الشائعات: حرب داخلية مدمرة (مروجوها من الطابور الخامس)

مصحف و بندقية

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
10,807
التفاعل
6,997 5 0


مروجوها من الطابور الخامس

الشائعات: حرب داخلية مدمرة


B77A7C7


المجد-
"بعض مطاعم الشاورما تبيع لحم الحمير، حكومة غزة ستفرض ضرائب على زيارة الأهالي لمرضاهم في المستشفيات، حكومة غزة ستفرض ضرائب على مولدات الكهرباء، الأجهزة الأمنية اكتشفت أن الدكتور فلان عميل وكان يبتر سيقان المقاومين، وأن الممرض علان كان يعطي المقاومين ابر هواء ما أدى إلى استشهادهم، حماس أخلت كافة مواقعها الأمنية في القطاع، الضربة القادمة للقطاع ستكون قاضية".
هذا غيض من فيض من الشائعات التي كانت تُطلق في السابق، وزادت وتيرتها في الوقت الحالي، سيما بعد أحداث حزيران 2007، وما أعقبها من انقسام بغيض فرَّق بين الأخ وأخيه، والقريب وقريبه، والجار وجاره، بل وصل إلى أكثر من ذلك بكثير، حيث تجرأ الجميع على الدم الفلسطيني الذي طالما أكد الكل دون استثناء أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ما جعل الأراضي الفلسطينية أرضاً خصبة لنمو الشائعات، سرعان ما سعت وتسعى مخابرات الاحتلال من خلال عملائها وما يُسمون بالطابور الخامس، إلى العمل على تغذية هذه الشائعات لتعميق الخلاف من جهة، وتشتيت المجتمع وإبعاده عن المقاومة من جهة أخرى.
وربما كان يُعرف وعلى مستوى العالم بأن مطلقي الشائعات هم من يُطلق عليهم الطابور الخامس، الذي كان عبارة عن تعبير نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936م، واستمرت ثلاث سنوات، وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال كويبو كيللانو أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد، وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار، حيث قال حينها: "إن هناك طابورًا خامسًاً يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد ويقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب".
وترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحروب، واتسع ليشمل مروجي الإشاعات ومنظمي الحروب النفسية، ويشار به إلى العملاء السريين الذين يمارسون نشاطهم ويقومون بتمهيد الطريق للغزو العسكري أو السياسي، فيتسللون للعمل في الجيش أو في الحزب السياسي أو في مجال الصناعة، ويشمل نشاطهم التجسس والتخريب والتدمير الاقتصادي والدعاية وإثارة الشعور العام.
ومن هنا وفي ظل الحرب النفسية التي يشنها الاحتلال الصهيوني عن قرب ضربة جديدة لغزة، تجد البعض يطلقون الإشاعات عن إخلاء كافة المواقع الأمنية في القطاع، وأن الضربة القادمة ستكون قاضية وغيرها من الأقاويل التي ترهب المواطنين.
ومنذ أن فتحت وزارة الداخلية في غزة باب التوبة للعملاء في آيار/ مايو الماضي وحتى انتهاء المدة في تموز/ يوليو، بدأت الحرب الخفية مع الاحتلال الصهيوني في هذا الملف المتصاعد في أحداثه والتي وصلت ذروتها حين بدأت قوات شرطية بطرق أبواب "المشبوهين" واعتقالهم وبدء التحقيق معهم، وطالت هذه الاعتقالات رموزاً ومتنفذين ومسئولين.
فهل يا ترى هناك جهود تبذل لدحض هذه الإشاعات، ووأدها في مهدها؟، أم أن عدم خروج الجهات الرسمية لتوضيح الأمور ووضعها في نصابها الصحيح، وعدم تعاطيها مع وسائل الإعلام، يزيد من حدة الشائعات وانتشارها؟، وهل لوسائل الإعلام دور في نشر هذه الشائعات كما هي، أم أنها تبحث عن الحقيقة لتضعها في متناول يد الجمهور؟، وهل للانقسام الحاصل دور في انتشار الشائعات؟ وهل من الممكن وضع خطة لمواجهة دولة الكيان في هذا الجانب، والعمل على قلب السحر على الساحر؟.
