احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,832
التفاعل
19,649 126 0
احتفالنا بالمولد النبوي الشريف : بين البدعية والسنية

امحمد رحماني


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم ووالهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فتخلد الأمة الإسلامية في التاسع من ربيع الأول كل عام ذكرى مولد خير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتظهر فرحها وسرورها في هذه المناسبة العظيمة بمنة الله عليهم أن أرسل إليهم رسولا من عنده يهديهم إلى صراطه المستقيم ويوضح لهم المعالم ويجلي لهم السبل حتى يستمروا على هديه في الحياة الدنيا إلى أن يلقوه يوم القيامة شفيعا وساقيا لهم من حوضه الشريف .
والجدر بالذكر أن الأمة الإسلامية تنقسم إلى قسمين في احتفالها بهذه المناسبة الشريفة ، فقسم يحتفل بالتجمع والتجمهر والرقص والاختلاط والتمايل على إيقاعات موسيقية معلومة تبيح لهم إخراج مكبوتاتهم ونوازعهم النفسية الشريرة ليتخلصوا منها كما يزعمون ، ويدعون حضور النبي صلى الله عليه وسلم بجسده الشريف يقظة في هذه الاحتفالات ليبارك للحاضرين والزائرين والقائمين على هذا الحفل . وقسم آخر يحتفل بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بعقد المحاضرات والندوات والدروس في المساجد وتنظيم المسابقات القرآنية والأماديح النبوية يتلاقى في ضوئها عباد الله يتذاكرون كتاب الله وسنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينفض جمعهم وتتفرق جماعتهم بعد إحياء هذه الليلة العظيمة .
ولا شك قد اختلف القائلون في الاحتفال بهذه المناسبة اختلاف القسمين من الأمة .
ففريق من العلماء يرى أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو محض بدعة محدثة لم يأت بها نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها الصحابة والتابعون وهم خير القرون ، فلا يجوز للمسلمين أن يحتفلوا بهذه الذكرى .
وفريق آخر من العلماء يرى أن الاحتفال سنة نبوية يدل عليها الحديث الذي سئل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين فقال :"هذا يوم ولدت فيه فأنا أصومه" ويستدلون كذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الموجبة حب النبي صلى الله عليه وسلم .
والحقيقة أن الفريق الأول من العلماء معذور في حكمه على الاحتفال بكونه بدعة ، لكن إن اقتصر الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم على ما يقوم به القسم الأول من الأمة من الاحتفال بما نهى عنه الشرع .
وكذلك الفريق الثاني من العلماء معذور في حكمه على الاحتفال بكونه سنة ، لكن إن اقتصر الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم على ما يقوم به القسم الثاني من الأمة من الاحتفال بما يرضي الله .
والناظر للمسألة من هذه الجهة يرى أن كلا الفريقين من علماءنا الكرام على صواب سواء من حكم على الاحتفال بالبدعية وعلى من حكم عليه بالسنية .
لكن أن تنقلب المفاهيم فتنقلب بدورها الأحكام فيصبح الفريق الأول من العلماء يحكم على الاحتفال بالمولد بالبدعية جملة وتفصيلا دون مراعاة لطرق الاحتفال ومقاصدها ، ويصبح الفريق الآخر يحكم على الاحتفال بالمولد بالسنية جملة وتفصيلا دون مراعاة لما يقع في الاحتفال من انتهاك لشرع الله وحرماته ، فهذا في نظري يحتاج لتروي واتزان قبل إصدار الحكم الشرعي في المسألة .
نحن لا نختلف مع الفريق الأول من علماءنا الكرام في كون الاحتفال بالمولد النبوي أنه بدعة وأمر لا يجوز إذا وقع فيه ما لا يقره الشرع ، ولا نتفق معهم في تعميمهم لهذا الحكم على كل احتفال بالبدعية سواء كان موافقا للشرع أم لا .
وكذلك نحن لا نختلف مع الفريق الثاني من علماءنا الكرام في كون الاحتفال بالمولد النبوي أنه سنة وأمر مباح في الشرع بل وواجب في بعض الأوقات إذا لم يقع فيه ما لا يقره الشرع ، ولا نتفق معهم في تعميمهم لهذا الحكم على كل احتفال بالسنية سواء كان موافقا للشرع أم لا .
فالاحتفال بالمولد النبوي بأخذ حكمه مما يقع فيه من الأمور ، فإن كان يقع فيه من الواجبات أو المستحبات أو المباحات فحكمه حكمها ، وإن كان يقع فيه من المحرمات والانحرافات والانتهاكات فحكمه حكمها كذلك . وغير جائز الحكم بالبدعية أو السنية على الاحتفال تعميما .
ثم إنه أصلا لا يحكم على الاحتفال بالبدعية أو السنية لأن الاحتفال بالمولد النبوي ليس أمر بدعة أو سنة لأننا في احتفالنا بالمولد النبوي الشريف لسنا في مجال العبادة أصلا ، ولكنه أمر الطريقة الحسنة أو الطريقة السيئة ، لأننا في مجال من مجالات العادات التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " ولا مراء في أن المراد بالسنة هنا الطريقة والعادة ، والذين يحكمون بالبدعة على كل شيء لم يقع في وقت النبي صلى الله عليه وسلم يعطلون هذا الحديث عن العمل .

