بسم الله الرحمن الرحيم
معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الإرهاصات قبل بعثة سيد البشر
آيات وعجائب ولادته صلى الله عليه وسلم
روى محمد بن سعد من حديث جماعة، منهم عطاء وابن عباس: أن آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "لقد عَلِقت به - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما فصل مني، خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع على الأرض معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من تراب فقبضها، ورفع رأسه إلى السماء. وقال بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه إلى السماء، وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها، حتى رأت أعناق الإبل ببصرى".
ويقول الإمام الطبري: "اعلم أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحدث أنها لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع بالأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا …
عن عثمان بن أبي العاص قال: " حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكان ذلك ليل ولدته – قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن علي !". ( رواه البيهقي)
وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله "من كرامتي أني ولدت مختوناً ولم ير أحد سوأتي".
يقول عنه نفسه صلى الله عليه وسلم: ( إني عبد الله وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي آمنة التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نورا أضاءت لها قصور الشام ثم تلا: { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا * و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منير }(رواه الحاكم وصححه الإمام الذهبي) .
قال محمد بن اسحاق : وكان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت : "كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود فقال القوم والله ما نعلمه فقال الله أكبر أما إذا أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس لا يرضع ليلتين وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا قد والله ولد لعبدالله بن عبدالمطلب غلام سموه محمدا فالتقى القوم فقالوا هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر قال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا أخرجي إلينا ابنك فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة فوقع اليهودي مغشيا عليه فلما أفاق قالوا له مالك ويلك قال قد ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل فرحتم بها يا معشر قريش والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب"
من عجيب كذلك ولداته ما روي عن ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته وذلك إشارة إلى أنه لم يبق من ملوكهم المستنين بالملك إلا أربعة عشر ملكا فهلك عشرة في أربع سنين وهلك أربعة إلى زمن عثمان رضي اللّه عنه. وغيض بحيرة طبرية وخمود نار فارس وكان على ما يقال لها ألف عام لم تخمد كما رواه البيهقي وأبو نعيم والخرائطي في الهواتف وابن عساكر. ومن ذلك أيضاً ما وقع من زيادة حراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين ومنعهم من استراق السمع.
شق صدره صلى الله عليه وسلم
في حديث شداد بن أوس عن رجل من بني عامر عن أبى يعلى وأبى نعيم بن عساكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كنت مسترضعا في بني سعد بن بكر فبينا أنا ذات يوم في بطن واد، مع أتراب لي من الصبيان إذ برهط ثلاثة معهم طست من ذهب مُلئ ثلجا، أخذوني من بين أصحابي، وانطلق الصبيان هرابا مسرعين إلى الحي. فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين مفرق صدري على منتهى عانتي وأنا انظر إليه، لم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطني ثم غسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها.
ثم قام الثاني فقال لصاحبه تنح، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأنا أنظر إليه فصدعه ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة ويسرة كأنه يتناول شيئا، فإذا بخاتم في يده من نور يحار الناظر دونه فختم به قلبي فامتلأ نورا وذلك نور النبوة ثم أعاده فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا.
ثم قال الثالث لصاحبه تنح، فأمرَّ يده بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، فالتأم ذلك الشق بإذن الله تعالى، ثم اخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ثم قال للأول: زنه بعشرة من أمته، فوزنوني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم، ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا: يا حبيب الله لم ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك " - صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم -
وقد وقع شق صدره الشريف مرة أخرى عند مجيء جبريل له بالوحي في غار حراء، ومرة أخرى عند الإسراء به صلى الله عليه وسلم.
تظليل الغمامة عليه صلى الله عليه وسلم
لما بلغ صلى الله عليه وسلم اثني عشرة سنة خرج مع أبي طالب إلى الشام في ركب فأبصر بحيرا الراهب غمامة بيضاء تظلل واحدا بذلك الركب، ثم أقبل حتى نزلوا بظل شجرة قريبة منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها فقار بحيرا وسأله عن أشياء مِن حاله كنومه وهيأته وأموره، ويخبره رسول الله فيوافق ذلك ما عند بحيرا في كتبه ورأى خاتم النبوة فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين، فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم به من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجد إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود
معجزة القرآن
لقد أيّد الله رسله بما يناسب كل رسول من الآيات الباهرات التي هي خوارق للعادات، فكانت معجزة موسى عليه السلام العصى، ومعجزة صالح عليه السلام الناقة، ومعجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى بإذن الله وغيرها، وهكذا كانت معجزة كل نبي مما يتوافق مع حال قومه ، ولما كان العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ وشعرٍ وبيان، كانت معجزة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قرآناً يتحدى به القوم فيما علموا وأتقنوا.
فالقرآن الكريم معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى، دالة على صدقه، قد عجز البشر عن الإتيان بمثله، وهي معجزةٌ باقية مستمرة محفوظة، ببقاء رسالة الإسلام نفسها، لكونها خاتمة الرسالات، وآخر النبوات، وهي سبيل عز المسلمين ونصرهم.
ومع أنّ حروف القرآن التي منها رُكِّبت كلماته وآياته هي نفس الحروف التي ركب منها كلام العرب ، إلا إنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وتحداهم الله بذلك، قال تعالى: { فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } (الطور:34)، بل إنّ الله تحدّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍٍ مثله، قال تعالى :{ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } (هود:13)، واستمر التحدي في الإتيان بأقل من ذلك، بسورة من مثله، قال تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين } (البقرة:23).
إنه القرآن العظيم المعجز في تركيبه وتنسيقه إلى جانب إعجازة في موضوعه وبيانه، مما حيَّر الفصحاء والبلغاء والشعراء، فجعلهم يذعنون له، ويستسلمون أمامه، ويعلنون عجزهم وقصورهم، يسمعه بعض القوم، فلا يملك إلا إعلان الحقيقة، فيقول مقالته المشهورة : " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر".
ويسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي فيقول مقسماً بالله : "فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله". ويسمعه عتبة بن ربيعة فيذهل، ويسمعه الجن فيؤمنون به ويصدقونه ، قال تعالى { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } (الجـن:1-2).
والقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة: من فصاحته، وبلاغته، ونظمه، وتراكيبه وأساليبه، وما تضمنه من الأخبار الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الأحكام، وكذلك ما حواه من نظريات علمية دقيقة لم يكتشفها العلماء إلا في العصر الحديث
إنه كلام الله المنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، القائل: ( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .
إنه كتاب الله تعالى، المتعبد بتلاوته، يقصم الله به كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، إنه قولٌ فصلٌ وليس بالهزل، لا تختلقه الألسن، ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ السابقين، وفصل المتخاصمين، وخبر ما هو كائن إلى يوم الدين.
يوم خرج صلى الله عليه وسلم للهجرة ووضع التراب على رؤوس المشكرين الذين اجتمعوا على بابه
اجتمع المشركون وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه: إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثمّ بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثمّ بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم ناراً تحرقون فيها فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثمّ قال: "نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم".
وأخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى: {يس والقرءان الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم} إلى قوله: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً ثمّ انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم ءات ممن لم يكن معهم فقال: وما تنتظرون ها هنا قالوا: محمداً قال: قد خيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد ثمّ ما ترك منكم رجلاً إلاّ وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته أفما ترونها بكم ، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراباً . ثمّ جعلوا يطلعون فيرون علياً على الفراش مستجياً ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه بردة. فلم يزالوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي على الفراش فقالوا: والله لقد صدقنا الذي كان قد حدثنا، فكان مما أنزل الله من القرءان في ذلك: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (سورة الأنفال آية 30).
