماً لأنشطة الدول المشار إليها في النصف الأول من العام الماضي، وكانت وكالة المخابرات المركزية قد بدأت منذ عام 1997م تطبيقاً لقانون أصدره الكونجرس في تقديم تقرير نصف سنوي إلى مجلس الشيوخ والنواب عن نشاط الدول الأجنبية في مجال امتلاك التكنولوجيا ذات الاستخدام الثنائي في النواحي المدنية والعسكرية والتكنولوجيا الأخرى المستخدمة في تطوير وإنتاج أسلحة التدمير الشامل. وبينما كان نصيب إيران أكثر من صفحة في التقرير المكون من 7 صفحات لم يزد ما جاء فيها بشأن مصر عن سطرين وفيما يلي ملخص لهذا التقرير:
إيران: تعد إيران واحدة من أنشط الدول في السعي للحصول على تكنولوجيا أسلحة التدمير الشامل من الخارج، وفي هذا الإطار فإنها تحاول تطوير قدراتها لإنتاج أنواع مختلفة من الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، ونظم نقلها، وقد أنتجت إيران وقامت بتخزين عدة آلاف من أطنان الأسلحة الكيميائية، ويعتقد أن لديها قدرة محدودة على نشر الأسلحة البيولوجية التي بدأت إنتاجها خلال حربها مع العراق، وقد سعت إيران للحصول على المعدات والمواد والخبرة الفنية النووية من مصادر عديدة، خاصة روسيا التي تعاونها في بناء مفاعل نووي في (بوشهر) بقدرة ألف ميجاوات، وسيكون محل تفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسوف يساعد هذا المشروع إيران على نقل التكنولوجيا النووية التي ستفيدها في دعم أبحاث وتطوير الأسلحة النووية، وفي مجال الصواريخ الباليستية، سعت إيران لإنتاجها محلياً، وهي تنتج صواريخ (سكاد) قصيرة المدى كما أنتجت نماذج من الصاروخ (شهاب 2) متوسط المدى وقد أعلن وزير دفاعها عن تطوير صاروخ فضائي هو (شهاب 4) وبدء برنامج آخر للصاورخ (شهاب 5).
العراق: رغم أنه لا يوجد دليل مباشر على أن العراق استغل الفترة التي أعقبت عدم سماحه بدخول مفتشي الأسلحة الدوليين في ديسمبر 1998م في استعادة برنامجه لإنتاج أسلحة التدمير الشامل إلا أن تصرفات العراق السابقة تشير إلى احتمال قيامه بذلك، ويمكن القول أن باستطاعة العراق إعادة تنشيط هذا البرنامج في غيبة المفتشين الدوليين خلال فترة تتراوح بين عدة أسابيع وأشهر، وقد واصل العراق تطوير نظم الصواريخ قصيرة المدى التي لا تحرمها الأمم المتحدة، ويعتقد أن برنامج إنتاج الصاروخ (الصمود) في طريقه للإكتمال وكذلك الصاروخ (أبابيل) وهي صواريخ يمكن زيادة مداها.. كما يعتقد أن العراق يحتفظ في الخفاء بعدد من صواريخ (سكاد).
كوريا الشمالية: خلال النصف الأول من العام الماضي واصلت كوريا الشمالية شراء المواد الخام ومكونات الصواريخ من مصادر أجنبية متعددة خاصة من شركات صينية كما سعت لشراء تكنولوجيا تساعدها في برامجها النووية، ويعتقد أنها قد أنتجت (بلوتونيوم) يكفي لصنع قنبلة نووية على الأقل كما أن وقود مفاعلها (يونج بيون) به كمية من البلوتونيوم لإنتاج عدة قنابل أخرى.
ليبيا: أدى رفع العقوبات الدولية في عام 1999م إلى إتاحة الفرصة لليبيا إلى توسعة جهودها في شراء المواد والمعدات المستخدمة في صنع الصواريخ الباليستية وإعادة اتصالاتها مع مصادر الخبرة والمواد الكيماوية خاصة في غرب أوروبا، وتقتصر قدرات ليبيا الصاروخية على حيازة صواريخ (سكاد بي) غير أنها يمكنها بالمساعدة الخارجية تحقيق هدفها بالحصول على صواريخ متوسطة المدى، وهناك دلائل على مسعى ليبيا للحصول على قدرة تطوير وإنتاج مواد بيولوجية وتواصل تطوير برنامجها للأبحاث النووية، غير أنها تحتاج إلى مساعدة خارجية نحو خيار الأسلحة النووية.