فلا يكون من باب المنظور شرعا الحكم على الاحتفال بالبدعية بدليل أنه لم يقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعله الصحابة وتابعيهم رضوان الله عليه ، فهناك أمور لم تقع في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه ولا تابعيهم ولا يحكم عليها بالبدعية بل إنه لا يحكم على كل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بالسنية ولا بكل ما تركه بالبدعية وهذا أمر معلوم عند العلماء ، فلا يعتبر الزواج بأكثر من أربع سنة نبوية يجب الاقتداء فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلا كان المسلم مرتكبا للحرام إن فعل ذلك ، ولا يسعى المسلم بين الصفا والمروة على بعير اتقاء من إذاية إخوانه من الساعين والحجاج على العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسعى بين الصفا والمروة على قدميه في حجة الوداع وإنما سعى على بعير وقد قيل لابن عباس :"السنة السعي بين الصفا والمروة على بعير" فغضب ابن عباس وقال :"صدقوا وكذبوا" فقيل له : ما صدقوا وما كذبوا ؟ فقال :"صدقوا : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعير ، وكذبوا : ليس ذلك بسنة ، إنما طاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعير ليروا مكانه ويسمعوا كلامه ولا تناله أيديهم".
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمورا كثيرة ولم يعتبرها العلماء بدعة محدثة في الدين ، وقد أنشد أحد شيوخنا الأفاضل أبو الفضل عبد الله بن محمد الغماري رحمه الله فقال :
الترك ليس بحجة في شرعنا * لا يقتضي منعا ولا إيجابا
فمن ابتغى حظرا بترك نبينا * ورآه حكما صادقا وصوابا
قد ضل عن نهج الأدلة كلها * بل أخطأ الحكم الصحيح وخابا
لا حظر يمكن إلا إن نهي أتى * متوعدا لمخالفيه عذابا
أو ذمُ فعل مؤذن بعقوبة * أو لفظ تحريم يواكب عابا​

فلا يكون ترك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم لشيء دليلا على البدعية أو التحريم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ترك شيئا فيحتمل وجوها كثيرة غير التحريم :
- فيحتمل أن يكون تركه عادة .
- أو يكون تركه نسيانا .
- أو يكون تركه مخافة أن يفرض على أمته .
- أو يكون تركه لعدم تفكيره فيه ولم يخطر بباله .
- أو يكون تركه لدخلوه في عموم آيات أو أحاديث .
- أو يكون تركه خشية تغير قلوب الصحابة أو بعضهم .
فالترك لا يدل على التحريم إلا إذا أتى معه حديث نهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته .
والحقيقة أن السلف الصالح رضوان الله عليهم تركوا الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم لا لأنهم رأوا فيه حديث نهي أو كراهة وإنما لوجود النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فأغناهم وجوده بينهم عن هذا الاحتفال ، وهذا أمر معلوم ومعروف وقد تكلم فيه العلماء بإسهاب .
ولا بد في هذه المسألة من طرح سؤالين يكونان بإذن الله شافيان وكافيان :
السؤال الأول : كيف نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ؟
فلا بد أن يكون احتفالنا في حدود ما تسمح به الضوابط الشرعية ، كما أشار لذلك أستاذنا وشيخنا الكريم عبد القادر بيطار في مقاله السابق ، وقوله ذلك يعني :