غوص قوائم فرس سراقة في الرمال لما أراد اللحاق بالنبي أثناء الهجرة
خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق من الغار بعد ثلاث ليال متجهين إلى المدينة على طريق الساحل فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له فالتفت أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال النبي : ((لا تحزن إن الله معنا)) فدنا سراقة منهما حتى إذا سمع قراءة رسول الله غاصت قوائم فرسه في الأرض حتى مس بطنها، قال سراقة: فوقع في نفسي أن سيظهر أمر رسول الله فناديتهم بالأمان فوقف رسول الله ومن معه فركبت فرسي حتى جئتهم وأخبرتهم بما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع. وقال للنبي : إنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا فخذ منها حاجتك. فقال: ((لا حاجة لي في ذلك)) وقال: ((أخف عنا)). فرجع سراقة وجعل لا يلقى أحدا من الطلب إلا رده وقال: كفيتم هذه الجهة. فسبحان الله رجل ينطلق على فرسه طالبا للنبي وصاحبه ليظفر بهما فيفخر بتسليمهما إلى أعدائهما من الكفار فلم ينقلب حتى عاد ناصرا معينا مدافعا يعرض عليهما الزاد والمتاع وما يريدان من إبله وغنمه ويرد عن جهتهما كل من أقبل نحوها وهكذا كل من كان الله معه فلن يضره أحد وتكون العاقبة له.
نطق الحجر والجماد والحيوان بين يديه صلى الله عليه وسلم
قصة الذئب وشهادته بالرسالة
روى الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدري قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعي الذئب على ذنبه(أي جلس على ذيله) فقال: ألا تتقى الله؟ تنزع منى رزقا ساقه الله إلى؟ فقال: يا عجبي ذئب يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي:"الصلاة جامعة" ثم خرج فقال للراعي:"أخبرهم" فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده".
قصة البعير الذي اشتكى للنبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة صاحبه له
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل-بستان فيه نخل صغار-، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-) رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني.
تسبيح الطعام وهو يؤكل
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .
تسبيح الحصى في كفه عليه الصلاة والسلام
عن أبى ذر قال: لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شئ رأيته، كنت رجلا أتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته، فجئت حتى جلست إليه، فجاء أبو بكر فسلم عليه ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبى بكر، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن يمين عمر، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات أو قال تسع حصيات، فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم أخذهن فوضعهن في كف أبى بكر فسبحن، حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذه خلافة النبوة". رواه البيهقي
تأمين عتبة الباب على دعائه صلى الله عليه وسلم
عن أبى أسيد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب:"يا أبا الفضل لا ترم منزلك غدا أنت وبنوك حتى آتيكم فإن لي فيكم حاجة" فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى فدخل عليهم فقال: "السلام عليكم"، فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، قال:"كيف أصبحتم؟" قالوا أصبحنا بخير نحمد الله فكيف أصبحت ـ بأبينا وأمنا أنت ـ يا رسول الله؟ قال:"أصبحت بخير أحمد الله" فقال لهم:"تقاربوا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض"، حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته وقال:"يارب هذا عمى وصنو أبى، وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كسترتي إياهم بملاءتي هذه"، وقال: فأمنت أسكفة –عتبات- الباب وحوائط البيت فقالت: آمين آمين آمين.رواه البيقهي
تسليم الأحجار والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم
فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه الإمام أحمد).
حنين الجذع شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الإمام الشافعى رحمه الله عن أبى بن كعب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى إلى جذع نخلة، إذ كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن نجعل لك منبرا
تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك؟ قال:"نعم"، فصنع له ثلاث درجات هن اللاتى على المنبر، فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله، بدا للنبي أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه، فمر إليه، فلم جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار (أي صاح)حتى تصدع وانشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر. رواه البخاري.
انشقاق القمر
من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، معجزة انشقاق القمر إلى شقين، حتى رأى بعض الصحابة جبل حراء بينهما. وكان وقوع هذه المعجزة قبل الهجرة النبوية عندما طلب منه كفار مكة آية تدل على صدق دعوته ، ففي الحديث : ( أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما ) متفق عليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا ) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر.
وهذه المعجزة إحدى علامات الساعة التي حدثت، ففي الحديث الصحيح ( خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام ) متفق عليه. واللزام: القحط، وقيل التصاق القتلى بعضهم ببعض يوم بدر، والبطشة : القتل الذي وقع يوم بدر.
وجاء ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم مقروناً باقتراب الساعة ، قال تعالى:{ اقتربت الساعة وانشق القمر } (القمر:1)، ولما كان من عادة قريش التعنت والتكذيب فقد أعرضوا عما جاءهم، ووصفوا ما رأوه بأنه سحر ساحر. وقد حكى القرآن لسان حالهم ومقالهم فقال تعالى: { وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر } (القمر2) .
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة التي اعتنت بدراسة سطح القمر أنه يوجد به آثار انشقاق وانقسام، مما كان له أثر في إسلام البعض لمـّا علم أن القرآن تكلم عن ذلك قبل قرون ، فسبحان الذي أظهر الدلائل والآيات الدالة على ألوهيته وعظيم خلقه، قال تعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } (فصلت:53) .
نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
كانت معجزة نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد تكرر حصول تلك المعجزة عدة مراتٍ ، وفي مناسبات مختلفة، رأى ذلك الصحابة الكرام، ونقلوه إلينا نقلاً واضحاً بينا .
فمن ذلك ما حدث يوم الحديبية، فيما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة- إناء من جلد-، فتوضأ، فجهش-أسرع- الناس نحوه، فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا، وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
ومن ذلك ما حصل بالزوراء - وهو مكان قرب السوق في المدينة - مما نقله الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه، قال: ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم، قال قتادة : قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
و عن أنس بن مالك قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم). رواه البخاري
ومن ذلك أيضاً ما حدث عندما قلّ الماء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على سفر، يحدثنا عن ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ( كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه مسلم .
وفي هذه المعجزة النبوية إشارة واضحة بينّة، ودلالة عظيمة شاهدة على تأييد الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، إذ كان لهذه المعجزة وأمثالها من المعجزات النبوية الأثر البالغ في زيادة الإيمان، وقوة التعلق بالواحد الديان من قبل الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وخاصة أنهم كانوا في ظروف صعبة، نتيجة صراعهم مع أهل الباطل من المشركين واليهود والمنافقين، فكانت مثل هذه الحوادث عوناً لهم ، وزاداً إيمانياً قوياً ، إضافة إلى ما تتركه مثل هذه المعجزات من أثرٍ في نفوس الكافرين والمعاندين، وتلفت الانتباه إلى أن الله هو القوي القادر، الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء .
انقياد الشجرة لرسول الله
روى مسلم عن جابر بن عبدالله في حديث طويل قال فيه: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله فلم ير شيئًا يستتر به و إذا بشجرتين بشاطئ الوادى، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادى على بإذن الله فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادى على بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالمنتصف مما بينهما لأم بينهما ـ يعنى جمعهما ـ فقال: التئما على بإذن الله فالتأمتا قال جابر، فخرجت أسرع مخافة أن يحس رسول الله بقربى فيبتعد فجلست أحدث نفسى فحانت منى لفتة فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم و إذا بالشجرتين قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله وقف وقفة فقال برأسه هكذا يمينا وشمالا. رواه مسلم.
و جاء صلى الله عليه وسلم مرة إلى قضاء الحاجة ولم يجد شيئا يستتر به سوى جذع نخله صغيره وأخرى بعيده عنها .ثم أمر كلا منها فأتتا إليه فسترتاه حتى قضا حاجته ثم أمر كلا منهما بالمضي إلى مكانها .راواه الأمام أحمد والطبراني .
تكثيره عليه السلام الأطعمة ووجود البركة فيه
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تكثير الطعام القليل، وزيادة البركة فيه، حتى إن اليسير منه الذي لا يكاد يكفي الشخص أو الشخصين، يسد حاجة الجمع الغفير ، والعدد الكبير من القوم، وهذه المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكررت في أماكن مختلفة، وفي مناسبات متعددة.