سوريا: تمتلك دمشق مخزوناً من غاز الأعصاب، ويبدو أنها تحاول تطوير مواد كيميائية أشد فتكاً، ومن المرجح أنها تقوم بتطوير قدرات بيولوجية هجومية، وفي المجال الصاروخي واصلت سوريا العمل لإنتاج صاروخ يعمل بالوقود الصلب وتلقى معدات ومساعدة خاصة من كوريا الشمالية وشركات روسية لبرنامج إنتاج صاروخ يعمل بالوقود السائل كما استمرت في جهودها لتجميع صواريخ (سكاد سي) محلياً بمعاونة كورية.
إسرائيل خارج القائمة
السودان: يقوم السودان منذ سنوات بتطوير قدراته لإنتاج أسلحة كيميائية وقد حصل على مساعدات في هذا الشأن من شركات وهيئات في دول أخرى خاصة العراق، وبالنظر إلى تاريخ السودان في تطوير الأسلحة الكيميائية وعلاقاته الوثيقة مع العراق.. يمكن أن يكون مهتماً أيضاً ببرنامج للأسلحة البيولوجية.
الهند: تواصل الهند برنامجها لتطوير الأسلحة النووية بعد إجرائها تجارب تفجير نووي تحت الأرض في مايو 1998م، وحصولها على المعدات الأجنبية يفيدها في تطوير إنتاج أسلحة نووية أكثر تقدماً، وقد أجرت الهند في النصف الأول من العام الماضي 3 تجارب لإطلاق صواريخ قصيرة المدى منها تجربتان على الصاروخ (بريثفي 3) وتجربة على الصاروخ (دانوش).
باكستان: استمرت باكستان في الحصول على المعدات والمواد النووية من الدول الغربية بشكل خاص، وهذه المواد ذات أهمية كبرى لها إذا أرادت تطوير أسلحة نووية أكثر تقدماً.. وبمساعدة الصين تتحرك باكستان قدماً نحو إنتاج سلسلة من الصواريخ قصيرة المدى، وهذه المساعدة ضرورية لها لتطوير الصاروخ متوسط المدى (شاهين 2).
مصر: تواصل مصر جهودها لتطوير وإنتاج صواريخ باليستية بمساعدة كوريا الشمالية وهذا النشاط جزء من برنامج مستمر منذ فترة طويلة بين البلدين في مجال الصواريخ.
وماذا عن إسرائيل: بالطبع لم يشر تقرير المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن إسرائيل مستمرة بنشاط في برنامجها النووي الذي بدأته منذ الخمسينات بمساعدة فرنسية ثم أمريكية ومكنها ذلك من إنتاج 200 قنبلة ورأس نووية؟ ولم يشر التقرير إلى أنها تقوم بتطوير قدراتها الكيميائية والبيولوجية وأن المخزون الكيميائي لديها بلغ آلاف الأطنان من الغازات السامة وغاز الأعصاب ولم يتناول التقرير مخزون إسرائيل من الصواريخ المحملة بأسلحة نووية وكيميائية التي تشمل الصواريخ الأمريكية قصيرة المدى من طراز (لانس) والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من طرازي (أريحا 2) اللذين انتجتهما إسرائيل بالاستفادة من تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبأموال المعونة الأمريكية، ولم يذكر التقرير أن لدى إسرائيل من وسائل نقل أسلحة التدمير الشامل الطائرات (أف 15) و (أف 16) و (أف 4) التي حصلت عليها مجاناً من الولايات المتحدة الأمريكية؟؟.
ثم إن صح ما تضمنه التقرير عن الدول التسع، أليس غريباً أن تنصب الولايات المتحدة نفسها قيماً على الآخرين وهي الدولة التي تمتلك أكبر عدد من الأسلحة والصواريخ النووية وأكبر مخزون بيولوجي وكيميائي في العالم كله؟.. وهي أيضاً الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد المدنيين؟.. حقاً إن لم تستح فاصنع ما شئت
___________________________________
المصدر مجلة الدفاع
فهل الأسلحة البيولوجية فعالة ومرعبة حقيقة إلى هذا الحد.. إجابتي تستند إلى أكثر من ثمانية وعشرين عاماً في العمل الطبي بمجال التكميل والتجميل وعلاج الحروق، وأيضاً على صعيد البحث في الأسلحة البيولوجية وتطورها واختبارها.. هي نعم، القاطعة بكل تأكيد..
إن هذه الأسلحة جذابة لبعض الدول والجماعات الإرهابية والدول الاستعمارية المغتصبة مثل إسرائيل وغيرها، لأنها سهلة وغير مكلفة على صعيد الإنتاج، ويمكن أن تتسبب في حدوث وانتشار الأمراض والوفيات والذعر على نطاق واسع، كما أن تأثير هذه الأسلحة لا يظهر سريعاً ولا يكون واضحاً بصورة مباشرة، الأمر الذي يتيح الوقت الكافي للإرهابيين كي يهربوا بسهولة.