خلو الاحتفال من المنكرات أو مما حرم الله :
-كالاختلاط : فلا يجوز في الاحتفال الاختلاط بين الجنسين لأن في هذا مدعاة للفاحشة .
-التخلف عما أوجبه الله : فلا يجوز التخلف عن الجمع والجماعات بعذر الاحتفال فأحسن ما يفرح النبي صلى اله عليه وسلم ويدخل السرور على قلبه هو تعميرنا للمساجد وحضورنا للجمع وإتباعه قولا وعملا وسلوكا وعدم ادعاء محبته دون إتباعه وإلا كان احتفالنا نفاقا .
-حضور النبي صلى الله عليه وسلم : وهذا منكر عظيم كادعاء بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر احتفالاتهم وموالدهم ، فإن سمع المسلم ذلك غادر الاحتفال وخرج منه وإلا كان مشاركا في ادعائهم وتكثيف وجودهم وجماعتهم .
-عدم الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم في الاحتفال : فلا يجوز إن يقع في الاحتفال ما يمكن أن يسيء للنبي صلى الله عليه وسلم كالكذب عنه وعليه وإجراء الأحاديث الموضوعة والقصص المختلقة والمكذوبة ، أو ما يقع من الأطفال من تفجير المفرقعات ، وحينما يسمح المسلم لأولاده بتفجير المفرقعات فكأنه يقول للناس عامة وللغربيين خاصة أننا نحتفل في مولده بالتفجير مما يعني أن نبينا جاء ليفجر لا ليهدي وهذا أمر خطير يجب أن يتنبه المسلم لدلالته .

ثم السؤال الثاني : لماذا نحتفل ؟
فنحن نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم محبة له وفرحا به ، وقد فرح الصحابة فرحا عظيما حتى أنهم أنشدوا الشعر بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة المنورة وفرقوا التمر على الصغير والكبير والغني والفقير والرجل والمرأة ، وتركوا أعمالهم وصفقهم وتجارتهم وتجمهروا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا لقدومه .
وقد ثبت أن النار تخفف عن أبي لهب لفرحه بمولده صلى الله عليه وسلم فقد جاء عن عروة في صحيح البخاري أنه قال في ثويبة مولاة أبي لهب وكان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله شرحيبة قال له : ماذا لقيت ؟ قال أبو لهب : لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة . وقد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له : ما حالك ؟ فقال : في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له .
فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار تخفيفا عنه بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم ، وقد أنشد بعضهم في ذلك فقال :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه * وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا​

ثم إننا في هذه العصور بحاجة إلى الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم لأن الناس جهلوا سيرته صلى الله عليه وسلم فتجد الشباب يعرفون كل شيء عن اللاعبين والمغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات الذين افنوا أعمارهم في محاريب اللهو والمجون والرقص والحرام ، وإذا سألتهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وأبنائه وزوجاته وغزواته وسيرته لم ينطقوا ببنت شفة ، فنحن بحاجة لهذا الاحتفال لاجتماع الناس فيه لاغتنام الفرصة وتعريفهم بنبيهم ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغل اجتماع العرب ليذكرهم بالله وبرسالته على أنه لم تجتمع العرب إلا لبيع رقيق أو إنشاد شعر ، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم استغل الفرصة على الرغم من مقصد اجتماع قريش الذي قد يتنافى معه الشرع وبلغهم ما أمره الله به .
فصلى الله وسلم على هذا النبي العظيم وجعلنا على سيرته وسنته مهتدين ، آمين
والحمد لله رب العالمين .
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