شُرَّاب: الشائعة مرتبطة بشكل أو بآخر بالوضع السياسي العام
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة د. ناجي شراب، إن الشائعة مرتبطة بشكل أو بآخر بالوضع السياسي العام، وبالبيئة المجتمعية، وانتشار الإشاعات، وقد تكون وسيلة من وسائل التعبير عن رأي معين، والخطورة في الإشاعة أنها تأتي في صورة تضخيم الحدث، وهي خطر لأنها تثير حالة من الخوف والقلق، وعدم التماسك الاجتماعي.
وأضاف شراب إن الإشاعة ليس لها مصدر واحد، فقد يكون مصدرها مواطن عادي، وقد يكون تنظيم معين أو عدة تنظيمات، أو وسائل إعلامية، وقد يكون الاحتلال، وكما أن للإشاعة ثمناً سياسياً كبيراً، أو ثمناً اقتصادياً، فقد يكون لها هدف من الأهداف، وبالتالي يجب أن تحارب بالوعي والمصداقية، مبيناً أن حالة الانقسام هي سبب رئيسي من الأسباب، وقد نجد أن مواقع الكترونية محسوبة على هذه الجهة أو تلك هي من تروج الإشاعة عن الجهة الأخرى،
وأشار إلى أن انتشار الإشاعة مؤخراً، لاسيما في ظاهرة ما بات يُعرف بالحملة الأمنية ضد العملاء، والتي تعتبر من أخطر الظواهر في المجتمع الفلسطيني، لأنها قد تصيب إنسان "ما" وطني أو حتى غير وطني بإشاعة، وهذه الإشاعة قد تصيب وتؤثر على عائلته برمتها، مشدداً على أهمية تصدي وسائل الإعلام الرسمية والحكومية للإشاعات بالمصداقية، من خلال نفيها أولاً، وتوضيح ما يمكن توضيحه من الحقيقة، لأن أخطر وسائل الإشاعة هي التي تصدر عن وسائل إعلام رسمية دون مصدر معروف، كأن يُقال مثلاً مصدر مسئول، أو مصادر موثوقة... إلى غير ذلك.
وأكد شُراب أن للاحتلال دوراً كبيراً، في بث الإشاعات الكاذبة والتي تُعرف ببالونات اختبار للرأي العام المحلي، وللسلطة الحاكمة على حد سواء من خلال عملائه المندسين في صفوف المواطنين، أو المقاومين، أو حتى الحكومة نفسها أحياناً، حيث إذا دخلت الإشاعة إلى مجتمع من المجتمعات، أصابته بالوهن والضعف، والإشاعة كالنار في الهشيم، تبدأ صغيرة وتكبر إلى أن تدمر المجتمع بأسره، ويجب التصدي لها بالوعي وبالإعلام الرسمي الصادق، ويجب الحرص منها، خاصة وأن المجتمع في غزة مجتمع مفتوح ومنقسم على ذاته، وما هو موجود من فقر وبطالة، يجعل بعض الأشخاص الذين لا يعملون أن تكون الإشاعات وتناقلها همهم الوحيد.
الغصين: الاحتلال يقف خلف الإشاعات ويروجها
وبدوره دعا المهندس إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة غزة المواطنين لعدم تصديق أي إشاعات تُبث هنا وهناك على أي مواقع انترنت كانت، وأخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة، مطالباً بعدم إسهام المواطنين في نشرها من خلال كثرة تداولها.
واتهم الغصين الاحتلال الصهيوني بالوقوف خلف الإشاعات ومحاولة ترويجها، لوضع المواطن الغزي في حالة ترقب دائم لما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة، موضحاً أن مثل هذه الإشاعات تهدف بالدرجة الأولى لبلبلة الشارع الفلسطيني ونشر الرعب بصفوف المواطنين، وزعزعة استقرار الأوضاع.
وطالب المواطنين بالإبلاغ عن الأشخاص الذين يبثون الإشاعات ويروجونها، مؤكداً بأن كافة الإشاعات بمثابة معلومات كاذبة اعتاد عليها المواطن الفلسطيني، مرجعاً سبب تلك الإشاعات إلى عدم وجود تفاصيل كافية من الجهات الرسمية حول القرارات التي يتم اتخاذها.