ورغم أن هناك معاهدة تحظر إنتاج الأسلحة البيولوجية، وهي معاهدة الأسلحة البيولوجية لعام 1972م وهي مازالت نافذة المفعول، وحيث وقعت عليها 140 دولة، إلا أنها لا تتضمن آليات تنفيذ مهمة.. ولقد سخرت كثير من البلدان الموقعة على المعاهدة، بما في ذلك روسيا والعراق، وقد حدث أن طائفة يابانية إرهابية تسمى (أوم شنريكيو) أي الحقيقة المطلقة، قتلت أثني عشر شخصاً في إحدى محطات المترو في طوكيو عام 1995م باستخدام غاز الأعصاب، وقد حصلت أيضاً على بكتيريا الإنتراكس،
كيف لنا أن نخفف من خطر الإرهاب البيولوجي؟
لا شك أن هناك الكثير من الآمال المعقودة على وجود ودور اللقاحات والأمصال، وحتى لو وجدت اللقاحات ضد كل عنصر محتمل وهي ليست موجودة حتى الآن فسيكون من المستحيل تطعيم كل شخص في بلد ما ضد عشرات الأمراض، ونرى بدلاً من ذلك أن نكرس الموارد لمنع حدوث المرض قبل التعرض له، ومعالجة المرض الذي يحدث في ظروف طبيعية. ومثل هذه الأبحاث سيكون لها ميزة إضافية تتمثل في مساعدة أولئك الذين يصابون بهذه الأمراض في ظل ظروف طبيعية. وعلينا كذلك إعداد خطط شاملة للرد على أي عمل من أعمال الإرهاب البيولوجي. ويشمل ذلك الاستعداد الكامل بإعلان حالة الطوارئ، وكيفية التعامل معه، إضافة إلى تفاصيل أخرى مثل إجراءات الحجر الصحي وشحن الأدوية وغيرها.
وفي الوقت الذي نستعد فيه للهجمات الإرهابية فإن علينا ألا ننسى خطورة برامج الأسلحة البيولوجية التي ترعاها بعض الدول. فالإغراء الذي تنطوي عليه مثل هذه الأسلحة هو خطر حقيقي وكبير جداً، وإذا كانت الأسلحة البيولوجية مغرية جداً إلى المدى الذي حدا بهذه الدول إلى المخاطرة بتحمل اللوم العالمي وإنفاق الموارد الضخمة لإنتاجها. ووصل بعض البرامج فيها إلى أوجه في السنوات العشرين التي أعقبت مصادقتها على معاهدة عام 1972م.
لقد عمل 32 ألف شخص في شركة (بيوبربياراتا) Biopreparata الروسية من المعروف أن روسيا لم توقع على تلك المعاهدة وهي شركة لإنتاج الأدوية واللقاحات، لكنها تحت غطاء ما تعمل في مجال الأسلحة البيولوجية، كما عمل نحو عشرة آلاف شخص آخرين في مختبرات الأسلحة البيولوجية التابعة لوزارة الدفاع، فيما كان عشرات الآلاف من الأشخاص موزعين عبر وكالات أخرى. وامتلك الروس القدرة على إنتاج كميات ضخمة من العناصر الكثيرة والمختلفة. وكان بالإمكان حشو مئات الأطنان من الإنتراكس وعشرات الأطنان من جراثيم الجدري والطاعون التي كدسوها، في قنابل وصواريخ لاستخدامها في غضون أيام.
لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تم إغلاق البرنامج الروسي لإنتاج الأسلحة البيولوجية بأوامر من الرئيس بوريس يلتسين عام 1992م. واليوم، عندما نقرأ عن النتاج الحديث في المنشورات العلمية، يبدو لنا من الصعب تصور عدم وجود علاقة بين الروس وبين الأسلحة البيولوجية. فقد أنتج العلماء الروس سلالات مقاومة للمضادات الحيوية، تم تعديلها جينياً، من الطاعون والإنتراكس وداء (التولاريميا) Tularemiaa ، و (الرغام) Glandersa والأخير مرض يصيب الخيول فيؤدي إلى سيلان المخاط من أنوفها بشكل دائم، ويعمل هؤلاء العلماء على إنتاج سلالة من الإنتراكس تتغلب على جهاز المناعة وتشل قواه. كما أنهم يعملون على تطوير أساليب لتبديل فيروس الجدري جينياً في الوقت الذي يحافظون فيه على حدته وخبثه. كما طورواً تقنيات لاستزراع فيروس (ماربورج)
Marburg) ) مرض القرد الأخضر، وهو يتسبب في حدوث الحمى والنزيف وتم تشخيصه لدى العلماء العاملين في مجال البحوث على القرود الخضراء في ماربورج في ألمانيا و(ماتشوبوا) (Machupoa) وهذا مجرد جزء يسير من الأعمال المنشورة لعلماء شركة (بيوبريبارات)، الذين يفترض أنهم لم يعودوا إلى المساهمة في تطوير الأسلحة البيولوجية.