بارك الله فيك اخي استاذ نبيل
حتى عيد الميلاد راى البعض انه ليس فيه حرام اذا كان بطريقة محترمة
فقد شاهدت الشيخ سلمان العودة اجازه وكثير من المحسوبين على التيار الديني المتشدد
اجازو عيد الميلاد اذا كان مظبوط بطرق سليمة
وليس مثل طريقة الغرب 100/100
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

موضوع في الوقت المناسب

خصوص والبدع المنتشرة في هاته الايام في الوطن العربي
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني




وفريق آخر من العلماء يرى أن الاحتفال سنة نبوية يدل عليها الحديث الذي سئل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين فقال :"هذا يوم ولدت فيه فأنا أصومه"
هذا الحديث ضعيف ولايحتج به وهناك تفسير أكثر قوة لصيام يوم الأثنين وهو الحديث الصحيح( تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. " )

ثبتت أن النار تخفف عن أبي لهب لفرحه بمولده صلى الله عليه وسلم فقد جاء عن عروة في صحيح البخاري أنه قال في ثويبة مولاة أبي لهب وكان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله شرحيبة قال له : ماذا لقيت ؟ قال أبو لهب : لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة . وقد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له : ما حالك ؟ فقال : في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له .
فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار تخفيفا عنه بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم ، وقد أنشد بعضهم في ذلك فقال :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه * وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا​


يستدل بعض الصوفية لعمل المولد برواية انتفاع أبي لهب في جهنم وتخفيف العذاب عنه بسبب فرحه بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإعتاقه ثويبة عندما بشرته به.

والرواية كما في صحيح البخاري: (4813) [جزء 5- صفحة 1961]

حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته: أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان فقال: (أوتحبين ذلك). فقلت نعم لست لك بمخلية وأَحَب من شاركني في الخير أختي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ذلك لا يحل لي). قلت: فإنا نُحَدث أنك تريد أن تَنْكح بنت أبي سلمة ؟ قال: (بنت أم سلمة) !!. قلت: نعم. فقال: (لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبةٌ فلا تَعْرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن)

قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أُريه بعض أهله بشر حيبة ، فقال له: ماذا لقيت ؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثويبة.

قال الحافظ ابن حجر "رحمه الله": قوله: قال عروة. هو بالإسناد المذكور.اهـ يقصد أنه متصل وليس بمعلق من البخاري أو ممن فوقه ، وأن كلمة ((قال عروة)) هي من قول الزهري الراوي عن عروة.

ومما يؤكد ما ذهب إليه الحافظ من أن قول عروة ليس بمعلق وإنما هو بالإسناد المذكور للحديث ، أن عبد الرزاق روى الحديث في مصنفه بإسناد غير إسناد البخاري (7 ـ 478) عن معمر عن الزهري قال أخبرني عروة ابن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة أن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله انكح أختي ابنة أبي سفيان. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبين ذلك.؟ فقالت: نعم وما أنا لك بمخلية وخير من شاركني في خير أختي. قال: فإن ذلك لا يحل. قالت: فوالله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة. قال: ابنة أم سلمة.؟ قالت: فقلت نعم. قال: فوالله لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي ، إنها لابنة أخي من الرضاعة ، لقد أرضعتني وأباها ثويبة ، فلا تعرضن عليّ بناتكن وأخواتكن.

قال عروة وكانت ثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم فقال له ماذا لقيت أو قال وجدت قال أبو لهب لم ألق أو أجد بعدكم رخاء أو قال أني سقيت في هذه مني لعتقي ثويبة وأشار إلى النقرة التي تلي الإبهام والتي تليها.


كذلك أورد البخاري قول عروة مختصراً في (5057) [جزء 5 - صفحة 2054] قال حدثنا يحيى بن كثير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته: ..... فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.

وقال شعيب عن الزهري قال عروة: ثويبة أعتقها أبو لهب. اهـ هكذا مختصراً.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: رواه الإسماعيلي من طريق الذهلي عن أبي اليمان ورواه عبد الرزاق عن معمر.

مما تقدم يظهر لنا خطأ قال: إن قول عروة السابق معلق من غير إسناد.