يوم الخندق
منها أنه صلى الله عليه وسلم أطعم أهل الخندق ؛ وهم قرابة ألف نفر من صاع شعير، فشبعوا وانصرفوا ؛ والطعام بقي كما كان، فقد جاء في الحديث المتفق انه قال : كنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية ـ صخرة ـ شديدة فجاءوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق فقال:"أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم المعول فضرب، فعاد كثيبا أهيل أو أهيم (رملا يتساقط بعضه على بعض) فقلت: يا رسول الله ائذن لى إلى البيت، فقلت لامرأتى: رأيت بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شئ.؟ قالت عندى شعير وعناق، فذبحت العناق وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم في البرمة (إناء من الحجارة) ثم جئت النبي ـ والعجين قد اختمر والبرمة بين الأثافي(يعني على النار) قد كادت أن تنبطح فقلت: طعيم لى فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال:"كم هو؟" فذكرت له، فقال: "كثير طيب، قل لها: لا تنزع البرمة والخبز من التنور حتى آتى" فقال: "قوموا" فقام المهاجرون والأنصار.
فلما دخل جابر على امرأته قال: ويحك، جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم،
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:"ادخلوا ولا تضاغطوا".
فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر (يغطى)البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقى بقية. قال:"كلى هذا وأهدى، فإن الناس أصابتهم مجاعة".رواه البخاري.
يوم غزوة تبوك
و عن أبي هريرة قال: لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا(أي ذبحنا جمالنا) فأكلنا وادهنا؟ فقال:"افعلوا" فجاء عمر فقال: يا رسول الله'إن فعلوا قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة، فأمر رسول الله بنطع(أي بساط من الجلد) فبسط ودعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرجل يجئ بكف التمر، والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع شئ من ذلك يسير، فدعا عليهم بالبركة، ثم قال:"خذوا في أوعيتكم" فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أشهد أن لا إله إلا الله وإنى رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فتحتجب عنه الجنة". رواه مسلم
يوم دعا أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومنها ما حصل مع أبي طلحة عندما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام في بيته، فجاء صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه، فدعا في الطعام، ثم قال: (ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأكل القوم كلهم، وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلا ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
تمر أبي هريرة
ومن أعجب ما روي في ذلك، ما ثبت في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات، فقلت يا رسول الله: ادع الله فيهن بالبركة، فضمهن، ثم دعا لي فيهن بالبركة، وقال: خذهن وأجعلهن في مزودك هذا، أو في هذا المزود، كلما أردت أن تأخذ منه شيئاً، فأدخل فيه يدك، فخذه ولا تنثره نثرا، قال أبو هريرة : فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق في سبيل الله، فكنا نأكل منه ونطعم، وكان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان، فإنه انقطع ) رواه الترمذي ، وحسنه الألباني.
قصة أبي هريرة مع اللبن
وروى الإمام أحمد أن أبا هريرة كان يقول: والله إن كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطنى من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل، ما سألته إلا ليستتبعنى فلم يفعل، فمر عمر رضى الله عنه فسألته عن آية في كتاب الله، ما سألته إلا ليستتبعنى فلم يفعل، فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهى وما في نفسى فقال " أبا هريرة " قلت له: لبيك يا رسول الله، فقال: " الحق " واستأذنت فأذن لى، فوجدت لبنا في قدح، قال: " من أين لكم هذا اللبن؟ " فقالوا: أهداه لنا فلان أو آل فلان، قال: " أبا هر " قلت لبيك يا رسول الله قال " انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لى " قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال إذا جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية أصاب منها وبعث إليهم منها، و إذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها ـ قال: وأحزننى ذلك، وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومى وليلتى وقال: أنا الرسول فإذا جاء القوم كنت أنا الذي اعطيهم، وقلت: ما يبقى لى من هذا اللبن؟. ولم يكن من طاعة رسوله بد، فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال: أبا هر خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح فوضعه في يده وبقى فضلة ثم رفع رأسه ونظر إلى وتبسم، وقال: أبا هر، فقلت لبيك رسول الله قال: بقيت أنا وأنت. فقلت صدقت يا رسول الله قال: فاقعد فاشرب، قال: فقعدت فشربت ثم قال لى: اشرب. فشربت فما زال يقول لى: اشرب فأشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ماأجد له في مسلكا، قال: ناولنى القدح، فرددت إليه القدح فشرب من الفضلة. رواه أحمد.
شاة أم معبد
يروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا على خيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نفد زادهم وجاعوا. وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى الله جل ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت. فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها.
قصة البعير العاصي وسجوده له صلى الله عليه وسلم
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه (أي يسقون عليه)وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه وأنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" قوموا" فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب، وإنا نخاف عليك صولته فقال: ليس على منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه: يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن أحق أن نسجد لك، فقال:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه". رواه الإمام أحمد بإسناد جيد
معجزة الإسراء والمعراج
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضى الله عنهما ـ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أسرى به قال:"بينما أنا في الحطيم ـ وربما قال: في الحجر ـ مضطجعا إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه ـ وأشار إلى مكان صدره ـ فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، بيضاء ـ فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة؟ فقال أنس: نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه، ـ فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟قال: محمد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا فيها آدم، فقال جبريل: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا يحيي وعيسى وهما ابنا خالة، قال جبريل: هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.
ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، إذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا إدريس قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا هارون قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى السماء السادسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا موسى قال: هذا موسى، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له ما يبكيك؟ قال: أبكي، لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال: هذه سدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان، فنهران في الجنة وأما الظاهران، فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك، قال: ثم فرضت على الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر بصلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فقال موسى إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإنى قد جربت الناس من قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، فلما جاوزت، نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي. رواه البخاري بمعناه من أكثر من طريق.
رده صلى الله عليه وسلم لعين قتادة بن النعمان بعد سقوطها يوم أحد
فمما يروى في عجائب غزوة أحد، ما أصاب قتادة رضي الله عنه بسهم في عينه قد فقأتها له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدلت عينه، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيده وأعادها ثم تفل بها ومسح عليها وقال (قم معافى بإذن الله) فعادت أبصر من أختها، فقال الشاعر (اللهم صل على من سمى ونمى ورد عين قتادة بعد العمى).
عين علي بن أبي طالب يوم خيبر
فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية
غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله
ورسوله، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟
فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به وفي
رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، فجئت
به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرئ كأنه لم يكن به وجع).
إخباره صلى الله عليه وسلم عن بعض المغيبات
تبشيره صلى الله عليه وسلم بمقتل أمية بن خلف
أخبر صلى الله عليه وسلم أميه بن خلف أنه يقتله فقتل كافر ا يوم بدر
اخرج البخاري عن عمرو بن ميمون أنه سمع عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حدث عن
سعد بن معاذ أنه قال كان صديقا لأمية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل
على سعد وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية : انظر لي ساعة خلوة لعلي
أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل فقال :
يا أبا صفوان من هذا معك ؟ فقال : هذا سعد ، فقال له أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة
آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم أما والله لولا أنك مع أبي صفوان
ما رجعت إلى أهلك سالما ، فقال له سعد ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك
ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة ، فقال له أمية : لا ترفع صوتك يا سعد على
أبي الحكم سيد أهل الوادي ، فقال سعد : دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إنهم قاتلوك ، قال : بمكة ؟ قال : لا أدري ، ففزع لذلك أمية
فزعا شديدا فلما رجع أمية إلى أهله ، قال : يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد ،
قالت : وما قال لك ، قال : زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقلت له بمكة قال لا أدري ،
فقال أمية : والله لا أخرج من مكة ، فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال أدركوا
عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال : يا أبا صفوان إنك متى ما يراك الناس قد
تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك ، فلم يزل به أبو جهل حتى قال : أما إذ غلبتني فوالله
لأشترين أجود بعير بمكة ، ثم قال أمية : يا أم صفوان جهزيني ، فقالت له : يا أبا صفوان وقد
نسيت ما قال لك أخوك اليثربي قال لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا ، فلما خرج أمية
أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر .
إخباره بمقتل الأسود العنسي في الليلة التي قتل فيها
اسمه ( عبهله بن كعب بن يغوث ) ويلقب بالأسود العنسي لأنه كان أسود اللون ، وهو من قبيلة ( عنس ) التي هي بطن من بطون ( مذحج ) الكبيرة . كما كان يلقب بذي الخمار لأنه كان دائما ً معتما ً بعمامة ومتخمرا ًبخمار.
كان الأسود العنسي كاهنا ً يتعاطى السحر والكهانة والشعوذة . طمعت نفسه إلى الزعامة والقيادة , وفكر في الطريق التي تحقق لـه ذلك .. إنها دعوة النبوة .. ولكن لماذا دعوة النبوة ؟ لأنه أطلع على أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسباب استقرار الإسلام في جزيرة العرب وقدوم الوفود من مختلف مناطق الجزيرة للرسول صلى الله عليه وسلم مبايعين له .. ومن هنا جاءت له فكرة إدعاء النبوة .
واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الأسود العنسي فهو أول رجل ادعى النبوة ...
وقد أراه الله عز وجل رؤيا في منامه ، ورؤياه حقٌ علية الصلاة والسلام .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما أنا نائم في يَدَيّ سوارين
من ذهب ، فأهمني شأنهما ، فأوحى إلى في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا ... فأولتهما كذابين يخرجان بعدي .. فكان
أحدهما العنسي ، والأخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة ) .
وهذا معناه أن الخطرين اللذين يهددان المسلمين لن يؤثر عليهم طويلا ً وسرعان ما يزولان ويتلاشيان ...
وأخبر صلى الله عليه وسلم بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن في الليله التي قتل فيها في المدينه ،فجاء الخبر بما اخبر به
إخباره صلى الله عليه وسلم بمقتل كسرى في الليلة التي قُتل فيها
مزق كسرى رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي دعاه فيها للإسلام، وقال: كيف يتجرأ هذا الأعرابي يعني رسول الله بأن
يقدّم اسمه على اسمي، ولم يعظمني كما تعظم الملوك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا بلغه تمزيق رسالته التي يدعوه فيها للإسلام: (مزّق الله ملكه، كما مزّق كتابي).
فكتب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا" فكان كما قال رسول الله
وقال أيضاً: (إذا مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا مات قيصر فلا قيصر بعده،
وإذا مات المقوقس مصر فلا مقوقس بعده). فكان كذلك
عده صلى الله عليه وسلم لمصارع الكفار يوم بدر
مشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على موضع الوقعة، فعرض على أصحابه
مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعًا مصرعًا، يقول: هذا مصرع فلان
إن شاء الله، هذا مصرع فلان إن شاء الله.
قال عمر: فوالذي بعثه بالحق، ما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدده
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في شأن مقتل عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ
قال الإمام البخاري رحمه الله
حدثنا سليمان بن حرب : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي الله عنه :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن فقال : ائذن
له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ، ثم جاء آخر يستأذن فقال له : ائذن له وبشره بالجنة ، فإذا
عمر ، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال : ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه،
فإذا عثمان بن عفان " .
وفي الفترة الأخيرة من خلافته حدثت فتنة، وبلغ أصحابها أن جيشاً من الشام قادم لنجدته فاقتحموا
عليه داره وهو يقرأ القرآن، فقتلوه رضي الله عنه، وكانت شهادته في شهر ذي الحجة سنة 35هـ،
ودفن في البقيع، رضي الله عنه وأرضاه. فكان كما اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم حرام
قالت أم حرام إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يركبون البحر قد
أوجبوا" قالت أم حرام: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال: "أنت فيهم ".
أتى عبادة بن الصامت وهو نازل إلى ساحل حمص وهو في بناء له ومعه
أم حرام قال عمير بن الأسود العنسي: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول :" أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: فقلت يا رسول الله أنا
فيهم؟ قال: "أنت فيهم" . قالت: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أول جيش من أمتي يغزون
مدينة قيصر مغفور لهم". قلت أنا فيهم يا رسول الله . قال لا (رواه البخاري)
وهكذا بشرها رسول! الله صلى الله عليه وسلم أنها ستغزو في البحر، وستكون من الأولين الذين
يغزون في البحر، فكان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
استسقاءه صلى الله عليه وسلم لقومه
عن عبدالله بن عباس، أنه قيل لعمر بن الخطاب: حدثنا عن شأن ساعة العسرة،
فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً وأصابنا فيه عطش حتى
ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرحل فلا يجده حتى
يظن أن رقبته ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ثم يجعل
ما بقى على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله إن الله قد وعدك في
الدعاء خيراً، فادع الله لنا فقال: أو تحب ذلك، قال: نعم، قال: فرفع يديه
نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء، فأطلت ثم سكبت فملئوا ما معهم
ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر. رواه البخاري.
وقال الواقدي: كان مع المسلمين في هذه الغزوة اثنا عشر ألف بعير ومثلها
من الخيل، وكانوا ثلاثين ألفا من المقاتلة قال: ونزل من المطر ماء أغدق
الأرض حتى صارت الغدران تسكب بعضها في بعض وذلك في حمأة القيظ أي شدة
الحر البليغ، فصلوات الله وسلامه عليه.
لما شكا إليه شاك قحوط المطر ـ أي حبسه وانقطاعه وهو فوق المنبر في خطبة
الجمعة فرفع يديه إلى الله تعالى ودعا .وما في السماء قطعة من السحاب فطلعت
سحابة حتى توسطت السماء فاتسعت فأمطرت فقال :" اللهم حوالينا ولا علينا"
فاقلعت وانقطعت .متفق عليه
دعائه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك
دعا صلى الله عليه وسلم لآنس بن مالك فقال:{ اللهم أثر ماله وولده وبارك
له فيما أعطيته} رواه البخاري
وروى مسلم أن أنسا قال: "فو الله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي
ليعادون على نحو المائة اليوم"
دعائه صلى الله عليه وسلم لمالك بن ربيعة
دعا صلى الله عليه وسلم لمالك بن ربيعة السلولى أن يبارك له في ولده، فولد له ثمانون ذكرا
دعائه صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب
عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { اللهم أعز الإسلام بأحب هذين
الرجلين اليك بأبي جهل أو عمر بن الخطاب} قال وكان أحبهما إليه عمر فأصابت دعوته عمر
فأصبح مسلما فعز بإسلامه كل من أضحى مسلما .
دعائه صلى الله عليه وسلم لابن عباس
دعا صلى الله عليه وسلم لابن عباس:{ اللهم فقهه في الدين، اللهم اعط ابن عباس الحكمة
وعلمه التاويل} أخرجه مسلم . وفي البخاري :{اللهم علمه الكتاب} فكان عالما بالكتاب،
حبر الأمة، بحر العلم، رئيس المفسرين، ترجمان القرآن. بفقه الدين وعلم التأويل فصار
بحراً زخاراً واسع العلم .
دعا لثابت بن قيس بن شماس بأنه يعيش سعيدا ويقتل شهيدا فكان كذلك .
كان بينه وبين عتيبه بن أبى لهب أذى فدعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فقتله
الأسد . رواه ابو نعيم وغيره .
معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الإرهاصات قبل بعثة سيد البشر
آيات وعجائب ولادته صلى الله عليه وسلم
روى محمد بن سعد من حديث جماعة، منهم عطاء وابن عباس: أن آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "لقد عَلِقت به - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما فصل مني، خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع على الأرض معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من تراب فقبضها، ورفع رأسه إلى السماء. وقال بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه رافعا رأسه إلى السماء، وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها، حتى رأت أعناق الإبل ببصرى".
ويقول الإمام الطبري: "اعلم أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحدث أنها لما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع بالأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا …
عن عثمان بن أبي العاص قال: " حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكان ذلك ليل ولدته – قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن علي !". ( رواه البيهقي)
وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله "من كرامتي أني ولدت مختوناً ولم ير أحد سوأتي".
يقول عنه نفسه صلى الله عليه وسلم: ( إني عبد الله وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي آمنة التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نورا أضاءت لها قصور الشام ثم تلا: { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا * و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منير }(رواه الحاكم وصححه الإمام الذهبي) .
قال محمد بن اسحاق : وكان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت : "كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود فقال القوم والله ما نعلمه فقال الله أكبر أما إذا أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس لا يرضع ليلتين وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا قد والله ولد لعبدالله بن عبدالمطلب غلام سموه محمدا فالتقى القوم فقالوا هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر قال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا أخرجي إلينا ابنك فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة فوقع اليهودي مغشيا عليه فلما أفاق قالوا له مالك ويلك قال قد ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل فرحتم بها يا معشر قريش والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب"
من عجيب كذلك ولداته ما روي عن ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته وذلك إشارة إلى أنه لم يبق من ملوكهم المستنين بالملك إلا أربعة عشر ملكا فهلك عشرة في أربع سنين وهلك أربعة إلى زمن عثمان رضي اللّه عنه. وغيض بحيرة طبرية وخمود نار فارس وكان على ما يقال لها ألف عام لم تخمد كما رواه البيهقي وأبو نعيم والخرائطي في الهواتف وابن عساكر. ومن ذلك أيضاً ما وقع من زيادة حراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين ومنعهم من استراق السمع.
شق صدره صلى الله عليه وسلم
في حديث شداد بن أوس عن رجل من بني عامر عن أبى يعلى وأبى نعيم بن عساكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كنت مسترضعا في بني سعد بن بكر فبينا أنا ذات يوم في بطن واد، مع أتراب لي من الصبيان إذ برهط ثلاثة معهم طست من ذهب مُلئ ثلجا، أخذوني من بين أصحابي، وانطلق الصبيان هرابا مسرعين إلى الحي. فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين مفرق صدري على منتهى عانتي وأنا انظر إليه، لم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطني ثم غسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها.
ثم قام الثاني فقال لصاحبه تنح، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأنا أنظر إليه فصدعه ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة ويسرة كأنه يتناول شيئا، فإذا بخاتم في يده من نور يحار الناظر دونه فختم به قلبي فامتلأ نورا وذلك نور النبوة ثم أعاده فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا.
ثم قال الثالث لصاحبه تنح، فأمرَّ يده بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، فالتأم ذلك الشق بإذن الله تعالى، ثم اخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ثم قال للأول: زنه بعشرة من أمته، فوزنوني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم، ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا: يا حبيب الله لم ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك " - صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم -
وقد وقع شق صدره الشريف مرة أخرى عند مجيء جبريل له بالوحي في غار حراء، ومرة أخرى عند الإسراء به صلى الله عليه وسلم.
تظليل الغمامة عليه صلى الله عليه وسلم
لما بلغ صلى الله عليه وسلم اثني عشرة سنة خرج مع أبي طالب إلى الشام في ركب فأبصر بحيرا الراهب غمامة بيضاء تظلل واحدا بذلك الركب، ثم أقبل حتى نزلوا بظل شجرة قريبة منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها فقار بحيرا وسأله عن أشياء مِن حاله كنومه وهيأته وأموره، ويخبره رسول الله فيوافق ذلك ما عند بحيرا في كتبه ورأى خاتم النبوة فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين، فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم به من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجد إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود
معجزة القرآن
لقد أيّد الله رسله بما يناسب كل رسول من الآيات الباهرات التي هي خوارق للعادات، فكانت معجزة موسى عليه السلام العصى، ومعجزة صالح عليه السلام الناقة، ومعجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى بإذن الله وغيرها، وهكذا كانت معجزة كل نبي مما يتوافق مع حال قومه ، ولما كان العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ وشعرٍ وبيان، كانت معجزة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قرآناً يتحدى به القوم فيما علموا وأتقنوا.
فالقرآن الكريم معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى، دالة على صدقه، قد عجز البشر عن الإتيان بمثله، وهي معجزةٌ باقية مستمرة محفوظة، ببقاء رسالة الإسلام نفسها، لكونها خاتمة الرسالات، وآخر النبوات، وهي سبيل عز المسلمين ونصرهم.
ومع أنّ حروف القرآن التي منها رُكِّبت كلماته وآياته هي نفس الحروف التي ركب منها كلام العرب ، إلا إنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وتحداهم الله بذلك، قال تعالى: { فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } (الطور:34)، بل إنّ الله تحدّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍٍ مثله، قال تعالى :{ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } (هود:13)، واستمر التحدي في الإتيان بأقل من ذلك، بسورة من مثله، قال تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين } (البقرة:23).
إنه القرآن العظيم المعجز في تركيبه وتنسيقه إلى جانب إعجازة في موضوعه وبيانه، مما حيَّر الفصحاء والبلغاء والشعراء، فجعلهم يذعنون له، ويستسلمون أمامه، ويعلنون عجزهم وقصورهم، يسمعه بعض القوم، فلا يملك إلا إعلان الحقيقة، فيقول مقالته المشهورة : " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر".
ويسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي فيقول مقسماً بالله : "فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله". ويسمعه عتبة بن ربيعة فيذهل، ويسمعه الجن فيؤمنون به ويصدقونه ، قال تعالى { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } (الجـن:1-2).
والقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة: من فصاحته، وبلاغته، ونظمه، وتراكيبه وأساليبه، وما تضمنه من الأخبار الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الأحكام، وكذلك ما حواه من نظريات علمية دقيقة لم يكتشفها العلماء إلا في العصر الحديث
إنه كلام الله المنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، القائل: ( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .
إنه كتاب الله تعالى، المتعبد بتلاوته، يقصم الله به كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، إنه قولٌ فصلٌ وليس بالهزل، لا تختلقه الألسن، ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ السابقين، وفصل المتخاصمين، وخبر ما هو كائن إلى يوم الدين.
يوم خرج صلى الله عليه وسلم للهجرة ووضع التراب على رؤوس المشكرين الذين اجتمعوا على بابه
اجتمع المشركون وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه: إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثمّ بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثمّ بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم ناراً تحرقون فيها فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثمّ قال: "نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم".
وأخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى: {يس والقرءان الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم} إلى قوله: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً ثمّ انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم ءات ممن لم يكن معهم فقال: وما تنتظرون ها هنا قالوا: محمداً قال: قد خيبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد ثمّ ما ترك منكم رجلاً إلاّ وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته أفما ترونها بكم ، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراباً . ثمّ جعلوا يطلعون فيرون علياً على الفراش مستجياً ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائماً عليه بردة. فلم يزالوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي على الفراش فقالوا: والله لقد صدقنا الذي كان قد حدثنا، فكان مما أنزل الله من القرءان في ذلك: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (سورة الأنفال آية 30).