ويعتقد معظم الخبراء الدوليين والمسؤولين الأمريكيين أن العلماء الروس لا يمارسون هذا العمل ويقولون: لكننا نخشى أن دراساتهم المنشورة لا تعدو كونها قمة جبل من الجليد، وأن هناك الكثير من العمل الذي مازال يجري وراء الأبواب المغلقة لمختبرات وزارة الدفاع، وإضافة إلى ذلك، فإن قدراً كبيراً من المعلومات التي نشرها العلماء الروس في السنوات العشر الماضية وهم مستمرون في نشرها ستكون ذات فائدة عظيمة للبلدان الأخرى أو الجماعات الإرهابية المهتمة بالأسلحة البيولوجية. ويشك عدد من الخبراء في أنه منذ أن أغلقت روسيا برنامجها عام 1992م، قام بعض الباحثين الروس بتسويق خدماتهم لدى البلدان الأخرى. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لديها مصلحة قوية في ضمان أن يكون لهؤلاء الخبراء في مجال الأسلحة البيولوجية أعمال بحث مشروعة يقومون بها في أوطانهم، بهدف منع المهارات الروسية من الوصول إلى بلدان أخرى. ويعتقد بعض العلماء الأمريكيين أن على الولايات المتحدة القيام بجهد أكبر لتشجيع التعاون من خلال توسيع نطاق تبادل البرامج وإنفاق المزيد من الأموال لتمويل أبحاث العلماء الروس.
معاهدات اتفاق على عدم الاتفاق:
ومثل هذا التعاون يمكن أن يكون خصباً ومثمراً، لأن الروس يتوفرون على خبرة هائلة في مجال الهجمات البيولوجية، كما أن التعاون يمكن أن يسهم في تهدئة كثير من المخاوف المتعلقة باحتمال استمرار الروس في تطوير أسلحة بيولوجية، وتحرير الروس من فكرتهم الخاطئة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تمتلك برنامجاً مماثلاً، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الفرص للرقابة الدولية ويقلل من احتمال تصدير التكنولوجيا الروسية لاستخدامها في الأسلحة. ومن سوء الحظ أن مثل هذا التعاون ليس عديم الجدوى فحسب، بل هو خطير، إلى أن تفتح روسيا مواقعها العسكرية لإنتاج الأسلحة البيولوجية مثل كيروف ييكاتير ينبيرغ، سيرجبييف بوساد، والمصنع الجديد في ستريجي أمام عمليات التفتيش الشاملة، كما فعلت الولايات المتحدة بالنسبة إلى المواقع الأمريكية قبل سنوات طويلة. وإذا ما أردنا أن يكون لنا أي أمل في القضاء على الأسلحة البيولوجية وإزالتها من كوكب الأرض فمن الواجب دعم وتفعيل معاهدة الأسلحة البيولوجية لعام 1972م، من خلال القيام بعمليات تفتيش إجبارية على جميع الدول عظمى وصغرى.