وبعد أن بينا وجود إسناد إلى عروة نقول: إن الرواية مردودة من وجوه:

أولاً ـ الخبر الذي عند البخاري مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به.


ثانياً ـ أن الذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه ، كما قال الحافظ ابن حجر في "‏الفتح" (9ـ 48).

وفي كتابه "المجموع شرح المهذب" (6ـ 292) قال النووي "رحمه الله": فرع: لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ، ولم ير الناس الهلال ، فرأى إنسانٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: الليلةُ أول رمضان ، لم يصح الصوم بهذا المنام لا لصاحب المنام ولا لغيره ، ذكره القاضي حسين وآخرون ونقل القاضي عياض الإجماع عليه ، وقد قررته بدلائله في أول شرح صحيح مسلم ...... اهـ

قلت: وهو في مقدمة شرحه للصحيح باب: الكشف عن معايب رواة الحديث ونقلة الأخبار.

وكذلك أوردها الحافظ ابن حجر في كتابه "المنتخب" الذي جمع فيه فوائد وردت في شرح الإمام النووي لصحيح مسلم ( الفائدة الثالثة ، الصفحة الرابعة عشرة ).

وكذلك أوردها أبو زرعة العراقي وأقرها في تكملته لكتاب "طرح التثريب" (8 ـ 215).

قلت: هذا فيمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فكيف بمن رأى أبا لهب !!! حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقارنة .


ثالثاً ـ مخالفة هذه القصة لصريح القرآن ، كما قال الحافظ ابن حجر في "‏الفتح" (9ـ48)، وقد أجمع العقلاء من أهل الإسلام فضلاً عن علماء الأصول على عدم رد ظاهر النص القرآني في مثل هذا المنام.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}. [فاطر 35].

ويقول تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف: 75].

ويقول الله تعالى: {لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً}. [عم: 24].


وقال القاضي عياض: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض. كما في "‏الفتح" (9ـ48).

قلت: وبيان هذا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا رسول الله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه.؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)).

قال الإمام النووي "رحمه الله تعالى" معنوناً على هذا الحديث في صحيح مسلم: باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل.

وكذلك روى الإمام مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها)).

قال الإمام النووي "رحمه الله تعالى" معنوناً على هذا الحديث في صحيح مسلم: باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا.

رابعاً ـ إن الرواية التي في البخاري ليس فيها أن أبا لهب أعتق ثويبة يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بشرته بمولده.

وليس فيها أن الذي رأى أبا لهب في المنام هو العباس رضي الله عنه.

وليس فيها أن يوم الولادة كان يوم الاثنين ، بل هذا كله جاء في رواية السهيلي من غير إسناد نهائياً لا مقطوع ولا معلق ولا مرسل ، قال: إن الرائي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر وفيه أن أبا لهب قال للعباس: إنه ليخفف عليّ في مثل يوم الاثنين ، قالوا: لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله أعتقها من ساعته فجوزي بذلك لذلك. كما عند السهيلي في الروض الأنف (5ـ192).

وبهذا يظهر خطأ أو تدليس من أورد هذه التفاصيل مجتمعة وعزاها للبخاري.

خامساً ـ إن القول بأن اعتاق أبي لهب لثويبة كان عند ولادة النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما عند أهل السير من أن إعتاق أبى لهب إياها كان بعد ذلك بدهر طويل ، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في "‏الفتح" (9ـ48) وأوضحه في كتابه "‏الإصابة في تمييز الصحابة" (4ـ250) وكذلك الحافظ ابن عبد البر في كتابه "الاستيعاب في أسماء الأصحاب" (1ـ12) والحافظ ابن الجوزي ‏في كتابه "الوفا بأحوال المصطفى"‏ (1ـ106).

سادساً ـ وعلى فرض ثبوت جواز جزاء الكافر على أعماله الحسنة في مثل هذه الحالة ، فإنها تنصرف إلى الإعتاق الذي هو عبادة أصيلة في الشرع ، وليس إلى الفرح بالمولود والذي لم يقل أحد من أهل العلم بأنه عبادة أو من القرب.