الداخلية: جهات معادية تبث الإشاعات على مواقع دعائية معادية
وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة حذرت المواطنين من الانجرار وراء الشائعات التي قالت إن جهات معادية تبثها حول ضبط العملاء مع الاحتلال بهدف إثارة البلبلة في الشارع، ومن تلقي المعلومات من المواقع الدعائية المعادية والتي تعمل بشكل سري وأمني، مجددة التأكيد على أن المعلومات التي تنشر من خلال الإشاعة هي باطلة وكاذبة ومهولة.
وأكدت الوزارة في بيان لها على ضرورة الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية والمعلومة، وأن أية معلومة لا تصدر عن وزارة الداخلية أو أي جهة حكومية رسمية واضحة المعالم هي غير واقعية ولا تعبر عن الحقيقة، مطالبة بلفظها ومحاربتها.
وقالت "نتابع باهتمام بالغ حملة الإشاعات المتجددة ضد شعبنا الفلسطيني المرابط، ومحاولات الطابور الخامس لنشر الأكاذيب والأراجيف وتوزيع التهم زورًا وبهتانًا على المواطنين وبدون وجه حق، وإن اعتقال أي مواطن على قضايا جنائية أو أمنية يتم وفق معلومات رسمية، ووفق إجراءات قانونية واضحة، ولا يمكن توجيه لائحة اتهام لأي مواطن إلا بعد أن تتحقق ضده الأدلة والبراهين حسب نصوص القانون الفلسطيني".
واتهمت الوزارة الاحتلال الصهيوني وكذلك أطراف من حركة فتح، بخلط الأوراق في الإعلام بنشر الإشاعات وتوزيع التهم على الشعب الفلسطيني ورموزه بغرض التعتيم على متورطين حقيقيين، على حد قولها، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب لن ينجح في إمعان النظام وتطبيق القانون على كل المخالفين مهما كان نفوذهم السياسي والحزبي، فالمعيار هو الجرم والذنب وليس الانتماء.
حمتو: مختلق الشائعات وناقلها، له عذاب أليم في الدنيا والآخرة
ومن جانبه أوضح الشيخ الدكتور عماد حمتو أن الإسلام حذر من إشاعة الفاحشة ونشرها في صفوف المؤمنين حيث فقال تعالى: "إذ تلقونه بألسنتكم"، ومعلوم أن المرء يتلقى الكلمة بأذنه ثم يحللها في عقله وقلبه، ثم يجيب، أما صاحب الإشاعة فإنه يتلقاها بلسانه ليرددها بلسانه دون أن يتدبرها أو يعقلها في عقله وقلبه، ويذلك فإن الآيات تُبين بشكل جلي واضح أن اختلاق الشائعات وتناقلها هي من الأعمال المشينة التي يحذر منها الإسلام، مبيناً أن من يطعن في الأعراض، ويُصدع الصف المسلم، ويخلق حالة ارتباك داخل المجتمع، له عقوبة كبرى .
وأشار إلى دور العلماء والدعاة وأئمة المساجد في توعية المجتمع وتحذيره من خطورة انتشار الشائعات داخل المجتمع، قائلاً: "على الأمة بمؤسساتها وعلمائها ودعاتها وجهازها الإعلامي والتعليمي والثقافي، نشر الثقافة الإسلامية بما يتعلق بموضوع الشائعات بكافة جوانبه، لأنها الضامن الوحيد لوقف هذا المرض والقضاء عليه، وعلينا أيضاً جميعاً أن نسعى إلى كلمة طيبة، ويكفي شرفاً أن جعل الله عنوان توحيدنا إليه كلمة طيبة فقال: "ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء"، وأن توجه المجتمع نحو الطرق الصحيحة والسليمة في التعامل مع الشائعات وهى مستوحاة من ديننا الحنيف وقد سبق ذكر المنهجية في ذلك.
نشوان: مطلق الإشاعات يقع تحت طائلة المسئولية والعقاب
ومن وجهة نظر قانونية، أوضح المحامي كارم نشوان مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين، أن مُطلق الإشاعات يقع تحت طائلة المسئولية والعقاب الجنائي في حالتين، أولهما إذا كانت الإشاعة ضد أشخاص بعينهم، وثانياً إذا كانت إشاعة عامة الهدف منها إثارة الرأي العام المحلي، والتسبب بحالة من الخوف والهلع والقلق.