لقد رضخت روسيا للضغوط الدولية عام 1991م، بحيث وافقت على عمليات تفتيش تقوم بها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن المواقع المدنية الروسية هي وحدها التي فتحت أمام عمليات التفتيش. وعلى المجتمع الدولي أن يحث روسيا على فتح مختبراتها السابقة لإنتاج الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك المختبرات العسكرية، أمام عمليات التفتيش، وإلى أن يصبح بإمكاننا التأكد من أنه تمت إزالة أعقد برامج الأسلحة البيولوجية في العالم، فإن محاولات الاستعداد للهجمات البيولوجية واحتواء برامج الجماعات الإرهابية وبعض الدول مثل إسرائيل، ليست سوى مجرد نفخ في الريح ولم يكتب لها النجاح أثناء الحرب الباردة وسباق التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (سابقاً) فقد تركزت مخاوف البشرية حول الترسانة النووية للفريقين، حيث قيل أن كل طرف يملك ما يكفي لقتل عشرة أضعاف عدد سكان العالم في ذلك الحين وكان من الطبيعي أن يحتل هذا الخطر، المكان الأول في المعاهدات المتتالية للحد من سباق التسلح.. في صورة تحريم للتجارب النووية أولاً.. ثم الاتفاق على الخلاص من هذه الترسانة المخيفة تدريجياً خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
هذا بالإضافة أنه لم يخطر ببال الكثيرين من سكان العالم، أن هناك خطراً أشد فتكاً، هو الأسلحة الكيميائية.. التي لم تجذب إليها الأنظار، أو يبرز الوجه الحقيقي لها، إلا بعد توقيع أول معاهدة شاملة تنص على الخلاص منها .. خلال فترة لا تزيد على عشر سنوات، هذه الاتفاقية وقعت عام 1993م.. ورغم اتساع نصوصها لتشمل جميع الأسلحة الكيميائية في العالم، فقد اهتمت مراكز الأبحاث، بما يجري في بلد واحد، هو الولايات المتحدة، ومعرفة ما يختزنه من هذه الأسلحة. وهموم وتكاليف التخلص منها، فقد كشفت الدراسات العلمية عن حقائق تثير الدهشة والقلق.. من بينها أن مخزون الولايات المتحدة من هذه الأسلحة، ينتشر في ثماني ولايات.. وبعض الجزر.. في ولاية يوتاوه وحدها، يوجد مخزن يحتوي على 16 ألف طن من هذه الأسلحة، في صور متعددة.. تشمل قذائف مدفعية، وقنابل كيميائية، وصواريخ وألغاماً وغيرها.
ومع أن معاهدة الاسلحة الكيميائية، وقعت عام 1993، فلم يبدأ العمل لتنفيذها العملي في الولايات المتحدة إلا عام 1996م.. ومن بين 16.616 طن من هذه الأسلحة في موقع واحد.. أمكن التعامل مع معظمها الأقل خطراً. وبقي 9000 طن.. حيث بتحرك العلماء بصبر وحذر ويقظة للخلاص منها، علماً بأن تكاليف التحرر الكامل منها، تصل إلى 12 ألف مليون دولار. وعلينا أن نتصور كم بلغت تكاليف إنتاجها لتصل إلى أرقام خيالية تعبر عن عبث وجنون، دون أي عقلانية، لما يجري في عالم يعاني ثلاثة أرباع سكانه من التخلف الاقتصادي، ويحتاج إلى هذه المبالغ للوصول به إلى آفاق التقدم.. والأمر لا يقف عند هذا الحد.. فالمواقع التسعة في الولايات المتحدة التي تكمن فيها هذه الأسلحة، تكلف كل واحد منها عند إنشائه، أكثر من 500 مليون دولار خلاف نفقات الخبراء والفنيين المشرفين عليها الباهظة.. وتستلزم الرقابة عليها أموالاً أخرى طائلة خوفاً من أي تسرب، وإعداد ثياب وأقنعة من نوع خاص، تشبه ثياب رواد القمر أو الخروج من السفن الفضائية، لإصلاح المراصد الفضائية، أو استعادة الأقمار العاطلة، أو بناء المحطات الفضائية لأن التجول داخل هذه المنشآت لا يقل عن أخطار التعرض في الفضاء حيث أنه إذا تسللت نقطة واحدة من غاز الأعصاب مثلاً إلى الجسم فذلك يعني الموت خلال دقائق معدودة.
إنه عالم مجنون حقاً:
وإذا كانت الولايات المتحدة، تواجه مشكلة التخلص من هذه الأسلحة وتمضي في هذا الطريق بأساليب متنوعة تشمل تحييد بعضها، أي نزع المادة الكيميائية من القذيفة أو اللغم والتعامل مع الصواريخ الأخطر بطرق مختلفة، تعتمد على إحداث ثقوب فيها، لتسريب المواد الكيمائية وقذفها في أفران خاصة، فإن الوضع في روسيا أشد خطورة.. فهي ملتزمة بنفس المعاهدة ويصعب حصر ما تملكه من أسلحة كيميائية وبيولوجية، وظروفها الاقتصادية الصعبة لا تتيح لها إنفاق المبالغ اللازمة فضلاً عن سوء الإدارة والإشراف، مما يعني صعوبة تنفيذها لهذه المعاهدة، خلال السنوات العشر المقررة للخلاص الكامل من هذه الترسانة المخيفة.
والمعاهدة لا تقتصر على الولايات المتحدة وروسيا وحدها بل تشمل جميع دول العالم التي تمتلك أو يمكن أن تنتج أسلحة كيميائية واشتركت غالبية دول العالم في التوقيع عليها باستثناء بعض الدول النامية التي تحفظت في التوقيع امتلاك دول معادية لأسلحة نووية، ترفض التخلص عنها.. أو الإشراف الدولي عليها، ومن بين الدول التي وقعت على هذه المعاهدة الصين واليابان.. والأولى تؤكد التقارير امتلاكها حوالي 700 ألف سلاح كيميائي وبيولوجي.. منتشرة في المناطق الشرقية الشاسعة لها.. ومع أن الصين تنتج هذه الأسلحة فإن الجزء الكبير منها من إنتاج ياباني .. جرى تخزينه أثناء غزو وامتلاك أجزاء من الصين في فترة الثلاثينات وحتى قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، من هنا ينبغي على اليابان دفع تكاليف التخلص من هذا المخزن الرهيب.