وعلى فرض أننا أخذنا بظاهر الرواية وتغاضينا عما يردها ، فإن ظاهر القصة يؤكد أن أبا لهب خفف عنه للإعتاق وليس للفرح بالمولود ، خاصة وأن فرح أبي لهب لم يكن بولادة النبي المرسل ، بل بولادة ابن أخيه ، بل إن أبا لهب من أشد من كذبه وكفر بنبوته.

وأخيراً ألفت عناية إخواني القُراء إلى مخالفة صريحة يقع بها من يثبت قصة يدين أبي لهب وأنها تنبع ماءاً في جهنم والله في محكم كتابه ينص على أن الكافرين لا يسقون فيها إلا الحميم ، كذلك فإن الله تعالى في علاه أنزل قرآناً يتلى إلى قيامة الساعة {تبت يدا أبي لهب} والمسلمون في كل يوم يقولون في صلاتهم وقيامهم {تبت يدا أبي لهب} وهذه القصة تقول إن يدا أبي لهب التي كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفجر منها ماء ، وأين في جهنم التي لا يسقى فيها إلا الحميم بنص رب العالمين.




الرد بالأحمر أخي الكريم .
بالأضافه الى أن المسلمين في العصور الأولى لم يكونوا يملكون وقتاً للنظر في مثل هذة الأحتفالات بل كانوا في ساحات الجهاد والدعوة وتبليغ رساله رب العالمين ..
ولكن عندما عجزنا وكبرت بطوننا بدأنا نفكر بالأحتفال بيوم كذا ويوم الأسراء ويوم الهجرة ..وغيرها
وكذلك من يحتفلون بهذا فهم يقلدون النصارى بميلاد السيد المسيح عليه السلام ولاننسى حديث لو دخلوا جحر صب لدخلتموه .
وأصلاً لماذا نحتفل فقط في يوم الميلاد ؟؟؟؟؟
نحن نحب رسول الله وأفضل طريقه للأحتفال به هي أتباع سنته يومياً وبهذا لن ننسى رسولنا الكريم بدلاً من الأحتفال يوم واحد في السنه وبقيه العام لانعرف سنه رسول الله ..

بارك الله فيك أخي الكريم ونفع بك الأمه ...

 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني


الرد بالأحمر أخي الكريم .
بالأضافه الى أن المسلمين في العصور الأولى لم يكونوا يملكون وقتاً للنظر في مثل هذة الأحتفالات بل كانوا في ساحات الجهاد والدعوة وتبليغ رساله رب العالمين ..
ولكن عندما عجزنا وكبرت بطوننا بدأنا نفكر بالأحتفال بيوم كذا ويوم الأسراء ويوم الهجرة ..وغيرها
وكذلك من يحتفلون بهذا فهم يقلدون النصارى بميلاد السيد المسيح عليه السلام ولاننسى حديث لو دخلوا جحر صب لدخلتموه .
وأصلاً لماذا نحتفل فقط في يوم الميلاد ؟؟؟؟؟
نحن نحب رسول الله وأفضل طريقه للأحتفال به هي أتباع سنته يومياً وبهذا لن ننسى رسولنا الكريم بدلاً من الأحتفال يوم واحد في السنه وبقيه العام لانعرف سنه رسول الله ..

بارك الله فيك أخي الكريم ونفع بك الأمه ...


أشكركم وبارك الله بكم أكثر وأكثر
نشري للموضوع لايعني تأييدي لفكرة الإحتفال بالكامل ولكني وجدت المقالة تعرض وجهات نظر مختلفة
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

يا أخوان هذا رأي شيخ الإسلام إبن تيمية في المولد النبوي

رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الاحتفال بذكرى مولده النبوي الشريف صلى الله عليه و سلم:
معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه. واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين)

وفي الأخير يا أخوان من يحب الرسول فعليه بإتباع سنته وهديه والإكثار من الصلاة والسلام عليه في المنشط والمكره وفي سائر الأيام وفي سائر الأعمال وخاصة بعد الأذان ويختم الدعاء بالصلاة والسلام على النبي وكلما ذكر عليه الصلاة والسلام يصلي ويسلم عليه......... ولا يقصر ذلك على يوم واحد في السنة ..
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