غوص قوائم فرس سراقة في الرمال لما أراد اللحاق بالنبي أثناء الهجرة
خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق من الغار بعد ثلاث ليال متجهين إلى المدينة على طريق الساحل فلحقهما سراقة بن مالك المدلجي على فرس له فالتفت أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال النبي : ((لا تحزن إن الله معنا)) فدنا سراقة منهما حتى إذا سمع قراءة رسول الله غاصت قوائم فرسه في الأرض حتى مس بطنها، قال سراقة: فوقع في نفسي أن سيظهر أمر رسول الله فناديتهم بالأمان فوقف رسول الله ومن معه فركبت فرسي حتى جئتهم وأخبرتهم بما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع. وقال للنبي : إنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا فخذ منها حاجتك. فقال: ((لا حاجة لي في ذلك)) وقال: ((أخف عنا)). فرجع سراقة وجعل لا يلقى أحدا من الطلب إلا رده وقال: كفيتم هذه الجهة. فسبحان الله رجل ينطلق على فرسه طالبا للنبي وصاحبه ليظفر بهما فيفخر بتسليمهما إلى أعدائهما من الكفار فلم ينقلب حتى عاد ناصرا معينا مدافعا يعرض عليهما الزاد والمتاع وما يريدان من إبله وغنمه ويرد عن جهتهما كل من أقبل نحوها وهكذا كل من كان الله معه فلن يضره أحد وتكون العاقبة له.
نطق الحجر والجماد والحيوان بين يديه صلى الله عليه وسلم
قصة الذئب وشهادته بالرسالة
روى الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدري قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعي الذئب على ذنبه(أي جلس على ذيله) فقال: ألا تتقى الله؟ تنزع منى رزقا ساقه الله إلى؟ فقال: يا عجبي ذئب يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي:"الصلاة جامعة" ثم خرج فقال للراعي:"أخبرهم" فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده".
قصة البعير الذي اشتكى للنبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة صاحبه له
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل-بستان فيه نخل صغار-، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-) رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني.
تسبيح الطعام وهو يؤكل
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .
تسبيح الحصى في كفه عليه الصلاة والسلام
عن أبى ذر قال: لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شئ رأيته، كنت رجلا أتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته، فجئت حتى جلست إليه، فجاء أبو بكر فسلم عليه ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبى بكر، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن يمين عمر، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات أو قال تسع حصيات، فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم أخذهن فوضعهن في كف أبى بكر فسبحن، حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل، ثم وضعهن فخرسن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذه خلافة النبوة". رواه البيهقي
تأمين عتبة الباب على دعائه صلى الله عليه وسلم
عن أبى أسيد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب:"يا أبا الفضل لا ترم منزلك غدا أنت وبنوك حتى آتيكم فإن لي فيكم حاجة" فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى فدخل عليهم فقال: "السلام عليكم"، فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، قال:"كيف أصبحتم؟" قالوا أصبحنا بخير نحمد الله فكيف أصبحت ـ بأبينا وأمنا أنت ـ يا رسول الله؟ قال:"أصبحت بخير أحمد الله" فقال لهم:"تقاربوا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض"، حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته وقال:"يارب هذا عمى وصنو أبى، وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كسترتي إياهم بملاءتي هذه"، وقال: فأمنت أسكفة –عتبات- الباب وحوائط البيت فقالت: آمين آمين آمين.رواه البيقهي
تسليم الأحجار والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم
فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه الإمام أحمد).
حنين الجذع شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الإمام الشافعى رحمه الله عن أبى بن كعب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى إلى جذع نخلة، إذ كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن نجعل لك منبرا
تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك؟ قال:"نعم"، فصنع له ثلاث درجات هن اللاتى على المنبر، فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله، بدا للنبي أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه، فمر إليه، فلم جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار (أي صاح)حتى تصدع وانشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر. رواه البخاري.
انشقاق القمر
من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، معجزة انشقاق القمر إلى شقين، حتى رأى بعض الصحابة جبل حراء بينهما. وكان وقوع هذه المعجزة قبل الهجرة النبوية عندما طلب منه كفار مكة آية تدل على صدق دعوته ، ففي الحديث : ( أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما ) متفق عليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا ) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر.
وهذه المعجزة إحدى علامات الساعة التي حدثت، ففي الحديث الصحيح ( خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام ) متفق عليه. واللزام: القحط، وقيل التصاق القتلى بعضهم ببعض يوم بدر، والبطشة : القتل الذي وقع يوم بدر.
وجاء ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم مقروناً باقتراب الساعة ، قال تعالى:{ اقتربت الساعة وانشق القمر } (القمر:1)، ولما كان من عادة قريش التعنت والتكذيب فقد أعرضوا عما جاءهم، ووصفوا ما رأوه بأنه سحر ساحر. وقد حكى القرآن لسان حالهم ومقالهم فقال تعالى: { وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر } (القمر2) .
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة التي اعتنت بدراسة سطح القمر أنه يوجد به آثار انشقاق وانقسام، مما كان له أثر في إسلام البعض لمـّا علم أن القرآن تكلم عن ذلك قبل قرون ، فسبحان الذي أظهر الدلائل والآيات الدالة على ألوهيته وعظيم خلقه، قال تعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } (فصلت:53) .
نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
كانت معجزة نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد تكرر حصول تلك المعجزة عدة مراتٍ ، وفي مناسبات مختلفة، رأى ذلك الصحابة الكرام، ونقلوه إلينا نقلاً واضحاً بينا .
فمن ذلك ما حدث يوم الحديبية، فيما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة- إناء من جلد-، فتوضأ، فجهش-أسرع- الناس نحوه، فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا، وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
ومن ذلك ما حصل بالزوراء - وهو مكان قرب السوق في المدينة - مما نقله الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه، قال: ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم، قال قتادة : قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
و عن أنس بن مالك قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم). رواه البخاري
ومن ذلك أيضاً ما حدث عندما قلّ الماء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على سفر، يحدثنا عن ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ( كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حي على الطهور المبارك، والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه مسلم .
وفي هذه المعجزة النبوية إشارة واضحة بينّة، ودلالة عظيمة شاهدة على تأييد الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، إذ كان لهذه المعجزة وأمثالها من المعجزات النبوية الأثر البالغ في زيادة الإيمان، وقوة التعلق بالواحد الديان من قبل الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وخاصة أنهم كانوا في ظروف صعبة، نتيجة صراعهم مع أهل الباطل من المشركين واليهود والمنافقين، فكانت مثل هذه الحوادث عوناً لهم ، وزاداً إيمانياً قوياً ، إضافة إلى ما تتركه مثل هذه المعجزات من أثرٍ في نفوس الكافرين والمعاندين، وتلفت الانتباه إلى أن الله هو القوي القادر، الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء .
انقياد الشجرة لرسول الله
روى مسلم عن جابر بن عبدالله في حديث طويل قال فيه: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله فلم ير شيئًا يستتر به و إذا بشجرتين بشاطئ الوادى، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادى على بإذن الله فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادى على بإذن الله فانقادت معه كذلك حتى إذا كان بالمنتصف مما بينهما لأم بينهما ـ يعنى جمعهما ـ فقال: التئما على بإذن الله فالتأمتا قال جابر، فخرجت أسرع مخافة أن يحس رسول الله بقربى فيبتعد فجلست أحدث نفسى فحانت منى لفتة فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم و إذا بالشجرتين قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله وقف وقفة فقال برأسه هكذا يمينا وشمالا. رواه مسلم.
و جاء صلى الله عليه وسلم مرة إلى قضاء الحاجة ولم يجد شيئا يستتر به سوى جذع نخله صغيره وأخرى بعيده عنها .ثم أمر كلا منها فأتتا إليه فسترتاه حتى قضا حاجته ثم أمر كلا منهما بالمضي إلى مكانها .راواه الأمام أحمد والطبراني .
تكثيره عليه السلام الأطعمة ووجود البركة فيه
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تكثير الطعام القليل، وزيادة البركة فيه، حتى إن اليسير منه الذي لا يكاد يكفي الشخص أو الشخصين، يسد حاجة الجمع الغفير ، والعدد الكبير من القوم، وهذه المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكررت في أماكن مختلفة، وفي مناسبات متعددة.