وتبقى نقطة هامة فإذا كانت تكاليف الإنتاج والخلاص من هذه الأسلحة تصل إلى مئات البلايين فكم تكلفت الأسلحة النووية التي وقعت معاهدات للتخلص منها من تكاليف إنتاجها، ثم القضاء عليها..
لكن الأمر المخيف حقيقة الذي يسبب ذعراً شديداً لدى الإنسان هو أنه من السهل استعمال الأسلحة البيولوجية بيسر وسهولة لأي فرد أو جماعة ولعلنا نذكر أن بعض الجماعات الإرهابية استخدمت مثل هذه الأسلحة ضد المدنيين مثلما حدث في اليابان كما ذكرنا سابقاً عندما لجأت إحدى الطوائف الدينية المتطرفة إلى استخدام غاز (السارين)، وفي جنوب أفريقيا عندما قامت الحكومة العنصرية بإنتاج أسلحة كيميائية تحمل جرثومة الجمرة الخبيثة، والسلامونيللا والكوليرا.. وعند وقوع مثل هذا الهجوم البيولوجي سيدفع آلاف المدنيين الأبرياء حياتهم نتيجة لإصابتهم بالأمراض الجرثومية الخطيرة مثل مرض الجمرة الخبيثة والجدري.. ومن المعروف أن الجمرة الخبيثة تؤدي بحياة الإنسان بعد أن تصيبه بآلام فظيعة.
والحكومات في العالم وبصفة خاصة الحكومة الأمريكية بدأت استعداداتها لشن حرب تكنولوجية للدفاع عن مواطنيها خاصة أن الطرق التقليدية لم تعد تجدي لكبح نشاط الأسلحة الجرثومية القاتلة، وبدأت بعض الشركات بالفعل في تطوير سترات واقية مصنوعة من مادة البوليمير، تقوم بمحاصرة البكتيريا والفيروسات وتطلق مواد غير ضارة بالإنسان تقضي عليها تماماً.
ويقول العلماء أنه من الضروري معرفة موطن الأمراض المعدية والحصول على كل المعلومات بشأنها، فعلى سبيل المثال فإن مرض الجمرة الخبيثة ينتشر في جنوب أفريقيا، والحصول على كل المعلومات عن هذا المرض يساعد الأطباء على معرفة ما إذا كان المرض قد انتشر بصورة طبيعية أو نتيجة لعمل إرهابي، خاصة أن تشخيص الأمراض الناتجة عن الإصابة بالبكتيريا يعتبر أمر بالغ الصعوبة، فالأعراض الأولية لهذه العدوى تكون آلاماً حادة في العضلات وحمى وصداعاً، وهي أعراض مألوفة قد تنتج عن الإصابة بالأنفلونزا ونزلات البرد.. وخلال مؤتمر عقد في استكهولم بالسويد لمواجهة هذا التهديد الخطير المتمثل في الإرهاب البيولوجي، أعلن العلماء أنهم يحاولون تطوير أجهزة على درجة عالية من الدقة وقادرة على فحص كل مريض على حدة بحيث يستطيع الأطباء التعرف على الجرثومة المسببة للمرض، كما تتيح للأطباء التقاط الجزيئات الجرثومية من أغشية رئة المريض وفحصها، وفي حربهم ضد الإرهاب البيولوجي يحاول العلماء استخدام أسلوب أطلق عليه اسم (التعريف التكنولوجي) يعتمد على استخدام الحمض النووي D.N.A. لتحديد نوع الميكروبات الدقيقة وأيضاً السم الناجم عنها مما يفتح المجال أمام إمكانية التوصل إلى تطوير مصل للوقاية من الإرهاب البيولوجي، ويقوم العلماء بتطوير عقاقير يمكنها التعامل مع مختلف أنواع العدوى الجرثومية.