في النهاية أحب أن أذكر يا أخوان بأن أول من أحتفل بالمولد النبوي هم الفاطميون وكلنا يعلم فساد عقيدتهم
..... فالخلفاء الراشدون والصحابة والسلف الصالح لم يحتفلوا بهذا المولد ولم يجعلوه عيدا لهم كما فعلنا نحن ...... على الرغم من أنهم أشد منا حبا للرسول ضلى الله عليه وسلم ...
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

في النهاية أحب أن أذكر يا أخوان بأن أول من أحتفل بالمولد النبوي هم الفاطميون وكلنا يعلم فساد عقيدتهم
..... فالخلفاء الراشدون والصحابة والسلف الصالح لم يحتفلوا بهذا المولد ولم يجعلوه عيدا لهم كما فعلنا نحن ...... على الرغم من أنهم أشد منا حبا للرسول ضلى الله عليه وسلم ...


بعض العلماء جعلوا ميلاد الرسول في رمضان لأن القرأن تنزل في رمضان والقرأن لم ينزل إلا في تمام الأربعين من عمر الرسول صلى الله عليه وسلم
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

طبعا الاحتفال ليس بمعنى الاحتفال في اعياد الميلاد في يومنا هذا
وانما الاحتفال يكون باقامة الندوات عن حياة وسيرة وسنة الرسول وحلق العلم والذكر وهكذا
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني

هذا تشبه بالغرب ولا يجوز ..

اصحاب النبي .. صلى الله عليه وسلم .. لم يحتفلوا ليوم ميلاده .
 
رد: احتفالنا بالمولد النبوي الشريف بين البدعية والسنية/امحمد رحماني


الرد بالأحمر أخي الكريم .
بالأضافه الى أن المسلمين في العصور الأولى لم يكونوا يملكون وقتاً للنظر في مثل هذة الأحتفالات بل كانوا في ساحات الجهاد والدعوة وتبليغ رساله رب العالمين ..
ولكن عندما عجزنا وكبرت بطوننا بدأنا نفكر بالأحتفال بيوم كذا ويوم الأسراء ويوم الهجرة ..وغيرها
وكذلك من يحتفلون بهذا فهم يقلدون النصارى بميلاد السيد المسيح عليه السلام ولاننسى حديث لو دخلوا جحر صب لدخلتموه .
وأصلاً لماذا نحتفل فقط في يوم الميلاد ؟؟؟؟؟
نحن نحب رسول الله وأفضل طريقه للأحتفال به هي أتباع سنته يومياً وبهذا لن ننسى رسولنا الكريم بدلاً من الأحتفال يوم واحد في السنه وبقيه العام لانعرف سنه رسول الله ..

بارك الله فيك أخي الكريم ونفع بك الأمه ...


الأخ الكريم هيرون
نقلت تعليقك على الموضوع الى الكاتب فأجابني بمايلي مع الشكر الجزيل:


فقد قرأت ما علق به أحد الإخوة على مقالتي الأخيرة ، جزاه الله عنا خيرا ونفع به وعلى يديه ، ولم أشأ أن أعقب على تعليقه لأن الناس على آراء وأقوال في مسائل الشرع فما بالك في مسائل الزيادات والتتميم ، وهذه هي طريقة أهل العلم التي ورثناها من شيوخنا الأفاضل رحمهم الله منهم من يكتب ومنهم من يعلق ، وكل يستفاد منه بما شاء الله ، لكني حينما رأيتك قد أرسلت إلي ما علق به الأخ الكريم على مقالتي وكأنك تريد رأي فيما قال فلا بأس بذلك.
ولذلك أقول :
أولا : بخصوص الحديث المذكور : لا يصح من المسلم أن يضعف حديثا إذا خالف ما يراه أو ما يذهب إليه بحجة أن الحديث ضعيف ولا يحتج به ، ثم يجاوز ذلك إلى شيء آخر إيهاما للقراء بأنه ليس هناك قول آخر للمحدثين في الحديث ، وهذا لعمري هو التدليس بحق ، الحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة الأنصاري ( 1162 ) والقول بأن الحديث ضعيف ولا يحتج به فهذا اعتداء على أصول المسلمين في السنة واتهام للإمام مسلم في تحريه وضبطه وصحة أسانيده وقد أجمعت الأمة على تلقي أحاديثه بالقبول . ولا أرى المعلق هنا إلا كرر ما يقال ولم يتحري فيما ينقل وغاب عنه أن الحديث في صحيح مسلم ، وهذا أمر لا يجب أن يتصف به المسلم من نقل الأخبار دون تحري ، ثم هو في تضعيفه للحديث يرد ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أخطر من نقل الأخبار دون تحري وبحث .
ثانيا : لو كان المعلق ناقش حديث :"من سن في الإسلام سنة حسنة" لكان أنفع وأحسن ، أو يناقش قضية ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء أو ترك أصحابه رضوان الله عليهم هل يقتضي التحريم أم لا ؟، أما مناقشة الأسانيد فهذه مهنة يحسنها كل أحد ، حتى العجائز تحسن ذلك بل وتبرع فيه كما قال أهل هذا الشأن من العلم .
ثالثا : نحن نتفق مع المعلق في كون المنامات لا يؤخذ منها حكم شرعي ، بل لا يعلم منها استشارة أو استخارة على أن يؤخذ منها حكم في الشرع ، وأتفق معه في كل ما أورده في تدقيق أسانيد حديث عروة في البخاري ، وأقر أنني كنت على علم بجميع ما علق به الأخ الكريم قبل أن أكتب في الموضوع وكان بين يدي كتاب [ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل ] لفضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري ، وقد ذكر جميع ما كتبه المعلق على أسانيد حديث عروة . ولكن مما يجب أن يعلمه المعلق الكريم وغيره أنني لم أذكر حديث عروة استدلالا لأنه أصلا لا يستدل بمنام وإنما يستدل بكتاب الله وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ذكرت الحديث من باب الورود والثبوت كما فعل البخاري نفسه وإلا لقيل للبخاري ما تم التعليق به من كون ما أورده في صحيحه مخالف لما في الكتاب والسنة والسيرة ولكن البخاري رحمه الله ورضي عنه ذكره ورودا لا استدلالا والفرق بينهما كبير عند أهل العلم ، متى يذكر الحديث استدلالا على حكم شرعي ومتى يذكر ثبوتا وورودا في مسائل الخلاف .
رابعا : رأيت المعلق قد رماني بشيء من التدليس في ذكر التخفيف عن أبي لهب بسبب فرحه بمولد محمد صلى الله عليه وسلم وإنما ذلك بسبب إعتاقه لثويبة، وقوله ذلك يدل على أن المعلق الكريم بعيد شيئا ما عن علوم الحديث وطرق معالجتها ، وما فعلته لا يسمى تدليسا للإيهام بكونه صحيحا ، وإنما ذكر لجميع ما ورد في المسألة من روايات وتسجيلها كأنها رواية واحدة وذلك بجمع جميع الروايات أو ما يسميه بعض شيوخنا بالحديث الجامع ، أي يذكر في ذكره لحديث ما جميع ما وصلت إليه يده من الروايات وينسق بينها ويضعها كأنها رواية واحدة ثم يشير في الهامش إلى كل لفظة برقم يعزوها فيه إلى أصلها في الروايات الأخر ، وهذا أمر فعله الألباني رحمه الله في أحد مصنفاته بحيث يذكر في المتن الواحد جميع ما وصلت له يده من روايات ومتابعات وشواهد فيظهر لمن لا يعرف علوم الحديث أن الحديث واحد بهذه الرواية ، ولكنها في الحقيقة رواية جامعة لجميع ما ورد في المسألة ، وهذا لا يسمى تدليسا مطلقا .
كان بودي مزيد بيان لكم في ما علق به الأخ الكريم ولكن انشغالي بما هو أعظم وأولى منه دفعني للاكتفاء بما كتبت راجيا من الله أن يجنبنا الزلل والخطأ والضلال وإتباع الهوى فما كان من صواب فيما كتبناه فمن الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
 
عودة
أعلى