يوم الخندق
منها أنه صلى الله عليه وسلم أطعم أهل الخندق ؛ وهم قرابة ألف نفر من صاع شعير، فشبعوا وانصرفوا ؛ والطعام بقي كما كان، فقد جاء في الحديث المتفق انه قال : كنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية ـ صخرة ـ شديدة فجاءوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق فقال:"أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي ـ صلى الله عليه وسلم المعول فضرب، فعاد كثيبا أهيل أو أهيم (رملا يتساقط بعضه على بعض) فقلت: يا رسول الله ائذن لى إلى البيت، فقلت لامرأتى: رأيت بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شئ.؟ قالت عندى شعير وعناق، فذبحت العناق وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم في البرمة (إناء من الحجارة) ثم جئت النبي ـ والعجين قد اختمر والبرمة بين الأثافي(يعني على النار) قد كادت أن تنبطح فقلت: طعيم لى فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال:"كم هو؟" فذكرت له، فقال: "كثير طيب، قل لها: لا تنزع البرمة والخبز من التنور حتى آتى" فقال: "قوموا" فقام المهاجرون والأنصار.
فلما دخل جابر على امرأته قال: ويحك، جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم،
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:"ادخلوا ولا تضاغطوا".
فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر (يغطى)البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقى بقية. قال:"كلى هذا وأهدى، فإن الناس أصابتهم مجاعة".رواه البخاري.
يوم غزوة تبوك
و عن أبي هريرة قال: لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا(أي ذبحنا جمالنا) فأكلنا وادهنا؟ فقال:"افعلوا" فجاء عمر فقال: يا رسول الله'إن فعلوا قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك البركة، فأمر رسول الله بنطع(أي بساط من الجلد) فبسط ودعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرجل يجئ بكف التمر، والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع شئ من ذلك يسير، فدعا عليهم بالبركة، ثم قال:"خذوا في أوعيتكم" فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أشهد أن لا إله إلا الله وإنى رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فتحتجب عنه الجنة". رواه مسلم
يوم دعا أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومنها ما حصل مع أبي طلحة عندما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام في بيته، فجاء صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه، فدعا في الطعام، ثم قال: (ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأكل القوم كلهم، وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلا ) متفق عليه، واللفظ للبخاري .
تمر أبي هريرة
ومن أعجب ما روي في ذلك، ما ثبت في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات، فقلت يا رسول الله: ادع الله فيهن بالبركة، فضمهن، ثم دعا لي فيهن بالبركة، وقال: خذهن وأجعلهن في مزودك هذا، أو في هذا المزود، كلما أردت أن تأخذ منه شيئاً، فأدخل فيه يدك، فخذه ولا تنثره نثرا، قال أبو هريرة : فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق في سبيل الله، فكنا نأكل منه ونطعم، وكان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان، فإنه انقطع ) رواه الترمذي ، وحسنه الألباني.
قصة أبي هريرة مع اللبن
وروى الإمام أحمد أن أبا هريرة كان يقول: والله إن كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطنى من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل، ما سألته إلا ليستتبعنى فلم يفعل، فمر عمر رضى الله عنه فسألته عن آية في كتاب الله، ما سألته إلا ليستتبعنى فلم يفعل، فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهى وما في نفسى فقال " أبا هريرة " قلت له: لبيك يا رسول الله، فقال: " الحق " واستأذنت فأذن لى، فوجدت لبنا في قدح، قال: " من أين لكم هذا اللبن؟ " فقالوا: أهداه لنا فلان أو آل فلان، قال: " أبا هر " قلت لبيك يا رسول الله قال " انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لى " قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال إذا جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية أصاب منها وبعث إليهم منها، و إذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها ـ قال: وأحزننى ذلك، وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومى وليلتى وقال: أنا الرسول فإذا جاء القوم كنت أنا الذي اعطيهم، وقلت: ما يبقى لى من هذا اللبن؟. ولم يكن من طاعة رسوله بد، فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال: أبا هر خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح فوضعه في يده وبقى فضلة ثم رفع رأسه ونظر إلى وتبسم، وقال: أبا هر، فقلت لبيك رسول الله قال: بقيت أنا وأنت. فقلت صدقت يا رسول الله قال: فاقعد فاشرب، قال: فقعدت فشربت ثم قال لى: اشرب. فشربت فما زال يقول لى: اشرب فأشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ماأجد له في مسلكا، قال: ناولنى القدح، فرددت إليه القدح فشرب من الفضلة. رواه أحمد.
شاة أم معبد
يروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا على خيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نفد زادهم وجاعوا. وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى الله جل ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت. فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها.
قصة البعير العاصي وسجوده له صلى الله عليه وسلم
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه (أي يسقون عليه)وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه وأنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" قوموا" فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب، وإنا نخاف عليك صولته فقال: ليس على منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه: يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن أحق أن نسجد لك، فقال:"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه". رواه الإمام أحمد بإسناد جيد
معجزة الإسراء والمعراج
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضى الله عنهما ـ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أسرى به قال:"بينما أنا في الحطيم ـ وربما قال: في الحجر ـ مضطجعا إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه ـ وأشار إلى مكان صدره ـ فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، بيضاء ـ فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة؟ فقال أنس: نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه، ـ فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟قال: محمد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا فيها آدم، فقال جبريل: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا يحيي وعيسى وهما ابنا خالة، قال جبريل: هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.
ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، إذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت، فإذا إدريس قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا هارون قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى السماء السادسة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا موسى قال: هذا موسى، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له ما يبكيك؟ قال: أبكي، لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال: هذه سدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان، فنهران في الجنة وأما الظاهران، فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك، قال: ثم فرضت على الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر بصلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فقال موسى إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإنى قد جربت الناس من قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، فلما جاوزت، نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي. رواه البخاري بمعناه من أكثر من طريق.
رده صلى الله عليه وسلم لعين قتادة بن النعمان بعد سقوطها يوم أحد
فمما يروى في عجائب غزوة أحد، ما أصاب قتادة رضي الله عنه بسهم في عينه قد فقأتها له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدلت عينه، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيده وأعادها ثم تفل بها ومسح عليها وقال (قم معافى بإذن الله) فعادت أبصر من أختها، فقال الشاعر (اللهم صل على من سمى ونمى ورد عين قتادة بعد العمى).
عين علي بن أبي طالب يوم خيبر
فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية
غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله
ورسوله، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟
فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به وفي
رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، فجئت
به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرئ كأنه لم يكن به وجع).
إخباره صلى الله عليه وسلم عن بعض المغيبات
تبشيره صلى الله عليه وسلم بمقتل أمية بن خلف
أخبر صلى الله عليه وسلم أميه بن خلف أنه يقتله فقتل كافر ا يوم بدر
اخرج البخاري عن عمرو بن ميمون أنه سمع عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حدث عن
سعد بن معاذ أنه قال كان صديقا لأمية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل
على سعد وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية : انظر لي ساعة خلوة لعلي
أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل فقال :
يا أبا صفوان من هذا معك ؟ فقال : هذا سعد ، فقال له أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة
آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم أما والله لولا أنك مع أبي صفوان
ما رجعت إلى أهلك سالما ، فقال له سعد ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك
ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة ، فقال له أمية : لا ترفع صوتك يا سعد على
أبي الحكم سيد أهل الوادي ، فقال سعد : دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إنهم قاتلوك ، قال : بمكة ؟ قال : لا أدري ، ففزع لذلك أمية
فزعا شديدا فلما رجع أمية إلى أهله ، قال : يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد ،
قالت : وما قال لك ، قال : زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقلت له بمكة قال لا أدري ،
فقال أمية : والله لا أخرج من مكة ، فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال أدركوا
عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال : يا أبا صفوان إنك متى ما يراك الناس قد
تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك ، فلم يزل به أبو جهل حتى قال : أما إذ غلبتني فوالله
لأشترين أجود بعير بمكة ، ثم قال أمية : يا أم صفوان جهزيني ، فقالت له : يا أبا صفوان وقد
نسيت ما قال لك أخوك اليثربي قال لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا ، فلما خرج أمية
أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر .
إخباره بمقتل الأسود العنسي في الليلة التي قتل فيها
اسمه ( عبهله بن كعب بن يغوث ) ويلقب بالأسود العنسي لأنه كان أسود اللون ، وهو من قبيلة ( عنس ) التي هي بطن من بطون ( مذحج ) الكبيرة . كما كان يلقب بذي الخمار لأنه كان دائما ً معتما ً بعمامة ومتخمرا ًبخمار.
كان الأسود العنسي كاهنا ً يتعاطى السحر والكهانة والشعوذة . طمعت نفسه إلى الزعامة والقيادة , وفكر في الطريق التي تحقق لـه ذلك .. إنها دعوة النبوة .. ولكن لماذا دعوة النبوة ؟ لأنه أطلع على أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسباب استقرار الإسلام في جزيرة العرب وقدوم الوفود من مختلف مناطق الجزيرة للرسول صلى الله عليه وسلم مبايعين له .. ومن هنا جاءت له فكرة إدعاء النبوة .
واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الأسود العنسي فهو أول رجل ادعى النبوة ...
وقد أراه الله عز وجل رؤيا في منامه ، ورؤياه حقٌ علية الصلاة والسلام .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما أنا نائم في يَدَيّ سوارين
من ذهب ، فأهمني شأنهما ، فأوحى إلى في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا ... فأولتهما كذابين يخرجان بعدي .. فكان
أحدهما العنسي ، والأخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة ) .
وهذا معناه أن الخطرين اللذين يهددان المسلمين لن يؤثر عليهم طويلا ً وسرعان ما يزولان ويتلاشيان ...
وأخبر صلى الله عليه وسلم بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن في الليله التي قتل فيها في المدينه ،فجاء الخبر بما اخبر به
إخباره صلى الله عليه وسلم بمقتل كسرى في الليلة التي قُتل فيها
مزق كسرى رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي دعاه فيها للإسلام، وقال: كيف يتجرأ هذا الأعرابي يعني رسول الله بأن
يقدّم اسمه على اسمي، ولم يعظمني كما تعظم الملوك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا بلغه تمزيق رسالته التي يدعوه فيها للإسلام: (مزّق الله ملكه، كما مزّق كتابي).
فكتب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا" فكان كما قال رسول الله
وقال أيضاً: (إذا مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا مات قيصر فلا قيصر بعده،
وإذا مات المقوقس مصر فلا مقوقس بعده). فكان كذلك
عده صلى الله عليه وسلم لمصارع الكفار يوم بدر
مشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على موضع الوقعة، فعرض على أصحابه
مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعًا مصرعًا، يقول: هذا مصرع فلان
إن شاء الله، هذا مصرع فلان إن شاء الله.
قال عمر: فوالذي بعثه بالحق، ما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدده
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في شأن مقتل عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ
قال الإمام البخاري رحمه الله
حدثنا سليمان بن حرب : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي الله عنه :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن فقال : ائذن
له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ، ثم جاء آخر يستأذن فقال له : ائذن له وبشره بالجنة ، فإذا
عمر ، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال : ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه،
فإذا عثمان بن عفان " .
وفي الفترة الأخيرة من خلافته حدثت فتنة، وبلغ أصحابها أن جيشاً من الشام قادم لنجدته فاقتحموا
عليه داره وهو يقرأ القرآن، فقتلوه رضي الله عنه، وكانت شهادته في شهر ذي الحجة سنة 35هـ،
ودفن في البقيع، رضي الله عنه وأرضاه. فكان كما اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم حرام
قالت أم حرام إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يركبون البحر قد
أوجبوا" قالت أم حرام: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال: "أنت فيهم ".
أتى عبادة بن الصامت وهو نازل إلى ساحل حمص وهو في بناء له ومعه
أم حرام قال عمير بن الأسود العنسي: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول :" أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: فقلت يا رسول الله أنا
فيهم؟ قال: "أنت فيهم" . قالت: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أول جيش من أمتي يغزون
مدينة قيصر مغفور لهم". قلت أنا فيهم يا رسول الله . قال لا (رواه البخاري)
وهكذا بشرها رسول! الله صلى الله عليه وسلم أنها ستغزو في البحر، وستكون من الأولين الذين
يغزون في البحر، فكان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
استسقاءه صلى الله عليه وسلم لقومه
عن عبدالله بن عباس، أنه قيل لعمر بن الخطاب: حدثنا عن شأن ساعة العسرة،
فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً وأصابنا فيه عطش حتى
ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان أحدنا ليذهب فيلتمس الرحل فلا يجده حتى
يظن أن رقبته ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ثم يجعل
ما بقى على كبده، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله إن الله قد وعدك في
الدعاء خيراً، فادع الله لنا فقال: أو تحب ذلك، قال: نعم، قال: فرفع يديه
نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء، فأطلت ثم سكبت فملئوا ما معهم
ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر. رواه البخاري.
وقال الواقدي: كان مع المسلمين في هذه الغزوة اثنا عشر ألف بعير ومثلها
من الخيل، وكانوا ثلاثين ألفا من المقاتلة قال: ونزل من المطر ماء أغدق
الأرض حتى صارت الغدران تسكب بعضها في بعض وذلك في حمأة القيظ أي شدة
الحر البليغ، فصلوات الله وسلامه عليه.
لما شكا إليه شاك قحوط المطر ـ أي حبسه وانقطاعه وهو فوق المنبر في خطبة
الجمعة فرفع يديه إلى الله تعالى ودعا .وما في السماء قطعة من السحاب فطلعت
سحابة حتى توسطت السماء فاتسعت فأمطرت فقال :" اللهم حوالينا ولا علينا"
فاقلعت وانقطعت .متفق عليه
دعائه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك
دعا صلى الله عليه وسلم لآنس بن مالك فقال:{ اللهم أثر ماله وولده وبارك
له فيما أعطيته} رواه البخاري
وروى مسلم أن أنسا قال: "فو الله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي
ليعادون على نحو المائة اليوم"
دعائه صلى الله عليه وسلم لمالك بن ربيعة
دعا صلى الله عليه وسلم لمالك بن ربيعة السلولى أن يبارك له في ولده، فولد له ثمانون ذكرا
دعائه صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب
عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { اللهم أعز الإسلام بأحب هذين
الرجلين اليك بأبي جهل أو عمر بن الخطاب} قال وكان أحبهما إليه عمر فأصابت دعوته عمر
فأصبح مسلما فعز بإسلامه كل من أضحى مسلما .
دعائه صلى الله عليه وسلم لابن عباس
دعا صلى الله عليه وسلم لابن عباس:{ اللهم فقهه في الدين، اللهم اعط ابن عباس الحكمة
وعلمه التاويل} أخرجه مسلم . وفي البخاري :{اللهم علمه الكتاب} فكان عالما بالكتاب،
حبر الأمة، بحر العلم، رئيس المفسرين، ترجمان القرآن. بفقه الدين وعلم التأويل فصار
بحراً زخاراً واسع العلم .
دعا لثابت بن قيس بن شماس بأنه يعيش سعيدا ويقتل شهيدا فكان كذلك .
كان بينه وبين عتيبه بن أبى لهب أذى فدعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فقتله
الأسد . رواه ابو نعيم وغيره .