وأشار نشوان إلى أن الإشاعة إذا كانت بحق شخص أو حتى أشخاص، فهي تندرج تحت العقوبة المدنية، أي في إطار ما يُعرف بقانون العقوبات الفلسطيني لسنة 1936 بالقذف والتشهير، وبالتالي من حق المشتكي المطالبة بحقه بالتعويض عن الضرر النفسي والمعنوي الذي لحق به وأسرته جراء ذلك، كما للحق المدني شأن آخر في هذا الجانب، حيث يُحق للقاضي إيقاع العقوبة التي يراها مناسبة بحق المشتكى عليه.
وأضاف، أما إذا كانت الإشاعة بحق المجتمع بهدف إثارة الرأي العام وإيقاع ضرر القلق والخوف في صفوف المواطنين، فهذا يندرج تحت إطار الجرائم المعلوماتية، والعقوبة هنا جزائية، وحجم هذه العقوبة يُقدر حسب نوع الإشاعة وشدتها، لأن الأساس في ذلك هو أن هذا السلوك إجرامي.
وبيَّن نشوان أنه في قانون العقوبات الفلسطيني لا يوجد ما يندرج تحت بند الإشاعة، وإنما القذف والتشهير والتضليل والتدليس وغيره، وهذه تعتبر من الثغرات الرئيسة في القانون، والتي هو بحاجة إلى وقفة جادة من قبل السياسيين والقانونيين والفصائل لتعديله، سيما وأن الإشاعات التي تُثير البلبلة العامة والتي يكون ضررها كبير، أصبحت ظاهرة عامة وهي أشد من القذف والتشهير، ويجب أن تكون عقوبتها شديدة.
وشدد على ضرورة تدقيق وسائل الإعلام على اختلاف مسمياتها بالمعلومة التي ترد إليها، وخاصة التي من الممكن أن تُثير حالة من الخوف والهلع لدى الرأي العام المحلي، أو قد تسبب أزمة إقليمية أو دولية، مؤكداُ على أن عدم وجود مصدر رسمي دقيق، حكومي كان أم فصائلي، ينفي أو يؤكد الإشاعة، ويتم أخذ المعلومة الصحيحة منه، يجعل المواطن أولاً في حيرة من أمره، وثانياً أرضاً خصبة لتنامي الإشاعة وازدياد تناقلها، وبالتالي لابد من وجود مصدر رسمي لدحضها، وضبط قانوني لوقفها.
جودة: الإشاعة تؤثر على تماسك النسيج الاجتماعي ووحدة الشعب
وفيما يتعلق بتعريف الإشاعة من الناحية النفسية والاجتماعية قالت أخصائية الصحة النفسية والمجتمعية إيناس جودة، إن الإشاعة هي عبارة عن رواية مصطنعة وملفقة في أغلب الأحيان، ويُستهدف فيها فرد أو عدة أفراد، وهي ظاهرة من ظواهر المجتمع المنتشرة وتنقل عن طريق الأفراد، والصحف، والمجلات والتلفزيون، وتظهر الشائعات على أشكال متعددة كالثرثرة والنكات والتوقعات بالأحداث المقبلة، سواء كانت خيرا أو شراً، وتنتشر الشائعات بسرعة وذلك للغموض الذي يحيط بالموضوع أو متعلق بشخص ذو أهمية، وهى ليست دائماً كاذبة أو قصص ملفقة، وهى خطيرة في الغالب وتسبب مشاكل عدة.