القائمة المشبوهة:
أما الشيء الطريف والمخزي في نفس الوقت حقاً هو ذلك التقرير، بل أحدث تقرير قدمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى الكونجرس الأمريكي، اتهم 9 دول بالاسم بالحصول على التكنولوجيا المرتبطة بأسلحة التدمير الشامل، وخص التقرير كل دولة من الدول التسع وهي إيران، والعراق وكوريا الشمالية، وليبيا، والسودان، والهند، وباكستان، ومصر، بتقييم لنشاطها في مجالات تطوير أسلحة التدمير الشامل أو الحصول على المواد والمعدات والخبرات اللازمة لإنتاجها أو تطوير الصواريخ الباليستية القادرة على حمل هذه الأسلحة، وخلى التقرير تماماً من أي ذكر أو إشارة إلى إسرائيل. واتهم التقرير روسيا والصين وكوريا الشمالية بتزويد الدول التسع بالصواريخ أو التكنولوجيا والمواد اللازمة لصناعتها، ومعاونتها في تطوير برامجها النووية، والكيميائية والبيولوجية كما اتهم أيضاً دولاً غربية لم تحدد طبعاً بتقديم المساعدة للدول التسع في هذا المجال، وتضمن التقرير تقييماً لأنشطة الدول المشار إليها في النصف الأول من العام الماضي، وكانت وكالة المخابرات المركزية قد بدأت منذ عام 1997م تطبيقاً لقانون أصدره الكونجرس في تقديم تقرير نصف سنوي إلى مجلس الشيوخ والنواب عن نشاط الدول الأجنبية في مجال امتلاك التكنولوجيا ذات الاستخدام الثنائي في النواحي المدنية والعسكرية والتكنولوجيا الأخرى المستخدمة في تطوير وإنتاج أسلحة التدمير الشامل. وبينما كان نصيب إيران أكثر من صفحة في التقرير المكون من 7 صفحات لم يزد ما جاء فيها بشأن مصر عن سطرين وفيما يلي ملخص لهذا التقرير:
إيران: تعد إيران واحدة من أنشط الدول في السعي للحصول على تكنولوجيا أسلحة التدمير الشامل من الخارج، وفي هذا الإطار فإنها تحاول تطوير قدراتها لإنتاج أنواع مختلفة من الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، ونظم نقلها، وقد أنتجت إيران وقامت بتخزين عدة آلاف من أطنان الأسلحة الكيميائية، ويعتقد أن لديها قدرة محدودة على نشر الأسلحة البيولوجية التي بدأت إنتاجها خلال حربها مع العراق، وقد سعت إيران للحصول على المعدات والمواد والخبرة الفنية النووية من مصادر عديدة، خاصة روسيا التي تعاونها في بناء مفاعل نووي في (بوشهر) بقدرة ألف ميجاوات، وسيكون محل تفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسوف يساعد هذا المشروع إيران على نقل التكنولوجيا النووية التي ستفيدها في دعم أبحاث وتطوير الأسلحة النووية، وفي مجال الصواريخ الباليستية، سعت إيران لإنتاجها محلياً، وهي تنتج صواريخ (سكاد) قصيرة المدى كما أنتجت نماذج من الصاروخ (شهاب 2) متوسط المدى وقد أعلن وزير دفاعها عن تطوير صاروخ فضائي هو (شهاب 4) وبدء برنامج آخر للصاورخ (شهاب 5).
العراق: رغم أنه لا يوجد دليل مباشر على أن العراق استغل الفترة التي أعقبت عدم سماحه بدخول مفتشي الأسلحة الدوليين في ديسمبر 1998م في استعادة برنامجه لإنتاج أسلحة التدمير الشامل إلا أن تصرفات العراق السابقة تشير إلى احتمال قيامه بذلك، ويمكن القول أن باستطاعة العراق إعادة تنشيط هذا البرنامج في غيبة المفتشين الدوليين خلال فترة تتراوح بين عدة أسابيع وأشهر، وقد واصل العراق تطوير نظم الصواريخ قصيرة المدى التي لا تحرمها الأمم المتحدة، ويعتقد أن برنامج إنتاج الصاروخ (الصمود) في طريقه للإكتمال وكذلك الصاروخ (أبابيل) وهي صواريخ يمكن زيادة مداها.. كما يعتقد أن العراق يحتفظ في الخفاء بعدد من صواريخ (سكاد).
كوريا الشمالية: خلال النصف الأول من العام الماضي واصلت كوريا الشمالية شراء المواد الخام ومكونات الصواريخ من مصادر أجنبية متعددة خاصة من شركات صينية كما سعت لشراء تكنولوجيا تساعدها في برامجها النووية، ويعتقد أنها قد أنتجت (بلوتونيوم) يكفي لصنع قنبلة نووية على الأقل كما أن وقود مفاعلها (يونج بيون) به كمية من البلوتونيوم لإنتاج عدة قنابل أخرى.
ليبيا: أدى رفع العقوبات الدولية في عام 1999م إلى إتاحة الفرصة لليبيا إلى توسعة جهودها في شراء المواد والمعدات المستخدمة في صنع الصواريخ الباليستية وإعادة اتصالاتها مع مصادر الخبرة والمواد الكيماوية خاصة في غرب أوروبا، وتقتصر قدرات ليبيا الصاروخية على حيازة صواريخ (سكاد بي) غير أنها يمكنها بالمساعدة الخارجية تحقيق هدفها بالحصول على صواريخ متوسطة المدى، وهناك دلائل على مسعى ليبيا للحصول على قدرة تطوير وإنتاج مواد بيولوجية وتواصل تطوير برنامجها للأبحاث النووية، غير أنها تحتاج إلى مساعدة خارجية نحو خيار الأسلحة النووية.
سوريا: تمتلك دمشق مخزوناً من غاز الأعصاب، ويبدو أنها تحاول تطوير مواد كيميائية أشد فتكاً، ومن المرجح أنها تقوم بتطوير قدرات بيولوجية هجومية، وفي المجال الصاروخي واصلت سوريا العمل لإنتاج صاروخ يعمل بالوقود الصلب وتلقى معدات ومساعدة خاصة من كوريا الشمالية وشركات روسية لبرنامج إنتاج صاروخ يعمل بالوقود السائل كما استمرت في جهودها لتجميع صواريخ (سكاد سي) محلياً بمعاونة كورية.
إسرائيل خارج القائمة
السودان: يقوم السودان منذ سنوات بتطوير قدراته لإنتاج أسلحة كيميائية وقد حصل على مساعدات في هذا الشأن من شركات وهيئات في دول أخرى خاصة العراق، وبالنظر إلى تاريخ السودان في تطوير الأسلحة الكيميائية وعلاقاته الوثيقة مع العراق.. يمكن أن يكون مهتماً أيضاً ببرنامج للأسلحة البيولوجية.
الهند: تواصل الهند برنامجها لتطوير الأسلحة النووية بعد إجرائها تجارب تفجير نووي تحت الأرض في مايو 1998م، وحصولها على المعدات الأجنبية يفيدها في تطوير إنتاج أسلحة نووية أكثر تقدماً، وقد أجرت الهند في النصف الأول من العام الماضي 3 تجارب لإطلاق صواريخ قصيرة المدى منها تجربتان على الصاروخ (بريثفي 3) وتجربة على الصاروخ (دانوش).
باكستان: استمرت باكستان في الحصول على المعدات والمواد النووية من الدول الغربية بشكل خاص، وهذه المواد ذات أهمية كبرى لها إذا أرادت تطوير أسلحة نووية أكثر تقدماً.. وبمساعدة الصين تتحرك باكستان قدماً نحو إنتاج سلسلة من الصواريخ قصيرة المدى، وهذه المساعدة ضرورية لها لتطوير الصاروخ متوسط المدى (شاهين 2).
مصر: تواصل مصر جهودها لتطوير وإنتاج صواريخ باليستية بمساعدة كوريا الشمالية وهذا النشاط جزء من برنامج مستمر منذ فترة طويلة بين البلدين في مجال الصواريخ.
وماذا عن إسرائيل: بالطبع لم يشر تقرير المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن إسرائيل مستمرة بنشاط في برنامجها النووي الذي بدأته منذ الخمسينات بمساعدة فرنسية ثم أمريكية ومكنها ذلك من إنتاج 200 قنبلة ورأس نووية؟ ولم يشر التقرير إلى أنها تقوم بتطوير قدراتها الكيميائية والبيولوجية وأن المخزون الكيميائي لديها بلغ آلاف الأطنان من الغازات السامة وغاز الأعصاب ولم يتناول التقرير مخزون إسرائيل من الصواريخ المحملة بأسلحة نووية وكيميائية التي تشمل الصواريخ الأمريكية قصيرة المدى من طراز (لانس) والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من طرازي (أريحا 2) اللذين انتجتهما إسرائيل بالاستفادة من تعاونها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبأموال المعونة الأمريكية، ولم يذكر التقرير أن لدى إسرائيل من وسائل نقل أسلحة التدمير الشامل الطائرات (أف 15) و (أف 16) و (أف 4) التي حصلت عليها مجاناً من الولايات المتحدة الأمريكية؟؟.
ثم إن صح ما تضمنه التقرير عن الدول التسع، أليس غريباً أن تنصب الولايات المتحدة نفسها قيماً على الآخرين وهي الدولة التي تمتلك أكبر عدد من الأسلحة والصواريخ النووية وأكبر مخزون بيولوجي وكيميائي في العالم كله؟.. وهي أيضاً الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد المدنيين؟.. حقاً إن لم تستح فاصنع ما شئت
___________________________________
المصدر مجلة الدفاع