وأضافت جودة إن من تُطلق بحقهم الإشاعات، غالباً ما يكونوا من الشخصيات العامة، وممكن أن تكون الإشاعة لأناس عاديين، أو من الأوساط الفنية المختلفة، وتلك الشخصيات بالغالب تُحاط بالفضوليين والمتطفلين على حياتهم الخاصة، ويتناسون أنهم أشخاص عاديين لهم شؤونهم الخاصة ومشاعرهم التي علينا احترامها وعدم التدخل بها، مشيرة إلى أن إطلاق الإشاعات والتي تُبنى على مواقف في الغالب تكون صحيحة ولكن يضاف لها الكثير بما أنه يتم تناقلها من فرد إلى آخر وتصبح بعد ذلك بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
وأوضحت أن الأشخاص التي تطلق بحقهم الإشاعات غالباً ما تنعكس عليهم آثار نفسية واجتماعية كبيرة، مثل الميول للعزلة والوحدة، وأحيانا الإحساس بالخوف، والتأثير على مجرى حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وحول كيفية النظر للشخص الذي يبث الشائعات من الناحية النفسية والاجتماعية، ذكرت جودة أنه من الصعب علينا تحديد شخص بعينه أن يكون هو المسئول عن إطلاق الإشاعات، لأن كل واحد هو جزء من المجتمع، وبالتالي فإن تداول الإشاعات جزء منا أيضاً، ومن خلال الإشاعة يقوم الشخص بتداول وتناقل أخبار معينة ترضيه ويفرغ من خلالها غضبه وحنقه من موضوع "ما" يؤثر بحياته، فهي وسيلة لتخفيف الضغوط، بالذات بظروف مثل التي نعيشها في غزة، خاصة وأن غزة يتوافر فيها خصائص تزيد من فرصة انتشار الإشاعات من أهمها صغر حجم المجتمع مقارنة بالموقع الذي تشغله، والحصار والإغلاق وعدم الاختلاط بالمجتمعات الأخرى والاحتكاك بها، والظروف الاقتصادية الصعبة وانتشار البطالة، والتغيرات السياسية المتلاحقة وعدم الثبات على القيم والعادات والتقاليد.
وتابعت، كما أن البعد عن المفهوم الديني الصحيح والميول إلى التشدد فيه على الرغم من أنه دين يسر وليس عسر، والاحتلال الصهيوني بأشكاله المختلفة، والمصلحة التي يرتئيها من انتشار الإشاعات المغرضة التي تزيد من الفتنة وتحقيق أهدافهم بشكل أسهل عن طريقها مما يؤدى إلى ضعف ووهن الشعب وسهولة التأثير عليه، وبالتالي على كل واحد منا إعادة التفكير والتروي فيما ينقل ويتداول، وخاصة ما يضر بسمعة ومصلحة الآخرين، لأن الإشاعة على المستوى الاجتماعي تؤثر على تماسك ووحدة الشعب الفلسطيني، كونها السلاح الأقوى والفعال للحرب النفسية التي تمارس ضدنا، والتصديق بها دون التحقق من صحتها يزيد الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تزيد بدورها حالة الإحباط والغضب، وأيضا حالة الغربة داخل الوطن، وهذا يؤدى بالتدريج إلى التخلي عن أكثر القواعد ثباتاً.
وبيَّنت جودة أن العدو الصهيوني يمكن الاستفادة واستغلال إثارة بعض الشائعات لضرب المجتمع من الناحية النفسية والاجتماعية، فهو بالطبع يستغل الإشاعات كأهم سلاح في الحرب النفسية لإضعاف تماسك الشعب الفلسطيني الذي اشتهر بتماسكه وعدم تخليه عن الثوابت على الرغم من الصعاب، موضحة أن الهدف الصهيوني هو زرع الضغينة والخوف من مواجهة العدو، وأنه جيش لا يُهزم مما يزيد حالة اليأس والاستسلام.
وفيما يتعلق بكيفية العمل على توعية المجتمع الفلسطيني حول مخاطر الإشاعات والوقاية منها، قالت جودة يجب الاعتماد على قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم" صدق رسول الله.
وتابعت، في البداية هو بالوعي الصحيح بقواعد الإسلام الصحيحة، والبعد عن التشدد الذي يزيد من التطرق، ما ينتج عنه التفرق والتحزب وعدم تقبل الآخر، وهذا ينطبق على المواقف السياسية المتشددة البعيدة عن الهدف الوطني، وبالتالي هذه كلها نقاط ضعف تزيد من وهن وضعف الشعب، وتتيح الفرصة للعدو لاستغلالنا من أجل تحقيق مآربه من غير ذلك الجهد والعتاد العسكري، وبالتالي على كل شخص أن يعي أهمية التحقق من الإشاعة وعدم تداولها، والخوف على أخيه المسلم كما يخاف على نفسه، والعمل على تدعيم الثقة بالقوات الوطنية ورفع مستوى الوعي وأخذ الحذر والحيطة من شائعات العدو.
المصدر: برنامج غزة للصحة النفسية
 
عودة
أعلى